أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
43521 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-17-2013, 11:14 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Lightbulb سلسلة مقال الخطيب (10) : { وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } .


{ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ }.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمداً يبلغ رضاه ، والصلاة والسلام على نبيه المبعوث إلى العباد بما يحبه ويرضاه وعلى آله وصحبه ومن سار على هداه . أما بعد :

فإن رضى الله – تعالى – أجل مطلوب سعى إليه الصالحون ، وأعظم غاية قصدها المؤمنون . من ناله الرضا فهو الموفق ، ومن شمله فهو المفلح .

واسترضاء الرب – تعالى – واجب متعين ، تتوقف عليه نجاة العبد في الدارين ، وسعادته في الحياتين ، فمن رضي الله عنه آنس وحشته وسد فاقته وأنار دربه وهداه إلى صراط مستقيم .

فأحق من طلب رضاه الرب الذي لا إله سواه ، { وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة:62] .

فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب


وقال ابن القيم – رحمه الله - : " للعبد رب هو ملاقيه ، وبيت هو ساكنه . فينبغى له أن يسترضى ربه قبل لقائه ، ويعمر بيته قبل انتقاله " (الفوائد ص/ 31 ) .

وكل سعي في طلب رضى غيره دونه يضر ولا ينفع ، ويضع ولا يرفع ، فما أعظم حسرة من بذل جهده في رضى الخلق دون رضى مولاه ، كما قال – تعالى – عن المنافقين : { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [التوبة : 96].

وقد ثبت عن عائشة – رضي الله عنها – قالت قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس " ( صحيح الجامع برقم : 6097 ) .

فوجب على العبد أن يسعى جاهداً في طلب رضا الله ، وأن لا يدخر وسعاً إلا بذله في سبيل نيله والظفر به ، فرضوان الله – تعالى – أجل مقصود ، وأعظم مطلوب .

قال – تعالى - : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } [آل عمران : 14 - 15] .

قال ابن كثير – رحمه الله - : " { وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ } أي : يحل عليهم رضوانه ، فلا يَسْخَط عليهم بعده أبدا ؛ ولهذا قال - تعالى - في الآية الأخرى التي في براءة : { وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } [ التوبة : 72 ] أي: أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم " (تفسير ابن كثير : 2/22) .

يقصد قوله : { وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }[التوبة : 72] .

ومما يبينه ما جاء عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ : لَبَّيْكَ ، رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ : وَمَا لَنَا لاَ نَرْضى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ : أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ قَالُوا : يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي ، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا " ( متفق عليه ) .

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ اللَّهُ : أَتَشْتَهُونَ شَيْئًا فأَزِيدَكُم فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا وَمَا فَوْقَ مَا أَعْطَيْتَنَا ؟ قَالَ :
فَيَقُولُ : بلى رضاي أكثر
" ( صحيح ـ الصحيحة برقم : 1336 ) .

فأهل الرضا هم السعداء المفلحون الذين أفنوا أعمارهم في طاعة الله ، وبذلوا أموالهم فيما يحبه ويرضاه ، يكتب الله عليهم رضوانه إلى يوم لقياه ، وتبشرهم الملائكة الكرام بالبشر والإنعام بشارة تدوم معها السعادة عند أول لحظات الانتقال من الدنيا إلى الآخرة فيخاطبهم ملك الموت بقوله : " أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء " (صحيح الجامع برقم : 1676 ) .

وهو تصديق لقوله – تعالى - : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي }[الفجر : 27 - 30] .

وأعظم من نالوا هذا الفضل واستحقوا هذه المنة – بعد الرسل والأنبياء – هم الصحابة الكرام ، كما قال – تعالى - : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}[الفتح : 18] ، وقال – تعالى - : {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100].

فكونوا من أتباعهم بإحسان واستكثروا من الطاعات ، واجتهدوا بالأعمال الصالحات فالحريص على نيل هذه الغاية العظيمة ، والراغب بالظفر بهذا الفضل العميم عليه أن يتلمس رضا مولاه في أحب الأشياء إليه ، وهو عبادته وطاعته وتوحيده وشكره ، كما قال – تعالى - :{ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ } [39/7] .

وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم : " إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً. يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم. ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" .

وذلك لأن الشرك أعظم أنواع الظلم ؛ لما فيه من صرف حق الله الخالص إلى من لا يستحقه من العبيد الفقراء – كما قال نبي الله يحيى بن زكريا – عليه السلام - : " وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال هذه داري وهذا عملي فاعمل وأد إلي فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك " (صحيح الجامع : 1724 ).

ولهذا قال لقمان لابنه : { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }[لقمان : 13] .

واعلموا أن رضا الرب – تعالى – مخبوء في ثنايا العمل الصالح ، فرب كلمة تكتب بها سعادة الأبد ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله - تعالى - ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة " ( صحيح الجامع برقم : 1619 ) .

فلا تستصغر أي حسنة فإنها سبل مفضية إلى الرضوان الإلهي والرحمة الربانية ؛ فإن رضا الله مقرون بالطاعات والحسنات من الواجبات والمستحبات .

كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها " (رواه مسلم ) .

وقال – صلى الله عليه وسلم - : " السواك يطيب الفم و يرضي الرب " ( صحيح الجامع برقم : 3696 ) . وفي لفظ : " السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ " ( صحيح الجامع برقم : 3695 ) .

وقال : " إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الارض فصبر واحتسب بثواب دون الجنة " (صحيح الجامع برقم : 1851 ) .

ومهما بذل العبد من شيء في طلب مرضاة الله فهو تافه قليل ، ولو بذل أهله وماله ونفسه ، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في مرضاة الله - تعالى - لحقره يوم القيامة " (صحيح الجامع برقم : 5249 ) .

وقال بعض الصالحين : " مَنْ عَاتَبَ نَفْسَهُ فِي مَرْضَاةِ اللَّهِ آمَنَهُ اللَّهُ مِنْ مَقْتِهِ "

أُفٍّ لِدُنْيَا أَبَتْ تُواتِينِي ... إِلَّا بِنَقْضِي لَهَا عُرَى دِينِي
عَيْنِي لِحِينِي تُدِيرُ مُقْلَتَها ... تَطْلُبُ مَا سَرَّهَا لِتُرْدِيَنِي




رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:57 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.