أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
39492 103800

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-30-2013, 09:44 PM
أسامة أسامة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: غزة - فلسطين
المشاركات: 365
افتراضي حصار العراق والشام ومصر وإشعال الحروب على العرب والمسلمين

حصار العراق والشام ومصر
وإشعال الحروب على العرب والمسلمين
إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء:1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب:70، 71).
أما بعد:
فإن خيرَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
ما زالت الأمور في الشرق الأوسط تتفاقم، والأحداث تتلاحق، والناس بين مكذب ومصدق، أو لاعب ومتغافل، وبين محوقل ومحسبل، وقارعٍ سن الندم، انحلت دولة المسلمين إلى دويلات، والعرب إلى حكومات، والعدوُّ يلاحقهم في تقسيم دولهم المقسمة، إلى دويلات، فقسمت بلاد الشام إلى أربع، والسودان إلى اثنتين والثالثة في الطريق، ويخططون لتقسيم العراق ومصر واليمن وليبيا، وباقي الدول الإسلامية والعربية كذلك، فكلما أرادوا تقسيم دولة، ركزوا جهدهم على أن يجعلوا أهلها شيعا متقاتلة، وأحزابا متناحرة، وطوائف متنافرة، ليسهل عليهم الاستيلاء عليها، على قاعدة (فرق تَسُدْ)، أخذًا من منهج فرعون الذي قال الله في حقِّه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (القصص: 4).
هؤلاء هم أعداءُ بني يعرب، {إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (النمل: 34).
وحتى يشغلوا العرب والمسلمين عن أنفسهم، أو التفكيرِ في مستقبلهم، ضيَّقوا عليهم الخناقَ في اقتصادهم، وصارت ثرواتُهم في أيدي أعدائهم، يتصرفون فيها كيف شاؤوا، ويعيشُ أصحاب الأرض والوطن على صدقات الغرب والشرق، أعطوهم أو منعوهم، أشار إلى ذلك رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ». شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ. مسلم (2896).
منعت الْعرَاق درهمها ... مَعْنَاهُ أَن الْعَجم =دول الشرق والغرب= يستولون على الْبِلَاد =الإسلامية والعربية= في آخر الزَّمَان، فيمنعون حُصُول ذَلِك للْمُسلمين، وَهَذَا قد وجد =نحوه= فِي زَمَان =النووي رحمه الله تعالى= ... مَوْجُود لما غلبت عَلَيْهِ التتار =المغول=.
والقفيز: مكيال مَعْرُوف لأهل الْعرَاق،.. والمـُدْي: بِضَم الْمِيم وَسُكُون الدَّال على وزمن قُفْل؛ مكيال مَعْرُوف لأهل الشَّام... والإردب: هُوَ مكيال مَعْرُوف لأهل مصر... (وعدتم من حَيْثُ بدأتم) ... هُوَ بِمَعْنى حَدِيث: (بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ).
إنه العراق والشام ومصر، فقد مُنع العربُ والمسلمون من أموالهم، واستولى الكفارُ على أرزاقهم، وتحكَّموا في مقدراتهم، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ، يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْيًا، لَا يَعُدُّهُ عَدَدًا». مسلم (2913).
لماذا هذا؟ لماذا يُسلَّط أعداءُ الله على المسلمين؟ واسمع الجواب: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا؟) فَقِيلَ لَهُ: (وَكَيْفَ تَرَى ذَلِكَ كَائِنًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟!) قَالَ: (إِي وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ! عَنْ قَوْلِ الصَّادِقِ المَصْدُوقِ)، قَالُوا: (عَمَّ ذَاكَ؟!) قَالَ: (تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَشُدُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُلُوبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ). البخاري (3180)، ولقد انتهك كثير من المسلمين ذمَّةَ الله وذمَّة رسولِه، وتناولوا ما لا يحلُّ لهم من الجَور والظلم، فشدَّ الله عز وجل قلوب الغرب والشرق، وجعلها قاسية على المسلمين، فتحكموا بما في أيديهم، ومنعوه من المسلمين.
[ودلَّ حديثُ أبى هريرة على أن الغدر لأهل الذمة لا يجوز أيضًا، ألا ترى ما أوصى به النبيُّ من الذمَّة والوفاءِ بها لأهلِها من أجلِ إنماء معاش المسلمين، ورزقِ عيالهم، فأعلمَهم بهذا الحديث؛ أنهم متى ظلموا منعوا ما فى أيديهم، واشتدوا وحاربوا وأعادوا الفتنة، وخلعوا ربقة الذمة، فلم يجتبِ المسلمون درهمًا، فضاقت أحوالهم وساءت...]. شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 362).
وهنا تكون فتنةُ المال من قِلَّة إلى كثرة، ومن عدم إلى وفرة، وينقلب الحال، ويكثر المال في العراق، حتى يظهرَ جبلٌ من ذهب من تحت نهر الفرات، فمن يصبر عن الذهب إلا من صبره الله، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: (كُنْتُ وَاقِفًا مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ)، فَقَالَ: (لَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا)، قُلْتُ: (أَجَلْ)، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ، فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ، قَالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ". وفي رواية: ".. وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو"، مسلم (2894، 2895)، فما هو موقف المسلم أمام هذه الفتنة؟ أيخوض مع الخائضين، فيتناول شيئا من الذهب؟ أم يتركه فيأخذه غيره؟ والجواب ما قَالَه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا»، البخاري (7119).
و [النَّهْي عَنْ أَخْذِهِ؛ لِمَا يَنْشَأُ عَنْ أَخْذِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ عَلَيْهِ..]. فتح الباري لابن حجر (13/ 81).
الذهبُ والفضةُ في آخر الزمان تقذفُه الأرض من بطنها عن طريق البراكين ونحوها، ليست قِطَعاً نقدية من الذهب والفضة، بل على هيئة أعمدةٍ من الذهب، وسواري من الفضة، لكنَّ عقلاءَ المؤمنين وفسقتَهم لا يأخذون منه شيئاً: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، =أَرَادَ أَنَّهَا تُخْرِجُ الْكُنُوزَ الْمَدْفُونَةَ فِيهَا=؛ أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ. وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا". مسلم (1013)، من أجل الذهب والفضة؛ قتل القاتل، وسرق السارق، وبسببه قطعت الأرحام.
العراق أرض تكثر فيها المحن، والزلازل والفتن، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي مَكَّتِنَا, وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا, وَبَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا, وَبَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا, اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا, وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا», فَقَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَعِرَاقِنَا!) فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَرَدَّدَهَا ثَلَاثًا, وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولُ: (وَعِرَاقِنَا!) فَيُعْرِضُ عَنْهُ, ثُمَّ قَالَ: «بِهَا الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ، وَفِيهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». مسند الشاميين للطبراني (2/ 246، رقم 1276)، الصحيحة (2246).
وها هي الفتن تزلزلُ أهلها حتى الآن، فاللهم احفظ العراق وأهله من فتن المفتونين، ما ظهر منها وما بطن.*
أما الشام؛ وما أدراكم ما الشام؟ الأرض التي بارك الله فيها، وجعلها مهبط الرسالات، ومأوى الأنبياء، وإليها كانت رحلة الإسراء والمعراج، الشام التي قَالَ فيها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ: «إِنِّي رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي الْمَنَامِ، أَخَذُوا عَمُودَ الْكِتَابِ، فَعَمَدُوا بِهِ إِلَيَّ الشَّامِ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْفِتَنُ فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِالشَّامِ». الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (2/ 59، ح 753). تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي (ص: 31، ح 10).
وعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ، لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ». قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ =البخاري=: قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ: (هُمْ أَصْحَابُ الحَدِيثِ)... سنن الترمذي (2192) وقال: (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ).
"إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ" [أيْ لِلْقُعُودِ فِيهَا أَوِ التَّوَجُّهِ إِلَيْهَا] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (9/ 4052) [قال السندي: قوله: "إذا فسد أهل الشام"، أي: بالخروج عن طاعة الإمام..]. في حاشية مسند أحمد ط الرسالة (24/ 363).
لقد كثرت الخوارج في عهد علي رضي الله تعالى عنه، وأوائل الدولة الأموية، فمن الناس -كعليٍّ رضي الله تعالى عنه- من حكم بإسلامهم وأنهم بغاة، ومن الناس من كفرهم كأبي أمامة رضي الله تعالى عنه، فعن أَبي غَالِبٍ =واسمه حَزَوَّرٌ=، قَالَ: كُنْتُ بِالشَّامِ، فَبَعَثَ الْمُهَلَّبُ سَبْعِينَ رَأْسًا مِنَ الْخَوَارِجِ، =الْأَزَارِقَةِ= فَنُصِبُوا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَكُنْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لِي، فَمَرَّ أَبُو أُمَامَةَ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ، =وفي رواية: قَالَ أَبُو غَالِبٍ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَبِي أُمَامَةَ، =رضي الله تعالى عنه= وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ لَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى دَرَجِ دِمَشْقَ، فَإِذَا رُءُوسٌ مَنْصُوبَةٌ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الرُّءُوسُ؟ فَقِيلَ: رُءُوسُ الْخَوَارِجِ جِيءَ بِهَا مِنَ الْعِرَاقِ= فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ دَمِعَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، مَا يَفْعَلُ الشَّيْطَانُ بِبَنِي آدَمَ» -ثَلَاثًا- قَالَ: «كِلَابُ جَهَنَّمَ، شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ»، -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، ثُمَّ قَالَ: «خَيْرُ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مَنْ قَتَلُوهُ»، -ثَلَاثًا-، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا أَبَا غَالِبٍ! إِنَّكَ بِأَرْضِ هَؤُلَاءِ بِهَا كَثِيرٌ، فَأَعَاذَكَ اللهُ مِنْهُمْ. هَلْ تَقْرَأُ السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا آلُ عِمْرَانَ؟» قُلْتُ: (بَلَى! إِنِّي رَأَيْتُكَ دَمِعَتْ عَيْنَاكَ). قَالَ: «بَكَيْتُ رَحْمَةً لَهُمْ، كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ». فَتَلَا: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (آل عمران: 7)، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ، فَزِيغَ بِهِمْ، ثُمَّ تَلَا: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (آل عمران: 105، 106)، قُلْتُ: (هَؤُلَاءِ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟!) قَالَ: «نَعَمْ!» . قُلْتُ: (يَا أَبَا أُمَامَةَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِكَ تَقُولُ، أَمْ شَيْئًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟) قَالَ: «إِنِّي لَجَرِيءٌ" -ثَلَاثًا-، "بَلْ شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مَرَّةً، وَلَا مَرَّتَيْنِ حَتَّى بَلَغَ سِتَّةً». ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً" -أَوْ قَالَ: "اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً-، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَزِيدُ عَلَيْهِمْ فِرْقَةً؛ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ" قُلْتُ: (يَا أَبَا أُمَامَةَ! أَلَا تَرَاهُمْ مَا يَعْمَلُونَ؟) =أي ألا ترى ولاة الأمر والأمراء وعمالهم ما يعملون من ظلم وجور وطغيان؟= قَالَ: «عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ إِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا». المعجم الكبير للطبراني (8/ 268، رقم 8035). و الترمذي (3000) مختصرا.
وعن أبي ذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "الشام أرضُ المحشرِ والمنشر". (أبو الحسن ابن شُجَاع الرّبعي فِي فَضَائِل الشَّام) عَن أبي ذر. صحيح الجامع (3726). [أي البقعة التي يجمع الناس فيها إلى الحساب، وينشرون من قبورهم، ثم يساقون إليها، وخصت بذلك لأنها الأرض التي قال الله فيها: {باركنا فيها للعالمين} وأكثر الأنبياء بعثوا منها، فانتشرت في العالمين شرائعهم، فناسب كونها أرض المحشر والمنشر]. فيض القدير (4/ 171)
إِنَّ أبا هُرَيْرَةَ وَابْنَ السِّمْطِ =رضي الله تعالى عنهما= كَانَا يَقُولَانِ: لَا يَزَالُ الْمُسْلِمُونَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَذَلِكَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي عِصَابَةٌ قَوَّامَةٌ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا؛ تُقَاتِلُ أَعْدَاءَهَا، كُلَّمَا ذَهَبَ حَرْبٌ نَشَبَ حَرْبُ قَوْمٍ آخَرِينَ، يُزِيغُ اللَّهُ قُلُوبَ قَوْمٍ لِيَرْزُقَهُمْ مِنْهُ؛ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ كَأَنَّهَا قِطَعُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، فَيَفْزَعُونَ لِذَلِكَ حَتَّى يَلْبَسُوا لَهُ أَبْدَانَ الدُّرُوعِ". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمْ أَهْلُ الشَّامِ"، وَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُصْبُعِهِ يُومِئُ بِهَا إِلَى الشَّامِ حَتَّى أَوْجَعَهَا. المعرفة والتاريخ (2/ 297)، وعزاه في الصحيحة (3425) إلى البخاري في التاريخ (2/2/248).
الشام دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة فقال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، وَفِي يَمَنِنَا» قَالَ: قَالُوا: (وَفِي نَجْدِنَا؟) قَالَ: قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا» قَالَ: قَالُوا: (وَفِي نَجْدِنَا؟) قَالَ: قَالَ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ». صحيح البخاري (1037)
الشام الشام؛ عليكم بالشام عند تكوُّن الأجناد، عَنِ ابْنِ حَوَالَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ»، قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: (خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ)، فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ». سنن أبي داود (2483)، صحيح الترغيب والترهيب (3/ 107، ح 3087).
الشام وما ينتظرها من فتن وابتلاءات، والغوطة وما جرى لها ولأهلها من ويلات، أبعد الله عنهم شر الأشرار، وصرف عنهم كيدَ الفجارِ والكفار، في آخر الزمان ستكون حروب بين المسلمين وأعدائهم، سيكون حصنهم الحصين الغوطة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ، إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ". سنن أبي داود (4298)، صحيح الجامع (2116).
[(إن فُسطاط المسلمين) بضم الفاء، أصله الخيمة والمراد حصنُهم من الفتن، (يوم الملحمة) أي الوقعة العظيمة في الفتنة ... =أين يتحصنون يوم الملحمة؟= (بالغوطة).. وهي موضع بالشام كثير الماء والشجر وهي: غوطة دمشق..]. فيض القدير (2/ 463)
فاللهم احفظ الشام وأهله من شر الأشرار فتن المفتونين، ما ظهر منها وما بطن، وتوبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
***الخطبة الآخرة***
الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة مهداة للعالمين كافة، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، وبعد؛
أما مصر العروبة، مصر الإسلام، مصر الكنانة، ورد ذكرها في كتاب الله مدحتا، وأوصانا نبينا بأهلها خيرا، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» أَوْ قَالَ: «ذِمَّةً وَصِهْرًا، فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَاخْرُجْ مِنْهَا» قَالَ =أبو ذرٍّ=: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ، وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا. مسلم (2543).
فإذا تخاصمَ أهلُ مصرَ فيما بينهم على أيِّ أمرٍ من الأمور مهما قلَّ، ولو على موضعِ حَجَرٍ، فليخرجْ منها مَنْ هو مِنْ غيرِ أهلِها؛ طاعةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخلْ في مخاصمتهم، لئلا يعصيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
[(فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا) أي اطلبوا الوصية من أنفسكم بإتيان أهلها خيرا. أو معناه: اقبلوا وصيتي فيهم. ... يعني إذا استوليتم عليهم، وتمكنتم منهم، فأحسنوا إليهم، وقابلوهم بالعفو عما تنكرون، ولا يحملنكم سوء أفعالهم، وقبحُ أقوالهم على الإساءة إليهم. فالخطاب للولاة من الأمراء والقضاة، ثم علله بقوله: (فإن لهم ذمة) ذماما وحرمة وأمانا، من جهة إبراهيم بن المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ فإنّ أُمَّه ماريةَ منهم، (ورَحِمًا) ... قرابةً؛ لأن هاجرَ أمَّ إسماعيلَ منهم. وفي رواية: (قرابة وصهرا) فالذمة باعتبار إبراهيم، والرحم باعتبار هاجر. ... ثم في =الحديث= معجزةٌ أخرى؛ هي إخباره بأن سيقع منهم ما يوجب العقاب، بخروج المصريين على عثمان أولا، وقتلِهم محمدِ بنِ أبي بكر ثانيا وهو والٍ عليها، من قِبَل عليٍّ الإمام الحقِّ، ومع ذلك ففيه إشعار بمحبته لأهل مصر، وإن فرط منهم ما فرط. ومن فضائلهم أن أكثر المجددين على رأس كل قرن منهم..]. فيض القدير (1/ 409).
وثبت أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى عِنْدَ وَفَاتِهِ فَقَالَ: «اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عِدَّةً، وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللهِ». المعجم الكبير للطبراني (23/ 265، ح 561)، الصحيحة (3113).
فعلى أيدي المصريين فتحت الفتوح، وانتشر الإسلام، واستقر الأمن في البلاد وعلى العباد، وأعداء الدنيا والدين يتربصون بها وبسائر بلاد العرب والمسلمين الدوائر، عليهم دائرة السوء، والنصر من الناس بعيد، ومن عند الله قريب، وما علينا إلا أن نكون كما أمرنا الله مسلمين مؤمنين موحدين، عاملين عابدين، غيرَ مشركين ولا ضالين ولا مضلين، ونتيجة لذلك يهبنا الله الاستخلاف في الأرض فينظر كيف نعمل، هذا وعد من الله سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ* وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ* لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (النور: 55– 57)
ألا واعلموا عباد الله! ما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ سَيْفَيْنِ، سَيْفًا مِنْهَا، وَسَيْفًا مِنْ عَدُوِّهَا». سنن أبي داود (4301).
قال بدر المدينة عبد المحسن العباد: [(لن يجمع الله على هذه الأمة سيفين: سيفاً منها) يعني: من المسلمين (وسيفاً من عدوها) أي: من الكفار، والمقصود بسيف الكفار الاستئصال، .. =وهو المقصود= بالحديث: (سألت الله عز وجل ألا يهلك أمتي بسنة عامة، وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيحَ بيضتهم؛ حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً) وهذا السيف قد وُجد، والسيف الذي من الكفار هو كونُهم يغزون المسلمين، ويتسلطون عليهم؛ فهذا ليس هو المنفي، وإنما المنفي هو الاستئصال، كما جاء في الحديث المتقدم: (ألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم)، فالإسلام باقٍ ولن يندثرَ ولن ينتهي، بل هو مستمرٌّ إلى أن تخرج الريحُ اللينةُ، التي تقبض روحَ كلِّ مسلمٍ ومسلمة، ويبقى شرارُ الناس؛ الذين لا يعرفون معروفاً، ولا ينكرون منكراً، حتى لا يقال فيهم: (الله، =الله=)، فعند ذلك تقوم عليهم الساعة، وهم شرارُ الخلق، وأما قبل ذلك؛ فإن الحقَّ باق، وأهله موجودون، ولن يضرَّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وأمرُ الله: هو تلك الريحُ التي تقبض روح كل مسلم ومسلمة]. شرح سنن أبي داود للعباد.
«اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وقُدرتِكَ على الخَلقِ؛ أَحْيِننا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لنا، وَتَوَفَّنا إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لنا، اللَّهُمَّ وَنَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَنَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَى وَالْغَضَبِ، وَنَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَنَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَنَسْأَلُكَ الرِّضَى بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ. اللَّهُمَّ زِيِّنَا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ».
ألا وصلوا وسلموا على رسول الله، استجابة لأمر الله {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (الأحزاب:56)، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الطاهرين، وعلى الصحابة الكرام الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (العنكبوت:45) .
انتقاها من مظانها وألف بين جملها/ أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد
الزعفران- المغازي- الوسطى- غزة
23 شوال 1434 هلالية
وفق 30/ 8/ 2013 شمسية
__________________
إن الدعوة السلفية دعوة بالحسنى، وليست حركةً حزبيَّة، دعوة لدين الإسلام دين السلم والسلام، والأمن والأمان، نسالم من يسالمنا، ونعادي من يعادينا.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.