أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
62799 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-07-2014, 07:29 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Lightbulb سلسلة مقال الخطيب (36) : أركان الانتفاع من القرآن والأحاديث والخطب والمواعظ .


أركان الانتفاع من القرآن والأحاديث والخطب والمواعظ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :

فقال الله – تعالى - : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }[ق : 37] . في عموم هذه الآية المباركة يبين الله – تعالى – قاعدة الانتفاع بالمسموع النافع ، كسماع القرآن – وهو أصل السمعيات النافعة - ، أو سماع الأحاديث النبوية الصحيحة ، أو سماع الخطب ، والمحاضرات ، والمواعظ ، ونحو ذلك .

فكثير منا : من يسمع القرآن ، ولا يتغير شيء من حياته ، ويسمع الأحاديث النبوية ؛ ولا تؤثر فيه ، ويسمع الخطب ويحضر المحاضرات والمواعظ ؛ ولا شيء يتبدل فيه .

ما سبب ذلك ؟ سؤال عظيم ؛ وجوابه في الآية المباركة السابقة ؛ إذ نصت على أن سبب عدم انتفاع العبد مما يسمعه من القرآن . ويلحق به الحديث أو الخطب أو المواعظ هو انتفاء أحد أركان الانتفاع الثلاثة عنده ، وبيانها في الآية على النحو التالي :

أما الركن الأول / فهو صلاح القلب ؛ لأنه محل الانتفاع بمعاني القرآن ، قال – تعالى - : { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } فالذكرى لا تحصل إلا لمن صلح قلبه ؛ لأنه هو المحل الذي تنزل فيه معاني الآيات ، والبيت الذي تستقر فيه العبر والعظات ، كما قال – تعالى - : {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة:97] ، وقال – تعالى - : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ } [ الشعراء : 193 – 194 ] . فجعل التنزيل على القلب لأنه محله.

قال الشنقيطي – رحمه الله – في : ( أضوائه ) - : " معنى ذلك أن المَلَكَ يقرؤه عليه حتى يسمعه منه ، فتصل معانيه إلى قلبه بعد سماعه وذلك هو معنى تنزيله على قلبه ".

وعلى هذا فإذا كان القلب صالحاً انتفع من القرآن ، ووصلت معانيه ومواعظه إلى قلبه . وإن كان غير صالح لم ينفعه شيء ، كما قال الله – تعالى - : {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24].

قال ابن القيم – رحمه الله - : " وقوله : { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } فهذا هو المحل القابل والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله ، كما قال - تعالى - : { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً }[يس : 69 - 70] ، أي : حي القلب " (الفوائد :ص/ 3) .

فالقلب الميت لا تنفعه المواعظ :

إذا قسى القلب لم تنفعه موعظة *** كالأرض إن سبخت لن يحيها المطر

وحياة القلب في أمرين :

الأول / إسلامه وتوحيده ، وهو أصل حياة القلب ، كما قال – تعالى - : { لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ } فجعل غير الحي من الكافرين ، فدل ذلك على أن حياته بالإسلام والتوحيد ، كقوله : { أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ }.

والثاني / دوام ذكره لربه ، وهو الكمال الواجب لحياته ، كما قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : " مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ " ( البخاري ) .

وأما الركن الثاني / فهو استعمال حاسة السمع في تلقي القرآن والأحاديث والخطب والمواعظ ، كما قال – تعالى - : { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } ، قال ابن القيم – رحمه الله - : " أصغى حاسة سمعه الى ما يقال له وهذا شرط التأثر بالكلام " (الفوائد :ص/ 3) .

فكيف تريد أن تنتفع من القرآن أو الأحاديث أو الخطب أو المواعظ ، لتتغير حياتك ، وتتبدل أوضاعك ، وأنت غير مستمع لما فيه صلاحك وإصلاحك . وقد قال الله – تعالى – لنبيه موسى – عليه السلام - : { فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } [طه : 13] .

ووصف الله المؤمنين العاملين المنتفعين بالقول : بالاستماع له فقال : {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر:17-18].


وأمر الله – تعالى – بالاستماع والانصات عند تلاوة القرآن حتى يقع تأثيره الموقع اللائق به كما قال – سبحانه : { وَإِذَا قُرِئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الأعراف : 204] .

قال الطبري – رحمه الله - : " يقول: أصغوا له سمعكم، لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه " ( جامع البيان : 13/ 344 ) .

ولذلك كان الاستماع إلى الخطبة في الجمعة من الواجبات حتى ينتفع العبد من الآيات والأحاديث والمواعظ التي فيها ، كما جاء أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ " ( مسلم ) .

وقد رتب على استماع المصلي وإنصاته يوم الجمعة للخطيب أجر عظيم لموافقته لمقصود الخطبة ؛ ولأنه ادعى للانتفاع منها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ ، فَاسْتَمَعَ وأنْصَتَ ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ وَزِيادَةُ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى ، فَقَدْ لَغَا " ( مسلم ) .

وأما الركن الثالث / فحضور القلب وشهوده وعدم غفلته وسهوه ، كما قال – تعالى - :{ وَهُوَ شَهِيدٌ } قال ابن القيم – رحمه الله - : " أي شاهد القلب حاضر غير غائب . قال ابن قتيبة : استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ليس بغافل ولا ساه .
وهو إشارة الى المانع من حصول التأثير وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له والنظر فيه وتأمله
" (الفوائد :ص/ 3) .

و " قال سفيان : أي لا يكون حاضراً وقلبه غائب " ( الجامع لأحكام القرآن : 17/23 ) .

وسبب غياب القلب وانشغاله عن السماع النافع للقرآن والأحاديث والخطب والمواعظ هو تعلقه بالدنيا وسكره بملاذها وشهواتها ، كما قال – تعالى - : {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِّنَ الْعِلْمِ} [النجم : 29 - 30] . فدل ذلك على أن مريد الدنيا غافل عن الآخرة .

قال يحيى بن معاذ – رحمه الله - : " القلب قلبان ؛ قلب محتشي بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمور الآخرة لم يدر ما يصنع ، وقلب قد أحتشى بأهوال الآخرة حتى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة " ( الجامع لأحكام القرآن : 17/23 ) .

وهذا النوع من الغفلة من أشد ما يكون ضلالاً وانحرافاً ؛ لأنه إعراض عما فيه منفعة العبد وصلاحه ، والله يقول : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى } [طه : 124 - 126].

وقال السعدي – رحمه الله - : " وأما المعرض ، الذي لم يصغ سمعه إلى الآيات ، فهذا لا تفيده شيئاً ، لأنه لا قبول عنده ، ولا تقتضي حكمة الله هداية من هذا وصفه ونعته " ( تيسير الكريم الرحمن : ص / 807 ) .

وجماع ذلك أن الغافل عن القرآن والأحاديث والخطب والمواعظ لا يتأثر بها ولا يعي معنى الكلام ولا ينتفع منها : يكون مآله الضياع والتفريط لمصالحه الدينية والدنيوية ، كما قال – تعالى - : { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } [الكهف : 28] .




رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:32 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.