أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
106033 86507

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-04-2013, 07:05 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي سلسلة مقال الخطيب (8) : الايناس في بيان معنى:{ قِيَاماً لِلنَّاسِ }


الايناس في بيان معنى:
{ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ } [المائدة : 97].


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .

أما بعد :

فإن الله – جل في علاه – قد شرع لعباده شرائع الإسلام ، وأحكم مبانيه العظام ، وجعل كل شعيرة منها تتضافر مع أخواتها في تشييد بنائه الشامخ ، و عمارة صرحه الخالد .

فالشرائع الإسلامية من الواجبات والمستحبات روافد إيمانية ومنابع يقينية تسقي شجرة محبة الله – تعالى – في قلوب الصالحين والصالحات .


ولب هذه الشجرة توحيد الله وإخلاص الدين له ، وهو حقيقة الأمر والغاية من الخلق ، كما قال – تعالى - :{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:5] .

ومن رحمة الله – تعالى – بعباده أن جعل لهم من الأزمنة والأمكنة مواسم للطاعات ، وأماكن للقربات ، يظهرون فيها مكنون قلوبهم ، ومحبوس صدورهم من التأله والتعبد .

فمحبتهم لله – تعالى – تجري مع نبض قلوبهم ، ودمع عيونهم شوقاً ووجداً ، فيخرجون مكنون المودة ، وينفسون عن زفرات الشوق والمحبة بالقيام بالواجب والسنة .

ومن تمام منة الله ، وعظيم رحمته ، وكمال لطفه أن جعل لعباده بيتاً لتوحيده ، تراق بفنائه الأشواق ، وتسبل بفيض دموع محبتها الأحداق ، تتعلق القلوب برحابه ، وتأنس النفوس بجنابه . سر أودع في القلوب تسمو به إلى علام الغيوب .

بيت لا يكل الناظر إليه ، ولا يمل الطائف به ، ولا يستحسر العاكف عنده ، لانجذاب قلوبهم إليه ، وتعلق نفوسهم به ؛ لأنه بيت العبادة والإنابة .

ولما رأت أبصارهم بيته الذي *** قلوب الورى شوقا إليه تضرم
كأنهم لم ينصبوا قط قبله *** لأن شقاهم قد ترحل عنهم
فلله كم من عبرة مُهَراقة *** وأخرى على آثارها لا تقدم
إذا عاينته العين زال ظلامها *** وزال عن القلب الكئيب التألم
ولا عجبا من ذا فحين أضافه *** إلى نفسه الرحمن فهو المعظم
كساه من الإجلال أعظم حلة *** عليها طراز بالمُلاحة مُعْلم


ومن لطيف حكمة الله – تعالى – أن أجرى سننه الكونية في صلاح الدنيا وفسادها على مقتضى تعظيم هذا البيت وتبجيله ورعاية حرمته تفخيماً لشأنه ، وقياماً بحقه .

فأسعد الناس قلباً ، وأشرحهم صدراً ، وأقومهم بأمر دينه ودنياه من كان أكثر تعظيماً للبيت الحرام ، كما قال - سبحانه - : { جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ } [المائدة : 97]. قال ابن كثير – رحمه الله - : " أي: يُرْفَع عنهم بسبب تعظيمها السوءُ، كما قال ابن عباس: لو لم يحج الناسُ هذا البيت لأطبق الله السماءَ على الأرض " ( 1/ 413 ) .

قال السعدي – رحمه الله - : " يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم " ( التفسير ) .

والسر في ذلك أنه بيت التوحيد الذي تم بناؤه وعلت أركانه على أسس الإخلاص ، فهو أول مكان وضع لبث الوجد والمحبة : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ }[آل عمران:96] .

ولعظيم شأنه عند الله – تعالى - ، وكمال فخره تولى الله – سبحانه – تعليم إبراهيم الخليل موضع بنائه المشرف ، كما قال : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ }[الحج : 26] . " أي: أرشده إليه ، وسلمه له ، وأذن له في بنائه " ( تفسير ابن كثير : 5/413 ) .

وفي هذا كمال الفخر وعظيم الشرف أن يكون الله - تعالى - هو الذي تولى تحديد مكانه وتعليم إبراهيم موضع بنائه . وشيء هذا شأنه يكون مقصوده من أجل المطالب ، وغايته من أرفع المراتب . وذلك المقصود يتحقق بأمرين اثنين :

الأمر الأول /
نفي الشرك ، والكفر بالأنداد ، والبراءة من الطواغيت ، كما قال – تعالى - :{ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا }.

الأمر الثاني / تحقيق التوحيد ، كما قال – تعالى - :{ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } " أي : طهره لهؤلاء الفضلاء ، الذين همهم طاعة مولاهم وخدمته ، والتقرب إليه عند بيته ، فهؤلاء لهم الحق ، ولهم الإكرام ، ومن إكرامهم تطهير البيت لأجلهم ، ويدخل في تطهيره ، تطهيره من الأصوات اللاغية والمرتفعة التي تشوش المتعبدين ، بالصلاة والطواف " قاله السعدي .

فبيت هذا مقصود قيامه ، وعمارة أركانه لهو في غاية الجلال ، وعظيم الحرمة :{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }

ثم شرع الله – تعالى – لعباده أن يقصدوه ، ويتكلفوا الوصول إليه – حسب الطاقة والمكنة – وجعل في قلوبهم مقتضى قصده قائماً – محبة وشوقاً – لأنه ادعى لتعظيمه وتبجيله ، فالقلوب ترحل إليه قبل أبدانها ، والنفوس تكاد من الشوق تخرج من أجسادها .

{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }

دعاهم فلبوه رضا ومحبة *** فلما دعوه كان أقرب منهم
تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم *** وغبرا وهم فيها أسر وأنعم
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم تثنهم لذاتهم والتنعم
يسيرون في أقطارها وفجاجها *** رجالا وركبانا ولله أسلموا


نداؤهم في هذا المشهد العظيم ، وهم قاصدين الكعبة المشرفة : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . تعلو بها أصواتهم ، وتعج بها حناجرهم .

أما والذي حج المحبون بيته *** ولبوا له عند المهل وأحرموا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا *** لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم
يهلوان بالبيداء لبيك ربنا *** لك الحمد والملك الذي أنت تعلم


فالمقصود من هذا البيت بشعائره ، ومشاعره ، وأحكامه ، وسننه ، وآدابه هو إقامة التوحيد وإفراد الله بالعبادة وهذا هو المقصود من إيجاد الخليقة ، فإذا عبدوا الله وحده ، وامتثلوا أمره ، وحققوا تقواه أصلح الله لهم أمر معاشهم ومعادهم .

وعلامة قيامهم بما خلقوا له هو تعظيمهم البيت الحرام الذي قام على هذا الأصل المتين ، والمطلب الرفيع .

فإن فرطوا في شأن هذا البيت ولم يعظموه دل على تفريطهم في حق الله وعدم تعظيمه والاستهانة بحقه وتعلق قلوبهم بغيره من القبور والمشاهد ونحوهما .

وعندها يفسد عليهم أمر دينهم ودنياهم ، وتنتابهم المخاوف ، ويتيهون في الضلال {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[الحج : 31] .

يا مالكا ما أعدلك مليك كل من ملك *** لبيك إن الحمد لك والملك لا شريك لك
عبدك قد أهل لك أنت له حيث سلك *** لولاك يارب هلك لبيك إن الحمد لك




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-19-2014, 09:23 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

يرفع للمناسبة . . .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.