أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
61324 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > خطب نصية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-13-2013, 09:40 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي سلسلة مقال الخطيب (23) : مظاهر النفاق .


مظاهر النفاق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد :

فيقول الله – تعالى - : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً }[النساء : 145 - 146] .

إن أخطر الأمراض التي تعتري القلوب المؤمنة ما تكون سبباً في ضعف إيمانها أو ذهابه ، وأفتكها بالقلب ما كان من جنس النفاق مما يتنافى فيه ظاهر العبد مع باطنه ، وعلانيته مع سره .


قال ابن القيم – رحمه الله - : " وأما النفاق : فالداء العضال الباطن الذى يكون الرجل ممتلئاً منه وهو لا يشعر فإنه أمر خفي على الناس وكثيراً ما يخفى على من تلبس به فيزعم أنه مصلح وهو مفسد " ( مدارج السالكين : 1/347 ) .

وهذا الداء الخبيث على نوعين : " النفاق الأكبر وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار " ( جامع العلوم والحكم : ص/431 ) .

قال – تعالى - : {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ *اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ } [المنافقون : 1 – 3] .

" والثاني النفاق الأصغر وهو نفاق العمل وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة ويبطن ما يخالف ذلك " ( جامع العلوم والحكم : ص/431 ) .

ومرجع هذا المرض الخبيث إلى الكذب ومخالفة الظاهر للباطن والرياء والتصنع وطلب مدح الناس وأسسه التي يبنى عليها الجهل والكسل ، كما قال ابن القيم – رحمه الله - :

" زرع النفاق ينبت على ساقيتبن : ( ساقية الكذب ) ، ( وساقية الرياء ) .

ومخرجهما من عينين : ( عين ضعف البصيرة ) ، ( وعين ضعف العزيمة ) .

فإذا تمت هذه الأركان الأربع استحكم نبات النفاق وبنيانه " ( مدارج السالكين : 1/274 ) .

ومن هنا كان الصحابة يخافون النفاق على أنفسهم وكان عمر يسأل حذيفة عن نفسه .

وسئل أبو رجاء العطاردي هل أدركت من أدركت من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يخشون النفاق فقال نعم إني أدركت منهم بحمد الله صدراً حسناً نعم شديداً نعم شديداً .

وقال ابن أبي مليكة أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كلهم يخاف النفاق على نفسه .

ويذكر عن الحسن قال : " ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق " .

وللنفاق بشقيه الأكبر والأصغر مظاهر تدل على حقيقة المتلبس به ، وقد ينفرد أحد قسميه ببعضها لكننا نذكرها مشتركة حتى يحذر العبد منه كله . فمن أبرز مظاهر النفاق :

1) المظهر الأول / اختلاف العلانية عن السريرة ، والظاهر عن الباطن .

قال الحسن – رحمه الله - : " من النفاق اختلاف القلب واللسان واختلاف السر والعلانية واختلاف الدخول والخروج " .

وقال طائفة من السلف : " خشوع النفاق أن تري الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع " .

وسئل حذيفة عن المنافق فقال : " الذي يصف الإيمان ولا يعمل به " .

وعن ابن عمر أنه قيل له : " إنا ندخل على سلطاننا فنقول له بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عنده قال كنا نعد هذا نفاقاً " .

2) المظهر الثاني / هجر القرآن . وله صور ، منها : ترك قراءته ، وتدبره ، وتعلمه ، والانتفاع به . قال – تعالى - : {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} [الفرقان:30] ، وقال – تعالى - : {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24].

فالانتفاع بالقرآن بالتفقه فيه والعمل بأخلاقه وآدابه من أوصاف أهل الإيمان الذين خلصوا من النفاق ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ، حُسْنُ سَمْتٍ، وَلَا فِقْهٌ فِي الدِّينِ » ( صحيح الجامع : 3229 ) .

ومن هجر القرآن ، وأوصاف أهل النفاق عدم تحكيمه عند النزاع ، كما قال – تعالى - : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:60].

3) المظهر الثالث / عدم الاهتمام بشأن التوحيد ، وعدم تعظيم السنة . بل السعي في ضد ذلك ، كما قال – تعالى - : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * } [التوبة : 107 - 108] .

4) المظهر الرابع / الكسل والفتور في الطاعة وقلة ذكر الله – تعالى - . قال – سبحانه - :{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً } [النساء : 142] .

وقال – تعالى - : { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } [التوبة : 54] .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قَالَ : قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَيْسَ صَلاَةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنْ صَلاَةِ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً " ( متفقٌ عَلَيهِ ) .

5) المظهر الخامس / تلبس العبد بأحد أوصاف النفاق العملي الخمسة (الكذب في الحديث) ، و (إخلاف الوعد) ، و (عدم الوفاء بالعهد) ، و (الفجور في الخصومة) ، و (خيانة الأمانة) . قال – تعالى - : { وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } [ التوبة : 75 – 77 ] .

وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " أَرْبَعٌ مَنْ كنَّ فِيهِ كَانَ مُنافِقًا خَالِصًا ، وَمَنْ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفاقِ حَتّى يَدَعَهَا : إِذا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذا عاهَدَ غَدَرَ ، وَإِذا خَاصَمَ فَجَرَ " ( متفق عليه ) .

وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : " آيةُ المُنافقِ ثلاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعدَ أخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ " ( مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ) .

6) المظهر السادس / بغض الصحابة – رضي الله عنهم - ، قال – تعالى - : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }[الفتح : 29] .

وعن البرَاءِ بن عازب رضي الله عنهما ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ في الأنصار : " لاَ يُحِبُّهُمْ إلاَّ مُؤمِنٌ ، وَلاَ يُبْغِضُهُمْ إلاَّ مُنَافِقٌ ، مَنْ أحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ الله ، وَمَنْ أبْغَضَهُمْ أبْغَضَهُ الله " (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) .

قال أبو زرعة : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق " .

وقال الإمام أحمد : " إذا رأيت رجلًا يذكر أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي بسوء) فاتهمه على الإسلام " .

فنعوذ بك اللهم من النفاق والشقاق وسيء الأخلاق .



رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.