أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
103088 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-03-2015, 11:49 PM
أبو المعالي بن الخريف أبو المعالي بن الخريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 1,032
افتراضي "الفِكرُ في خَتمِ الأَسماءِ وَالصِّفاتِ لِآيِ الذِّكر"

حمدا لله وبعدُ:هذه المقالة نُشرت مِن قبلُ في مجلّة الإصلاح الجزائريّة التي تصدرُ عن دار الفضيلة للنّشر والتوزيع، في عددها التّاسعِ عشَر، في شهر ربيعٍ الأولِ سنةَ واحدٍ وثلاثين وأربعمائة وألف، وذلك أنني كنت أستمعُ بإصغاء لبعضِ محاضراتِ العلّامة المتفنّن الوزير الأثير الشيخ صالح آل الشَّيخ؛ فأتى على موضوع اختتامِ الآيات القرآنية بأسماء الله وصِفاته، وقال: هذه مسألة تحتاجُ إلى بحث من طلاب العِلم، أو جمع، هذه الكلمة أثارت الهمّة، فكانت هذه الصّفحات، وأنا في مبدإِ صوب القطر منَ الغمامة - ولا زلتُ كذلك -، وإنّما كتبتُها لأنّي حسبتُ نفسي مُخاطَبًا بكلامِ الشّيخ، وكذا تقويةً لنفسي، وإرادةً للخير والصّلاحِ وهدى العلمِ لها، وإلّا فما حالي وحالُ من كتبَ في هذا الموضوع إلّا كما قال الإمامُ أبو عمرِو بنُ العلاء شيخُ العربية والإقراء: ما نحنُ فيمن قبلَنَا إلّا كبقلٍ في أصول نخلٍ طوال (*)، وقال جرير:
وابنُ اللّبُونِ إذَا ما لُزَّ في قَرَنٍ *** لم يستَطِع صَولةَ البُزلِ القَنَاعِيسِ (**)
وكانَ هذا الموضوعُ أوّلَ مشاركةٍ لي في المجلّة، وممّن كتبوا معنا في هذا العددِ أسامةُ العتيبيّ!، فكان هذا الموضوعُ آخرَ مشاركةٍ لي في المجلّة.


[ الفِكرُ في خَتمِ الأَسماءِ وَالصِّفاتِ لِآيِ الذِّكر ]

الحمدُ لله الدائمِ توفيقُه لتلاوةِ القرآن, المتواترِ عطاؤُه وتسديدُه, وأشهدُ أنَّه هو الإلهُ الحقُّ المُبين، لا إلهَ إلا هو العظيمُ الحليم, وأشهدُ أن محمدا عبدُ الله ورسوله، صلّى الله عليهِ وعلى آله وصحبه، أمَّا بعدُ:
إنَّ القرآنَ الكريمَ أَجَلُ ما عُطِرَ به الخاطرُ وأدَلُّ ما هُديَ به الحائرُ، فهو عمدةُ الملة، ويَنبوعُ الحكمة ونورُ الأبصار والبصائر، وأَشرفُ ما صُرفت إليه هِمم النُظار؛ وأُولي الاعتبار؛ ما كان في بيان حقِ الله على عبيده؛ وتفريده بأسمائه وصفاته؛ وتوحيدِه ولا غروَ؛ فـــ" إِنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ، وَالْبَارِي أَشْرَفُ الْمَعْلُومَاتِ؛ فَالْعِلْمُ بِأَسْمَائِهِ أَشْرَفُ الْعُلُومِ" (1).
ومنزلةُ الأسماءِ والصفات بين أبواب التوحيدِ والإثبات عُظمى، والحديثُ عنها يسمو بالنفس في مدارجِ الكمال ومعارجِ القُدس؛ ذلك أَنه في حق الله وله، فهو سبحانه بَثَها في كتابه العزيز حتى لا يكادُ يخلو من ذلك صفحةٌ من صفحاته للمتأمل، والمتوسم, ولِأَمرٍ ما أفاضَها في الملك والملكوت؛ ليُعرَف ويُدَلَ بها على الحي الذي لا يموت.
ولأَن الإيمانَ بأسماء الله وصفاته على مُراد الله ورسوله؛ مَعلمٌ بارزٌ في اعتقاد الطائفة المنتخبةِ أهلِ السنةِ والجماعة فإِن علماءَ أهلِ السُنة لَيَعنِيهِم أن يَستقرَّ المُعتَقَدُ الحقُ عندَ الخلق لذلك أَصلُوا وفَرعوا وأَرسَو من فرائد القواعدِ، وقلائد الفوائد في هذا الباب للمتعبدِ والناسك ما يكونُ به الأثرُ فيَشِعُ عليه من خَيرها ومن جمالها الباهرِ وحُسنها الزاهِر، وقد كان من جُملة ما أَرسَوا: قاعدةُ اختتام الآيات بالأسماء أو الصفات أوبهما، وهذا شائع في خواتيمِ آيِ الذكر بحيثُ لعلها تربو على بِضع المئين.
قال الزركشيُّ: "اعلم أنَ من المواضع التي يَتأكدُ فيها إيقاعُ المناسبة مقاطعَ الكلام وأواخرَه وإيقاعُ الشيء فيها بما يُشاكلُه، فلا بُدَ أن تكونَ مُناسِبَةَ للمعنى المذكور أوَلاً وإلاخرجَ بعضُ الكلام عن بعض، وفواصلُ القرآن العظيم لاتخرجُ عن ذلك لَكن منه ما يَظهرُ ومنه ما يُستَخرَجُ بالتأمل لِلَبيب"(2)
وهذه القاعدةُ لمن عمِلَ بها منافعُها عميمة وفوائدُها جسيمة .قال العلامةُ السّعدي: "يَختمُ الله الآياتِ بأسماء الله الحسنى؛ لِيَدُلَ على أن الحكمَ المذكورَ له تعلقُ بذلك الاسمِ الكريم، وهذه القاعدة لطيفةٌ نافعةٌ، عليك بتَتبُّعها في جميع الآيات المختومةِ بها، تجدُها في غاية المناسبة، وتدُلُكَ على أن الشرعَ والأمرَ والخلقَ كلَهُ صادرٌ عن أسمائه وصفاته، ومرتبطٌ بها، وهذا بابٌ عظيمٌ في معرفة الله ومعرفة أحكامه, فتجدُ آيةَ الرحمة مختومةً بصفات الرحمة، وآياتِ العقوبةِ والعذابِ مختومةً بأسماء العزةِ والقُدرةِ والحكمةِ والعلمِ والقهر" (3)، وقال ابنُ القيم: "وإذا تأملتَ خَتمَ الآيات بالأسماء والصفات؛ وجدتَ كلامَه مُخَتَتمًا بذكرِ الصِّفة التي يقتضيها ذلك المقامُ حتى كأنها ذُكرَت دليلاً عليه وموجبةً له" (4)، وقال بن عثيمينَ – رحمه الله -: "وهذه مسألةٌ ينبغي لطالب العلم أن ينتبهَ لها في الآيات، إنَّ خَتمَ الآيةِ بعد ذِكر الحُكم دليلٌ على ما تقتضيه هذه الأسماءُ التي خُتِمَت بها الآية" (5)، و قال حامدُ بنُ عبدِ الله العلي: "خَتمُ الآيات بأسماءِ الله الحسنى يدلُ على أن معاني الآيةِ لها علاقةٌ بالاسم" (6).
فَيُعنى بهذا أن خواتيمَ الآياتِ؛ التي فيها ذكرُ أسماءِ وصفات الله جلَّ وعلا: "كأنها أختامٌ وتوقيعاتٌ ربانية على المعاني التي في الآيات لتُوَثِّقها، وتُعلَلِّها، وتؤيَدَها، وتمنحَها بعد التوضيح تأكيداً، وبعد التَّعليل حُسناً أكيدا" (7)، ويَحسُن هنا الالماحُ إلى بعض ما قد يكون فيه بلاغٌ وباعثٌ لتَفَحُّصِها، وإلا فحَصرٌها متَعذِرٌ ذلك أنَ الشرائعَ شتى، وخواتيمَ الآي على الوجه الذي وُصِفَ أسلفنا أنه كثيرٌ جِدَا؛ فمن ذلك:
أ-تُختَم الآيةُ بالصفات للمُناسَبة بين السُوَر: كما في آخر سورة النحل: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}، وأولِ سورةِ بني إسرائيل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ - إلى قوله - إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، فالمناسبة بين الآيتين ظاهرةٌ ذلك أن معيةَ الله لعبده المؤمنِ الذي اتقى وأحسنَ معيةٌ بالسمع والبصر، فالله تعالَى يُطَمئِن المتقين المحسنينَ أنه معهم؛ سميعٌ لأقوالهم؛ وبصيرٌ بما يعملون من الصالحات.
ب- تُختَم الآيةُ بالصفاتِ لمناسبتها لصَدرِها: كقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة/71)، قال البقاعي: "خَتَم الآيةَ بوصفِ العزةِ والحكمة المناسبِ لافتتاحِها بالموالاة وتعقيبها بآية الجهاد" (8).
ج- تُختَم الآية بصفات مناسبةٍ للمعنى: نقلَ السيوطيُّ أبو الفضل جلالُ الدين "عنْ أعرابيٍّ أنّه سمِعَ قارئًا يقرأُ: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أنّ الله غفورٌ رَحيمٌ} (البقرة/209)، ولم يكنْ يقرأُ القرآنَ، فقالَ: إنْ كانَ هذا كلامَ الله فلا يقولُ كذا, الحكيم لا يَذْكُر الغفرانَ عندَ الزَّلَل لأنّه إغْراءٌ عليه" (9)، وهو كما قال فآيةُ البقرة هذه خُتِمت هكذا: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ومن الذائع المشتهر قصةُ الأَعرابي الذي لَمَّا سمعَ رَجُلا يقرأُ قولَ الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم} (المائدة/38)؛ قال هذا الأعرابيُّ: لستُ قارئاً للقرآن ولكن عزَّ فحكمَ فقطعَ، ولو غفرَ ورَحِم لما قَطَع" لأنّ الآيةَ خُتمت ب: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10)، ولهذا تجد ختمَ الآية مناسبا لمعناها.
د- تُختَمُ الآياتُ بالصفات لإِزالة العجَب: كقوله تعالى:{إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الأنفال/41)، يومُ الفرقان هو يومُ بدر الذي فرّقَ اللهُ فيه بين الحقّ والباطِل وأظهرَ أهلَ الإسلام - على قِلة عددِهم وعُدَّتهم - على عدُوهم الذي كانَ على استِيقانٍ أنَّهم في قَبضتِه، قال برهانُ الدين البقاعي: "ولماَّ كان انعكاسُ الأمر في النصر محلَ عَجَب، ختَمَ الآية بقوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ} أي: من نصر القليل على الكثير، وعكسِه وغيرِ ذلك من جميع الأمور {قَدِيرٌ}، فكان خَتمُهَا بذلك كاشفاً للسِّرِّ، ومُزيلاً للعَجَب، ومُبَينًا أنَ ما فعلَ هو الجاري على سنن سُنَتِه؛ المطردٌ في قديم عادته؛ عند من يعلمُ أيامَه الماضيةَ في جميع الأعصُر الخالية" (11).
ه- تُختَمُ الآية بالصفات دفعا لتَوَهُم أَمرٍ مَقطُوع بخلافه: كقوله تعالى: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (المائدة/118)، قد يأتي للذهنِ باديَ الرّأي عند قراءةِ الآية أنها سَتُختُم باسمَي: الغفورِ والرحيمِ، لكنها خُتِمَت باسمَي: العزيزِ والحكيم, أَمَّا لِمَ؟ فقد حُصِّلَ من جُمل الثِّقات، وأقاويل الأثبات عيون؛ فقيل: "لأَنَ المقامَ مقامُ تقديسٍ وإجلال وليسَ مقامَ طلبٍ أو دعاء"، وقيل: لبيانِ أن مغفرتَه سبحانه تكونُ عن قوةٍ وعزةٍ، لا عن ضَعف وعَجز، وأنها لا تكون إلا لِحكمةٍ عظيمة؛ وليست عبثاً، أو: "تنبيهاً على أنه لا امتناعَ لأحدٍ عن عزته، فلا اعتراض في حُكمه وحكمته" (12).
هذان الاسمانِ الجليلانِ منصوبَين يغلبُ أن تُختَتَمَ بهما آياتُ العذاب كقوله تعالى في الكفار: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} (النساء/56)، وقولِه تعالى في اليهود: {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}(النساء/158)، أي: "منيعًا بالنّقمَة من اليهود، إذ حَكمَ باللعنة، والغضبِ عليهِم، فسلَّط عليهم ضيطوسَ بنَ اسبسيانوس الرّومي فقتل منهم مقتلةً عظيمة" (13)، والختمُ بهما مُنفَردين أو مُجتَمِعَين؛ مُستفيضٌ في الكتاب العزيز, وأَجَلُ من نَوَهَ بفضل اقترانِهِما، ومعنى تعلُقِهِما، وختمِ الآيِ بهما, العلامةُ ابنُ القيم في مبسوطاته العقَدية؛ فلتُراجَع هنالك؛ فقد وضعها على طرَف التمام.
-تفريعات:
أولا: هذه الأسماءُ المُختَتَمُ بها غيرُ مترادفةٍ من حيثُ معانيها إلا من جهةِ دِلالتها على الذّاتِ العلِيَّة: وهو القول المنجب, والفهمُالمُعجب, ومختارُ عُظماء الشريعة كأبي العباسِ ابنِ تَيميةَ شيخِ الإسلام أن كُلا منها: "يدُلُّ على معنى في المُسمَّى غيرِ معنى الآخرِ؛ مع اِتِّحادِ المُسمَّى؛ بمنزلةِ الأسماءِ المُتكّافِئةِ؛ التي بينَ المُترادِفة والمُتباينة" (14)، أي أنّ هذه الأسامي الداخلة في التسعةِ والتسعينَ وإن كانت متقاربةً في المعاني فليست مترادفةً ترادُفًا محضا.
ثانيا: مِن هذه الأسماء المُختَتمِ بها ما عدَّهُما جمعٌ من المُحَقّقين في مسالك الاعتقاد الاسمَ الأعظمَ لِربِّنا الأكرمِ، وهما: الحيُّ والقيُوم: وإن كان هذا المقامُ - أي: كونُهما الاسمَ الأعظمَ - قد تُنوزِع فيه؛ إلا أن مدارَ الأسماءِ الحسنى, والصفاتِ العُلى كلِّها عليهِما قولا واحدا لأهلِ السّنة والجماعة, لأنهما يدُلّان على سائر الأسامي بالمطابقة والتضمُّن واللزوم.
ثالثا: هذه الأسماءُ المختَتمُ بها كثيرا ما تردُ مُكتفًى بها عن التّصريح بذكر أحكامها وجزائها: ذلك أن العبدَ إذا فقِه معانيها على نحوِ ما بُثَّ مِن كلام الأئمَّةِ هُنا أو جب لهُ ذلك الإقدامَ أو الإحجامَ، والمثالُ هنا: قولُ الله عز وجلّ: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فاعلَمُوا أنَّ اللهَ عزيزٌ حكِيمٌ} (البقرة/209)؛ فأنت لا ترى ذِكرَ الجزاءِ أو العقابِ، وإنما أُوكِل ذلك إلى فقه السَّالكِ بأسماء؛ وصفاتِ مولاهُ جلَّ في عُلاه.
رابعا: قد تُختَم الآياتُ بِنُعوت جاريةٍ على اسمِ "الله" تباركَ وتعالى أو غيرِ جارية:
مثالُ الأول: قولُه تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (البقرة/192)، وقولُه: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال/10).
ومثالُ الثاني: قولُه تعالى: {وَالشَّمسُ تَجرِي لِمُستَقَرٍّ لَها ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (يس/38)، ولا يَخفى عليك أيُّها المبارَكُ أنَّ كُلَّ اسمٍ أحسنٍ حاملٌ لصفةٍ عليَّةٍ، أو هي مُشتَقّةٍ منهُ مُستَكِنةٌ فيه كما هو مُقررٍ في قواعد الباب.
خامسا: من وجوهِ إعجاز القرآن فواصلُه وخواتيمُ آيِه: قال الشيخُ بنُ عثيمينَ – رحمهُ الله -: "مِن بلاغةِ القرآن ختْمُ الأحكام بما يُناسبها من أسماء الله" (15)، ونَعلمُ أنَّ القرآنَ مُعجزٌ ببَلاغَتِه مِن غَير ما رَيب.
وبعدُ: فهذا الذي ذكرنا مِن متينِ العلم وحكمةِ القرآن البالغة، وليس من مُلَحِ التفسيرِ ولَطائفِه، فإِن امرُؤٌ نَصحَ لِنفسهِ؛ واتّخَذَ القرآن أَنِيسَه؛ وسَمِيرَهُ على مَرِ الليالي والأيام؛ فما ثَمَ حينئِذ إلا مقاماتُ النبوغ في أنواعِ كلِ العلوم؛ والفتوحُ في الفهوم؛ فقد رَسخَ في جِبِلاّتِ أَماثِل العربِ؛ وأَقحاحِهِم مَدى مُنتهى صِياغَتِه، وبلاغتِه، فنَزَلَ به الرُوحُ الأمينُ على قلبِ سيدِ المرسلينَ رحمةً للعالمين؛ اللهُمّ صلِّ وسلم عليه؛ وعلى آله وصحبه الغُرِّ الَميَامِين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) موضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب البغدادي1/4.
(**) ديوان جرير، قصيدة: ألحان داوود أم ضرب النواقيس.
(1) أحكام القرآن لأبي بكر بنِ العربي39/4.
(2) البرهان في علوم القرآن78/1.
(3) القواعد الحسان للسعدي ص50.
(4) شفاء العليل ص200.
(5) تفسير العثيمين7/13.
(6) الخلاصة الجامعة لقواعد التفسير النافعة ص36.
(7) أرشيف ملتقى أهل التفسير-بحث في أسماء الله الحسنى/5894.
(8) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور359/3.
(9) الاتقان271/2.
(10) المحرر الوجيز273/4،و: زاد المسير208/2.
(11) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور220/3.
(12) محاسن التأويل68/3.
(13) تفسير البغوي307/2.
(14) مقدمة التفسير.
(15) لقاء الباب المفتوح111/4.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-25-2015, 06:27 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

قد حزت المعالي أبا المعالي
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-25-2015, 08:44 PM
أحمد الأغواطي أحمد الأغواطي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 335
افتراضي

هذا رابط المقال نفسه
http://kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=63863
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-01-2015, 02:51 PM
أبو المعالي بن الخريف أبو المعالي بن الخريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 1,032
افتراضي

جزاكَ اللهُ خَيرًا أخي نجيب؛ وجعلكَ منصورًا في هِجرتك إلى ربِّك عزَّوجلّ.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-16-2016, 07:41 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

إشتقنا لمثل هذه المقالات أبا المعالي
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:06 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.