من الهمم العالية : مقدار كتابة الأمير شكيب أرسلان رحمه الله في سنة !!

[أبو معاوية البيروتي]

قال الأمير شكيب أرسلان رحمه الله ( 1286 - 1366 هجرية ) في كتابه "السيد رشيد رضا وإخاء أربعون سنة" (ص 526/حاشية 3/طبعة سنة 1357 هجرية ) :

حالتي الراهنة الآن من جهة الكتابة أني أكتب في الحول 1700-1800 مكتوب خصوصي، ونحواً من 250 مقالة في الصحف، عدا التآليف المطبوعة التي تبلغ بالأقل 2000-2500 صفحة في السنة، وهذا المبلغ هو أكثر ممَّا كنت يوم كَتَبَ إليَّ السيد رشيد ينهاني عن هذا الإسراف في الجهد. انتهى.

وذكر الأمير رحمه الله في "رسالته" إلى محمد الفاسي ( نقلها أحمد الشرباصي في كتابه "شكيب أرسلان أمير البيان" / ص 102 ) أنه عمل حساب عدد المكتوبات التي كتبها في سنة 1935م ( 1355 هجرية )، فبلغ عدد المكاتيب الخصوصية 1781، وعدد المقالات 176، وقصيدتين ومقطوعة، وعدا ذلك حرَّر كتابه عن أحمد شوقي 350صفحة، وحواشي ابن خلدون 560 صفحة، وطبع (الروض الشقيق) ديوان أخيه وذيّله بتفسير، وأودعه ترجمة أخيه ونسب العائلة ملخّصاً، وكتب قسماً غير قليل من الجزء الأول من كتاب الأندلس، وعلَّق على ديوانه تفسير بعض الألفاظ، ولخَّص كتاب ليفي بروفنسال .

[أبو معاوية البيروتي]

من همة المحدث محمد زكريا الكاندهلوي العالية!!

جاء في "المحدث الكبير محمد زكريا الكاندهلوي" ( ص 198 / ط. 1434 ):

أثناء رحلته إلى الحرمين، عثر شيخه خليل أحمد السهارنفوري على نسخة خطية لمصنف عبدالرزاق، فأراد أن يشتريها لكن صاحبها طلب ثمنا" باهظا"، فتركها الشيخ خليل أحمد لعدم وجود نقود كافية ليشتريها.

فلما علم الشيخ محمد زكريا ذلك طلب من صاحب النسخة المخطوطة السماح بنسخها، فأذن بذلك لأنه رأى أنه لم يبق لرجوعهم إلى الهند إلا عشرة أيام، وهم لا يستطيعون نسخها، فحمل الشيخ محمد زكريا النسخة الخطية إلى مقره، وجعل ينسخ من هذه النسخة الخطية، وشاركه في النسخ زملاؤه، حتى إنهم أكملوا نسخها ثم مراجعتها كاملة خلال عشرة أيام.

فسر الشيخ خليل أحمد السهارنفوري بعلو همة تلميذه ونباهته وجهده المتواصل، ودعا له بالبركة والنجاح، ولا شك أن ذلك كان انجازا" علميا" كبيرا"، وخاصة في الزمن الذي لم تكن كتب الحديث الشريف متوفرة وفي متناول الأيدي بشكل عام.

=============
الكناشة البيروتية 798

[أبو معاوية البيروتي]

ذات مرة طلب الشيخ محمد الصالح رمضان من شيخه عبد الحميد بن باديس أن يُعيره كتاب "حاضر العالم الإسلامي" لمستشرق أمريكي يُدعى لوثروب ستودارد وعليه تعليقات الأستاذ شكيب أرسلان.
فسأله الشيخ ابن باديس لم تريد قراءة هذا الكتاب بالذات؟
فأجاب: لأنني أسمع عن شكيب وأراك تنشر مقالات له في الشهاب فأحببت أن أقرأ ما يكتب.
قال الشيخ ابن باديس: شكيب أرسلان دائرة معارف، وأنت يا بني في بداية الطلب فقراءة كتبه تشتت لك ذهنك. فأنا أنصحك بعدم قراءة كتابه الآن....

=============
كتبه محمد الأمين فضيل

[أبو معاوية البيروتي]

قال الأمير شكيب أرسلان ( 1286 - 1366 هـ ) رحمه الله في رسالة إلى الشاعر القروي رشيد الخوري كتبها في جنيف، 23 نيسان 1937 م :
... لا يخفى عنكم ما أنا فيه من شواغل لا تحصى، وكوني في دور السنة أكتب ما يناهز ألفي كتاب ومئتين وخمسين مقالاً، هذا عدا الكتب المطبوعة التي تبلغ في الحول ألفي صفحة وأحياناً أكثر،
وفي هذه السنة أخرجنا جزءين من كتابنا على الأندلس يبلغان تسع مئة صفحة،
وجزءاً يتضمن حواشينا على تاريخ ابن خلدون يزيد على أربع مئة صفحة،
وكتابنا ((شوقي أو صداقة أربعين سنة)) وهو يناهز الأربع مئة صفحة أيضاً،
هذا عدا ديواننا الذي رتّبناه وعلّقنا عليه تفسير الغريب وأسباب النظم.
ومنذ شهرين ونصف باشرنا كتاباً اسمه ((السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة)) لأننا كما وعدنا بترجمة لشوقي وعدنا بمثلها لحياة الشيخ رشيد، وقد أتممنا كتابنا عن الشيخ، فقد نجز طبعه، واسمكم في أوائل الذين سيُرسَل إليهم، وأما كتابنا في سيرة السيد رشيد فلا لإنجاز طبعه من شهرين أو ثلاثة وعند ذلك نوعز إلى المطبعة أن يقدموا لكم نسخة.
فأما كتاب الأندلس فقد بعناه لكتبيٍّ من المغرب، وسنجتهد في إقناعه بإرسال ما ظهر منه، وذلك هدية منّا لكم، وإنْ كان يجد صعوبة في الإهداء ولو على حسابنا، لأنه يعتقد أن الإهداء يضيّع عليه البيع، وأنتم تعلمون طمع باعة الكتب، ولو كان هذا الكتاب مطبوعاً على حسابنا مثل الكتب الأخرى لكان الآن عندكم...

[أبو معاوية البيروتي]

همة الشيخ أبي إسحاق الحويني العالية، فكيف تجدون همّتكم؟

سمعتُ الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله يتحدّث عن أيام خدمته في الجيش، وأنه مرَّت عليه أحسن سنة طلب فيها العلم الشرعي في الجيش،
حيث كُلِّف بترجمة كتاب مقداره ست مئة صفحة باللغة الانجليزية إلى اللغة العربية، فوجد فراغاً كبيراً، فكان يذهب إلى مكتبة الشيخ حامد إبراهيم، مكتبة المصطفى، من الصباح إلى أذان العشاء أو بعده بقليل حتى تغلق المكتبة،
فلفقره لم يكن معه ثمن الكتب، فكان ينسخ ما يعجبه من الكتب،
ومن أنفس ما نسخه الشيخ كتاب المعلِّمي ((التنكيل بما في تأنيب الكوثري من أباطيل))، حيث نسخ مجلداته الثلاث!
ونسخ قسماً كبيراً من المجلد الأول من ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي!
حتى قرر الشيخ أن ينقل ((فتح الباري)) !
فلم يكن معه مال لشراء الكتب، فكان يستعين بالله سبحانه وتعالى .. ثم بهمّته وحرصه على طلب العلم، فينسخ الكتب ويستوعبها.
والكتاب الذي نقله بيده حفظه!
لدرجة أنه تمنى لو استطاع أن ينقل الكتب كلّها، لأنه عندما ينسخ قلبه يكون مع الكتاب، فالذي ينسخه لا ينساه.
قال أبو معاوية البيروتي: نقلتُ هذا الكلام من مقطعٍ مرئيٍّ حديث للشيخ الحويني، وصدق حفظه الله، وقد خبرتُ هذا الشيء بنفسي، فكم نسختُ من مقاطع أريدها ولا أملك ثمن الكتاب، ما زلت أذكرها رغم نسخي لها منذ أكثر من عشر سنوات!

[أبو معاوية البيروتي]

ما هو مشروعك؟!

‏تأملتُ كثيراً في سير الروّاد من هذه الأمة، وقلبتُ فكري طويلا في تلمح سر نبوغهم واجتلاء حقيقة تفوقهم، ‏فخلصتُ إلى نتيجةٍ مذهلةٍ فحواها:

أنّ من أراد السُّطوع فليكن لديه مشروع!
‏فطريقُ المجد يا صاحِ يبدأ بمشروعٍ ترسمه بـ(بنان) همتك، وتشق دروبه بـ(سنانِ) عزيمتك!

‏إن الميلادَ الحقيقي للإنسان - كما يقول أحد النجباء - ليس تلك اللحظة التي يخرجُ صارخاً إلى الدنيا من رحم أمه!
‏كلّا ..
بل يولد الإنسان في اللحظةِ التي يعثرُ فيها على مشروعه!
‏بعدها ينطلقُ في خوضِ خطيرات الأمور، ويضطلع بأعباءِ المهمات، ويركب ظهورَ العوائق، ‏ويتخطى رقابَ الموانع من أجل إتمام مشروعه، وتحقيق طموحه وإن هذا لعمرُ الله هو عينُ المجدِ وقمةُ النبوغ.

‏إنك يا صاحبي إن لم تزدْ على الدنيا شيئاً= كنتَ زائداً عليها، وإن لم تضفْ في الوجود جديداً= كنتَ ضيفاً ثقيلاً فيه!

‏إنّ مشروعك يبدأُ من أحلامك التي تعيشها اليوم لتكتبَ واقعك غداً في طيّاتِ الأيام مع الناجحين والنابغين والعلماء والمصلحين وحسن أولئك رفيقاً.

إن عمرك الحقيقي ليس تلك الساعات والأيام التي قضيتها في تتبع لذاذات الطعام والشراب، أوأفنيتها في التمتع بشهواتِ اللعب، وإغراءاتِ اللَّهو!

‏إن حياتك - كما يقول الطنطاوي رحمه الله - ليستْ بطول السنين، وإنما بعرض الأحداث التي تتركها في الأرض!

‏لقد كان مشروعُ أبيّ بن كعب (حفظ وضبط كتاب الله) فلم يزل عاكفاً على مشروعه حتى بلغ منزلة (ليَهْنَك العلم أبا المنذر)!

وكان مشروعُ حسان بن ثابت (نصرة العقيدة بالشعر) حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أجِبْ عني أيدك الله بروح القدس)!

ومشروع أبي هريرة رضي الله عنه (حفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) فصار راوية الإسلام وحافظ الحديث الأول بلا منازع!

‏وكان مشروع البخاري في حياته (تصنيف كتاب جامع للصحيح من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم) ومكث 16 عاماً لإنجازه وأصبح أصحَ كتابٍ بعد كتاب الله!

وكان مشروعُ ابن حجر (تأليفُ كتابٍ في شرح صحيح البخاري) فاستغرقَ 25 سنة لإتمام (فتح الباري) الذي قال عنه الشوكاني: لا هجرةَ بعد الفتح!

وكان مشروعُ ابن قدامة رحمه الله (تقريب الفقه وخدمته) فصنف كتباً مازالت إلى يومنا هذا مورداً عذباً للطالبين!

‏وكان مشروع الألباني (تقريب السنة بين يدي الأمة) فأثمر تصانيف بديعة في الحديث والسنة زادت عن 113 كتاب مابين تأليف وتحقيق وتعليق وتخريج!

وكان مشروعُ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (تدريس العلم للعامة والخاصة) فأعرضَ عن المناصب وأشاح عن الدنيا وجهه، وبقي يدرّس في مسجده بعنيزة أكثر من خمسين سنة متتالية ويبلغ عدد الدروس المسجلة له أكثر من (5000) ساعة عدا الدورس التي لم تسجل وهي كثيرة!

وكان مشروعُ الشيخ عبدالرحمن السميط رحمه الله (الدعوة إلى الله في أفريقيا) فأسلمَ على يده 11 مليون شخص!

وكان للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله مشاريع كثيرة لكن منها هذا المشروع الذي نص عليه وهو كتاب: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل).
طُبع منه الجزء الأول، فقد قال عنه: "أما بعد: فهذا كتابٌ أُراه من (مشاريع العُمر) سميته: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل).

ختاماً ياسادة :
قلْ لي ماهو مشروعك؟! أقلْ لك من أنت؟!

* كتبه عبدالله أحمد الحويل

[أبو معاوية البيروتي]

ذكر الدكتور محمد رجب بيومي ، رحمه الله ، في كتابه " أعلام النهضة " عن أمير البيان شكيب أرسلان أنه قرأ ( الأغاني ) أربعين مرة !

أبو تراب التاجي ‏@Abo_Turab

[أبو معاوية البيروتي]

أكثر كتابات الأمير شكيب أرسلان بالفرنسية
وقليلا ما كان يكتب بالعربية
#محمد_حامد_الأحمري

أي أن محصول قلمه بالفرنسية أكثر من العربية !!
ويكفي أن نعرف أن لشكيب مذكرات بالفرنسية في 20.000 ورقة لم تنالها يد الطبع !
كما ذكر عبد العال سعد الرشيدي في مقال له على موقع صيد الفوائد .

[أبو معاوية البيروتي]

الأمير شكيب أرسلان ... عاشق الكتب والكتابة

عُرِف عن الأمير شكيب (1869 - 1946 م) أنه كان يقرأ ويكتب 13 ساعة متواصلة، وقالت زوجته سُليمى:((إن حياته كانت كلها قراءة وكتابة ولم يكن عنده وقت للجلوس مع أبنائه أو للمشاركة في تعليمهم)). وقال هو عن ذلك في رسالة إلى رشيد رضا: ((إني لا اشبع من الكتب، لولا أن المطالعة في الليل تحدث لي حريقاً في عيني)).
قال أبو معاوية البيروتي: سبق أن كتبت مقالة منشورة على الشبكة بعنوان ((همة الأمير شكيب أرسلان العالية)) ذكرت فيها انتاجه السنوي.
ولكن تخيل معي ... إنْ كان الأمير رحمه الله كتب في سنة واحدة (1935 م) = 1781 رسالة، وعاش قرابة ثمانين سنة، وعدّد د. سعود المولى قرابة ثمانين عَلَماً راسلهم الأمير عبر السنين، فيتجمّع عندنا عشرات الآلاف من الرسائل المبعثرة للأمير في كل أرجاء العالم، وهذا في الرسائل فقط،
ومقالاته التي تُعَد بالمئات أو الآلاف كتبها في مئات المجلات والجرائد وفي شتى أنحاء المعمورة على امتداد أكثر من نصف قرن (وبعدة لغات!)
فكيف بباقي انتاجه؟!!!

وفي سنة 1937 م أهدى الأمير مجموعة من عشرين ألف ورقة إلى نظارة الخارجية السورية، وهي حصيلة مراسلاته ومرافعاته أمام عصبة الأمم في جنيف خلال السنوات 1923 - 1936 م !!
وللأمير مؤلفات مفقودة مثل ((العرب في لبنان والقبائل العربية))، ((رسالة البلاشفة))، ((رسالة رحلة المانيا))، وغيرها.
وبعض كتاباته أخفاها الدروز وغيرهم لحاجة في نفوسهم!
يسّر الله الكريم جمع تراث الأمير ... قبل أن يضيع بعض نفائسه إلى غير رجعة!!
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

همم عالية أخرى:

قال الزركلي في ترجمة إبراهيم المازني في ((الأعلام)):
قرأ كثيراً من أدب العربية والانكليزية، وكان جلداً على المطالعة، وذكر لي أنه حفظ في صباه (الكامل للمبرد) غيباً، وكان لك سر الغنى في لغته. اهـ.

قال العلامة الطناحي :
وأبو فهر محمود محمد شاكر قرأ ((لسان العرب)) كله وهو تلميذ بالثانوي، وكذلك قرأ في الوقت نفسه كتاب ((الأغاني)) في طبعة الساسي، وهي طبعة غير مشكولة ولا مُحققة.