أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
61589 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-16-2013, 05:28 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي مقامات العبودية في النازلة

مقامات العبودية في النازلة
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
ففي قوله – تعالى - :{وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} بيان أن المقصود من الابتلاء بالنوازل رجوع العباد إلى الله – تعالى – إلى دينه وشرعه، وذلك بتجريد التوحيد إخلاصاً، وتحقيق المتابعة طاعةً، والاعتصام بالله – سبحانه – توكلاً، وتضرعاً - رغبةً ورهبةً - ، وبحبله المتين يقيناً وانقياداً، والصبر على ذلك .
فالبلاء كالنُذُر للغافلين، و(التوبة النصوح) هي المقصد الأصلي من البلاء وتكون بأمور:

1) بتعيين طريق العبودية .

2) وبسلوك الطريق بالقيام بوظائف العبودية .

3) وبحسم مادة الغفلة المانعة من تحقيق العبودية .

ودليل ذلك قوله – تعالى - : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:153].

ففي قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} تعيين طريق العبودية . وأصول هذا الطريق معرفة مصدر الشريعة (الوحي) كتاباً وسنةً منضبطاً بفهم سلف الأمة، ومعرفة مقاصدها: التوحيد والمتابعة والتزكية.

وفي قوله:{ فَاتَّبِعُوهُ } سلوك هذا الطريق المحمدي بقيامه بوظائف العبودية – فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور – فيديم ذكره لربه مع المحبة والخوف والرجاء والإخلاص والصدق وتمام التضرع والدعاء واللجوء إلى الله – تعالى - .

وفي قوله:{ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ } حسم لمادة الغفلة بقطع علائق البدع والمحدثات من الشبه والمتشابهات، وما يؤول إليها من الشهوات .
ولتحقيق هذه المعاني لا بد للعبد عند النازلة من سلوك ست مقامات تنجلي عندها كل محنة، بل تنقلب إلى منحة، وفيها من تفصيل ما أجملناه أعظم فائدة .

المقام الأول/ المفزع إلى الله وحده في الشدائد والنوازل دون غيره:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :" فَقَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ أَنَّ مَا يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ النَّوَازِلِ فِي الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ : مِثْلُ دُعَائِهِمْ عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ لِنُزُولِ الرِّزْقِ وَدُعَائِهِمْ عِنْدَ الْكُسُوفِ وَالِاعْتِدَادِ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ إنَّمَا يَدْعُونَ فِي ذَلِكَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ قَطُّ أَنْ يَرْجِعُوا بِحَوَائِجِهِمْ إلَى غَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ بَلْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ يَدْعُونَهُ بِلَا وَاسِطَةٍ فَيُجِيبُهُمْ اللَّهُ أَفَتَرَاهُمْ بَعْدَ التَّوْحِيدِ وَالْإِسْلَامِ لَا يُجِيبُ دُعَاءَهُمْ إلَّا بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ الَّتِي مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ؟ قَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إلَى ضُرٍّ مَسَّهُ } "(مجموع الفتاوى:27/98-99).

المقام الثاني/ المفزع إلى ذكر الله - المتضمن محبته ورجاءه وخوفه - عند النوازل:
قال ابن القيم – رحمه الله - : " و الذكر (منشور الولاية) الذي من أعطيه اتصل، ومن منعه عزل، وهو قوت قلوب القوم الذي متى فارقها صارت الأجساد لها قبوراً، وعمارة ديارهم التي إذا تعطلت عنه صارت بوراً، وهو سلاحهم الذي يقاتلون به قطاع الطريق، وماؤهم الذي يطفئون به التهاب الطريق، ودواء أسقامهم الذي متى فارقهم انتكست منهم القلوب والسبب الواصل والعلاقة التي كانت بينهم وبين علام الغيوب.

إذا مرضنا تداوينا بذكركم فنترك الذكر أحيانا فننتكس
به يستدفعون الآفات، ويستكشفون الكربات، وتهون عليهم به المصيبات إذا أظلمهم البلاء فإليه ملجؤهم، وإذا نزلت بهم النوازل فإليه مفزعهم. فهو رياض جنتهم التي فيها يتقلبون، ورءوس أموال سعادتهم التي بها يتجرون، يدع القلب الحزين ضاحكاً مسروراً، ويوصل الذاكر إلى المذكور بل يدع الذاكر مذكوراً "(مدارج السالكين:2/423).
المقام الثالث/ المفزع في النوازل إلى (الوحي):
روى سعيد بن منصور، من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر، أن عائشة كانت تقول: "لا بأس بأن يمس الطيب عند الإحرام، قال: فدعوت رجلاً وأنا جالس بجنب ابن عمر، فأرسلته إليها، وقد علمت قولها، ولكن أحببت أن يسمعه أبي فجاءني رسولي، فقال: إن عائشة تقول: لا بأس بالطيب عند الإحرام فأحب ما بدا لك، قال: فسكت ابن عمر". وكذا سالم بن عبد الله بن عمر يخالف أباه وجده في ذلك، لحديث عائشة. قال ابن عيينة: "أخبرنا عمرو بن دينار، عن سالم، أنه ذكر قول عمر في الطيب، ثم قال: قالت عائشة - رضي الله عنها - فذكر الحديث، قال سالم: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع". قال الحافظ: "ويؤخذ منه أن المفزع في النوازل إلى السنن، وأنه مستغنى بها عن أراء الرجال، وفيها المقنع". الفتح (3/298).
المقام الرابع/ الرجوع إلى العلماء عند النوازل:
قال ابن القيم – رحمه الله - :" العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في أحكام النوازل يقصد فيها موافقة الأدلة الشرعية حيث كانت ولا ينافي اجتهاده تقليده لغيره أحيانا فلا تجد أحدا من الأئمة إلا وهو مقلد من هو أعلم منه في بعض الأحكام وقد قال الشافعي رحمه الله ورضي عنه في موضع من الحج قلته تقليدا لعطاء فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء ويسوغ استفتاؤهم ويتأدى بهم فرض الاجتهاد " (إعلام الموقعين:4/212).

المقام الخامس/ المفزع إلى الصبر على أداء واجب الوقت في النازلة .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك أداء (واجب الصبر) مع (خلطتك بهم) دون (الهرب منهم)؛ فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه، والأفضل (خلطتهم في الخير) فهي خير من اعتزالهم فيه، (واعتزالهم في الشر) فهو أفضل من خلطتهم فيه، فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه " (مدارج السالكين:1/89).

المقام السادس/المفزع إلى العبادة امتثالاً للأوامر وتركاً للمحرمات .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " العبد - دائماً - متقلب بين (أحكام الأوامر)، (وأحكام النوازل)، فهو محتاج بل مضطر إلى (العون) عند الأوامر، وإلى (اللطف) عند النوازل.
وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصل له من اللطف عند النوازل فإن كمل القيام بالأوامر ظاهراً وباطناً ناله اللطف ظاهراً وباطناً، وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها ناله اللطف في الظاهر وقل نصيبه من اللطف في الباطن.
فإن قلت وما (اللطف الباطن)؟ فهو ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والاضطراب والجزع فيستخذى بين يدي سيده ذليلا له مستكينا ناظرا إليه بقلبه ساكنا إليه بروحه وسره قد شغله مشاهدة لطفه به عن شدة ما هو فيه من الألم وقد غيبه عن شهود ذلك معرفته بحسن اختياره له وأنه عبد محض يجري عليه سيده أحكامه رضي أو سخط فإن رضي نال الرضا وإن سخط فحظه السخط فهذا اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة الباطنة يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها"(الفوائد:203).
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-16-2013, 06:04 PM
ابو الزبيرالموصلي ابو الزبيرالموصلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: العراق الموصل
المشاركات: 734
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
«شعار أهل السنة:
اتباعُهم السلفَ الصالحَ، وتركَهم كلّ ما هو مبتدَع ومُحدَث»
قال الشيخ الحلبي معلّقاً
-«رؤية واقعية في المناهج الدعوية»(ص23)- :
«وهذا كلام عظيم يجب تأمله وفهمه، ودرايته وحفظه»
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-16-2013, 11:35 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب وبارك الله فيك .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-17-2013, 01:03 AM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

من الضروري عند الحكم على نازلة من النوازل النظر إلى حقائق الأمور، وعدم الاغترار بأسمائها، إذا الأحكام الشرعية إنما تتعلق بالحقائق والمعاني، لا بالألفاظ والمباني[ انظر: إعلام الموقعين (3/118).]
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-17-2013, 11:16 AM
أبو عبيدة يوسف أبو عبيدة يوسف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 1,344
افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك
__________________
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
" إذا أصبح العبدُ وأمسى - وليس همُّهُ إلاّ اللهَ وحدَه - تحمَّلَ اللهُ سبحانه حوائجَه كلَّها ، وحَمَلَ عنه كلَّ ما أهمَّهُ ، وفرَّغَ قلبَه لمحبّتِهِ ، ولسانهِ لذكرِهِ ، وجوارحَهُ لطاعتِهِ ، وإنْ أَصبحَ وأَمسى - والدُّنيا همُّهُ - حمَّلَه اللهُ همومَها وغمومَها وأَنكادَها ، ووكلَه إِلى نفسِهِ ، فشغلَ قلبَه عن محبَّتِهِ بمحبّةِ الخلقِ ، ولسانَه عن ذكرِهِ بذكرِهم ، وجوارحَه عن طاعتِهِ بخدمتِهم وأَشغالِهم ، فهو يكدحُ كدحَ الوحشِ في خدمةِ غيرِهِ ، كالكيرِ ينفخُ بطنَه ويعصرُ أَضلاعَه في نفعِ غيرِهِ !
فكلُّ مَنْ أَعرضَ عن عبوديّةِ اللهِ وطاعتِهِ ومحبّتِهِ بُلِيَ بعبوديّةِ المخلوقِ ومحبّتِهِ وخدمتِه ، قال تعالى : { ومنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الرَّحمنِ نُقَيِّضْ له شيطاناً فهو له قرين } [الزخرف :36 ] "
فوائد الفوائد ( ص 310 )
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-21-2013, 05:06 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

بورك فيكم أحبابي على مروركم الميمون، وجزاكم الله خيراً
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-16-2013, 08:45 AM
الأثري العراقي الأثري العراقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: العراق
المشاركات: 2,016
افتراضي

بوركتَ أبا زيدٍ ..
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-17-2013, 08:57 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

الأخوان الفاضلان
أبو الحارث باسم خلف
والأثري العراقي
جزاكما ربي خيرا وبورك فيكما
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-08-2013, 04:53 PM
ابو يعقوب الكويتي ابو يعقوب الكويتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 216
افتراضي

راقي جزاك الله كل خير أبازيد
__________________
قال ابن قتيبة:«مسألة لم يجعلها الله –تعالى- أصلاً في الدين، ولا فرعاً! في جهلها سَعَةٌ ، وفي العلم بها فضيلةٌ؛ فنَمَى شرُّها، وعَظُم شأنُها ؛ حتى فرَّقت جماعتَهم ، وشتَّتت كلمتَهم ، ووهَّنَت أمرَهم ، وأشمَتَت حاسديهم ، وَكَفَتْ عدوَّهم مُؤْنَتَهُم -بألسنتهم ، وعلى أيديهم-»-
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-28-2013, 10:15 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


أخي الحبيب أبا يعقوب
زادك ربي رفعة وجزاك الله خيرا

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.