أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
26986 151323

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-01-2016, 11:39 PM
أم سُليم أم سُليم غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 13
افتراضي ما مدى صحة قصة مقتل مِجْذَرُ بْنُ زِيَادٍ غيلة ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال الامام ابن العر بي في كتابه أحكام القرآن في أوائل سورة البقرة :
"وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ، فَقَدْ قَتَلَ بِالْمُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ بِعِلْمِهِ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد بْنِ الصَّامِتِ؛ لِأَنَّ الْمُجَذِّرَ قَتَلَ أَبَاهُ سُوَيْدًا يَوْمَ بُعَاثَ، فَأَسْلَمَ الْحَارِثُ، وَأَغْفَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ الْحَارِثُ فَقَتَلَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ كَانَ غِيلَةً، وَقَتْلُ الْغِيلَةِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ." اه.
ثم بعد بحث قصير على الشبكة وجدت هذا الحديث :


"رقم الحديث: 14761
(حديث مرفوع) أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، ثنا الْوَاقِدِيُّ ، فِي ذِكْرِ مَنْ قُتِلَ بِأُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : وَمِجْذَرُ بْنُ زِيَادٍ قَتَلَهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ غِيلَةً ، وَكَانَ مِنْ قِصَّةِ مِجْذَرِ بْنِ زِيَادٍ ، أَنَّهُ قَتَلَ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَسْلَمَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ وَمِجْذَرُ بْنُ زِيَادٍ ، فَشَهِدَا بَدْرًا ، فَجَعَلَ الْحَارِثُ يَطْلُبُ مِجْذَرًا لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْجَوْلَةَ أَتَاهُ الْحَارِثُ مِنْ خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حَمْرَاءَ الأَسَدِ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَتَاهُ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ قَتَلَ مِجْذَرَ بْنَ زِيَادٍ غِيلَةً ، وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ ، فَلَمَّا رَآهُ دَعَا عُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ ، فَقَالَ : " إِذَا قَدِمَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ بِالْمِجْذَرِ بْنِ زِيَادٍ ، فَإِنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ غِيلَةً ، فَأَخَذَهُ عُوَيْمٌ ، فَقَالَ الْحَارِثُ : دَعْنِي أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَبَى عَلَيْهِ عُوَيْمٌ فَجَابَذَهُ يُرِيدُ كَلامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ ، فَجَعَلَ الْحَارِثُ ، يَقُولُ : قَدْ وَاللَّهِ قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا كَانَ قَتْلِي إِيَّاهُ رُجُوعًا عَنِ الإِسْلامِ ، وَلا ارْتِيَابًا فِيهِ ، وَلَكِنَّهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ ، وَأَمْرٌ وُكِلْتُ فِيهِ إِلَى نَفْسِي ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَأُخْرِجُ دِيَتَهُ وَأَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، وَأَعْتِقُ رَقَبَةً ، وَأُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، إِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَجَعَلَ يُمْسِكُ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَنُو مِجْذَرٍ حُضُورٌ ، لا يَقُولُ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا . حتَّى إِذَا اسْتَوْعَبَ كَلامَهُ ، قَالَ : قَدِّمْهُ يَا عُوَيْمُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ " السنن الكبرى للبيهقي "

و المطلوب مدى صحة هذه الحادثة جزاكم الله خيرا .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-06-2016, 01:54 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم سُليم مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قال الامام ابن العر بي في كتابه أحكام القرآن في أوائل سورة البقرة :
"وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ، فَقَدْ قَتَلَ بِالْمُجَذِّرِ بْنِ زِيَادٍ بِعِلْمِهِ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْد بْنِ الصَّامِتِ؛ لِأَنَّ الْمُجَذِّرَ قَتَلَ أَبَاهُ سُوَيْدًا يَوْمَ بُعَاثَ، فَأَسْلَمَ الْحَارِثُ، وَأَغْفَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ الْحَارِثُ فَقَتَلَهُ، فَأَخْبَرَ بِهِ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ كَانَ غِيلَةً، وَقَتْلُ الْغِيلَةِ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ." اه.
ثم بعد بحث قصير على الشبكة وجدت هذا الحديث :


"رقم الحديث: 14761
(حديث مرفوع) أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، أنبأ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَطَّةَ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، ثنا الْوَاقِدِيُّ ، فِي ذِكْرِ مَنْ قُتِلَ بِأُحُدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، قَالَ : وَمِجْذَرُ بْنُ زِيَادٍ قَتَلَهُ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ غِيلَةً ، وَكَانَ مِنْ قِصَّةِ مِجْذَرِ بْنِ زِيَادٍ ، أَنَّهُ قَتَلَ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَسْلَمَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ وَمِجْذَرُ بْنُ زِيَادٍ ، فَشَهِدَا بَدْرًا ، فَجَعَلَ الْحَارِثُ يَطْلُبُ مِجْذَرًا لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَجَالَ الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْجَوْلَةَ أَتَاهُ الْحَارِثُ مِنْ خَلْفِهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حَمْرَاءَ الأَسَدِ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَتَاهُ جِبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ قَتَلَ مِجْذَرَ بْنَ زِيَادٍ غِيلَةً ، وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ ، فَلَمَّا رَآهُ دَعَا عُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ ، فَقَالَ : " إِذَا قَدِمَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ بِالْمِجْذَرِ بْنِ زِيَادٍ ، فَإِنَّهُ قَتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ غِيلَةً ، فَأَخَذَهُ عُوَيْمٌ ، فَقَالَ الْحَارِثُ : دَعْنِي أُكَلِّمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَبَى عَلَيْهِ عُوَيْمٌ فَجَابَذَهُ يُرِيدُ كَلامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَهَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ ، فَجَعَلَ الْحَارِثُ ، يَقُولُ : قَدْ وَاللهِ قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا كَانَ قَتْلِي إِيَّاهُ رُجُوعًا عَنِ الإِسْلامِ ، وَلا ارْتِيَابًا فِيهِ ، وَلَكِنَّهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ ، وَأَمْرٌ وُكِلْتُ فِيهِ إِلَى نَفْسِي ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِ اللهِ ، وَأُخْرِجُ دِيَتَهُ وَأَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ، وَأَعْتِقُ رَقَبَةً ، وَأُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، إِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَجَعَلَ يُمْسِكُ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَنُو مِجْذَرٍ حُضُورٌ ، لا يَقُولُ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا . حتَّى إِذَا اسْتَوْعَبَ كَلامَهُ ، قَالَ : قَدِّمْهُ يَا عُوَيْمُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ " السنن الكبرى للبيهقي "

و المطلوب مدى صحة هذه الحادثة جزاكم الله خيرا .
وإياكم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ابنتي الحبيبة أم سُليم، حيــّــاكِ الله وبيــّــاك يا الغاليـــــة، وشكر لك حرصك وسؤالك عن صحة الدليل، بارك الله فيك وفي جهودك، وزادك الله فضلًا وعلمًا.

لقد أورد الإمام البيهقي هذه القصة حول قتل الغيلة في السنن الكبرى باب : مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الواقدي.

وقد اخْتُلِفَ في الواقدي، وأما روايته ففي سندها انقطاع ومجهول وهو اليمان بن معن، كما جاء عنها في أبحاث هيئة كبار العلماء في الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، عند ذكرها في : (المجلد الثالث صفحة رقم : 423)، وقد أجمعوا على ضعفها.

وأورِدُ فيما يلي جزءًا من البحث الذي تناول هذا الموضوع الهام، والذي نحن بحاجة ماسّة إلى معرفة أحكامه، في زمن كثر فيه القتل والاغتيال، واختلط فيه الحابل بالنابل - إلا من رحم -.

جزى الله هيئة كبار العلماء ومشايخنا الكرام من أهل السنة، فهم منارات الهدى على الطريق في الأيام الحالكات، وأثقل الله لهم وإياكم الموازين في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-06-2016, 02:48 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي فتوى هيئة كبار العلماء حول قتل الغيلـــــة

أبحاث هيئة كبار العلماء

> المجلد الثالث - إصدار : سنة 1421 هـ - 2001 م > قتل الغيلة > خلاف الفقهاء فيما يوجبه من القتل حدًا أو قودا.

وقال ابن القيم :
[قَتْلُ الغيلة يوجب قتل القاتل حدًا، فلا يسقطه العفو، ولا تعتبر فيه المكافأة، قال أيضا: وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد، اختاره شيخنا وأفتى به.

وأما سماحة مفتي الديار السعودية رحمه الله فقد كتب في قضية امرأة قتلت زوجها غيلة خطابا إلى إمارة منطقة الرياض بعدد (365) وتاريخ 21/ 6/ 1379هـ جاء فيه ما نصه :

إنه بناء على اعترافها، وكون قتلها للرجل غيلة فإنه يتحتم قتلها، وحيث الحال ما ذكره فإنه لا يلتفت إلى ما أبداه الأولياء ووكيل الأم، بل لا بد من قتلها شرعا؛ لأجل حق الله، ثم ساق كلام شيخ الإسلام وابن القيم السابق.

واستدل لهذا القول بالكتاب والسنة والأثر والمعنى :

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 419)

أما الكتاب: فقوله تعالى : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا}. [1]

قال ابن القاسم : [وقتل الغيلة من الحرابة]. [2]
وهو قول مالك. [3]

وقد أجاب ابن حزم عن ذلك فقال : [وجدنا أن الله - تعالى قد حد الحرابة : {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ}.

فلا تخلو هذه الآية أن تكون على الترتيب أو التخيير، فإن كانت على الترتيب فالمالكيون لا يقولون بهذا، وإن كانت على التخيير- وهو قولهم - فليس في الآية ما يدعونه من أن قاتل الحِرابة والغيلة لا خيار فيه لولي القتيل، فخرج قولهم : أن يكون له متعلق أو سبب يصح فبطل ما قالوه].
[4]


يتبع إن شاء الله - تعالى -.

________

[1]. وتمام الآية : {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۞ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة المائدة 33 - 34].
[2]. [تبصرة الحكام 2/ 243].
[3]. [المدونة 16/ 230 و المنتقى 7/ 117 وجامع البيان في تفسير القرآن لابن جرير 5 - 6 / 210] و [تفسير ابن كثير 2/ 54].
[4]. [المحلى 10/ 520].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-06-2016, 03:00 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وأما السنة : فمن ذلك ما يلي:

أ-
ما أخرجه البخاري ومسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: لما قدم رهط من عرينة وعكل على النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتووا المدينة، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها ففعلوا، فلما صحوا عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم، واستاقوا الإبل، وحاربوا الله ورسوله، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم، فأخذوا، فقطع

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 420)

أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم وألقاهم في الشمس حتى ماتوا}. [1]

قال ابن القيم : وهذا الحديث- أيضا - يدل على أن قتل الغيلة يوجب قتل القاتل حدا، فلا يسقطه العفو، ولا تعتبر فيه المكافأة. [2].

وقد أجاب ابن حزم عن الاستدلال بهذا الحديث بعد جوابه عن حديث اليهودي الذي رض رأس الجارية بين حجرين - فقال: وأما حديث العرنيين فلا حجة لهم فيه أيضا لما ذكرنا في هذا الخبر، سواء بسواء، من أنه ليس فيه أنه عليه الصلاة والسلام لم يشاور أولياء الرعاة إن كان لهم أولياء، ولا أنه قال لا خيار في هذا لولي المقتول، فإذا ليس فيه شيء من هذا، فلا حجة لهم ولا لنا بهذا الخبر في هذه المسألة خاصة، فوجب علينا طلب حكمها بموضع آخر.

ثم هذا الخبر حجة عليهم؛ لما روينا من طريق مسلم، نا يحيى بن يحيى التميمي، نا هشيم عن عبد العزيز بن صهيب وحميد، عن أنس : أن أناسا من عرينة قدموا، وذكر الحديث، وفيه: أنهم قتلوا الرعاة وارتدوا عن الإسلام- وساقوا ذود رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث في آثارهم، فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتركهم في الحرة حتى ماتوا.

قال أبو محمد : فهؤلاء ارتدوا عن الإسلام، والمالكيون هم على خلاف هذا الحكم من وجوه ثلاثة:

أحدها : أنه لا يقتل المرتد عنده، ولا عندنا هذه القتلة أصلا.

والثاني : لا يقتص عندهم من المرتد، وإنما هو عندهم القتل أو الترك إن تاب.


(الجزء رقم : 3 ، الصفحة رقم :( 421)

والثالث : أنهم يقولون باستتابة المرتد، وليس في هذا الحديث ذكر استتابته البتة، فعاد حجة عليهم، ومخالفا لقولهـم في هذه المسألة وغيرها]. [3].

وذكر جوابا آخر بقوله: قد يمكن أن يكونوا غرباء لا ولي لهم. [4].

ب- ما ثبت في الصحيحين، عن أنس بن مالك : أن يهوديا رضَّ رأس جارية بين حجرين على أوضاح لها أو حلي فأخذ واعترف، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين .

قال ابن القيم في أثناء الكلام على فقه هذا الحديث - قال: [وإن قتل الغيلة لا يشترط فيه إذن الولي؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدفعه إلى أوليائها، ولم يقل : إن شئتم فاقتلوه، وإن شئتم فاعفوا عنه، بل قتله حتما.

وأورد رحمه الله اعتراضا، وأجاب عنه، فقال: [ومن قال: إنه فعل ذلك لنقض العهد لم يصح، فإن ناقض العهد لا يرض رأسه بالحجارة، بل يقتل بالسيف. [5].

وقد يقال : إن هذا الحديث يدل على قتل الرجل بالمرأة قصاصا .

وأجاب عن ذلك الأبي فقال : [في الاحتجاج به على ذلك ضعف؛ لأن قتله لها إنما كان غيلة، وقتل الغيلة حرابة.
[6].

يتبع إن شاء الله - تعالى -.

__________
[1]. [صحيح البخاري. الجهاد والسير3018] و [صحيح مسلم. القسامة والمحابين والقصاص والديات 1671].
[2]. [زاد المعاد 3/ 79].
[3]. [المحلى 10/ 520]..
[4]. [المحلى 10/ 521].
[5]. [زاد المعاد 2/ 200].
[6]. [إكمال أكمل المعلم شرح صحيح مسلم 4/ 413 – 414]..
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-06-2016, 03:26 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وقد أجاب ابن حزم أيضا عن الاحتجاج بهذا الحديث فقال: [أما حديث اليهودي الذي رضخ رأس الجارية على أوضاحها فليس فيه أن رسول الله


(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 422)

- صلى الله عليه وسلم - لم يشاور وليها، ولا أنه شاوره، ولا أنه قال : أختار لولي المقتول في الغيلة أو الحرابة، فإذا لم يقل ذلك عليه الصلاة والسلام فلا يحل لمسلم أن ينسب ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكذب عليه، ويقول عليه ما لم يقل، فكيف وهذا الخبر حجة عليهم، فإنهم لا يختلفون في أن قاتل الغيلة أو الحرابة لا يجوز البتة أن يقتل رضخا في الرأس بالحجارة وحدها، وهذا لا يقوله أحد من الناس، فصح يقينا إذ قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضخا بالحجارة أنه إنما قتله قودا بالحجارة، وإذا قتله قودا بها فحكم قتل القود: أن يكون بالخيار في ذلك، أو العفو للولي.
وإذ ذلك كذلك بلا شك، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين). . . إلى آخره، فنحن على يقين من أن فرضا على كل أحد أن يضم هذا الحكم إلى هذا الخبر، وليس سكوت الرواة عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير وليها يسقط ما أوجبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القتل من تخيير وليه، بل بلا شك في أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يخالف ما أمر به. ولا يخلو هذا مما ذكرنا من قبول الزيادة المروية في سائر النصوص أصلا. ولو كان هذا الفعل تخصيصًا أو نسخا؛ لبينه - عليه الصلاة والسلام -، فبطل تعلقهم به]. [1].

وذكر جوابا آخر بقوله: قد يكون للأنصارية ولي صغير لا خيار له فاختار النبي صلى الله عليه وسلم القود. لو صح أنه عليه الصلاة والسلام لم يخير الولي فكيف وهو لا يصح أبدا؟! ]. [2]



(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 423)

ج- ما رواه البيهقي بسنده إلى الواقدي، وسنده عند الواقدي : حدثني اليمان بن معن، عن أبي وجزة في ذكر من قتل بأحد من المسلمين ، قال: مجذر بن زياد قتله الحارث بن سويد غيلة، وكان من قصة مجذر بن زياد أنه قتل سويد بن الصامت في الجاهلية، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أسلم الحارث بن سويد بن الصامت، فشهدا بدرا، فجعل الحارث يطلب مجذرا؛ ليقتله بأبيه، فلم يقدر عليه يومئذ ، فلما كان يوم أحد وجال المسلمون تلك الجولة، أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم خرج إلى حمراء الأسد، فلما رجع أتاه جبريل عليه السلام فأخبره: أن الحارث بن سويد قتل مجذر بن زياد غيلة، وأمره بقتله، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قباء، فلما رآه دعا عويم بن ساعدة فقال: قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بالمجذر بن زياد، فإنه قتله يوم أحد غيلة، فأخذه عويم، فقال الحارث : دعني أكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبى عليه عويم، فجابذه يريد كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يركب - إلى أن قال : - حتى إذا استوعب كلامه قال: قدِّمه يا عويم، فاضرب عنقه ، فضرب عنقه].

وقد اعترض على الاستدلال بهذا الحديث بقول الشافعي : [ولو كان حديثه - أي: حديث مِجذر هذا - مما يثبت قلنا به، فإن ثبت فهو كما قالوا، ولا أعرفه إلى يومي هذا]. [3].


(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 424)

وقول البيهقي : [إنما بلغنا قصة مجذر بن زياد من حديث الواقدي منقطعا وهو ضعيف].[4].


يتبع إن شاء الله - تعالى -.

___________
[1] [المحلى 10/ 520].
[2] [المحلى 10/ 521].
[3]. [السنن الكبرى 8/ 56]..
[4]. [السنن الكبرى 8/ 57].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-06-2016, 03:59 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وأما الآثار : فمن ذلك ما يلي :

أ- ما روى مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب :
أن عمر بن الخطاب قتل نفرًا خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه غيلة، وقال عمر : [لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا]. [1]

وقد ذكره البخاري من طريق آخر، فقال: قال لي ابن بشار : حدثنا يحيى بن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن غلاما قتل غيلة، فقال عمر : (لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به). [2].

ب- ما رواه ابن حزم قال: وذكروا ما حدثناه أحمد بن عمر، نا الحسين بن يعقوب، نا سعيد بن فلحون، نا يوسف بن يحيى المعافري، نا عبد الملك بن حبيب، عن مطرف، عن ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب الهذلي : أن عبد الله بن عامر كتب إلى عثمان بن عفان : أن رجلا من المسلمين عدا على دهقان فقتله على ماله، فكتب إليه عثمان أن اقتله به، فإن هذا قتل غيلة على الحرابة.

ج- وبه - أي: بالسند السابق- إلى عبد الملك بن حبيب، عن مطرف، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن : أن رجلا مسلما في زمان أبان بن عثمان

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 425)

بن عفان قتل نبطيًا بذي حميت على مال معه، فرأيت أبان بن عثمان أمر بالمسلم فقتل بالنبطي؛ لقتله إياه غيلة، فرأيته حتى ضرب عنقه.

د- وعن عبد الملك بن حبيب، عن مطرف بن أبي الزناد، عن أبيه أنه شهد أبان بن عثمان إذ قتل مسلما بنصراني قتله غيلة.

وقد أجاب ابن حزم عن أثر عثمان بقوله : وأما الرواية عن عثمان فضعيفة جدا؛ لأنها عن عبد الملك بن حبيب، وهو ساقط الرواية جدا، ثم عن مسلم بن جندب، ولم يدرك عثمان، وأيضا فلا حجة في قول أحد دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكم قصة خالفوا فيها عثمان - رضي الله عنه - بأصح من هذا السند؛ كقضائه في ثلث الدية فيمن ضرب آخر حتى سلح، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم، ومن المحال أن يكون ما لم يصح عنه حجة في إباحة الدماء، ولا يكون ما صح عنه حجة في غير ذلك]. [3].

وأما المعنى : فإن قتل الغيلة حق لله. وكل حق تعلق به حق الله تعالى فلا عفو فيه، كالزكاة وغيرها. [4]. لأنه يتعذر الاحتراز منه، كالقتل مكابرة. [5].

وقد تبين مما تقدم أن أثر الخلاف بين الفريقين: قبول العفو من أولياء الدم بناء على القول بأنه يقتل قصاصا، وعدم قبول العفو بناء على القول بأنه يقتل حدا.


يتبع إن شاء الله - تعالى -.


___________
[1] [الموطأ، رواية يحيى بن يحيى الليثي بشرح الباجي 7/ 115].
[2]. [صحيح البخاري]، ومعه [فتح الباري]، (12/ 191)، ويرجع أيضا إلى [السنن الكبرى]، للبيهقي (8/ 41)، و [المصنف]، لعبد الرزاق (9/ 476 - 479].
[3]. [ المحلى 10/ 521].
[4]. [الفروع 5/ 669]
[5]. [الفروع 5/ 669]..
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-06-2016, 04:09 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 426)

الخلاصة

قتل الغيلة :

تطلق الغيلة لغة :
على أخذ الشيء من حيث لا يدري، فهي متضمنة معنى الختل والغرة والخداع والخفاء، وهي اسم هيئة من الغول بمعنى: الاغتيال والإهلاك.
يقال: غاله يغوله، إذا أخذه من حيث لم يدر، ومن ذلك سمي السيف الدقيق مغولا، لأنه يستتر بقراب حتى لا يدرى ما فيه.
وسميت المفازة المتباعدة الأطراف غولا، لأنها تغتال من مر بها.
وتطلق لغة أيضا على رضاع الولد المرأة الحامل أو التي جامعها زوجها مثلا.

والقتل غيلة: في اللغة : هو القتل على غرة، أو مع ختل وخداع، يقال: قتله غيلة إذا ختله وخدعه فقتله من حيث لا يعلم.

أما عند الفقهاء : فقد اختلف رأيهم فيه: فمنهم من خصه بالقتل خفية لأخذ المال.
ومنهم من قال: هو قتل شخص لأخذ ما معه من مال أو زوجة أو أخت ونحو ذلك.
ومنهم من توسع فيه، فقال: إنه القتل على وجه التحيل والخديعة، أو على وجه القصد الذي لا يحتمل معه الخطأ.

ويمكن أن يقال: إن هذا الأخير هو مذهب مالك وأصحابه، وما نقل عنهم من التعبير بالقتل على مال محمول على التمثيل لا الحصر، بدليل تعميمهم في كثير من عباراتهم، وتصريح ابن القاسم بجعل القتل على مال مثالا للقتل غيلة. [1] [السطر الأول من ص 25 مِن الإعداد].، وإدخالهم القتل على وجه القصد الذي لا يحتمل معه الخطأ في

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 427)

قتل الغيلة، كقتل المدلجي ولده؛ ولذا أوجب فيه مالك قتل الوالدين لولدهما؛ لكونه قتل غيلة عندهم وإن لم يكن على مال.
وأما من اشترط من المالكية في قتل الغيلة : أن يكون على مال فهو بعض المتأخرين. [2] [ص 25 مِن الإعداد].

ومقتضى استدلال ابن تيمية التعميم، حيث علل ذلك بقوله: لتعذر الاحتراز كالقتل، فيمكن أن يحمل ما نقل عنه من ذكر المال ونحوه على التمثيل.

وكذا تسمية العلماء ما جاء في أثر عمر من قتل الجماعة للغلام خشية أن يفضحهم قتل غيلة.

ولم يكن ذلك على مال ولا لأخذ شيء من الغلام، وقد استدل المالكية بهذا الأثر على مطلوبهم من أن من قتل غيره غيلة يقتل حدّا، ولم ينكر من خالفهم أنه غيلة، وإنما تأولوا الأثر بما يتفق مع ما ذهبوا إليه من أن قتلهم كان قصاصا.

هذا ومهما يكن من الاختلاف في ضابط قتل الغيلة فلا أثر له بالنسبة لمن لم يفرق بين أنواع القتل العمد العدوان في إيجابها القصاص دون الحد، وقبول عفو أولياء الدم في ذلك، إنما يظهر أثر الاختلاف في ضابط قتل الغيلة بالنسبة لمن فرق بين جزاء من قتل غيلة ومن قتل عمدا غير غيلة، فقد يكون قتل غيلة تترتب عليه آثاره عند بعضهم ما لا يكون غيلة عند آخرين فلا تترتب عليه آثاره.

___________
[1] [السطر الأول من ص 25 مِن الإعداد].
[2] [ص 25 مِن الإعداد].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-09-2016, 12:16 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

أبحاث هيئة كبار العلماء

تصفح برقم المجلد > المجلد الثالث - إصدار : سنة 1421 هـ - 2001 م > قتل الغيلة > الخلاف بين الفقهاء فيما يوجبه قتل الغيلة


الخلاف بين الفقهاء فيما يوجبه قتل الغيلة :

اختلف الفقهاء فيما يوجبه قتل الغيلة: فقال الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية: إنه يوجب القتل قصاصا كسائر أنواع القتل عمدا عدوانا،

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 428)

وعليه يكون الحق في قتل الجاني لأولياء الدم من ورثة القتيل أو عصبته، فيجب تنفيذه إن اتفقوا على ذلك، ويسقط بعفوهم أو عفو بعضهم، وقال أبو الزناد ومالك وابن تيمية وابن القيم ومن وافقهم: إنه يوجب قتل الجاني حدا لا قودا، فيتولى تنفيذه السلطان أو نائبه، ولا يسقط بعفو أحد، لا السلطان ولا غيره.

استدل من قال: إنه يقتل قصاصا بالكتاب والسنة والإجماع والقياس:

أما الكتاب : فعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}. قالوا: جعل الله سبحانه الحق في الدم لأولياء القتيل من ورثة أو عصبة دون غيرهم، وعمم في ذلك فلم يخص قتلا دون قتل، والأصل بقاء النص على عمومه حتى يرد ما يصلح لتخصيصه.

وأيضا عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}.

فحكم تعالى في عموم القتلى بوجوب القصاص إلا ما خصه الدليل، فأوجب فيه الدية أو لم يوجب فيه شيئا، كما عمم تعالى في العفو بقوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ فلم يخص به قتلا دون قتل، فوجب تعميمه في كل قتل عمد عدوان، غيلة كان

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 429)

أم غير غيلة.

ونوقش الاستدلال بالآيتين : بأنهما وإن كان ظاهرهما العموم إلا أنه قد ورد ما يصلح لتخصيص عمومهما، وسيأتي مناقشة المخصص عند الاستدلال به للقول الثاني.

ونوقش الاستدلال بالآية الثانية : بأنها نزلت في مقاصة بين قتلى بالفعل في حرب فتنة بين المسلمين، فمن بقي له قتلى بعد المقاصة أخذ ديتهم، وليست في القصاص من جانٍ مُعين لقتيله، ممن اختار تفسيرها بذلك ابن تيمية رحمه الله.

وأما السنة : فعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن قُتِلَ له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين: إما أن يأخذوا العقل، أو أن يقتلوا)، فجعل عليه الصلاة والسلام الخِيَرَة لأهل القتيل بين العقل والقصاص في كل قتل، غيلة كان أم غير غيلة.

وأما الإجماع : فما رواه أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي برجل قد قتل عمدا فأمر بقتله بعد عفو بعض الأولياء، فقال ابن مسعود رضي الله عنه: كانت لهم النفس فلما عفا هذا أحيا النفس، فلا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره، قال: فما ترى؟ قال: أرى أن تجعل الدية عليه في ماله، وترفع حصة الذي عفا، فقال عمر : وأنا أرى ذلك، فأجاز عمر وابن مسعود العفو من أحد الأولياء، ولم يسألا: أقتل غيلة كان ذلك أم غيره، ولم يعرف لهما في ذلك مخالف، فكان إجماعا.

ونوقش : بأنه منقطع، لأن إبراهيم - هو ابن يزيد النخعي ولد سنة 50 هـ،

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 430)

وعمر مات سنة 23 هـ وعليه فما ادعي من الإجماع غير صحيح؛ لأنه سكوتي لا قولي ولا عملي، والسكوتي هنا فرع ثبوت القضية وهي لم تثبت، ويمكن أن يناقش أيضا: بأن عدم الاستفسار بناء على أن الأصل عموم القصاص في كل قتل عمد عدوان.

وأيضا ما روى عبد الرزاق عن سماك بن الفضل : أن عروة كتب إلى عمر بن عبد العزيز في رجل خنق صبيا على أوضاح له حتى قتله فوجدوه والحبل في يده، فاعترف بذلك، فكتب: أن ادفعوه لأولياء الصبي، فإن شاءوا قتلوه. ولم يسأل عمر عن صفة القتل أهو غيلة أم لا؟ ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعا.

ونوقش : بأن فيه عنعنة عبد الرزاق بن همام وهو مدلس.

ونوقش الأثران : بأن كلا منهما واقعة عين لا عموم لها، ودعوى ترك السؤال مجرد احتمال لا دليل عليه، إذ ليس في كل من الأثرين ثبوت السؤال ولا نفيه، ومع تساوي الاحتمالين يسقط الاستدلال.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-09-2016, 12:20 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

أما القياس : فقالوا فيه: إنه قتل في غير حرابة، فكان كسائر أنواع القتل في إيجاب القصاص وقبول العفو؛ لعدم الفارق.

ونوقش : بوجود الفارق، بأنه من الحرابة أو كالحرابة، ويتبين ذلك مما يأتي في الاستدلال للقول الثاني إن شاء الله.

واستدل من قال : إن قتل الغيلة يقتل فيه الجاني حدًا لا قودًا فلا يسقط بالعفو من السلطان أو غيره بالكتاب والسنة والإجماع والقياس:

أما الكتاب : فإن قتل الغيلة نوع من الحرابة، فوجب به القتل حًدا لا قودًا؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآية .


الجزء رقم : 3 ، الصفحة رقم : (431)

ونوقش : بمنع كونه نوعًا من الحرابة.

وأما السنة : أ. ما ثبت أن جارية وجدت قد رض رأسها بين حجرين، فسألوها : من صنع هذا بك؟ فلان؟ فلان؟‍‍‍ حتى ذكروا يهوديا، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضوا رأسه بالحجارة.

قالوا : قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل اليهودي، ولم يجعل ذلك إلى أولياء الجارية، ولو كان القتل قصاصا لكان الحق لأوليائها، ولم يضرب عنهم صفحا، فدل ذلك على أنه قتله حدا لا قودا.

ب. ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل العرنيين الذين قتلوا الرعاة قتل حرابة وغيلة، ولم ينقل أنه جعل لأولياء الرعاة الخيار، ولو كان قتله إياهم قصاصا لشاورهم وطلب رأيهم، فدل على أنه قتلهم حدا لا قودا.

وبذلك يتبين أن قتل الغيلة له حكم خاص يختلف عن حكم سائر القتل العمد العدوان.

ونوقش الاستدلال بالحديثين :
بأن عدم نقل مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الجارية والرعاة لا يدل على عدم المشاورة ولا على ثبوتها، فلا يصح أن يخصص هذان الحديثان أدلة عموم القصاص بالقتل العمد العدوان، ثم إن العرنيين جمعوا بين جريمة القتل والسرقة والتمثيل أو الردة فقتلوا حدا، ولا يلزم منه أن يقتل حدا كل من لم يحصل منه إلا القتل وحده وإن كان غيلة. ثم مراعاة المماثلة في تنفيذ العقوبة دليل على أن قتل اليهودي

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 432)

بالجارية كان قصاصا.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-09-2016, 12:32 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

ج. مما رواه الواقدي قال : حدثني اليمان بن معن، عن أبي وجزة قال: دفن ثلاثة نفر يوم أحد في قبر: النعمان بن مالك، ومجذر بن زياد وعبدة بن الحسحاس، ثم ذكر قصة قتل مِجذر بن زياد، وفيها: أن الحارث بن سويد قتل مجذر بن زياد يوم أحد غيلة بأبيه سويد بن الصامت الذي قتله مجذر بن زياد في الجاهلية غدرا، وكان ذلك مما هيج وقعة بعاث، فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحارث قتل مجذرا غيلة، وأمره بقتله، فلما جاء الحارث بن سويد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عويم بن ساعدة أن يضرب عنقه بقتله مجذرا غيلة، وبنو مجذر حضور عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستشر أحدا منهم.
قال المستدلون بالقصة: دل ذلك على أن القاتل غيلة يقتل حدا لا قودا، ولا عفو فيه لأولياء الدم ولا للسلطان.

ونوقش : بأن الواقدي مختلف فيه، فوثقه جماعة، وضعفه آخرون، بل رماه جماعة بالكذب في الحديث ووضعه، منهم أحمد بن حنبل والنسائي، وأيضا في سنده اليمان بن معن وهو مجهول، وأيضا في سنده انقطاع.[يرجع إلى ص 31 من الإعداد].

وعلى ذلك لا تقوم به حجة، ولا يصلح لتخصيص عموم أدلة القول الأول.


وأما الآثار : فمنها أولا : ما ثبت أن عمر رضي الله عنه أمر بقتل جماعة اشتركوا في قتل غلام غيلة بصنعاء وقال: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم

(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 433)

به، وفي رواية: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا، فهذا حكم الخليفة الراشد في قتل الغيلة، ولم ينقل أنه استشار أحدا من أولياء الدم، ولو كان لهم حق العفو لرد الأمر إليهم، وطلب رأيهم، ولم ينقل أن أحدا من الصحابة أنكر عليه فكان إجماعا.

ونوقش : بأنه لا يلزم من عدم النقل عدم الاستشارة. ولا عدم وجود من ينكر، فلا يتم الاستدلال بالأثر على إسقاط حق أولياء الدم في العفو، ولا على ثبوت الإجماع. وتأول ابن قدامة قول عمر : لأقدتهم به) على معنى: لأمكنت الولي من استيفاء القود منهم.

ثانيا : ما روي أن عبد الله بن عامر كتب إلى عثمان بن عفان أن رجلا من المسلمين عدا على دهقان فقتله على ماله. فكتب إليه عثمان أن اقتله به، فإن هذا قتل غيلة.

ورد بأن في سنده عبد الملك بن حبيب الأندلسي، وهو ضعيف، وفي سنده أيضا مسلم بن جندب الهذلي، ولم يدرك عثمان، فكان الأثر منقطعا.

ثالثا : ما روي أن رجلا مسلما في زمن أبان بن عثمان أمر بالمسلم فقتل بالنبطي؛ لقتله إياه غيلة، فرأيته حتى ضربت عنقه، ولم ينقل أنه استشار أولياء الدم، ولا أن أحدا أنكر عليه فكان إجماعا.

ورد بأن في سنده عبد الملك بن حبيب، وهو ضعيف، كما أن فيه ما تقدم من مناقشة الاستدلال بأمر عمر .
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.