أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
81039 86507

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-29-2017, 11:47 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي لفيلسوف الفقيه ابن رشد

الفيلسوف الفقيه ابن رشد
محمد علي الجوني·29 أكتوبر، 2017

استفتح الشيخ محمد الجامي رحمه الله كتابه عن ابن رشد بترجمة مختصرة له، وقد أشار فيها إلى أنّه لم يتلقّ الفلسفة عن ابن باجه ولا ابن طفيل ولا غيرهم من المتمهرين في هذا الفن، إنما تعلم فلسفة أرسطوا بالنظر وطول العكوف على كتبه.
وقد أشار الشيخ في آخر ترجمة ابن رشد إلى أنّه شخصية غريبة، يحتار المرء في تحديده، فتراه فقيها واسع الاطلاع على أقوال الفقهاء مع قدرة على الترجيح بينها، وتراه في مواضع يتحدث عن مذهب السلف ويثني عليه خيرا، ثم تراه ينزلق فيلسوفا لا يعول على الأدلة النقلية بل يحكم بما يدّعي أنّه براهين عقلية.

ثم بيّن الشيخ أن العقل هو الذي دلنا على معرفة الله وعلى أنّ محمدا رسول الله حقا، فأيّ معارضة تُفرض بين العقل وبين ما جاء به الكتاب والسنّة، أو ردّ خبر الله وخبر رسوله بحجة مخالفتهما للعقل، تُعتبر مناقضة صريحة لما دلّ عليه العقل نفسه.

يعتب ابن رشد على علماء الكلام في تأويلهم لنصوص الكتاب والسنة، ويعلن أمام الرأي العام أن تأويلهم هو الذي غيّر الشريعة وبدل معالمها وأفسد على الناس مفهومها، وإذا قلّبت النظر في أمره فتجد أنّ عتابه لا ينصبّ على التأويل من حيث هو تأويل، ولكن ينصبّ على التصريح به للجمهور، فهو يبيح من التأويل للعلماء ما لا يبيح للجمهور شريطة أن لا يصرح العلماء للجمهور بذلك التأويل لأنهم حرفيون.

مما لا يختلف فيه اثنان أن ابن رشد فيلسوف كبير وخطير وباطني غامض، ومن الصعوبة بمكان أن يحدد المرء معالم فلسفته ومذهبه، لكنه لم يكن يملك الجرأة الكافية للتصريح بأفكاره، وقد اضطر أحيانا إلى مسايرة الناس في خلاف ما يعتقد، خصوصا بعد أن نُكب وأُحرقت كتبه واتُّهم بالزندقة، ورُمي بالإلحاد.

الدارس لآراء ابن رشد يشهد له بالعمق وأنّه من أوسع الفلاسفة الإسلاميين في العلوم الماورائية، وله محاولة في ربط الفلسفة بالشريعة في حدود تصوّره للشريعة.
قام ابن رشد بشرح عدة كتب من كتب الفلاسفة الإسلاميين وغيرهم، ونظر في كتب آراء علماء الكلام وانتقد آراءهم ولم يستسغ تأويلاتهم، فانتقد تأويل الأشاعرة والمعتزلة والماتريدية وحكم عليهم بأنهم خصمون يُخضعون النصوص لآرائهم وعقلياتهم.

ورأى أنّ لكل آية معنيين حرفي وخاص، فالحرفي لعامة الناس والخاص للخواص وهم الفلاسفة، وزعم التوفيق بين الدين والعلم، وادّعى الجمع بين الحكمة والشريعة، فكما أن الأنبياء عليهم السلام يبلّغون الوحي لعامة الناس، فالفلاسفة أنبياء الطبقة العالمة، وهذه كبوة خطيرة وانزلاقة قاتلة وقولةٌ مُنكرة في الإسلام، لا أعلم أنه سُبق إليها وهي سُخرية من مقام النبوة.
عندما يحصل الاختلاف بين النقل والعقل لا بد من أحد أمرين:
أحدهما: أنّ النقل غير صحيح في نفسه أو أسيء فهمه وفسّر تفسيرا غير صحيح.
ثانيهما: المعقول الذي ادُعي أنّ النقل يخالفه غير صحيح وغير سليم، بل هو عقل مصاب بأدران الشبهة والهوى.
فابن رشد زعم أن الحق يتعدد، وهذا منه أقبح مما فعله علماء الكلام الذين أراد الرد عليهم، بل هو سخر من علماء الشريعة واستخفّ بهم.

لا يُثار الغبار حول ابن رشد في إثبات وجود الله، فلا أقول إنّه على يقين تام من وجود الله فحسب، بل هو على استعداد تام لإقناع غيره ممن يُخالطه شكّ أو ليس على يقين من وجود الله بأدلة عقلية وآيات كونية.

وقد وُفّق في تفسير كلمة التوحيد تفسيرا سلفيا أثبت فيه الربوبية والألوهية معا بطريقة رائعة ودقيقة، وصرح بأنّ المسلم الحقيقي هو الذي يُقرّ بوحدانية الله في ربوبيته وألوهيته، بعد ذلك كلّه أبت عليه فلسفته إلا أن يستعمل أسلوبا مُغلقا مُلتويا يُنبئ بأنّ الفيلسوف قد اختلط عليه الأمر، ولعل هذا التخبّط أثر من آثار فلسفة أرسطو وزملائه الذين تتلمذ على كتبهم وتأثّر بهم.
يُلاحظ الدارس لكتب ابن رشد أنه يورد من الأدلة النقلية والعقلية في حواره ونقاشه في الإلهيات ما يدلّ على اطلاعه الواسع ومقدرته الرائعه وذكائه الخارق.

ثم إنه انحاز إلى الطريقة الأشعرية وهي القول بخلق القرآن مع إثبات الكلام النفسي، بل زاد عليهم حيث ادّعى أن للقرآن حرفين، حرف مخلوق لله وحرف مصنوع للعباد دال على الحرف المخلوق، وهو موقف-كما ترى- في غاية الغرابة، بل انزلاقة خطيرة يُخشى منها على إيمان صاحبها.

لو عرجت في نادي الفلاسفة لوجدته في طليعة الحكماء الذين يعيشون في مخيم الغموض ويضربون في بيداء الأوهام والخيال، ولا تكاد تفقه كثيرا مما يقولون، ولو مررت بمجموعة الفقهاء لرأيته في وسطهم يقارع الحجج بالحجج فيؤصل ويفرّع، وربما دخل مجالس المحدثين ليتشبه بهم.
الصفة البارزة في ابن رشد أنه يرى نفسه أنه مخلق في سماء الفلسفة مع مجموعة الحكماء تاركا الجمهور في سذاجتهم- فيما يظنّ-.

يرى أنّ المعاد مما اتفقت على وجوده الشرائع، وقامت عليه البراهين عند العلماء، وإنما اختلفت الشرائع في صفة وجوده، ولم تختلف في الحقيقة في وجوده.
وخلاصة رأي ابن رشد في هذه المسألة أنّ الواجب هو الإيمان بالبعث بعد الموت، وأنّ هناك معادا، وأما كون المعاد يكون للأرواح أو الأجسام فليس بمهم عند ابن رشد، بل لكل إنسان أن يعتقد ما أدى إليه نظره واجتهاده.

والحق أن هذه المسألة من المسائل التي لم يوفّق فيها ابن رشد بل أخطأ في دعوى أنّ المقام مقام اجتهاد، بل الصواب أن المقام مقام نصّ، ولا اجتهاد مع النصّ، فنصوص الكتاب والسنة تصرح دون خفاء وبأعلى صوت: بأنّ المعاد للأجسام والأرواح معا.

وابن رشد يختلف مع الغزالي في هذه المسألة، إذ يرى الغزالي وجوب القول بمعاد الأجسام ويحكم بالكفر على من أنكر ذلك وقال بمعاد الأرواح فقط.
فكفّر الغزالي بعض الفلاسفة بهذا القول كالكندي والفارابي وابن سينا إضافة إلى قولهم بأنّ الله يعلم الكليّات فقط دون الجزئيات، وقولهم بقدم العالم وأزليّته.

طريقة أهل السنة والجماعة في باب القضاء والقدر هي طريقة سلف الأمة وهي وسط بين طريقة الجبرية والقدرية، فإن الله سبق علمه بكل مخلوق وكتب مقاديره، وأوجده وفق ما قدره له وشاء ما يصدر عنه بعد وجوده من خير أو شر، لا يخرج عن ذلك شيء لا أفعال الإنسان ولا غيرها، وكذلك ما يصيب الإنسان من الحوادث والكوارث، والعبد بجملته مخلوق جسمه وروحه وصفاته وأفعاله وأحواله فهو مخلوق خُلق على نشأة وصفة يتمكن بها من إحداث إرادته وأفعاله بتلك النشأة بمشيئته وقدرته، وتكوينه فهو الذي خلقه وكونه.

وابن رشد يدندن حول مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة وهو بريء من داء الجبرية والقدرية ومن كسب الأشعري، بل هو يُثبت للعبد قدرة وإراده، وفي الوقت نفسه يقرر أن الأشياء توجد بقضاء وقدر سابق، بل يُقرر أنه لا بد من اجتماع الأمرين معا، القضاء والقدر ويسميهما السبب الخارجي وإرادة العبد وهي السبب الداخلي وتوجد الأشياء بإذن الله، بتوفر الأمرين معا.

كتبه محمد بن علي الجوني
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.