اللقاء الهاتفي لأهل بوجدور مع الشيخ المغراوي حول الفتنة

[براوت المكان]

بسم الله الرحمن الرحيم

لقاء عبر الهاتف مع الشيخ المغراوي في الرد على الشبهات 4 ربيع الأول 1421

سُجل هذا الشريط بتاريخ الثلاثاء 4 من ربيع الأول 1421، الموافق 6 يونيو 2000.


[السائل]:شيخنا هذا الموعد فهل نتفضل إن شاء الله


[الشيخ]: تفضل.

[السائل]: شيخنا، وكما تعلم فقد أثيرت علامة استفهام سواء عند بعض أهل العلم أو عند بعض السلفيين داخل المغرب وخارجه حول مقالات ذكرتَها في بعض كتبك أو في بعض أشرطتك، فجاء شريطك "كشف الشبهات" ولله الحمد؛ جاء دافعا لكل لبس ومبينا لكل خفاء، إلا أن بعض الشباب مازالت عندهم الرؤية غير واضحة خصوصا عندما استمعوا إلى شريط أحد الشباب علق فيه على شريطك مدعما كلامه فيه بمقالات قديمة اقتطعها من أشرطتك القديمة، وحرصا شيخنا على هؤلاء الشباب رغم قلتهم وتعدادهم على رؤوس الأصابع، وقطعا للطريق على كل ملبّس ومغرض، نطرح عليك شيخنا أسئلة تبين جوابك عليها بما تراه حولها بوضوح وبما نعرفه عنك ولله الحمد ومما علمتنا إياه من وضوح وصدق وتجرد، فإن أذن شيخنا أن نبدأ فعلنا إن شاء الله.


[الشيخ]: تفضلوا.

[السائل]: السؤال الأول شيخنا : ماذا ترى في قضية بيعة الإمام الجائر، وهل يجوز نقض بيعته والخروج عليه ؟

[الشيخ]: أما بالنسبة لبيعة الإمام الجائر على البيعة المبتدأة ذكر العلماء شروطها في كتبهم وممن ذكرها الإمام أبو عبد الله القرطبي في تفسير سورة البقرة عند قوله تبارك وتعالى -( .. إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.. )- [البقرة/30] وأيضا في أضواء البيان، وكل العلماء الذين ألفوا في هذا الباب ذكروا شروط الإمامة و شروط الخلافة فأنا بالنسبة لي ليس لي إلا أن أتبع هؤلاء الأئمة فيما ذكروه من شروط الإمامة ومن شروط الخلافة. أما بالنسبة لنقض بيعة الإمام الجائر، فهذا لا يقول به مسلم ولا يقول به أحد من أهل السنة والجماعة فيما علمت، والنصوص الدالة على ذلك هو وجوب الطاعة للأئمة كما نص على ذلك الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته، وكما نص الإمام بن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية، وكما نص كل من كتب في العقيدة السلفية، وكما هو صريح في النصوص (ما لم تروا كفرا بواحا عندكم من الله منه برهان) فمتابعة الإمام والدعوة إليه والدعوة له في طاعته وفي الصبر على أذاه إن كان له أذى كما جاء في النصوص و(إن ضربك وأخذ مالك) وإن وإن وإن... كل هذا مما يفيد وجوب طاعة الإمام الجائر ولو ظهر منهم الجور وظهر منهم الظلم ما يظهر.
فالقضية هي قضية واضحة وكل من خرج على الأئمة في تاريخ هذه الأمة ما جاء إلا بالفتن وما جاء إلا بسفك الدماء ابتداءً من العهد الأول حتى في الذين خرجوا مثل بن الزبير والحسين وغير هؤلاء الذين اجتهدوا فرحمهم الله ورضي عنهم وأرضاهم، ومع ذلك ما أتى الخروج إلا بشرور كثيرة وبفتن كثيرة وهكذا إلى يومنا هذا، فكل خروج على الأئمة فلا يأتي إلا بالفتن ولا يأتي إلا بسفك الدماء ولا يأتي إلا بالشرور، ويدخل في هذه الفتن كل من في قلبه مرض ومن في قلبه غرض الفتن ولهذا لا يقول أحد بهذا الكلام فهذا الأمر متضح جدا.

[السائل]: نعم، جزاك الله عنا شيخنا

[الشيخ]: وجزاك

[السائل]: هل تعقد البيعة لكل إمام قطر من طرف أهل بلده أم أنه لا تعقد البيعة إلا لخليفة واحد يوحد المسلمين على جميع الأقطار الإسلامية ؟[الشيخ] : على كل حال، إن أمكن أن تُوحد الكلمة تحت إمام واحد يقيم فيهم شرع الله ويقيم فيهم دين الله فلا شك أن هذا هو الأمر الأساسي في الخلافة، وإن لم يتأت هذا وبايع كلٌّ قطره كما حصل في الأزمنة المتأخرة وكما حصل حتى في الزمن الأول في زمن بني أمية الذين كانت لهم خلافة في الأندلس وكانت مقابل خلافة بني العباس في الشرق، وكانت كذلك خلافات في المغرب وخلافة الموحدين وخلافة المرابطين وغيرها من الأمور الشرعية التي كانت تحت ألوية المسلمين، فهذا إن حصل فلا نكران في ذلك ولا خروج، وتجب الطاعة لكل من نصب نفسه إماما للمسلمين سواء كان على مستوى القطر أو على مستوى الكل، فإن حصل الكل وجمع الله فيه الكلمة على مستوى الأمة كلها في مشارق الأرض ومغاربها فهذا هو المطلوب وإن لم يتأت ذلك، فكل من عُقدت له الإمامة وعقدت له البيعة ولو كانت الخلافة جزئية أو قطرية فهذا تجب له البيعة وتجب طاعته.

[السائل]: جزاك الله عنا كل خير شيخنا ..
السؤال الثالث : إذا نادى إمام رغم جوره وظلمه بالجهاد فهل يجوز الجهاد وراءه؟

[الشيخ]: نعم لاشك؛ هذا نصُ أبي جعفر الطحاوي في عقيدته، قال:ونجاهد مع كل بر وفاجر، وهذا كلام شيخ الإسلام وهذا كله كلام المشايخ، فكل من نادى بالجهاد من الأئمة الذين عُقدت لهم البيعة فتجب طاعتهم ويجب الجهاد معهم .

[السائل]: جزاكم الله خيرا. انتشرت المعاصي والفواحش بين كثير من الناس في مجتمعاتنا، فهل يعتبر هذا ردة منهم، وهل تعتبر هذه المجتمعات مجتمعات مرتدة عن الإسلام ؟

[الشيخ] : أما بهذا الإطلاق فلا يجوز، فالذي لا يرتد بالقول أو بالفعل فلا يجوز أن نحكم على عموم المسلمين الذين يدخلون المساجد ويصلون فيها ويقيمون الجُمَع ويقيمون الأعياد ويقيمون الجماعات ويقيمون شعائر الإسلام فنحكم عليهم كلهم بالردة فلا شك أن هذا فكر الخوارج الضال الذي لا خير فيه، فمن ارتد فعلى نفسه ؛ شخص بعينه أو جماعة بعينها أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة إذا ظهرت منهم الردة فهم مرتدون ويحكمون بحكم الردة، أما أن يحكم على مثلا على مرتكب الزنا وشارب الخمر ومثلا السارق ولاعب القمار وغيرهم من هؤلاء فنحكم عليهم بالردة التي هي الخروج عن دين الإسلام فهذا لا يقول به قائل ولا يقول به مسلم حاشا ولله، لكن قد يجيئ في بعض الألفاظ فيها تغليظ وفيها كذا فلا يفهم من هذا الردة التي هي بمعنى الرجوع عن الإسلام لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من بدل دينه فاقتلوه)، فمن بدل دينه وخرج إلى ديانة أخرى كالنصرانية أو اليهودية أو غيرها فهذا يجوز قتاله أو من سب الله أو سب الرسول أو سب القرآن أو فعل فعلا يعني يحكم عليه بالردة وكان واعيا بما يقول فاهما له ، قامت عليه الحجة، عُلم من حاله أنه على هذا أما الأمر. أما الحكم على الأمة وعلى عموم المسلمين فلا شك أن هذا لا يجوز.

[السائل]: جزاك الله عنا كل خير شيخنا. السؤال الخامس : ذكرت في بعض الأشرطة القديمة مسألة العجل والسامري وأن كل من ارتكب معصية فهي له عجل يعبده من دون الله، فهل ما زلت ترى ذلك شيخنا وأستاذنا ؟ أم أنك ترى غيره ؟

[الشيخ]: نرى غيره بأنه هذا يكون أحيانا من باب قوله عليه الصلاة والسلام (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم... تعس وانتكس و إذا شيك فلا انتقش" أما أنا لا اقصد أن هناك كما قد يفهم أن الذي مثلا يغني فهو كعابد العجل عجل بني إسرائيل. لا، ولكن التشبه بقضية التعلق، لأن قد يكون هناك تعلق بشيء كما قال الرسول .قد يتعلق الإنسان بشيء فيصير إلى هذه الدرجة فالمقصود هو التنفير يعني لو حصل هذا الكلام مني أم من غيري فيقصد به التنفير من هذا العمل أما أن يقصد الكفر أو يقصد أن يشبه هذا الأمر بعبادة العجل التي هي الخروج عن دين الإسلام فهذا ما خطر بالبال ولن يخطر بالبال إن شاء الله لأن الذي عنده أصول أهل السنة والجماعة لا يخطر له هذا بالبال، فإن كان هناك ما يوجب هذا الأمر فنحن نتراجع عنه ألف مرة، لأن الذي يريد أن ينصح للناس لا يريد أن يوقعهم في الشرور يريد النصح للناس؛ لا يريد أن يوقع في الشر ولا في شيء من هذا فنحن و لله الحمد نتراجع في كل الأخطاء التي تقع في أشرطتنا أو في كتبنا ويظهر لنا فيها خطأ أو فيها حتى احتمال فذلك الاحتمال نزيله بالوضوح .

[السائل]: جزاك الله عنا كل خير شيخنا.
السؤال السادس : هل كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه وكل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه ؟

[الشيخ]: أبدً ليس هذا صحيح، هذا كان لنا بعض الأقوال ثم تبن لنا أنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه و لا كل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه هذا الأمر تراجعنا عنه و انتهينا منه .

[السائل]: ما موقفك من علم الجرح والتعديل ؟ وهل هو علم قائم بذاته أم لا؟

[الشيخ]: علم الجرح والتعديل إلى يوم القيامة قائم، ما هو موجود في كتب الجرح في كتب البخاري في كتب ابن أبي حاتم كتب الذهبي كتب المزي وهذه الكتب ...هذا هو العلم أمة ستبقى قائمة عليه إلى يوم القيامة.
[السائل]: جزاك الله خيرا شيخنا وشكر الله لك توضيحاتك، وجزاك عنا وعن السلفية خير الجزاء ونطلب من شيخنا أن يجعلنا في حل من عرضه، فقد كنا يوما من الأيام نذكره بسوء بل ونقذفه بأوصاف يستحيي اللسان من ذكرها، ونحن نظن بذلك وندعي أننا إنما كنا ندافع عن السلفية الحقة، فمعذرة شيخنا عما صدر منا واجعلنا في حل من عرضك جزاك الله خيرا.

[الشيخ]: سامحكم الله ووفقكم وغفر لنا ولكم، وأنتم في حل إلى أن تقوم الساعة وإلى أن نلقى الله تعالى.

وسلموا على إخواننا وعلى أبنائنا وعلى الجميع وعليكم بتقوى الله وعليكم بالكتاب وعليكم بالسنة واحذروا الفتن واحذروا أهلها.

[السائل]: جزاكم الله عنا شيخنا كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[الشيخ]: حياكم الله. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

[السائل]: فإلى لقاء آخر شيخنا حياكم الله.َ

أشرف على تفريغه و راجعه: أبو إسحاق نور الدين درواش