أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
68465 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-12-2009, 11:55 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي حكم من يطوف حول القبور عن جهل

حكم من يطوف حول القبور عن جهل

حكم من يطوف حول القبور عن جهل

السؤال :

نشاهد في بعض البلاد الإسلامية أن هناك أناساً يطوفون بالقبور عن جهل، فما حكم هؤلاء، وهل يطلق على الواحد منهم مشرك؟

الجواب :

حكم من دعا الأصنام واستغاث بها ونحو ذلك بحمد الله ظاهر وهو الكفر الأكبر إلا أن يدعي أنه طاف بالقبور بقصد عبادة الله، كما يطوف بالكعبة يظن أنه يجوز الطواف بالقبور ولم يقصد التقرب بذلك لأصحابها وإنما قصد التقرب إلى الله وحده، فهذا يعتبر مبتدعاً لا كافراً؛ لأن الطواف بالقبور بدعة منكرة، كالصلاة عندها، وكل ذلك من وسائل الكفر.

ولكن الغالب على عباد القبور هو التقرب إلى أهلها بالطواف بها، كما يتقربون إليهم بالذبح لهم والنذر لهم، وكل ذلك شرك أكبر، من مات عليه مات كافراً لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وأمره إلى الله عز وجل في الآخرة إن كان ممن لم تبلغه الدعوة فله حكم أهل الفترة، ويدل على ذلك: ما جرى لأم النبي صلى الله عليه وسلم فإنها ما كانت أدركت النبوة وكانت على دين قومها، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يستغفر لها، فلم يؤذن له أن يستغفر لها؛ لأنها كانت على دين الجاهلية.

وهكذا أبوه قال عنه صلى الله عليه وسلم لما سأله سائل عن أبيه: إن أبي وأباك في النار وأبوه صلى الله عليه وسلم مات في الجاهلية على دين قومه فصار حكمه حكم الكفار، لكن من لم تبلغه الدعوة في الدنيا، ومات على جهل بالحق يمتحن يوم القيامة في أصح أقوال أهل العلم فإن نجح دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.

وهكذا جميع أهل الفترات الذين لم تبلغهم الدعوة، كما قال تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)) [سورة الإسراء الآية 15] أما من بلغه القرآن أو بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يستجب فقد قامت عليه الحجة، كما قال الله عز وجل: ((وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)) [سورة الأنعام الآية 19]

يعني: أن من بلغه القرآن فقد أنذر.

وقال تعالى: ((هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ)) [سورة إبراهيم الآية 52] فمن بلغه القرآن وبلغه الإسلام، ثم لم يدخل فيه فله حكم الكفرة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار} أخرجه مسلم في الصحيح. فجعل سماعه ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم حجة عليه.

والحاصل: أن من أظهر الكفر في ديار الإسلام حكمه حكم الكفرة، أما كونه يوم القيامة ينجو أو لا ينجو فهذا إلى الله سبحانه وتعالى، إن كان ممن لم تبلغه الدعوة ولم يسمع ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يمتحن يوم القيامة ويرسل إليه عنق من النار كما جاء في حديث الأسود بن سريع فيقال له ادخل، فإن دخلها كان عليه بردا وسلاماً، وإن أبى التف عليه العنق وصار إلى النار نسأل الله السلامة.

فالخلاصة:

أن من لم تبلغه الدعوة كالذين في أطراف الدنيا أو في أوقات الفترات، أو كان بلغته وهو مجنون ذاهب العقل، أو هرم لا يعقل فهؤلاء وأشباههم مثل أولاد المشركين الذين ماتوا وهم صغار، فإن أولاد المشركين الذين لم يبلغوا الحلم كلهم أمرهم إلى الله، فالله يعلم بما كانوا عاملين، كما أجاب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عنهم، ويظهر علمه فيهم سبحانه يوم القيامة بالامتحان، فمن نجح منهم دخل الجنة، ومن لم ينجح دخل النار ولا حول ولا قوة إلا بالله.

...................

أجاب عليه فضيلة الشيخ العلامة : عبد العزيز بن باز رحمه الله
__________________
منقول
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-15-2009, 01:53 PM
أبو حذيفة أبو حذيفة غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9
افتراضي بارك الله فيك

بارك الله تعالى فيك أخي على جهدك
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا العلم والحكمة والإخلاص وحسن القصد جميعاً
حتى ننال رضاه.
ونعوذ بالله من الشرك بعد التوحيد. .
ومن النار بعد الجنة. .
ومن الخسارة بعد الفوز. .
ومن الإنحراف بعد الفطرة. .

لكن قد دخل عليّ اللبس والتساؤل:
***أين قال أهل العلم أن أبو الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر من أهل الفترة الذي يمتحن إن نجا دخل الجنة؟؟
علماً بأنّ حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - المذكور يدلّ على أنّ مصير أبيه في النار؟؟!!!
***وكذلك أمّه أين ورد أنها من أهل الفترة؟؟ لأن الله - تبارك تعالى - نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر لها!!! أليس لأنها مشركة؟؟!!!!

والشيء الأخير بارك الله فيك إذا ممكن أن تعطينا مصدر إجابة الشيخ ابن باز- رحمه الله تعالى - .

بارك الله فيك على جهودك الطيبة وغفر الله لنا ولك.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-15-2009, 02:17 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

جزاك الله خيرا اخي على مرورك الطيب

مصدر الفتوى

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز رحمه الله (1 / 49)

__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-15-2009, 03:34 PM
محمد سرايا المطوعي محمد سرايا المطوعي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: مصر السنية
المشاركات: 579
افتراضي

نعم المقال

جزاك الله خيراً اخى الفاضل (( ابو محمد))))

فوالله هذا الذى يجب علينا ..ان ندند حوله الى الممات

(((التوحيد))
__________________
اصبر نفسك علىى السنة ، وقف حيث وقف القوم ، واسلك سبيل سلفك الصالح
لا نصر ولا تمكين إلا بتوحيد رب العالمين
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-15-2009, 04:26 PM
أبو حذيفة أبو حذيفة غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9
افتراضي بارك الله فيك

بارك الله فيك على ردك السريع
إذاً أخي ممكن أن تساعدنا في الوصول إلى أقوال أهل العلم على اعتبار أبو الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أهل الفترة
علماً بأن نص الحديث صراحة في دخوله النار.
وكذلك أمه (منعه - صلى الله عليه وسلم - ) من الإستغفار لها.
وبارك الله فيكم
وإن شاء الله تعالى أن نستفيد من علمك الذي أسأل الله تعالى أن يلهمك الخير فيه (في الدنيا والآخرة)
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-15-2009, 05:42 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
Arrow

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حذيفة مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك على ردك السريع
إذاً أخي ممكن أن تساعدنا في الوصول إلى أقوال أهل العلم على اعتبار أبو الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أهل الفترة
علماً بأن نص الحديث صراحة في دخوله النار.
وكذلك أمه (منعه - صلى الله عليه وسلم - ) من الإستغفار لها.
وبارك الله فيكم
وإن شاء الله تعالى أن نستفيد من علمك الذي أسأل الله تعالى أن يلهمك الخير فيه (في الدنيا والآخرة)

اخي ابا حذيفة اشكرك جزيل الشكر على حرصك
نسال الله عز وجل الاخلاص في القول والعمل
اما عن سؤالك اتمنى ان تجد بغيتك في هذه الفتوى


امتحان أهل الفترة في الآخرة ؟
سؤالي عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : أخرج الإمام أحمد بن حنبل في " مسنده " والبيهقي في كتاب " الاعتقاد " ـ وصححه ـ عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة يمتحنون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئًا ، ورجل أحمق ، ورجل هرِم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا ، وأما الأحمق فيقول : رب لقد جاء الإسلام والصبيان يقذفوني بالبعر ، وأما الهرِم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا ، وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها ) . استفساري : هل يوجد يوم القيامة امتحان ؟ وأنا الذي أعرفه أن يوم القيامة يوم الحساب فقط ، دون امتحان وابتلاء ؟ . والملاحظة الأخرى : امتحانهم يوم القيامة أن يدخلوا على النار هذا امتحان صعب جدًّا لا يخاطب العقل ؛ لأن العقل يدرك أن النار فيها خطورة ، وطبيعي الإنسان يخاف أن يدخلها بعكس امتحان في الدنيا الالتزام في تعاليم الدين الحنيفة .


الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء رحمهم الله في أهل الفترة – وهم من عاش في زمن لم يأتهم فيه رسول ، أو كانوا في مكان لم تصلهم فيه الدعوة – ومن في حكمهم – كأطفال المشركين - على أقوال ، وأرجح هذه الأقوال : أنهم يُمتحنون يوم القيامة ، فمن أطاع أمر الله نجا ، ومن عصاه هلك ، وقد جاءت في السنة النبوية أحاديث كثيرة يترجح هذا القول بها ، ومنها ما ذكره الأخ السائل في سؤاله ، وقد استوفاها الإمام ابن كثير في تفسيره ، عند قوله تعالى ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/من الآية 15 ، فلتنظر هناك لمن أراد الاستزادة والاستفادة ، ومجموع هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً ، ويشهد أن لهذا القول ما يؤيده من السنَّة النبوية ، وهذا هو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة .
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :
أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر فيها .
" تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في سياق بيان الأقوال في المسألة - :
سابعها : أنهم يُمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار ، فمن دخلها : كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن أَبَى : عُذِّب ، أخرجه البزار من حديث أنس ، وأبي سعيد ، وأخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل ، وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ، ومن مات في الفترة من طرق صحيحة ، وحكى البيهقي في " كتاب الاعتقاد " أنه المذهب الصحيح .
" فتح الباري " ( 3 / 246 ) .
ثانياً:
وقد ردَّ هذا القول بعض أهل العلم – كالإمام ابن عبد البر – وقالوا : إن الآخرة دار جزاء ، وليست دار تكليف ، وليس ثمة أوامر ونواهي في الآخرة ، وأُجيب عن هذا الاعتراض بردود مجملة ، ومفصَّلة ، وقد ردَّ شيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام ابن كثير – وغيرهما – ردوداً مجملة ، وردَّ الإمام ابن القيم ردّاً مفصلاً أوصل وجوه الرد إلى تسعة عشر وجهاً .
أ. أما الردود المجملة : فملخصها : وجود امتحان في القبر ، وفي عرصات القيامة ، وأما كون الآخرة ليست دار تكليف فنعم ، لكن بعد استقرار أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار .
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ، وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ، وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل : ( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ، وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .
" مجموع الفتاوى " ( 4 / 303 ، 304 ) .
2. وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله -
وقد ذكر الشيخ أبو عمر بن عبد البر النَّمَري بعض ما تقدم من أحاديث الامتحان ، ثم قال : وأحاديث هذا الباب ليست قوية ، ولا تقوم بها حجة ، وأهل العلم ينكرونها ؛ لأن الآخرة دار جزاء ، وليست دار عمل ، ولا ابتلاء ، فكيف يكلَّفون دخول النار وليس ذلك في وسع المخلوقين ، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها ؟! .
وأجاب عن ذلك ببيان قوة الأحاديث الواردة في الباب ، كما نقلناه عنه سابقا ، ثم قال : وأما قوله : " إن الآخرة دار جزاء " : فلا شك أنها دار جزاء ، ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو النار ، كما حكاه الشيخ أبو الحسن الأشعري عن مذهب أهل السنة والجماعة مِن امتحان الأطفال ، وقد قال الله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) ن/42 ، وقد ثبتت السنَّة في الصحاح وغيرها : أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة ، وأما المنافق : فلا يستطيع ذلك ، ويعود ظهره طبقاً واحداً ، كلما أراد السجود : خَرَّ لقفاه .
وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجاً منها : أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأل غير ما هو فيه ، ويتكرر ذلك مراراً ، ويقول الله تعالى : ( يا ابن آدم ، ما أغدرك ! ) ثم يأذن له في دخول الجنة .
وأما قوله : " وكيف يكلفهم دخول النار وليس ذلك في وسعهم ؟ " : فليس هذا بمانع من صحة الحديث ؛ فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط ، وهو جسر على جهنم أحدّ من السيف ، وأدق من الشعرة ، ويمرُّ المؤمنون عليه بحسب أعمالهم ، كالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والرِّكاب ، ومنهم الساعي ، ومنهم الماشي ، ومنهم من يحبو حبواً ، ومنهم المكدوش على وجهه في النار ، وليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا ، بل هذا أطم ، وأعظم .
وأيضاً : فقد ثبتت السنَّة بأن الدجال يكون معه جنَّة ونار ، وقد أمر الشارع المؤمنين الذين يدركونه أن يشرب أحدهم من الذي يرى أنه نار ، فإنه يكون عليه برداً وسلاماً ، فهذا نظير ذلك .
وأيضاً : فإن الله تعالى قد أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ، فقتل بعضهم بعضاً ، حتى قتلوا ـ فيما قيل ـ في غداة واحدة : سبعين ألفاً ، يقتل الرجل أباه ، وأخاه ، وهم في عمايةِ غمامةٍ أرسلها الله عليهم ، وذلك عقوبة لهم على عبادتهم العجل ، وهذا أيضاً شاق على النفوس جدّاً ، لا يتقاصر عما ورد في الحديث المذكور ، والله أعلم . " تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .
ب. وقد فصل ابن القيم رحمه الله وجوه الجواب السابقة ، كما أشرنا إليه ، وزاد فيها وجوها أخرى ، منها :
* أن موجب هذه الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ، وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة : يوم يقوم الأشهاد ، وتُسمع الدعاوى ، وتُقام البينات ، ويَختصم الناس بين يدي الرب ، وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ، فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم .
* أنه قد صحَّ بذلك القول بها عن جماعة من الصحابة ، ولم يصح عنهم إلا هذا القول ، والقول بأنهم خدَم أهل الجنة : صح عن سلمان ، وفيه حديث مرفوع ، وأحاديث الامتحان : أكثر ، وأصح ، وأشهر .
* أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم ، وكيف يعاقبهم على غير ذنب ؟ وإنما هو امتحان واختبار لهم ، هل يطيعونه أو يعصونه ، فلو أطاعوه ودخلوها : لم تضرهم ، وكانت عليهم برداً وسلاماً ، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها : استوجبوا عقوبةَ مخالفةِ أمرِه ، والملوك قد تمتحن مَن يُظهر طاعتهم هل هو منطوٍ عليها بباطنه ، فيأمرونه بأمرٍ شاقٍّ عليه في الظاهر ، هل يوطِّن نفسه عليه أم لا ، فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله : أعفوه منه ، وإن امتنع وعصى : ألزموه به ، أو عاقبوه بما هو أشد منه .
وقد أمر الله سبحانه الخليل بذبح ولده ، ولم يكن مراده سوى توطين نفسه على الامتثال والتسليم ، وتقديم محبة الله على محبة الولد ، فلما فعل ذلك : رَفع عنه الأمر بالذبح .
وأما أن ذلك "ليس ذلك في وسع المخلوقين " فقد أجاب عنه ابن القيم من وجهين :
أحدهما : أنه في وسعهم ، وإن كان يشق عليهم ، وهؤلاء عبَّاد النار ، يتهافتون فيها ، ويُلقون أنفسهم فيها ؛ طاعةً للشيطان ، ولم يقولوا " ليس في وسعنا " ، مع تألمهم بها غاية الألم ، فعبَاد الرحمن إذا أمرهم أرحم الراحمين بطاعته باقتحامهم النار : كيف لا يكون في وسعهم ، وهو إنما يأمرهم بذلك لمصلحتهم ومنفعتهم ؟ .
الثاني : أنهم لو وطَّنوا أنفسهم على اتباع طاعته ومرضاته : لكانت عين نعيمهم ، ولم تضرَّهم شيئاً .
قال رحمه الله :
" فالسنَّة ، وأقوال الصحابة ، وموجب قواعد الشرع وأصوله : لا تُردُّ بمثل ذلك ، والله أعلم "
انظر : " أحكام أهل الذمة " ( 2 / 1148 – 1158 ) .
وهذا كلام متين ، فيه بيان المسألة وتجليتها ، ونسأل الله أن يرزقنا العلم النافع ، والعمل الصالح ، وأن يتوفانا على الإيمان .
والله أعلم



الإسلام سؤال وجواب

اتمنى اني قد افدتك
حياك الله
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-16-2009, 08:53 AM
أبو حذيفة أبو حذيفة غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9
افتراضي شيخنا الحبيب في الله

بارك الله فيك يا شيخنا الحبيب في الله على هذه النقولات التي هي أكثر من رائعة
كيف لا وهي من علمائنا الأفاضل رحمهم الله تعالى وإيّأكم أجمعين. . .

وأقول يا شيخنا الحبيب:
لقد عدت إلى كلام الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- فوجدته صحيحاً ويبدو أنني لم أحسن قراءة النص تماماً
فالشيخ لم يضع والد النبي -صلى الله عليه وسلم- من اهل الفترة بل بنى على الحديث أنه من أهل النار، وهذا ما كنت قد سألت عنه.
لكني بإذن الله تعالى قطعاً لا أشك في حديث أهل الفترة المذكور.

هنا النص الذي وقع اللبس عندي فيه، ولما قرأته مرة أخرى عرفت أنه صحيح:
[وهكذا أبوه قال عنه صلى الله عليه وسلم لما سأله سائل عن أبيه: إن أبي وأباك في النار وأبوه صلى الله عليه وسلم مات في الجاهلية على دين قومه فصار حكمه حكم الكفار، لكن من لم تبلغه الدعوة في الدنيا، ومات على جهل بالحق يمتحن يوم القيامة في أصح أقوال أهل العلم فإن نجح دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
]


وبارك الله تعالى في جهودك التي أسأل الله تعالى أن تلاقيها روحاً وريحاناً وعملاً صالحاً تنتفع به.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-04-2009, 02:47 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو حذيفة مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك يا شيخنا الحبيب في الله على هذه النقولات التي هي أكثر من رائعة
كيف لا وهي من علمائنا الأفاضل رحمهم الله تعالى وإيّأكم أجمعين. . .

وأقول يا شيخنا الحبيب:
لقد عدت إلى كلام الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- فوجدته صحيحاً ويبدو أنني لم أحسن قراءة النص تماماً
فالشيخ لم يضع والد النبي -صلى الله عليه وسلم- من اهل الفترة بل بنى على الحديث أنه من أهل النار، وهذا ما كنت قد سألت عنه.
لكني بإذن الله تعالى قطعاً لا أشك في حديث أهل الفترة المذكور.

هنا النص الذي وقع اللبس عندي فيه، ولما قرأته مرة أخرى عرفت أنه صحيح:
[وهكذا أبوه قال عنه صلى الله عليه وسلم لما سأله سائل عن أبيه: إن أبي وأباك في النار وأبوه صلى الله عليه وسلم مات في الجاهلية على دين قومه فصار حكمه حكم الكفار، لكن من لم تبلغه الدعوة في الدنيا، ومات على جهل بالحق يمتحن يوم القيامة في أصح أقوال أهل العلم فإن نجح دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
]


وبارك الله تعالى في جهودك التي أسأل الله تعالى أن تلاقيها روحاً وريحاناً وعملاً صالحاً تنتفع به.
وفيك بارك اخي في الله
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-10-2014, 10:11 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

للرفع.............
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.