أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
166619 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر القرآن والسنة - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-09-2010, 12:47 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

بارك الله في علمك وعملك ووقتك وعمرك "الأم الغالية الفاضلة "أم عبد الله نجلاء الصالح "
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-09-2010, 03:18 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وإياكم ... وفيكم بارك الله ابنتي الحبيبة " أم سلمة السلفية ".

شكر الله لكم المرور والدعاء، وجزاكم الله عني خير الجزاء.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-16-2010, 03:53 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

موقف المسلمين من مرويات أهل الكتاب

قال الله - تعالى - : ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [سورة المائدة :41].

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد الحرص على أمته، شديد الحزن على من يظهر الإيمان ثم يرجع إلى الكفر بعد الهداية . فأرشده الله – تعالى - أن لا يحزن على هؤلاء وأمثالهم ، لأنهم إن حضروا لم يَنفعوا وإن غابوا لم يُفقدوا.

وكان لوجود اليهود في المدينة أثـَـرٌ على مَنْ حولهم فَهُمْ أهل كتاب، ولكن ذمّهم الله - تعالى - لأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه وهم يعلمون، ويبدّلونهُ من بعد ما عقلوه، ويتأولونه تأويلاً باطلاً على غير مراد الله - تعالى - حسب أهوائهم، لإضلال الخلق ودفع الحق.

روى البخاري ومسلم في الصحيحين عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - : [أن اليهود جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما تجدون في التوراة في شأن الرجم ؟) فقالوا : نفضحهم ويجلدون. قال عبدالله بن سلام : كذبتم إن فيها الرجم، فاتوا بالتوراة، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال عبدالله بن سلام : ارفع يدك، فرفع يده، فإذا آية الرجم. فقالوا : صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما، فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة] (متفق عليه).

وفي لفظ آخر للبخاري : فقال لليهود : (ما تصنعون بهما ؟) قالوا نسخّم وجوهَهُما ونُخزيهما. قال : (فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) فجاؤوا فقالوا لرجل منهم مِمّنْ يَرْضَوْنَ أعوَر : إقرأ، فقرأ حتى انتهى إلى موضعٍ منها فوضعَ يدهُ عليه، فقال : ارفع يدك، فرفع، فإذا آية الرجم تلوح، قال : يا محمد إن فيها آية الرجم، ولكنّا نتكاتمه بيننا، فأمِر بهما فرجما) .

هؤلاء هم يهود ! إنهم دعاة ضلال وكذب، والمنقادون لهم لا عقول لهم، ولا هِمَم تُبَصّرهُم بالحق الذي يجدونه في كتبهم، إنما يتبعون ما يوافق أهواءهم، وما يُمليه عليهم أحبارهم ورهبانهم - إلا ما رحمَ ربي -.

أسلم قلة منهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. منهم عبدالله بن سلام، كعب الأحبار، وهب بن منبه، عبد الملك بن جريج. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لو آمن بي عشرة من اليهود، لآمن بي اليهود) (رواه البخاري).

اشتهر عنهم الكثير من المرويَات، ولكن لا يثبت كثير منها بالدليل القطعي إلا ما يوافق النص في شرعنا. وذلك إما لأنهم قوم يكذبون يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ، حُسّدٌ حسدونا على كلّ شيئ، حتى على التسليم والتأمين ، كما أن كتبهم السماوية لم تكتب بالنص الحرفي على الوجه الذي أنْزلـَتْ به، إذ أن الله – تبارك وتعالى - لم يتكفـّـلْ بحفظها كما تكفّل بحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهّرة، فنقول عنها مرويَّات أهل الكتاب، لا ينبغي أن تسمى بالإسرائيليات ".
لأن إسرائيل هو : يعقوب عليه الصلاة والسلام نبي كريم، جاء بالهدى ودين الحق، فلا يُنسَبَ إليه ما لم يثبت، إنما يُنسَبُ لقومِه، لأن الكذبَ على الأنبياءِ ليسَ كالكذبِ على غيرهم.

فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : دخل اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال السام عليك يا محمد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – وعليك، فقالت عائشة : فهَمَمْتُ أن أتكلّمَ فعَلِمْتُ كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك فسكتّ، ثم دخل آخر فقال : السام عليك، فقال : عليك، فهَمَمْتُ أن أتكلم فعلمْتُ كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك ثم دخل الثالث فقال : السام عليك، فلم أصبر حتى قلت : وعليك السام وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير، أتـُحَيّونَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما لم يُحَيّهِ الله ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله لا يحب الفحشَ ولا التفَحّش، قالوا قولًا فرددنا عليهم، إن اليهود قومٌ حُسّد، وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام وعلى آمين) قال : أبو بكر خبر بن أبي مليكة عن عائشة في هذه القصة قد خرجته في كتاب الكبير) قال الأعظمي : (إسناده صحيح) انظر : [صحيح ابن خُزَيمَة 1/288 رقم 574].

وعن بن عمرو - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) [رواه البخاري].

ينظرالمسلم في كتب ومرويات أهل الكتاب، وبناءّ على ذلك يحدد موقفه منها.
وهي على ثلاثة أوجه : ــ

1. الوجه الأول : مرويات أهل الكتاب إذا كانت موافقة لنصوص الكتاب والسنة التي جاء بها رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم –، نعتقد بصدقها، إذ أنّ كافة الأنبياء جاؤوا بدعوة الحق دعوة التوحيد من لـَدُنْ حكيمٍ عليم. ومنهم من بَشّر بنبينا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم – الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل.
قال الله - تعالى - : ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [سورة الأعراف 157].

ونحن بدورنا كمسلمين ينبغي علينا أن نوَقرهُم كلهم ونُجِلهُم ونعظّمُ ما جاؤوا به من كتب سماوية. لأن من ركائز الإيمان بعد الإيمان بالله وملائكته : الإيمان بكتبه ورسله، ومنهم سيد الأولين والآخرين نبينا محمد - صلى الله وسلم عليه وآله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين –.

فعن أبي هريرة وأبي سعيد - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (مَثَلي في النبيين كمثل رجل بنى دارًا فأحسنها وأكملها وأجملها، وترك موضع لبنَة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه، ويقولون لو تمَّ موضع هذه اللبنة، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنه) (متفق عليه).

وعن بن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغارب الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استأجر أجراء، فقال من يعمل من غدوة إلى نصف النهار على قيراطٍ قيراط ؟ فعملت اليهود، ثم قال من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراطٍ قيراط ؟ فعملت النصارى، ثم قال : من يعمل من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطيْن قيراطيْن ؟ فأنتم هم . فغضب اليهود والنصارى، وقالوا : مالنا أكثرُ عَمَلاً، وأقلّ عَطاءً ؟ قال : هل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ قالوا : لا، قال : فذلك فضلي أوتيه من أشاء) صحيح (رواه البخاري).

وقد وَجَدْتُ ما يُوافِقْ معنى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتقدم أعلاه، في [إنجيل متَى 20] بعنوان : [مَثَلُ العمال في الكرم ] :

[فملكوت السموات كمَثَلِ صاحب كرم خرج مع الفجر ليستأجر عمالاً لكرمه، فاتفق مع العمال على دينار في اليوم وأرسلهم إلى كرمه ثم خرج نحو الساعة التاسعة، فرأى عمالا آخرين، واقفين في الساحة بطالين، فقال لهم : اذهبوا أنتم أيضا إلى كرمي، وسأعطيكم ما يحق لكم، فذهبوا، وخرج أيضا نحو الظهر، ثم نحو الساعة الثالثة، وعمل الشيئ نفسه، وخرج نحو الساعة الخامسة مساء، فلقي عمالا آخرين واقفين هناك، فقال لهم : ما لكم واقفين هنا كل النهار بطالين ؟ قال له ما استأجرنا أحد . قال لهم : اذهبوا أنتم أيضا إلى كرمي . ولما جاء المساء، قال صاحب الكرم لوكيله : ادع العمال كلهم، وادفع لهم أجورهم، مبتدئا بالآخرين حتى تصل إلى الأولين، فجاء الذين استأجرهم في الخامسة مساء، وأخذ كل واحد منهم دينارا، فلما جاء الأولون ظنوا أنهم سيأخذون زيادة، فأخذوا هم أيضا دينارا لكل واحد منهم، وكانوا يأخذونه وهم يتذمرون على صاحب الكرم. فيقولون هؤلاء الآخرون عملوا ساعة واحدة فساويتهم بنا، نحن الذين احتملنا ثقل النهار وَمُرّهُ. فأجاب صاحب الكرم واحداً فيهم : يا صديقي أنا ما ظلمتك، أما اتفقت معك على دينار؟ خذ حقك وانصرف، فهذا الذي جاء في الآخر أريد أن أعطيه مثلك. أما يجوز لي أن أتصرف بمالي كيفما أريد؟ أم أنت حسود لأني كريم؟] وقال يسوع : (هكذا يصير الآخرون أولين، والأولين آخرين) [إنجيل مَتَى 20 ص 60].

وفي هذا خير دليل لليقين بصدق رسالة رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصِدق الرسول. وتوحيد المُرسل الله - تبارك وتعالى - إذ أنه يَتحدّث عن أمور غيبية، تـَوافـَقَ فيها كَلامُ النّبيَيْن - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين -.

2. الوجه الثاني : إذا كانت روايات باطلة ومكذوبة، مَعْلومٌ كذبُها وَمُناقَضَتها ومخالفتها لما عندنا من كتاب وسنة نردّها جملة وتفصيلا، ولا نأبه بها، ولا نعتقد بها : قال الله - تعالى - : ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ۞ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۞ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [سورة الأنعام 19 - 21].

3. الوجه الثالث : إن كانت مسكوتًا عنها، ولم يَرِدْ بشرعنا ما يُصَدّقها أو يُكَذّبْها، فلا نُصَدّقهُم ولا نُكَذّبْهُم، ولا نُجادِلُهُم إلاّ بالتي هي أحْسَن، ونقول : ﴿آمَنَا بِما أنْزِلَ إليْنا وَما أُنزِلّ إليْكُم مِن كِتاب .
وذلك لقول الله - تعالى - :
﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [سورة العنكبوت : 46] .

وذلك مِثل :

1/ 3.
الشجرة التي نهي عن أكلها آدم عليه السلام وزوجه حواء، إذ أنه ليس لدينا دليل في الكتاب أو السنة على اسمها، ولو كان من فائدة في معرفته لبيّنه لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قال الله - تعالى - : ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ [سورة البقرة : 35].

2/ 3. البعض الذي ضرب به القتيل الذي ورد ذكره في قصص بني إسرائيل في سورة البقرة : قال الله - تعالى - : ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ۞ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [سورة البقرة : 72 -73].

3/ 3. أسماء الطيور الأربعة التي أحياها الله – تبارك وتعالى - لإبراهيم - عليه الصلاة والسلام -.
قال الله - تعالى - : ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [سورة البقرة : 260].

4/ 3. أسماء أهل الكهف وعددهم في [سورة الكهف]. قال الله - تعالى - : ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا [سورة الكهف : 22] .

قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - : [ فلهذا قال – تعالى - : ﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا أي : لا تُجْهِدْ نفسك فيما لا طائلَ تحته، ولا تسألهم عن ذلك، فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب]. [مقدمة التفسير ص 255 ــ 256].

5/ 3. عصا موسى - عليه الصلاة والسلام - [من أي الشجر كانت] ؟ ولا المآرب التي له بها. قال الله - تعالى - :﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ۞ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى [سورة طه 17 – 18]. وغيرها كثير.

ولن يضيرنا عدم معرفة هذه الأمور، ولو كانت فائدةٌ تُرْجى في بيان ذلك لبَيّنهُا الشارِعُ الحَكيمُ حينَ نُزولِها.

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا تُصَدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمَنَا بِما أنْزِلَ إليْنا وَما أُنزِلّ إليْكُم مِن كِتاب) (رواه البخاري). [السلسلة الصحيحة 422].


اللهم ربنا إنا آمَنَا بِما أنْزِلَ إليْنا وَما أُنزِلّ إليْهِمْ مِِنْ كِتاب، اللّهُمّ اكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدين.

﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ۞ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ
[سورة آل عمران : 8 ــ 9].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-21-2010, 01:35 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي النوع الثالث من أنواع التفسير هو : التفسير " بالرأي "

3.

أما النوع الثالث من أنواع التفسير فهو: التفسير " بالرأي " :

وهو ما يسمونه " بالتفسير بالدراية " .

والمراد بالرأي : الاجتهاد، والعقل، والاستنباط . ولا مُسََوَّغَ له إذا عارضه " التفسير بالمأثور الذي ثبت بالنـّص القطعي " لأن الرأي اجتهاد، ولا اجتهاد في مورد النص ".

أمًا ما وافق الحق منه فهو محمود. فقد سئل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في الكلالة ، فأجاب : [أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان] انظر : [تفسير الطبري ( 4/ 284 )].

عمل بهذا بعض الصحابه - رضي الله عنهم -، وبنوْا تفسيرَهُم على رسوخٍ في العلم بالكتاب والسنة، وفهمٍ بلغة العرب، وعلى صُحبَةٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخشيةٍ من القول على الله بغير علم.

يَزنُ أحدهم الكلمة بميزان الإيمان والورع والتقوى قبل أن يتلفظ بتأويلها.

قال الله - تعالى - : ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تََأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [سورة آل عمران 7].

وأما ما جانب الحق والصواب، وخالف النصوص، وترك النقل، واتبع العقل، وشطحات الصوفية، وعلم الكلام في تأويله، تبعاً لقاعدتهم المشهورة " الحَسَنْ ما حَسّنَهُ العَقل، والقبيحُ ما قبّحَهُ العَقل " فهو حرام ".

قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - : [فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام]. (مجموع الفتاوى مقدمة التفسير ص 258)].

وقال عبدالله بن المبارك - رحمه الله تعالى - : [الدين لأهل الحديث، والكلام والحيل لأهل الرأي، والكذب للرافضة]. انظر : [المنتقى من منهج الإعتدال للإمام الذهبي ص 480].

وذلك لأنه غالباً ما يكونُ منهُم عن جَهلٍ وكذبٍ وَهَوى. كتفاسير الأشاعرة، والمعتزلة، والجهمية، والصوفية، والباطنية، والخوارج والروافض، الذين يقولون بالتقية والحِيَل، ويجعلون للقرآن معنىً ظاهرًا وآخرَ باطنا.

مُستدلين بقوله - تعالى - : ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [سورة الحديد 18].

ومن ذلك تأويلهم الباطني الباطل لقول الله - تبارك وتعالى - : ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ۞ فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ۞ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [سورة النساء 54 ــ 56].

1. أوَلوا قول الله - تعالى - : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا : بـ : حُجِبوا عَنْ تَجَلـّـياتِ صِفاتِنا وَأفـْعالـِنا، إذ مَطْلَعِ الآية كَوْنُهُ مُتَجَلّياً بالعلم والحكمة والملك في آل إبراهيم .

2. وفي قوله – تعالى - : ﴿ سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا : أوَلوها : [بنار شوق الكمال، لاقتضاء غرائزهم وطبائعهم بحسب استعدادهم، ذلك مع رسوخ الحجاب ولزومه، أو نارُ قهرٍ من تجلياتِ صفاتِ قهرهِ تُناسِبُ أحْوالَهُم، أو نارُ شَرَهِ نُفوسِهِم، وَحِدّةِِ شَوْقِها وَطَلَبِها لما ضربت به المثل من كمالات صفاتها وشهواتها مع حرمانها منها].

3. وفي قوله – تعالى - : ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ فسّروها بقولهم :
[كلما رُفِعَت حُجُبُهُمُ الجسمانية بانسلاخهم عنها. بدلناهم حُجُبًا غيرها جديدة، ليذوقوا نيران الحرمان.

﴿ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا : قويًا يقهرهم ويُذلّهم بذُلّ صفاتِ نفوسهم، ويحرقهم بنيران تَوَقانِها إلى كمالاتهم مع حرمانهم أبدا.

﴿ حَكِيمًا يُجازيهم بما يُناسبهم من العذاب الذي اختاروه لأنفسهم بدواعيهم الغضبية والسّهويّة وغيرها، وميولهم إلى الملاذّ الجسمانية، فلذلك بُدّلوا حُجُباً ظـُلْمانِيـّـة بَعدَ حُجُب ...] انظر : [تفسير شيخهم الأكبر " ابن عربي" 1/ 152].

فالتـّـذوّقِ الوجداني القائم على ضَرْبٍ من الحَدَسِ النفسي هو الذي يسود هذه الشروح، ولذلك فيه من العبارات الغامضة التي ليس وراءها طائل، والدّينُ لا يؤخذ مِن ذوْقِ المُتذوّقينَ، ولا مِن وجدِ المُتَواجِدين]. انظر : [مباحث في علوم القرآن ص 295 - 296].

إنهم نفوا وجود النار، وعذاب النار، وأوّلوه بالعذاب النفسي المعنوي، ونيران الشوق والحرمان.

وهذه عقيدة فاسدةٌ خطيرةٌ يبثَونها في أتباعهم ومُريديهم، يَنقُضونَ بها أساساً من أسس الشرع، وأمرًا من الأمور الغيبية الحقيقية التي ذكرها الله - تبارك وتعالى - في كتابه العزيز، وبينَها رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في أدلةٍ عديدة، والتي يجب علينا الإيمان بها كما جاءت من لدن حكيم خبير، وهي :

أن الجنة حق، والنار حق. وأنهما موجودتان الآن ولا يفنيان. تواتر الخبر عنهما في الكتاب والسنة.

قال الله – تعالى - : ﴿ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ۞ إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ۞ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ [غافر 70 ــ 72].

وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يؤتى بجهنَم يومئذ، لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرّونها) [مختصر مسلم 1975].

4. وكذلك استدلّ بعض الصوفية بقول الله – تعالى - : ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ [سورة ص آية 42] على جواز الرقص في حلق ذكرهم.

قال السّهْروردي : [ربما صار الرقص عبادة بحسن النية، إذا نوى به استجمام النفس]. انظر : [الفتاوى لابن تيمية – رحمه الله تعالى – 11/ 176].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – : [فعبادة المسلمين الركوع والسجود، وأما الدفّ والرقص فلم يأمر الله - تعالى - به ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من سلف الأمة، بل أمِروا بالقرآن في الصلاة والسكينة ....
وهذه الأحوال الفاسدة من كان فيها صادقاً فهو مبتدع ضال ... ممن ضارعوا عباد النصارى والمشركين والصابئين في بعض ما لهم من الأحوال، ومن كان كاذباً فهو منافقٌ ضالّ] انظر : [الفتاوى11/ 599 – 600].

ونَقـَلَ القرطبي عن الإمام الطرسوسي - رحمهما الله - : "أنه سُئلَ عن قوم ٍفي مكانٍ يقرأون شيئًا من القرآن ثمّ يَنشدُ مُنشدٌ لهم شيئًا من الشعر، فيرقصون ويطربون ويضربون بالدفّ والشبّابة، هل الحضور معهم حرامٌ أم لا ؟.

فأجابَ - رحمه الله - : [ بأنّ هذا ضلالة، وما الإسلامُ إلا كتابَ الله وسنةَ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأما الرقص والتواجد، فأول من أحدثه أصحابُ السامري لما اتُخِـذَ لهم عجلاً جسداً له خوار، قاموا يرقصونَ حوله ويتواجدون، وهو – أي الرقص – دينُ الكفارِ وعُبّـادُ العجل.

وإنما كان مجلسُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – مع أصحابه، كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار ... فلا يحلّ لأحد يؤمنُ بالله واليوم الآخر أن يحضرَ معهم، ولا أن يُعينهم على باطلهم]. انظر : [الإبداع في مضارّ الابتداع. للشيخ علي بن محفوظ. ص 322].

ومن التفسير بالرأي :


نفى المعتزلة رؤية الله - عز وجل - على التأبيد،
واستدلوا على ذلك بقول الله - تعالى - ﴿لَنْ تَرَانِيفي قصة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، في الآية الكريمة : ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [سورة الأعراف 143].

ونفوا الرؤية المنصوص عليها والثابتة في قوله - تعالى - : ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ۞ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [سورة القيامة 23]. لتوافق اعتقادهم الفاسد.

ومثله ما يسمى بالتفسير الإشاري :

وهو تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ظاهرها المفهوم، مع الإشارة إلى ما انقدح في أذهانهم من المعاني الباطنية الخفية التي تستنبط بواسطة الإلهام، أو بطريق الرمز والإشارة. انظر : [مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح ص 296].

ومنهم من يسمّيه : [بالفتح الرباني ] الذي يظهر ــ بزعمهم ــ لأولي العلم منهم، أو العارفين بالله من أرباب السلوك والمجاهدة، ومنهم من يسميه أيضا : [بعلم الموهبة، وعلم الحقيقة، ويقصد به العلم اللدني الرباني].
وأيّ موهبة وأيّ حقيقة قامت على الأهواء والتأويل الباطل ؟؟. إنه علمٌ محرّمٌ وضرره عظيم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - : [وأما العلم اللدنّي : فلا ريب أن الله يفتح على قلوب أوليائه المتقين، وعباده الصالحين بسبب طهارة قلوبهم مما يكرهه، واتباعهم ما يُحبّه، ما لا يَفتَحُ به على غيرهم، وهذا كما قال عليّ " إلا فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه، وفي الأثر : " من عمل بما علم، ورّثه الله علمَ ما لم يعلم]. انظر : [مجموع الفتاوى جـ 13/ 170].

فعن أبي جحيفة قال : " سألت عليا - رضي الله عنه - هل عندكم شيء ليس في القرآن ؟ " فقال : (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهماً يُعطى رجلٌ في كتابه وما في الصحيفة، قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر). (رواه البخاري).

وقد زعموا أن الله يختصهم بعلم من لدُنهُ كما اختص الخضر، واستدلوا على ذلك بقوله - تعالى - عنه : ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا [سورة الكهف 65].

فقالوا فلان مَعطي. أعطي ماذا ؟ قالوا : أعطي الحقيقة - العلم اللدني الذي اختص بها أناسا، ومنعه عن آخرين فراجت سوق الشعوذة، والكذب، والإفتراء، والتقوّل على الله - تبارك وتعالى -، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بغير علم. ﴿وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبيدْ. وتمزقت الأمة أحزابا وجماعات، كل حزبٍ بما لديهم فرحون.

وقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه : [ الإتقان ] نقلا عن الكرماني أنه ألف كتاباً في مجلدين سمّاه (العجائب والغرائب) ضمَنه أقوالاً مُنكرةً في التفسير لا يجوزُ قولها، ولا الإعتِماد عليها، لأنها من أقوال أهل الضلال والفرق، وإنما ذكرَها للتحذير منها، لِما احتوت على كثير من التأويلات الفاسدة الباطلة .

ومن أمثلتها الفاسدة التي لم تصح لغة ولا شرعا : ــ تفسيرهم لقوله - تعالى - : ﴿حمعسق بأن الحاء : حرب على معاوية. والميم : ولاية بني مروان. والعين : ولاية العباسيين. والسين : ولاية السفيانيين. والقاف : القدوة بالمهدي.

وقوله - تعالى - : ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [سورة البقرة 179] بأن المراد به : قِصَص القرآن.

ولقوله - تعالى - : ﴿يا لَيْتَني كُنْتُ تُرابا بأن المراد : يا ليتني كنت من شيعة (أبي تراب)، وهي كنية الإمام علي - رضي الله عنه -. وغيرها كثير مما حَشوا فيها بطون كتبهم. والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به.

أسأل الله - تعالى - أن يرينا الحق حقـــاً ويرزقنــــا اتباعه، ويرينـــــا الباطل باطـــــلًا ويرزقنا اجتنابه.


من كتب التفسير بالرأي :


1. تفسير الفخر الرازي : مؤلفه هو : الشيخ محمد بن عمر الرازي ، المتوفى سنة 606 هــ. ويسمى (بمفاتيح الغيب) وتفسيره من أوسع التفاسير في مواضيع علم الكلام .
2. تفسير البيضاوي : ويسمى تفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، مؤلفه هو عبدالله بن عمرالبيضاوي، المتوفى سنة 685 هــ.
3. تفسيرالخازن : مؤلفه هو الإمام عبدالله بن محمد المشهور "بالخازن"، المتوفَى سنة 741. وسماه : (لباب التأويل في معاني التنزيل) وهو تفسير مشهور يعتني بالمأثور لكن لا يبيِّن السند.
4. تفسير النسفي : مؤلفه الشيخ عبدالله بن احمد النسفي، المتوفى سنة 701 هــ ويسمى تفسيره : (مدارك التنزيل، وحقائق التأويل).
5. تفسير النيسابوري، ويسمى تفسيره (غرائب القرآن، ورغائب الفرقان). مؤلفه الشيخ نظام الدين الحسن محمد النيسابوري، المتوفى سنة 827 هــ.
6. تفسير أبي السعود ، مؤلفه القاضي محمد بن محمد بن مصطفى الطحاوي، المشهور بأبي السعود، والمتوفى سنة 952 هــ.
7. تفسير أبي حيان ، واسمه ( البحر المحيط ) مؤلفه الشيخ محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي ، المتوفى سنة 745.
8. تفسير الزمخشري، وشهرته : تفسير الكشاف، مؤلفه : محمود بن عمر، الملقب بجارالله. المتوفى سنة 538 هــ.

وغير ذلك الكثير من مؤلفات الفرق الصوفية، والشيعة، وغيرهم .


ومن كتب التفسير بالإشارة :


1. تفسير القرآن الكريم، وشهرته : تفسير التستري، مؤلفه : أبو محمد سهل بن عبدالله التستري. المتوفى سنة 283 هــ.
2. حقائق التفسير، وشهرته : تفسير السلمي، مؤلفه : أبو عبدالرحمن محمد بن حسين السَلمي. المتوفى سنة 412 هــ.
3. الكشف والبيان ، وشهرته : تفسير النيسابوري، مؤلفه : أحمد بن إبراهيم النيسابوري. المتوفى سنة 427 هـ.
4. تفسير ابن عربي ، وشهرته : تفسير ابن عربي، مؤلفه : محيي الدين بن عربي - النكرة -. المتوفى سنة 638 هــ.
5. روح المعاني ، وشهرته : تفسير الألوسي ، مؤلفه شهاب الدين محمد الألوسي. المتوفى سنة 1270 هــ.


انتهى بفضل الله - تعالى -.

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأرجو من الله - جلّ في علاه - القبول والثبات.

من محاضرات مادة التفسير في اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله - تعالى -.

بقلم وتقديم : ام عبدالله نجلاء الصالح.
________

المراجع :

1. التبيان في علوم القرآن للشيخ محمد على الصابوني – رحمه الله تعالى -.
2. أصول التفسير لفضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -.
3. تفسير القرطبي – رحمه الله تعالى -.
4. فصول في أصول التفسير للشيخ مساعد بن سليمان الطيار. – حفظه الله تعالى -.
5. كتاب التفسير من مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -.
6. مختصر العلو للذهبي بتحقيق شيخنا محمد ناصر الدين الألباني – رحمهما الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 05-21-2010, 07:47 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

جزاك الله خيرًا أيتها الفاضلة، وجعل ما تكتبين في موازين حسناتك.
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 05-21-2010, 10:53 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم زيد مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرًا أيتها الفاضلة، وجعل ما تكتبين في موازين حسناتك.
وإياكم ابنتي الغاليـــــة ولكم بمثل وزيادة "رؤية وجه الله الكريم في جنة عرضها كعرض السموات والأرض".
شكر الله لكم المرور والدعاء وبارك فيكم وعليكم.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-21-2010, 11:04 AM
أم عبدالله الأثرية أم عبدالله الأثرية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 729
افتراضي

ماشاء الله تبارك الرحمن
جزاك الله عنا كل خير أختنا وأمنا الغالية " أم عبدالله نجلاء الصالح"
سدد الله رميك وأثقل لك موازين حسناتك
__________________
وعظ الشافعي تلميذه المزني فقال له: اتق الله ومثل الآخرة في قلبك واجعل الموت نصب عينك ولا تنس موقفك بين يدي الله، وكن من الله على وجل، واجتنب محارمه وأد فرائضه وكن مع الحق حيث كان، ولا تستصغرن نعم الله عليك وإن قلت وقابلها بالشكر وليكن صمتك تفكراً، وكلامك ذكراً، ونظرك عبره، واستعذ بالله من النار بالتقوى .(مناقب الشافعي 2/294)
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-22-2010, 12:37 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبدالله الأثرية مشاهدة المشاركة
ماشاء الله تبارك الرحمن
جزاك الله عنا كل خير أختنا وأمنا الغالية " أم عبدالله نجلاء الصالح"
سدد الله رميك وأثقل لك موازين حسناتك
آمين ... آمين يا الغــــــــالية " أم عبدالله الأثرية "، ولكم بمثل وزيادة " رؤية وجه الله الكريم في الفردوس الأعلى من الجنة.

شكر الله لكم المرور والدعاء، وجزاكم الله عني خيرا.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 12-08-2011, 10:45 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الاختصار في تكرار الألفاظ بقدر الإمكان. أساليب بلاغية من تفسير ابن عثيمين رحمه الله

الاختصار في تكرار الألفاظ بقدر الإمكان :

أساليب بلاغية من تفسير ابن عثيمين – رحمه الله تعالى -.

﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [سورة البقرة : 136].

عبر الله - تعالى – بقوله : ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ، وفي موسى وعيسى قال – تعالى - : ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى؛ فهل هناك حكمة في اختلاف التعبير؟.

فالجواب : أن نقول بحسب ما يظهر لنا - والعلم عند الله : إن هناك حكمة لفظية، وحكمة معنوية.

الحكمة اللفظية: لئلا تتكرر المعاني بلفظ واحد؛ لو قال: «ما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وما أنزل إلى موسى ... وما أنزل إلى النبيين» تكررت أربع مرات؛ ومعلوم أن من أساليب البلاغة الاختصار في تكرار الألفاظ بقدر الإمكان.

أما الحكمة المعنوية : فلأن موسى وعيسى دينهما باقٍ إلى زمن الوحي، وكان أتباعهما يفتخرون بما أوتوا من الآيات؛ فالنصارى يقولون: عيسى بن مريم يُحيي الموتى، ويفعل كذا، ويفعل كذا؛ وهؤلاء يقولون: إن موسى فلق الله له البحر، وأنجاه، وأغرق عدوه، وما أشبه ذلك؛ فبين الله - سبحانه وتعالى - في هذا أن هذه الأمة تؤمن بما أوتوا من وحي وآيات.

حذف الفاعل : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [سورة البقرة : 206].

البلاغة التامة في حذف الفاعل في قوله - تعالى - : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ؛ ليشمل كل من يقول له ذلك؛ فيكون رده لكراهة الحق.

المخاطبة بالمجمل : ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ [سورة البقرة 235].

أسلوب من أساليب البلاغة لقوله تعالى : ﴿ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ؛ ومن فوائد الإجمال أن النفس تتطلع إلى بيانه، وتحرص عليه حتى تدركه؛ فإذا أدركت البيان بعد الإجمال كان ذلك أحرى بأن يبقى العلم في نفس الإنسان، ولا ينساه.

جواز حذف ما كان معلوما : ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ۞ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [سورة البقرة 242 - 243].

هو ما يسمى عند البلاغيين بإيجاز الحذف لقوله - تعالى - : ﴿مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ. والتقدير: «فماتوا ثم أحياهم»؛ وهذا كثير في القرآن، وكلام العرب.

تبيان المعقول بالمحسوس : ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [سورة البقرة 265].

يحسن في التعليم أن يبين المعقول بالمحسوس لقوله – تعالى - : ﴿ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ؛ وهذا من البلاغة؛ لأنه يقرب المعقول إلى أذهان الناس.

إظهار في موضع الإضمار : ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى [سورة البقرة 282].

قوله – تعالى - : ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى من البلاغة : إظهار في موضع الإضمار؛ لأنه لم يقل: فتذكرها الأخرى؛ لأن النسيان قد يكون متفاوتاً، فتنسى هذه جملة، وتنسى الأخرى جملة؛ فهذه تذكر هذه بما نسيت؛ وهذه تذكر هذه بما نسيت؛ فلهذا قال - تعالى - : ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى : لئلا يكون المعنى قاصرًا على واحدة هي الناسية، والأخرى تذكرها.

تكرار الاسم مرتين بصيغة التعريف فالثاني هو الأول : ﴿فإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا۞ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا [سورة الشرح 5 – 6].

قال ابن عباس - رضي الله عنهما - عند هذه الاية : «لن يغلب عسٌر يسرين» ، وتوجيه كلامه ـ رضي الله عنه ـ مع أن العسر ذكر مرتين واليسر ذكر مرتين.[1]

قال أهل البلاغة : توجيه كلامه أن العسر لم يذكر إلا مرة واحدة ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ۞ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا العسر الأول أعيد في الثانية بال، فال هنا للعهد الذكري، وأما يسر فإنه لم يأت معرفًا بل جاء منكرا.
________

[1] والقاعدة : أنه إذا كرر الاسم مرتين بصيغة التعريف فالثاني هو الأول إلا ما ندر، وإذا كرر الاسم مرتين بصيغة التنكير فالثاني غير الأول، لأن الثاني نكرة، فهو غير الأول، إذاً في الايتين الكريمتين يسران وفيهما عسر واحد، لأن العسر كرر مرتين بصيغة التعريف ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا هذا الكلام خبر من الله عز وجل، وخبره جل وعلا أكمل الأخبار صدقاً، ووعده لا يخلف، فكلما تعسر عليك الأمر فانتظر التيسير.


تفسير القرآن الكريم / محمد بن صالح العثيمين.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 07-09-2013, 10:39 AM
ام توفيق حنان ام توفيق حنان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: الاردن
المشاركات: 90
Thumbs up استفدت كثيرا



جزاك الله خيرا حبيبتنا الغالية أم عبد الله
استفدت كثيرا من الموضوع
جزاك الله خيرا ورفع قدرك وأعلى ذكرك
اللهم ءاميـــــــــــــــــن


__________________
مما اعجب الشيخ المحدًث ابي اسحق الحويني حفظه الله:
انً الحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيل الله
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.