فوائد ومنثورات من سيرة الشاعر البطل عنترة بن عمرو بن شدّاد العَبْسِي(ت 22 ق.هـ./601م)

[أبو معاوية البيروتي]

فوائد ومنثورات من سيرة الشاعر البطل عنترة بن عمرو بن شدّاد العَبْسِي ( ت 22 ق.هـ. / 601 م )
كتبه
أبو معاوية مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي

هَلْ غَادَرَ الشّعراءُ مِنْ مُتَرَدَّم ..... أَمْ هَلْ عَرَفتَ الدّارَ بَعدَ تَوَهّمِ؟

الحمد لله وحده،
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،
وعلى آله وصحبه .

أما بعد، فهذا موضوع أكتبه لجمع فوائد ومنثورات من سيرة شاعر العرب وبطلها في الجاهلية عنترة بن عمرو بن شداد العبسي ( ت 22 ق.هـ. )، وعنترة هو أحد أصحاب المعلّقات السبع المشهورة، وسيرته وبطولاته وشعره يتناقلها المسلمون جيلاً بعد جيل، ولكن كما حصل مع سيرةِ عددٍ من الأبطال المشهورين كأبي محمد البطّال ( ت 113 هـ ) وغيره، زاد القصّاصون في السيرة قصصاً خيالية جعلتها كأساطير ألف ليلة وليلة وغيرها، وعلّة ابتداء الكذب في قصص الأبطال ذكرها ابن النديم في " الفهرست " فقال : " قال محمد بن إسحاق : كانت الأسمار والخرافات مرغوباً فيها مشتهاة في أيام خلفاء بني العباس، وسيما في أيام المقتدر ( جعفر بن أحمد / 282 – 320 هـ )، فصنف الورّاقون وكذّبوا، فكان ممن يفتعل ذلك رجل يعرف بابن دلان واسمه أحمد بن محمد بن دلان وآخر يعرف بابن العطّار وجماعة " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( ت 728 هـ ) في " مجموع الفتاوى " : إِنَّ عَنْتَرَةَ كَانَ شَاعِرًا فَارِسًا مِنْ فُرْسَانِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَهُ شِعْرٌ مَعْرُوفٌ وَقَصِيدَتُهُ إحْدَى السَّبْعِ الْمُعَلَّقَاتِ لَكِنْ افْتَرَوْا عَلَيْهِ مِنْ الْكَذِبِ مَا لَا يُحْصِيه إلَّا اللَّهُ وَكُلُّ مَنْ جَاءَ زَادَ مَا فِيهَا مِنْ الْأَكَاذِيبِ . اهـ .

وتتنوع فوائد ومنثورات المقال ما بين عقدية وتاريخية وأدبية ولغوية وغيرها، وترجمة عنترة من مصادر قديمة، ومَن هو أوّل مَن ألّف في سيرة عنترة، وما هي الكتب المطبوعة في سيرته – وما تُرْجِمَ منها –، وما هي الكتب المطبوعة عن معلّقته وديوانه ومَن شرحها، وما استشهد به العلماء مِن شعره في مصنفاتهم في مختلف الفنون .

وأستفتح المقال بفائدة عقدية جميلة عن قول عنترة في أن الله مستوٍ على عرشه، استشهد بها ابن تيمية ( ت 728 هـ ) في " منهاج السنة النبوية "، واستشهد بها ابن قيّم الجوزية ( ت 751 هـ ) في " اجتماع الجيوش الإسلامية " حيث قال :
وهذا باب واسع جدًّا لا يتَّسِع لذكره مجلد كبير، ويكفي أن شعراء الجاهلية مقرَّة به على فطرتهم الأولى، كما قال عنترة في قصيدته :

يا عَبلُ أينَ من المَنيَّة ِ مَهْربي ... إن كانَ ربي في السَّماءِ قَضاها

قال أبو معاوية البيروتي : ونسب البيت لعنترة أبو غالب محمد بن المبارك بن محمد بن ميمون ( ت 597 هـ ) في كتابه " منتهى الطلب من أشعار العرب " .

[نجيب بن منصور المهاجر]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسن الله إليك وبارك أستاذي الفاضل : قلت في مقالك الموسوم ب ( فوائد ومنثورات من سيرة الشاعر البطل عنترة بن عمرو بن شدّاد العَبْسِي(ت 22 ق.هـ./601م)) : (وأستفتح المقال بفائدة عقدية جميلة عن قول عنترة في أن الله مستوٍ على عرشه) وأوردت قول عنترة لن شداد : (يا عَبلُ أينَ من المَنيَّة ِ مَهْربي ... إن كانَ ربي في السَّماءِ قَضاها)
لكن البيت لا يدل على (إستواء الله على عرشه) بل يتفاد منه إقرار الفطرة بصفة (العلو) والله أعلم

....................
- أعلم أن هذا التنبيه لم يضف للمقال شيئا ولكنه على مبدء (لا تحقرن من المعروف شيئا) ونحن في (حرب) قد يستخدم فيها (عدوك) كلّ سلاح ويستغل كلّ هوة

[أبو معاوية البيروتي]

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
بارك الله فيك أخي المهاجر وجُزِيتَ خيراً على التعقيب،
وجملة ( قول عنترة في أن الله مستوٍ على عرشه ) هي من تبويب كتاب ( اجتماع الجيوش الإسلامية ) على بيت الشعر، ولستُ كاتبها،
بقي أن نراجع نسخ الكتاب لنرى إنْ كانت الجملة من كلام ابن القيّم أو أُضيفَت كتبويب !

[يسين التاهرتي]

السلام عليكم أخي أبو معاوية انما الذي كان من عنترة هواقرار اعلاء ذات لله تبارك وتعالى .

[أبو معاوية البيروتي]

نعم أخي ياسين بارك الله فيك،
وقد نقلت تلك العبارة ( قول عنترة في أن الله مستوٍ على عرشه ) كما هي من " الشاملة " ظنًّا منّي أن ابن القيم قالها رغم استغرابي من الاستدلال بها على الاستواء لأن البيت يشير إلى العلو فقط،
وراجعتُ نسخة محققة من أحد الدكاترة السعوديين - وطبعته مكتبة الرشد - فلم أجدها فيه،
فيبدو أنها مقحمة وليست من تبويب ابن القيم رحمه الله .

[أبو معاوية البيروتي]

مَن أوّل مَن ألّف في سيرة عنترة

قال حسن سعيد الكرمي ( 1905 – 2007 م ) في كتابه " قول على قول " ( 2 / 372 – 373 / ط . دار لبنان ) :
قصة عنترة قصة مشهورة بالفعل، وحوادثها كثيرة، منها ما جرى في حرب داحس والغبراء، وفي حروبه مع قبيلة طيء، وغيرها، ومنها حبُّه لعَبْلة، وهذا أشهرُ لكثرةِ ما شَبَّبَ بها في أشعاره، وفي مُعَلّقته المشهورة .
وقصة عنترة كما يرويها أصحاب الحكايات طويلة، لا يتّسِع المقام لذكرها، ولا شَكَّ أنَّ لهذه القصّة أساساً، ولكنّ الرواة زادوا عليها ونمّقوها حتى وصلتنا وهي في حالتها الحاضرة .
ولا يُعْرَف مَن جمع السيرة أول ما جُمِعَت، ولكن يُقالُ إنه كان في القاهرة رجلٌ يُعْرَف بالشيخ يوسف بن إسماعيل، في أيام العزيز بالله بن المُعِز بالله الفاطمي في القرن العاشر الميلادي أو في القرن الرابع الهجري، فحدثَت ريبةٌ في قصر الخليفة الفاطمي – كما يُروى – وتحدّث الناسُ بها في بيوتهم وفي الأسواق، فاستاءَ العزيزُ وأراد أن يصرف أذهان الناس عن ذلك، فأشار إلى الشيخ يوسف المذكور أن يُوجِد شيئاً يشتغل به الناس، وكان الشيخ يوسف واقفاً على أخبار العرب ونوادرهم وأحاديثهم، ونقل عن الأخباريين والرواة العرب مثل أبي عُبيدة ونجد بن هشام وجُهينة اليماني المعروف بجهينة الأخبار وعبد الملك بن قُرَيب المعروف بالأصمعي، وغيرهم من الأخباريين والرواة، فبدأ يؤلّف قصة عنتر ويوزّعها على الناس، فالْتهوا بها ونسُوا ما كانوا يتحدّثون فيه .
وقَسَّم الشيخ قصة عنترة إلى اثنين وسبعين كتاباً، وكان يقطع الحكاية عند موقف مُتأزِّم لكي يجعل القارئ في حالةِ تشوّقٍ للوقوف على تمام الحكاية في الكتاب التالي وهكذا .
ويُقال أيضاً أنّ شخصاً آخر جمع قصة عنترة، وهو ابن الصائغ الجزري، وكان ذلك في القرن السادس للهجرة أو الثاني عشر للميلاد .
ونُسِبَت القصة إلى الأصمعي .
وكُتِبَ عن عنترة في اللغات الأجنبية، وخصوصاً الأوروبية كالفرنسية والانكليزية والألمانيّة، ولديَّ نسخةٌ بالانكليزية لقصة عنترة، ترجمها أحد الدبلوماسيين الانكليز الذين كانوا في استانبول في القرن الثامن عشر . اهـ .

=================

قال أبو معاوية البيروتي : ذكر إِلْيان سركيس في " معجم المطبوعات العربية " : أنّ دوفيك " مرسل " (Devic) Marcel 1886.
اشتهر بين المستشرقين الفرنساويين ... وترجم مختصر سيرة عنترة بن شداد وطبعت سنة 1864 إلى 1870 .

[أبو معاوية البيروتي]

عندنا مثل لبناني - ولعلّه منتشر في بلاد الشام بأقسامها الأربع - يقول :

مِن معرفته بالصحابة ترضّى على عنتر !!

وذكرته في كتابي " ألف مثل ومثل " تحت رقم ( 838 )،
ويُقال للدلالة على جهل شخصٍ ما .

وقد حدّثني الأستاذ بلال الشاويش حفظه الله،
أن الشيخ محمد لطفي الصباغ كان يحضر خطبة جمعة،
وإذْ بالخطيب يذكر عنترة ويترضّى عليه !
فقال الشيخ الصباغ بعد الخطبة : صدق في ذاك الخطيب قول المثل :
مِن معرفته بالصحابة ترضّى على عنتر !!

[أبو معاوية البيروتي]

عَبْلَة



أ.د عبد الله الدايل

محبوبة عنترة: (عَبْلَة) كما في الروايات الأدبية والتاريخية، فما معنى (عَبْلَة)؟

معنى (عَبْلَة): تامَّة الخَلْق، كما في المختار والمصباح، وفعلها (عَبُلَ) يقال: «عَبُلَ الشيء عبالة، فهو عَبْل مثل: ضَخُمَ ضَخَامةً، فهو ضَخْم وزناً ومعنى ورجل عَبْل الذراع: ضَخْم الذراع» كما في المصباح، وفي الوسيط: «عَبِلَ عَبَلاً: غَلُظَ وضَخُمَ واْبيَضَّ».

و(عَبُلَ) مثله أي أنَّ الفعل (عبل) يرد بضم الباء وبكسرها أي أنه سُمع بالوجهين. وجمع (عَبْلَة) (عَبْلات) و(عِبَال) مثل: ضَخْمات وضِخَام كما في المختار.

يتبيَّن أنَّ معنى (عَبْلَة): تامة الخَلْق مع ارتواء وبياض.

[يسين التاهرتي]

بارك الله في أخي أبو معاوية. _** ننتظر المزيد**_

[أبو معاوية البيروتي]

وفيكم بارك أخي ياسين،
ولكي لا تخلو مشاركتي من فائدة، فأقول :
قال حسن سعيد الكرمي ( 1905 – 2007 م ) في كتابه " قول على قول " ( 8 / 30 / ط . دار لبنان ) :
أما زواج عنترة بعبلة، فليس فيما ذكرته كتب الأدب ما يدل قطعاً عليه .