الجديد وما لم يُنشَر من سيرة الإمام المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني(1333 - 1420 هـ)

[أبو معاوية البيروتي]

من على فراش الموت كيف كان رد الإمام الألباني ؟

بقلم/ طارق بن محمد سكلوع العمودي البكري التيمي القرشي.

حرر: فجر السبت الموافق : 1\2\1436هـ

لعل القارئ يوافقني أن خير من يدافع أو يدفع في ما يقال عنه ، هو ذلك الشخص بعينه ؛ التي قيلت فيه تلك المقولة.

وعليه فإنني أصحبكم لنرى كيف دفع الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ عن نفسه تلك المقولة التي تقول بتساهل الألباني في تصحيح الأحاديث النبوية.

قال السيد الشريف العلامة محمد الحسن بن علي الكتاني الحسني في رسالته :

” نقد كتاب الشبوكي عن الشيخ التليدي ” .

المطبوع ضمن رسائل في كتاب مصدر بعنوان :

” إظهار البشاشة في الجواب على أسئلة سجن عكاشة” ،( ص 125-126) :

( ولا شك أن كل منصف يشهد بأن الله تعالى جدد شباب علم الحديث على يد الإمام الألباني رحمه الله تعالى ؛ حتى عاد غضاً طرياً .

أخبرني أبو موسى عصام هادي أنه زار الألباني على فراش الموت ، فقال له :

ـ إن ابن عثيمين يقول : الألباني عنده تساهل في تصحيح الأحاديث.

فقال له الألباني:

ـ لقد أدركتُ زماناً وأهل نجد لا يفرقون بين الصحيح والضعيف .

ولم يكن أحدٌ إذ ذاك يهتم بهذا العلم الشريف.

فإذا وصلنا لزمان ارتقى الحال بهذا العلم وانتشر ؛ حتى يقال: إني متساهل في الحكم على الأحاديث ؛ فإننا بحمد الله في خير.

ثم ذكر جهوده في ذلك وجعل يبكي ؛ رحمه الله رحمة واسعة وجعل الجنة مثواه) انتهى الشاهد الذي أردناه مما نقله لنا السيد الكتاني حفظه الله.

قلت : أشهد بالله بأن ماقاله الإمام الألباني هو لب الحقيقة ، وقد صدق وهو على فراش موته.

وو الله إنني لفي ذهول بالغ من هذا الثبات الراسي كالجبال .

وتالله إنني لفي استغراب شديد من هذا الوعي التام عند السكرات الذي قلَّ من يبلغه وهو في هذه الحالة القريبة من الاحتضار إن لم يكن هو هو بعينه .

فكانت هذه الكلمات الواضحة الراسخة ، التي دلت على الرؤية الواضحة ، والرسالة الكافية الشافية التي اختزلت سنوات حياته الطويلة في خدمة جناب السنة النبوية .

ووالله إنني لممتلئ من هذا الإمام الفخم الفخيم ؛ بحيث لو عصرتني عصراً فلن ينزل مني غير ألبانيات في ألبانيات .

بحيث أرجو أن يكون ذلك عن حب السنة والاقتداء بالنبي الأعظم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ممثلا في طريقة الألباني كقدوة عالية ، وقامة باسقة .

وأرجو أن لا يؤاخذني رب البريات إن كان ذلك عن تعصب من حيث لا أشعر.

إن الصورة التي نقلناها عن الألباني وهو على فراش الموت حريّ أن تلتحق بمثيلاتها عن العظماء المذكورين في الكتاب القيم الرائق الفريد :

” على فراش الموت ” للأستاذ الأديب طاهر أحمد الطناحي رحمه الله.

كما نرى في كلامه رحمه الله أدب العلماء ؛ فإنه لم يجرح الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ بحرف واحد ، وهكذا يكون الاختلاف من غير فجور ولا تنديد ولاتنقيص ، مع حفظ المقامات .

والتساهل المذكور منبعه الخلاف بين منهجي المتقدمين والمتأخرين من أهل الحديث .

فالمتقدم يرى كثرة الطرق الضعيفة دلالة على ضعف الحديث ،فلا تزيده كثرة تلك الطرق الضعيفة إلا ضعفاً بحيث إنه لم يضبط.

والمتأخر يرى كثرة طرق الأسانيد المحتملة الضعف خفيفه ، يرتقي بها للاحتجاج ؛ بما يسمى ( الحسن لغيره) وهذا مجال فيه تفصيل ليس هنا محله.

وأحب أن ألفت الانتباه بأنه أيام الطلب في كلية الحديث الشريف. بالمدينة النبوية أجواء أعوام ( 1410هـ. ـ 1415هـ) نبتت بين الطلاب نابتة مافئتت تغمز وتلمز في منهج تصحيح وتضعيف الإمام الألباني .

وتناسوا فضله عليهم ، وأنهم ماالتحقوا بكلية الحديث إلا بعد أن شبعوا ونهلوا وسمعوا من كتب وصوتيات الإمام الألباني فحبب لهم هذا العلم الشريف .

فيأتي أحدهم لم ينبت شاربه بعد ، أغبر المنظر كريهه ، أُخيفش لا تكاد يتبين لك قسمات وتضاريس وجهه من اغبراره فيقول متبجحاً من غير حياء :

باستطاعتي الاستدراك على مجلد واحد من مجلدات السلسلة الصحيحة أو الضعيفة بأن أضع عليها عشر مجلدات ؟!!

إي والله قالها لي ، فكدت أصفعه صفعة يرتج منها دماغه لايقوم منها حياً البته ، غير إنني تمهلت حينها كوني كنت معه في مكان عام ، وكان لطف الله بي وبه.

وآخر يصف الألباني يوم انتصر للقول بجواز كشف وجه المرأة ، بأنه يستطيع تزيين لك الباطل كونه كان حنفي المذهب ، والأحناف أهل مدرسة الرأي والعقل والجدال ، فبقيت بواقيها مترسبة فيه ؟!!

وهكذا يكون رد الجميل ، فنافحت عنه حينها بالعلم والحجة ، وهجرت من يفجر فيه . والله حسيبهم.

إنني اختلف معه ـ رحمه الله في مسائل جمة ، لم تنقص من قدره وحبي له مثقال ذرة. لكونه إمام مجتهد فقيه.

وهذا سلسلة الهدى والنور الصوتية شاهدة على ذلك .

وما زال طوال حياته حتى مماته يصحح ويعدل ويتراجع ويقبل النقد فيما صححه أو ضعفه من أحاديث وآثار .

وقد صدر في حقه مصنف في تراجعاته من أحد طلبة العلم ، وهو مطبوع منشور.

وخلاصة القول فيما ظهر لي عن تتبع لا أدعي فيه الحصر والدقة المتناهية ، غير أنها تعطي مرآة واضحة المعالم ، من أن:

الأمام المحدث الألباني لفق بين منهجي المتقدمين والمتأخرين ، مع ميلان طفيف إلى المتأخرين.

وأما تعديله وتجريحه في الرواة ، فهو من طبقة المعتدلين كالإمام أحمد بن حنبل وأمير المؤمنين في الحديث البخاري صاحب الصحيح وغيرهما.

فرحمات ربي المتتاليات على قبره ، وأجزل مثوبته بما قدمه للإمة جمعاء.

[أبو معاوية البيروتي]

الإمام الألباني يُنشَر خبر وفاته في جريدة وهو حي! ووضعوا صورة قبره!!

ذكر الشيخ محمد زياد التكلة أن الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ذكر في بعض أشرطته أنه رأى خبر وفاته في جريدة، ووضعوا صورة قبره تأكيداً للخبر!

[أبو معاوية البيروتي]

لقاء الإمام الألباني بالشيخ إسماعيل العتيق

قال الشيخ إسماعيل العتيق :
الشيخ ناصر الدين الألباني: شيخ الشام والمحدّث الشهير بعد أنْ لفظته سوريا وخرج منها هارباً، استقبلته الأردن فكان شيخ الشباب ومرجع الفتيا، وله جلسات وندوات في الأردن، ولم يكن الشيخ ناصر في يوم من الأيام عزم على التنظيم والتكتيك الحزبي أو الجماعي، ولكن شعاره السلفية ودعوته الأخذ بالدليل في جميع المسائل والقضايا العقدية والفقهية، لقد وجد الشيخ ناصر متنفّساً في الأردن ليقول كلمته ورأيه حتى في الأمور السياسية والقضايا العامة، وقد ذاع ذكر الشيخ وكثر رواد مدرسته، إما باللقاء أو بدراسة كتبه في الكويت والخليج العربي والمملكة، التقيتُ بالشيخ ناصر في الأردن وذكّرته مقابلتي له في الشام عام 1380 هـ حينما أخبرته أنني سمعت في المملكة أنك مرشّحٌ للتعليم في المدينة، فقال لي : لي معشوقة في دمشق لا أفارقها، وهي لا تصحبني، فغاب عني مغزى كلامك، فقلت: معشوقتك هي المكتبة الظاهرية وها أنتَ قد فارقتها، قال نعم هكذا المقادير.
وما شاء الله، كان الشيخ ناصر الألباني قوي الشخصية قوي الحجة يفقد العاطفة واللين مع كثير من إخوانه، وقد حدث أن اختلف مع صديقه الشيخ نسيب الرفاعي في قضية عصمة زوجات الأنبياء من الزنا، فالشيخ نسيب يقول: هنّ منزّهات عن الفاحشة ولا نقول بعصمتهن، وسَبَّب ذلك هجراناً من الشيخ ناصر مدة تزيد على عشر سنوات ولا تزال؛ عفا الله عن الجميع وغفر لهما.

[ناصر اليماني]

قد كثر المتكلمون على الإمام الألباني من هؤلاء الأغمارِ الذين لم يطئوا بعد عتبة باب العلم فترى الواحد منهم يقول بالاستدراك عليه في السلسلة وأن فيها ما فيها ( زعم ) وإني لعلى يقين أن ما تحت أديم السماء أعلم من الألباني في علم الحديث قدس الله روحه.

[أبو معاوية البيروتي]

معنى كلمة (أرناؤوط)

قال الشيخ محمد بن ناصر العبودي في ((كنت في ألبانيا)) :

كان الإخوة في ألبانيا يسارعون بقولهم: ( إنهم الألبان، لأنّ الأرناؤوط هم الألبان )، وهذا أمر نعرفه منذ سنين طويلة، ولكنني لا أعرف معنى كلمة (أرناؤوط)، وقد سألتُ عنها عدداً من الإخوة الأرناؤوط الموجودين في سوريا قبل عشرات من السنين – ومنهم صديقنا الشيخ ناصر الدين الألباني والشيخ عبد القادر الأرناؤوط من علماء سوريا – فكانوا يجيبونني وهم يبتسمون - علامة على أنهم لا يعتقدون بصحة ما يقولون – بأنّ أصلها جملة عربية هي (عار أن نعود)، ويقولون إن طائفة من العرب المسلمين كانوا يقاتلون الكفار فلقوا عدداً من المقاتلين أكثر من أن يكون في طاقتهم أن يقاتلوهم، فأرادوا الهروب من ذلك وعدم قتالهم، غير أنهم تشاوروا وقال بعضهم (عار أن نعود) عن القتال، فاجتمعت كلمتهم على ذلك وصاروا يردّدون هذه الجملة التي تحولت على الأيام إلى كلمة (أرناؤوط) بدافع الاختصار عند التكرار.

ولكن الذين حدّثوني بذلك لم يكونوا يجزمون بصحته وإنْ كان فخراً من الفخر لهم، وإنما يقولون: هكذا يقول الناس، وبعضهم يضيف: والله أعلم.

وسألت الإخوة هنا عن معنى الكلمة فلم أجدهم يعرفون بما قيل عن أصلها، وإنما كانوا يذكرون لنا أنها اسمٌ للألبانيين، سمّاهم الأتراك به، وقد نقلوا هذا الاسم عن اسم قديم للألبان قريبٌ من هذا اللفظ عُرِفَ عن اليونان والرومان أنهم سمّوا الألبان به في عصر من العصور التاريخية.

وانظر ((كناشة البيروتي)) (215) : بيان الإمام محمد ناصر الدين الألباني للفرق بين كلمة ( الأرناؤوط ) وكلمة ( الألباني ).

[أبو معاوية البيروتي]

توفي قبل أمس في مدينة - جدة - السعودية فضيلة الشيخ - :
- عبد المصور الألباني -
ابن شيخنا الإمام العلامة المحدث - :
- محمد ناصر الدين الألباني - رحمها الله تعالى

ولقد علق الشيخ علي بن حسن الحلبي حول هذا الخبر بقوله - :

(( رحم الله أخانا الفاضل الشيخ
أبا محمد عبد المصور:
ابن شيخنا محمد ناصر الدين الألباني
-تغمدهما الله برحمته-
؛فقد توفي اليوم بعد مرض ألمّ به.
فنرجو ربنا - سبحانه - أن يكون مرضه
كفّارة لذنوبه ، ورفعا لدرجاته.
ولا أعرف عن الأخ المكرم الشيخ عبد المصور إلا كل خير في دينه ودنياه.
رحمه الله. ))

[أبو معاوية البيروتي]

فوائد عن العلامة الألباني من لقائي مع ابن أخيه جعفر بن محمد منصور

الحمد لله، جلست أنا وولداي عمر وعثمان والأخ عمران العلبي وبعض الإخوة مع الشيخ جعفر بن محمد منصور بن نوح آل آدم الألباني، وهو ابن أخ العلّامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، ومن مواليد سنة 1955 م ، ( وأفادني أنه لم يدرك شيئاً من حياة جدّه نوح لأنَّ الجد ولد سنة 1878 م وتوفي سنة 1958 م )، وكان الشيخ جعفر مارًّا ببيروت في زيارة قصيرة، فاجتمعنا به في أحد المساجد، وهو شديد الشبه بعمّه العلامة، ويلبس قميصاً أبيضاً مقصًّرا وقلنسوة بيضاء، وكانت جلسة قصيرة ولكن ممتعة، حدّثنا فيها عن بعض الفوائد والقصص مع عمِّه العلامة محمد، ومنها:

- عائلة العلامة وإخوته هي ( آدم )، فعندما توفي الجد نوح قالت الدولة لهم: أعطونا اسم أقدم جد لكم – ربّما لحصر إرث أو شيء آخر ليجمعوا العائلة – ، فقالت العائلة لهم : ( آدم )، ولعلّه جدّ والدي، أو جدّ جدّي، فأصبح اسم عائلتنا ( آدم ).

- أن الصورة التي انتشرت عن شخص يشبه الشيخ الألباني يجلس في دكان وحوله الكتب هي في الحقيقة صورة لوالده منصور، وكان عنده دكان تجليد كتب قرب المسجد الأموي.

- دعاه عمُّه العلّامة مرّة إلى الطعام ببيته في الأردن، وبعد الانتهاء قال جعفر لعمّه: (( اللهم أطعم مَن أطعمني واسقِ من سقاني، وأكل طعامكم الأبرار، وأفطر عندكم الصائمون، وصلّت عليكم الملائكة )). فأنكر عليه عمُّه قائلاً: (( مَن قال لك تجمع بين الاثنتين؟! )) تكفي واحدة.

- سألته إنْ مرَّت على العلّامة فترة جمع فيها بين زوجتين، فأجابني بالإيجاب، وأنه مرَّت فترة جمع بين الزوجة الثانية (ناجية اليوغوسلافية) والثالثة (خديجة القادري السورية)، ومرَّت فترة جمع فيها بين الزوجة الثالثة والزوجة الرابعة (أم الفضل) التي تزوجها في منتصف رمضان سنة 1401 هـ / 1981 م. وسألتهُ لأنَّ البعض أنكروا أن الشيخ الألباني جمع بين زوجاته، بل تزوج كلًّا على حِدة، وها قد جاءنا إثبات الجمع، وعند جهينة الخبر اليقين.

وهناك أخبارٌ أخرى لم أذكرها لأن الشيخ طلب عدم نشرها.

* وكتبه أبو معاوية البيروتي ليلة الأحد 22 ذو القعدة 1436 هـ / 6 أيلول 2015 م

[مروان السلفي الجزائري]

- دعاه عمُّه العلّامة مرّة إلى الطعام ببيته في الأردن، وبعد الانتهاء قال جعفر لعمّه: (( اللهم أطعم مَن أطعمني واسقِ من سقاني، وأكل طعامكم الأبرار، وأفطر عندكم الصائمون، وصلّت عليكم الملائكة )). فأنكر عليه عمُّه قائلاً: (( مَن قال لك تجمع بين الاثنتين؟! )) تكفي واحدة.

جميلة هده الفائدة .

جزاك الله خيرا و بارك الله لك في الأهل و الأولاد .

[أبو معاوية البيروتي]

وفيكم بارك أخي مروان .

[أبو معاوية البيروتي]

من آخر كلمات العلامة الالباني

حدثنا أبو اليسر (عام 2003م)أحد أبرز تلاميذ الشيخ الألباني ، وقد مكث في بيته يطلب العلم سبع سنوات كما قال لنا.
قال:

دخلت على الشيخ وهو في مرضه الذي مات فيه ،

فقلت: أرقيك يا شيخ.

قال: ليس الأمر بكثير علم ولا عمل ، وإنما هو بالتقوى والإخلاص لله.

***********************
نقله غانم غالب غانم في ملتقى أهل الحديث