أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
35878 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-24-2017, 02:17 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي التَّوفيقُ الرَّبَّانِيّ في مقولةِ :صحَّحهُ الأَلبانِيّ للشيخ / ليث بن أمين العلواني

التَّوفيقُ الرَّبَّانِيّ في مقولةِ (صحَّحهُ الأَلبانِيّ)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على النذير المبين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوقفني بعض الأفاضل على مقالة سوّدها صاحبُها بجهالة، ودبّجها بحماقة، إذ هذا حال من تَعالَم ولم يتعلّم، وبغير ما يُحسن يتكلّم، فنادى بأسطرها على جهله، ودلّل بفحواها على حقده.
وملخّصها: إسقاط الإمام محدّت العصر السَّلَفيّ محمد ناصر الدين الألبانيّ –رحمه الله تعالى وأعلى نزله في جنات النعيم-، من أهليّةِ الحكم على الحديث تصحيحاً وتضعيفاً!، وذكر كاتبها بعض البراهين(!) –بزعمه!- على ذلك، وهو طامر!، ويغامر! بالطعن على هذا الجِهْبِذ السِّفْسَار السِّنِقْطَار.
وإني موردٌ بعض كلام هذا الطامر، ومُكِرٌّ عليه بالإنكار بكلام يشبه في انطلاقه؛ انطلاق الرُّمح الخَطَّار.
* قال: (لم يكن مُحدِّثًا بل ولم يكن يحفظ روايةً واحدةً بإسنادها إلى رسول الله -عليه الصَّلاة والسّلام-، وحتّى لو كان محدِّثاً، فليس له أن يصحِّح، وأن يضعف، لأنَّ التَّصحيح والتَّضعيف ليست(!) للمحدث وإنَّما للحافظ، والحافظ أعلى من المحدِّث في الرُّتبة العلمية، المحدث يحفظ الرِّوايات بأسانيدها، والحافظ يزيد عليه بمعرفة أحوال الرِّجال في كلِّ طبقات الرواية).
قلتُ: قوله (لم يكن مُحدِّثًا): هذا من أعجب العجب!، فثناءات علماء الحديث في هذا العصر، والعلماء الكبار شهيرةٌ وفيرةٌ بالشهادة له بأنه من المُتقِنين المتمكّنين، وقلّ مَن يضارعه في عصره في فنّه!، ولا ننقل إلا كلام الصوفية الطرقية من المشتغلين بالحديث! –الذي يعظّمهم هذا الطامر!- والذين يعدّون الألبانيَّ عدواً لهم!، والفضل ما شهدت به الأعداء!.
قال الإمام الألباني –رحمه الله تعالى- في "السلسلة الضعيفة" (4/5 - 6): (ومن أعاجيب تقديرات الله تعالى؛ أن يضطرّ الغماري إلى الاعتراف بشيء من الفضل تحت مطارق أدلة الحق، فقد ذكرني الغماري هذا (ص 49) من "ترجمته" في جملة من عاصره من أهل الحديث، وقال: "يعرف الحديث معرفةً جيدةً، إلا أنه يعتمد على المناوي وعلي القاري.." إلخ ما رماني به كعادته.
وهذا الاعتماد الذي رماني به إنما هو صفته في الحقيقة!، كما أثبتُّ ذلك في الأمثلة المشار إليها آنفاً، وكأن هذا الاعتراف بالحق والاتهام بالباطل؛ ورثَه من أخيه الأكبر أحمد، فقد اطلعتُّ على خطابين له أرسلهما إلى أحد أصحابه، الأول بتاريخ 29 صفر سنة 1380، والآخر في 22 ربيع الأول من السنة نفسها.
قال في الأول منهما: "وناصر الدّين الألباني قَدِم إلى دمشق، وتعلّم العربية، وأقبل على علم الحديث، (فأتقنه جدّاً جدّاً)، وأعانته مكتبة الظاهر المشتملة على نفائس المخطوطات في الحديث، حتى إني لما زرتها في العام الماضي كان هو الذي يأتيني بما أطلبه، ويعرفني بما فيها، وهو خبيث الطبع، وهابي تيمي جلد...ولولا خبث مذهبه وعناده لكان (من أفراد الزّمان في معرفة الحديث)، مع أنه لا يزال فاتحاً دكان الساعات، وقعت لنا معه مناظرة يطول ذكرها".
وقال في الخطاب الآخر: "والحبشي الذي يرد على الألباني طبع في الرد عليه ثلاثة(!) رسائل، وهو كسائر أهل الوقت يراجع كتب الحديث، وينقل منها!.
أما الألباني فمن الأفراد في معرفة الفن (هنا جملة غير مقروءة من سوء الخط والتصوير) ، إلا أنه في العناد-والعياذ بالله- خلف الزمزمي ... " إلخ.
نقلتُ هذه النصوص للتاريخ أولاً، وليكون القراء على علم بمثل هذه الاعترافات من مثل هؤلاء المبتدعة، لأن لها قيمة لا تقدر، فهي كما قيل قديمًا:"والفضل ما شهدت به الأعداء"!)، انتهى.
ويقول الشيخ المحدّث عبد الله التليدي –رحمه الله- وهو خير من سابقيه-، في معرض حديثه عن المشتغلين بعلم الحديث، في أواخر كتبه وهو: "نصب الموائد لذكر الفتاوى والنوادر والفوائد" (ص 196):
(كان القرن الرابع عشر وأوائل الخامس عشر، يزخران بكبار المحدثين والمشتغلين بالحديث النبوي الشريف، كان فيهم المشارقة والمغاربة، أشهرهم وأنفعهم للمسلمين والإسلام: السيد محمد بن جعفر الكتاني، والشيخ أحمد شاكر، والشيخ حبيب الرحمان الأعظمي، والسيد محمد عبد الحي الكتاني..والأشراف الثلاثة الصديقيون السيد أحمد والسيد عبد الله والسيد عبد العزيز، أبناء السيد محمد بن الصديق الغماري. (والشيخ ناصر الدين الألباني)، والشيخ أبو غدة في جماعة أخرى -رحم الله الجميع-...)، إلى أن قال:
(غير أن الذي امتاز عنهم جميعا بخدمة الحديث الشريف، ودرس أسانيده وبيان صحيحه عن ضعيفه، مع اطلاعه الواسع على كتب السنة بجميع أنواعها: الشيخ ناصر الدين الألباني، فهو بحق -وبيان الحق فضيلة-، تفوّق على الجميع!، بكثرة كتبه الحديثية التي اهتمّ فيها بالصناعة الحديثية، والتصحيح والتضعيف، مما يدلُّ على اطلاعه الواسع ومعرفته بهذا العلم الشريف المعرفة التامة، بلا محاباة!.
وأهم كتبه في ذلك وأنفعها للمختصين في هذا العلم: السلسلة الصحيحة، والضعيفة، وإرواء الغليل بتخريج أحاديث منار السبيل، فإن فيها فوائد عزيزة وعلوم زاخرة تتعلق بهذا العلم الشريف..) انتهى!.
فهذه بعض شهادات علماء الحديث في هذا العصر، ولم نذكر إلا مخالفاً معادياً في المنهج للإمام للالباني، فمَن أنت ومَن تكون؛ حتى يحق لك الكلام في الأئمة، وتقويم علماء السُّنة، فهذا كلام عليك عاره، وإليك شناره، تزري نفسك بنفسك وتكفي غيرك مؤنتك:
أَصَلْمَعةُ بنَ قَلْمَعةَ بنِ فَقْعٍ لَهِنَّك لَا أَبا لَكَ؛ تَزْدَرِيني!
* وقوله: (ولم يكن يحفظ روايةً واحدةً بإسنادها إلى رسول الله -عليه الصَّلاة والسّلام-):
فما يدريك يا هذا!؟، والذي يحفظ مئة إسناد، وهو أخرق مثلك، ماذا ينفعه حفظه!، وهو لا يدري الصحيح من الضعيف ولا المحفوظ من المعلول، ولا يحسن الكلام على الأسانيد ولا معرفة أحوال الرجال، إنما من جهلك أُتيت!.
روى ابن أبي حاتم في "مقدمة الجرح والتعديل" (2/ 36) عن الإمام الحافظ مروان بن محمد الطاطري -رحمه الله تعالى- أنه قال: (ثلاثة لا يستغني عنها صاحب العلم، الصدق، والحفظ، وصحة الكتب، فإن أخطأته واحده لم تضره: إن أخطأه الحفظ فرجع إلى كتب صحيحه؛ لم يضره).
وفي "تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/255) بلفظ: (لا غنى لصاحب الحديث عن ثلاثة..).
وقال الحافظ السيوطي –رحمه الله تعالى- في "تدريب الراوي" (1/ 39): (ومن ألفاظ الناس في معنى الحفظ، قال ابن مهدي: الحفظ: الإتقان.
وقال أبو زرعة: الإتقان أكثر من حفظ السرد.
وقال غيره: الحفظ: المعرفة.
قال عبد المؤمن بن خلف النسفي: سألت أبا علي صالح بن محمد قلت: يحيى بن معين هل يحفظ؟.
قال: لا، إنما كان عنده معرفة.
قال: قلت: فعلي بن المديني كان يحفظ؟
قال: نعم ويعرف).
فهذه النصوص تُبيّن أهمية الحفظ، ولكنها توضّح حقيقة الحفظ المراد وهو الإتقان والمعرفة، وهذا مُعْلِم أن الذي يرجع إلى الكتب ويجمع الطرق، ويُتْقِن دراسة الأسانيد وطبقات الرواة وأحوالهم، لا يضرّه أنه لا يحفظها كحفظ القرآن!.
ومما ينبغي التفطن له: أن الحفظ يراد حين الجواب على الاسترجال والاستحضار من الصدر، وهذا حق، فالذي لا يستحضر طرق الحديث في ذهنه ولا يستعرض طبقات الرواة وأحوالهم في فكره حال الجواب، فهذا لا يجوز أن يفعله أحد، لأنه تكلّم بغير علم، وهذا يستوي فيه المتقدم والمتأخر، ولهذا كان جماعة من الأئمة يرجعون إلى كتبهم، وربما يُحدّث أحدهم من حفظه فيغلط فإذا رجع إلى كتابه عرف الصواب، وفي ذلك أخبار يطول المقام بذكرها.
والمقصود: أنه رجع العلم إلى الكتاب، وأن الغاية هو الوقوف على معطيات الحديث طرقاً ورجالاً مع معرفة أحوالهم، فسواء ذلك حصل بالحفظ المجرد، أو بمراجعة الكتب وجمع المادة؛ فالثمرة واحدة، بل مراجعة الكتب فيها فوائد كثيرة، وتُوقف على ما لا يوقف عليه الحفظ المجرد.
ألا ترى كتبَ الألباني فيها من كثرة الطرق، وغزارة الموارد من الأجزاء والمعاجم والمسانيد والفوائد وغيرها من الكتب المسندة، ما يفوق أضعاف ما هو موجود في كتب التخريج المطوّلة، كتخريجات ابن القطان، وابن الملقن، والزيلعي وابن حجر وغيرهم -رحمهم الله تعالى- مع أنهم جمعوا بين الحفظ والكتب!، بل السلسلتين فيهما من الموارد نحو ألف وخمسمئة!.
* ثم قال: (وحتّى لو كان محدِّثاً، فليس له أن يصحِّح، وأن يضعّف، لأنَّ التَّصحيح والتَّضعيف ليست(!) للمحدث وإنَّما للحافظ والحافظ أعلى من المحدِّث في الرُّتبة العلمية، المحدث يحفظ الرِّوايات بأسانيدها، والحافظ يزيد عليه بمعرفة أحوال الرِّجال في كلِّ طبقات الرواية):
قلتُ: هذا الكلام تضمن الرد على أكثره فيما قدّمنا.
ونقول أيضاً: شروط الحفظ مختلف فيها اختلافاً كثيراً، والذي حرره الحفّاظ المحققون كالمزي، والعراقي، وابن حجر –رحمهم الله تعالى-؛ أن مرجع ذلك للعُرْف العلمي في كل زمن، والذي يقتضيه عرفنا العلمي في زمننا هو:
المعرفة التامة بدراسة الأسانيد وطرقها ورجالها ومعرفة المصادر والمراجع والخبرة في التعامل معها، وإتقان علوم الحديث واصطلاحاته مع الذكاء والتيّقظ والفطنة، مع الاشتغال بالتخريج والتطبيق والتوسع في ذلك بمرور الزمن، فإذا بلغ ذلك، وعرَض ونشر، وقرأ العلماء ما يكتبه، واطلعوا على علمه ومعرفته، فأيدوه واستحسنوه وأثنوا عليه؛ صارت له الأهلية في الحديث والنقد.
والناس بعدها يتفاوتون في المراتب، ولكن لا بد من تحقيق الواجب منها، وإنما يحتاج إلى هذا؛ المغمور الذي لم يُعرف بعد ويشتهر!.
ومِثْل الإمام الألباني أشهر من نار على علَم، أقرّ المخالفون له بالإمامة في الحديث قبل الموالفين، فهذا أرفع أنواع الثقة والعدالة والإتقان والتمكن والأهلية.
وبالجملة؛ فليس للألباني نظير في هذا العصر، والمشايخ تشتهر وتُعرف إذا أثنى عليهم الألباني خيراً، وإذا جرح شخصاً فقلّ أن يندمل جرحه!، فكيف مثل هذا الإمام يُنتظر من كل طامر بن طامر أن يشهد له بعدم التمكن والأهلية!، بله يشهد له بعكسها!، إن هذا لشيء عجاب!.
* ثم قال: (فالألبانيُّ - رحمه الله - قام بالتَّصحيح والتَّضعيف ولأنَّه لم يكن أهلاً لذلك؛ فقد صحَّح الضعيف مرَّات وضعَّف الصَّحيح مرَّات ومرات، بالنسبة لي ؛ كلَّما قرأت (صحَّحه الألبانيّ) أتوقف وأقول: كيف يصحح حديثاً على حافظ من الحفاظ الكبار كالحافظ الإمام الترمذي وغيره؟؟!!!):
قلتُ: هذا كلام تافه جداً، ويدل على ضحالة عقل صاحبه ولا أقول علمه فقط، فأما أهلية الألباني في الحديث، فقد قدّمنا شهادة مخالفيه فيه، فكلام هذا يُضرب به على وجهه!.
وأما كونه صحح الضعيف مرات وضعّف الصحيح مرات ومرات، فمَن يشهد على ذلك أأنت!؟، فمن أنت!، وماذا تكون في ميزان النقد والتصحيح والتضعيف!؟.
ثم يقال: التصحيح والتضعيف أمر اجتهادي، الاختلاف فيه له أسباب كثيرة، ويجمعها: كمال المعطيات والقرائن ونقصها في الحديث المُعيّن وتفاوت الفهم والمعرفة عند كل ناقد وآخر.
فهذا شأنٌ لم يتخص به معاصر دون متأخر أو متقدّم، فالكل مشترك فيه، فكم من حديث يصححه أحمد ويضعفه ابن معين، وكم من حديث يصححه مسلم ويضعفه البخاري، وكم من حديث يصححه الترمذي ويضعفه النسائي، وهكذا في سلسلة علمية طويلة فيها الاختلاف في الحكم بين النقاد.
وما أحسن قول الإمام أبي بكر البيهقي –رحمه الله تعالى- في "رسالته للجويني" (ص: 68 - 69) إذ يقول:
(وقد رأيت بعض من أوردتُّ عليه شيئاً من هذه الطريقة؛ فزع في ردها إلى اختلاف الحفاظ في تصحيح الأخبار وتضعيفها!.
ولو عرفَ حقيقة اختلافهم؛ لعلم أن لا فرَجَ له في الاحتجاج به، كما لا فرَجَ لمن خالفنا في أصول الديانات، في الاحتجاج علينا باختلافنا في المجتهدات.
واختلاف الـحُفّاظ في ذلك؛ لا يُوجب رد الجميع، ولا قبول الجميع.
وكان من سبيله أن يعلم أن الأحاديث المروية على ثلاثة أنواع:
- نوع اتفق أهل العلم به على صحته.
- ونوع اتفقوا على ضعفه.
- ونوع اختلفوا في ثبوته.
فبعضهم يضعف بعض رواته؛ لجرح ظهر له، وخفي على غيره.
أو لم يظهر له من عدالته ما يوجب قبول خبره، وقد ظهر لغيره.
أو عرف منه معنىً يُوجب عنده رد خبره، وذلك المعنى لا يوجبه عند غيره.
أو عرف أحدهما علة حديث ظهر بها: انقطاعه، أو انقطاع بعض ألفاظه، أو إدراج لفظ من ألفاظ من رواه في متنه، أو دخول إسناد حديث في إسناد حديث غيره، خفيت تلك العلة على غيره.
فإذا علم هذا، وعرف معنى ردّ مَن ردّ منهم خبراً، أو قَبول من قبله منهم؛ هداه الوقوف عليه، والمعرفة به، إلى اختيار أصح القولين -إن شاء الله-)، انتهى.
* ثم قال: (ولو سُئل أحد الأولين من الحفاظ أو المحققين، ما تقول في مسألة: (صححه الألباني)؟؛ لكان الجواب: لا يجوز ان نقول هذه العبارة إلا في حالة واحدة وهي: أن يؤلّف (الشيخ الألباني) كتاباً جامعاً للأحاديث ويسند أحاديثه بأسانيده المتصلة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغير الأسانيد التي رواها أصحاب الصحاح والسنن، ثم يصحح ويضعف ما بكتابه فقط.
أمّا أن يأتي إلى كتب أئمة التصحيح والتضعيف، ويشاغب على أحكام أصحابها، فهذا باب من العبث في تعاطي علم الرواية والاسانيد):
قلتُ: هذا كلام ساقط جداً علمياً وأخلاقياً، فليس هذا شرط التصحيح والتضعيف أصلاً، ولم يقل أحد ذلك البتة، ونسأل هذا الطامر، مَن مِن المتأخرين والمعاصرين ألف كتاباً بأسانيد بغير الأسانيد التي رواها أصحاب الصحاح والمسانيد!، أين هذا في الدينا!؟، الأسانيد والإجازات اليوم التي صارت محل تفاخر وتكاثر!، وكثير منها فيه من العلل ما يشيب الرأس!، لا طائل تحتها في باب التصحيح والتضعيف، إذ الدراسة تتوجه على الكتب المدوّنة في القرون الأولى كالمسانيد والسنن والجوامع والمعاجم والأجزاء وما يتبعها من الكتب المسندة في الفنون كالعقيدة والتفسير والفقه وغريب الحديث والتاريخ وغيرها، والتي مدار أسانيد المتأخرين عليها، فهم يروون الحديث عن طريق تلك الكتب كما يعرف ذلك من يعرف!، لا من يهرف!.
وأما وصفه جهد الألباني في مشروعه الذي أفنى حياته من أجله -تقريب السُّنة بين يدي الأمة-، بأنه مشاغبة وعبث!؛ فقطع الله دابر الكاذب منهما!، فهو كلامٌ نذْلٌ لا يقوله إلا الأنذال!، وما أكثرهم اليوم!، لا كثّرهم الله!.
* ثم قال: (ليست الغاية من المنشور الطعن بالشيخ الألبانيّ، ولكن إظهار الحقيقة وما آلت إليه الأمور، فهذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذوا عنهم دينكم!):
قلتُ: إذا كان كل هذا التسفيه والتنقص وسحب الأهلية من الإمام الألباني، وجعلتَه مشاغباً عابثاً وما سيأتي في كلامك من وصفه بالابتداع والجهل؛ لا يكون طعناً!، فكيف سيكون الطعن عندك!، لا نقول إلا اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل.
ونقول: كلمتك كلمةُ حقٍّ أردتَّ بها الباطل، فإن الأمر دين ويجب أن ننظر عمن نأخذ ديننا؛ أنأخذه عن واحد طامر لا يسوى شيئاً في العلم مثلك، وندع مَن طبّقت شهرته المعمورة فضلاً وعلماً وصبراً ودعوةً وتحقيقاً وفي الحديث له المنتهى في هذا العصر بشهادة المخالف قبل المؤالف، فكان بحقٍّ أحد الأئمة المُصلحين الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، كتبه سماء في كتب المعاصرين، بل ضارعت كتب الأئمة وكبار المحققين، ونترك الحكم لكل مَن فيه مسكة عقل وجذوة إيمان، والله المستعان.
* ثم قال: (فالشيخ الألباني رحمه الله له أوهام لا تُعد ولا تُحصى!، وهو بتضعيفه وتصحيحه لبعض الاحاديث قد ابتدع بدعة شنيعة!، وزاد عليها جهل بما قاله وفعله الاوائل! من الائمة النقاد، وكما قيل قديما: "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب"):
قلتُ: لم أرَ وقاحة كهذه الوقاحة، وصدق الصادق المصدوق –صلى الله عليه وسلم-: "إذا لم تستحِ؛ فاصنع ما شئتَ!".
بل أنا أزعم أنه ما عرَفَ الأوائل وعرَّف أهل العصر بهم مثل الإمام الألباني -رحمه الله تعالى-، ولكن ماذا نصنع مع السِّفْلة في تطاولهم على الأئمة، فالله حسيبهم.
أما عن الأخطاء، فمَن الذي يسلم منها!، وهل مجرّد الأخطاء توُجب كل هذا الكلام الساقط في هذا الإمام الجِهبذ، ويكفي في إفحام هذا؛ اسم كتابين اثنين من كتب الأوائل؛ ليقف على ما لا يعرف، بدل الذي فيه يهرف.
الكتاب الأول: (بيان خطأ البخاري في تاريخه!)، للإمام الحافظ عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) –رحمه الله تعالى-.
وهذا الكتاب حسب الترقيم فيه (771) خطأ، نبّه على بعضها والده الإمام أبو حاتم، وبعضها الإمام أبو زرعة واشتركا في كثير منها، سواء أصابوا أم أخطأوا!، وبعضها كان من أخطاء النُّسَخ لا البخاري.
والمقصود أن هذا العدد ضخم جداً!، فهلّا استخرج لنا مثله، من كتب الإمام الألباني؛ حتى نصدّقه فيما قال (لا تعدّ ولا تحصى!!).
وما أجمل ما قاله العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلّمي –رحمه الله تعالى- في مقدمة تحقيقه لهذا الكتاب:
(حكم الخطأ هنا:
من الناس مَن عرَفَ طرفاً من علم الرواية ولم يحققه!، فسمع أن كثرة خطأ الراوي تخدش في ثقته، فإذا رأى هنا نسبة الخطأ إلى البخاري أو أبي زرعة؛ توهّم أن هذا الخطأ من جنس ذاك، ومن الناس من يعرف الحقيقة ولكنه يتجاهلها لهوى له!.
والحقيقة هي: أن غالب الخطإ الذي تتّجه نسبته إلى البخاري -نفسه-، أو إلى أبي زرعة؛ إنما هو من الخطإ الاجتهادي الذي يُوقع فيه اشتباهُ الحال وخفاءُ الدليل، وما قد يكون في ذلك مما يسوغ أن يعدّ خطأً في الرواية فهو أمر هيّن لا يَسْلَم من مثله أحدٌ من الأئمة، وعلى كل حال فليس هو بالخطأ الخادش في الثقة) انتهى.
والكتاب الثاني: (مُوضِح أوهام الجَمْع والتَّفْرِيق)، للإمام الحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت463هـ) -رحمه الله تعالى-، وقد ذكر للإمام البخاري (74) وهَمَاً!، وللإمام يحيى بن معين (11) وهَمَاً!، وغيرهما من الأئمة: كأحمد بن حنبل، وعلي بن عبد الله المديني، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وغيرهم!، رحمهم الله جميعاً.
...وإلى هنا نضع القلم، ونضرب صفحاً عن بقية ما ذكره؛ لأن أكثره هراء تافه، لا نضيّع الوقت بالرد عليه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه:
ليث بن أمين العلواني
بعد صلاة الفجر 1/ذو الحجة/1438هـ.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.