تخريج حديث: أكْل النبي صلى الله عليه وسلم من أضحيته عند رجوعه من المصلى يوم النحر

[ابوعبيدالله السلفي]

بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
فهذا تخريج مختصر لحديث أكْل النبي صلى الله عليه وسلم من أضحيته عند رجوعه من المصلى يوم النحر.
فعن ابن بريدة، عن أبيه "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَلَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ"، وفي رواية: "فَيَأْكُلَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ"، وفي رواية: "فيأكل من ذبيحته"، وفي رواية: "فيأكل من لحم نسكه"، وفي رواية: "ولا يأكل يوم النحر حتى يذبح"، وفي رواية: "لا يأكل حتى يرجع"، وفي رواية: "حَتَّى يُصَلِّيَ".
أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند، ومن طريقه وغيره البيهقي في الكبرى، والسمرقندي في الفوائد المنتقاة، وأحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وابن ماجه، والبيهقي في الصغرى، ومعرفة السنن والآثار، وفضائل الأوقات، وشعب الإيمان، وابن خزيمة في صحيحه، والدارقطني في السنن، والحاكم في المستدرك، وابن حبان في صحيحه، وابن قانع في معجم الصحابة، وابن المنذر في الأوسط، من طريق ثواب بن عتبة عن ابن بريدة، عن أبيه ...به، وهذا إسناد ضعيف، فيه ثواب بن عتبة قال فيه الحافظ مقبول، وقول الحافظ في الراوي "مقبول" أي مقبول إذا توبع وإلا فلين الحديث، واختلف الرواة عنه في ألفاظ هذا الحديث، فمنهم من ذكر "كبد أضحيته" ومنهم من لم يذكر، فالذي ذكرها مسلم بن إبراهيم وحده، ولم يذكرها عنه مسلم هذا في مواطن أخرى، وأبو داود الطيالسي، وأبو الوليد الطيالسي، وحرمي بن عمارة، وأبو عبيدة الحداد، ومحمد بن الوليد، وأبو عاصم النبيل، وعبد الصمد بن عبد الوارث. وكل من ذكرنا ثقات خلى ابن عمارة فصدوق يهم، وابن عبد الوارث صدوق.
وتابع ثواب هذا عقبة الأصم، أخرجه أحمد في المسند، والبيهقي في الكبرى، ومعرفة السنن والآثار، والدارمي في سننه، والطبراني في الأوسط، من طريق عقبة بن عبد الله الرفاعي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: ...فذكر الحديث، وهذا إسناد ضعيف، فعقبة هذا ضعيف وربما دلس كما قال الحافظ، وما قيل في ثواب يقال كذلك في عقبه، فقد اختُلف عنه كذلك في ذكر الكبد، فذكرها عبد الرحمان بن مهدي، ولم يذكرها يونس بن محمد بن مسلم، ويحيى بن حسان، وموسى بن داود الضبي، وكلهم ثقات إلا الضبي فصدوق له أوهام.
فالذي يظهر لي بخصوص الطريق لأولى أن رواية هذا الجمع من الثقات الأثبات بغير ذكر الكبد مقدم على رواية مسلم بن إبراهيم، لما يلي:
- لاحتمال أنها زيادة شاذة لأنها مخالفة لرواية جمع من الثقات الذين هم أولى بروايتها.
- أنها زيدت من قبل النسَّاخ أو من البيهقي نفسه لأنها لم ترو إلا في فضائل الأوقات، ويوهم هذا أنه أخرج الحديث في سننه الصغرى والكبرى بإسناده إلى ثواب بن عتبة دون ذكر الكبد، وأورده في فضائل الأوقات بالسند نفسه دون ذكرها، وهذا مما يشكك القارئ أن هذه اللفظة مدرجة من قبل النسَّاخ أو من البيهقي نفسه.
والذي يتقوى عندي الثاني، وزيادة على ما ذكرت أن كل الذين رووا هذا الحديث من طريق ثواب لم يذكروا هذه الزيادة إلا البيهقي في الفضائل، وكتابه هذا كما هو معلوم ليس أصلا كسننه الكبرى والصغرى يعني أن ما رواه في السنن الكبرى أو الصغرى ووجد له تعلقا بِمُؤَلَّفِهِ الفضائل وضعه بإسناده الذي في السنن كما حصل مع هذا الحديث.
وإذا استقر هذا فيبقى عندنا طريق عقبة الأصم وهي ضعيفة مفردة حتى يؤتى لها بشاهد أو متابع. والله أعلم.
وروى الحديث كذلك بن عدي في الكامل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونَ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ أَبِي سَعِيد الوراق، حَدَّثَنا عَبد اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ أَبُو عَبد اللَّهِ النَّسَّاجُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بن سلمة، قَال:...فذكره، دون ذكر الكبد.
وهذا مجرد بادئ رأي مع انتظار توجيه ومداخلات طلاب هذا العلم الشريف جزاهم الله خيرا.

[ابوعبيدالله السلفي]

للرفع......

[محمد أشرف]

- جزاك الله خيرا حبيبنا

[عمر الزهيري]

جزاك الله خيرا
الحديث صحيح دون زيادة ( كبد ) فهي زيادة ضعيفة لشذوذها فإن ثوابا هذا ضعيف ما لم يتابَع ولم يروها عن ثواب إلا ثقة واحد بينما لم يروها عنه باقي الثقات وهم كثر.
أما متابعة عقبة الأصم فليست بشيء لأنها شاذة والشذوذ ضعف شديد كما تقرر في علم الحديث إذ لم يروها عنها إلا ثقة واحد بينما لم يروها غالب الثقات لم يروها عنه بقاي الثقات وهم كثر!.
وإنما يشهد عقبة الاصم لثواب على باقي الحديث دون زيادة ( كبد ).
وغالب ما مر نقلتَه أنت يا أبا عبيد الله.
فتصحيح البعض للحديث بزيادة ( كبد ) كابن الملقن في البدر المنير ليس بصحيح حيث صححه بزيادة ( كبد ) ابن الملقن في البدر المنير (5/ 70 - 72) عند ( الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين ) ونقل كلام القطان وأقره بينما لم يذكر ابن القطان هذه الزيادة ( كبد ) في تخريجه! وهذا نص كلام القطان حيث قال في بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (5/ 356 ح 2531): ( وَعِنْدِي أَنه صَحِيح؛ لِأَن ثَوَاب بن عتبَة الْمهرِي، ثِقَة، وثقة ابْن معِين، رَوَاهُ عَنهُ عَبَّاس، وَإِسْحَاق بن مَنْصُور، وَزِيَادَة الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا صَحِيحَة إِلَى ثَوَاب الْمَذْكُور، من رِوَايَة عبد الصَّمد، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَأبي عَاصِم عَنهُ، وثواب يرويهِ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، فَاعْلَم ذَلِك. ) انتظر كلامه بطوله هناك.
والصواب أن ثواب هذا ضعيف ضعفه بعض الأئمة وأنكروا على ابن معين توثيقه أنظر ترجمته في تهذيب الكمال للمزي، فالتحقيق أنه ضعيف إلا إن توبع كما اختار الحافظ في التقريب والله أعلم.