أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
73471 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-07-2009, 08:37 AM
محمد صهيب العاصمي محمد صهيب العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 191
افتراضي [موضوعٌ مُهم] - (بيانُ خطأ المخطئ لا يُعَدُّ غيبة) - للشيخ عبد المالك رمضاني



بسم الله الرحمن الرحيم

هذا كلام نفيس جدا، أنصح نفسي واخواني بالتمعن فيه جيدا، لأنه عبارة عن نقولات من كلام السلف توضح مسائل دقيقة، كثيرا ما يغفل عنها حتى من يعلمها، والله المستعان.

**********

والكلام مأخوذ من مقدمة رسالة "كذبة حركية"، و رسالة "خرافة حركي"، وهما في الرد على الدكتور سفر الحوالي.

فرسالة "خرافة حركي" : رد فيها على سفر تكهُنَه وقتَ سقوط دولة اليهود!!
وأما رسالة "كذبة حركية": فبين فيها الشيخ عبد المالك كِذبَة! سفر الحوالي لما سأله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن التُهَم التي توجه إليه بكونه خارجي.
فقال الشيخ ابن عثيمين بعد الدرس و أمام الحضور: هَل ترَى كُفْرَ فاعِل الكَبيرَة؟ فقالَ سفر: مَعاذَ الله!
ثم قال الشيخ رحمه الله : هَل ترَى الخروجَ على الأئمَّة؟ فقالَ سفر: مَعاذَ الله!
فبين الشيخ عبد الله المالك حفظه الله أن سفر كذب على الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، بيانا كافيا شافيا، بالأدلة والبراهين فجزاه الله خيرا.

**********

والمؤلف هو فضيلة الشيخ عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري حفظه الله، من الدعاة المعروفين بنصرة الدعوة السلفية والدفاع عنها وله كلمات ومؤلفات حول الفتنة التي حصلت في بلادنا الجزائر.

ومن أشهر مؤلفاته حفظه الله :
1 – كتاب "مدارك النظر في السياسة بين التطبيقات الشرعية والانفعالات الحماسية"، بتقدم وتقريظ الإمام ناصر الدين الألباني رحمه الله، والعلامة عبد المحسن البدر حفظه الله.
2- كتاب "فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر من دماء في الجزائر" – وتضمن فتاوى: ( العلامة عبد العزيز بن باز ، والعلامة ناصر الدين الألباني ، والعلامة محمد ابن عثيمين رحمهم الله) وقد نصح بنشره العلامة ابن عثيمين رحمه الله.
3- كتاب "تخليص العباد من وحشية أبي القتاد الداعي إلى قتل النسوان وفَلَذَات الأكباد" .
4- "ست درر من أصول أهل الأثر".
5- "الموعظة الحسنة في الأخلاق الحسنة".
6- "كما تكونوا يولى عليكم".
7- كتاب "تمييز ذوي الفطن بين شرف الجهاد وسَرَفِ الفتن".
8- كتاب "من كل سورة فائدة".
9- "مقاصد سورة البقرة".
10- "كذبة حركية كشفها رب البرية".
11- "خرافة حركي".
12- "السبيل إلى العز والتمكين".

والشيخ نزيل المدينة النبوية وعلى علاقة مقربة بعلمائها، خاصة العلاَّمة عبدالمحسن العباد، فهو جار له.
وللشيخ محاضرات ودروس ومشاركات علمية ، ودورات علمية في داخل المملكة وخارجها، نسأل الله أن يوفقه في مشواره العلمي.

********

وأما عن الكلام المشار إليه، فقد تضمن مسائل وقواعد متنوعة أهمها:

بيان حرمة الغيبة، وأن الأصل صيانة أعراض المسلمين.
استثناء بيان خطأ المخطئ من الغيبة المحرمة.
صون الشريعة أولى من صون عرض المسلم.
الرد على المخالف يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى.
عدم الاسترسال في ذكر المعايب إذا تم الغرض من التحذير.
عدم المسارعة في الرد دون مراجعة الإخلاص، والنظر في العواقب.
أهل السنة لا يفرحون بالعثور على خطأ لأهل السنة.
أهل السنة يحبون أن ينكشف أمر أهل البدع ليحذَرهم الناس


[بيانُ خطأ المخطئ لا يُعَدُّ غيبة]
للشيخ عبد المالك رمضاني الجزائري حفظه الله


الأصل أن أعراض المسلمين مصونة، وأن الكلام فيها بقدح بابٌ من أبواب الإثم والعدوان؛ لأن الله يقول: { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } فإن كان الطعن على المسلمين بغير ما اكتسبوا فهو بُهتان، كما سبق في الآية، وإذا كان بما اكتسبوا فهو غيبة؛ والله عز وجل يقول: { وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }. وهذا الفرق بينه الرسول صلى الله عليه وسلم أكمل بيان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه )). رواه مسلم (2589)، وأبو داود (4874)، والترمذي (1857).
وفي "صحيح مسلم" (2564) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله أخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعضه )).
وروى البخاري في "التاريخ الكبير" (4/336)، وابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" (698) بالسند الصحيح عن أبي عاصم النبيل أنه قال: "ما اغتبت مسلماً منذ علمت أن الله حرم الغيبة".
وقال ابن دقيق العيد – رحمه الله - : "أعراض المسلمين حفرةٌ من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدِّثون والحكام"، كما في "تدريب الراوي" (2/369) للسيوطي، والمقصود من الحكام: القضاة؛ لأنهم القضاة في أعراض الناس والمعزِّرون لهم.

وإنما النجاة من هذا الوعيد الذي ذكره ابن دقيق العيد أن يكون النقدُ بعلم، فلا يتتبع قيل وقال؛ لأن الله يقول: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }. وينبغي أن يكون مع علمه بوجه النقد عادلاً في حكمه؛ كي يخرج عن كونه ظلوماً جهولاً، قال عز وجل: { إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }. وقد استدل بهذه الآية محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية على من طعن على يزيد بن معاوية بأشياء لا تصح، كما ذكر ذلك ابن كثير في "البداية والنهاية" (11/653)، كما استدل بها عمر بن عبد العزيز فيما نحن بصدده، كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (5/441)، وكذا الشافعي في "الأم" (7/90)، ولذلك استثنى العلماء من الغيبة المحرمة بعض أنواع الغيبة الجائزة، ومنها ما هو واجبٌ، ومن هذا بيان خطأ المخطئ على الشريعة؛ لأن سلامة الدين أولى من سلامة عرض فرد، فقد روى الحاكم في "المدخل إلى الصحيح" (1/160-161)، وأبو نعيم في "المستخرج على صحيح مسلم" (1/53)، والخطيب في "الكفاية" (ص44) أن أبا بكر بن خلاد قال ليحي بن سعيد: "أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله تعالى؟ قال: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: لم حدثت عنِّي حديثاً ترى أنه كذب ؟!".
وروى الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/316) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "جاء أبو تراب النخشبي إلى أبي، قال: فجعل أبي يقول: فلان ضعيف، فلان ثقة، فقال أبو تراب: يا شيخ! لا تَغْتب العلماء، فالتفت إليه أبي، فقال له: ويحك! هذه نصيحةٌ، ليس هذا غيبة".
وروى الخطيب في "الكفاية" (1/45) عن سفيان بن عيينة يقول: "كان شعبة يقول: تعالوا حتى نغتاب في الله عز وجل ".
وروى أيضاً أن بعض الصوفية قال لابن المبارك: "تغتاب ؟! قال: اسكت! إذا لم نبين كيف نعرف الحق من الباطل ؟!".

وقد أجازوا تجريح من جرَّحوا صوناً للشريعة وحفظاً لها؛ وذلك لأنَّ صون عرض المسلم ليس بأولى من صون الشريعة ممَّا أُلحق بها وليس في الحقيقة منها، قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي – رحمه الله – في مقدمته على كتاب : الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (1/ب): "وجُوِّزَ ذلك تورُّعاً وصوناً للشريعة لا طعناً في الناس، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة، والتثّبتُ في أمر الدين أولى من التثبت في حقوق والأموال، فلهذا افترضوا على أنفسهم الكلام في ذلك".

وقال الشافعي – رحمه الله – في "الأم" (6/206): "وكذلك إن قال : "إنه لا يُبصر الفتيا ولا يعرفها" ، فليس هذا بعداوة ولا غيبة، إذا كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه فيخطئ باتِّباعه، وهذا من معاني الشهادات، وهو لو شهد عليه بأعظم من هذا لم يكن هذا غيبة؛ وإنما الغيبة أن يؤذيه بالأمر لا بشهادته لأحد يأخذ به منه حقاً، في حدِّ ولا قصاص ولا عقوبة ولا مال ... مثل ما وصفت من أن يكون جاهلاً بعيوبه فينصحه في أن لا يغترَّ به في دينه إذا أخذ عنه من دينه من لا يبصره، فهذا كلُّه من معاني الشهادات التي لا تعدُّ غيبة".
وقال ابن تيمية – رحمه الله – في "مجموع فتاواه" (28/221-222): "وإذا كان الرجل يترك الصلوات ويرتكب المنكرات، وقاد عاشره من يخاف أن يفسد دينه بُيِّنَ أمره له؛ لتتقى معاشرتُه، وإذا كان مبتدعاً يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة، أو يسلكُ طريقاً يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضل الرجلُ الناس بذلك بيِّن أمره للناس؛ ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله، وهذا كله يجبُ أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى، لا لهوى الشخص مع الإنسان، مثل أن يكون بينهما عداوةٌ دنيويه أو تحاسدٌ أو تباغضٌ من الشخص واستيفاؤه منه، فهذا من عمل الشيطان: "وإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" بل يكون الناصح قصده أن الله يصلح ذلك الشخص، وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم، ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه".
قلت: لعله يقصد بـ"أيسر الطرق" عدم الاسترسال في ذكر المعايب إذا تم الغرض من التحذير، حتَّى أُثر عن بعضهم في هذا الباب من علم الحديث أن الكلمة الأولى لك، والثانية عليك، ولذلك جاء في كتاب "تهذيب الكمال" للمزي (14/197) عن رجاء بن أبي سلمة قال: "كان بين عُبادة بن نُسي وبين رجل خصومة، فأسمعه الرجل ما يكرهه، فلقيه رجاء بن حيوة، فقال: بغلني أنه كان منه إليك، قال له عبادة: لولا أن تكون غيبة لأخبرتُك بالذي قال لي".
قلت: -رحمه الله-؛ فمن يطيق هذا الحلم وهذا الخلق الرفيع، لكنه دأب السلف، وهو الأصل؛ إذ نقل سيئات الناس نميمة، لاسيما إذا كان ينتج عنه تفريق كلمة أهل السنة، فهو أعظم وأعظم بما لا يوصف، وفي صحيح مسلم (2590) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة)). وهذا الحديث عظيم، ينبغي لكل مسلم أن يتذكَّره كلما جنحت نفسه للانتصار على الخصم؛ كي لا يُجاوزَ ما حُدَّ له في باب التجريح على التفصيل السابق.

وهذا الحديث مما غفل عنه بعض طلبة العلم؛ حيث ظنوا أن الخيرية تكمن فيمن يكون أوَّل من يفطن لغلط الغالط ويشيعه ويهتك ستر صاحبه، روى البخاري في "الأدب المفرد" (324) عن علي رضي الله عنه قال: ((القائلُ الكلمةَ الزُّور والذي يَمدُّ بحبلها في الإثم سواء))، ومعنى (مدَّ حبْلَها) إشاعتها؛ فإنَّ لفظه عند البخاري: ((القائل الفاحشة والذي يشيع بها في الإثم سواء)).
بل إنه يُخشى على مَن يُسارع في ذلك دون مراعاة لحرمة ذي سنة، ولا نظر في عواقب أهل السنة، أن يكون كله تصنعا لأهل السنة ليتشبه بأهل الجرح والتعديل منهم؛ فقد روى أبو داود (4881) وغيره بسند صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (934) عن المستورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يُطعمه مثلها من جهنَّم، ومن كُسي ثوباً برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة)).
ولذلك كان أهل التجريح - في ذبهم عن الشريعة - من أشد الناس خوفاً من الله عز وجل في أعراض الخلق، فقد روى الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/13) أن البخاري –رحمه الله- كان يقول: "إنِّي أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أنِّي اغتبت أحداً". قال الذهبي في "السير" (12/439) تعليقاً على هذا الكلام: "قلت: صدق –رحمه الله-؛ ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه ...".
وروى ابن بشران في "الأمالي" (288) عن طاووس قال: "احذروا معبد الجهني؛ فإنه كان قدريٌّ، وكان طاووس لا يتكلم إلا بما ينبغي".

هكذا كان شأنُ السلف، لا يُضيِّعون حقَّ الله في الذَّبِّ عن دينه، ولا يُسرفون في أعراض الناس، بل ربما أسقط السلفُ جرح بعض المجرِّحين إذا اشتهروا بالإسراف في ذلك، كما في "تهذيب الكمال" (20/168) للمزِّي أن علي بن المديني قال: "أبو نعيم وعفان صدوقان، ولا أقبل كلامهما في الرجال؛ هؤلاء لا يدعون أحداً إلاَّ وقعوا فيه".
وقد قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي –رحمه الله- في مقدمته على كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (1/ج): "وقد كان من أكابر المحدِّثين وأجلتهم من يتكلم في الرواة فلا يعول عليه، ولا يلتفت إليه" ثُمّ ذكر الأثر السابق، وقال عقبه بفطنة عجيبة واستنباط عزيز: "وأبو نعيم وعفان من الأجلة، والكلمة المذكورة تدلُّ على كثرة كلامهما في الرجال، ومع ذلك لا تكادُ تجدُ في كتب الفنِّ نقلُ شيء من كلامهما!".
قلت: أبو نعيم هو الفضل بن دكين، وعفان هو ابن مسلم –رحمهما الله-، ومكانتهما في هذا الشأن معلومة، فإذا كان هذا مع أجلة، فكيف مع من في دينة رهق وذلة ؟!
كما أن أهل السنة لا يفرحون بالعثور على خطأ لأهل السنة، بل بلغ من سلامة صدورهم لَهم أن الواحد منهم ربما ناظر أخاه وهو يتمنَّى عود الخطأ على نفسه لا على أخيه، فقد روى ابن حبان في "صحيحة" (5/498) بإسناد صحيح عن الحسن الزعفراني قال: سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطئ"، لكن لا يجوز أن يتصوَّر هذا في مناظرة أهل البدع؛ فقد روى ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" (ص340) عن الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: سمعت الشافعي يقول: "ما ناظرت أحداً أحببت أن يخطئ، إلا صاحب بدعة، فإني أحبُّ أن ينكشف أمره للناس".
نقلت هذا الأثر؛ لأنني وجدت أحد الرادِّين على محمد الغزالي في عدوانه على السنة، جعل كأنه يتندم على تتبع أخطائه، ويرى أن فرحه بعثوره عليها يتنافى مع حبِّ السلامة للناس، ولعله استدل بكلام الشافعي هذا الأول فيما أذكر، ومن هذا النقل يكون القارئ قد تبين له أن ذلك خاصٌّ بمناظرة أهل السنة، أما المبتدع فإن انكشاف أمره نصرٌ للسنة، وانتصارٌ على البدعة وإنجاءٌ للناس من أن يدخلوا فيها، ثمَّ إن قطع دابر المفسدين مطلب شرعيٌّ، ولا يتم هذا إلا بعد كشف زيفهم؛ ألا ترى أن الله عز وجل حمد نفسه على ذلك فقال في سورة الأنعام: { فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.
قال البغوي –رحمه الله- في "تفسيره" (1/253): "حَمد الله نفسه على أن قطع دابرهم؛ لأنه نعمةٌ على رسله، فذكر الحمد تعليماً لهم –يعني: الرسل- ولِمَن آمن بهم أن يحمدوا الله على كفايته شر الظالمين، وليحمد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ربهم إذا أهلك المكذبين".

إذاً، من ذا الذي يحبُّ السنة بصدق، ثمَّ لا يفرح بقطع دابر أهل البدع؟! ولذلك روى الخلال في السنة (1869) بسند صحيح عن أبي بكر المروذي قال: "قيل لأبي عبد الله –يعني: الإمام أحمد بن حنبل-: الرجل يفرح بما ينزل بأصحاب ابن دؤاد –يعني: المبتدع القائل بخلق القرآن-، عليه في ذلك إثم؟
قال: ومن لا يفرح بهذا؟!
قيلَ له: إنَّ ابنَ المُبارك قال: الذي ينتقمُ منَ الحجَّاج هو ينتقِمُ للحَجَّاج منَ النَّاس؟
قالَ: أيُّ شيءٍ يُشْبِهُ هذا منَ الحَجَّاج؟! هؤلاء أرَادوا تَبْديلَ الدِّين".

انتهى النقل

وكما قال الشيخ علي الحلبي وفقه الله

"تجمَّلوا -إخواني- بحِليةِ الرفق والإنصاف .. فقد حان وقت القِطاف!"
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=6685

وبالله التوفيق
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-07-2009, 03:42 PM
عبد الله بيباني العاصمي عبد الله بيباني العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 318
افتراضي

السلام عليكم بارك الله فيك أخي الفاضل على هذا الخير والله موضوع مهم و حساس اختلطت فيه الأوراق على كثير من الناس حق له التثبيت لعظم ما يحمله من الدرر العوالي و الفوائد الغوالي . حفظ الله الشيخ و نفع به و جزيتم خيرا، أبو إبراهيم العاصمي
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-09-2009, 01:40 PM
محمد صهيب العاصمي محمد صهيب العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 191
افتراضي

الأخ عبد الله بيباني، بارك الله فيك

والكلام مهم جدا، ليس بقليل لو راجعه، كل من هم بالرد على شخص ما

ومهم أن يستحضر في ذهنه (بعد مراجعة إخلاصه)، هل هو يردُّ على أحد من أهل السنة ، أم من أهل البدعة، وينضبط بضوابط كل مسلك


*****
بيان حرمة الغيبة، وأن الأصل صيانة أعراض المسلمين.
استثناء بيان خطأ المخطئ من الغيبة المحرمة.
صون الشريعة أولى من صون عرض المسلم.
الرد على المخالف يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى.
عدم الاسترسال في ذكر المعايب إذا تم الغرض من التحذير.
عدم المسارعة في الرد دون مراجعة الإخلاص، والنظر في العواقب.
أهل السنة لا يفرحون بالعثور على خطأ لأهل السنة.
أهل السنة يحبون أن ينكشف أمر أهل البدع ليحذَرهم الناس

*****

وبالله التوفيق
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-21-2009, 05:14 PM
محمد صهيب العاصمي محمد صهيب العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 191
افتراضي الأبواب التي تجوز فيها الغيبة - عبد السلام بن سالم السحيمي



http://www.almenhaj.net/makal.php?linkid=1841


الأبواب التي تجوز فيها الغيبة
عبد السلام بن سالم السحيمي



الأبواب التي تجوز فيها الغيبة والجرح عند علماء الإسلام

قال النووي رحمه الله اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو ستة أبواب:

الأول : التظلم .

الثاني : الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب.

الثالث : الاستفتاء.

الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم.

الخامس : أن يكون مجاهراً بفسقه وبدعته.

السادس: التعريف فإذا كان الإنسان معروفاً بلقب كالأعمى والأعرج والأصم جاز تعريفهم بذلك ثم قال فهذه ستة أبواب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليها دلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة .( 1 )

وقد نظم بعض العلماء هذه الأبواب في قوله :

القدح ليس بغيبــة في ستــة متظلــم ومعـرف ومحـذر

ومجاهر فسقاً ومستفــت ومن طلب الإعانة في إزالة منكــر




قلت : وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه في جواز غيبة المبتدع شرطين هما :

1- العلم .

2- وحسن النية.

حيث قال يرحمه الله :" ثم القائل في ذلك بعلم لابدّ له من حسن نيِّة فلو تكلم بحق يقصد العلو في الأرض أو الفساد كان بمنزلة الذي يقاتل حمية ورياء وإن تكلم لأجل الله تعالى مخلصاً له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله من ورثة الأنبياء خلفاء الرسل وليس هذا الباب مخالفاً لقوله صلى الله عليه وسلم " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره " فإن الأخ هو المؤمن وأخ المؤمن إن كان صادقاً في إيمانه لم يكره هذا الحق الذي يحبه الله ورسوله وإن كان فيه شهادة عليه وعلى ذويه بل عليه أن يقوم بالقسط ويكون شاهداً لله ولو على نفسه أو والديه أو قريبه ومتى كره هذا الحق كان ناقصاً إيمانه ينقص من أخوّته بقدر ما نقص من إيمانه فلم يعتبر كراهته من الجهة التي نقص منها إيمانه إذ كراهته لما يحبه الله ورسوله توجب تقديم محبة الله ورسوله كما قال تعالى " والله ورسوله أحق أن يرضوه"( 2 ) أ هـ كلامه رحمه الله.

ونختم هذه الدروس بما ذكره الشيخ بكر أبو زيد في المبحث التاسع من كتاب هجر المبتـدع ص 48 عقوبة من والي المبتدعة : حيث قال حفظه الله : " كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق فالساكت عن الحق شيطان أخرس كما قال أبو علي الدقاق م ستة 406هـ رحمه الله .

ومن السنن الثابتة قول النبي صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب وقد قال أنس رضي الله عنه : فما فرح المسلمون بشيء بعد الإسلام فرحهم بهذا الحديث " وقد شدد الأئمة النكير على من ناقض أصل الاعتقاد فترك هجر المبتدعة.

وفي معرض رد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على الاتحادية قال : " ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم أو أثنى عليهم أو عظّم كتبهم ، أو عرف بمساعدتـهم ومعاونتهم أو كره الكلام فيهم أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لايدري ما هو؟ أو من قاله: إنه صنف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لايقولها إلاجاهل أو منافق بل تجب عقوية كل من عرف حالهم ، ولم يعاون على القيام عليهم فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات ؛ لأنـهم أفسدوا العقول والأديان، على خلق من المشايخ والعلماء ، والملوك والأمراء وهم يسعون في الأرض فساداً ويصدون عن سبيل الله ( 3 )

قال الشيخ بكر :" فرحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية وسقاه من سلسبيل الجنة آمين فإن هذا الكلام في غاية الدقة والأهمية وهو و إن كان في خصوص مظاهرة " الاتحادية " إلاّ أنه ينتظم جميع المبتدعة فكل من ظاهر مبتدعاً ، فعظّمَه أو عظّم كتبَه ونشرها بين المسلمين ونفخ به وبـها وأشاع ما فيها من بدع وضلال، ولم يكشفه فيما لديه من زيغ واختلال في الاعتقاد إن من فعل ذلك فهو مفرط في أمره واجب قطع شره لئلا يتعدى إلى المسلمين . وقد ابتلينا هذا الزمان بأقوام على هذا المنوال يعظمون المبتدعة وينشرون مقالاتـهم ولا يحذرون من سقطاتـهم وما هم عليه من الضلال فاحذروا أبا الجهل المبتدع هذا نعوذ بالله من الشقاء وأهله ( 4 ).



==============

( 1 ) - رياض الصالحين ص 519 ، وصحيح الأذكار ص 2/834

( 2 ) - مجموع المسائل و الرسائل ( 5 / 281 )

( 3 ) - وانظر مجموع الفتاوى 2/132.

( 4 ) - من هجر المبتدع ص 48 ، 49 .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-21-2009, 08:27 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,046
افتراضي

بارك الله فيك اخي ونفع بكم ،والـشيخ عبدالمــالك معروف بـدفاعه عن المــنهج الســلفي من غير تزَيّد ولا تــنطــّع ،ومــسألة بيان خطــأ المخــطئ من أهم المــسائل ،ســـواءٌ تعلــق الأمــر بأصل أو فرع لا كمــا يظن البعض ،أن الــرّد يكون على من خــالف الأصـــول فقط ..وهــذا سبيل العلمــأء ،ويجــدر التنبيه والتــنبّه ،إلى مـسألة الرد في حــدّ ذاته :

أن يقصد وجه الله تعالى والنصح للأمة ، فــإن كــان المخطئ من أهــل السنّة رددنا خطأه وتحفظ كــرامته ..وإن كــان من أهل البــدع والأهواء ،يردّ علــيه ويحــذّرَ منه ،لــكن بأمور هي فيه ،فــأهل السنة أعرف النّاس بالحق ،وأرحمهم بالخلق ,,كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى ..
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-19-2009, 03:12 AM
محمد صهيب العاصمي محمد صهيب العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 191
افتراضي

بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-25-2009, 11:41 AM
محمد صهيب العاصمي محمد صهيب العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 191
افتراضي

يرفع للأهمية
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:08 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.