أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
79794 86507

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-03-2016, 04:10 PM
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: مصر
المشاركات: 314
افتراضي أنتم عربٌ فلماذا لا تَبكون؟ .... د. عمر بن عبد الله المقبل

أنتم عربٌ فلماذا لا تَبكون؟
قال لي صديقي: ألقيتُ كلمةً في رمضان في أحد مساجد مدينة الرياض، فلما فرغتُ قال لي إمام المسجد: ألا أريك عجباً؟ فانطلق بي لرجلٍ تركيّ الجنسية، لا يُحسن العربية، لكنه كان رجلاً بكّاءً حين يَقرأ القرآن، فقلتُ له - عن طريق المترجم -: هل تفهم ما تقرأ يا عمّ؟ قال: لا، ويكفيني أنه كلام الله، ولكن أنتم عرب فلماذا لا تبكون؟ يقول صاحبي: لقد قفّ شعري من كلمته هذه، وبقيتْ تتردّد في ذهني أياماً طويلة.
وهي كذلك بالنسبة لي، والله .. لا أذكر أنني وقفتُ بجانب أخٍ أعجمي، أو زرتُ بلداً غير عربية من بلاد الإسلام؛ إلا وصكّت كلمةُ هذا الرجل التركي في أذني، مع أنني لم أسمعها بل سمعت عنها!
إن المتأمل في آيات القرآن ليجد حفاوةً ظاهرةً بأولئك الأقوام الذين تتحدر على وجناتهم الدموعُ إثْر سماعهم لكلام الله تعالى، مترجمين بذلك شيئاً مِن وقْعِ هذا الكلام الذي لو نزل على الصخور الصمّ لتصدعت من خشية الله.
مَن الذي يقرأ هذا المشهد ولا يبكي على نفسه أنه لم يتشبه بهم ولو لبعض المرات؟ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾[مريم: 58]، يُروى عن الفاروق رضي الله عنه أن قال ـ بعد قراءته سورة مريم ـ وسجوده في هذا الموضع: هذا السجود، فأين البكاء؟!
يقول الإمام الجليل عبدالأعلى التيمي ـ رحمه الله ـ معلّقاً على ذلك المشهد البهيّ الذي هو من أشرف الأحوال التي يمرّ بها أهل العلم: "من أوتي مِن العلم ما لا يبكيه؛ فخليق ألا يكون أوتي علماً ينفعه؛ لأن الله تعالى نعت العلماء فقال: ﴿قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾[الإسراء: 107 - 109]([1]).
لقد كان من جملة ما امتدح اللهُ به قساوسةَ النصارى ـ الذين هم أقرب للمسلمين من المشركين واليهود ـ قُرْبُ دموعهم عند تلاوة القرآن: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾[المائدة: 83].
إن مما يعظّم هذا المعنى في نفوس أهل القرآن: أن يتذكروا أن البكاء في هذه المواطن عبادةٌ يحبها اللهُ، ويؤجَر عليها العبدُ متى ما قارنها الإخلاص.
إن هذا الثناء العاطر لهو رسالةٌ تستحثنا لِلَّحاقِ بركْب هؤلاء البررة الكرام، وأن نفتِّش عن سبب قحط العين، ولعل تلك الجملة التي قالها بعضُ السلف تلخص الداءَ والدواءَ: "القلبُ إذا قلّت خطاياه أسرعتْ دمعتُه"([2]).
نعم، ليست قلةُ الدمعِ دليلاً على قسوة القلب، فمِن الناس من قلبه رقيق، ودموعه نادرة، أو يحجبها ما استطاع، فلا يسكبها إلا عند خلوته بمولاه، نعم هذا حقٌّ، لكن من المؤكد أن قحط العين مطلقاً ليس علامةَ خير؛ إذْ هو مؤشر قسوةٍ في القلب، تستوجب الاستعتاب، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾[الحديد: 16]، ولئن انقطع نزولُ الوحي؛ فلم تنقطع بركتُه لمن أراد استلانَة قلبِه به.
إن البكاء عند تلاوة القرآن يغسل القلبَ ويَصقُله، ويدفعه للتوبة، يقول الإمام سفيان بن عيينة: "البكاء من مفاتيح التوبة؛ ألا ترى أنه يَرِقّ فيندم؟"([3]).
إن إقبال رمضان فرصةٌ عظيمة لترويض القلب على هذه العبادة العظيمة، فإن رقَّته مفتاحٌ لكل خير، وقسوتَه بوابةُ كل شر، قال بعض السلف: "ما ضُرِبَ عبدٌ بعقوبةٍ أعظمَ من قسوة القلب"([4])، فإن لم يشعر بالقسوة؛ فليجأر إلى الله بردّ قلبه فإنه لا قلب له!
والعاقلُ لن يعدمَ معرفةَ أصول أسباب قسوة هذا القلب، فهي تَعود في مجملها إلى ذنوب القلب وذنوب الجوارح، ودواؤها: توبةٌ صادقة، ومجاهدة دائمة، وبُعدٌ عن أسباب العطب، وعفةٌ عن المحارم، وغض للبصر، وحفظٌ للسمع، وصِدقٌ في اللجأ إلى الله تعالى.
كل هذا كفيل ـ بعون الله ـ بحصول تلك الغاية التي لطالما انتصبت لها الأقدام، وتقرّحت لأجلها الأجفان: الأنسُ بالله والتلذذ بمناجاته من خلال كلامه والوقوف بين يديه.
____________________________

([1]) أخلاق العلماء. للآجري (60).
([2]) الرقة والبكاء. لابن أبي الدنيا (ص: 76).

([3]) الرقة والبكاء. لابن أبي الدنيا، رقم (37).

([4]) جامع بيان العلم (1/701).

منقول من موقع الشيخ - وفقه الله - د. عمر بن عبد الله المقبل
http://almuqbil.com/web/?action=arti...r&show_id=1376

__________________
قال الإمام أحمد ( رحمه الله ) :
" لو تدبر إنسان القرءان ، كان فيه : ما ( يرد !) على كل مبتدع وبدعته "
[ السنة للخلال ( ٩١٢) ]
قال ابن قدامة المقدسي ( رحمه الله ) :
" وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم ، ونحن الآن - في الغالب - أبغض الناس إلينا من يعرف عيوبنا "
[ مختصر منهاج القاصدين ص196 ]

من هنا القناة على تيليجرام

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-04-2016, 11:36 AM
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: مصر
المشاركات: 314
افتراضي أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا

قال الله تعالى
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).
[سورة النساء 82]

وقال تعالى
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
[سورة محمد 24]

من الآيتين السابقتين يتبين أن :
١- أن المانع من التدبر واحدة من اثنتين :
* أن هذا القرءان من عند غير الله فيصعب تدبره لكثرة الاختلاف الذي فيه .
* أن القلوب عليها أقفال ، تمنع من تدبر القرءان .

والمانع الأول غير موجود ولله الحمد ، فالقرءان من عند الله كما قال الله - جل وعلا - في الآية نفسها ، وهو صفة من صفاته - سبحانه - تكلم به بكيفية لا نعلمها .

فبقي مانع واحد ..
فالذي لا يتدبر القرءان على قلبه قفل ..
والقلوب هي أداة التدبر ..
والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء ( كما جاء بالحديث ) ..

فمن وجد أنه لا يستطيع التدبر - وخاصة المتكلمين بلغة القرءان !!- فليعلم أن القلب عليه قفل - أو أقفال ! - ، وقلبه بيد ربه - مقلب القلوب - فليسأل الله أن يفتح قلبه للقرءان بالقرءان (!)

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
اللهم اجعل القرءان ربيع قلوبنا
__________________
قال الإمام أحمد ( رحمه الله ) :
" لو تدبر إنسان القرءان ، كان فيه : ما ( يرد !) على كل مبتدع وبدعته "
[ السنة للخلال ( ٩١٢) ]
قال ابن قدامة المقدسي ( رحمه الله ) :
" وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم ، ونحن الآن - في الغالب - أبغض الناس إلينا من يعرف عيوبنا "
[ مختصر منهاج القاصدين ص196 ]

من هنا القناة على تيليجرام

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-19-2016, 05:49 PM
أبو المعالي بن الخريف أبو المعالي بن الخريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 1,032
افتراضي

أحسنَ الله إليكَ أبا صفي؛ موضوعٌ وأيُّ موضوع؛ قد واللهِ وعظتَنا، وحرَّكتَ شيئًا في القلبِ؛ فأسأله جلَّ وعلا أن يتولَّى قلوبَنا ويقودَها إلى سواءِ السبيل.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-25-2016, 03:55 PM
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: مصر
المشاركات: 314
افتراضي

آمين آمين . آمين .
أكرمك الله أبا المعالي ..
والله يستر عيوبنا ، ويجعل تحت الستر ما يرضيه .
ويالتني أكون من المنتفعين بما أدلُّ عليه العالمين ، والكلام ليس من كيسي ، بل كلام وُعِظنا به وأحسبه أثّر فيّ فزبرت ما زورت في نفسي رجاء أن يتعدى المكان والزمان ، فيهشّم أقفال صدور بشر ، فيحيي ما بقي من القلوب المشتاقة إلى نور ربها ، فيارب علمنا ما ينفعا و انفعنا بما علمتنا ، وأحيي قلوبنا بالقرءان .
__________________
قال الإمام أحمد ( رحمه الله ) :
" لو تدبر إنسان القرءان ، كان فيه : ما ( يرد !) على كل مبتدع وبدعته "
[ السنة للخلال ( ٩١٢) ]
قال ابن قدامة المقدسي ( رحمه الله ) :
" وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم ، ونحن الآن - في الغالب - أبغض الناس إلينا من يعرف عيوبنا "
[ مختصر منهاج القاصدين ص196 ]

من هنا القناة على تيليجرام

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.