أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
117467 187381

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-27-2009, 02:22 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,046
افتراضي نصيحة لطالب علم ..بقلم مصطفى ايسعد ايتيم الجزائري..

نصيحة لطالب علم

مصطفى بن سعيد إيتيم


الحمدُ لله الذي أظهرَ دينَه المبين، وحاطه بسِياج متين، فحفِظه من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويلِ الجاهلين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، سخّر لدينه رجالاً قام بهم وبه قاموا، واعتزّ بدعوتهم وجهادِهم وبه اعتزّوا، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله، كان يربّي ويعلّم ويدعو، ويصوم ويقوم ويغزو، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد بُلي المسلمون عامّةً وأهلُ الخير والفضل خاصّة في هذا الزمان بقومٍ ينتسِبون إلى العلم ويعدّون أنفسَهم من أهله، وهم أبعدُ الناس عنه، وأقلُّهم حظًّا منه، يحسَب الواحد منهم إذا أتقنَ بابًا من أبواب الفِقه أو الحديث أو أيّ فنٍّ من الفنون أنه قد أحرَز ذلك الفنَّ أجمَع، سادوا العوامَّ من الناس بِبهرَج من الشّعارات ولطيفٍ من العبارات، خدعوهم بحملِ الدفاتِر وتحسينِ المظاهر واعتلاء المنابر، فإلى الله المشتكى. لقد كان هذا العلمُ في الصّدور فأصبح في المظاهر، ولا حولَ ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
وإنما أُتِي هذا الصنفُ من الناس من قِبَل انعدامِ الخُلُق والأدبِ في أكثرِهم وسوءِ القصد عند آخرين، وإنَّ طالبَ العلم إذا لم يتعلَّم الأدبَ هاجمته الأدواءُ الفتّاكة من كلِّ جِهة فأردته قتيلا، فتنقطعُ به السبيل والناسُ تلعنه، ولأجلِ هذا قال
وا: "الأدبُ قبل الطلب".
روى الخطيب في كتابه "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" عن مخلد بن الحسين قال: "نحن إلى كثيرٍ من الأدب أحوجُ منّا إلى كثير من الحديث"، وعن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: قال لي أبي: "يا بنيّ، ايتِ الفقهاءَ والعلماء، وتعلَّم منهم، وخُذ من أدبهم وأخلاقهم وهَديهم، فإنّ ذاك أحبّ إليّ من كثيرٍ من الحديث"، وعن الإمام مالك قال: قال ابن سيرين: "كانوا يتعلّمون الهديَ كما يتعلّمون العلم"، قال: وبعَث ابنُ سيرين رجلا فنظر كيفَ هديُ القاسم وحالُه، وعنه عن الزّهري قال: "إنّ هذا العلمَ أدبُ الله الذي أدّب الله به نبيَّه صلى الله عليه وسلم، وأدَّب النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمَّتَه، أمانةُ الله إلى رسوله ليؤدِّيَه على ما أُدِّي إليه، فمن سمع عِلمًا فليجعَله أمامه حجّة فيما بينه وبين الله عز وجل".إنّ هذه الطائفةَ من الناس التي تنتسِب زورًا إلى العلم وأهلِه لمّا فقدوا الأدبَ اجتمعت فيهم أمّهاتُ مساوئ الأخلاق، فتجِدهم لا يرعَون للشيخ الذي علّمهم وربّاهم حرمتَه، ولا لأخيهم الطالبِ ذمَّته، ولا للمحسِن إليهم نعمتَه، ينكِرون الجميل، ويكفُرون الصديق، يتتبَّعون العوراتِ، ويفرَحون بالزّلاّت، استحلّوا الغيبةَ، واستلذّوا النميمة، هم أشبهُ الرجال بالنّساء، وقودُهم الحسدُ والشحناء، وشِعارهم العداوة والبغضاء، وِردُهم السبُّ واللعن والشّتم، وطريقتُهم الهمزُ واللّمز والرّجم، يزكّون أنفسَهم فالطريقُ إلى نصحِهم مسدود، ويحتقِرون إِخوانهم فالنّاصحُ لهم من بابهم مطرود، حُرموا النصيحةَ ومَن حُرِم النصيحةَ فقد حرِم الدينَ كلَّه، هم أعظمُ الناس كِبرا، وأشدُّ الخلق عُجبًا، فعل فيهم الغرورُ فِعلتَه الشنيعة، وضربَ حولهم التّعصّبُ حصونَه المنيعة، فصاروا يتوارثون الأدواءَ، ويتّهِمون العلاجَ والدواء، قلوبهم شِداد، وألسِنتهم حِداد، تلوك الزورَ والبهتان، وتؤول بالوشايةِ إلى الظلم والطغيان، لا حياءَ يمنعهم، ولا مروءةَ تردَعهم، أعيا الأطباءَ علاجُهم، وحيّر الحكماءَ أمرهم، مَن سقط في شِراكهم فُتِن، ومَن نطَق بعِراكهم غُبِن، يسيئون بالإخوان الظّنون، ويسخِّرون للتجسُّس الآذانَ وخائنةَ العيون، وأخطرُ من هذا كلِّه وأضلّ وأدهى وأمرّ أنهم صبَغوا هذه الجرائمَ العظائم بصِبغة الدين، فألبسوها رداءَ النصرةِ وإزارَ النجاة، فلا تسأل بعد ذلك عن العواقب الوخيمة والنتائج الوبيلة.
يُخفون في أنفسهم ما لا يُبدون لإخوانهم، وإذا خلا بعضُهم إلى بعضٍ سلَقوهم بألسنةٍ أحدَّ من السّيف الصقيل، وأسرعَ إلى الشرِّ من الجواد الأصيل، يَحيَون في أوبئةِ الفتنة، ويعيشون في أوحالِ القيل والقال، فإذا أدبَرتِ الفتنةُ ونفدَ القيلُ والقال خمَدت أنفاسُهم وقبِضَت أرواحهم وافتضح أمرُهم
، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} [الرعد:17].والواجبُ على هؤلاءِ المبتلَين وعلى كلِّ طالب علمٍ أن يتّقوا الله عزّ وجل حقَّ التقوى، وأن يتفقّدوا نياتهم ويراجِعوا أنفسَهم وأعمالهم، وأن يقبَلوا النصيحةَ من إخوانِهم ولا تأخذهم العزّةُ بالإثم، فإنّ المسلمَ مرآةٌ لأخيه، ينظر من خلالها إلى أخطائِه ومساويه، وهما كاليَدَين تغسِل إحداهما الأخرى، وقد لا تنقلِع بعضُ الأوساخ إلا بشيء من الخشونةِ، لكن يحصُل بعد ذلك من الصّفاء والطِّيب والنّقاء ما يُحمَد معه ذلك التخشين.
وإنّ طالبَ العلم ما دامت تقرَع سمعَه آيات القرآنِ الكريم وأحاديث النبيّ المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم وأخبارُ السلف الصالحين المشتملةُ على أكملِ الأخلاق وأجمل الآداب، ينبغي له أن يكونَ أحسنَ الناس أدبًا، وأشدَّهم تواضُعًا، وأعظمَهم نزاهةً وتديّنًا، وأقلَّهم طيشًا وغضَبا، ويجب عليه أن يخلصَ نيته في الطّلب، وأن يكونَ قصدُه بذلك وجه الله تعالى ورضاه، ولا يتّخذه سبيلا إلى الشهرةِ وطريقًا إلى الرئاسةِ وتكثير الأتباع، وليحرصْ كلَّ الحرص على التحلّي بمعالي الأخلاقِ وجميلِها، التي يحبّها الله عزّ وجلّ وبَعث نبيَّه صلى الله عليه وسلم لتكميلها، وليحذَر من سفساف الأخلاق التي يبغضِها الله عز وجل ويمقت أهلَها.
روى الخطيب في كتابه "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (تعلّموا العلمَ، وتعلّموا للعلم السكينةَ والحِلم، وتواضعوا لمن تُعلِّمون، وتواضَعوا لمن تَعلَّمون منه، ولا تكونوا جبابرةَ العلماء، فلا يقوم عِلمكم بجهلكم)، وروى أيضا بسنده عن حُبيِّب بن حجر القيسيّ قال: "كان يقال: ما أحسنَ الإيمانَ ويُزيِّنه العلم، وما أحسنَ العِلم ويزيِّنه العمل، وما أحسنَ العملَ ويزيِّنه الرِّفق، وما أضيفَ شيء إلى شيء مثل حِلم إلى عِلم"، وعن عليّ قال: (يا طالبَ العلم، إنّ العلم ذو فضائلَ كثيرة، فرأسُه التواضع، وعَينُه البراءةُ من الحسَد، وأذُنه الفَهم، ولسانه الصِّدق، وحِفظه الفَحص، وقلبُه حسنُ النيّة، وعقلُه معرفة الأشياء والأمورِ الواجبة، ويدُه الرحمة، ورجله زيارةُ العلماء، وهمّته السلامة، وحِكمته الورَع، ومُستقرُّه النجاة، وقائِده العافية، ومركبُه الوفاء، وسِلاحه لينُ الكلمة، وسَيفُه الرضا، وقَوسه المداراة، وجَيشه مجاورة العلماء، وماله الأدَب، وذخيرتُه اجتنابُ الذنوب، وزادُه المعروف، وماؤه الموادَعة، ودليله الهدَى، ورفيقُه صُحبة الأخيار).وقد أولى علماء الإسلام هذا البابَ عنايةً عظيمة، فأدرجوه في جوامِعهم وسُننهم ومصنفاتهم، بل أفردَه كثير منهم بالتّصنيف، فمن ذلك "أخلاق العلماء" للآجري، وكتاب "أخلاق حملة القرآن" له أيضا، وكتاب "الفقيه والمتفقه" و"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" كلاهما لحافِظ المشرق أبي بكر الخطيب البغدادي، وكتاب "جامع بيان العلم وفضله" لحافظ المغرب أبي عمر بن عبد البر، و"آداب حملة القرآن" للنووي، و"أدب الإملاء والاستملاء" للسمعاني، و"تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم" لابن جماعة الكناني، وغيرها كثير.
فينبغي لطالبِ العلم أن يدمِنَ النظرَ في هذه الكتبِ حتّى يتحصّنَ بالأدب، فيستعدَّ للطلَب، فإذا سلك طريقَ العلم بعد ذلك سلَكَه وهو آمنٌ على نفسِه مِن الغوائِل، وقادرٌ بإذنِ الله تعالى على تخطِّى العراقِل، أمّا إذا لم يتحصّن بذلك انحرفَت به المسالِك، فأورَدته المهالك، فمُحِقت بركةُ علمه، ولم يحظَ منه بغير اسمِه. فالحذَر الحذَر.
ولأهمّيّة هذا الموضوع جرَى تحريرُ هذه النصيحةِ على خلافِ ما كان يرغَب فيه أخي السائل من تسطيرِ برنامجٍ علميّ على ثلاثِ مراحل ينتهجه في طلبه للعلم، فرأيتُ تقديمَ هذا الجوابِ وإسداء هذا النصح لشدّة الحاجة إليه، خصوصًا في هذا الزمان وفي هذا المكان، وجوابُ السائل بما هو أنفعُ له وأولى به هديٌ قرآني ومنهج نبوي،
قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة:215]، فهم سألوا عن جِنس النفقة، فأجابهم الله عزّ وجلّ ببيان وجوهِها ومواضعها؛ لأنّ ذلك أنفع وأهمّ.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلّم وبارك وأنعَم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وسبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، والحمد لله رب العالمين
.
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-25-2015, 12:43 AM
حمزة الجزائري حمزة الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر (العاصمة)
المشاركات: 984
افتراضي

بارك الله فيك وفي الشيخ الفاضل مصطفى إيتيم
__________________
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ الأديب محمد بوسلامة الجـزائـري :

(إنّ مدرستنا قد انهارت وإنّ مجاري التعليم قد غارت فلو لم يتلاف هذا الأمر بقية العلماء في هذه الديار وأهل السعة من الصالحين وولاة الأمور فسوف تتهافت بين ايديهم الاجيال كما تتهافت الفراش على شعلة الفتيل فكم من جريح وكم من قتيل إنّه تهافت الأجيال الذي تزول به الدول وتضعف منه الأمم وتنقرض به الحضارات إنني أدعو إلي حماية المواهب من المخمدات التي تمالأت على إطفائها فتبلغ بناشئة الأجيال إلى التخاذل والشعور بالنقيصة والقصور فلا تنهض له الهمم ولا ترتقي عزائمهم القمم إننا في زمن قد كثرت فيه عوامل الخفض والسكون وقلت فيه عوامل الرفع ونسأل الله الفتح المبين) - حماية المواهب -
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-25-2015, 11:03 PM
نبيل الجزائري نبيل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 3
افتراضي

رائعة جزى الله خيرا الشيخ الكريم
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-26-2015, 11:34 AM
أبو المعالي بن الخريف أبو المعالي بن الخريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 1,032
افتراضي

حيَّهلا بكَ أخي الفاضل نبيل الجزائري، ومرحبًا بك في نُزلِك " منتديات كل السلفيين " مُفيدًا، ومُفادًا.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-27-2015, 04:07 PM
نبيل الجزائري نبيل الجزائري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 3
افتراضي

شكرا لك على هذا الترحيب اخي ابا المعالي
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-31-2015, 02:43 PM
عبد المالك العاصمي عبد المالك العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
المشاركات: 412
افتراضي

نصيحة طيبة
جزاكم الله خيرا
__________________
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد الباري العيد بن سعد شريفي
http://www.aidecherifi.net
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:46 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.