أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
88129 187381

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-30-2010, 03:40 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي [ تفريغ ] خطبة جمعة في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة - علي أبو هنية (بي دي إف)

بسم الله الرحمن الرحيم

في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-
للشيخ علي أبو هنية -وفقه الله-

الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

أمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُها، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
يَقُولُ رَبُّنَا -جَلَّ فِي عُلاهُ، وَعَظُمَ فِي عَالِي سَماهُ-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

جَاءَ عَنِ النَّبِيِّrبِسَنَدٍ صَحِيحٍ أنَّهُ قَالَ: "النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّماءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ". وَقَالَ r في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "لَا تَسُبُّوا أَصْحابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ". لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ -يَا مَنْ سِوَى الصَّحابَةِ- مِثلَ جَبَلِ أُحُدٍ مِنَ الذَّهَبِ؛ لَم يَبْلُغْ مَا أَنْفَقَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحابَةِ مِقْدَارَ مُدٍّ -أَيْ: حَفْنَةٍ مِنَ التَّمْرِ-.

كَيْفَ لَا؛ وَالصَّحَابَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- خَيرُ النَّاسِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ. كَيْفَ لَا؛ وَهُمُ الَّذِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}. لِذَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَقُولُ: "لَموْقِفُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحمَّدٍ r خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ وَلَوْ عُمِّرَ عُمُرَ نُوحٍ".

يَقُولُ الإِمامُ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إِنَّ فَضْلَ الصُّحْبَةِ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ، وَلا تُنَالُ دَرَجَةُ الصَّحَابَةِ لِمنْ بَعْدَهُمْ". يَقُولُ عَبدُ اللهِ بنُ مَسْعودٍ t: "إِنَّ اللهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحمَّدٍ r خَيرَ قُلوبِ العِبادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ في قُلوبِ العِبادِ -أَيْ: بَعدَ قَلْبِ مُحمَّدٍ r- فَوَجَدَ قُلوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ العِبادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقاتِلُونَ عَنْ دِينِهِ". وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ t: "مَنْ كَانَ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحمَّدٍ r؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الأُمَّةِ قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا، وَأَحْسَنَهَا حَالًا، قَوْمًا اخْتَارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ r؛ فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى [الْهُدَى] المُسْتَقيمِ".
وَعَقيدَتُنَا -أَهْلَ السُّنَّةِ- كَما قَالَ الإِمامُ الطَّحاوِيُّ في عَقيدَتِهِ -"العَقيدةِ الطَّحاوِيَّةِ" الَّتي قَرَّرَتْ عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ-مِنْ أوَّلِها إِلى آخِرِهَا- يَقولُ الإِمامُ الطَّحَاوِيُّ: "وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ r، وَلا نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُمْ وَبِغَيْرِ الْخَيْرِ يَذْكُرُهُمْ، وَلا نَذْكُرُهُمْ إلا بِخَيْرٍ، وَحُبُّهُمْ دِينٌ وَإيمانٌ وَإِحْسَانٌ، وبُغْضُهُمْ كُفْرٌ وَنِفاقٌ وَطُغْيانٌ".

عِبادَ اللهِ! هَذَا كَلامُ اللهِ، وَهَذَا كَلامُ رَسُولِ اللهِ، وَهَذا كَلامُ سَلَفِنَا الصَّالِحينَ، وَهَذِهِ عَقِيدَتُنَا -مَعاشِرَ أَهْلِ السُّنَّةِ- في هَؤُلاءِ الجِيلِ، وَأُولَئِكُمُ الرَّعِيلِ الَّذِي لا ولَم ولَنْ يَتَكَرَّرَ؛ أَصْحَاب مُحمَّدٍ r.

ومِنْ هَؤُلاءِ الصَّحابَةِ: صَحَابِيَّةٌ ابنَةُ خَيْرِهِمْ، وَزَوْجَةُ نَبِيِّهِمْ؛ عَائِشَةُ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا، وَرَضِيَ عَنْ أَبَوَيْها: أَبِي بَكْرٍ وَأُمِّ رُومَانَ-. عَائِشَةُ. . لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَسْتَقْصِـيَ فَضائِلَهَا؛ لَطَالَ بِنَا المَقامُ. وَمَنْ قَرَأَ فِي التَّراجِمِ سِيرَةَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-؛ وَجَدَ الْعَجَبَ العُجَابَ! فَكثِيرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ لا يَعْرِفُ مَنْ هِيَ عَائِشَةُ. يَقُولُ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "لا أَعْلَمُ فِي الأُمَّةِ -بَلْ في نِساءِ العالمَينَ- امْرَأةً أَعْلَمَ مِنْ عَائِشَةَ".

تَقُولُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: جَاءَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- إِلَى مُحمَّدٍ r في ثَلاثِ لَيَالٍ يَتَمَثَّلُ بِصُورَتِي -بِصُورَةِ عَائِشَةَ-، فأَتى بِصُورَةِ عَائِشَةَ في المَنامِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ -أَيْ: خِرْقَةِ حَرِيرٍ- لَوْنُهَا أَخْضَـرُ -خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ فِيهَا عَائِشَةُ-، فَقَالَ لَهُ: "هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"، فَيَقُولُ النَّبِيُّ r: "إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ". فَجَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ -بَعْدَ مَوْتِ خَدِيجَةَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ لَكَ فِي النِّسَاءِ؟ إِنْ شِئْتَ بِكْرًا وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا. قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَتْ: أَمَّا البِكْرُ؛ فَعَائِشَةُ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ؛ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ. فَقَالَ: قَبِلْتُ. فَذَهَبَتْ خَوْلَةُ إِلى أُمِّ رُومَانَ، فَقَالَتْ لَهَا: مَا الخَيْرُ الَّذِي أَدْخَلَهُ اللهُ عَلَيْكُمْ -يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ-؟! قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ rيَذْكُرُ ابْنَتَكُمْ. أَيْ: يُرِيدُ الزَّواجَ مِنْهَا، وَكَانَ عُمُرُ عَائِشَةَ -حِينَذاكَ-سِتَّ سَنَواتٍ-وذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِحَوَاليْ عَامٍ-، فَأَخْبَرَتْ أُمُّ رُومَانَ أبَا بَكْرٍ t، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي أَخُوهُ [وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ ابْنَةُ أَخِيهِ؟!]. . فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ. ثُمَّ خَطَبَهَا النَّبِيُّ r وَتَزَوَّجَهَا، تَقُولُ عَائِشَةُ: "وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَبَنَى بِي وَدَخَلَ بِي فِي المَدِينَةِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعِ سَنَواتٍ، وَكُنْتُ أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوحَةٍ فَأَتَى إِلَيَّ النِّسَاءُ فَجَهَّزْنَنِي وَأَصْلَحْنَنِي وَأَدْخَلْنَنِي عَلَى رَسُولِ اللهِ r".

عَائِشَةُ زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ rفِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ r: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلى سَائِرِ الطَّعَامِ". وَفِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاسِلِ أَرْسَلَ النَّبِيُّ r عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَمِيرًا، فَعَلِمَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ مَنْزِلَةً عِنْدَ رَسُولِ اللهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَتَبَيَّنَ كَمْ هِيَ هَذِهِ المَنْزِلَةُ، فَسَأَلَهُ -عَمْرٌو يَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ r-، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ -رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ: (أَنْتَ)- قَالَ: "عَائِشَةُ" -هَذِهِ امْرَأَةٌ- قَالَ: وَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا"، قَالَ عَمْرٌو: ثُمَّ عَدَّ رِجَالًا. فَالنَّبِيُّ r لَمْ يُقَدِّمْ في المَحَبَّةِ أَحَدًا عَلى عَائِشَةَ.

وَعِنْدَمَا كَانَ النَّاسُ يَخُصُّونَ رَسُولَ اللهِ r بِهَدَايَاهُمْ فِي يَوْمِ عَائِشَةَ؛ غَارَتْ ضَرَائِرُهَا، فَقُلْنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: كَلِّمِي رَسُولَ اللهِ r، قُولِي لَهُ: نِسَاؤُكَ يُنْشِدْنَكَ اللهَ وَالعَدْلَ في ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ! الهَدَايَا لا تَأْتِي إِلَّا فِي يَوْمِ عَائِشَةَ! النَّاسُ يَتَحَرَّونَ ذَلِكَ لِمَعْرِفَتِهِمْ مَحَبَّةَ رَسُولِ اللهِ لِعَائِشَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ r لِأُمِّ سَلَمَةَ . . فِي المَرَّةِ الأُولَى أَعْرَضَ عَنْهَا. في المرَّةِ الثَّانِيَةِ أَعْرَضَ عَنْهَا. فِي المَرَّةِ الثَّالِثَةِ قَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: "لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ؛ فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ في لِحَافِ إِحْدَاكُنَّ إِلَّا في لِحَافِ عَائِشَةَ". وَكَانَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلامُ- إِذَا نَزَلَ يَقُولُ: "يَا مُحَمَّدُ! أَقْرِئْ عَائِشَةَ السَّلامَ" فيقول لها r: "هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ"، تَقُولُ: "وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ". وَكَانَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- تَفْخَرُ عَلَى ضَرَائِرِهَا؛ وَتَقُولُ: "فُضِّلْتُ عَلَيْكُنَّ بِخِصَالٍ" -فِي رِوَايَةٍ: تِسْعٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: عَشْرٍ-، قَالَتْ: "أَنَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَا زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ r في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَتَمَثَّلَ بِي المَلَكُ في المَنَامِ، وَأَنَا الَّتِي نَزَّلَ اللهُ عُذْرِي مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماوَاتٍ فِي حَادِثَةِ الإِفْكِ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرِي، وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ في بَيْتِي، وَمَاتَ وَرَأْسُهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي" أَيْ: عَلَى صَدْرِهَا -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا-. وَغَيرُ ذَلِكَ مِنَ الخِصَالِ.

وَعِنْدَمَا جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ t -حِينَ حَضَرَهَا المَوْتُ- قَالَ لَها ابنُ أَخِيهَا بأنَّ ابنَ عَبَّاسٍ بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ، قَالَتْ: إِلَيْهِ عَنِّي! لَا أُرِيدُ تَزْكِيَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ... فَقَالَ لَهَا: إِنَّهُ ابْنُكِ يُرِيدُ أَنْ يَرَاكِ قَبْلَ المَوْتِ. فَقَالَتْ: أَدْخِلُوهُ! فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ -تُرْجُمَان الْقُرْآنِ tابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ r- قَالَ: "أَبْشِـرِي يَا أُمَّاهُ! فَإِنَّكِ لَزَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ r في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنَّ لَكِ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا. ." يُعَدِّدُ مَنَاقِبَهَا وَخِصَالَهَا الحَمِيدَةَ، فَقَالَتْ: "يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! إِلَيْكَ عَنِّي! وَاللهِ؛ لَوَدَدْتُ أَنِّي أَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ أُرِيدُ رَحْمَةَ اللهِ".

عَائِشَةُ: أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أُمُّكُمْ جَمِيعًا، أُمُّ كُلِّ مُسْلِمٍ يَقُولُ: (لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وَرَضِيَ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وَبِالإِسْلامِ دِينًا. عَائِشَةُ: أُمُّ كُلِّ مُصَلٍّ وَكُلِّ صَوَّامٍ وَكُلِّ قَوَّامٍ.

بَعْدَ كُلِّ مَا ذَكَرْنَاهُ -مِنَ الفَضَائِلِ وَمِنْ حَمِيدِ الشَّمَائِلِ وَخَيْرِ الخِصَالِ-؛ يَخْرُجُ عَلَيْنَا شِيعِيٌّ رَافِضِـيٌّ خَبِيثٌ يُسَمَّى بـ(يَاسِرٍ الحَبيب) -نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُريحَ المُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّهِ- فَيَعْمَلُ يَوْمَ احْتِفَالٍ بِيَوْمِ مَوْتِ عَائِشَةَ، وَشِعَارُهُ في ذَاكَ الْيَومِ: (عَائِشَةُ في النَّارِ)!! مَنْ في الجَنَّةِ إِذَا كَانَتْ عَائِشَةُ في النَّارِ؟! حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ! وَقَالَ هَذَا الخَبِيثُ -بِالحَرْفِ الوَاحِدِ-: (إِنَّ عَائِشَةَ الآنَ مُعَلَّقَةٌ في رِجْلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ) نَسْأَلُ اللهَ السَّلامَةَ وَالعَافِيَةَ! وَلا تَسْتَغْرِبُوا هَذَا الأَمْرَ مِنْ هَذَا الخَاسِرِ الخَبِيثِ -وَلَيْسَ اليَاسِرَ الحَبيبَ؛ بَلْ هُوَ خَاسِرٌ خَبِيثٌ-؛ لأنَّهُ مِنْ أُمَّةٍ ضَالَّةٍ، وَمِنْ فِرْقَةٍ شَنِيعَةٍ!

للهِ دَرُّ القَحْطَانِيِّ:
إِنَّ الرَّوَافِضَ شَرُّ مَنْ وَطِئَ الحَصَا .. مِنْ كُلِّ إِنْسٍ نَاطِقٍ أَوْ جَانِ

عَائِشَةُ: أُمُّ المُؤْمِنِينَ زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ r في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ الَّتِي قَالَ اللهُ فِيهَا: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ}، وَالَّتِي قَالَ فِيهَا: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.

وَقَالَ حَسَّانُ:
حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
حَلِيلَة ُ خَيْرِ النَّاسِ دِينًا وَمَنْصِبًا... نَبِيِّ الهُدَى وَالمَكْرُمَاتِ الفَوَاضِلِ

هَذِهِ الصَّحَابِيَّةُ الصِّدِّيقَةُ المُبَرَّأَةُ -بِتَبْرِئَةِ اللهِ لَهَا- يَسُبُّهَا الرَّوَافِضُ! وَنَجِدُ بَعْضَ المُسْلِمِينَ يَغُضُّ الطَّرْفَ عَنْ هَذَا السَّبِّ وَالشَّتْمِ بِسَبِبِ بَعْضِ المَصَالِحِ السِّيَاسِيَّةِ!! لا -وَاللهِ-؛ إِنَّ أُمَّكَ عَائِشَةَ أَغْلَى مِنْ أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ؛ فَهِيَ مِنْ صُلْبِ دِينِكَ وَصُلْبِ عَقِيدَتِكَ، وَالطَّعْنُ فِي أُمِّكَ عَائِشَةَ أَشَدُّ مِنَ الطَّعْنِ في أُمِّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ؛ لِأَنَّ مَنْ سَبَّ أُمَّكَ لَا يَكْفُرُ، أَمَّا مَنْ سَبَّ أُمَّكَ عَائِشَةَ؛ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؛ لأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلقُرْآنِ.

وَهَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرَبٍ مِنْ فِرْقَةِ الشِّيعَةِ! وَلَكِنَّهُمْ أَظْهَرُوا مَكْنُونَ صُدُورِهِمْ لأَنَّهُمْ يَتَعَامَلُونَ بِالتَّقِيَّةِ وَيَقُولُونَ: التَّقِيَّة تِسْعَةُ أَعْشَارِ الدِّينِ! وَلَكِنَّ هَذَا أَظْهَرَ بَاطِلَهُمْ وَبَاطِنَهُمْ وَفَضَحَهُمْ، وَخَدَمَ السُّنَّةَ خِدْمَةً لا مَثِيلَ لَهَا.

فَهَا نَحْنُ -بِفَضْلِ اللهِ- نُبَيِّنُ مُعْتَقَدَ الشِّيعَةِ الخَبيثِ وَأَنَّهُمْ يَسُبُّونَ الصَّحَابَةَ بِالْبَيِّنَةِ وَالدَّلِيلِ العَمَلِيِّ المَرْضِيِّ. وإلا: بَعْضُ المُسْلِمِينَ -أَقُولُهَا مَعَ الأَسَفِ!-مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ- إِذَا أَتَيْتَهُ بِكَلامِ لِلعُلَماءِ. . ابن تَيْمِيَّةَ -مَثَلًا- لَهُ كِتَابٌ مِنْ ثَمانِ مُجلَّدَاتٍ اسمُه "مِنْهَاجِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ في الرَّدِّ عَلى الشِّيعَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ" كِتَابٌ كَبِيرٌ فَقَطْ يَرُدُّ فِيهِ عَلَى شُبُهَاتِ وَضَلالَاتِ الشِّيعَةِ.

يَا إِخْوَانَنَا: هَؤُلاءِ الشِّيعَةُ يَقُولُونَ بِأَنَّ القُرْآنَ مُحَرَّفٌ! يَقُولُونَ بِأَنَّ هُناكَ سُوَرٌ نَاقِصَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ! وَهَذَا فِي كَلامِ عُلَمَائِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ مُسَطَّرٌ فِي كُتُبِهِمْ -كَـ"الْكَافِي" لِلْكُلَيْنِيِّ، وَ"بِحَارِ الأَنْوَارِ" لِلْمَجْلِسِيِّ، وَ"الأَنْوَارِ النُّعْمَانِيَّةِ" لِلْجَزِائِرِيِّ..وَغَيْرِ ذَلِكَ-. يَسُبُّونَ الصَّحَابَةَ جَمِيعًا وَيَقُولُونَ بِكُفْرِهِمْ! يَقُولُونَ بِأَنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ مَعْصُومُونَ، وَأَنَّهُم لَا يَبْلُغُ مَلَكٌ مُقَرِّبٌ وَلا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ دَرَجَتَهُمْ -كَمَا ذكرَ الخُمَينِيُّ في "الحُكُومَةِ الإِسْلَاميَّةِ"-! الشِّيعَةُ يَطُوفُونَ وَيَتَبَرَّكُونَ بِالقُبُورِ وَبِالمَقَامَاتِ، يُشْرِكُونَ مَعَ اللهِ! عَقِيدَةٌ فَاسِدَةٌ -يَا إِخْوَانَنَا-! فَكَيْفَ تَنْطَلِي عَلَى بَعْضِ المُسْلِمِينَ عَقِيدَتُهُمْ؟! أَوْ يُحَسِّنُوا بِهِمُ الظَّنَّ؟! إيَّاكُمْ إيَّاكُمْ -يَا عِبَادَ اللهِ!- إِيَّاكُمْ! اِحْرِصُوا عَلَى دِينِكُمْ! وَاحْرِصُوا عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ r، وَأَحِبُّوا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ، أَحِبُّوهُمْ حُبًّا حَقِيقِيًّا سُنِّيًّا يَكُونُ فِيهِ الغَضَبُ لَهُمْ -قَبْلَ الْغَضَبِ لِأَيِّ شَيْءٍ آخَرَ-.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولَكُمْ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-30-2010, 03:49 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ وَاقْتَفَى أَثَرَهُمْ ...إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللهِ! يَقُولُ نَبِيُّنَا r: "مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".

إِخْوَانِي فِي اللهِ! وَتَنَبَّهُوا قَلِيلًا: نَحْنُ تَكَلَّمْنَا عَنْ ضَلالِ الشِّيعَةِ. أَمَّا الحُكْمُ عَلَيْهِمْ بِكُفْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فهَذَا لَيْسَ إِلَيْنَا؛ بَلْ هُوَ لِلْعُلَمَاءِ.

وَالْعُلَمَاءُ اخْتَلَفُوا فِي الشِّيعَةِ: أَهُمْ كُفَّارٌ أَمْ لا؛ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
مِنَ العُلَمَاءِ مَنْ حَكَمَ بِكُفْرِهِمْ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ إِمَامِ دَارِ الهِجْرَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ -عَلَيْهِ رَحْمَةُ اللهِ- عَالِمِ المَدِينَةِ وَغَيْرِهِ مِنَ العُلَمَاءِ.
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَم يَحْكُمْ بِكُفْرِهِمْ؛ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِضَلالِهِمْ وَأَنَّهُمْ مِنَ الفِرَقِ الهَالِكَةِ.

وَمِنَ العُلَمَاءِ مَنْ حَكَمَ بِكُفْرِ عُلَمَائِهِمْ وَعَدَمِ كُفْرِ عَامَّتَهُمْ لِجَهْلِهِمْ. وَهَذَا القَوْلُ الَّذِي فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ لَعَلَّهُ يَكُونُ أَرْجَحَ الأَقْوالِ؛ فَالعَالِمُ مِنْهُمْ أَخْبَثُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَنَّهُ عَنْ عِلْمٍ يَتَكَلَّمُ -مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيدِ-.

أَمَّا حُكْمُ سَبِّ الصَّحَابَةِ: فهُناكَ سَبٌّ لِلصَّحابَةِ كُفْرٌ -بِدُونِ شَكٍّ-، وَهُنَاكَ سَبٌّ لِلصَّحَابَةِ لَيْسَ بِكُفْرٍ؛ وَإِنَّمَا كَبِيرَةٌ وَمُوبِقَةٌ وَصَاحِبُهَا عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ.

أَمَّا سَبُّ الصَّحَابَةِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ -بِيَقينٍ-: فَهُوَ أَنْ يَقُولَ هَذَا الشِّيعِيُّ أَوِ الرَّافِضِيُّ أو مَن تَشَبَّهَ بِهِ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ ارْتَدُّوا جَمِيعًا بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللهِ r؛ فَهَذَا كُفْرٌ بِاللهِ U وَكُفْرٌ بِكِتابِ اللهِ وَكُفْرٌ بِرَسُولِ اللهِ.

كَمَا ثَبَتَ عَنِ العُلَمَاءُ: مَنْ طَعَنَ فِي أَصْحَابِ مُحمَّدٍ r؛ فَقَدْ طَعَنَ فِي رَسُولِ اللهِ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطْعَنَ فِي رَسُولِ اللهِ مُبَاشَرَةً، فَيَطْعَنُ فِيهِمْ، فَيُقالُ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صالِحًا؛ لَكَانَ أَصْحَابُهُ صَالِحِينَ.

ثَانِيًا: مَنْ يَطْعَنُ في الصَّحَابَةِ فِي رِوَايَتِهِمْ وَعَدَالَتِهِمْ وَشَهَادَتِهِمْ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِبْطَالَ الدِّينِ الَّذِي نَقَلُوهُ إِلَيْنَا؛ وَهَذَا كُفْرٌ -بِدُونِ شَكٍّ-.

وَأَيْضًا مِنَ الكُفْرِ: أَنْ تُقْذَفَ أُمُّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ. إِذَا قُذِفَتْ عَائِشَةُ بِالزِّنَا؛ فَهُوَ كُفْرٌ؛ لِماذَا؟ لأَنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ- بَرَّأَهَا في سُورَةِ النُّورِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ. لِذَلِكَ يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ-عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ-: "مَنْ رَمَى عَائِشَةَ بِمَا بَرَّأَهَا اللهُ مِنْهُ؛ كَفَرَ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ". وَقَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَنْ سَبَّ أَبَا بَكْرٍ جُلِدَ، وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ"، قِيلَ: وَلِمَ ذَاكَ -يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ-؟! قَالَ: "لأَنَّ مَنْ سَبَّ عَائِشَةَ فَقَدْ كَذَّبَ القُرْآنَ".

وَأَمَّا السَّبُّ الَّذِي لَيْسَ بِكُفْرٍ: فَهُوَ أَنْ يُرْمَى أَحَدُهُمْ بِجُبْنٍ أَوْ بُخْلٍ أَوْ قِلَّةِ عِلْمٍ، وَلَيْسَ طَعْنًا فِي دِينِهِ وَفِي عَدَالَتِهِ؛ وَإِنَّمَا يُذَمُّ بِأَوْصَافٍ لَا تَلِيقُ بِهِ، وَلَكِنَّ هَذَا مُرْتَكِبٌ لِكَبِيرَةٍ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَهَذَا -كَمَا ذَكَرْنَا- عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، وَهَذَا الكَلامُ -مَعَ الأَسَفِ- قَرَأْنَاهُ فِي بَعْضِ كُتُبِ بَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ -وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ-. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إِلَى اللهِ. وَنَحْنُ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ -أَبَدًا-؛ نَحْتَرِمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا نَحْتَرِمُ وَنُجِلُّ أَبَا سُفْيَانَ ومُعَاوِيَةَ وَجَمِيعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ r.

وَأَنَا [...] وَأَقُولُهَا لَكُمْ: أَنَّ مِنَ انْتِقَاصِ الصَّحَابَةِ -الَّذِي رَأَيْنَاهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ السُّنَّةِ- بَعضَ المُسَلْسَلاتِ الَّتِي بُثَّتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يُمَثَّلُ فِيهَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ r -وَلِأَوَّلِ مَرَّةٍ-، يُظْهِرُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلَمْ يَتَوَرَّعُوا عَنْ إِظْهَارِ أَحَدٍ مِنْهُمْ؛ بَلْ وَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ أَتَوْا بِصَوْتِ عَائِشَةَ!! أَيُّ انْتِقَاصٍ أَعْظَمُ؟!!
بِالأَمْسِ كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَنِ الشِّيعَةِ فِي تَمْثِيلِ قِصَّةِ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلامُ-، وَأَنَّ هَذَا انْتِقَاصٌ لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَمَثَّلُوا يَعْقُوبَ وَزَكَرِيَّا، وَنَذُمُّ النَّصَارَى فِي تَمثِيلِ عِيسَى، وَنَذُمُّ اليَهُودَ فِي تَمْثِيلِ مُوسَى، وَنَقُولُ هَؤُلاءِ أَنْبِيَاءُ وَمُرْسَلُونَ لَا يَجُوزُ انْتِقَاصُهُمْ وَالحَطُّ مِنْ قَدْرِهِمْ! يَأتِي مُمَثِّلٌ فَاسِقٌ يُمَثِّلُهُمْ فِي النَّهَار، ثُمَّ تُشَاهِدُ المُمَثِّلَ نَفْسَهُ بِالَّليْلِ يُمَثِّلُ دَوْرَ الْعَاشِقِ فِي بَعْضِ المُسَلْسَلَاتِ الفَاحِشَةِ.

فَيَأْتِي بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُمَثِّلُ بَعْضَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، وَلَا يَحَرِّكُ أَحَدٌ سَاكِنًا -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ-! وَوَاللهِ أَقُولُهَا -الآنَ-وَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ-: إِذَا غَضَضْنَا عَنْ تَمْثِيلِ الأَنْبِيَاءِ وَغَضَضْنَا عَنْ تَمْثِيلِ الصَّحَابَةِ؛ فَهَذَا تَمْهِيدٌ وَتَوْطِئَةٌ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ؛ فَسَتَرَوْنَ غَدًا مَنْ يُمَثِّلُ رَسُولَ اللهِ r مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ -وَلَا يُحَرِّكُ أَحَدٌ سَاكِنًا-، وَيَقُولُ: هَذَا رَسُولُ اللهُ! مُمَثِّلٌ -مِنْ أَجْلِ خَمْسَةِ دُولارَاتٍ!- يَأْتِي وَيُمَثِّلُ نَبِيَّكَ مُحَمَّدًا r الَّذِي تَتَعَبَّدُ اللهَ U بِتَعْظِيمِهِ وَإِجْلَالِهِ ....

إِخْوَانِي فِي اللهِ: جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ في كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاءِ أنَّ الصَّحَابِيَّ الجَلِيلَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ -وَهُوَ مِنَ العَشَرَةِ المُبَشَّرِينَ بِالجَنَّةِ، وَكَانَ دُعَاؤُهُ مُسْتَجَابًا-، رَأَى رَجُلًا أَمَامَهُ يَسُبُّ عُثْمَانَ، فَقَالَ: لَا تَسُبَّ أَخِي! فَلَمْ يُطِعْهُ وبَقِي يَسُبُّه. فَرَفَعَ سَعِيدٌ يَدَيْهِ وَدَعَا اللهَ عَلَيْهِ. قَالَ الرَّاوِي: فَجَاءَ بعيرٌ [...] مِنْ بَعِيدٍ -لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا البَعِيرُ-، قَالَ: فَاخْتَرَقَ صُفُوفَ النَّاسِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى الرَّجُلِ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ صَدْرِهِ وَالأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَيْهِ فَسَوَّاهُ بِالأَرْضِ! بَعِيرٌ حَيَوانٌ يَغْضَبُ لله ورسوله وأصحابه r.

نَحْنُ أَوْلَى وَأَوْلَى ...-أَهْلَ السُّنَّةِ- أَنْ نَغْضَبَ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ r؛ لأَنَّ لَهُمُ الفَضْلَ عَلَيْنَا، لأَنَّ لَهُمْ فَضْلًا عَظِيمًا عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ؛ فَلَوْلَاهُمْ لمَا عَرَفْتَ دِينَكَ، وَلَوْلَاهُمْ لَما عَرَفْتَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ r ؛ فَاعْرِفْ لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَقَدِّرْ لَهُمْ قَدْرَهُمْ؛ فَلَهُمْ وَاجِبٌ وَحَقٌّ عَلَيْكَ حَتَّى تَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللهِ r: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا عَلَى نُصْرَةِ سُنَّتِي، وَعَلَى الذَّبِّ عَنْ أَصْحَابِي، وَعَلَى الذَّبِّ عَنْ زَوْجَاتِي -عَنْ زَوْجَاتِ مُحَمَّدٍ r-. وَلَا تَكُنْ كَمَنْ خَذَلَهُ وَخَذَلَ أَزْوَاجَهُ، وَخَذَلَ أَصْحَابَهُ فَتَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ لَكَ حَظٌّ مِنْ نُصْرَةِ حَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ r....


[فرغتُها -مع شيء من التصرف والنقص!- لوجود صدى في التسجيل. لسماع المادة من هنا]
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-30-2010, 06:41 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

من هنا للطباعة
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تفريغات أم زيد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.