أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
100501 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-01-2014, 12:30 AM
محمد مداح الجزائري محمد مداح الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,028
افتراضي الكاشف لمنهج ابن باز في الرد على المخالف..

الكاشف لمنهج ابن باز في الرد على المخالف..


يشغب كثير من المخذلين والمتخاذلين عن الرد على المخالف بإيهام الدهماء بالتمسك بطريقة الشيخ ابن باز –رحمه الله- في الرد على المخالف، ويرمون من عُرف باشتغاله بهذا الباب بمخالفة هدي الشيخ -رحمه الله- في ذلك، لذا أشار علي بعض من تعينت إجابتهم: أن من تمام هذا البحث –الذي أسأل الله العلي القدير أن يجعله خالصاً صواباً مباركاً- أن من تمامه أن أبين طريقة الشيخ ابن باز ومنهجه في الرد على المخالف وبيان بعض الشبه المتعلقة بذلك، وأكشف لكل منصف أن طريقته هي طريقة السلف في ذلك، كيف لا؟! وهو أحد المجددين لمنهج السلف الصالح وأحد أئمة الدين –أحسبه والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً-.
فأولاً: وقبل كل شيء لابد أن يُعلم أنه عند الاختلاف بين علماء المسلمين لابد من الرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)، وروى البخاري في صحيحه عن مروان بن الحكم قال: (شهدت عثمان وعلياً - رضي الله عنهما - وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى عليٌ -رضي الله عنه- ذلك أهل بهما: لبيك بعمرة وحجة وقال: ما كنت لأدع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحد).
فالشيخ مع جلالة قدره، وعظيم فضله، كغيره من أهل العلم يُستدل لأقواله، ولا يستدل بها، وليس بمعصوم عن الخطأ، وليس قوله بحجة على غيره من أهل العلم، فلو فُرض أن الشيخ خالف الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة -وحاشاه تعمد ذلك- لم يجز لأحد أن يستدل بمخالفته على من اتبع الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح.

قال الشيخ ابن باز –رحمه الله- في بيان هذا الأصل: من جهل الحق وجب عليه أن يسأل أهل العلم المعروفين بالعلم والفضل , وحسن العقيدة والسيرة... ولكن لا يجوز أبداً أن يتعصب لواحد منهم مطلقاً, وأن يقال: قوله هو الصواب مطلقاً. بل يقال: كل واحد قد يخطئ ويصيب، والصواب فيما وافق ما قاله الله ورسوله, وما دل عليه شرع الله من طريق الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم , فإذا اختلفوا وجب الرد إلى الله ورسوله , كما قال سبحانه وتعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) وقال عز وجل: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) هكذا قال أهل العلم قديماً وحديثاً، ولا يجوز أبداً التعصب لزيد أو عمرو , ولا لرأي فلان أو علان , ولا لحزب فلان أو الطريقة الفلانية , أو الجماعة الفلانية , كل هذا من الأخطاء الجديدة , التي وقع فيها كثير من الناس، فيجب أن يكون المسلمون هدفهم واحد , وهو اتباع كتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام -...وعند اختلاف أهل العلم ينظر في أقوالهم , ويؤيد منها ما وافق الدليل من دون تعصب لأحد من الناس.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (2/311)
ثانياً: لا يخفى على كل منصف عالم بمنهج الشيخ ابن باز: أن الشيخ كان همه اتباع الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، في كل أموره، ومن ذلك الرد على المخالف، فلا جرم أن يكون منهجه في ذلك هو منهجهم، وطريقته هي طريقتهم، وإن حاول بعض المخالفين بعمد أو خطأ، وبجهل أو هوى، أن ينسب للشيخ –رحمه الله- غير ذلك.
قال -رحمه الله-: فصفات حزب أنهم الله لا يتحيزون إلى غير كتاب الله والسنة، والدعوة إليها والسير على منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان. ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(7/177).


إذا كان كذلك، فهذه بعض أمارات منهج الشيخ ابن باز –رحمه الله- في الرد على المخالف، والتي سار فيها على ما دل عليه الكتاب والسنة، ما كان عليه سلفنا الصالح:
الأمارة الأولى: الشيخ يوجب على العلماء وطلبة العلم الرد على المخالفين.
قال -رحمه الله-: الواجب على علماء الحق، الذين وفقهم الله سبحانه وتعالى للعلم بكتابه وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبصرهم بالحق، حتى عرفوا طريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه وعرفوا أن النصر إنما يكون بالتمسك بدين الله والعض عليه بالنواجذ،..عليهم أن ينشروا الدعوة الإسلامية ويقوموا بتنقية العقيدة من البدع والضلالات والانحرافات، هؤلاء هم العلماء الذين تعلق عليهم الآمال وتجب عليهم دعوة الناس إلى الحق،.. حتى يزول الجهل وينقشع اللبس, ويتضح الحق لطالب الحق، وحتى يعلم أهل البدع والخرافات , من الصوفية وغيرهم ما هم عليه من الباطل فيرجعوا إلى الصواب ويأخذوا بالحق؛ لأن الكثير منهم قد التبس عليه الحق , فلو عرف الحق لأخذ به , وسار على طريقه. ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(3/135).


وقال –رحمه الله-: طالب العلم حريص جداً أن لا يكتم شيئاً مما علم , حريص على بيان الحق والرد على الخصوم لدين الإسلام, لا يتساهل ولا ينزوي, فهو بارز في الميدان دائما حسب طاقته , فإن ظهر خصوم للإسلام يشبهون ويطعنون - برز للرد عليهم كتابة ومشافهة وغير ذلك لا يتساهل ولا يقول هذه لها غيري , بل يقول: أنا لها.. أنا لها.. ولو كان هناك أئمة آخرون يخشى أن تفوت المسألة , فهو بارز دائما لا ينزوي , بل يبرز في الوقت المناسب لنصر الحق , والرد على خصوم الإسلام بالكتابة وغيرها.. من طريق الإذاعة , أو من طريق الصحافة , أو من طريق التلفاز , أو من أي طريق يمكنه , وهو أيضا لا يكتم ما عنده من العلم , بل يكتب ويخطب , ويتكلم ويرد على أهل البدع , وعلى غيرهم من خصوم الإسلام بما أعطاه الله من قوة , حسب علمه وما يسر الله له من أنواع الاستطاعة، قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (7/220).
وقال –رحمه الله-: (فالواجب على علماء المسلمين توضيح الحقيقة ومناقشة كل جماعة أو جمعية ونصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده ودعا إليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله- فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة , حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه) . ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (5/203).

ولقد طبق ذلك بنفسه عملياً بالرد على كثير من المخالفين، أفراداً وجماعات، بل وربما سماهم إذا احتاج المقام لذلك، وربما صرح أحياناً أنه لم يفعل إلا لوجوب الرد عليهم، كقوله: اطلعت على مقال منشور في جريدة عكاظ في العدد (9842) الصادر في يوم الأربعاء الموافق 24 محرم 1414 هـ، حول: (قوانين القبائل والدعوة إلى إحيائها)، فرأيت أن من الواجب الرد على هذا المقال، وبيان ما فيه من الخطر العظيم والفساد الكبير؛. ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (8/272).
ومن ذلك ما يلي من بعض ردود الشيخ التي استللتها من مجموع فتاوى الشيخ -رحمه الله- وهي معزوة لمكانها منها :


الرد على مصطفى أمين. (1/391)
الرد على صالح محمد جمال. (1/401)
الرد على مزاعم هيئة الإذاعة البريطانية. (2/380)
إيضاح الحق في دخول الجني في الإنسي والرد على من أنكر ذلك رد أرسل للشيخ علي الطنطاوي.(3/299)
الرد على من يعتبر الأحكام الشرعية غير متناسبة مع العصر الحاضر.(4/415)
رد على ما نشر في جريدة البلاد حول ما نسب لسماحته من الأدعية التي تقال عند ذكر الجنة والنار.(11/74)
الرد على ما أثير حول الفوائد المصرفية.(19/203)
رد على مقالة الدكتور إبراهيم بن عبد الله الناصر حول موقف الشريعة الإسلامية من المصارف.(19/215)
رد على الدعوة للعمل في البنوك.(19/379)
الرد على من يحتج بحديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب على ترك الأسباب.(25/118)
رد على أخبار باطلة ومكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم.(26/334)
رد على ما كتبه أحد الكتاب في حق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.(26/366)


هذا غيظ من فيض، ولم أقصد استقصاء جميع ردود الشيخ، فإنها بالعشرات وفي ذلك طول ليس هذا مقامه، وإنما أردت بيان بعض كتاباته التي عنونت باسم الرد على المخالف، لكي تكون دليلاً واضحاً، وبرهاناً ساطعاً لمنهج الشيخ في العناية بالرد على المخالفين، فرحمه الله وأجزل له المثوبة فقد كان من المجاهدين في سبيل ربه حتى لقيه –أحسبه كذلك والله حسيبه-.
الأمارة الثانية: من أمارات منهج الشيخ وصيته بقراءة كتب الردود والاستفادة منها.
يزعم كثير من الذين لا يعرفون منهج الشيخ: أن الشيخ لا يحب الردود، ولا كتب الردود، وهذا محض افتراء عليه، إذ إنه كان يوصي بقراءة كتب الردود والاستفادة منها، كيف لا ؟! وهو بنفسه قد رد على المخالفين وكتب في ذلك، ودعا للرد على المخالفين، وقدم لبعض الكتب في الرد على المخالفين وأثنى عليها وعلى أصحابها، ومن ذلك: مقدمته –رحمه الله- لمقالة الدكتور محمد بن أحمد الصالح في الرد على الدكتور إبراهيم الناصر، ومقدمته لكتاب الشيخ بكر أبو زيد –رحمه الله- في رده على عبدالفتاح أبو غدة، وشيخه الكوثري.
ولقد صرح أكثر من مرة بالوصية بكتب الردود والانتفاع بها، ومن ذلك قوله –رحمه الله- لأحدهم: ونوصيك أيضا بمطالعة جواب شيخ الإسلام ابن تيمية لأهل حماة , وجوابه لأهل تدمر , ففي الجوابين خير عظيم وتفصيل لكلام أهل السنة ونقل لبعض كلامهم ولا سيما الحموية , كما أن فيهما الرد الكافي على أهل البدع.
ونوصيك أيضا بمطالعة (القصيدة النونية) و (مختصر الصواعق المرسلة) وكلاهما للعلامة ابن القيم رحمه الله , وفيهما من البيان والإيضاح لأقوال أهل السنة , والرد على أهل البدع ما لعلك لا تجده في غيرهما , مع التحقيق والعناية بإيضاح الأدلة من الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة. ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (2/107)


الأمارة الثالثة: من أمارات منهج الشيخ: بيان أن الطريق الصحيح لوحدة الأمة هو ترك البدع والرد على المخالفين، وليس السكوت عنهم، لأن أهل البدع يعينون أعداء الإسلام لترويج باطلهم.
قال –رحمه الله-: للأسف أن أعداء الإسلام يستعينون بمن ينتسبون إلى الإسلام من الخرافيين والصوفيين , وسائر أهل البدع، ليروجوا باطلهم وليشغلوا المسلمين بما يضرهم ويسبب افتراقهم واختلافهم , حتى يتمكنوا من الحصول على مرادهم , والاستيلاء على ثروات البلاد , وتمزيق شمل المسلمين، ولا سبيل إلى السلامة من ذلك، إلا بأن يقوم العلماء العارفون بدين الله سبحانه وتعالى , والمتبصرون بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بتوجيه المسلمين إلى التمسك بحقيقة دينهم، ونبذ كل بدعة وكل خرافة من طرق التصوف المختلفة والمتنوعة والمخالفة لشرع الله ومن سائر أنواع البدع التي روجها كثير من الناس , والواجب على علماء المسلمين أيضا أن يحثوا المسلمين ويؤكدوا عليهم أنه لا سبيل إلى نجاتهم , وإلى اجتماع شملهم إلا بالتمسك بكتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام , وترك ما خالف ذلك من سائر الأهواء والبدع. ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (3/131)


وقال –رحمه الله- في رده على الصابوني الذي زعم أن رد السلفيين على المخالفين يمزق الأمة، ويزعم أن الرد يلزم منه تضليل الأمة وتكفير العلماء، قال ابن باز: والجواب أن يقال: ليس من أهل العلم السلفيين من يكفر هؤلاء الذين ذكرتهم , وإنما يوضحون أخطاءهم في تأويل الكثير من الصفات ويوضحون أن ذلك خلاف مذهب سلف الأمة، وليس ذلك تكفيرا لهم ولا تمزيقا لشمل الأمة ولا تفريقا لصفهم وإنما في ذلك النصح لله ولعباده وبيان الحق والرد على من خالفه بالأدلة النقلية والعقلية والقيام بما أوجب الله سبحانه على العلماء من بيان الحق وعدم كتمانه والقيام بالدعوة إلى الله والإرشاد إلى سبيله , ولو سكت أهل الحق عن بيانه لاستمر المخطئون على أخطائهم وقلدهم غيرهم في ذلك وباء الساكتون بإثم الكتمان الذي توعدهم الله عليه في قوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) وقد أخذ الله على علماء أهل الكتاب الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه وذمهم على نبذه وراء ظهورهم وحذرنا من اتباعهم. فإذا سكت أهل السنة عن بيان أخطاء من خالف الكتاب والسنة شابهوا بذلك أهل الكتاب المغضوب عليهم والضالين.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(3/73).
وسئل رحمه الله عن الرافضة، هل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها ؟.



فأجاب: لا أرى ذلك ممكناً , بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسداً واحداً وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق , فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم , أما ما داموا مصرين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسب الصحابة إلا نفرا قليلا وسب الصديق وعمر وعبادة أهل البيت كعلي - رضي الله عنه - وفاطمة والحسن والحسين , واعتقادهم في الأئمة الاثنى عشر أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب; كل هذا من أبطل الباطل وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (5/157).
الأمارة الثالثة: من أمارات منهج الشيخ أن اللين والشدة في الرد على المخالف بحسب المصالح الشرعية.
تقدم في شروط الرد على المخالف، أن منهج السلف مراعاة المصالح والمفاسد في ذلك، ومنه استخدام اللين والشدة، وتقدم أن الأصل في الدعوة الرفق واللين، إلا إذا احتيج للشدة، وهذا الذي سار عليه ابن باز –رحمة الله- اقتفاءً لآثار السلف الصالح.
قال –رحمه الله-: الشريعة الكاملة جاءت باللين في محله , والشدة في محلها , فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك , ولا يجوز أيضا أن يوضع اللين في محل الشدة , ولا الشدة في محل اللين , ولا ينبغي أيضا أن ينسب إلى الشريعة أنها جاءت باللين فقط , ولا أنها جاءت بالشدة فقط , بل هي شريعة حكيمة كاملة صالحة لكل زمان ومكان ولإصلاح جميع الأمة. ولذلك جاءت بالأمرين معا. واتسمت بالعدل والحكمة والسماحة فهي شريعة سمحة في أحكامها وعدم تكليفها ما لا يطاق , ولأنها تبدأ في دعوتها باللين والحكمة والرفق , فإذا لم يؤثر ذلك وتجاوز الإنسان حده وطغى وبغى أخذته بالقوة والشدة وعاملته بما يردعه ويعرفه سوء عمله. ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأئمة الهدى بعدهم عرف صحة ما ذكرناه.ومما ورد في اللين قوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) الآية.
ومما ورد في الشدة ما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلى قوله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)، قال: والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)، وقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك من غير عذر معلومة لدى أهل العلم , وقد هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم، فمما تقدم من الآيات والأحاديث يُعلم أن الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت باللين في محله والغلظة والشدة في مجالهما , وأن المشروع للداعية إلى الله أن يتصف باللين والرفق والحلم والصبر لأن ذلك أكمل في نفع دعوته والتأثر بها كما أمره الله بذلك وأرشد إليه رسوله صلى الله عليه وسلم،.. ولا ينبغي للداعية أن يلجأ إلى الشدة والغلظة إلا عند الحاجة والضرورة وعدم حصول المقصود بالطريقة الأولى , وبذلك يكون الداعي إلى الله سبحانه قد أعطى المقامين حقهما وترسم هدي الشريعة في الجانبين , والله الموفق.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(3/205).
أمثلة لشدة الشيخ على بعض المخالفين:



من ذلك: ما قاله في مقدمته لكتاب الشيخ بكر أبو زيد في رده على عبد الفتاح أبو غدة، قال -رحمه الله-: " فقد اطلعت على الرسالة التي كتبتم بعنوان: براءة أهل السنّة من الوقيعة في علماء الأمة و فضحتم فيها المجرم الآثم محمد زاهد الكوثري بنقل ما كتبه من السّب، والشتم، و القذف لأهل العلم والإيمان، واستطالته في أعراضهم وانتقاده لكتبهم إلى آخر ما تفوه به ذلك الأفاك الأثيم،عليه من الله ما يستحق، كما أوضحتم أثابكم الله تعالى تعلق تلميذه الشيخ عبد الفتاح أبو غدّة به، وولاءه له، وتبجّحه باستطالة شيخه المذكور في أعراض أهل العلم والتقى، ومشاركته له في الهمز واللمز، وقد سبق أن نصحناه بالتبرؤ منه، و إعلان عدم موافقته له على ما صدر منه، وألححنا عليه في ذلك، ولكنّه أصّر على موالاته له هداه الله للرجوع إلى الحق،وكفى المسلمين شرّه وأمثاله.ا.هـ
ومن ذلك: وصفه للمبتدع محمد المسعري، نزيل لندن، بأخس الأوصاف وأشنعها، فمما قال فيه: من الحاقدين والجاهلين الذين باعوا دينهم وباعوا أمانتهم على الشيطان من جنس محمد المسعري ومن معه، الذين أرسلوا الكثير من الأوراق الضارة المضلة، والمفرقة للجماعة، يجب الحذر منهم، ويجب إتلاف ما يأتي من هذه الأوراق.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(8/411).
وقال في حقه: أوصي بالحذر من دعاة الهدم، ومن دعاة الضلالة، فيجب الحذر منهم والتحذير، يجب الحذر والتحذير من دعاة الضلالة، مثل هؤلاء الذين يرسلون دعواتهم الضالة المضللة من لندن، ومن بلاد الكفرة كـ (المسعري) وأشباهه ومن يتعاون معه على التخريب والفساد وتضليل الناس.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(8/415).


وقال -في حقه وحق صاحبيه الفقيه وأسامة بن لادن-: هذه النشرات التي تصدر من الفقيه , أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها , ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق , وتحذيرهم من هذا الباطل , ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الشر , ويجب أن ينصحوا , وأن يعودوا إلى رشدهم , وأن يدعوا هذا الباطل ويتركوه. ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدعوا هذا الطريق الوخيم , وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه , وأن يعودوا إلى رشدهم , وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (9/100).
الأمارة الرابعة: من أمارات منهج الشيخ في الرد على المخالف تسمية المخالف، حين الرد عليه، عند الحاجة لذلك.
وهذا الأمر كسابقه مبني على المصالح والمفاسد، لكن الأصل كما تقدم الرفق واللين وعدم ذكر الأسماء، إلا إذا احتيج لذلك، وكان في ذكر الأسماء مصلحة، لا أن يغلق باب التسمية مطلقاً كما يريد المهبطون والمثبطون.
وعلى ذلك سار الإمام ابن باز -رحمه الله- فقال: "أردنا نصيحة إخواننا العلماء والدعاة بأن يكون نقدهم لإخوانهم فيما يصدر من مقالات أو ندوات أو محاضرات أن يكون نقداً بناء بعيداً عن التجريح وتسمية الأشخاص ; لأن هذا قد يسبب شحناء وعداوة بين الجميع، وكان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته إذا بلغه عن بعض أصحابه شيء لا يوافق الشرع نبه على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ثم يبين الأمر الشرعي عليه الصلاة والسلام)،...فمقصودي هو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أي أن التنبيه يكون بمثل هذا الكلام , بعض الناس قال كذا , وبعض الناس يقول كذا , والمشروع كذا, فيكون الانتقاد من غير تجريح لأحد معين , ولكن من باب بيان الأمر الشرعي , حتى تبقى المودة والمحبة بين الإخوان وبين الدعاة وبين العلماء، ولست أقصد بذلك أناسا معينين وإنما قصدت العموم جميع الدعاة والعلماء في الداخل والخارج، فنصيحتي للجميع أن يكون التخاطب فيما يتعلق بالنصيحة والنقد من طريق الإبهام لا من طريق التعيين إذ المقصود التنبيه على الخطأ والغلط وما ينبغي من بيان الصواب والحق من دون حاجة إلى تجريح فلان وفلان".ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (7/316).
وهذا الأصل الذي اختطه المؤلف لنفسه وإخوانه العلماء والدعاة، سار عليه، ولم يتعده إلا لمصلحة شرعية رآها، كبيان حال أهل البدع، وتحذير الناس منهم، قال -رحمه الله، بعد أن بين خطأ الذين يقومون بتسمية المخالفين من أهل السنة والتشنيع عليهم في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف- قال بعد ذلك: (ولا نرى مصلحةً في مثل هذا العمل إلا للأعداء المتربصين من أهل الكفر والنفاق أو من أهل البدع والضلال).ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (7/312).
لذلك سمى كثيراً من الأفراد المخالفين، كما تقدم كالكوثري، وتلميذه أبي غدة، والمسعري والفقيه وابن لادن، وهذه زيادة على ما تقدم بعض النقول عنه في التحذير من أخطاء بعض الجماعات المخالفة بأسمائهم الصريحة:
أولاً: فرقة الإخوان المسلمين:
سئل سماحة الشيخ سؤالاً هذا نصه: حركة (الإخوان المسلمين) دخلت المملكة منذ فترة وأصبح لها نشاط واضح بين طلبة العلم , ما رأيكم في هذه الحركة؟ وما مدى توافقها مع منهج السنة والجماعة؟
فأجاب: حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم ؛ لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك وإنكار البدع , لهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى الله , وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة. ينبغي للإخوان المسلمين أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية , الدعوة إلى توحيد الله , وإنكار عبادة القبور والتعلق بالأموات والاستغاثة بأهل القبور كالحسين أو الحسن أو البدوي , أو ما أشبه ذلك , يجب أن يكون عندهم عناية بهذا الأصل الأصيل بمعنى لا إله إلا الله , التي هي أصل الدين , وأول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم في مكة دعا إلى توحيد الله , إلى معنى لا إله إلا الله , فكثير من أهل العلم ينتقدون على الإخوان المسلمين هذا الأمر , أي: عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله , والإخلاص له , وإنكار ما أحدثه الجهال من التعلق بالأموات والاستغاثة بهم , والنذر لهم والذبح لهم , الذي هو الشرك الأكبر , وكذلك ينتقدون عليهم عدم العناية بالسنة: تتبع السنة , والعناية بالحديث الشريف , وما كان عليه سلف الأمة في أحكامهم الشرعية, وهناك أشياء كثيرة أسمع الكثير من الإخوان ينتقدونهم فيها , ونسأل الله أن يوفقهم ويعينهم ويصلح أحوالهم.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (8/41).
ثانياً: فرقة التبليغ والدعوة:


سئل -رحمه الله- عن هذه الجماعة سؤالاً هذا نصه: خرجت مع جماعة التبليغ للهند والباكستان، وكنا نجتمع ونصلي في مساجد يوجد بها قبور، وسمعت أن الصلاة في المسجد الذي يوجد به قبر باطلة، فما رأيكم في صلاتي ؟ وهل أعيدها؟ وما حكم الخروج معهم لهذه الأماكن؟
فأجاب –رحمه الله-: بسم الله، والحمد لله، أما بعد: جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة، فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير ; لأنهم نشيطون في عملهم، لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم، وإلى من يبصرهم من علماء التوحيد والسنة.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ(8/331).
ثالثاً: فرقة الأحباش:
قال الشيخ -رحمه الله-: من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم، سلمه الله، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: فأشير إلى استفتائك الذي تسأل فيه عن الطائفة المنتسبين لرئيسهم المدعو عبد الله الحبشي، وأفيدك أن هذه الطائفة معروفة لدينا فهي طائفة ضالة ورئيسهم المدعو عبدالله الحبشي معروف بانحرافه وضلاله فالواجب مقاطعتهم وإنكار عقيدتهم الباطلة وتحذير الناس منهم ومن الاستماع لهم أو قبول ما يقولون.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (9/315).
الأمارة الخامسة: من أمارات منهج الشيخ في الرد على المخالف عدم وجوب استخدام الموازنات في الرد على المخالف، إلا عند وجود مصلحة شرعية تقتضي ذلك.
تقدم في ما مضى بيان منهج السلف، في ذكر حسنات المردود عليه، حين الرد عليه، وهو ما اصطلح عليه باسم منهج الموازنات، وأن منهج السلف التفريق بين حالة الرد، وغيرها، وأنهم لم يكونوا يذكرون الحسنات في مقام الرد، إلا إذا ترتب على عدم ذكرها مفسدة أعظم، أو كان في ذكرها مصلحة أعظم، وعلى هذا المنهج سار الشيخ –رحمه الله-.
سئل الشيخ -رحمه الله- ما نصه: عندما ننكر الأخطاء والبدع التي يقع فيها من له تأثير على الناس وتنتشر بدعته خصوصاً العقيدة ويغالي فيها، عندما ننكر بدعة يتصدى لها البعض بدعوى أن الحق يتطلب ذكر الحسنات والعيوب، وأن جهاده في الدعوة وقدمه يحول دون نقده علناً، نرجوا بيان المنهج الحق. هل يلزم ذكر الحسنات , وهل السابقة في الدعوة تعفي من ذكر أخطائه المشتهرة والمترددة بين الناس؟
فأجاب الشيخ: الواجب على أهل العلم إنكار البدع والمعاصي الظاهرة بالأدلة الشرعية , وبالترغيب والترهيب والأسلوب الحسن , ولا يلزم عند ذلك ذكر حسنات المبتدع , ولكن متى ذكرها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لمن وقعت البدعة أو المنكر منه , تذكيرا له بأعماله الطيبة , وترغيبا له في التوبة فذلك حسن , ومن أسباب قبول الدعوة والرجوع إلى التوبة.ا.هـ من مجموع فتاوى الشيخ (9/352).
وكما هي عادته -رحمه الله- في مسارعته لما يأمر به، فقد طبق -رحمه الله- هذه القاعدة في أكثر ردوده فيما أعلم، فلم يذكر حسنات المخالفين حين الرد عليهم، إلا إن رأى أن في ذلك مصلحة كما قال –رحمه الله-، ومن ذلك ردوده المذكورة آنفاً، كرده على الكوثري وتلميذه، ورده على المسعري والفقيه وابن لادن، ورده على مصطفى أمين والدكتور إبراهيم الصالح، ورده على الفرق المخالفة كالإخوان المسلمين، والأحباش وغيرهم، فإن الشيخ لم يذكر شيئاً من حسنات هؤلاء كلهم حين الرد.
وختاماً لهذا الملحق: أورد شبهة يرددها بعض الناس تتعلق بمنهج الشيخ ابن باز في الرد على المخالف، وهي: أن الشيخ لم يكن همه الردود في جميع مجالسه، وأحواله، بل كان يفعل ذلك عند الحاجة، فما نراه من بعض المشتغلين بهذا الباب دائماً يعد خطأ مخالفاً لمنهج الشيخ ابن باز -رحمه الله-.
والجواب: أنه قد تقدم معنا الجواب على مثل هذه الشبهة، لكني أعدتها هنا لكثرة ما تتردد على لسان بعض الفضلاء، الذين يُقرون بأصل منهج الرد لكن ينكرون الاشتغال به، ويدعون أن ذلك يخالف منهج الشيخ ابن باز، والجواب عن ذلك من عدة وجوه:
الأول: أن الرد عند الاختلاف مرجعه الكتاب والسنة، وما كان عليه السلف الصالح، وليس لأحد من العلماء كائناً من كان، وقد تقدم نقل كلام الشيخ ابن باز في تقرير ذلك.
الثاني: معلوم أن من السلف من اشتهر وعرف بالرد على المخالفين، للحاجة إلى ذلك كأحمد بن حنبل، وابن تيمية، ومحمد بن عبدالوهاب، وأئمة الدعوة السلفية في نجد، وغيرهم، فلماذا يعاب على من اتبعهم في ذلك؟!
الثالث: لقد كان الشيخ ابن باز عالم أمة وملة، بل كان أمة قانتاً لله، قد وزع وقته وطاقته على أبواب شتى من الدين: كالتعليم، والتأليف، والأمر بالمعروف، وإنكار المنكر، وقضاء حاجات الناس، والفتيا، والإدارة، والقيام على الضعفاء والمحتاجين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ولكن الشيخ لم يتخصص في شيء من هذه الأبواب بمعنى: أنه لم يقتصر على واحد منها في جميع أوقاته دون غيره،، بل كان موسوعة خير جمعت أبوابه، وحوت فصوله، فهل يعني ذلك أنه لا يصح لأحد أن يتخصص في شيء من تلك الأبواب كالرد على المخالف؟! إذا كان كذلك فليعيبوا إذن على حلقات القرآن، والجمعيات الخيرية التي للمحتاجين، وكذا هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليعيبوا عليهم تخصصهم في ذلك، لأن ابن باز لم يتخصص في ذلك، وهذا باطل، ومثله العيب على الطائفة التي انتصبت للرد على المخالفين لأنها تخصصت في ذلك من أبطل الباطل.
رابعاً: الرد على المخالف عبادة من العبادات العظيمة، فمن قام بها على الوجه المشروع، دون غلو أو جفاء، وأكثرَ من ذلك فلا يلام، كمن أكثر من الصلاة أو الصيام أو الصدقة والعمرة والحج وأتى بها على الوجه المشروع، فيحمد له ذلك ولا يذم.

وقد تقدم نقل قول ابن عبدالبر في التمهيد: إن عبد الله العمري العابد كتب إلى مالك يحضه على الانفراد والعمل.
فكتب إليه مالك: إن الله قسم الإعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فُتح له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد.
فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فُتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر).ا.هـ من التمهيد(7/185) ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/114)
ألا فليتق الله هؤلاء وغيرهم ممن تقدم وصفهم، أو الإشارة إليهم، وليقم أهل السنة بما أوجب الله سبحانه وتعالى عليهم من الرد على المخالف وليعلموا أن جهاد الحجة والبرهان هو الجهاد في سبيل الله اليوم، وهو الجهاد الذي لا يتوقف أبداً، والنصر فيه لأهل السنة السلفيين دوماً، إن قاموا به كما أمرهم الله عز وجل فيه من الإخلاص والمتابعة والعدل وعدم البغي إلى غير ذلك مما ذكر.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع القلوب على الهدى والتقوى، وأن يرينا أجمعين الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يلبسهما علينا فنضل ونشقى، ويرد ضال الأمة إلى سلوك سبيل الحق والهدى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
و صلى الله وسلم
على نبينا محمد
وعلى آله
وصحبه
أجمعين



من كتاب (شذور ولطائف في آداب الرد على المخالف وملحق بعنوان الكاشف لمنهج ابن باز في الرد على المخالف). لحمد بن عبدالعزيز بن حمد ابن عتيق
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-01-2014, 08:21 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,046
افتراضي

و هل ردود أدعياء (الرد على المخالف)
أصحاف (الكنيف) و الكلام السخيف ،مثل ردود سماحته؟
من طيب كلامه
وحسن أسلوبه
و صدق لهجته..
رد على الكثير و لكن بأسلوب حكيم نافع
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-01-2014, 11:15 PM
قتيبة الجزائري قتيبة الجزائري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 8
افتراضي

جزاكم الله خيرا..
ورحم الله الإمام رحمة واسعة...
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.