أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
29377 169036

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2016, 11:28 PM
عمر الزهيري عمر الزهيري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
المشاركات: 2,455
Arrow التعليق على التعقبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان لحسنين

السلام عليكم
هذا كتاب صغير ومهم جداً مفيد لأن الشيخ الخميس تعقب فيه حسنين بن محمد بن مخلوف الذي طُبِعَ تفسيره ( كلمات القرآن تفسير وبيان ) للأسف على حواشي القرآن الكريم في عدد من الدول والله المستعان وهو تفسير جرى صاحبه فيه على طريقة أهل الكلام في نصر قول الأشاعرة!.
ولي عليه تعليقات تجدها تحت الرابط ويمكنك تحميلها من الرابط بصيغة doc للأوفس.
عنوان الكتاب: التعقبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان لمخلوف
المؤلف: محمد بن عبد الرحمن الخميس
حالة الفهرسة: غير مفهرس
الناشر: دار الصميعي
سنة النشر: 1414
عدد المجلدات: 1
رقم الطبعة: 1
عدد الصفحات: 26
الحجم (بالميجا): 1
تاريخ إضافته: 05 / 01 / 2012
شوهد: 7233 مرة
رابط المعلومات وفيه رابط التحميل نقلاً عن المكنب الوقفية:
http://www.m5zn.com/d/?16506883

ولي على كتابه تعليات أسميتها التعليق على التعقيبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان
ويمكنك تحميلها من هنا http://www.m5zn.com/d/?16510583
وهذا نصها:
التعليق على التعقبات المفيدة على كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد علق الشيخ محمد بن جميل بن غازي الدروبي أيضاً - وهو أحد طلاب الألباني القدماء في سوريا الشام - في مقدمة تفسيره المختصر ( شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات ) وتعليقاته هي أمثلة قليلة مهمة ومفيدة جداًوبعضها في تعقبات الشيخ عبد الرحمن الخميس في كتابنا هذا.

ص 3

من ( إن الحمد لله ... الى ما في ص4: في النار ) هذه خطبة الحاجة التي كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم وهي صحيحة خرجها وصححها الألبلني في كتيبٍ له بعنوان ( خطبة الحاجة ).

ص 8

سبب تعليق الشيخ هنا - مع كون عبارة الشيخ حسنين ( استوى بالمعنى اللائق به سبحانه ) لو قالها علماء أهل السنة لكانت صحيحة المعنى - ان الشيخ حسنين جرى على طريقة أهل الكلام من الاشاعرة ونحوهم في تعطيل الصفات في تفسيره فكان الواجب التعليق لأنه لعله بهذه العبارة يريد معنىً باطلاً في التعطيل.

أثر مالك صحيح عنه وفي لفظ صحيح آخر في بعض طرقه ( الكيف مجهول ... ) وممن ذكره الألباني في النصيحة ص 105ففيه الكيف مجهول بدل الكيف غير معقول وهما بنفس المعنى.

والأثر عن مالك صححه الذهبي في كتابه العلو (ص 139رقم 378) فقال: ( هذا ثابتٌ عن مالك ) انتهى وهذا كلام الذهبي بطوله فقد أخرجه الذهبي في العلو (ص: 139رقم 378): وروى يحيى بن يحيى التَّمِيمِي وجعفر بن عبد الله وَطَائِفَة قَالُوا جَاءَ رجل إِلَى مَالك فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كَيفَ اسْتَوَى قَالَ فَمَا رَأَيْت مَالِكًا وجد من شَيْء كموجدته من مقَالَته وعلاه الرحضاء يَعْنِي الْعرق وأطرق الْقَوْم فَسرِّي عَن مَالك وَقَالَ الكيف غير مَعْقُول والاستواء مِنْهُ غير مَجْهُول وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وَإِنِّي أَخَاف أَن تكون ضَالًّا

وَأمر بِهِ فَأخْرج.

ثم قال الذهبي عقبه: ( هَذَا ثَابت عَن مَالك وَتقدم نَحوه عَن ربيعَة شيخ مَالك وَهُوَ قَول أهل السّنة قاطبة أَن كَيْفيَّة الاسْتوَاء لَا نعقلها بل نجهلها وَأَن استواءه مَعْلُوم كَمَا أخبر فِي كِتَابه وَأَنه كَمَا يَلِيق بِهِ لَا نعمق وَلَا نتحذلق وَلَا نَخُوض فِي لَوَازِم ذَلِك نفيا وَلَا إِثْبَاتًا بل نسكت ونقف كَمَا وقف السّلف ونعلم أَنه لَو كَانَ لَهُ تَأْوِيل لبادر إِلَى بَيَانه الصَّحَابَة والتابعون وَلما وسعهم إِقْرَاره وإمراره وَالسُّكُوت عَنهُ ونعلم يَقِينا مَعَ ذَلِك أَن الله جلّ جَلَاله لَا مثل لَهُ فِي صِفَاته وَلَا فِي استوائه وَلَا فِي نُزُوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا) اهـ.

ونقله الألباني عنه في مختصر العلو للعلي العظيم الذي اختصرَ فيه العلو للذهبي فقال الذهبي كما في مختصر العلو للعلي العظيم (ص: 141ح 132): وروى يحيى بن يحيى التيمي وجعفر بن عبد الله وطائفة قالوا: جاء رجل إلى مالك فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكاً وجد1من شيء كموجدته من مقالته، وعلاه الرحضاء "يعني العرق" وأطرق القوم، فسري2عن مالك وقال: الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول3، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني أخاف أن تكون ضالاً، وأمر به فأخرج.

هذا ثابت عن مالك، وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبة "أن كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نتعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة، والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أن الله جل جلاله لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في نزوله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

__________

1أي: تغيظ وحنق.

2انكشف عنه الهم.

3أي: فهو معلوم، ولذلك نرى أن العلم حينما ينقلون هذه الجملة، عن الإمام مالك يقولون عنه أنه قال: "الاستواء معلوم" كما في نقل القرطبي عنه كما سيأتي في آخر الكتاب. وعليه فالاستواء معلوم معنه لغة، بحيث يمكن تفسيره وترجمته إلى لغة أخرى، وهو من التأويل الذي يعلمه الراسخون في العلم، وأما كيفية الاستواء فهو التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، كذاته تعالى وسائر صفاته.) إنتهى كلام الذهبي وتعليق الألباني عليه في الهامش.

وطريق يحيى بن يحيى التميمي في كلام الذهبي أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 305رقم

867): أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ الْأَصْفَهَانِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ زَيْرَكَ الْيَزْدِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ النَّيْسَابُورِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فَكَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ مَالِكٌ بِرَأْسِهِ حَتَّى عَلَاهُ [ص:306] الرُّحَضَاءُ ثُمَّ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَرَاكَ إِلَّا مُبْتَدِعًا. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَسْتَاذِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.

وقد أخرجه الذهبي من طريق أخرى قبل هذه الطريق في العلو (ص: 138رقم 377) فقال: وسَاق الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي الرّبيع الرشديني عَن ابْن وهب قَالَ كنت عِنْد مَالك فَدخل رجل فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله {الرَّحْمَنُ على الْعَرْش اسْتَوَى} كَيفَ اسْتَوَى فَأَطْرَقَ مَالك وأخذته الرحضاء ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى كَمَا وصف نَفسه وَلَا يُقَال كَيفَ وَكَيف عَنهُ مَرْفُوع وَأَنت صَاحب بِدعَة أَخْرِجُوهُ.

وهو في مختصر العلو للعلي العظيم للألباني (ص: 141رقم 131) وهذه الطريق أخرجها البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 304رقم 866): أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، ثنا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ابْنُ أَخِي رِشْدِينِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدَ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى [ص:305] الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ مَالِكٌ وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ، وَكَيْفٌ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوهُ. قَالَ: فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ.

ولكن سندها ضعيف لكن يشهد له الطريق قبله والطريق الآخر الذي سيذكره الألباني وله طرق أخرى ستأتي الإشارة لها ولذلك قال الألباني في مختصر العلو للعلي العظيم (ص: 141رقم 131) عند التعليق رقم 111: ( قلت: لم أجد له ترجمة وهو ابن رشدين بن سعد كما وقع في إسناد البيهقي. ثم أخرجه من طريق أخرى عن مالك به. فهو بمجموع الطريقين قوي عنه، ويزداد قوة بما بعده، ولعله لذلك ثبته المصنف رحمه الله تعالى كما يأتي. ) انتهى ومر تثبيت الذهبي وكلامه في الطريق الذي ذكرناه قبله وهي الطريق الأخرى عند البيهقي قبل هذه الطريق التي عند البيهقي.

وقال الألباني وهو يشرح قول مالك ( الإستواء معلوم ) في تحقيقه شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص 124: ( قوله "معلوم" هو الثابت في جواب مالك رحمه الله، وأما ما يلهج به بعض المبتدعة أنه بلفظ "مذكور" فلا أصل له. ) انتهى

وقوَّاه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وصححه الألباني ونقله عنهما فقال في كتابه النصيحة ص 105في معرض رده على حسان عبد المنان: ( لقد كشف أيضًا عن انحرافه عن عقيدة السلف، بتضعيفه كلمة مالك المشهورة: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول ... " فسود صفحتين بالحرف الصغير، متتبعًا طرقه الكثيرة عن مالك- مضعفًا إياها كلها-، مصرحًا بجهله لحال بعض رواتها -وهو في ذلك مخطئ بل خاطئ! - متجاهلاً قول الإمام النقاد الحافظ الذهبي:"هذا ثابت عن مالك وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبةً"؛ وكذلك تجاهل تجويد الحافظ لأحد طرقه عنه، بل إنه تطاول عليهما، فرد ذلك عليهما مع تصريحه بأنه لم يعرف أحد رواته، فهو يرد عليهم بجهله، كما تجاهل كثرة الطرق بذلك عن مالك، كما تجاهل صحة ذلك عن ربيعة شيخ مالك، وتقوية شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قيم الجوزية!! وكل ذلك منه {ظلمات بعضها فوق بعض}. ) إنتهى نقلاً عن موسوعة الألباني في العقيدة لصانعها الشيخ الفاضل شادي بن محمد بن سالم آل نعمان (6/ 426)

وجوَّد إسناد أحد طرقه الحافظ ابن حجر فقال في فتح الباري (13/ 417): ( أخرجه البيهقي بسندٍ جيدٍ عن ابن وهب قال: كنا عند مالك ... الأثر. ) انتهى نقله عنه أسامة بن عبد العزيز محقق شرح القواعد المثلى للعثيمين في ص 139فقد أطنب في تخريجه وصححه وذكر تصحيح الذهبي وذكر أن ابن حجر جود إسناده ونقل كلامهما ومر كلامهما وخرَّج وحسن الأثر عن ( ربيعة ) شيخ مالك المعروف بـ (ربيعة الرأي )، بنيما اختصر تخريجهما ولم يذكر درجته أبو يعقوب نشأت بن كمال المصري في تحقيقه شرح القواعد المثلى ص 151إلا أن تحقيق المصري فوائد غزيرة في شرح الأمور الدقائق في الكتاب والتعليق عليها بنقل كلام شيخ الإسلام وابن القيم وهذا ما تميز به المصري في تحقيقه وهو مهم بالمرة وكذا جاء بفوائد جمة في التخريج للأحاديث المرفوعة وعلقتُ على طبعته وهي عندي في مكتبتي وتحقيقه خير من تحقيق أسامة بن عبد العزيز من حيث تخريج المرفوعات بلا شك فأنصح به وللموقوفات انظر ما علق به أسامة بن عبد العزيز والله أعلم.

(1) والذي في صحيح البخاري هو قول أبي العالي وقول مجاهد فأما قول أبي العالي فهو قوله: ( {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29]: ( ارْتَفَعَ، {فَسَوَّاهُنَّ} [البقرة: 29]: خَلَقَهُنَّ.) علقه البخاري في صحيحه (9/ 124) ووصله غيره بطُرُقٍ يصح بمجموعها قال الألباني في مختصر صحيح الإمام البخاري (4/ 338ح 1436): ( وصله الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عنه به.؛ إلا أنه قال: "فقضاهن" بدل "فسواهن"، وهو الصواب المعتمد كما في "الفتح". قال: وقوله في الكتاب: "فسواهن" تغيير. ) إنتهى

وقال ابن حجر في فتح الباري (13/ 405): ( قَوْلُهُ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ارْتَفَعَ فَسَوَّى خَلَقَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَسَوَّاهُنَّ خَلَقَهُنَّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ لَكِنْ بِلَفْظِ فَقَضَاهُنَّ كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء قَالَ ارْتَفع وَفِي قَوْله فقضاهن خَلَقَهُنَّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالَّذِي وَقَعَ فَسَوَّاهُنَّ تَغْيِيرٌ وَوَقَعَ لَفْظُ سَوَّى أَيْضًا فِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا. ) انتهى

وعلى كل حال كلا اللفظين في القرآن ( فسواهن ) و( فقضاهن ) وكلاهما بعد قوله تعالى: ( ثم استوى إلى السماء ) فقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [البقرة: 29]، وقال تعالى: { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [فصلت: 11- 12]}.

ووصله غير الطبري قال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 344): ( أما قَول أبي الْعَالِيَة فَقَالَ أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد ثَنَا أبو بكر بن عَيَّاش عَن حُصَيْن عَن أبي الْعَالِيَة.

وأنبأنا مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ عَن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن عَليّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ نَاصِر كتب إِلَيْهِم أَنا عبد الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بن مُحَمَّد بن يحيى أَنا عبد الْعَزِيز بن عبد الْوَاحِد الشَّيْبَانِيّ ثَنَا أَبُو بكر الشَّافِعِي ثَنَا يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْقزْوِينِي ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد بن سَابق ثَنَا أَبُو جَعْفَر بن عِيسَى بن ماهان الرَّازِيّ عَن الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} قَالَ ارْتَفع وَفِي قَوْله تَعَالَى {فسواهن سبع سماوات} قَالَ خَلقهنَّ. ) إنتهى

والأثر صحيح بطرقه وليس في مطبوع تفسير الطبري ما ذكره الحافظ ابن حجر! ولم أجد هذا الإسناد بهذا السياق إلى ابي العالية في تفسير الطبري! نعم يروي الطبري في تفسيره من طريق ابي كريب محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش في مواضع منها في تفسيره تحقيق شاكر (1/ 23رقم 12) فقال الطبري هناك: ( حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال حدثنا أبو بكر بن عياش قال حدثنا عاصم عن زر عن عبد الله ) انتهى وثمة مواضع غيرها والفائدة هي معرفة شيخ الطبري محمد في السند الذي ذكره ابن حجر من طريق الطبري هو أبو كريب وهو ثقة حافظ كما قال ابن حجر في التقريب وإسناد الطبري ضعيف فيه حصين وهو ثقة تغير حفظه فى الآخر كما قال ابن حجر في التقريب وأبو بكر بن عياش وهو ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه و كتابه صحيح كما قال ابن حجر في التقريب فضعفهما يسير، والظاهر أن هذا الطريق في نسخة خطية لتفسير الطبري إطَّلَعَ عليها ابن حجر والطريق الأخرى التي ذكرها ابن حجر تشهد له وسيأتي له شاهد آخر بعد قليل وإنما هو في مطبوع تفسير الطبري من طريق الربيع بن أنس أخرجه الطبري في تفسيره تحقيق شاكر (1/ 429- 431رقم 588- 589): حُدِّثت بذلك عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس:"ثم استوى إلى السماء". يقول: ارتفع إلى السماء "فسوَّاهن سبع سموات" يقول: سوّى خلقهن،" وهو بكل شيء عليم . )

وهذا مقطوع من قول الربيع بن أنس وإسناده ضعيف فيه جهالة شيخ الطبري لأنه قال ( حُدِّثْتُ ) .

لكن أخرجه من طريق أبي العالية الإمام إبن أبي حاتم في تفسيره (1/ 75رقم 308): حَدَّثَنَا عِصَامُ بن رواد ثنا آدم أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ يَقُولُ: ارْتَفَعَ.

ثم قال ابن أبي حاتم عقبه: ( وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُهُ. ) انتهى والحسن في كلامه هو البصري التابعي الجليل رحمه الله.

قلت: الأثر صحيح بطرقه وطريق ابن جرير والتي بعدها في كلام ابن حجر في تغليق التعليق كما مر وبطريقه التي ذكرناها عند ابن أبي حاتم فإنه يشهد له وإن كان سنده ضعيف فعصام بن رواد هو عصام بن الرواد بن الجراح ضعيف لكن ضعفَه ضعفٌ يسير فقد لينه الحاكم أبو أحمد أنظر ميزان الاعتدال (3/ 66) لكن قال ابن ابي حاتم عنه: ( صدوق ) أنظر تاريخ الإسلام ت بشار (6/ 369ت 320) وذكره ابنُ حِبَّان في الثقات أنظر لسان الميزان ت أبي غدة (5/ 434ت 5205) فطريقه شاهد لما مر.

وأما قول التابعي الجليل مجاهد بن جبر - وهو من تلاميذ إبن عباس في التفسير -: ( {اسْتوى}: عَلا على العَرْشِ. ) علَّقَهُ البخاري في صحيحه (9/ 124) ووصله غيره بسندٍ صحيح قال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق (5/ 345): ( وَأما قَول مُجَاهِد فَقَالَ الْفرْيَابِيّ فِي تَفْسِيره ثَنَا وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى 54الْأَعْرَاف {اسْتَوَى على الْعَرْش} قَالَ علا على الْعَرْش. ) انتهى وقال الألباني في مختصر صحيح الإمام البخاري (4/ 338رقم 1437): ( وصله الفريابي عنه. ) انتهى وقال الألباني في (مختصر العلو ص 101- 102رقم 35): ( وصله الفريابي بسند صحيح عن مجاهد. قلت: وفيه رد على بعض الكتاب المعاصرين الذين يوهمون الناس أن السلف لم يتكلموا في آيات الصفات ولم يُفسِّروها إطلاقاً، وأنهم اكتفوا بقراءتها دون تدبرها وتفهمها، وهذا مما أبطله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه، نعم لم يفسروها تفسيراً مقروناً بالتشبيه والتكييف، بل نهوا عن ذلك أشد النهي، كما ستراه في الكتاب عن مالك وغيره، وقد روى اللالكائي في " السنة" (1/ 91/ 2) عن بشر بن عمر الثقة المتوفي (207) قال: سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: {الرحمن على العرش استوى} قال: على العرش ارتفع. ) إنتهى وياله من كلام متين من إمام محدث كبير رحمه الله.

وفي الباب أحاديث مرفوعة وآثار كثيرة عن السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين راجعها في مختصر العلو للعلي العظيم للألباني.

تنبيه: معنى الإستقرار لصفة الإستواء في إثباته خلاف بين العلماء فمثلا اثبته العثيمين في شرح العقيدة الواسطية (1/ 375) فقال العثيمين: ( وقد ورد عن السلف في تفسيره أربعة معاني: الأول: علا، والثاني: ارتفع، والثالث: صعد. والرابع: استقر.

لكن (علا) و (ارتفع) و (صعد) معناها واحد، وأما (استقر) ، فهو يختلف عنها.

ودليلهم في ذلك: أنها في جميع مواردها في اللغة العربية لم تأت إلا لهذا المعنى إذا كانت متعدية بـ (على) :

قال الله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون: 28] .

وقال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزخرف: 12-13] . ) إنتهى

أما ما نقله عن السلف فليس بحجة فليس يصح في استقرار الله ولا جلوسه ولا قعوده على العرش الذي يفيد معنى الإستقرار شيءٌ مرفوع ولا موقوف في حكم المرفوع ولا يصح عن من قوله حجة! أما استدلاله باللغة فهذا بشأن المخلوق ولذلك استدل العلامة العثيمين بآيتين تتحدث عن استواء المخلوق الأولى على الفُلك أي السفن والثاني على الدواب وهذا في المخلوق ولا يلزم في الخالق والثابت معنى العلو والإرتفاع والصعود عن مجاهد وغيره انظر الآثار في ذلك في مختصر العلو للألباني ولم يثبت الإستقرار ولا الجلوس والقعود الذي يفيد معنى الإستقرار.

قلت: ولذلك أنكره الذهبي والألباني انظر مقدمة مختصر العلو للألباني ص 16- 17والصواب ان معنى الاستقرار لا يصح فيه شيء مرفوع ولا موقوف به حكم الرفع وهو لازم في المخلوق المستوي على السرير ولا يلزم في حق الله فتأمل وهو ما ذهب له الذهبي على ان له فيه قولان كما ذكر الألباني وأنكر الإستقرار أيضاً الالباني أنظر مقدمة مختصرالعلو للألباني، ومن اثبته اثبته لغوياً او بما لا يصح من احاديث او آثار بلا تمثيل ولا تكييف فلا ينبغي لطلاب العلم ولا العلماء تشديد النكير في ذلك بينهم وكذا الكلام في إثبات معنى الجلوس والقعود في الاستواء فما فيه هو عين ما قلناه في معنى الاستقرار انظر مقدمة مختصر العلو ص 14- 17وأثبتها غيرهم وما استدلوا به لا يصح ومن اثبت الجلوس اثبت الإستقرار لأن الجلوس يفيد معنى الإستقرار كما أفاد كلام الألباني هناك في مختصر العلو ص 16وللأسف بعض المنتسبين للعلم ممن عُدِمَ الحكمة في منتدى ملتقى أهل الحديث من جعل يشدد على من أنكر الجلوس من طلاب العلم ويصفهم بالجهمية! وللأسف منتدى ملتقى أهل الحديث على الخير الكثير الذي فيه إلا أن فيه من لا حكمة في قلوبهم بل الشدة وعدم الإنصاف في مسائل الخلاف في فروع العقيدة والفقه ولا حول ولا قوة إلا بالله فليتعامل طالب العلم مع هذا المنتدى بحذر.

ص 9

(1) أثرٌ صحيح مر التعليق عليه في ص 8.

ص 10

فالمكر كالإستدراج.

والمكر صفة كمال مقيد اي مقيد بمكرخلقه اي بمن مكر من خلقه فمن يمكريمكر الله به.

انظر شرح العقيدة الواسطية وشرح القواعد المثلى كلاهما للعثيمين.

ص 11

العلو نوعان

الاول علو ذات اي علو ذات الله فوق خلقه في السماء اي فوق السماء فوق السماء السابعة فوق العرش.

الثلني علو صفات ويُسمى بالعلو المعنوي وهو علوه بكمال صفاته عنكل نقص وسوء وبقهره وقدرته وباقيصفاته التي لا تُحصَر بعدد على خلقه, انظر شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 173).

وأحياناً يقسم العلماء العلو إلى ثلاثة أقسام هي قسم علو الغلبة والقهر - أي علو الغلبة والقهر على خلقه - وقسم علو الكمال – أي علو كمال صفاته – وقسم علو الذات اي علو ذاته في السماء أي على السماء فوق العرش، أنوار الهلالين في التعقبات على الجلالين للشيخ محمد بن عبد الرحمن الخميس ص 17.

وأحيانا يقسم العلماء العلو الى علو معنوي وعلو ذاتي، أنظر شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 388) ومرادهم أن علوه المعنوي هو كونه أعظم من مخلوقاته جميعاً وأن له الغلبة والسيطرة على جميع خلقه وهذا يتفق فيه جميع اهل السنة وجميع اهل البدع والعلو الذاتي مر معناه وهو ما ينكره كثير من أهل البدع ويثبته أهل السنة أنظر المصدر السابق.

وقد يقسمون العلو إلى علو معنوي وعلو حسي أنظر شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (1/ 378) ويريدون بالعلو الحسي العلو الذاتي، أما العلو معنوي فقد مر معناه.

وهذه التقسيمات إصطلاحية قسمها العلماء بالإسقراء والتتبع للنصوص الشرعية في القرآن والسنة الصحيحة والغرض منها تقريب العلم الشرعي للناس من طلاب العلم والعوام ولا مشاحة في الإصطلاح ولو زاد قسماً أو غير اسمه طالما المعنى واحد .

وهذا نحو تقسيم بعض العلماء التوحيد الى قسمين توحيد الألوهية اي العبودية وتوحيد الربوبية وتقسيم بعضهم الآخر التوحيد إلى ثلاثة أقسام توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات ولا مشاحة في الإصطلاح إذ من قسمه إلى قسمين أدخل القسم الثالث ( توحيد الأسماء والصفات ) في القسم الثاني ( توحيد الربوبية ) لأن صفات الله

داخلة في ربوبيته. - توحيد الألوهية هو توحيد العبودية وهو إفراد الله في العبادة أي هو إفراد الله في أفعال العباد، وتوحيد الربوبية هو إفراد الله في ربوبيته أي إفراد الله في أفعاله من الخلق والملك والتدبير والرزق والإحياء والإماتة، وتوحيد الأسماء والصفات هو إفرد الله بصفاته، وهو في حقيقته متفرع عن توحيد الربوبية لأن أفعال الله تستلزم إثبات الصفات لله عز وجل. وانظر لهذه الأقسام الثلاث وتعاريفها كتاب القول المفيد على كتاب التوحيد للعثيمين (1/ 11- 17).

وبالذي قلناه في هذه التقسيمات صرح الشيخ عثمان الخميس في بعض دروسه المصورة المسجلة وكذلك صرح الشيخ محمد بن صالح المنجِّد في موقعه الإسلام سؤال جواب على الشبكة العنكبوتية في فتوى رقم 10262تحت عنوان ( تقسيم التوحيد إلى أقسام ) وهذا نص السؤال والإجابة:

السؤال: سمعت من بعض الأخوة الذين عندهم علم بالتوحيد وأقسامه أن شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمة الله قسم التوحيد إلى نوعين (توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات), فما مدى صحة هذا القول؟ وهل كان الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله يقسم التوحيد إلى أربعة أقسام ؟ وأخيرا , فهل يقسم الشيخ صالح الفوزان حفظه الله التوحيد إلى أربعة أقسام ؟.

الإجابة:

الحمد لله

أولا :

لابد أن نعلم أن القاعدة تقول " لا مشاحة في الاصطلاح " ، وهذه قاعدة معروفة عند الفقهاء والأصوليين .

قال ابن القيم -رحمه الله- : والاصطلاحات لامشاحة فيها إذا لم تتضمن مفسدة . " مدارج السالكين " ( 3/ 306) .

ومعنى لا مشاحة أي لا تنازع .

ثانيا :

إن للعلماء من قديم الزمان تقسيمات للأحكام الشرعية ، وهذا التقسيم إنما هو للتيسير وتسهيل الفهم للنصوص والأحكام الشرعية وخصوصا مع تأخر الزمان وضعف المعرفة باللغة العربية واختلاط اللسان العربي بالأعجمي .

فرأى العلماء أن وضع قواعد ومسائل وتقسيمات لتسهيل وتيسير الفهم لا مشاحة فيه بل ذلك من الأمور المستحسنة لما يترتب عليه من تقريب العلم للمسلمين ، فهذا الشافعي واضع علم الأصول في الفقه الإسلامي وقد لاقت تقسيماته قبولا حسنا وعليه درج الأصوليون مع إضافات وتعقب على ما ذكره ، وهكذا جميع العلوم الشرعية كعلم التجويد وتقسيماته وترتيباته وعلوم القرآن وغيرها ومنها علم التوحيد .

ثالثا :

ما ذكره السائل من أن شيخ الإسلام قسَّم التوحيد إلى قسمين والشيخ محمد بن إبراهيم قسمه إلى أربعة أقسام وكذلك الشيخ صالح الفوزان : فلا إشكال في ذلك وإليك البيان :

فقد ذكر بعض العلماء أن التوحيد ينقسم إلى قسمين :

توحيد المعرفة والاثبات : وهو يشمل الإيمان بوجود الله والإيمان بربوبيته والإيمان بأسمائه وصفاته .

توحيد القصد والطلب : وهو يشمل الإيمان بألوهية الله تعالى .

وأما من قسم التوحيد إلى ثلاثة أقسام فقد فصَّل التقسيم السابق زيادة في تسهيل الفهم والمعرفة فقال : التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

توحيد الربوبية : ويدخل فيه الإيمان بوجود الله .

توحيد الألوهية أو توحيد العبادة - وهما بمعنى واحد – .

توحيد الأسماء والصفات .

ثم جاء بعض العلماء فزادوا في التقسيم فقالوا : التوحيد ينقسم إلى أربعة أقسام:

الإيمان بوجود الله .

الإيمان بربوبية الله .

الإيمان بألوهية الله .

الإيمان بأسماء الله وصفاته .

فكما نرى لا إشكال في هذا التقسيم ما دام أنه لا يدل على شيء باطل ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، وهذا التفصيل إنما هو لتسهيل الفهم فكلما بعُد العهد : قلَّ الفهم واحتاج العلماء إلى التبسيط والتسهيل والتفصيل .

والخلاصة أنه لا إشكال فيما ذكره السائل لأن من قسم التوحيد إلى قسمين قد جمع في هذين القسمين ما فضّله الآخرون ، ومن قسمه إلى ثلاثة أقسام أو أربعة فصّل فيما أجمله الآخرون .

والجميع متفقون على أن التوحيد يشمل كل ما ذكروه .

وهذه التقسيمات اصطلاحية لا مانع منها بشرط أن لا يحصل من ذلك مفسدة ، كما لو أخرج من معاني التوحيد بعض ما يدخل فيه ، أو يُدخل فيها ما ليس منه .

وقد يأتي زمان نحتاج فيه إلى تفصيل أكثر فيفصل العلماء ويقسموا ليسهلوا الفهم .

وهذا بيان مختصر لمعنى أنواع التوحيد الثلاثة :

الإيمان بالربوبية : هو إفراد الله بأفعاله من خَلْق وإحياء وإماتة وغيرها .

والإيمان بالألوهية : هو إفراد الله بأفعال العباد من قول أو فعل ظاهر أو باطن . فلا يُعبد إلا الله سبحانه وتعالى .

والإيمان بالأسماء والصفات : هو إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه من غير تعطيل أو تمثيل .

رابعا :

تقسيم العلماء للتوحيد على هذا التقسيم ليس محدثاً بل هو معروف في القرن الثالث والرابع كما ذكر ذلك الشيخ العلامة بكر أبو زيد عضو هيئة كبار العلماء في كتابه " الرد على المخالف " ، فنقل هذا التقسيم عن ابن جرير الطبري وغيره من العلماء .

تنبيه : ما ذكره السائل من أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقسم التوحيد إلى قسمين : توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات ، ليس بصحيح بل يقسمه إلى قسمين وهما توحيد المعرفة والإثبات وتوحيد القصد والطلب ، والأول منهما يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، انظر مجموع الفتاوى ( 15/164) والفتاوى الكبرى ( 5/250) والله أعلم. ) إنتهى وهو كلام نفيس بحق.

المقدورات والمعلومات والعجائب مخلوقات قدَّرَها الله وعلَّمَها الله خلقَهولذا فهي وجودية باعتبار وجودها فيالعالم وعديمة باعتبار فنائِها.

ص 12

قوله: ( لأنه سبحانه أولٌ بلا ابتداء، آخرٌ بلا انتهاء )

هذا دلَّ عليه الحديث الصحيح الآتي ذكره وتخريجه في هامش ص 16

ص 14

خامساً

قوله: ( والقول الثاني أن العمل الصالح يرفعُ الكلم الطيب ...) اي والعمل الصالح يرفع قَدْرَ الكلم الطيب أو يرفعه إلى الله لأن القول الطيب بلا عمل صالح لا يُرْفَع كما هو معلوم.

ولكن هذا احتمال بعيد لأن ظاهر الآية المتبادر إلى الذهن أن معناها وتقدير الكلام فيها هو: إلى الله يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه الله إليه أيضاً، وهذا حثٌّ منه سبحانه على القول الصالح والعمل الصالح.

وكلا القولين في كلام الشيخ الخميس هنا تثبت بهما فوقية الله وعلوه الحسي الذات على خلقه فوق عرش فوق السماء السابعة لأ الكلم الطيب يصعد إلى الله بتصريح هذه الآية لقوله تعالى فيها: ( إليه يصعد الكلم الطيب ) وهذا القدر منها ظاهر صريح.

ص 15

سادساً

كلا المعنيين صحيح في كلام شيخ حسنين وكلام سيخ محمد الخميس إذ لا تنافي بينهما فاللفظ صالح لجميعها ولا تنافي بينهما فنقول بهما أي نجمع بينهما لعدم التنافي بينهما كما تقرر في علم التفسير وهو يشمل تفسير الحديث لأن القرآن والسنة كلاهما وحي من الله وهو من أساليب الجمع بين الأقوال في التفسير، قلت فالمراد بالظاهر الذي ليس فوقه شيء وكذلك هو الظاهر بوجوده ومصنوعاته وتدبيره، وبالباطن الذي ليس دونه شيء فعلمه قد أحاط بكل شيء ولس دون علمه شيء وكذلك هو الباطن بكنه ذاته وصفاته عن العقول - بكُنْهِ أي بكيفية - ، وافاد بوجوب الجمع بين تفسيرين لا تنافي بينهما العلامةُ العثيمين في القول المفيد على كتاب التوحيد (2/ 171) عند تفسيره قوله تعالى {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} فبعد أن ذكر ثلاثة أقوال في تفسيرها قال: ( والصحيح أن الآية تشمل المعاني الثلاثة; لأن اللفظ صالح لها جميعا، ولا منافاة بينها، وهذه قاعدة في التفسير ينبغي التنبه لها، وهي أن المعاني المحتملة للآية والتي قال بها أهل العلم، إذا كانت الآية تحتملها وليس بينها تعارض: فإنه يؤخذ بجميع المعاني. ) انتهى وهذا الخلاف يسميه العلماء خلاف تنوع لا خلاف تضاد وهذا متقرر في أصول التفسير وهو ينسحب على أصول تفسير الحديث إذ كلاهما وحي من الله سبحانه انظر مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية وشرحها للعثيمين وكمت تقرر ( ذكر الشيء لا ينفي ما عداه ) ولو أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر المعنى بشيء لا يلزم من ذلك أن بطلان كل معنىً غيره بل يكون ثمة معاني صحيحة أخرى أحياناً وباطلة فنجمع بين ما جاء عن النبي وبين المعاني الصحيحة نعم احيانا يأتي تاي الحديث جامعاً لجميع المعاني فلا يجوز عند ذلك إضافة معنى آخر باطل له فتنبه.

قول الشيخ محمد الخميس هنا: ( وهذه الآية من أعظم حجج أهل السنة على أهل البدع في باب إثبات صفة العُلُو لله تعالى ) اهـ اي العلو الذاتي.

وإنما قلنا إليه في السماء لان الله في السماء أي في العلو على السماء فوق العرش انظر مختصر العلو للألباني وشرح العقيدة الواسطية وشرح القواعد المثلى كلاهما للعثيمين.

ص 16

حديث ( وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ) هو جزءٌ من حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح ح 2713من حديث سهل بن سعد الساعدي مرفوعاً وفيه ( أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء ).

ص 19

وقع في لفظ الحديث في الهامش ( ليحلق كل قوم )! وهذا تصحيف والصواب ( لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ )

تم التعليق والحمد لله.

وكتب أبو جعفر عمر بن جبار بن سعيد بن عيسى الزهيري ليلة الخميس لثالث أيام شهر صفر سنة 1438من الهجرة.

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:14 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.