أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
38328 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 06-16-2017, 10:26 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

وجزيت مثله أخي الحبيب
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 06-30-2017, 02:17 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي الديمقراطية والرئيس الأمريكي

الديمقراطية والرئيس الأمريكي
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (10)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني.
هناك سؤال يدور في أذهان عقلاء العالم وهو : هل الرئيس الأمريكي المنتخب صاحب القرار المطلق وبالتالي تختلف سياسة كل رئيس عن غيره أم أن الرئيس الأمريكي مجرد دمية – كما يزعم البعض - تحركها أيادي خفية ومؤثرة في القرار.
والجواب : لو قلنا بأنه مجرد دمية لأبعدنا النُّجعة فإن سياسة جورج بوش " الابن "- كنموذج للجواب - سياسة طائشة، شديدة المواجهة تعتريها الكثير من الأخطاء التي أضعفت أمريكا اقتصادياً، وشوهت سمعتها أمام العالم الخارجي حتى وصفوه بالرجل الحربي التدميري، الذي تسبب في كراهة شعوب العالم لأمريكا، ومن ناحية اقتصادية قال علماء الاقتصاد الأمريكي كما قرأناه في صحف سياسية واقتصادية متعددة : إن الرئيس " بيل كلنتون " ترك السلطة بعد أن أغنى الخزانة الأمريكية بالمال، فلما جاء جورج بوش " الابن " سلبها لاحتلال العراق وحرب أفغانستان، وعرَّض الجيش الأمريكي للقتل، حتى بلغ الفقر والبطالة في عصره في أمريكا بنسبة تزيد عن 30%.
إذن نجد أن هناك دوراً فعَّالاً في ظاهر الأمر للرئيس الأمريكي المنتخب يَصْعب إنكاره.
ولو قلنا بأن الرئيس الأمريكي المنتخب مستقل بقراره لاعترضنا معترض وقال لنا : اخبروني لماذا قتلت الأيادي الأمريكية الخفية الرئيس الأمريكي "جون كينيدي" المتهم بحبه للعرب، وكان قتله على الملأ، أثناء سير موكبه الرئاسي في شوارع دالاس، بتكساس على يد الفني الأمريكي للرادار في المارينز " لي هارفي أوسولد " بثلاث رصاصات متفرقة، ثم فر بسهولة عن أنظار الناس، ولما علم بأن الرئيس ما زال على قيد الحياة وأنه ثم نقله إلى مستشفى " باركلاند " تبعه في ظل تعتيم أمني استخباراتي غامض، وبعد يومين فجأة جاء الخبر أن : " جاك روبي " وهو رجل من اليهود ومن المافيا المستأجرة قتل " لي هارفي اوسولد "، ثم فجأة بعدها جاء خبر وفاة " جاك روبي " بسرطان الرئة.
نعم لقد كانت مسرحية منظمة لقتل أقوى وأذكى شخصية رئاسية أمريكية، لكنه غاب عن هذه المسرحية وجود الأمن والمباحث والاستخبارات والمحاكم الأمريكية، لتطالعنا الصحف الأمريكية الحرة بأن : " وكالة المخابرات الأمريكية سي.آي.إيه (cia)" هي من تولت مهمة اغتياله، لأنها جهة فوق رئيس الدولة من تحت الطاولة، فإنه لا يعقل أن شاباً كان يوماً من الدهر في رادار المارينز يقتل رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم ثم يتابع مصيره إلى المستشفى ليتأكد أنه مات، ثم يقتله شخص في الشارع من غير محاكمة، ثم يموت قاتله " رجل المافيا المستأجر" بداء سرطان الرئة !!!، وتنزل كل هذه الأخبار عبر جهات رسمية وحرة، الغريب أنه تلا ذلك قتل أفراد عائلة الرئيس "جون كنيدي" واحداً تلو الآخر، وآخرهم حفيده الطيار الذي قيل إنه غرق في المحيط الأطلسي جنوب أمريكا، وذلك حتى لا يتابع أحد قضية قتل الرئيس في المحاكم الأمريكية، وفجأة تم إغلاق قضية قتل "جون كنيدي" وقضية "أسرته" و" مسلسل مرض وموت " قاتل من قتل كنيدي"، وهذا يدل على أن الديمقراطية التي يزعمونها مجرد سراب تتحكم بها" وكالة المخابرات الأمريكية سي.آي.إيه (cia)، فهل قرارات الرئيس جون كنيدي خرجت عن أصحاب القرار الحاكم في أمريكا؟ الجواب : نعم، وقد تقدم السبب.
مثال آخر وباختصار : لماذا تم إقالة الرئيس الأمريكي المنتخب " ريتشارد ميلهوس نيكسون" فجأة ؟
الجواب : لأنه خرج برأيه عن أصحاب القرار الحاكم في أمريكا بحجة أنه أخطأ في حرب الفيتنام.
وقد أردت بهذين المثالين بيان الفرق بين الجوابين في السؤال المطروح في بداية الفصل ليتبين للقارئ الكريم أن حدود صلاحيات الرئيس الأمريكي محدودة للغاية لدرجة أنه لا يقطع في قضايا السياسات المصيرية حتى يراجع من يحكم أمريكا من وراء الستار، فأمام كل رئيس أمريكي صهاريج استخباراتية متنقلة ومنغصة له، وفي مقدمتها : السي آي ايه والبنتاجون والكونجرس والبيت الابيض، ووراء هذه كلها مرجع أكبر بمثابة " خامنئي إيران "، لكن لا يُعرف خامنئي أمريكا من هو؟، وقد قيل إنها قيادة صهيونية خفية.
لكن لا يعني ذلك أن الرئيس الأمريكي المنتخب يظل مضطرباً في ظل قيادته لأمريكا بل له أن يقيم الأمسيات الليلية والاحتفالات والمؤتمرات الصحفية ومناقشة القضايا السياسية ومعالجة مشاكل المجتمع الأمريكي ويعترض ويشجب في قضايا مختلفة بشرط ألا يخرج بكلامه وأفعاله عن الخطوط الحمراء التي يوقع عليها كرئيس منتخب بعد تنافس حر على الرئاسة.
فهذه نافذة لحقيقة الديمقراطية على مستوى الرئاسة في أمريكا، وللكلام بقية أستأنفه في اللقاء القادم بمشيئة الله.
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
أهم المصادر :
١.تشارلز جونز - مقدمة قصيرة عن الرئاسة الامريكية - نشر دار الشروق..
٢.جاي باريني - ارض الميعاد - ثلاثة عشر كتابا غيرت امريكا - الدار الدولية باللغتين العربية والانجليزية.
٣.حول اميركا - دستور الولايات المتحدة الامريكية مع ملاحظلات تفسيرية – صدر عن الخارجية الامريكية
٤.فرانك لامبرت - الدين في السياسة الامريكية - تاريخ موجز – طبعة دار نمو للنشر.
٥.وزارة الخارجية الامريكية - موجز نظام الحكم الامريكي – منشور صادر عن الخارجية الامريكية.
٦. مجموع صحف ومجلات ومواقع عربية وأجنبية.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 07-02-2017, 03:00 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي الديمقراطية والتحالفات العربية مع أمريكا

الديمقراطية والتحالفات العربية مع أمريكا
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (11)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني.
في اللقاء السابق تحدثنا عن صلاحية الرؤساء الأمريكان كحكام لأمريكا، وقلنا هي : " محدودة، فلا يقطع في قضايا السياسات المصيرية حتى يراجع من يحكم أمريكا من وراء الستار، فأمام كل رئيس أمريكي صهاريج استخباراتية متنقلة ومنغصة له، وفي مقدمتها : السي آي ايه والبنتاجون والكونجرس والبيت الأبيض، ووراء هذه كلها مرجع أكبر بمثابة " خامنئي إيران "، لكن لا يُعرف خامنئي أمريكا من هو؟، وقد قيل إنها قيادة صهيونية خفية، لكن لا يعني ذلك أن الرئيس الأمريكي المنتخب يظل مضطرباً في ظل قيادته لأمريكا، بل له أن يقيم الاحتفالات والمؤتمرات الصحفية ومناقشة القضايا السياسية ومعالجة مشاكل المجتمع الأمريكي، ويعترض ويشجب في قضايا مختلفة بشرط ألا يخرج بكلامه وأفعاله عن الخطوط الحمراء التي يوقع عليها كرئيس منتخب بعد تنافس شبه حر على الرئاسة".
إذن أقول في هذا اللقاء : كيف يمكن للدول العربية والعالمية أن تقيم تحالفات مع دولة لا يستقيل رئيسها بكل قرارات حكمه؟
والجواب : لا أرى ذلك مهماً إذا كانت هناك ضرورة أو مصلحة كبرى في الحلف بشرط أن يخلو من الولاء لأعداء الله المتضمن حرب الإسلام وأهله لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [المائدة: ٥١].
فإذا سلم هذا التحالف من موالاة الكافرين على المسلمين جاز باتفاق العلماء.
ومعنى ذلك أنه لا مانع من التحالف مع أمريكا أو أوربا أو غيرهم من غير المسلمين بالضابط المذكور فيما دعت له المصلحة الشرعية، لكن هل أمريكا تحفظ حق حلفائها؟
الجواب : لا.
لماذا؟
لأن مشكلة أمريكا مع العرب قديمة، هي عينها مشكلة الروم مع المسلمين، ومن هنا يتنزل قوله تعالى : " وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ"[سورة البقرة : 120].
حيث تخشى أمريكا والدول الأوربية ظهور القيادات الصالحة في البلاد العربية مما قد يسفر عن عودة " الخلافة الإسلامية " من جديد، وهذا هو عين ما ينغص أعداء الله ويخيفهم.
وقد بدأت التحالفات قبيل خروج الاستعمار الأجنبي من الدول العربية، وتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات، وكل دويلة يرأسها ملك أو سلطان أو أمير أو رئيس، بشروط واتفاقيات رسمتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الدول الأوربية، ثم صارت أمريكا هي من تقود العالم لنظراً لتقدمها في السلاح، وقوة مصادر دخلها، حيث سجلت عام 1913م أقوى ناتج محلي للفرد الواحد يفوق بنحو 35 % من ناتج الفرد البريطاني الذي كانت دولته أغنى دول أوربا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.
وتعد أمريكا وليدة أوربية، وأكبر تجارها منذ قيامها حتى اليوم " اليهود - وخصوصاً عائلة "روتشيلد" التي تسيطر على نصف اقتصاد العالم -"، ورغم هذه القيود والتحالفات فقد حاد بعض حكام العرب في بعض الأزمنة إلى ربط العلاقة مع أشد أعداء أمريكا وأوربا عسكرياً وهم الروس، وذلك بعد الخيانة الكبرى للعرب، التي ارتكبتها أمريكا وأوربا بتمكين اليهود من إنشاء دولة لهم في فلسطين عام 1948م، وقد سبق هذا التمكين الاعتراف والترحيب الدولي الأمريكي والأوربي عام 1947م بإنشاء دولة لليهود على أرض فلسطين، فصدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة فلسطينية، فكان الترحيب صادماً للعرب، حيث أشعل في نفوسهم الحمية على أبناء جلدتهم الفلسطينيين، فشعروا أن أمريكا ودول الغرب لا تفي بعهودها وتحالفاتها معهم، فكانت لهم ردود أفعال مشرفة رغم ضعفهم، منها اجتماع كافة رؤساء الدويلات العربية وإجماعهم على أن الأرض فلسطينية، لا يجوز أن تكون دولة يهودية، ومنها أنهم كوَّنوا جيشاً عربياً من مصر وسوريا والعراق والأردن وفلسطين وكل من أراد التطوع من بقية الدول العربية الأخرى ودعموه مادياً، لكنه كان هشاً من نواحٍ عدة منها : أن قيادته العامة قومية أكثر من كونها إسلامية إلا بعض القيادات الفرعية التي كانت ترفع شعار النصرة للدين والأرض كقيادات الإخوان المسلمين وبعض العلماء، ومنها ضعف السلاح لأنه كان عبارة عن بنادق، منها بنادق الطنج وبنادق أم سك والنيمس وأم كرار، وأم ركبة، وأم صندوق ذات الطلقة الواحدة، بينما اليهود عندهم رشاشات متقدمة جاءتهم من فرنسا، وليست يومها أسلحة أمريكية، ومنها ضعف الدول العربية وقياداتها، ومنها انشغال قادة الدول العربية بمشاكل شعوبها الفقيرة والثائرة التي فرَّقها الاستعمار إلى أحزاب قومية كثيرة قبيل خروجه، ثم دعمها بعد خروجه عبر سفاراته في البلاد العربية، ومنها وجود بعض المندسين في صفوف القيادات العسكرية المؤثرة، حيث انتهى الغضب العربي إلى غضب مؤقت سرعان ما ضعف، وصار مجرد شجب، ولعل أقوى غضب وردة فعل في المنطقة العربية، الموقف الشجاع من الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، حيث أوقف تصدير النفط إلى أمريكا وأوربا حتى انتهى الأمر باغتياله بخطة أمريكية من خلال القاتل الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الذي قتل عمه الملك فيصل رحمه الله، ثم روَّج بعض السياسيين المقربين من الإدارة الأمريكية أن سبب قتله للملك فيصل كان انتقاماً لأخيه الأمير خالد بن مساعد الذي قُتل بالرياض نظراً لقيادته لمظاهرات وإضرابات في عهد الملك سعود رحمه الله، وهذا ترويج هزيل، لا مصداقية فيه.
والحاصل أن موت الملك فيصل رحمه الله كان ثمناً لوفائه لدينه وأمته وصدقه الجاد واعتراضه على أمريكا ودول أوربا التي دفعت فلسطين لليهود بقوة السلاح والدعم المعنوي.
سمعت الشيخ محمد بن إبراهيم شقرة - وهو من مواليد قرية عين كارم من قُرى قضاء القدس، عام 1934م – يقول : خرجنا لقتال اليهود وكان بعضنا عنده البندق ذات الطلقة والطنج الذي لا تخرج طلقته إلا بأن يستعمله شخصان في آن واحد، ومنا من خرج في بعض الليالي لصد غزو اليهود لبعض القرى الفلسطينية بالسكاكين والعصي واليهود لديهم أسلحة رشاشة ثقيلة حتى أثخنوا فينا القتل قبل وصولنا إليهم".
والخلاصة أن التحالف مع أمريكا تحالف هش، تظهر فيه الخيانات الأمريكية واضحةً جلية ليدل ذلك على زيف الديمقراطية المزعومة من خلال مواطن كثيرة، سأذكر منها أربعة مواطن رئيسة، وهي ما يأتي :
الأول : الاعتراف والترحيب الدولي الأمريكي والأوربي عام 1947م بإنشاء دولة لليهود على أرض فلسطين، فصدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يوصي بتقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة فلسطينية مع تنفيذه بقوة السلاح عام 1948م.
الثاني : تشجيع المنظمات المشبوهة وبث روح القوميات العربية والطائفية في نفوس العرب الضعيفة لزرع الانقلابات وتعرية الحكام العرب حتى تبقى المنطقة العربية غير مستقرة وغير آمنة، فاشعلوا فتيل الفتنة بين الحاكم والمحكوم حتى لا يفكر العرب يوماً من الدهر في التفكير والانشغال ببناء وطن إسلامي قوي، يكتفي اكتفاء ذاتياً باقتصاده الداخلي وقوته الدفاعية العسكرية.
الثالث : استغلوا من خلال سفاراتهم في المنطقة العربية أيادي استخباراتية مهمتها التجسس على الدول العربية وحكامها وشعبها وعلمائها لاستغلال مواضع الضعف لتغذيته ضد الدين والوطن والشعب، وشراء ذمم بعض الإعلاميين العرب لشن هجمات مختلفة ضد الحاكم وعلماء البلدة وبعض القيادات النزيهة في السلطة، ونشر بعض السموم التي تتعارض مع الفطرة والدين بقصد إضعاف الشعب وتمزيقه دينياً ونفسياً واجتماعياً.
الرابع : زرعوا ثورات الربيع العربي للانقلاب على الحكام العرب رغم التحالفات والعلاقة الوثيقة بينهم وبين حكام العرب، فوقفوا موقف المتفرج ما بين مؤيد ومعترض مقسمين الأدوار بينهم لزرع الفتنة بين الحاكم والمحكوم، وهذا ما دفع الفريق ضاحي خلفان من أن يقول كلمات شجاعة وواضحة ضد أمريكا :
منها قوله : " سياسة أمريكا في المنطقة تهدد الأمن العربي.. وتهدف لتصدير الفكر الإيراني.. وتريد قلب الأنظمة العربية بما يتوافق مع مصلحتها.. وأنه : ليس لها صديق وتحقق أحلام إسرائيل وإيران... وقال : " هذا ليس كلامي فقط بل [ كلام ] كُتَّاب ومفكرين أمريكان، هم من قالوا ذلك، ويقولون إننا نصدر الثورة للوطن العربي".
وقال : " إن السياسية الأمريكية هي سياسية تحقيق مصالح شخصية لهم وليس تحقيق مصالح الشعوب، كما يزعمون، مستدلاً على ذلك بالقضية الفلسطينية التي لا تتحرك فيها أمريكا مطلقاً على الرغم من أن الشعب الفلسطيني مغتصبة أرضه وإرادته، ويتعرض للقتل والقمع والتهجير بشكل يومي منذ عقود تحت سمع وبصر العالم كافة، وقال :" على الرغم من معاناة الشعب الفلسطينى تقف أمريكا ضد إقامة الدولة الفلسطينية، وهذا يؤكد أنها غير صادقة"([1])، انتهى مختصراً كلامي ضاحي خلفان.
وقد سبق أن قلت في مقال سابق بعنوان : " الديمقراطية وثورات الربيع العربي –حلقة رقم7" : حماة الديمقراطية - وهم أمريكا وأوربا - موقفهم هزيل تجاه البلاد العربية في ظل هذه الثورات، فتارة يقفون مع الشعوب، وتارة مع الحاكم، ونسوا مبادئ الديمقراطية التي تنص على السلام والاستقرار والأمن، وعدم التدخل في شؤون الأوطان.
والسبب في أن موقفهم بين طرفي نقيض يعود لكونهم هم مَن صدَّر الثورات للعرب المسلمين من خلال رعاع الأحزاب السياسية وغلمان الإعلام المزيف والمسير.
والحاصل : أن أمريكا والغرب الأوربي يتحالفون مع دولنا العربية والإسلامية وحكامها لكن لا وفاء لهم، ولا عهد، ولا ذمة، ولا سلام، ولا أمان، ولا عدالة، وتحالفاتهم بما يخدم مصالحهم ويغطي بعض نفقاتهم المادية، وأغلبها تحالفات هشة أضرت بلداننا العربية والاسلامية حكاماً ومحكومين، بل " ديمقراطيتهم عجوز شمطاء مزيفة صدروها للبلاد العربية والإسلامية لتكون لعبة ومهزلة يضحكون بها على المسلمين، وواقعنا وما سبق من أحداث أكبر شاهد على ذلك.
فإذا كانت القاعدة تنص على أن : " السياسة ليس فيها عدو دائم أو صديق دائم، بل هناك مصالح دائمة" فإن أمريكا تجاوزت هذا الحد بعداوتها لنا وعدم رضاها علينا، لكوننا مسلمين.
قال الله تعالى : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى".
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
أهم المصادر :
١-جاي باريني - ارض الميعاد - ثلاثة عشر كتابا غيرت امريكا - الدار الدولية باللغتين العربية والانجليزية.
2-فرانك لامبرت - الدين في السياسة الامريكية - تاريخ موجز – طبعة دار نمو للنشر.
3-مجموع صحف ومجلات ومواقع عربية وأجنبية.
4- د. ﻤﺤﺴن ﻤﺤﻤد ﺼﺎﻟﺢ - ﺴﻟﺴﻟﺔ دراﺴﺎت ﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻟﺴطﻴﻨﻴﺔ - طبعة كولالمبور
5. جمال حسن أحمد- تاريخ القضية الفلسطينية- مخطوط
6. د.صادق بن محمد البيضاني – إلى أين يتجه المسلمون – مخطوط.

.. ..الحاشية...
[1] كلمات مقتضبة بعضها مسجلة بصوته وبعضها منشورات صحفية نشرتها صحيفة اليوم السابع الأربعاء، 18 فبراير 2015م.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 07-02-2017, 11:04 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي ديمقراطية المساواة في أمريكا

ديمقراطية المساواة في أمريكا
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (12)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني
بعد أن أثبتنا في عددٍ من المقالات : أن الديمقراطية الأمريكية المصدَّرة للمسلمين وغير المسلمين نظام مزيف، وأنها مجرد ألعوبة بيد أمريكا والغرب، فقد حان لنا الآن أن نتكلم عن حقيقة المساواة الديمقراطية وزيفها بداخل أمريكا.
فأقول: كثير ما يردد بعض الإعلاميين والسياسيين تجربة الديمقراطية في أمريكا، وأنها ناجحة باعتبار أن أمريكا طبقَّت أقدم نظام ديمقراطي معاصر لها يضمن إطاراً سياسياً يؤدي إلى الأمن والاستقرار ونمو المساواة بين المواطنين، ويحافظ على حرية الفرد ويشجع روح المسعى الحر والإقدام على تحقيق مصالح الشعب الأمريكي، هكذا يزعم ويغرد أولئك المغردون العرب، ويهرفون بما لا يعرفون، لكونهم خدعوا بالديمقراطية وأمريكا، ولا يعرفون واقع الديمقراطية في أمريكا، وربما بعضهم يعملون في بلداننا لصالح أمريكا.
ومهما يكن من شئ : فلا يمكن لعاقل منصف أن يقول لا يوجد في أمريكا عدل ومساواة، بل هناك عدل ومساواة وفيهما دخن عريض.
حيث تجد في أمريكا ودول الغرب في الجملة سهولة وسلاسة المعاملات في كافة الوزارات لأجل استخراج الجوازات وبطائق الأحوال وشهادات الولادة والوفاة والتصاريح التجارية والأهلية ونحوها خلال قترة وجيزة، ربما لا تتعدى ساعات في بعض المعاملات، بينما في البلاد العربية يتم استخراج بعض التصاريح ونحوها إذا حصلت عليها خلال أيام أو شهر أو عدة أشهر بسبب كثرة الروتين في بلداننا العربية والاسلامية، وكذلك توفر أمريكا وأغلب الدول الغربية لمواطنيها والمقيمين على أرضها العناية الصحية وتوفير العلاج والأدوية بموجب تأمين صحي، ومن لا يملك قيمة التأمين فتدفع عنه الدولة حتى هذه اللحظة، فقبل دقائق تأكدت وأنا أكتب هذا المقال من خلال اتصالي بصديق أمريكي مسلم يعيش بأمريكا، وذلك لأن الصحف نشرت عن أمريكا دعوى مزيفة تنص على أن : " التأمين الصحي بأمريكا بأسعار غالية جداً، تصل تكاليفه أحياناً إلى خمسة آلاف دولار سنويًا للفرد الواحد وأنه لا يوجد بأمريكا علاج مجاني لمواطنيها ومن يقيم فيها" وهذا كذب، والاسلام أمرنا بالصدق حتى مع غير المسلمين، كما توفر أمريكا لمواطنيها ومن يقيم فيها الدراسة المجانية من الابتدائية إلى الثانوية، وأما الدراسة الجامعية فهي مجانية للفقراء ومن دخله قليل، وأما من كان دخله يتحمل دفع الرسوم الجامعية فليست مجانية بل يلزمه الدفع، كما توفر المحافظة على بيئة المدن وشوارعها وأنظمتها المرورية ومرافق تنزه العائلات والأطفال، وممارسة حرية الأديان في الجملة كنظام سائد رغم العنصرية المتكررة، ومن حق الشعب والمقيمين أن يعيشوا بأمان في منازلهم، فلا يحل لأي جهة رسمية بالدخول إلا بإذن المالك، ولا يستجوب أي فرد حول أي جريمة إلا بتقديم أو توجيه اتهام من هيئة المحلفين العليا، ولا يجوز حرمانه من حياته أو ممتلكاته بدون محاكمة قانونية، ومن حق المتهم إبلاغه بطبيعة وسبب الاتهام، ويجب مواجهته بشهود ضده، وتلتزم المحكمة أيضاً بإحضار شهود يشهدون لصالحه، وتلتزم أيضاً بتزويده بمحامي لمساعدته للدفاع عن نفسه، وإذا انتهت فترة الرئاسة بانتخاب رئيس جديد، فإنه يلزم الرئيس السابق تسليم السلطة للرئيس المنتخب وفقاً لدستور الدولة، هذه في الجملة أشهر الايجابيات الديمقراطية في أمريكا.
ولبيان زيف المساواة الديمقراطية المزعومة في أمريكا - بالوصف الذي يزعمون والمبالغ فيه -، ألخصه فيما يلي :
أولاً : ذكرت في مقال لي بعنوان " تاريخ أمريكا والنظام الديمقراطي فيها" أن أمريكا تسمى " بلاد ما وراء المحيط الأطلسي" قبل استقلالها، وأنها أرض للهنود الحمر، وقد دخل أغلبهم في الاسلام بسبب هجرة العرب والمغاربة والأفارقة المسلمين إليها ودعوتهم الناس هنالك للإسلام، وكان هذا قبل إعلان استقلال أمريكا عام 1776م بمئات السنين، وقد أرهقوا الأسبان بالقتل بسبب أن الاسبان حاولوا غزوها وضم ما وراء المحيط " أمريكا حالياً" إلى مملكة اسبانيا آنذاك كبلدة مستعمرة، لكن لم يفلحوا حتى سماهم الأسبان بـ " أباش" يعني سفلة وأخلاط، فلما عجزت اسبانيا، قامت بريطانيا العظمى بإنشاء 13 مستعمرة بريطانية بأمريكا بقوة السلاح ليقاتلوا المسلمين وغير المسلمين من الهنود الحمر ومن العرب والمغاربة والأفارقة المسلمين في " أمريكا " قبل تسميتها بأمريكا، وتمت مقاتلتهم بقوة السلاح الغربي الاستعماري البريطاني حتى أثخنوا القتل في الهنود الحمر - المسلمين وغير المسلمين -، وعمدوا إلى تصفية من بقي منهم من خلال مذابح "ابادة جماعية" وتشريد بعضهم إلى خارج أمريكا، ولم يبق منهم بأمريكا سوى القليل، فظفر البيض البريطانيون ومن انضم معهم من أهل أوربا من نصارى ويهود وأعلنوا استقلال أمريكا عام 1776م، وأن نظام الدولة ديمقراطي، واستمرت الابادة وقتل الهنود الحمر إلى سنوات قريبة، إلا أنهم في السنوات الأخيرة ورطوا من بقي منهم ومن شبابهم ونسائهم بإغراقهم في المخدرات والخمور والدعارة وتمكينهم من تراخيص مجانية دون غيرهم من الشعب الأمريكي ليفتحوا بها البارات ومحلات تجارة الخمور والدعارة حتى ساعة كتابة هذا المقال ليقتلوهم قتلاً بطيئاً بهذه النجاسات غير الأخلاقية والتي تتصادم مع الفطرة والعقل والأديان السماوية، كما تسعى الدولة لتشويه سمعتهم أمام الشعب الأمريكي والشعوب الأخرى حتى قال أحد الهنود الحمر : " إننا نعلم أن الحكومة الأمريكية تشوه سمعتنا وتقتلنا ببطء من خلال المخدرات والدعارة وتتآمر علينا بإفسادنا حتى ننسى أننا سكان أمريكا الأصليين".
وقال لي شخص أمريكي منذ أيام : " منذ طفولتي حتى تخرجت من الثانوية، ونحن ندرس في المنهج التعليمي الأمريكي أن الهنود الحمر قوم متخلفون وليس لهم أمان، وأنه يجب أن نحذرهم، فلما كبرنا نحن والزملاء عرفنا أن هذه مجرد كذب وتشويه لسمعة الهنود الحمر".
ثانياً : تجد العنصرية المنافية للمساواة في كثير من الدوائر الحكومية، - ومنها مرات عديدة ومتكررة - في جوازات المطار وأقسام الشرطة والهيئات الأمنية والمحاكم بمجرد أنك مسلم أو عربي أو أسود أو من الهنود الحمر مسلمين أو غير مسلمين، يتم تأخيرك واستفزازك أو تتعطل معاملتك أو تقابل منهم بمعاملة سيئة جداً.
ثالثاً : عدم المساواة في وظائف الدولة التي صارت تتم بالمحسوبية والرشاوي.
حيث صارت الرشوة في الجهات الحكومية الرسمية وكذلك المؤسسات والشركات الكبرى شئ معتاد عليه، يعرفه الأمريكان وغير الأمريكان، حتى قال أحد العراقيين : أنا أوظف بعض الأمريكان الأصليين وغير الأمريكان من الجنسيات الأخرى ولي علاقة ببعض موظفي الدولة وببعض مدراء الشركات فأكون أنا الواسطة مقابل رشوة مالية أقسمها بيني وبين الموظف الكبير بالدولة أو مدير أي شركة أخرى، فقلت : أنت خرجت من ظلم العراق ونكده إلى نكد أمريكا وشررها، فهذه وظيفة لا تحل، وفي الحديث الصحيح : " لعن رسول الله الراشي والمرتشي"، [أخرجه الترمذي في جامعه، وأحمد في مسنده].
حتى المخالفات المرورية يتم اسقاطها بالرشوة في أمريكا وعامة دول الغرب وروسيا وبعض جمهورياتها السابقة ودول شرق وجنوب أسيا، كما شاهدت ذلك من خلال رحلاتي الدعوية والعلمية، ومن ذلك أني كنت في روسيا، أمشي بالسيارة مع شاب تعرفت عليه في موسكو فأشر لنا رجل المرور بأن نتوقف بدعوى أننا خالفنا، فاعترض الشاب على رجل المرور وقال له : لم نخالف، وبعد حوار بينهما أعطى الشاب رجل المرور حوالي خمسين روبل روسي، فقلت لماذا فقال : هذه رشوة اضطرني لدفعها كي يسقط المخالفة التي زعمها.
وأحد الإخوة يقول : ندفع الرشاوي لرجال المرور بأمريكا فيسقطون عنا المخالفة المرورية دون عناء.
رابعاً : لم تحل الدولة مشكلة الفقر المستشري بأمريكا ولم تراعِ ظروف الناس المتوسطي الدخل رغم ارتفاع أسعار الدواء والغذاء والعقار وغيرها مما يحتاجه المواطن كما تقدم، وقد أصدرت الجهات الرسمية بياناتٍ ونسباً مئوية مخيفة، فهناك عشرون مليون أمريكي يعيشون في منازل محمولة نظراً لفقرهم، كما يوجد 42 مليون مواطن أمريكي يعيشون تحت خط الفقر، و50 مليون إنسان متقاعد لا يعمل.
خامساً : أصناف الظلم المنافي للمساواة والعدل يطول ذكره في أمريكا وديمقراطيتها.
وعلى سبيل المثال، أصدرت الجهات الرسمية الأمريكية بيانات تتنافى مع المساواة والعدل، وإليكم أهمها :
أ.63% من سجناء أمريكا يُمنعون من القراءة.
ب. دولار واحد من كل خمسة دولار من الضرائب يذهب لصالح وزارة الدفاع، لتبقى الهيمنة الدولية لأمريكا على حساب مستوى معيشة الشعب، وهناك نسبة من الضريبة تذهب لصالح اليهود في فلسطين المحتلة.
ج. عدد جنود سجون جوانتانمو أكثر من عدد المساجين، بحيث تتكلف أمريكا ما يقارب من ثلاثة مليون دولار سنوياً على السجين الواحد مع تعذيبهم بالطرق الوحشية واستفزازهم دينياً وعرقياً وأخلاقياً، ومن حقهم كمساجين في النظام الديمقراطي أن يتحولوا للقضاء لمحاكمتهم، ومع ذلك لم يتم منذ عهد الرئيس "جورج بوش" حتى هذه الساعة.
سادساً : ارتفاع أسعار الدواء بنسبة 53%، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 30%، فهناك أدوية لا توفرها الدولة الأمريكية فيشتريها المواطن من الأسواق، فإذا لم يكن لديه مال وأراد أن يقترض لأجل الدواء والمعيشة والعقار وغيرها، فإن البنوك لا ترحمه بل تعطيه مالاً مقابل نسبة ربوية ما بين 4 و5% حسب الشركة أو البنك.
وقد أثبتت التقارير أن عامة الشعب الأمريكي مديون، وندر أن تجد أمريكياً غير مديون، بل أثبتت التقارير أن متوسط الديون للفرد الواحد بأمريكا سنوياً هو 11400 دولار أمريكي غير شاملة للإيجار والعقارات.
أليس من العدالة والمساواة في النظام الديمقراطي ألا تحمل الدولة بقوانينها ما لا يطيق المواطن؟!!، أين الدولة الديمقراطية العادلة التي يزعمون أنها توفر للمواطن العيش السعيد والمساواة؟!! وكلما جاءت سنة تحولت امريكا من سيئ إلى أسوأ على مستوى كافة هيئاتها وقوانينها وتعاملاتها المنافية للمساواة.
هذه هي الديمقراطية الوهمية التي فشلت في أقوى وأغنى دولة في العالم، فكيف لا تفشل في دولنا العربية؟!!.
وللكلام بقية نستأنفه في حلقتين قادمتين بإذن الله حول : " ديمقراطية الأمن والعدالة في أمريكا مع الكلام حول الانهيار الأمريكي المحتوم".
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
أهم المصادر :
١- أكسيس دي توكفيل - الديمقراطية في أمريكا - تلخيص وتعليق: عبد الله الهرامة
2- د. رأفت غنيمي - أمريكا والعالم في التاريخ الحديث والمعاصر- طبعة عين للدراسات والبحوث الإنسانية.
3-جاي باريني - ارض الميعاد - ثلاثة عشر كتابا غيرت امريكا - الدار الدولية باللغتين العربية والانجليزية.
4-مجموع صحف ومجلات ومواقع عربية وأجنبية.
5- د.صادق بن محمد البيضاني – إلى أين يتجه المسلمون – مخطوط.

__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 07-04-2017, 08:10 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي ديمقراطية الأمن والعدالة في أمريكا الواقع المظلم

ديمقراطية الأمن والعدالة في أمريكا
الواقع المظلم
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (13)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني.
الأمن والعدالة في النظام الديمقراطي المزعوم غير الأمن والعدالة في واقع أمريكا، وسنعرف ذلك من خلال محورين :
المحور الأول غياب وضعف الأمن في أمريكا، ويتلخص فيما يلي :
أولاً ضعف الأمن في بعض المدن الأمريكية المشهورة عالمياً بجرائم القتل والابتزاز والسرقات والاغتصاب ونحوها من الجرائم على مرأى ومسمع من الدولة، فلا تتدخل الدولة إلا بين الحين و الآخر بعد وقوع الجرائم، وبعضها يتم اهمالها وعدم متابعتها، وخصوصاً أن الذين يقومون بهذه الجرائم مجموعة عصابات المافيا، وهي عصابات مشهورة قادتها لدى الاستخبارات والجهات الأمنية، ومن أشهر هذه المدن : مدينة " ديترويت" في ولاية ميشيغان، و"سانت لويس" في ولاية ميزوري، ومدينة "أوكلاند"و"ستوكتون" وهما مدينتان في ولاية كاليفورنيا، و"ممفيس" في ولاية تينيسي، و" برمنغهام" في ولاية الأباما، و" اتلانتا" في ولاية جورجيا، و" بالتيمور" في ولاية ماري، و"كليفيلاند" في ولاية أوهايو، و"بوفالو" في ولاية نيويورك، وهذه المدن شُهرت بأخطر المدن الأمريكية في الجريمة والابتزاز والسرقات والاغتصاب والمخدرات ونحوها، وهي مهمشة أمنياً تهميشاً شبه متعمد من الدولة الأمريكية، ويذكر بعض المؤرخين والمحللين الأمريكان أن الدولة تعمدت بقاء هذه المدن على ما هي عليه لتعمل تكافأ وتوازناً بين الشعب، حتى اشتهر بين الأمريكان أن من سرق سيارته اتصل بالجهات الرسمية بهذه المدن لأنها المدن المشهورة بالسرقات والجرائم.
فأي أمن هذا الذي ينافي الديمقراطية المزعومة؟!!
ثم لا تخلو بقية المدن في الولايات الأخرى من ضعف وتقصير الأمن، فالمافيا وجرائمها منتشرة في مدن نيويورك وشيكاجو، وكانت ولاية كولورادو ولا زالت تَعُج بالعصابات.
وكم سمعنا عن عصابات مدينة كانساس على مستويات دخلها عن طريق ابتزاز أصحاب البارات التي تعمل في المدينة، وكذا في لاس فيجاس، بل أن عميل المافيا " سكارفو" أمر بقتل ثلاثين من رجاله، وأدخل العصابة في مجال تهريب المخدرات، وهذا يدل على عظم هذه العصابات وتقصير الدوائر الأمنية في القضاء عليها.
يقول شخص أمريكي في صوت له مسجل : الأمان في أمريكا حسب المناطق، وهذا من زمان حتى الآن، فهناك مدن إذا ذهبت لها تخاف أن يوقفك أحد في الطريق فيسرق سيارتك أو ينتهك عرض محارمك لو معك نساء أو يقتلك، ويقال إن الحكومة الأمريكية - كما يقول بعضهم - خصصت هذه المناطق بعدم الأمان لأجل يكون هناك توازن في المجتمع، فتدخل مناطق فتقول لا يوجد أسوأ منها ثم تذهب لغيرها فتجد ما هو أسوأ، بسبب كثرة انتشار المخدرات والقتل والاغتصاب والدعارة، حتى صار الأمر معروفاً لدى المجتمع الأمريكي والدولة، وأيضاً إذا سًرِقت سيارة أحدٍ من الناس ذهب إلى هذه الأماكن ليبحث عنها لكونها مناطق مشهورة بسرقة السيارات، وهناك مافيات مخيفة من المافيات الإيطالية واليونانية والكردية، وهناك العصابات الحكومية وتسمى بالعصابات القانونية وهم عبارة عن عصابات شرطة تعمل بالدولة، ويعملون لمصالحهم الخاصة ولهم رئيس، وهؤلاء الشرطة القانونيون يسرقون بطرق قانونية ويبيعون المخدرات من تاجر لأخر، وقد يسرقون مال المخدرات ويقتسمونه بينهم، وهناك حالات قد تقع تحت المساءلة القانونية لكنهم قليل من كثير، مثل " مير " رئيس بلدية بأمريكا تم القبض عليه بسبب رشاوي وبسبب علاقته بمثل هذه العصابات، والآن هو مسجون لكنه واحد من ملايين يعملون عمله السئ ويستلمون رشاوي، ومع ذلك لم تحاسبهم الحكومة الأمريكية".اهـ
ثانياً : غياب الأمن في القضايا الاستخبارية.
هناك جهات استخبارية وأمنية تحبس وتعذب وتقتل بعض العناصر والشخصيات في أمريكا من غير محاسبة ولا محاكمة، وأمثلتها كثيرة، ومن أشهر الأمثلة ما ذكرته في مقال : " الديمقراطية والرئيس الأمريكي المنتخب"، حيث ذكرت قضية مقتل الرئيس الأمريكي ""جون كينيدي" المتهم بحبه للعرب، وكان قتله على الملأ، أثناء سير موكبه الرئاسي في شوارع دالاس، بتكساس على يد الفني الأمريكي للرادار في المارينز " لي هارفي أوسولد " بثلاث رصاصات متفرقة، ثم فر بسهولة عن أنظار الناس، ولما علم بأن الرئيس ما زال على قيد الحياة وأنه ثم نقله إلى مستشفى " باركلاند " تبعه في ظل تعتيم أمني استخباراتي غامض، وبعد يومين فجأة جاء الخبر أن : " جاك روبي " وهو رجل مستأجر من يهود المافيا بأمريكا والمعروف لدى الجهات الأمنية" قتل " لي هارفي اوسولد "، ثم فجأة بعدها جاء خبر وفاة " جاك روبي " بسرطان الرئة.
لقد كانت مسرحية منظمة لقتل أقوى وأذكى شخصية رئاسية أمريكية، في ظل وجود الأمن والمباحث والاستخبارات والمحاكم الأمريكية، لتطالعنا الصحف الأمريكية الحرة بأن : " وكالة المخابرات الأمريكية سي.آي.إيه (cia)" هي من تولت مهمة اغتياله، لأنها جهة فوق رئيس الدولة من تحت الطاولة، فإنه لا يعقل أن شاباً كان يوماً من الدهر في رادار المارينز يقتل رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم ثم يتابع مصيره إلى المستشفى ليتأكد أنه مات، ثم يقتله شخص في الشارع من غير محاكمة، ثم يموت قاتله بداء سرطان الرئة !!!، وتنزل كل هذه الأخبار عبر جهات رسمية وحرة، الغريب أنه تلا ذلك - كما قلنا في مقال سابق - قتل أفراد عائلة الرئيس "جون كنيدي" واحداً تلو الآخر، وآخرهم حفيده الطيار الذي قيل إنه غرق في المحيط الأطلسي جنوب أمريكا، وذلك حتى لا يتابع أحد قضية قتل الرئيس في المحاكم الأمريكية، وفجأة تم إغلاق قضية قتل "جون كنيدي" وقضية "أسرته" و" مسلسل مرض وموت " قاتل من قتل كنيدي"، وهذا يدل على أن الديمقراطية التي يزعمونها مجرد سراب تتحكم بها" وكالة المخابرات الأمريكية سي.آي.إيه (cia)، والسبب في قتل الرئيس " كنيدي" أنه خرج بقرارات تتصادم مع أصحاب القرار الحاكم في أمريكا" الصهيونية- ووكالة المخابرات الأمريكية سي.آي.إيه (cia)".
المحور الثاني غياب العدل في أمريكا، ويتلخص فيما يلي :
أولاً : عامة القضاة الأمريكان مشهورون باستلام الرشاوي، فالعدل في أمريكا خاص بالأثرياء فمن يدفع أكثر يصدر الحكم لصالحه ولو كان مبطلاً، ولعلكم سمعتم برشاوي الرئيس السابق الثري " بيل كلنتون" مؤخراً وكذا رشاوي "هيلاري"، والتي ضجت بها الصحف الأمريكية وصدرت الأحكام كلها لصالحهما بسبب الرشوة دون أن تعمل الدولة أي حل لهذه لمعضلة الرشاوي.
ثانياً : عامة القضاة عنصريون ضد المسلمين والعرب والسود وضد الهنود الحمر.
اتصلت منذ أيام بأحد أصدقائي العرب المولود والمتجنس بالجنسية الأمريكية، وقال لي بأنه من عام 2006م حتى اليوم 2017م يتابع قضية ضم ابنته له لأنه متزوج أمريكية ومعه منها بنت، وقال رغم أن المواد القانونية معي ولصالحي إلا أن القاضي ضدي ويحكم ضدي لأني مسلم، فقلت له اطعن في حكم القاضي واستأنف فقال: لو رفعتها للقاضي الفدرالي فأحتاج حوالي خمسين ألف دولار أتعاب ومحاماة، وقد يكون القاضي الفدرالي عنصرياً فأخسر القضية أيضاً.
فقلت له وأين العدل الذي نسمعه بأمريكا فقال : لا يوجد عدل إلا في أمور عادية وبسيطة، وأحياناً قد يحلون قضية كبيرة من بين ألف قضية ويتبجحون بها عبر وسائل الاعلام كما حصل في قضية المدرسة الاسلامية التي رفض الوالي منحهم ترخيصاً لها فخسروا الكثير ودفعوا مبالغ طائلة للمحاميين حتى عوضتهم الدولة بعشرين مليون دولار، ومنها قضية والي مرتشي كثرت منه الشكاوي فسجنوه واشتهرت قضيته، لكن هذا نادر فالقضاة والولاة بأمريكا كلهم أهل رشوة وظلم والدولة تعلم وللأسف لا تعاقبهم ولا تحاكمهم.
المحور الثالث : القضاء على الشعب الأمريكي بسبب الحريات المطلقة التي تتصادم مع الفطرة والعقل والأديان:
فالديمقراطية نظام الحرية الاباحية المطلقة غير المنضبطة مما جعل أمريكا تعيش في وحل الظلام والضياع، فكل ساعة - كما جاء في تقارير المراقبة بأمريكا - يموت شخص بأمريكا بسبب سائق مخمور، وخمسون ألف قتيل يموت بأمريكا سنوياً بسبب التدخين، وأربعة آلاف مراهق يومياً ينضم لتعداد المدخنين، و40% من مواليد أمريكا من نساء غير متزوجات، والانتحار في أمريكا أكثر من القتل، وأكبر نسبة اغتصاب للأطفال والفتيات في العالم بأمريكا، وواحد من كل خمسة وعشرين مراهقاً أمريكياً حاول الانتحار، وثمانية وأربعين حالة طلاق كل ساعة بسبب الصداقات والعشق وإباحة الزنا والشذوذ الجنسي.
ولذا يمر الشعب الأمريكي في حالة تفكك اجتماعي كبير بسبب بعدهم عن ثلاثة أمور وهي : الدين الصحيح والقيم والأخلاق لأن الدولة تحارب هذه الأمور الثلاثة، فنتج عن ذلك ثلاثة نتائج وهي : الهزيمة النفسية واليأس من الحياة وهاتان النتيجتان واقعتان في الشعب الأمريكي بسبب الحريات المنافية للعقل والفطرة والدين، ثم النتيجة الثالثة وهي : الانهيار، فأمريكا وشعبها اليوم في مستنقع الانهيار الذي أوشك أن يقضي على أمريكا وشعبها، لأنها بلغت ذروة الطغيان والانحلال والظلم والفساد الاداري والأخلاقي.
يقول ليو شتراوس : " الديموقراطية القائلة بالمساواة بين البشر وبنسبية القيم لا ينتج عنها سوى ثقافة جماهيرية منحلة".
وهذا هو واقع الديمقراطية التي أفسدت الشعب الأمريكي بالإباحية والرذيلة، بل أفسدت شعوب العالم.
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
وللكلام بقية نستأنفه في لقاء قادم بإذن الله.
أهم المصادر :
1-كوكبرن و جيفرى سانت كلير – كتاب التحالف الاسود - وكالة المخابرات الامريكية والمخدرات والصحافة.
2-هنري أ. كرامبتون – كتاب فن التجسّس الجهاز الخفي لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية(السي آي ايه).
3- أكسيس دي توكفيل – كتاب الديمقراطية في أمريكا - تلخيص وتعليق: عبد الله الهرامة
4- د. رأفت غنيمي – كتاب أمريكا والعالم في التاريخ الحديث والمعاصر- طبعة عين للدراسات والبحوث الإنسانية.
5-جاي باريني - ارض الميعاد - ثلاثة عشر كتابا غيرت امريكا - الدار الدولية باللغتين العربية والانجليزية.
6-مجموع صحف ومجلات ومواقع عربية وأجنبية.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 07-14-2017, 03:09 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي الديمقراطية الأمريكية والانهيار المحتوم

الديمقراطية الأمريكية والانهيار المحتوم
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (14)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني.

تمتلك أمريكا قنابل هيدروجينية قوتها تفوق قنبلة هوروشيما بمائة مرة، ووجود مثل هذه القنابل بحوزة أمريكا يهدد أمريكا في حال انفجارها خارج المخابئ الأرضية، فما بالكم لو انفجرت المفاعلات النووية بأمريكا بنوعيها الاندماجي والتجميعي؟! فإنها ستؤدي إلى القضاء على الشعب والوطن الأمريكي.
فإذا كانت القنبلتان الذريتان اللتان رماهما الطيران الأمريكي إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية على مدينتي " هيروشيما وناغاساكي" اليابانيتين قد قتلتا " مائتي ألف وعشرين ألفاً " وشلت الحياة برمتها من مدينتي " هيروشيما وناغاساكي" وليس هذا العدد فقط هو الذي مات من البشر في اليابان، بل هناك قتلى آخرون بسبب هاتين القنبلتين ماتوا في السنوات المتلاحقة، وقد بلغ عددهم ما يقرب من " أربعمائة ألف وأربعين ألف قتيل " بسبب التسمم الإشعاعي الحاد الذي تبخر في الهواء ولامس الطبيعة حتى أثر على صحة البشر باليابان، وبالمقارنة لآثاره المتلاحقة حتى عام 2016م وصل الضحايا بسبب التسمم الإشعاعي والأمراض الوراثية بسبب القنبلتين لأكثر من نصف مليون ياباني، وهذه القنبلة الذرية تعادل واحداً بالمائة من قوة القنابل الهيدروجينية، فما بالكم لو انفجرت بأمريكا قنبلة أو قنابل هيدروجينية أو جربتها أمريكا على قارة أو دولة كبيرة؟!!، وهل امتلاك مثل هذه الاسلحة المدمرة يحافظ على استقرار وأمن وسلام الدول أم يتنافى معها؟!
إذن أين هي مبادئ الديمقراطية المزعومة؟!
لقد تبجحت أمريكا بالنظام الديمقراطي المزيف بداخل أمريكا وخارج أمريكا وأنه نظام حر يقوم على أساس انتخاب شعبي حر ، فصدقهم الغوغائيون خارج أمريكا وصفقوا لهم، وهذه كلها لعب على العقول المخدرة بثقافة الغرب التي لا تحب أن تفهم ما يدور حولها، أما الشخصيات العميلة للغرب بشقيه الأمريكي والأوربي فلا نعول على نقدها، لأن من باع ضميره فرخيص عليه أن يبيع دينه ووطنه بدولارات معدودة.
ثم لا يتبجح أحد بالديمقراطية وأنها حرة لكل أبناء الشعب في أمريكا، فهذا من التخرص كما أسلفت في عدة مقالات من هذه الدراسة، فإن الانتخابات البرلمانية والرئاسية بأمريكا لا يستطيع أن يخوضها أي شخص بل لا بد فيها من ميزانية مالية تصل لمئات الملايين الدولارات لأجل أن ينجح المترشح، فهل هذه هي الانتخابات الحرة النزيهة التي لا يستطيع البسطاء والميسورون خوضها أو الترشيح لها؟!! بل هناك رشاوي بعشرات وربما مئات الملايين لكي يتنازل بعض المرشحين، وفي نهاية المطاف لا ينجح في الغالب بالانتخابات الرئاسية أو البرلمانية بأمريكا سوى شخص مدعوم أو له صلة وعلاقة بعائلة " روتشيلد " اليهودية الصهيونية التي تمتلك في الجملة المصرف المركزي الأمريكي وهي التي تتحكم باقتصاد أمريكا، وتمتلك نصف اقتصاد العالم، فأمريكا لا تمتلك بنكاً مركزياً، وإنما تقترض من البنك المركزي الذي هو ملك عائلة " روتشيلد " التي تسيطر على 90% من الاحتياطي الفيدرالي الامريكي، وقد اتفق كبار السياسيين وكبار المؤرخين والاقتصاديين الغربيين والشرقيين في العالم أن من يملك المال هو الذي يحكم، لأن مالك المال سيملك القوة بماله، هكذا هي المعادلة عندهم.
إذن أين هي الديمقراطية الخيالية؟
لا توجد سوى زوبعة ديمقراطية، والأصل أن نسميها الديمقراطية الدكتاتورية، هكذا سماها عقلاء الغرب، وقالوا هي نسيج من الخيال، وقالوا : الديمقراطية لا توجد على وجه الأرض :
يقول جون آر برادلي : " إن الديمقراطية المثالية لا وجود لها على أرض الواقع في أي مكان، ولن يكون لها وجود مطلقًاً".
ويقول أنا : " الديمقراطية هي الدكتاتورية بشكل متطور وحديث.
إن أمريكا بزيفها الديمقراطي وتسلطها الجبروتي على العالم بقوة السلاح والنفاق سيوصلها إلى الدمار والانهيار، وهذه هي سنة الله لكل من تجبر وتسلط وظلم، وقد بدأت أمريكا في الانهيار والسقوط، ومن المؤشرات على ذلك ما يلي :
أولاً : كانت أمريكا عام 1980م أكبر دولة دائنة في العالم، واليوم من هذا العام 2017م أصبحت أمريكا أكبر دولة عليها ديون في العالم، حيث بلغت ديونها اليوم قرابة ثمانية عشر تريليون دولار، وتدفع عليها فوائد سنوية تقدر بـ 526 مليار دولار، وتزيد هذه الديون الربوية وغير الربوية على مدار الساعة، وبسبب هذه الضغوط قررت أمريكا رفع الضرائب على الشعب في أمريكا وخارجها دون أن تلتفت لظروف الناس وواقعهم مما اضطر ألوفاً من الأمريكان أن يتخلوا عن الجنسية الأمريكية، وصار التخلي عن الجنسية الأمريكية في تزايد وخاصة في الآونة الأخيرة، بل فرضت الضرائب العالية على الأمريكان في الخارج والذين لا يقل عددهم عن سبعة مليون ونصف، وضغطت على كل البنوك في الداخل والخارج بكشف أرصدة أي أمريكي لأجل إلزامه بدفع ضريبة سنوية.
ثانياً : تذبذبت أمريكا وعجزت عن علاج قضايا ومشاكل أرهقت اقتصادها المالي وأوصلته إلى الحضيض ومن أشهر ذلك :
1-مشكلة توظيف كل أبناء أمريكا.
2-مشكلة التجنيس.
3-مشكلة من تقاعد عن العمل.
4-مشكلة توسع المرافق الحكومية.
5-مشكلة ميزانية الأحزاب بداخل أمريكا وخارجها من الأحزاب العميلة في العالم.
6-مشكلة ميزانية موظفي الدولة.
7-مشكلة ميزانية المحافظة على سباق التسلح.
8-مشكلة الحروب خارج أمريكا.
9-مشكلة ميزانية الاستخبارات الأمريكية المتجسسة على دول العالم.
10-ميزانية القواعد العسكرية في دول خارجية كثيرة، حيث تنتشر القواعد العسكرية الأميركية في مائة وثلاثين دولة حول العالم.
وهذه كلها تفوق قدرة الحكومة الأمريكية مادياً، فقد عجزت عن تلبية كل الاحتياجات المادية لتلكم المشاكل التي سبق ذكرها، وهذا ما اضطرها ويضطرها لكثرة الديون ورفع نسبة القرض الربوي وفرض الضرائب العالية، واستغلال خيرات بلادنا العربية وخصوصاً منطقة " الخليج " باعتبارها أغنى منطقة في الوطن العربي.
ثالثاً : تلعب الصهيونية العالمية والماسونية بقرارات أمريكا مالياً واقتصاديا مع استغلالها لجعلها سيف الفساد والتسلط العالمي مما أدى إلى ضعف ميزانيتها المالية وكره العالم لها، ومن أهم هذه القرارات :
أ. زرع التعددية الديمقراطية الحزبية في دول العالم لكي تتناحر الشعوب على السلطة ويتقاتلوا، ثم تدعم أمريكا وحلفاؤها الغرب عامة هذه الأحزاب بحيث تقسم الأدوار بينها كدول عدائية ديمقراطية داعمة، لتوهم كل حزب أنها معه مقابل أن يكون لها عميلاً، ثم تضغط على الأحزاب أن تعلن ولاءها لها، لتظهر الديمقراطية وأمريكا بالوجه الحسن في الدولة الفلانية.
ب. اشتروا ذمم بعض القيادات الموالية لهم في الجيوش والأحزاب السياسية لزعزعة أمن واستقرار دول شعوب العالم، وذلك لعمل الانقلابات على رؤساء الدول وخاصة الدول الاسلامية والعربية والدول الأخرى التي بينها وبين أمريكا تسابق في السلاح ككوريا الشمالية وروسيا والصين وبعض دول أوربا.
ب. أسس الأمريكان في البلاد الاسلامية ومناطق الأقليات الإسلامية مجموعة من المنظمات والجمعيات التبشيرية والمشبوهة تحت إشراف الصهيونية العالمية لنشر الرذيلة، و إبعاد الناس عن دينهم.
ج. دعمت أمريكا الجماعات الإرهابية في العالم لتشويه سمعة الاسلام أو للانتقام من بعض أعدائها غير المسلمين كما صرحت مصادر وجهات رسمية عالمية تدينهم لخلخلة أمن واستقرار دول عالمية كثيرة.
وهكذا ينفقون هذه المليارات لمحاربة الشعوب واضعافها والتسلط عليها ومحاربة كل فضيلة، ومن كان بهذا الطغيان فإن نهايته الانهيار والسقوط.
قال الله تعالى : " "إن الذي كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون".
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
أهم المصادر :
1-كوكبرن و جيفرى سانت كلير – كتاب التحالف الاسود - وكالة المخابرات الامريكية والمخدرات والصحافة.
2-هنري أ. كرامبتون – كتاب فن التجسّس الجهاز الخفي لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية(السي آي ايه).
3- أكسيس دي توكفيل – كتاب الديمقراطية في أمريكا - تلخيص وتعليق: عبد الله الهرامة
4- د. رأفت غنيمي – كتاب أمريكا والعالم في التاريخ الحديث والمعاصر- طبعة عين للدراسات والبحوث الإنسانية.
5-جاي باريني - ارض الميعاد - ثلاثة عشر كتابا غيرت امريكا - الدار الدولية باللغتين العربية والانجليزية.
6-مجموع صحف ومجلات ومواقع عربية وأجنبية.
7- دارن اسيموجلو وجيمس روبنسون - لماذا تفشل الأمم أصول السلطة والازدهار والفقر - الدار الدولية.
8- ليزلي جيلب - قواعد القوة ، كيف يمكن للتفكير البديهي انقاذ السياسة الخارجية الامريكية؟ - طبعة الأهرام.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 07-19-2017, 10:25 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي الموقف الشرعي من الديمقراطية في حال فرضها على الشعب

الموقف الشرعي من الديمقراطية
في حال فرضها على الشعب
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (15)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني.
تكلمت سابقاً عن "الديمقراطية" من خلال 14 مقالاً وبينت حقيقتها وزيفها في البلدان العربية والغربية وخاصة في أمريكا، وذكرت أنها لعبة بيد الغرب لفرضها على الشعوب تحت شماعة " الحرية والعدل والمساواة والأمن والاستقرار والعيش الرغيد" هكذا زعموا ، وذكرت زيف ذلك من حيث الحقيقة والمضمون، مع سرد جملة من الأمثلة الواقعية التي تؤكد زيفها باعتراف الغرب أنفسهم، ناهيك عن واقعها السئ المشاهد على المستوى العربي والدولي، مبيناً كل ذلك في عامة تلكم المقالات التي تجاوزت صفحاتها " 80 صفحة a4"، وتحمل الاسماء التالية :
1 - الاسلام والديمقراطية وزوبعة الغوغائية، 2 - مناقشة هادئة حول الديمقراطية مع المثقفين العصريين،3 - تصحيح مفاهيم حول الديمقراطية وثورات الربيع العربي،4 - حوارات متجددة وتصحيح مفاهيم حول الديمقراطية،5 - تاريخ أمريكا والنظام الديمقراطي فيها،6 - هل النظام الديمقراطي نظام عادل؟ أحداث الحرب العالمية الثانية أنموذجاً،7 - الديمقراطية وثورات الربيع العربي، مصر أنموذجاً،8 - الديمقراطية وتركيا (١)،9 - الديمقراطية وتركيا (2) حقائق مغيبة،10 - الديمقراطية والرئيس الأمريكي،11 - الديمقراطية والتحالفات العربية مع أمريكا،12 - ديمقراطية المساواة في أمريكا،13 - ديمقراطية الأمن والعدالة في أمريكا،14 - الديمقراطية الأمريكية والانهيار المحتوم.
وفي هذا اللقاء سأشرع في الحديث عن " الموقف الشرعي من الديمقراطية
في حال فرضها على الشعب" وفقاً لقواعد الاسلام، وقد دفعني إلى كتابة هذا المقال ما تلقيته من الجمهور من خلال مجموعة كثيرة من التساؤلات المتكررة والتي تصب في قالب واحد وهو : ما الحل إذا فرضت علينا الديمقراطية في بلادنا الاسلامية، هل نتركها لأنها مزيفة، وبالتالي يستغلها الأعداء لإفساد الوطن والشعب وتغريب الأمة، وما البديل؟
هكذا تكرر السؤال علي في مجالس علمية، ومجالس عزومات الضيافة ومن خلال صفحات التواصل الاجتماعي.
إذن نحن الآن أمام الجواب الذي لا بد منه، فأقول وبالله التوفيق : يكاد جوابي على هذا السؤال قد تم من خلال مجموعة تسجيلات صوتية، ومجموعة كتب ومقالات كتبتها، لو ضم بعضها مع بعض لاستخرجنا منها جواباً كافياً شافياً على السؤال المتقدم، لذا ألخص الجواب في التالي :
أولاً : يجب على المسلم أن يعتقد أن النظام الاسلامي هو الحل وأن غير النظام الاسلامي لن يكون حلا ولا بديلاً، وذلك أن النظام الاسلامي نظام إلهي قائم على الحكم بما أنزل الله وفقاً لأدلة الكتاب والسنة، وهو نظام لا يتخلله خطأ لأن نسبة الخطأ للنظام الاسلامي الإلهي طعن في حكم الله المتمثل بالكتاب والسنة، وأما النظام الديمقراطي فهو نظام بشري من صنيع اليونان غير المسلمين، وأحكامه تتغير وتتبدل حسب ما تراه عقول البشر المنتخبين في مجالس البرلمان، فالحلال والحرام في النظام الديمقراطي ما أحله وحرمه البرلمان المكون من المخلوقين الضعفاء الذين اختارهم الشعب سواء كانوا صالحين أو فاسدين، مسلمين أو غير مسلمين، فلهم الحق او لبعضهم في ظل النظام الديمقراطي التصويت على جواز كل المحرمات وكل شئ يتصادم مع النظام الرباني السماوي، بخلاف النظام الاسلامي فلا تصويت فيه بل طاعة واتباع لكتاب الله وسنة رسوله في جميع الأحكام، لأنه نظام اختاره رب البشر لعباده الضعفاء البشر.
قال الله تعالى : " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ".
وقال تعالى : " وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا".
ثانياً : ينبغي للمسلمين أن يعلموا أنه لن يصلح هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فإن الاسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء.
ثالثاً : أن صلاح السلطة لا يحتاج أن نتصارع عليها، وإنما يتم بالسعي الحثيث لإصلاح من في السلطة من خلال نصح السلطان ووزرائه ومن كان على هرم السلطة نصحاً فيه الشفقة والرحمة للمنصوح، وتكون النصيحة بالعلم مع الحلم بعيداً عن نقد السلطان أمام الملأ، فإن السلطان الغشوم لم يقم سلطانه إلا بالسيف ولا زال يحرسه بالسيف، فحفاظاً على سلامة الدماء والبعد عن بطشه لزمت نصيحته في السر، وذلك للتأثير عليه درء للمفاسد وجلباً للمصالح.
أخرج الإمام أحمد في مسنده عن عياض بن غنم رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر فلا يبده علانية، وليأخذه بيده، فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدَّى الذي عليه".
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:" قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلمه؟ فقال: أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟! والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من فتحه".
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال: »إن كنت فاعلاً ولابد ففيما بينك وبينه" ذكره ابن رجب ، في جامع العلوم والحكم (ص83). والأثر أخرجه بمعناه البيهقي في " شعب الإيمان" (10/73 رقم 7186).
ولذا فحديث أبي سعيد الخدري الذي يقول فيه كما في سنن ابن ماجه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر"، يؤكد نصيحة السر بقوله: "عند سلطان جائر"، ولم يقل: "عند العامة وعلى المنابر وفي الصحف ووسائل الاعلام ونحوها" لأن مثل ذلك لم نر منه سوى المفاسد والدماء وتفلت الأمن وظهور الفساد منذ القدم حتى الساعة.
فإذا علمت ما تقدم فاعلم أن الديمقراطية إذا فُرضت على المسلمين في دولتهم، فإنه يلزمك دفع ما استطعت من شرورها وتقليل مفاسدها وتفويت الفرصة على من جعلها وسيلة لإفساد الأمة، وذلك من خلال عدة محاور :
المحور الأول، الوظيفة في الدولة :
حيث ينبغي للصالحين والفضلاء العمل في المؤسسات الحكومية سواء كانت حكومات إسلامية أو غير إسلامية، وهذا أمر مطلوب لمن كان ورعاً وأهلاً لذلك، إذ الصالح أولى من غيره، عسى الله أن يصلح وينفع بمثله العباد والبلاد إذا أخلص في وظيفته الحكومية وأقام من خلالها الشرع المطهر، فقد تولى نبي الله يوسف منصب عزيز مصر، وقال لمليكها – وهو كافر على الراجح -:(اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْض إنِّي حِفِيظٌ عَلِيم)[يوسف:٥٥].
بل لو خالط الوظيفة الحكومية أثناء عمله شيء من المخالفات الشرعية فله أن يبقى في عمله متى ترجحت المصلحة على المفسدة، وقد نصت القاعدة الفقهية على : " أنها لو اجتمعت مفسدتان روعي أعظمهما بارتكاب أخفهما"، وأيضاً "أن الأخذ بأعظم المصلحتين جائز عند دفع أعظم المفسدتين"، وكذلك قاعدة " ارتكاب أخف الضررين للتخلص من أشدهما".
قال ابن تيمية: " بل لو كانت الولاية غير واجبة، وهي مشتملة على ظلم؛ ومن تولاها أقام الظلم، حتى تولاها شخص قصده بذلك تخفيف الظلم فيها، ودفع أكثر باحتمال أيسره : كان ذلك حسناً مع هذه النية، وكان فعله لما يفعله من السيئة بنية دفع ما هو أشد منها جيداً(6)".
المحور الثاني : خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
فقد سبق أن قلت : إن الأصل في الانتخابات الديمقراطية الحرمة لأنها نظام ديمقراطي مستحدث يتعارض مع نصوص الشريعة السمحة إلا أننا نستثني ونقول : إذا كانت لمصلحة راجحة فتكون الفتوى فيها بمحضر مجموعة من كبار العلماء حسب كل بلدة بعد النظر في المصالح والمفاسد، فما دعت له الضرورة فإنه يقدَّر بقدره دون تعميم الفتوى لكل زمان ومكان؛ بل تختلف البلدان وأحوالها، فالعلماء في بلدهم يدرسون واقعهم على ضوء الشريعة ومقاصدها، ويصدرون الفتوى الشرعية بمحضر أهل الفتوى في بلدهم وفق قاعدة « درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني:« ونحن لا ننصح مسلماً أن يُرشّح نفسه في هذه الانتخابات في كل البلاد اليوم، لأن الحكومات لا تحكم بما أنزل الله ، لكن أنا أعلم أن هذا الرأي لا يقتنع به كثيرون من طلبة العلم ومن الدكاترة ومن كذا إلى آخره ، حينئذ سنرى في الساحة ناسا يرشحون أنفسهم من الإسلاميين ، سواء كانوا من هؤلاء أو هؤلاء أو هؤلاء، حينئذ يجب علينا أن نختار من هؤلاء الذين نزلوا في ساحة الانتخابات ، نختار منهم الأصلح ، ولا نفسح المجال لدخول الشيوعيين والبعثيين والدهريين والزنادقة ونحو ذلك » ([1]).
وبنحو ذلك، ما قاله الشيخ عبد المحسن العباد حيث قال :« إذا كان دخول المسلمين يرجح جانب الخير للمسلمين فيدخلون، وإذا كان دخولهم لا يقدم ولا يؤخر فإنهم لا يدخلون، وإذا كان دخولهم يسهم في إبعاد من هو شر وتحصيل من هو أقل شرّاً وأخف ضرراً، وحتى لو كان من الكفار أنفسهم كما في البلاد التي فيها أقلية مسلمة، ويكون الأمر دائراً بين كافرين، أحدهما: شديد الحقد على المسلمين متى وصل إلى السلطة إذا حال بينهم وبين القيام بعباداتهم على الوجه الذي ينبغي، والثاني: ليس كذلك – متسامح مع المسلمين، [و] ليس عنده حقد شديد عليهم، ومعلوم :أن الكفر درجات كما أن الإيمان درجات، الكفر يتفاوت [فيه] الكفار، والإيمان يتفاوت الناس فيه، فإذا كان الأمر بين اثنين، ودخول المسلمين يرجح ذلك الهين على المسلمين فلهم أن يدخلوا، وإذا كان دخولهم لا يقدم ولا يؤخر فليتركوه، فدخولهم ليس لاختيار خليفة، فإن هؤلاء الكفار متسلطون، لكن بعض الشر أهون من بعض، وارتكاب أخف الضررين للتخلص من أشدهما مطلوب، ومعلوم أن الله ذكر في القرآن فرح المسلمين بانتصار الروم على الفرس، والاثنان كفار، لكن لماذا يفرح المسلمون بانتصار الروم على الفرس؟ لأن هؤلاء مجوس كفرهم شديد وكفرهم عظيم ، وأعظم الكفر ناحية المشرق كما قال رسول الله [عليه الصلاة والسلام]، وملك الفرس مزق كتاب رسول الله لما جاء إليه ، وأما ملك الروم احتفظ بالكتاب، ففرق بين كافر شديد الكفر على المسلمين وكافر خفيف الضرر على المسلمين، فإذا كان دخولهم ينفع في تحصيل من هو أخف ضرراً فإنهم يدخلون ، وإذا كان دخولهم لا يقدم ولا يؤخر فإنهم يبتعدون » ([2])اهـ.
ولعلي بما تقدم قد أزلت الغواش الذي عشعش في أذهان بعض المشايخ الفضلاء الذين لم يدرسوا هذه المسألة دراسة فقهية أصولية متأنية وفقاً لأدلة الشرع المطهر القائم على قاعدة " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، وكذا قاعدة : " ارتكاب أخف الضررين للتخلص من أشدهما"، ومما لا يخفى أن الشريعة الإسلامية بكل أحكامها وأوامرها ونواهيها جاءت لتحقيق المصالح للعباد وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها، ولو كان في هذه الشريعة شيء خلاف المصلحة، لم يصح وصفها بأنها شريعة سمحة مطهرة.
ولا تفهموا من كلامي المتقدم أني أدعو المشايخ أن يرشحوا أنفسهم في الانتخابات فمقامهم أشرف وأعلى وعليهم أن يتفرغوا للدعوة وتعليم الناس الخير، وإنما يختار أفراد المجتمع الأصلح والأنفع للعباد والبلاد وفق ما تدعو له المصلحة، وتُدفع به المفسدة.
المحور الثالث : دور العلماء والدعاة المصلحين وإن اختلفوا.
سبق وأن قلت : إنه يجب على العلماء أن يكون لهم دور فعَّال مهما اختلفوا بحيث لا يستغل بعض المفسدين في الأنظمة أو المنظمات والاستخبارات الخارجية هذا الفراغ بتقويض دورهم، ويتلخص هذا الدور في التالي :
أولاً: إن غزا العدو بلداً من بلاد المسلمين اتفق جميع العلماء المختلفين – على اختلاف جماعاتهم – على وجوب دحر العدو.
ثانياً: إن رأى أحدهم المنكر اتفقوا جميعاً على إنكاره، وإن لزم الأمر لاجتماعهم كعلماء ودعاة مختلفين فلهم أن يجتمعوا على كلمة سواء، وليكونوا لجنة علماء – من الأطراف المختلفة في المنهج والمتفقة في إنكار المنكر – لتذهب للسلطان وتناصحه في إزالة هذا المنكر بالعلم واللين والحكمة.
ثالثاً: إن حصلت نكبة للمسلمين في أي بلد فلهم أن يتفقوا جميعاً في مساعدة إخوانهم المنكوبين من خلال أي جمعية موثوقة أو لجنة مشتركة من الأطراف المختلفة في المنهج والمتفقة لنصرة إخوانهم المسلمين.
رابعاً: لنفرض مَرِضَ داعية أو شخص من أي جماعة أو فئة كانت ، فمن حقه على إخوانه المسلمين زيارته للتخفيف عنه مع استغلال الحدث للنصيحة الملائمة؛ كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام مع ابن اليهودي، فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: «أسلم». فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطع أبا القاسم: فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:« الحمد الذي أنقذه من النار».
خامساً : لو ظهر ظلم على أي مسلم من آخر حاكماً كان أو محكوماً لزم جميع المختلفين أن يقفوا يداً واحدة ضد الظالم بحيث يعالجون الظلم بالحكمة والروية بعيداً عن مفاسد أعظم من رفع الظلم.
سادساً : السعي لدعوة الأمة للالتفاف حول علمائها.
حيث يلزم الجميع أن يرجعوا لكبار علمائهم لأخذ المشورة والفتوى في العارضة أو النازلة أو الفتوى الشرعية المنصوص عليها.
وقد ذكر الله ذلك في قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء:83].
وقال تعالى : " " فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" [النحل:43]، وقد ثبت في الحديث: «فإنما شفاء العِي السؤال» [أخرجه أبو داود في سننه من حديث جابر]، ومعنى العِي: بكسر العين الجهل.

قال شيخنا صالح الفوزان: «يرد إلى الرسول إليه صلى الله عليه وسلم في حياته وإلى سنته بعد وفاته ( وإلى أولي الأمر) وهم أهل العلم وأهل السياسة والعقل، ولاة الأمور فيحلون هذه المشاكل ويضعون لها الحلول الناجحة بإذن الله عز وجل، هذا هو طريق الحل في هذه المسألة، ويتولى ذلك أهل العلم وأهل الرأي من الرعية – أهل الرأي والبصيرة والعقول – ما هو بالفوضى والدهماء»([3]).
سابعاً : قيام العلماء الربانيين المصلحين الغيورين بدورهم لجمع الكلمة، ووحدة الصف، لإصلاح مواطن الخلاف بين الأطراف العلمية والجماعات المختلفة في الساحة وفقاً للكتاب والسنة حتى لا يكونوا لقمة سائغة للعدو، وحتى نفوت الفرصة على المغرضين والمفسدين([4]).
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: «أنا أريد بالحركة العلمية أن يكون هناك من العلماء الموثوقين والمرضيين من الجانبين، يجمعون هؤلاء ويتكلمون معهم، والشباب إذا نُمّوا على هذا سيكونون غداً رجالاً ويديرون دفة الأمة، فإذا تربوا على هذا الخلاف وهذه البغضاء وهذه الكراهة حصل شرٌّ عظيم»([5]).
ثامناً : ينبغي لعلماء أهل السنة وكذا دعاة الحركات الاسلامية التي هي أقرب للسنة أن يكون لهم اجتماع دوري في كل بلدة ولو في السنة مرة أو مرتين، ومهمة هذا الاجتماع مناقشة أحوال ومشاكل الشعب والوطن والخروج بمجموعة توصيات يشرف على تنفيذها لجنة من الأطراف المجتمعة أو ممن ترشحهم من غير المجتمعين، ومن أهم أعمالها مناقشة الخلافات والسعي لتخفيف حدتها وعمل جدولة مزمنة ومرتبة لزيارة السلطان والمحافظين والمدراء وقيادات الأحزاب السياسية وبقية موظفي الدولة وغير موظفي الدولة من الأعيان والتجار ونحوهم بغرض النصح وتصحيح الأخطاء بالحكمة والعلم واللين، ويتم تحديد اسماء الزائرين في كل زيارة من خلال هذه اللجنة التي يتفرع عنها عشرات اللجان في عموم المحافظات والمدن، ولن تكون هذه وظيفة مشغلة للعلماء عن الدعوة والتدريس والتأليف لأن الأدوار مقسمة ومرتبة، ولأن هيكلتها إدارية يقوم بترتيبها والاشراف عليها موظفون إداريون تخضع إدارتهم لتعليمات وتوصيات اللجنة العلمية الأم التي تكونت من العلماء في الاجتماع الدوري"، بعيداً عن البيعة والتحزب، وإنما تعاون وفق الكتاب والسنة في حدود المتفق عليه درءا للمفاسد وجلباً للمصالح، ولا مانع من وجود لوائح إدارية لا تتنافي مع الشرع لأجل تنظيم الادارة ومراقبة سير عملها وفقاً للمهام المنوطة.
ومتى كان العلماء والدعاة عقلاء حكماء هابهم الملوك والرؤساء وغيرهم، فإذا تفرقوا وتنافروا وتدابروا فلن يهابهم أحد، بل ستسقط هيبتهم وثقتهم لدى عوام المجتمع فضلاً عن طبقة المتعلمين، وهذه عادة قديمة، يعرفها كل من قرأ تاريخ الأوائل وأدرك أحوالهم، ولكن بعض الفضلاء لا يعقلون.
المحور الرابع : الدور الحزبي.
وسأعلق على هذا الدور من باب زيادة التوضيح وإلا فالأصل أن المحاور الثلاثة السابقة في ظل النظام الديمقراطي وغيره من الأنظمة الوضعية تغني الأمة المرحومة عن الحديث عن الكلام حول " الأحزاب السياسية "، فأقول :
لا شك أن الدور الحزبي في ظل النظام الديمقراطي وغيره من الأنظمة الوضعية من أخطر الأدوار وأضرها على الشعب والوطن والحياة السياسية، وذلك أن الحزب السياسي بضاعة تتصادم مع الشريعة الاسلامية، وإن ألبسه الديمقراطيون لباس العروس وقالوا عنه : " إنه تنافس شريف يقدم فيه كل حزب ما لديه من البرامج الاصلاحية دون إحداث بلبلة وفوضى تخل بالنظام العام" وطبعاً هذا مجرد كلام لم نجده في الواقع الملموس ولا حتى في دول العالم الغربي المتقدم، بل الموجود هو عكس ذلك تماماً، ولعلكم شاهدتم وتشاهدون من خلال وسائل الاعلام الدول الكبرى مثل روسيا وأمريكا وألمانيا وغيرها ومثلها الدول العربية ذات الأنظمة الديمقراطية، حيث يتكرر فيها تصادم الأحزاب مع بعضها ببعض، فتتطور إلى اتهامات تصل إلى تصفيات لبعض القادة عبر المافيا عند الغرب أو عبر عصابات وجهات مجهولة عند العرب.
والحاصل : أن الحزب السياسي يتأسس وفق النظام الديمقراطي بموجب اتفاق مجموعة من مواطني الدولة على مجموعة أفكار ومعتقدات (إيديولوجية) ورؤى برامجية بهدف الوصول إلى السلطة، فيكون في الدولة أكثر من عشرة أحزاب أو عشرين أو أكثر، وكلها أحزاب متفرقة تتناحر لأجل الوصول إلى السلطة، وهذا عين التفرق والتحزب الذي نهى عنه الشرع الحكيم، ويكمن دورها السياسي في تقديم البرامج السياسية التي تخضع للانتخاب الشعبي فإذا فاز برنامجه في التصويت فإن الحكومة تدرجه في مشروعها، ومن أدوار الأحزاب السياسية حق الاعتراض على السلطة وتبني مقترحات بديلة، وكل حزب يقترح البديل وفق توجهه الحزبي ويسميها " اصلاحات" وقد لا تكون اصلاحات حقيقية، وعادة ما تكون اصلاحات تخدم الحزب بالدرجة الأولى، وقد قال " جون بانوا " في تعريف الحزب السياسي بأنه : تجمع منظم بقصد المساهمة في تسيير المؤسسات و الوصول إلى السلطة السياسية العليا في الدولة لتطبيق برنامجه في الدولة وتحقيق مصالح أعضائه"، وهذا ما عليه جمهور الغربيين في أن مصلحة الحزب وأعضائه في الواقع فوق مصلحة الشعب، ولا يكون اقتراحه وبديله ملزماً لكنه في العادة يحدث فوضى وبلبلة في الحياة السياسية من قبل المعارضين، لأن كل حزب يدعي أنه النزيه والبطل العظيم، وهذه المنافسات والاعتراضات والتصادمات بين الأحزاب تعرض الوطن والشعب إلى مزيد من التذبذب والتقهقر وخاصة إذا كان هذا الحزب ممولاً من الخارج ليؤدي رسالة العمالة للخارج، وما أكثر هذا النوع الحزبي في بلادنا العربية من خلال السفارات الأجنبية أو العربية المعادية لدولة ما، ومن أدواره خوض الانتخابات البرلمانية بحيث يمثله في البرلمان شخصيات تتكلم وتقترح وتنافس باسم الحزب، فإذا كانت أغلبية الأصوات له فإنه مرشح لقيادة البرلمان والحكومة، ومن أدواره السعي لجمع منتميين جدد وتثقيفهم بهدف الانتماء للحزب، وقد يصل بالمنافسة في الانتخابات الرئاسية إلى تولي رئاسة السلطة، فيكون هذا الحزب هو " الحزب الحاكم".
والمتأمل في هذا المحور الحزبي يجد أن هذا النوع من التعددية الحزبية بضاعة عفنة تمزق الصف وتشتت المجتمع وتخلق الأفكار المتعددة المنافية للدين، فتجعله عبارة عن شعب متناحر في أي لحظة يمكن أن يولد انفجاراً شعبياً يتحول إلى تصفية قتالية بين قادة الأحزاب ثم إلى حرب أهلية سياسية تقضي على انسجام الشعب واتحاد أواصره.
لأن قادة هذه الأحزاب وللأسف تبنوا النفاق والمراوغة والخداع والسعي لنصرة الحزب دون أن ينظروا لمصلحة الشعب والوطن، ولذا انتهت الأحزاب السياسية المعارضة للحكم في البلاد العربية بأن قامت بثورات الربيع العربي ضد حزب السلطة الحاكم ومن معه من الأحزاب، مستخدمين الشعوب المسكينة التي لا تعرف خطر هذا المخطط ولا مصادره، وانتهت هذه الثورات بتفكك المجتمع وسفك دمه وخراب وطنه مع مزيد من الفقر والتقهقر، وهذه النتيجة هي : ما أراده أعداؤنا، فقد تحقق ما أرادوه بأيدينا.
وقد خاضت بعض الحركات الاسلامية معترك تجربة التعددية الحزبية وكانت مشاركة في الخطأ كغيرها من الأحزاب غير الاسلامية التي لم تتميز بالتصفية والتربية، ولو أنها اكتفت بالمحاور الثلاثة المتقدمة لكانت جهة صالحة ومصلحة ونافعة وإيجابية، ولكن لله في خلقه شؤون.
ثم المتأمل اليوم بعين البصر والبصيرة يجد أن مشاركة الاسلاميين في كل البلاد العربية أدت إلى اتهامهم بالإرهاب والسجن ومنعهم من الحياة السياسية وتأليب الشعوب عليهم حتى تضرر العلماء والدعاة الذين لا علاقة لهم بهذه الجماعات والتنظيمات الاسلامية بسبب خوض هذا المعترك، بينما من تحالفوا معهم من الأحزاب غير الاسلامية لم تُوجه لهم أي تهمة من الأعداء، وهنا يبين السر في أن الأعداء لا يريدون "إسلاماً" بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبتها الحركات الاسلامية مما يتصادم مع الشرع المطهر.
نعم هناك دول عربية وخليجية عُرف ملوكها وأمراؤها بالدهاء واحتواء الاسلاميين بطرق ذكية، ولذا فيها أحزاب اسلامية سياسية لم تُطارد ولم تُمنع من مواصلة الحياة السياسية الحزبية إلا أن هناك إشارات وأصابع اتهام تلاحقهم، ولذا لم يأت دورهم بعد، لأن تطبيق الخطط والبرامج الغربية يمر بمراحل متدرجة وإن طال الزمن، فالآن نسمع عوي الذئاب وغداً هجومها، فاقدروا للأمر قدره.
وقد يقول قائل : في حالة عدم مشاركتنا في التعددية الحزبية فإننا لن نصل للسلطة في ظل النظام الديمقراطي المفروض من الحاكم، فما الحل؟
فالجواب وقد تكرر : أن الاسلاميين لما شاركوا في التعددية الحزبية فشلت تجربتهم لعدة أسباب يطول ذكرها، وقد أشرنا إلى ذلك في أكثر من مقال وجلسة، ومن هذه الأسباب أن أعداء الله جروهم للتحزب ليفشلوهم أمام الشعوب ويجعلوهم من ضمن الأسباب التي كانت سبباً لسفك الدماء وخراب الأوطان وقد فعلوا، لأن الغرب بشقيه الأمريكي والأوربي وكذلك بقية الأعداء لا يريدون للمسلمين خيراً، فهذا البحر الحزبي الذي خضتوه أيها الاسلاميون أوقعكم في الغرق فلم تنجحوا، ولم تفلحوا، بسبب أنه معترك يتصادم مع الدين وبسبب قصوركم وبعدكم عن الضوابط الشرعية، وكذا بعدكم عن مشاورة كبار علماء الأمة، و بسبب كثرة أعدائكم.
إذن الحصيلة الأخيرة أنكم فشلتم، وقد تكررت هذه التجربة مرات ومرات دون أن تحقق نجاحاً ملموساً خلال تسعين سنة من تجاربكم المتكررة حتى اليوم، وهذا يعني أن الحل يكمن في الأخذ بقول نبيكم عليه الصلاة والسلام للصحابة : " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ " ، فَلَمْ يَسْمَعْهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا : مَا قَالَ ؟ ، قَالَ : " إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ " ، قَالُوا : فَكَيْفَ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ كَيْفَ نَصْنَعُ ؟ ، قَالَ : " تَرْجِعُونَ إِلَى أَمْرِكُمُ الأَوَّلِ"([6]).
إذن ما هو الأمر الأول؟ الجواب : أمرنا الأول في عصرنا الحاضر هو العودة إلى ما قبل التعددية الحزبية، وهو خدمة الدين والشعب والوطن وفق أدلة وضوابط الكتاب والسنة بعيداً عن التحزب، وقد لخصت ذلك في المحاور الثلاثة المتقدمة لأهمية تفعيلها في ظل الخلافات المعاصرة بين المسلمين.
لكن قد يقول قائل إذا عشنا في بلاد كافرة " دولة من دول العجم " أو في دولة عربية لا تحكم بما أنزل الله، ولا تستمد الأحكام من الاسلام، بل تحاربه، وتشجع العلمانيين وغيرهم على محاربته، بل وتفرض الانتماء الحزبي، وفي حالة عدم انتمائك لأي حزب، تحرم من حقوقك سواء كنت مواطناً أو مقيماً، فهل يجوز للصالحين تأسيس حزب إسلامي أو الانتماء لحزب هو أولى من غيره، نظراً لهذه الضرورة الملحة؟
فالجواب : أنه قد سبق أن بينت حكم هذه المسألة من خلال مقالات " دراسات منهجية في ظل الانحرافات الفكرية، وذلك في الحلقة رقم 12 تحت عنوان تشتت الصف بإنشاء الأحزاب السياسية تحت مظلة الديمقراطية" حيث قلت : من عاش في بلاد تحارب الدين علناً ولا تحكم بما أنزل الله ، وتمنع العلماء والدعاة من نشر العلم والدعوة إلى الله ، أو في البلاد الكافرة أو كان المسلمون فيها أقلية، ولا تتحقق حقوقهم الشرعية ودعوتهم الدينية إلا بإنشاء حزب لهم، فلا بأس بشرط إنكاره وكراهيته لولا الضرورة مع أمنهم من الفتنة، دفعا للأضرار المترتبة حال عدم خوضهم في ذلك وعملاً بقاعدة « درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».
قالت اللجنة الدائمة وعلى رأسها الشيخ عبد العزيز بن باز: «من كان لديه بصيرة في الإسلام وقوة إيمان وحصانة إسلامية وبعد نظر في العواقب وفصاحة لسان، ويقوى مع ذلك على أن يؤثر في مجرى الحزب فيوجهه توجيهاً إسلامياً – فله أن يخالط هذه الأحزاب، أو يخالط أرجاهم لقبول الحق، عسى أن ينفع الله به، ويهدي على يديه من يشاء، فيترك تيار السياسات المنحرفة إلى سياسة شرعية عادلة ينتظم بها شمل الأمة، فتسلك قصد السبيل ، والصراط المستقيم ، ولكن لا يلتزم بمبادئهم المنحرفة، ومن ليس عنده ذلك الإيمان ولا تلك الحصانة ويخشى عليه أن يتأثر ولا يؤثر، فليعتزل تلك الأحزاب؛ اتقاء للفتنة ومحافظةً على دينه أن يصيبه منه ما أصابهم، ويبتلى لما ابتلوا به من الانحراف والفساد ([7])» اهـ.
وقالت أيضاً وعلى رأسها الشيخ عبد العزيز بن باز: «يشرع للمسلمين المبتلين بالإقامة في دولة كافرة أن يجتمعوا ويترابطوا ويتعاونوا فيما بينهم سواء كان ذلك باسم أحزاب إسلامية أو جمعيات إسلامية؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى»([8]) اهـ.
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.
وللكلام بقية، استأنفه بمشيئة الله في حلقة قادمة.

...الحواشي واهم المصادر....
(1) الألباني، سلسلة الهدى والنور – الشريط رقم: (221).
(2) العباد، شرح سن الترمذي، كتاب الصلاة، شريط رقم:64.
(3) الفوزان، خطبة جمعة مسجلة صوتيات بعنوان: «وجوب التمسك بمنهج أهل السنة والجماعة»، منشورة على موقعه الإلكتروني.
(4) انصج بقراءة مقالي الذي بعنوان : " الرسالة الختامية إلى كل عالم وداعية، الحل الأمثل في حل النزاعات التي مزقت الصف وكيفية التعامل مع الخلاف".
(5) ابن عثمين، فتوى صوتية لفضيلته ردا عن سؤال ورده يتعلق بالخلافات بين السلفيين، وهو منشور على الشبكة العنكبوتية.
(6) أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" برقم ( 100) الطبراني في الأوسط برقم (8906) وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" برقم (3165)..
(7) فتاوى اللجنة الدائمة (12/385 فتوى رقم 6290).
(8) المصدر السابق ( 23/408 فتوى رقم 5651).
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 07-27-2017, 06:05 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي تاريخ وأصول الأحزاب السياسية وحكم الانضمام لها شرعاً

تاريخ وأصول الأحزاب السياسية
وحكم الانضمام لها شرعاً
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (16)
بقلم الدكتور صادق بن محمد البيضاني
سبق أن تكلمت عن الأحزاب السياسية ودورها الحزبي في ظل النظام الديمقراطي وغيره من الأنظمة الوضعية - سواء كانت ديمقراطية أو استبدادية ، ليبرالية أو علمانية، أو اشتراكية ، متقدمة أو نامية - من خلال المقال السابق الذي كان بعنوان " الموقف الشرعي من الديمقراطية في حال فرضها على الشعب".
وفي هذا المقال أقول : إن معرفة تاريخ وأصول الأحزاب السياسية وكل ما يتعلق بها من بنود وتقسيمات، إنما هو من باب قول الشاعر :
عَرَفْتُ الشّرَّ لا لِلشّرِّ, لَكِنْ لِتَوَقّيهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشّرَّ, منَ الخيرِ يقعْ فيهِ
فهذه أحزابٌ لا خير فيها ولا يحل الانضمام لها، فقد فرقت المسلمين وأضعفتهم، ولم تحقق أي هدف إيجابي في كل دول العالم العربي والاسلامي سوى التفرقة وضعف الدولة وزيادة الأزمات وسفك الدماء ونهب أموال الشعب، والعمالة لأعداء الله، والتحاكم لأهل الكفر للتدخل في شؤوننا الداخلية، ومن مفاسدها أيضا الصراع بين قادة الأحزاب في العالم كله كما هو مشاهد وملموس ويتكرر ثم يتطور إلى اتهامات تصل إلى تصفيات لبعض القادة عبر المافيا وعصابات وجهات مجهولة عند الغرب وعند العرب المسلمين.
وقد سبق في المقال المذكور آنفاً بيان حكم الدخول فيها وأنه لا يجوز فأغنانا ذلك عن التكرار.
ولبيان موضوع هذا المقال الذي نحن بصدده، فسأتحدث حول ذلك بشئ يجمع بين الايجاز والتفصيل من خلال عشرة محاور، فأقول وبالله التوفيق:

المحور الأول : حقيقة الأحزاب السياسية وتاريخها
تأسست الأحزاب السياسية منذ مطلع نصف القرن الثامن عشر الميلادي، وذلك في انجلترا عام 1832م، ثم ظهرت بعد ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم انتشرت في بقية العالم، ولعل " بنجامن كونستان " من أوائل من وضع بنيانها وتعريفها بالشكل الذي يتقارب مع تعريف المؤرخين الأوربيين في القرن التاسع عشر الميلادي، وكان لها وجود في القرن الثامن وما قبله لكنها لم تكن بالهيكلة والأصول والوظائف والشروط التي كانت عليها في مطلع نصف القرن الثامن عشر الميلادي.
وأحسن ما قيل في تعريفها هو ما عرفه بها " جون بانوا " حيث قال في تعريف الحزب السياسي " وفقاً للنظام الديمقراطي في الواقع " بأنه : تجمع منظم بقصد المساهمة في تسيير المؤسسات والوصول إلى السلطة السياسية العليا في الدولة لتطبيق برنامجه في الدولة وتحقيق مصالح أعضائه"، وهذا ما عليه جمهور الغربيين في العصر الحديث أن مصلحة الحزب وأعضائه في الواقع الملموس فوق مصلحة الشعب والوطن، ومن ينكر ذلك فإنما يكذب الواقع المشاهد، الذي يشهده القاصي والداني.
والقاعدة الأساسية في منشأ الأحزاب السياسية : أن الحزب يتأسس وفق النظام الديمقراطي أو غيره بموجب اتفاق مجموعة من مواطني الدولة على مجموعة أفكار ومعتقدات (إيديولوجيات) ورؤى برامجية بهدف الوصول إلى السلطة، فيكون في الدولة أكثر من عشرة أحزاب أو عشرين أو أكثر، وكلها أحزاب متفرقة تتناحر وتتنافس لأجل الوصول إلى السلطة، وهذا عين التفرق والتحزب الذي نهى عنه الشارع الحكيم.
وقد لقيت هذه الأحزاب معارضة في أوربا من شعوبها ورجالها المؤرخين العقلاء منذ بدايتها، وقالوا : إنها عامل شقاق وصراع وفوضى، وتقضي على الوحدة الوطنية وتزرع الخلافات والانقسامات بين المواطنين، بحيث يظل المواطنون في معارضة دائمة وتنافس غير شريف مع بعضهم البعض مع نقد مستمر بين الاحزاب السياسية المتناحرة، فلا ينتهي النقد ولا يتوقف، لأن كل مواطن يتحدث عن حزبه وباسمه، ويدعي أن عنده حلول مشاكل الوطن بما يصب في مصلحة حزبه مما أدى إلى تحويل بعض هذه الأحزاب إلى تنظيمات تعمل لمصلحة الخارج، وهذا سبب رئيس في ضعف الحكومات وصنع الأزمات العالم، وكذلك التسلط على السلطة وخيراتها من خلال أغلبية الأصوات، هكذا اعترضوا عليها قبل أن تدخل بلادنا العربية، وقد صدقوا لكن سلطات النبلاء والأعيان وأصحاب النفوذ والمصالح والصهاينة في القرن الثامن عشر إلى يومنا هذا فرضوها بالقوة على الشعوب.
ورغم نقدها ومحاربتها وردها منذ ظهورها في دول الغرب إلا أن العرب تلقفتها بسهولة بسبب الضغوط على حكامها، لأن القوة اليوم هي التي تحكم العالم.
وقد تعجبت لبعض غوغائية العرب وهو يقول : " إن الأحزاب السياسية مدراس للتثقيف والتكوين يتخرج منها رجال السياسة واطارات تكون قادرة على قيادة البلاد، وتقوم بتوجيه الجماهير وتكوين رأي عام، ويتيح الحزب الفرصة للأفراد للتحاور المستمر مع السلطة، وبالتالي المشاركة في الحياة السياسية، وإن وجود معارضة منظمة يؤدي إلى محاسبة وانتقاد الحكام، وهذا يمنع الحزب الحاكم من الاستبداد، وتحقيق التداول إلى السلطة، ووجود الأحزاب السياسية يؤدي إلى تنظيم المعارضة وتسمح للأقليات بالتعبير عن رأيها، وتعمل الأحزاب على تحديد وتشخيص المشاكل المختلفة الموجودة في المجتمع وبالتالي وضع حلول لها".
وهذا مجرد كلام مترجم من كلام الغرب الذين فرضوا الأحزاب السياسية على شعوبهم، أما أنه واقع فلا وجود له، بل لم نجد دولة مستقرة إلا وفيها فوضى عارمة بسبب التعددية الحزبية حتى على مستوى الدول المتقدمة كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا، وقد سبق أن قلت : " إن الصراع بين قادة الأحزاب في العالم كلها كما هو مشاهد وملموس يتكرر ثم يتطور إلى اتهامات تصل إلى تصفيات لبعض القادة عبر المافيا عند الغرب أو عبر عصابات وجهات مجهولة عند العرب".

المحور الثاني : شروط قيام الأحزاب السياسية في الدولة
يوجد في كل دولة تسمح بالتعددية الحزبية قانون ينص على شروط مزاولة واستمرارية وقيام الحزب السياسي في الدولة وفقاً للدستور، وعادة ما تكون الشروط كالتالي :
الأول : أن يكون للحزب اسم لا يماثل أو يشابه اسم حزب قائم.
الثاني : عدم تعارض مبادئه وأهدافه وبرامجه ووسائله مع الدين الإسلامي الحنيف، وسيادة واستقلال الوطن ووحدته أرضاً وشعباً، والنظام الجمهوري ودستور الدولة، مع عدم معارضته للحريات والحقوق الأساسية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، والانتماء القومي العربي والإسلامي
الثالث : عدم تطابق برنامج الحزب أو التنظيم السياسي مع برامج الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى عند التقدم بطلب تأسيسه وذلك فيما يتعلق بالسياسات التي يعتمد عليها في تحقيق أهدافه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الرابع : أن يكون له نظام داخلي وبرنامج عمل سياسي مقرين من أعضائه عند التقدم بطلب التأسيس.
الخامس : عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس مناطقي أو قبلي أو طائفي أو فئوي أو مهني أو التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو اللون.
السادس: عدم قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس مناهض للدين الإسـلامي أو على أساس تكفير الأحزاب أو التنظيمات السياسية الأخرى أو المجتمع وأفراده أو الادعاء بالتفرد بتمثيل الدين أو الوطنية أو القومية أو الثورة.
السابع : يحظر على الحزب أو التنظيم السياسي إقامة تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو المساعدة في إقامتها، كما يحظر عليه استخدام العنف بكل أشكاله أو التهديد به أو التحريض عليه، وأن تتضمن برامجه أو نشراته أو مطبوعاته ما يحرض على العنف أو إقامة تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية علنية أو سرية.
الثامن : أن لا يكون الحزب أو التنظيم السياسي تابعاً لأي حزب أو تنظيم سياسي أو دولة أجنبية ويحق لأي حزب أو تنظيم سياسي إقامة علاقات ثنائية متكافئة مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير منتمي للدولة وبما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية العليا ونصوص الدستور والقوانين النافذة.
التاسع : علانية مبادئ وأهداف ووسائل الحزب أو التنظيم السياسي وتشكيلاته وقيادته.
العاشر: قيام الحزب أو التنظيم السياسي على أساس وطني بحيث لا تحصر العضوية في منطقة جغرافية معينة.
الحادي عشر : ‌يقدم الإخطار بتأسيس الحزب كتابة للجنة الأحزاب المنصوص عليها وفقاً للقانون، مصحوبا بتوقيع أعضائه المؤسسين مصدقاً رسمياً على توقيعاتهم، بحيث يعرض الإخطار عن تأسيس الحزب والمستندات المرفقة به على لجنة الأحزاب بالدولة.
الثاني عشر : من حق الدولة بعد المشاورة اسقاط أي حزب يخل بأي شرط من الشروط المتقدمة.
ومما يلاحظ في الشرط الثاني عدم الاساءة للدين والوطن، لكن للأسف عادة أكثر قادة الأحزاب السياسية - كما نشاهد - هو الاساءة للدين والوطن ولعلماء الدين، دون محاسبتهم من النظام القائم.
ويلاحظ أيضاً أن الشرط الثامن، شرط يمثل خطراً على الدولة والنظام، وخصوصاً أنه نص على أنه " يحق لأي حزب أو تنظيم سياسي إقامة علاقات ثنائية متكافئة مع أي حزب أو تنظيم سياسي غير منتمي للدولة " وهذا الشرط لم أجده بهذه الصيغة إلا في قانون الأحزاب باليمن، وهو السبب الذي استغلتها بعض الأحزاب اليمنية لتكون شبيهة بمنظمات تعمل للخارج بدعم خارجي على حساب الدولة ونظامها، ولا أدري سبب إدخال هذه الفقرة الخطرة.
كما نص قانون الأحزاب في بعض الدول على ميزانية مالية للأحزاب من خزينة الدولة، ففي قانون الأحزاب في اليمن لعام 91 و95م، وهو معتمد حتى هذا العام 2017م، كما في المادة رقم (17)، حيث جاء في الفقرة رقم (2) منح الأحزاب الإعانات المخصصة من الدولة.
ومعنى ذلك أن هذه الأحزاب تمثل عبئاً كبيراً على الخزينة المالية على حساب الوطن والمواطن.
ولا تتم الموافقة على منح ترخيص الحزب لأي جهة حزبية حتى توقع على الشروط المذكورة والمتضمنة احترام النظام الديمقراطي ومبادئه، والتي عامتها يتصادم مع الشريعة الاسلامية لانه حكم بغير ما انزل الله.
ولذا تجدون كل قادة الأحزاب بغير استثناء يمجدون الديمقراطية ويدافعون عن مبادئها، وبعض المدافعين وللأسف ينسبون انفسهم للعلم الشرعي، وهم ابعد ما يكون منه.

المحور الثالث : أصل أسباب نشأة الأحزاب
تختلف أسباب قيام الأحزاب نظراً لأصل نشأتها تاريخياً، ويمكن تقسيمها إلى عدة أسباب :
السبب الأول : أحزاب نشأت من داخل البرلمانات ومن تنظيم الناخبين.
وهذا كان قديماً في انجلترا وفرنسا وخصوصاً عام 1789م حيث تأسست مجموعة من الأحزاب من داخل البرلمان الانجليزي والفرنسي.
السبب الثاني : أحزاب نشأت من نقابات وكنائس وجماعات دينية ولا دينية ماركسية وسرية.
وبدأ هذا النوع عام 1899م بتأسيس حزب العمال البريطاني مكونناً من نقابة العمال، ومثل ذلك أيضاً الأحزاب الاشتراكية.
ومنها ما كان بعد عام 1914م من منطلق ديني وراء الكنيسة مثل الحزب المحافظ الإيطالي، والحزب الديمقراطي المسيحي الألماني.
وأما بسبب السرية فلكونه ممنوعاً وغير مصرح به فكان يعمل سراً، ومثاله الحزب الشيوعي السوفياتي الذي كان نشاطه ممنوعاً قبل سنة 1917م، ثم تحول إلى الحزب الحاكم بعد نجاح الثورة البلشفية سنة 1917م.
السبب الثالث : أحزاب نشأت لمقاومة الاستعمار.
كحزب الوفد المصري، وحزب الاستفلال المغربي، وحزب الدستور التونسي، وجبهة التحرير الجزائرية، وحزب المؤتمر الهندي، والحزب الوطني الإندونيسي وغيرها.
السبب الرابع : أحزاب نشأت بعد الاستقلال من الاستعمار.
وقد أنشأتها سلطة الدولة للمحافظة على نظام القائمين بالحكم مثل حزب الاتحاد الاشتراكي في السودان والاتحاد الاشتراكي في مصر.

المحور الرابع : تصنيفات الأحزاب السياسية
تصنف الأحزاب السياسية في العصر الحديث - من حيث المشاركة والتنظيم والتعبئة أو الأساس الاجتماعي - على عدة تقسيمات تتلخص في التالي :
النوع الأول : حزب تجمعي، وهو الحزب الذي لا يهتم كثيراً بأفكار ومعتقدات المشاركين فيه، وهمه فقط جمع أكبر عدد من الأصوات والمنضمين له، ومثاله حزب التجمع اليمني للإصلاح باليمن، وإن كان في أصله حزباً يدار بقيادة الإخوان المسلمين.
النوع الثاني : حزب ناخب، وهو شبيه بالسابق لكن يختلف أن حزب الناخب لا ينتقد النظام السياسي والاجتماعي، ويراهن فقط على مناصرة المرشحين، والعمل على استقطاب أوسع لهيئة انتخابية.
النوع الثالث : حزب نضالي : وهو الحزب الذي يقوم على قاعدة جماعية وفق مبادئ وأفكار وتنظيم واستراتيجية سياسية محددة كالحزب الاشتراكي الشيوعي.
النوع الرابع : حزب أعيان، وهو الحزب الذي يختار أعضاءه من صفوة المجتمع من تجار ومسؤولين وطبقات عالية، فلا يفكر في العدد الكثير وإنما يفكر في استقطاب صفوة المجتمع الرفيعة.

المحور الخامس : عناصر الحزب السياسي، وأقسامه من حيث الهدف والمشروع السياسي
العنصر الأول : التنظيم.
لكل حزب هيكلة تنظيمية ونظام أساسي يقوم عليه وفق لوائح ومهام وأفكار ومبادئ محددة، يحددها مؤسسوه.
العنصر الثاني : المشروع السياسي.
لكل حزب مشروع سياسي وهدف محدد، فهدف ومشروع الأحزاب الاشتراكية والشيوعية يتضمن تغيير النظام وفق القانون الاشتراكي الذي يدعي تسوية البشر مع بعضهم في الأرض والمال حسب زعمهم، وليس له معتمد ديني في هذه الحياة.
وأما أحزاب اليمين أو ما تسمى بالوسط فهدف مشروعها السياسي يتمخض في المحافظة على النظام الرأسمالي إما بإبقائه على ما هو عليه وإما بقبول بعض التطورات، وهذا ما عليه عامة الأحزاب الديمقراطية المعاصرة.

المحور السادس : أنواع الأحزاب من حيث الفكرة
سبق وقلنا بأن الأحزاب من حيث الهدف والمشروع السياسي ثلاثة وهي : اشتراكية وعادة ما تسمى يسارية، وأحزاب الوسط وعادة ما تسمى يمينية وهي الأحزاب الديمقراطية الرأسمالية.
وأصل التسمية تعود إلى زمن الثورة الفرنسية عام 1789م، حيث كان النواب (اليمينيون) يجلسون إلى اليمين وكانوا موالين للملكية والمعارضون (اليساريون) يجلسون إلى اليسار في البرلمان الفرنسي.
كما تنقسم الأحزاب من حيث الفكرة إلى ثلاثة أقسام وهي :
الأول : أحزاب إيديولوجية أو أحزاب البرامج : وهي الأحزاب التي تتمسك بمبادئ وأفكار محددة ومميزة، كالأحزاب الاشتراكية الديمقراطية والشيوعية الماركسية.
الثاني : أحزاب برجماتية : وتوصف هذه الأحزاب بالمرونة بمعنى ليس لها مبادى وبرامج ثابتة ولكنها تتغير حسب الحدث والواقع، كالأحزاب الديمقراطية الرأسمالية.
الثالث : أحزاب أشخاص : وهي كل حزب ارتبط مسماه بزعيم أو شخص مشهور مثل الحزب الناصري نسبة للرئيس جمال عبد الناصر إلا أنه لا يعدو عن كونه حزباً اشتراكياً، ولأسباب كثيرة دخل في هذا الحزب مبادئ ديمقراطية يمينية وإن كان في أصله يسارياً، فحزب الأشخاص في العادة لا يمكن أن تكون كل أصول أفكاره قائمة على مبدأ شخص واحد، وإنما اكتسب منه المسمى لسبب أو لأخر.

المحور السابع : مهام وأدوار الحزب السياسي الخاصة به كحزب
لخصت هذه الأدوار والمهام في المقال السابق الذي بعنوان : " الموقف الشرعي من الديمقراطية في حال فرضها على الشعب" وخلاصتها ما يلي مع زيادة إيضاحات :
الدور الأول : تقديم البرامج السياسية التي تخضع للانتخاب الشعبي فإذا فاز برنامجه في التصويت فإن الحكومة تدرجه في مشروعها.
الدور الثاني : الاعتراض على السلطة وتبني مقترحات بديلة، وكل حزب يقترح البديل وفق توجهه الحزبي ويسميها " اصلاحات" وقد لا تكون اصلاحات حقيقية، وعادة ما تكون اصلاحات تخدم الحزب بالدرجة الأولى، وهذا ما عليه جمهور الغربيين في أن مصلحة الحزب وأعضائه في الواقع فوق مصلحة الشعب، ولا يكون اقتراحه وبديله ملزماً لكنه في العادة يحدث فوضى وبلبلة في الحياة السياسية من قبل المعارضين، لأن كل حزب يدعي أنه النزيه والحزب العظيم، وهذه المنافسات والاعتراضات والتصادمات بين الأحزاب تعرض الوطن والشعب إلى مزيد من التذبذب والتقهقر وخاصة إذا كان هذا الحزب ممولاً من الخارج ليؤدي رسالة العمالة للخارج ويصير مثل منظمة تقاد من الخارج ضد الوطن، وما أكثر هذا النوع الحزبي في بلادنا العربية من خلال السفارات الأجنبية أو العربية المعادية لدولة ما.
الدور الثالث : خوض الانتخابات البرلمانية باختيار وانتقاء المرشحين للمناصب الانتخابية بحيث يمثل الحزب في البرلمان نواب منظمون من قبل الحزب يتكلمون ويقترحون وينافسون باسم الحزب، فإذا كانت أغلبية الأصوات لحزب ما فإنه مرشح لقيادة البرلمان والحكومة.
وقد يصل بالمنافسة في الانتخابات الرئاسية إلى تولي رئاسة السلطة، فيكون هذا الحزب هو " الحزب الحاكم".
وعادة ما يعمل الحزب على تعزيز العلاقة بين النائب " المرشح" والناخبين وإبقاء النائب في إطار التزاماته واحترام برنامجه المقترح من طرف حزبه قبل أن يرشحوه ليقنع الجمهور أنه سيكون صالحاً ونافعاً أفضل من غيره في حال فوزه بمنصب " عضو البرلمان".
الدور الرابع : السعي لجمع منتميين جدد وتثقيفهم بهدف الانتماء للحزب.
الدور الخامس : دور الوساطة.
حيث يظل الحزب وقادته وسطاء في الدفاع عن حقوق الحزب وميزانيته المالية من الدولة، وحقوق أعضائه والسعي لحلها.
الدور السادس : حل الصراعات داخل الحزب بين النواب والقادة الداخليين، سواء أكان النظام المؤسساتي للدولة برلمانياً أو رئاسياً أو شبه رئاسي.
الدور السابع : مناضلة الحزب لأجل بقائه حزباً معترفاً به.
الدور الثامن : الحصول على تأييد الجماعات والاحزاب والأفراد لاستغلال أصواتهم لأجل الوصول إلى السلطة، والاستيلاء على الحكم ولو بالتحالفات مع الأحزاب الأخرى التي كانت يوماً من الدهر عدواً لهذا الحزب الحليف، لأن السياسة قائمة على المصالح الحزبية، وليس لها مبدأ شريف يحكمها سوى مبدأ المصلحة.

المحور الثامن : وظائف الأحزاب التي يطلبها نظام الدولة من كل حزب
هناك خمس وظائف رئيسة يقوم بها كل حزب سياسي في الدولة، وهي تختلف من حيث الشكل عن الأدوار والمهام التي سبق ذكرها آنفاً، لأن هذه الوظائف التالية يطلبها نظام الدولة من كل حزب، وتتلخص هذه الوظائف في التالي :
الوظيفة الأولى وظيفة التعبئة :
وتعني التعبئة حشد الدعم الجماهيري والتأييد لسياسة الدولة الداخلية والخارجية، فالحزب يقوم بهذه التعبئة باعتباره يدعم لحمة المجتمع ونظام الدولة وإن كان معارضاً للحزب الحاكم، ويظهر إخلاصه للدولة كحزب عند الأزمات التي تكون على الوطن من الداخل والخارج، وخصوصاً وقت الحروب.
الوظيفة الثانية وظيفة دعم الشرعية :
حيث يلزم كل حزب أن يؤيد شرعية الدولة بحيث يقف صفاً واحداً ضد كل من يسعى إلى التخريب والنيل من دين الدولة ووحدتها ونظامها وعاداتها وتقاليدها من خلال الكلمة والحقل الميداني.
وهذه الوظيفة عادة ما تكون مفقودة في ظل الانحراف الفكري وتعدد الاتجاهات والأفكار الحزبية المتضادة والتي تحول بعضها إلى شبه منظمات تخدم الدول الكبرى.
الوظيفة الثالثة وظيفة التجنيد السياسي :
الأصل أن التجنيد السياسي خدمة يقوم بها الحزب للدفاع عن سياسة الحكم الذي يعتبر الحزب أحد المنافسين للوصول للسلطة لكن تغيرت المفاهيم وصار التجنيد السياسي اليوم عبارة المناقشات الحزبية والانتخابات داخل هياكل وأبنية الأحزاب والتدريب على ممارسة التفاعل الداخلي، وبين الأحزاب مع بعضها البعض والانغماس في اللجان والمؤتمرات الحزبية
فتحول التجنيد السياسي إلى مجرد توزيع أدوار قيادية تخدم الحزب قبل أن تخدم الدولة ونظامها.
الوظيفة الرابعة الوظيفة التنموية :
وتعني قيام الأحزاب بإنعاش الحياة السياسية في المجتمع في ظل نظام الحكم القائم، ومن ذلك السعي لحل مشاكل المجتمع وانعاش دور النقابات المهنية والعمالية، مع وجود تأثير فعلي في البرلمان يخدم الشعب والوطن.
الوظيفة الخامسة وظيفة الاندماج القومي :
وذلك أن الدولة الواحدة تحتضن مجموعة من المشاكل بسبب القوميات والعنصريات واختلاف الأفكار وربما الأديان فتسعى الأحزاب لتثقيف المجتمع لمنع التصادم واحترام المختلفين بعضهم لبعض.

المحور التاسع : وسائل الأحزاب السياسية
وتتمخض هذه الوسائل في ما يلي :
أولاً : تمثيل الحزب في البرلمان والحكومة، مناقشاً ومقنعاً غيره - في البرلمان ولدى الجمهور خارج البرلمان - بأفكاره وبرامجه التي يرى أنها تخدم الحزب والشعب معولاً على بيان عوار وعيوب السلطة والأحزاب الأخرى المعارضة له ليظهر نفسه أنه أفضل الأحزاب وإن كان أسوأها أو ليس بأفضلها، ولكن هكذا يكون الهوس الحزبي الذي همه تحسين صورته أمام الآخرين.
ثانياً : دمج المصالح الخاصة في المصلحة الوطنية :
حيث يحمل كل حزب قيم ومبادئ الوطن من خلال شعاراته لأن مثل هذه الشعارات - وإن كانت مزيفة – تعطيه صورة شبه إيجابية في الظاهر أنه الحزب الوطني الغيور على مصلحة الشعب والوطن، وبمثل هذه الشعارات ينخدع أكثر الشعب، وقد يمتلك الحزب بعض الجرائد والمجلات ووسائل الاعلام التي تروج له ولشعاراته.
ثالثاً : انشاء الندوات والمؤتمرات ومجالس المناقشات الخاصة بأعضاء الحزب، وقد تمتد لتكون دعوة عامة الجمهور للحضور، من خلالها يحاول محاضرو الحزب اقناع الجمهور بأفكاره وبرامجه التي يصورها للناس في أنها تخدم الوطن والشعب، ومعنى ذلك أنه سينفق أموالاً طائلة لمثل هذه الندوات والمؤتمرات ومجالس المناقشات.
رابعاً : وسائل العنف.
وهذه وسائل لا يضطر لها الحزب السياسي في العادة إلا في حالات طفيفة وقد تكون من خلال المظاهرات والعصيان المدني والاعتصامات، وكلها لا تخلو من ضرر على الشعب والوطن، والواقع أكبر شاهد.

المحور العاشر : النظم الحزبية في ظل النظم السياسية الثلاثة " النظام الديمقراطي والنظام الشمولي والنظام التسلطي"
عادة ما تختلف النظم الحزبية لاختلاف شكل النظام السياسي في الدولة حيث تنقسم في العادة هذه النظم الحزبية إلى قسمين رئيسين :
القسم الأول : النظم الحزبية التنافسية.
وهي ثلاثة أنواع، نظم التعددية الحزبية، ونظام الحزبَيْن، ونظام الحزب المهيمن.
فأما نظام التعددية الحزبية : فيعني وجود مجموعة أحزاب متنافسة ومتعارضة ومتفاوتة في التأثير كحال اليمن الجريح اليوم وهولندا.
وأما نظام الحزبين الكبيرين : فيعني أنه يوجد بالدولة مجموعة كبيرة من الأحزاب، لكن هناك حزبان كبيران عادة ما يتبادلان السلطة لغالبية الأصوات كالحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري بأمريكا.
وأما نظام الحزب المهيمن : فيعني أنه يوجد بالدولة مجموعة كبيرة من الأحزاب، لكن هناك حزب كبير عادة ما يتولى السلطة لغالبية الأصوات في كل دورة انتخابية.

القسم الثاني : النظم الحزبية اللاتنافسية.
وهذا يعني وجود حزب حاكم واحد هو الوحيد الذي يحكم ولا توجد هناك تعددية حزبية، لأن الدولة تمنع ذلك، كحزب المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه الرئيس علي عبد الله صالح باليمن في 24 أغسطس 1982 م، وظل هو الحاكم حتى عام 2012م، ثم سلم الحكم لنائبه في المؤتمر الشعبي العام الرئيس عبدربه منصور هادي، والذي لا زال رئيساً حتى هذه الساعة من عام 2017م وفقاً لمبادرة خليجية نصت على أن يتنازل لنائبه في ظل حكومة انتقالية.
ومن الملاحظ أن المؤتمر الشعبي العام كان هو الحزب الحاكم من غير منافس منذ عام 1982م حتى سمحت الدولة اليمنية بالتعددية الحزبية عام 1992م، وذلك بصدور القانون رقم (66) لسنة 1991 م بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية ،حيث تنص المادة (13) من القانون على تشكيل لجنة تسمى لجنة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، وتختص هذه اللجنة بفحص الطلبات المقدمة لتأسيس الأحزاب والتنظيمات السياسية والتحقق من توافر الشروط القانونية الواجبة لإنشاء كل حزب، و لقد تم تشكيل هذه اللجنة في شهر مارس 1992م.
ويوصف هذا النوع – وهو ما قبل السماح بالتعددية الحزبية - عند الديمقراطيين بالنظام التسلطي.
ولتمام الفائدة أقول : مما تقدم يتبين لنا أن كل دولة فيها نظام سياسي واحد من هذه الأنظمة الثالثة وهي :
الأول النظام الديمقراطي : وهو نظام سياسي يسمح بالتعددية الحزبية التي تتبادل السلطة بينها كأحزاب، وتكون هذه الأحزاب ذات أيدلوجيات " أفكار" مختلفة، لكنها ملزمة بعدم التصادم بمبادئ الديمقراطية.
الثاني النظام الشمولي : وهو نظام سياسي يسمح بالتعددية الحزبية التي تتبادل السلطة بينها، وتكون الأحزاب فيها ذات أيدلوجيات " أفكار" مختلفة لكن لا تصب كلها وفقاً لمعيار مبادئ الديمقراطية وإنما لمجموعة متفاوتة منها الفاشي والديمقراطي والشيوعي.
ومن ثم فمن استلم السلطة حكم بموجب مبادئه.
الثالث النظام التسلطي : وهو نظام سياسي لا يسمح بالتعددية الحزبية ولا بأفكار شاملة تتصادم مع الحزب الواحد الحاكم، وقد يكون فاشياً، وقد يكون شيوعياً، وقد يكون نظاماً عادلاً نظراً لصلاح الحاكم أو حسن تدبيره فتستقر به الدولة، ويحصل به الأمن والاستقرار وتتحقق به العدالة، لكن التسمية الديمقراطية وصفته بالنظام التسلطي، وهكذا هي نظرة الأنظمة الوضعية التي اخترعها غير المسلمين.
ومن المشاهد الملموس الذي لا ينكره عاقل أن : هناك حكومات ملكية وسلطانية وأميرية تمنع التعددية الحزبية، وقد تسمح بها في نطاق ضيق لا يتعلق بتداول هرم السلطة، وتكون سلطتها بالوراثة، ومع ذلك فهي أحسن حالاً من الجمهوريات الديمقراطية من حيث قوة الأمن والولاء الشعبي والاستقرار والعدالة ونحوها، وقد رأينا أن هذه الحكومات الملكية والسلطانية والأميرية لم تختل في ظل ثورات الربيع العربي عام 2011م، بينما سقطت جمهوريات عربية ديمقراطية متعددة الأحزاب نظراً لهذه الثورات التي قامت بها الأحزاب السياسية.
ومن هنا يتبين للقارئ الكريم خطر التعددية الحزبية، وأنها أساس سقوط الدول وضعفها بسبب تناحرها على السلطة وتصادم أتباعها من الجماهير مع غيرهم من المعارضين، ومن ثم تخلو الساحة للعدو كي يتدخل باسم المصالحات الوطنية وحل النزاعات بين الأحزاب، ونحو ذلك من الادعاءات الكاذبة.
والحقيقة أنه تدخل لأجل اجهاض وحدة الشعب والوطن وزرع الأحقاد والنزاعات وتوسيع دائرة الخلاف بين المسلمين، ولكن من يعقل ويدرك هذا الخطر الذي جلبناه بأيدنا من الخارج والذي تلقيناه من خلال ارساء مبدأ التعددية الحزبية ومبادئ العفن الديمقراطي.
ولعل ما تقدم فيه كفاية، وسنتكلم بإذن الله قريباً عن " مشروع قيام الدولة الحديثة في ظل النظام الإسلامي"، ليتبين للقارئ الكريم الفارق الكبير بين النظام الاسلامي الإلهي وبين الأنظمة الوضعية " الديمقراطية والشيوعية والفاشية ونحوها".
وفق الله لجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.

أهم مصادر المقال :
1-قانون الأحزاب في كل من : ( الجمهورية اليمنية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية الجزائرية، المملكة المغربية، أمريكا، بريطانيا، بلجيكا، روسيا، فرنسا).
2- حسني بوديار ،الوجيز في القانون الدستوري للمملكة المغربية، طبعة مصورة عن إحدى الجمعيات المغربية.
3-الدكتور أسامة الغزالي، الأحزاب السياسية في العالم الثالث، طبعة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت.
4- المحامي احمد حسين يعقوب، طبيعة الاحزاب السياسية العربية، طبعة الدار الاسلامية عام 1997م
5- محمد حسين الفيلي، الاحزاب السياسيه في الكويت واقع قائم ومستقبل منظور، مسودة مصورة من الكاتب.
6- مايكل ستاين، الأحزاب السياسية والديمقراطية من الناحيتين النظرية والعملية، طبعة منظمة MobileActive.
7-موريس دوفرجيه، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري، طبعة النيل والفرات.
8- الدكتور المهدي السر سار، القوى السياسية، مسودة تم اعدادها عام 2008م.
9- أعداد قديمة متفرقة من صحيفة الميثاق وصحيفة الصحوة اليمنيتين، مع صحف عربية متفرقة.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 07-31-2017, 03:00 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

لماذا فرضت أمريكا ودول الغرب الديمقراطية على الشعوب الاسلامية؟!
الغربيون يجيبون بحقائق لا يعلمها الكثيرون
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (17)
بقلم د. صادق بن محمد البيضاني.
تعتبر أمريكا ودول الغرب ومن معهم من الصهاينة : أن المسلمين يمثلون خطراً عليهم، وأن الاسلام سريع الانتشار، ويقولون : إذا كان نظام البلدان العربية أو دولة منها نظاماً إسلامياً ، فإنه سيؤدي مع مرور الزمن إلى قيام خلافة راشدة، وامبراطورية عظمى، تعجز الدول الغربية والصهاينة مواجهتها مهما كانت قوتهم، ولذا فلا حل إلا بإبعادهم من النظام الاسلامي ليحل محله النظام الغربي الديمقراطي لتكون المرجعية حينها للغرب لا للإسلام وقادته.
فبدأوا بعد الحرب العالمية الثانية بمشروع تقسيم البلاد العربية إلى دويلات وجمهوريات صغيرة، وضغطوا على حكامها بتمرير النظام الديمقراطي في أن يكون سيادياً ونظاماً حاكماً على تلك الدويلات والجمهوريات، ولا زالت بعض الدويلات العربية لم تتحول الى جمهوريات ديمقراطية لكنها تمرر بعض بنود الديمقراطية في بعض أحكامها التشريعية ومن خلال هيئاتها ووزاراتها ومؤسساتها المدنية والحكومية نظراً للضغوط المتوالية من الدول الغربية، وقد تمكن الغربيون من فرض الديمقراطية في كافة الجمهوريات العربية والاسلامية مع فرض قانون التعددية الحزبية والانتخابات البرلمانية والرئاسية الشعبية، فحولت هذه الجمهوريات العربية والاسلامية إلى قطيع من الأحزاب المتناحرة فيما بينهم كأحزاب شعبية، مع تصارع الأحزاب بعضهم مع بعض على السلطة، وكذا تصارعهم مع الحاكم ونقدهم المتكرر له والذي لا ينتهي، على مدار الساعة، مع تقويض دور العلماء الربانيين وإسقاطهم من الساحة ونشر الشائعات الكاذبة عليهم، والسعي الحثيث لإبعاد الناس عن الالتفاف حولهم وأخذ الفتوى والمشورة منهم ليحل محلهم قادة الاحزاب السياسية الذين لا علم لهم سوى التنظير والتغريب والعمالة إلا من سلمه الله، وكل ذلك حتى لا تقوم للمسلمين قائمة، ولا تكون لهم دولة قوية راشدة، وحتى تكون الشعوب الاسلامية شعوباً مفككة الأفكار، ذات كيانات حزبية متضادة متناحرة، ليخلو للعدو السيطرة عليهم والتدخل في شؤونهم، ومن ثم التحاكم إليه عند اختلافهم، ولكي ينشغلوا عن قضاياهم الكبرى، وفي مقدمتها " قضية فلسطين المحتلة"، وقضايا الأقليات الاسلامية في بورما والصين وغيرها.
ولأمريكا والغرب والصهاينة أدوات كثيرة غير الديمقراطية ومشتقاتها لزعزعة الأمن والاستقرار في البلدان الاسلامية وافساد المجتمعات، وذلك من خلال شراء ذمم بعض القيادات الموالية لهم في الجيوش والأحزاب السياسية ووسائل الاعلام العربية والاسلامية لزعزعة أمن واستقرار دول شعوب العالم الاسلامي والعربي، ومن ذلك أيضاً الانقلابات والثورات على رؤساء الدول، كما أسسوا في البلاد العربية والاسلامية ومناطق الأقليات الإسلامية مجموعة من المنظمات والجمعيات التبشيرية والمشبوهة باسم الصحة، والضمان، والتكافل، وحقوق الانسان، وحقوق المرأة، وبعض النقابات تحت إشراف الصهيونية العالمية لنشر الرذيلة، و إبعاد الناس عن دينهم، وأيضاً دعمهم للجماعات الإرهابية في العالم لتشويه سمعة الاسلام والمسلمين، مما أدى لردة فعل عنيفة وغير حكيمة من جماعات انتسبت للإسلام كمجاهدي " الدولة الاسلامية – الدواعش" الذين لا يمثلون الاسلام، والاسلام بريء من تصرفاتهم براءة الذئب من دم يوسف، ومثلهم : " تنظيم القاعدة" و " أنصار الشريعة" و " حركة الجهاد السلفي " وهلم جراً، حيث جعلتهم أمريكا والغرب والصهاينة سبلة وسبباً لحرب الاسلام والمسلمين وإكثار الضغوط على حكام المسلمين ودويلاتهم، رغم أن هناك تقارير غربية تؤكد أن هناك دعماً مادياً أمريكياً وغربياً مبطناً لمثل هذه الجماعات لتبقى ورقة ضغط بيد الأعداء، وصار هؤلاء الغرب والصهاينة يتهمون كل من بيّن عوارهم وفسادهم وأخطارهم بتهمة " الأصولي المتطرف" حتى وإن لم يكن من هذه الجماعات الجهادية المنحرفة فكرياً، وصار قادة الغرب يخافون من أمرين مهمين :
الأمر الأول : وجود صفوة مثقفة تدعو الناس إلى الوحدة وفق منهج النبوة عقيدةً وشريعةً ومنهجاً وسلوكاً، لأن مثلهم يبحث عن إعادة بناء المجتمع الاسلامي بناء صحيحاً وفق الكتاب والسنة، وهؤلاء الغرب والصهاينة يخافون من هذا البناء، لأن هذه الصفوة تسعى بالعلم والحكمة لخلافة راشدة تطبق الشريعة الإسلامية.
وقد صرح وزير الداخلية البريطاني تشارلز كلارك في كلمة له في معهد هيرتيج في 6/10/2005م، بقوله : " لا يمكن أن تكون هناك مفاوضات حول إعادة دولة الخلافة، ولا مجال للنقاش حول تطبيق الشريعة الإسلامية"[صحيفة سويفت نيوز، بتاريخ 24 يونيو عام2016].
الثاني : خوفهم من ظهور دولة ترسي أحكامها ومبادءها وفق النظام الاسلامي، وبالتالي فهذه الدولة قد تتوسع لتكون دولة الخلافة الاسلامية الكبرى التي تقود العالم كله تحت نظام إسلامي موحد.
وقد تحدث رئيس وزراء بريطانيا توني بلير أمام المؤتمر العام لحزب العمال في السادس عشر من شهر يوليو عام 2005م، فقال " إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة إسرائيل، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي، وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تحكّم الشريعة في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية"[ المصدر : مجلة الوعي، العدد 270-271 - السنة الثالثة والعشرون ـ العددان 270 – 271].
وكلام توني بلير وتشارلز كلارك مجرد مثال لخوفهم من الاسلام وأهله ومن الخلافة الاسلامية وتطبيق الشريعة.
وهناك أمثلة وأقوال أخرى للأعداء تظهر قلقهم وعداوتهم للإسلام وأهله وتظهر خوفهم من ظهور خلافة اسلامية راشدة، وإليكم بعضاً منها لتقفوا على الحقيقة بأنفسكم :
بعد الحرب العالمية الثانية، وإعلان اسقاط الخلافة العثمانية، وقف كرزون وزير خارجية إنكلترا في مجلس العموم البريطاني عام 1924م، يستعرض ما جرى مع تركيا، احتج بعض النواب الإنكليز بشدة على كرزون، واستغربوا كيف اعترفت إنكلترا باستقلال تركيا، التي يمكن أن تجمع حولها الدول الإسلامية مرة أخرى وتهجم على الغرب، فأجاب كرزون: " لقد قضينا على تركيا، التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم .. لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين : الإسلام والخلافة، فصفق النواب الإنكليز كلهم وسكتت المعارضة"[ المصدر : مجلة الوعي، العدد 282 – 283، السنة الرابعة والعشرون، رجب وشعبان 1431هـ].
ويقول ألبر مشادور : "من يدري؟ ربما يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين يهبطون إليها من السماء لغزو العالم مرة ثانية، وفي الوقت المناسب"[ المصدر : موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة (12/462 ) لعلي بن نايف الشحود].
ويقول المنصر لورانس بروان : "إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية عربية، أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة له، أما إذا بقوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير". [ المصدر : تحذير أهل الإيمان من التقارب بين الأديان (ص116) لناصر بن أحمد السوهاجي].
ويقول أرنولد توينبي : "إن الوحدة الإسلامية نائمة، لكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ"[ المصدر : قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله لجلال العالم (ص27)].
ويقول راندولف تشرشل : " لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حلم المسيحيين واليهود على السواء، إن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود، إن القدس قد خرجت من أيدي المسلمين، وقد أصدر الكنيست اليهودي ثلاثة قرارات بضمها إلى القدس اليهودية، ولن تعود إلى المسلمين في أية مفاوضات مقبلة ما بين المسلمين واليهود"[ المصدر السابق (ص13)].
ويقول لورانس براون : " كان قادتنا يخوفننا بشعوب مختلفة، لكننا بعد الاختبار لم نجد مبرراً لمثل تلك المخاوف.. كانوا يخوفنا بالخطر اليهودي، والخطر الياباني الأصفر، والخطر البلشفي.. لكنه تبين لنا أن اليهود هم أصدقاؤنا، والبلاشفة الشيوعيون حلفاؤنا، أما اليابانيون، فإن هناك دولاً ديمقراطية كبيرة تتكفل بمقاومتهم. لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام، وفي قدرته على التوسع والاخضاع، وفي حيويته المدهشة"[ كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها لعماد السيد محمد الشربينى (ص167)].
ويقول مورو بيرجر في كتابه "العالم العربي المعاصر": إن الخوف من العرب، واهتمامنا بالأمة العربية، ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب، بل بسبب الإسلام، يجب محاربة الإسلام، للحيلولة دون وحدة العرب، التي تؤدي إلى قوة العرب، لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره "[ الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي لمحمد البهي (ص19)].
وقال هنري كيسينجر في خطاب له ألقاه في الهند بتاريخ السادس من نوفمبر 2004م في مؤتمر هندوستان تايمز الثاني للقادة ما يلي: " إن التهديدات ليست آتية من الإرهاب كذلك الذي شهدناه في الحادي عشر من أيلول سبتمبر، ولكنّ التهديد آت من الإسلام الأصولي المتطرف الذي عمل على تقويض الإسلام المعتدل المناقض لما يراه الأصوليون في مسألة الخلافة الإسلامية".[المصدر : مجلة النيوزويك في عددها الثامن من نوفمبر 2004].
وقال كيسينجر هذا أيضاً " إن العدو الرئيسي هو الشريحة الأصولية الناشطة في الإسلام التي تريد في آن واحد قلب المجتمعات الإسلامية المعتدلة وكل المجتمعات الأخرى التي تعتبرها عائقاً أمام إقامة الخلافة". [المصدر السابق، الموضع نفسه].
ويقول قائد قوات التحالف الصليبي المشترك في العراق المحتل ريشارد مايرز يقول : " إن الخطر الحقيقي والأعظم على أمن الولايات المتحدة هو التطرف الذي يسعى لإقامة دولة الخلافة كما كانت في القرن السابع الميلادي، وإن هذا التطرف ينتشر بأماكن أكثر من العراق بكثير، ولكنه أيضاً يعمل في العراق وينتشر فيه ويحرض المقاومين على الأعمال المادية ضد أمريكا في العراق ". [ قال ذلك في جلسة الاستماع التي أقامتها لجنة خاصة في الكونجرس الأمريكي تحدث فيها ولفويتز وآرميتاج ومايرز، وقد عرضت قناة الجزيرة مقتطفاً من الجلسة في 26/ 6/2004م].
وصرّح جورج بوش الابن في السادس من أكتوبر 2005م ، مشيراً إلى وجود استراتيجية لدى مسلمين تهدف إلى إنهاء النفوذ الأميركي والغربي في الشرق الأوسط، ثم قال: إنه " عند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين، ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة، وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا"[مجلة الوعي، العدد 225 - السنة العشرون شوال 1426هـ].
وفي الرابع عشر من يناير 2006م، كتب "كارل فيك" تقريراً مطولاً في صحيفة "واشنطن بوست" ذكر فيه أن إعادة إحياء الخلافة الإسلامية الذي يهاجمه الرئيس الأميركي جورج بوش يتردد في أوساط السواد الأعظم من المسلمين.
وفي 14/1/2006 نشرت صحيفة الواشنطن بوست مقالًا علقت فيه على كلام بوش حول الخلافة وجاء في المقال : " إن المسلمين متلهفون لعودة الخلافة وأن الخلافة تشكل خطرًا يهدد الغرب وإدارة بوش بالذات مما دعا لذكرها".
وفي 5/9/2006 عاد جورج بوش ليتحدث عن الخلافة فقال : " إنهم يسعون إلى اقامة دولتهم الفاضلة الخلافة الاسلامية، حيث يُحكم الجميع من خلال هذه الايديولوجية البغيضة، ويشتمل نظام الخلافة على جميع الأراضي الإسلامية الحالية"[ نشرة أخبار تلفزيون tlc في أمريكا].
ومما تقدم نجد في بعض أقوال الغربيين الخلط بين المنهج الخارجي التكفيري كالدواعش وتنظيم القاعدة، والمنهج الشرعي المنضبط حيث جعل بعضهم الفريقين في سلة وأحدة دون تفريق.
ولذا أكرر وأقول : الإسلام دين الرفق والرحمة لا دين العنف والنقمة، وهؤلاء الذين يسمون أنفسهم بمجاهدي " الدولة الاسلامية – الدواعش" لا يمثلون الاسلام، والاسلام بريء من تصرفاتهم، ومثلهم : " تنظيم القاعدة" و " أنصار الشريعة" و " حركة الجهاد السلفي " وهلم جراً، وهكذا كافة الميليشيات الشيعية في العراق ولبنان وباكستان واليمن، فكلهم لا يمثلون إلا مناهجهم المنحرفة التي تتعارض مع سماحة الاسلام دين الرحمة والأمان.
ومع كل ذلك يظل الأعداء أعداءً لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، فعداوتهم لا تتوقف على الاسلام وأهله من خلال تصدير الديمقراطية والتعددية الحزبية وبث سمومهم المختلفة والمتكررة بأشكال متعددة لأجل تمزيق الصف الاسلامي الواحد، وحتى لا تقوم للمسلمين قائمة.
"وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ".
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
وإلى الملتقى في حلقة قادمة بإذن الله.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 08-01-2017, 09:35 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي مشروع "الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي"

مشروع "الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي"
( ضمن موضوع دراسات شرعية واقعية في الديمقراطية وأصول الأحزاب السياسية)
الحلقة (18)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني.
قيام دولة إسلامية حديثة وفق النظام الاسلامي العادل المتمثل بالكتاب والسنة مطلب كل مسلم غيور على دينه، ومطلب كل من يرفض التحاكم إلى غير ما أنزل الله.
بل عموم المسلمين اليوم يرجون قيام هذه الدولة التي تقيم العدل والاستقرار والأمن وتطبق أحكام الله في محاكمها وأجهزة أنظمتها المختلفة بمثل ما كانت عليه الدولة الراشدة في العهد النبوي الزاهر، وفي زمن الخلفاء الراشدين الأربعة، ومن سار بسيرهم كأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
ومما لا شك فيه أن العدل والأمان في هذه الدولة يشمل كل من يعيش فيها من المسلمين وغيرهم، لأن الدولة الاسلامية الراشدة تمنح البشرية جمعاء الأمن والأمان وكافة حقوقهم التي ضمنها لهم الاسلام.
وإليكم أمثلة من التاريخ تشهد بذلك :
المثال الأول : قصة القبطي مع عمرو بن العاص.
وتتلخص القصة : " أن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عندما كان واليًّا على مصر في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اشترك ابنٌ لعمرو بن العاص مع غلام من الأقباط في سباق للخيول، فضرب ابن الأمير الغلام القبطي اعتمادًا على سلطان أبيه، وأن الآخر لا يمكنه الانتقام منه؛ فقام والد الغلام القبطي المضروب بالسفر صحبة ابنه إلى المدينة ، فلما أتى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، بَيَّن له ما وقع، فكتب أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص أن يحضر إلى المدينة صحبة ابنه، فلما حضر الجميع عند أمير المؤمنين عمر، ناول عمر الغلام القبطي سوطًا وأمره أن يقتص لنفسه من ابن عمرو بن العاص، فضربه حتى رأى أنه قد استوفى حقه وشفا ما في نفسه، ثم قال له أمير المؤمنين: لو ضربت عمرو بن العاص ما منعتك؛ لأن الغلام إنما ضربك لسلطان أبيه، ثم التفت إلى عمرو بن العاص قائلاً: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟"([1]).
المثال الثاني : قصة فتح سمرقند.
في عهد عمر بن عبدالعزيز فتح الجيش الإسلامي مدينة سمرقند ولم يمهل قائد الجيش قتيبة بن مسلم أهل المدينة ثلاثة أيام، ولم يخيّرهم بين الإسلام والجزية والقتال، وكان أهل سمرقند يعرفون ذلك عن المسلمين، فقام أهل سمرقند بإرسال شكواهم إلى خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز يقول رسول أهل سمرقند - وهو أحد كهانهم -: ذهبت أقطع الطرق والبلاد حتى وصلت إلى دمشق عاصمة الخلافة ودخلت أعظم بناء في المدينة فوجدت أناساً يركعون ويسجدون، فسألت أحدهم أهذه دار الوالي؟ فقال : لا، هذا المسجد، أما صليت؟ فقلت له : ما صليت قط إنني على دين أهل سمرقند، وأخذ يحدثني عن الإسلام حتى اعتنقته، ثم قال لي : اسلك هذا الطريق نهايته بيت الوالي فذهبت فإذا بي أجد رجلاً قد ارتقى سلماً بأعلى الدار، ووجدت امرأة على الأرض تناوله الطين ليسد فتحة في الدار، فرجعت إلى الذي دلني، وقلت له أسألك عن دار الوالي، فتدلني على رجل طيان، فقال لي تلك دار الوالي، فتعجب ورجع إلى الدار ووجد أن ذاك الطيان هو أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، فأخبره بما حدث في الفتح، فأمر عمر بن عبدالعزيز بتعيين قاضي للتحقيق في الأمر، فسأل القاضي قتيبة عن ما حدث، فقال : الحرب خدعة، وهذا بلد عظيم أنعم الله به علينا وأنقذه بنا من الكفر، فقال القاضي : هل دعوتم أهله إلى الإسلام والجزية والقتال؟ فقال : لا ولكننا دخلناه مباغتة، فقال القاضي : حكمت بأن يخرج جميع المسلمين كافة من سمرقند كما دخلوها، فلم يصدق أهل سمرقند هذا، وأخذوا ينظرون للجيش وهم يخرجون، ولم يصدق ذلك حتى خرج الجيش كله، فقال الكهنة : والله إن دينهم لهو الحق، فأسلم الكهنة، ثم اسلم جميع أهل المدينة"([2]).

المثال الثالث :
تروي المؤرخة النصرانية المعاصرة "إيريس حبيب المصري" في كتابها: "قصة الكنيسة القبطية" عن غزو الفرنسيين لمصر، وقيام بعض النصارى المصريين برئاسة "المعلم يعقوب" بتكوين جيش اسمه "الفيلق القبطي"؛ لمساعدة "نابليون" في غزو مصر، ودلُّوا على عورات البلاد؛ فأفلح، وكان عدد المصريين النصارى ألفي رجل، فلما انهزم نابليون، وانسحب الجيش الفرنسي عائدًا إلى بلاده خرج معهم المعلم "يعقوب" وجيشه إلى فرنسا، فجاءت نساؤهم وأطفالهم يستعطفون الحاكم المسلم، قائلين : "نحن لا ذنب لنا فيما فعله رجالنا". فأمر الحاكم المسلم بتأمينهم، وعدم المساس بهم، وبالفعل نسي المسلمون ما كان من نصارى القبط، وعاشوا في مصر بأمان.
وتحكي المؤرخة المعاصرة "كارين أرمسترونج" أن: "أهل الشام كانوا يرسلون إلى قادة جيوش المسلمين يدعونهم لفتح بلادهم وتخليصهم مِن الروم المسيحيين؛ لما سمعوه عن عدالة المسلمين في حكم البلاد".
ولقد شهدت كتب المؤرخين النصارى "كارين - وإيريس - وأندرو ميللر" وغيرهم بعدل الحكام المسلمين مع غير المسلمين.
وأمثلة العدالة والأمان في الاسلام أكثر مما تحصى بأقلام المؤرخين غير المسلمين فضلاً عن المؤرخين المسلمين وتاريخهم العدل المشرف.
شَهِدَ الأَنَامُ بِفضْلِهِ حتى الْعِدَا وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ به الأَعْدَاءُ

الدولة الحديثة والتقدم المعاصر
لا تمانع الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي من الاستفادة من كافة الوسائل والعلوم والأبحاث الحديثة التي تكون سبباً من أسباب التقدم والرقي.
ومن ادعى أن الاسلام لا يواكب العصر فيما أباحه الشرع من العلوم الدنيوية فهو جاهل بأدلة الكتاب والسنة، ولا يلتفت لقوله.
إذ الحقيقة التي دلت عليها النصوص الشرعية وأثبتها التاريخ الاسلامي أن : الإسلام يقبل التقدم العلمي والتكنولوجي والتطور المحمود الذي يرقى بالحياة والإنسان، لكنه في الوقت نفسه يرفض التغريب الذي يَسلخ الأمة من جلدها، ويبعدها عن دينها.
فقديماً أخذ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وغيره من أمراء المسلمين نظام الدواوين وأنظمة تقسيم الجيوش ونظام رواتبهم وتقسيم الوظائف وهيكلة بناء الدولة في ظل كثرة الفتوحات وتوسعها من عجم الروم والفرس الذين دخلوا في دين الله أفواجاً.
فهذه الأمور الحياتية المعاصرة والوسائل النظامية الحديثة لا حرج من أخذها من غير المسلمين لكونهم أعلم منا في أمور الدنيا وعلومها طالماً لم تخالف نصاً شرعياً، وقد أشار الله إلى ذلك بقوله : " يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ".
والحاصل : أن الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي تدعو إلى التطور والتقدم والمساعدة في الحصول على التكنولوجيا الجديدة، وتعبئة وتوجيه الموارد إلى القطاعات الإنتاجية، وفرض المعايير واللوائح، وإنشاء المواثيق الاجتماعية، وتنظيم الخدمات والبرامج الاجتماعية وتمويلها، وبناء الدولة بناء معاصراً يتواكب مع العصر بما لا يتصادم مع أصول شريعتنا السمحة.


الدولة الحديثة دولة رحمة وشفقة بالبشر
لقد أعطى الاسلام الشعوب الاسلامية وغير الاسلامية حق العيش والأمان وضمن لهم الأمن والاستقرار، وخيَّر من لم يدخل في الاسلام بخيارات تضمن لهم السلامة والأمان وإن لم يسلموا، ومن فرضت عليه الجزية وليست عنده قدرة في دفعها فإنها تسقط عليه، وعلى كافة فقراء غير المسلمين.
وقد اشترط الفقهاء لفرض الجزية على أهل الذّمّة عدّة شروط،ً أهمها ‏:‏ البلوغ، والعقل، والذّكورة، والحرّيّة، والمقدرة الماليّة، والسّلامة من العاهات المزمنة‏، فأسقطوا الجزية على كل ذمي لا قدرة له على دفعها، بينما فقراء المسلمين لا تسقط عليهم أمريكا وغيرها من الدول غير الاسلامية الرسوم والضرائب السنوية إذا عاشوا في تلكم البلدان غير الاسلامية، وهي مبالغ أكثر من الجزية الاسلامية السنوية.
وإليكم بعض أدلة الرحمة في الاسلام :
قال الله تعالى: " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (التوبة : 128 ).
وقال صلَّى الله عليه وسلم كما ثبت عنه: “يا أيها النَّاس إنَّما أنا رحمة مُهْداة” اخرجه رواه الحاكم وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي.
وثبت عنه أنه قال : “من لا يَرحمْ، لا يُرحمْ، ومن لا يَغفرْ لا يُغفرْ له، ومن لا يَتب لا يُتبْ عليه” أخرجه الطبراني عن جرير.
وأخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلَّى الله عليه وسلم: “إنَّ الله لم يبعثني معنِّتاً و لا متعنِّتاً ولكن بعثني معلِّماً ميسِّراً”.
وكان يوصي أمراء سراياه وبعوثِه بقوله: ” اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدُروا، ولا تمثّلوا ولا تقتلوا وليداً" أخرجه أحمد ومسلم عن بريدة رضي الله عنه.
وفي رواية قال: “لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلّوا، وأصلحوا وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين” . أخرجه أبو داود في سننه.
وحرّم الشرع الحكيم الاعتداء على من أمّنه المسلمون من أهل الذّمّة والعهود والمواثيق، فقال صلى الله عليه وسلم: ” من قتل معاهَدًا لم يرَحْ رائحةَ الجنَّة، وإنَّ ريحَها ليوجد من مسيرةِ أربعين عامًا” أخرجه البخاري.

ما توفره الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي
ليعلم الشرق والغرب وكل أبناء الاسلام أن : دولة الاسلام توفر لكل من يعيش فيها كل ما يحتاجه منذ ولادته حتى بعد موته الذي ينتهي بغسله، وتكفينه، والصلاة عليه، وحمل جنازته، ودفنه في مقبرة خصصتها الدولة على نفقتها واهتمت بحدودها ومقابرها وحراسة سورها للمحافظة على حرمة الميت بعد وفاته.
فهي توفر للمواطنين والمقيمين : حقوق التعليم الصحيح، وحرياتهم غير المنافية للشرع، والخدمات والمنافع العامة، وتهتم بشئون الدفاع والنظام العام، وتحمي حقوق الملكية، وتهتم بالصحة وتحسين مستوى المعيشة، وتحارب الفقر والجهل والتخلف والاستبداد والرجعية، وتسعى لتحسين مستوى التربية والتعليم والبيئة، وتمنع الاحتكارات، وتنظم القطاع المالي والاداري في الدولة، وتشجع على الصناعة والزراعة ونحوها مما يطول ذكره وفق نظام أساسي في كافة دواوين الدولة ومؤسساتها ووزاراتها وهيئاتها ومحافظاتها وقراها، مع متابعة حقيقية وفق مراقبة تامة لكل هيئات ووزارات ودواوين ومؤسسات الدولة بعيداً عن الفساد الاداري الذي نلمسه في الدول والجمهوريات القائمة على الانظمة الوضعية البشرية، كما تحفظ لهم كل الواجبات والمسؤوليات التي يتم تطبيقها ضمن نطاق هذه الدولة ودستورها العام، كما توفر لهم فرص العمل والعيش الكريم لمواطنيها لكونها تتجنب تحولهم إلى عاطلين يشكلون عبئاً على الميزانية العامة أو مثالاً للبطالة، أو مصدر هدر لجزء من المال العام فيلحقون الضرر بمنافع بقية من يعيش على أرض الدولة باعتبار أن هذا الضرر الجسيم هو صورة للفساد المالي والإداري الذي تعاني منه العديد من دول العالم الثالث، كما تسعى الدولة لبناء مجتمع اقتصادي نموذجي وتؤهل أفراده ليكونوا منتجين وليسوا عاطلين يشكون الفقر باعتباره ظاهرة اجتماعية سلبية تتناقض مع قيم ومثل النظام الاسلامي، كما توفر لهم المناخ الأمني والاستقرار النفسي باعتبار الحاجة إلى الأمن ضرورة دينية واجتماعية ونفسية لا يمكن الاستغناء عنها، كما توفر لهم بناء المؤسسات التعليمية الدينية والدنيوية وتهيئة مستلزماتها لنشر المعرفة الشرعية والمعرفة المهنية والثقافة العامة من أجل تنمية الناس دينياً ومعرفياً ومهنياً، وبناء المؤسسات الصحية وتضمينها الوسائل التقنية الحديثة لمكافحة مختلف الأمراض والأوبئة، مع توفير سبل الوقاية منها لتأمين الأمن الصحي والنفسي والمعنوي لأفراد المجتمع، كما تبني لهم مؤسسات الحفاظ على البيئة والتشجيع على تأسيس منظمات الدفاع عن البيئة مع توفير الدعم اللازم لها لتمارس دورها في حماية البيئة وإصلاحها، كما تعتمد نظام الضمان الاجتماعي لرعاية كبار السن والمعوقين والمتقاعدين، كما توفر لهم سلطة اقتصادية تتجسد في الانتاج والاستثمار عبر مؤسسات وشركات قطاعها العام، إضافة إلى ممارستها لوظيفتها الإدارية بالإشراف على تطوير السوق المالية والمصارف الاسلامية المنضبطة وحمايتها من الاحتكار والأزمات والتضخم بكافة أنواعه عبر تنفيذ برامج مالية محددة، مع أحقية أن يمارس رجال الأعمال والقطاع الخاص والمختلط من المستثمرين والمنتجين نشاطاتهم الاقتصادية التجارية بصورة مستقلة بشرط أن لا تتصادم مع النظام الاقتصادي الاسلامي العام، كما تتبنى الدولة مبدأ المساءلة من قبل جهاز تؤسسه لمتابعة سياسات وزاراتها ووزرائها والمدراء العامين والموظفين الكبار والصغار واقتفاء آثار الفساد والمفسدين لتقديمهم إلى القضاء العادل لمحاسبتهم، كما لا تسمح الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي بالتداخل في الوظائف والحقوق بين المؤسسة العسكرية الاستثنائية وسلطة الشرطة والأمن الداخلي باعتبار أن سلطتهما مدنية تعمل على توفير الأمن للدولة داخلياً وتنظيمه ضمن قطاعها العام، وكذلك القطاع الخاص.
كما توفر الدولة مبدأ التعاون بينها وبين الشعب في مجال مكافحة الجريمة والفساد المالي والإداري متى ما ظهر وكشفه فرد من أفراد المجتمع.
مكونات أركان الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي
تختلف صلاحيات أركان الدولة في ظل النظام الإسلامي العادل عن ما هو في النظام الديمقراطي وغيره من النظم البشرية الوضعية، وذلك أن النظام الاسلامي يجعل المسؤولية في اختيار الحاكم منوطة بأعضاء مجلس الشورى المكون من كبار العلماء والأعيان في البلدة، وهم الجهة الوحيدة التي تعين وتعزل الحاكم وفق شروط الولاية الشرعية الموافقة للكتاب والسنة والتي سيأتي ذكرها، فإذا تم تعيينه، فالحاكم رئيس الدولة بكافة أشكالها وهياكلها، وصاحب النفوذ المطلق في القيام بكافة شؤون الدولة، وهو من يعين ويرقي كافة موظفي الدولة بنفسه أو من خلال نوابه بما في ذلك رئيس مجلس الوزراء والوزراء وولاة المحافظات وغيرهم من الموظفين صغيراً كان أو كبيراً، ولا يكون له نائب في الحكم إلا بإذنه، ولا يحاسب الحاكم إلا مجلس الشورى فهو سلطة على الحاكم، في حال ظهر من الحاكم ظلم أو تعسف أو خلال بالأمن أو تقصير بالمهام أو نحو ذلك.
وتتكون الدولة في ظل النظام الاسلامي من عدة أركان رئيسة، وهي :
الأول : الحاكم ( أمير البلاد ).
وهو رئيس الدولة، وصاحب النفوذ المطلق وفقاً لقرار مجلس الشورى، كما يعتبر السلطة الأولى المسؤولة عن العدل والأمن والاستقرار في داخل الدولة بكافة ولاياتها ومناطقها، ويعين ويرقي كافة موظفي الدولة بنفسه أو من خلال نوابه بما في ذلك رئيس مجلس الوزراء والوزراء وولاة المحافظات وغيرهم من الموظفين صغيراً كان أو كبيراً، ولا يكون له نائب في الحكم إلا بإذنه، ولا يحاسبه إلا مجلس الشورى فهو سلطة عليه في موضعين الأول عند تعيينه وتنصيبه رئيساً للدولة، والموضع الثاني عند عزله، فمجلس الشوري هو الجهة الوحيدة التي لها حق اختيار وتنصيب الأمير والياً على الرعية متى كان أهلاً للحكم، وعزله متى سقطت أهليته واختل شرط من شروط ولايته، وليست هناك مدة معينه لبقائه، بل يبقى على رأس الحكم ما بقيت أهليته وعدالته، كما يمثل الوالي الدولة أمام بقية العالم، حيث يشارك بذاته أو من خلال نوابه في الاجتماعات الدولية، ويلتقي الوفود الداخلية والخارجية.
الثاني : رئيس مجلس الوزراء.
يتم تعيينه من قبل ولي الأمر " الحاكم"، وهو المسؤول على كل الوزراء المعينين في الحكومة، ويتم تعيين كافة الوزراء بناء على توجيهات ولي الأمر بالمشاورة مع رئيس مجلس الوزراء.
الثالث : مجلس الشورى.
وهو الجهة المخولة بتعيين والي الدولة والياً على الرعية متى كان أهلاً للحكم عدلاً فيه، وعزله متى سقطت أهليته واختل شرط من شروط ولايته للحكم.
ويتكون المجلس من عشرة أعضاء أو أكثر من كبار علماء البلد، ويختار هؤلاء العلماء معهم أربعة أو أكثر من كبار الدهاة والأعيان والوجهاء في البلد، وكذلك أربعة أو أكثر من كبار التجار الأذكياء، فيكون عدد المجلس على الأقل : 18 رجلاً، ومتى رأوا المصلحة زيادة العدد فعلوا نظراً للمهام وكثرتها ونظراً لمصلحة الدولة ورعيتها، وهم من يعين ويعزل رئيس الدولة وفقاً للمصلحة العامة، ويُعد مجلس الشورى السلطة التشريعية، التي تسن القوانين بما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية، وفي حالة كانت القوانين لا تتعلق بالحدود والقضاء الشرعي، فإن كل وزارة وهيئة ومؤسسة حكومية تسن قوانينها وفقاً للجنة التشريع في الهيئات والوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ولا يتم اعتماد أي قانون حتى يتم عرضه على مجلس الشورى للمصادقة عليه أو تعديله، ومن ثم رفعه لولي الأمر لاعتماده، ومن ثم يكون نافذاً.
كما يعين مجلس الشورى له مستشارين على عدد الوزارات والهيئات ومؤسسات الدولة بما لا يقل عن مستشار واحد متخصص في مجاله، ويكون هؤلاء المستشارون بمثابة ممثلين عن الأجهزة الإدارية أو الوزارات ذات الطابع المدني أو السياسي أو العسكري في مجلس الشورى، ويكون لهم مجلس يسمى بالمجلس الاستشاري بمجلس الشورى، بحيث يستشيرهم العلماء والأعيان والتجار " أعضاء مجلس الشورى" كلما احتاجوا إلى استشارة حسب مجال كل مستشار.
ويكون رئيس المجلس أحد العلماء الكبار، ولا يكون رئيس المجلس من غير العلماء، لأن الحكم إسلامي وهذا من اختصاص العلماء لكون البلد قائم على الأمراء والعلماء.
قال الله تعالى : " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾[النساء:83].
بمعنى : إذا جاءهم أمر من الخوف أو من الأمن فهذا يرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وإلى سنته بعد وفاته، (وإلى أولي الأمر) وهم أهل العلم وولاة الأمر.
فصلاح الدولة لا يستقيم إلا بالعلماء والأمراء معاً.
الرابع : أمراء الأقاليم أو المحافظات " الولايات".
ويتم تعيينهم من ولي الأمر.
الخامس : الشعب، وهم الرعية، فلا دولة إلا بأمير ورعيته.
السادس : قيادة الجيوش والعتاد الحربي.
ويتم تعيين قائده من ولي الأمر، وتخضع إدارته لولي الأمر، ولا ولاية لرئيس مجلس الوزراء في الجيش وقادته في النظام الاسلامي.
كما يعين ولي الأمر رئيساً للعتاد الحربي، وتخضع إدارته لولي الأمر ونائبه في المجال العسكري ( قائد الجيوش).

سلطات الدولة ووظائفها
تنقسم السلطة في الدولة إلى ثلاث سلطات مهمة :
الأولى : السلطة التشريعية، وهي التي تسن القوانين بما لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية، وهي سلطة مجلس الشورى، وفي حالة كانت القوانين لا تتعلق بالحدود والقضاء الشرعي، فإن كل وزارة وهيئة ومؤسسة حكومية تسن قوانينها وفقاً للجنة التشريع في الهيئات والوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية الأخرى، ولا يتم اعتماد أي قانون حتى يتم عرضه على مجلس الشورى للمصادقة عليه أو تعديله، ومن ثم رفعه لولي الأمر لاعتماده، ومن ثم يكون نافذاً.
الثانية : السلطة التنفيذية، وهي الجهة المنفذة والمشرفة على تنفيذ القوانين التي تم اعتمادها من مجلس الشورى، وتم التوقيع عليها من ولي الأمر، وهذه السلطة موجودة في الأجهزة الإدارية أو الوزارات ذات الطابع المدني أو السياسي أو العسكري، ومنها وزارة الداخلية بكافة فروعها في الولايات والمدن.
الثالثة : السلطة القضائية، وهي التي تحمي تطبيق القوانين وتحافظ عليها من العبث والاعتداء من قبل المتمردين والجهال، فهي بمثابة الدرع الحامي لمنع الخروقات والتجاوزات، وإصدار الأحكام الرادعة، وهذه السلطة موجودة في القضاء ، وفي الوزارات والهيئات ومؤسسات الدولة وفقاً للوائح التي يتم اعتمادها من مجلس الشورى.
وتتطور الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي وتتوسع في كافة مؤسساتها لتواكب العصور والأجيال القادمة حسب تزايد السكان وحاجته، وحسب مقتضيات الحياة، والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يتطور بتجدد العصور.
وكل ما تقدم في هذا المقال : فهو جزء لواقع الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي، وهو مختصر من كتابي " مشروع الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي" ويقع في أكثر من (200 صفحة)، وفيه كل ما يتعلق بالدولة الحديثة بكل إداراتها وهيئاتها ووزاراتها ومؤسساتها وأنظمتها وهياكلها وشروط ومهام وصلاحيات الوالي ورئيس مجلس الوزراء ومجلس الشورى وقيادة الجند والعتاد الحربي ونحو ذلك وفق النظام الاسلامي.
وهو مشروع حياة لا يستغني عنه ولاة أمورنا في العالم العربي والاسلامي كي يقودوا رعيتهم وفق النظام الاسلامي الرباني السماوي المتمثل بأدلة الكتاب والسنة.
فلا عزة للراعي والرعية إلا بتطبيق الشريعة الاسلامية بعيداً عن الأنظمة الوضعية الرجعية التي أعادتنا إلى زمن الفوضى والتقهقر وفق ما خططه لنا أعداؤنا.
وفق الله الجميع لطاعته وألهمهم رشدهم.

أهم المصادر والمراجع :
1-عبدالعزيز بن ابراهيم العمري، كتاب الولاية على البلدان الولاية علي البلدان في عصر الخلفاء الراشدين.
2-أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، كتاب فتوح البلدان.
3-إيريس حبيب المصري، كتاب قصة الكنيسة القبطية.
4-كارين أرمسترونج، كتاب تاريخ الأسطورة.
5-سامي عباس، الدولة المدنية، المفهوم ..المبادئ ..التطبيق.
6- صادق بن محمد البيضاني، كتاب مشروع الدولة الحديثة في ظل النظام الاسلامي.

[1] عبدالعزيز بن ابراهيم العمري، كتاب الولاية على البلدان الولاية علي البلدان في عصر الخلفاء الراشدين.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:19 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.