أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
93875 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2011, 04:30 PM
أبو أنس الخالدي أبو أنس الخالدي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: فلسطين
المشاركات: 263
افتراضي بَخٍ بَخٍ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي الْمِيزَانِ

قال صلى الله عليه وسلم : (( بَخٍ بَخٍ ما أثقلَهُنَّ في الميزان " لا إلـه إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، والولد الصَّالح يُتوفَّى للمرء المسلم ؛ فَيَحتسبهُ )) " رواه النسائي عن أبي سلمة وهو صحيح " .
ثواب كبير وأجر عظيم لا يعلمه إلا الذي يُثيبه وهو الله سبحانه لعباده الصابرين الذين احتسبوا أبناءهم الذين تُوَفوا فَرَضوْا بقضاء الله الذي لا رادَّ له إلا هو سبحانه ، موقنين بقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } (الطلاق:3) .



لهذا كان لهم هذا الأجر العظيم ، الذي قرنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع الأجر العظيم لمن هداه الله لتوحيده وتحميده وتسبيحه وتكبيره ، وحتى نَعلم على وجه التقريب كم هذا الأجر ، اسمع لهذا الحديث ، قال صلى الله عليه وسلم : (( وآمركما بـ " لا إلـه إلا الله " ؛ فإن السموات والأرضَ وما فيهما لو وضعت في كفة ، ووضعت " لا إلـه إلا الله " في الكفة الأخرى ؛ كانت أرجح منهما ، … الحديث )) " رواه الحاكم عن عبد الله وقال صحيح الإسناد " .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من هاله الليل أن يكابده ، أو بخل بالمال أن ينفقه ، أو جبن العدو أن يقاتله ، فليكثر من " سبحان الله وبحمده " ؛ فإنها أحب الى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل )) " رواه الطبراني عن أبي أمامة وقال الألباني صحيح لغيره "
وحسبك أن أحب الكلام إلى الله كما قال صلى الله عليه وسلم : (( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إلـه إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهنَّ بدأت )) " رواه مسلم . هذا أحب الكلام الى الله جلَّ وعلا ، وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن بهذا الكلام الذي هو أحب الكلام الى الله سبحانه ، مع الولد الصالح الذي يتوفى فيحتسبه أهله يعني ضمنياً أنَّ أحب الصبر الى الله وأثقله في الميزان من صَبر على فقدان ولده واحتسبه عند الله وكان لسان حاله يقول " اللَّهم أجرني في مصيبتي هذه واخلف لي خيراً منها ، إنا لله وإنا إليه راجعون " . وحسب هذا المصاب بفقد ولده وصبره على ذلك أن َيمُنْ الله عليه بالرضا وبمقعد صدقٍ عند مليكٍ مقدر في جنات عدن ،
ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود حديثاً قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الرَّقوب فيكم قال : قلنا الذي لا يولد له قال ليس ذلك بالرقوب ولكنه الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئا … الحديث )) قال النووي رحمه الله في معنى هذا الحديث " أنكم تعتقدون أن الرقوب هو المصاب بموت أولاده ، وليس هو كذلك شرعاً ، بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه ، يُكتَب له ثواب مصيبته به ، وثواب صبره عليه ، ويكون له فرطاً أي سبقاً وسلفاً . وإليك بعض هذه الأحاديث في ثواب وأجر من قدم أحد من الولد فاحتسبه :
قال صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : (( ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه – أي ولده – من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة )) " رواه البخاري عن أبي هريرة " . وقال أيضاً : (( ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث – أي البلوغ – ؛ إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم )) " متفق عليه " وفي النسائي بنحوه من حديث أبي هريرة ،وزاد فيه (( يُقال لهم ادخلوا الجنة ، فيقولون : حتى تدخل آباؤنا . فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم )) وقال أيضاً : (( من احتسب – أي صبر وطلب الأجر من الله – ثلاثة من صلبه ؛ دخل الجنة )) فقامت امرأة فقالت : أو اثنان ؟ فقال صلى الله عليه وسلم (( أو اثنان )) " رواه النسائي من حديث أنس وهو صحيح لغيره " .
وقال أيضاً : (( ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ؛ إلا تَلَقَّوْهُ من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل )) " رواه ابن ماجه عن أبي سلمة وإسناده حسن " . وقال أيضاً : (( لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم )) " أي إلا مروره على الصراط وهو قوله تعالى : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً } (مريم:71) . والحديث متفق عليه
وقال أيضاً لنسوة من الأنصار : (( لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه ؛ إلا دخلت الجنة )) فقالت إمرأة منهن : أو اثنتان يا رسول الله ؟ قال : (( أو اثنان )) " رواه مسلم .
وجاء أيضاً عن أبي حسان قال : قلت لأبي هريرة : إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدِّثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ تُطَيِّبُ به أنفسنا عن موتانا ؟ قال : نعم ، (( صغارهم دعاميص الجنة ، يتلقى أحدهم أباه ، أو قال أبويه ، فيأخذ بثوبه ، أو قال : بيده ، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا ، فلا يتناهى أو قال ينتهي ، حتى يدخله الله وأباه الجنة )) . " رواه مسلم " ومعنى دعاميص هم للرجل الزوَّار للملوك ، الكثير الدخول عليهم والخروج ، لا يتوقف على إذن منهم ، ولا يخاف أين ذهب من ديارهم ، شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء ، لا يمنع من بيت فيها ولا موضع .
وجاء أيضاً عن زهير بن علقمة قال : جاءت امرأة من الأنصار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن لها مات … فقالت : يا رسول الله ! قد مات لي ابنان منذ دخلت في الإسلام سوى هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( والله لقد احتظرت من النار بحظار شديد )) " رواه الطبراني وهوصحيح لغيره " ومعناه : لقد احتميت وتحصنت من النار بحمى عظيم ، وحصن حصين .
وجاء أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من المسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ؛ إلا جيء بهم يوم القيامة حتى يقفوا على باب الجنة ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة . فيقولون : حتى تدخل آباؤنا . فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم )) " رواه الطبراني وهو صحيح " .
وجاء أيضاً عن قرة بن إيَّاس : أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أتحبه " قال : نعم يا رسول الله ! أحبك الله كما أحبه . ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما فعل فلان ابن فلان " قالوا : يا رسول الله ! مات . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه : " ألا تحب أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك ؟ " فقال رجل يا رسول الله ! أله خاصة ، أم لكلنا ؟ قال : " بل لكلكم " . رواه أحمد وابن حبان وهو صحيح . وفي رواية للنسائي قال صلى الله عليه وسلم للرجل والد الصبي " يا فلان ! ايما كان أحب إليك أن تتمتع به عمرك ، أو لا يأتي غداً الى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك أليه يفتحه لك ؟ " قال يا نبي الله ! بل يسبقني الى باب الجنة ، فيفتحها لي لهو أحب إليَّ . قال : " فذاك لك " .
وهذا الأجر والثواب العظيمين ليس فقط لمن مات له ولد لم يبلغ الحنث بل لكل من مات له ولد سواء كان بعد البلوغ أو حتى إذا كان سقطاً – وهو ما يُعرف بالجنين الذي يسقط من أُمه متوفيا – لعموم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم سابق الذكر " … ليس ذلك بالرقوب ولكن الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئا " ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا مات وَلَدُ العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع – أي قال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون – فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد )) " رواه الترمذي وهو حسن " وللحديث القدسي أيضاً سابق الذكر (( ما لعبدي المؤمن عندي جزاء … الحديث )) وغير ذلك من الأحاديث وبالنسبة للسقط فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده إن السِّقْطَ لَيَجر أُمَّه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته )) رواه أحمد والطبراني وهو صحيح لغيره " ومعنى السرر : هو ما تقطعه القابلة ، وما بقي بعد القطع فهو السرة .
وأخيراً عند انتهاء رسالتي أُذكر أنَّ هذا الثواب والأجر العظيمين قد يخسره الإنسان ، ذكراً كان أو أنثى ، بجزعهم وعدم صبرهم ولطم الخدود وشق الجيوب وبادعائهم بدعوة الجاهلية كقولهم " إيش المعنى أنا يارب " " أنا كاين عامل إيش بحياتي حتى يصير فيَّ هذا "
" بكفي يارب يلي اتحملته أنا ما بتحمَّلهُ مخلوق " إلى غير ذلك من الأقاويل والكلام الباطل والذي به يكون قد خسر ولده في الدنيا ويكون عليه السخط والوزر في الآخرة لأنه بكلامه هذا يكون قد سخط على قضاء الله وقدره ، فيجلب سخط الله عليه ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( النائحة إذا ماتت ولم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قَطِران ودرع من جرب )) رواه مسلم " بهذا تكون قد خسرت الدنيا والآخرة وذلك الخسران المبين . إذاً ما السبيل لكسب الدنيا والآخرة بجلب الرحمة والمغفرة من الغفار والجنة والرضوان من الرحمـن ، يرشدنا إلى هذا حبيب الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديثه : (( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : { إنَّا لله وإنَّا إلَيهِ راجعون } اللهم أَجرني في مصيبتي هذه واخلف لي خيراً منها ، إلا أَخلف الله له خيراً منها )) " رواه مسلم " ويُجَسدُ هذه المقولة الطيبة من الفم الطيب الطاهر ، هاتين القصتين والتي بهما أختم هذه الرسالة :
أولها وهي قصة صغيرة تذكرها أُم سلمة رضي الله عنها حيث قالت : " فلمَّا مات أبو سلمة قلت : أيُّ المسلمين خير من أبي سلمة ، أَول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ - حيث إنَّ من قصة أبي سلمة وزوجه أم سلمة من القصص العظيمة المثيرة التي تجسد معنى الصبر والثبات وكل التحمل في سبيل هذه العقيدة الإسلامية العظيمة وما نالوه من أهلهما وهم أقرب الناس لهم فضلاً عن غيرهم ولمعرفة المزيد يرجى مراجعة كتب السِيَر – قالت لما مات أبو سلمة قلتها – أي ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ، فأَخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو والله خير من أبي سلمة بل هو خير خلق الله على الإطلاق فأصبحت أُم للمؤمنين باقترانها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والقصة الثانية طويلة قليلا ولكن لابد من ذكرها لما فيها من العبر والعظة لمن يعتبر :

قال أنس رضي الله عنه : " قال مالك أبو أنس لامرأته أُمِّ سُلَيْم – وهي أُم أنس – إنَّ هذا الرجل – يعني النبي صلى الله عليه وسلم – يُحَرمِّ الخمر – فانطلَقَ حتى أتى الشام فهلك هناك فجاء أبو طلحة فخطب أم سليم فكلمها في ذلك ؛ فقالت يا أبا طلحة ! ما مِثلكَ يُرَد ، ولكنك أُمرؤ كافر ، وأنا امرأة مسلمة لا يصلُحُ لي أن أتزوجك ! فقال : ما ذاك مهرك ! قالت وما مهري قال : الصفراء والبيضاء – أي أراد أن يطمِّعُها بالذهب والفضة – قالت : فإني لا أُريد صفراء ولا بيضاء ، أُريد منك الإسلام ، فإن تُسلم فذاك مهري ، ولا أسألك غيره ، قال : فمن لي بذلك ؟ قالت : لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله جالس في أصحابه ، فلما رآه قال : جاءكم أبو طلحة غرة الإسلام بين عينيه ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قات أُم سُلَيْم ، فتزوَّجها على ذلك . قال ثابت " وهو البناني أحد رواة القصة عن أنس " : فما بلغنا أنَّ مهراً كان أعظم منه أنها رضيت الإسلام مهراً ، فتزوَّجها وكانت امرأة مليحة العينين ، فيها صِغَرٌ ، فكانت معه حتى وُلِدَ له بني ، وكان يحبُّه أبو طلحة حباً شديدا ومَرِض الصبي مرضاً شديدا ، وتضعضع أبو طلحة لمرض إبنه ، فانطلق أبو طلحة عشية الى النبي صلى الله عليه وسلم ومات الصبي فقالت أُم سُلَيم : لا ينعينَّ – أي لا يخبر – إلى أبي طلحة أَحدٌ ابنه حتى أَكون أنا الذي أنعاه له ، فَهَيَّأت الصبي فَسَجَّت عليه ، ووضعته في جانب البيت ، وجا أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها ومعه ناس من أهل المسجد من أَصحابه فقال : كيف ابني ؟ فقالت يا أبا طلحة ما كان منذ اشتكى أَسكن منه الساعة وأَرجو أن يكون قد إستراح ! فأتته بعشائه فقرَّبه إليهم فَتَعشَّوا ، وخرج القوم ، قال : فقام إلى فراشه فوضع رأسه ، ثمَّ قامت فتطيَّيبت وتصنَّعَت له أحسنَ ما كانت قبل ذلك ، ثمَّ جاءت حتى دَخَلت معه الفراش ، فما هو إلا أن وجد ريحَ الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله ، فلمَّا كان آخر الليل قالت يا أبا طلحة أرأيت لو أنَّ قوماً أَعاروا قوماً عَريَّة لهم ، فسألوهم إيَّاها أكان لهم أن يمنعوهم ؟ فقال : لا ، قالت : فإنَّ الله عز وجل كان أَعارك ابنك عارية ، ثمَّ قَبَضه إليه ، فاحتسب واصبر ! فَغضب ثمَّ قال : تركتني حتى إذا وقعت به نعيت إليَّ ابني ! فاسترجع ، وحمد الله فلَّما أصبح اغتسل – أي عند الفجر – ثمَّ غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى معه – أي الصبح – فأَخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم باركَ الله لكما في غابر ليلتكما ، فَثقلت من ذلك الحمل وضربها المخاض فولدت غلاماً ، وقالت لإبنها أنس : يا أنس ! لا يُطعَم شيئاً حتى تغدوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعثت معه تمرات ، قال : فبات يبكي ، وبت مجنحاً – أي مائلاً – عليه ، اُكالئه حتى أَصبحت ، فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه بردة ، فلمَّا نظرَ إليه ، قال لأنس : أَوَلَدت بنت مِلحان ؟ قال نعم : قال فأَلقى ما في يده ، فتناول الصبي وقال : أَمعه شيء قالوا : نعم تمرات ، فأَخذَ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر فَمَضغنَّ ، ثمَّ جمع بزاقه ، ثم فغر فاه ، وأوجره إياه فجعل يحنِّك الصبي ، وجعل الصبي يتلمَّظ يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : انظروا إلى حب الأنصار التمر ، قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله ، فما كان في الأنصار شابٌّ أَفضل منه ، قال : فَخَرَجَ رَجِلٌ كثير – أي أنجب ذلك الولد عبد الله عدد كثير من الرجال ، واستشهد هو بفارس )) الحديث رُوِيَ مختصراً في البخاري ومسلم والزيادة أخرجها الطيالسي والسياق له ورواه ابن حبان وأحمد .

إخوتي في الله ، هل يوجد أجراً وذخراً يكون للمؤمن عند الله ، من أن يفوِّض كل شؤون دنياه وآخرته الى الله ، وعند الله ؟! وبما أمره الله ،يتقي بذلك يوماً عبوساً قمطريرا ، فيسارع إلى مرضات الله ، بحسن التوكل على الله ، استجابة لأمر الله { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (المائدة:23) ولقوله تعالى { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } (الطلاق: 2 – 3) فيفوز بالرضى والمغفرة في الدنيا ، والرضوان وجنَّات النعيم في الآخرة . إخوتي في الله هناك صنف من الناس من يخسر بنيه وأهله في الدنيا ويخسرهم أيضاً في الآخرة ، وهذا شأن من سخط على قضاء الله وقدره ! و الصنف الآخر من الناس من يفقد بنيه وأهله في الدنيا ، ولكن يحتسبهم عند الله ، فيكون بذلك فقدان وقتي وسرعان ما يجتمع الشمل وليس في دار كالدنيا ولكن يكون إجتماعهم في دار لا يخطر نعيمها على قلب بشر . قال الحق جلَّ وعلا { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } (الطور:21) .
فهلاَّ بامرأة كأم سليم تصنع بمثل صنيعها فتجلب بذلك رضا مليكها .
هذا وعند تتمة الكلام ، نسأل الله لنا ولكم حسن الختام ، وأن يحشرنا مع النبي العدنان ، بجواره إنه سبحانه الكريم المنَّان .

أخوكم الفقير الى عفو الله ورضاه
أبو محمود ، أحمد رزوق
11-5-1424 هـ
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-07-2011, 09:26 PM
ابو الزهراء الشاوي ابو الزهراء الشاوي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 660
افتراضي

اقتباس:
قال صلى الله عليه وسلم : (( بَخٍ بَخٍ ما أثقلَهُنَّ في الميزان " لا إلـه إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، والولد الصَّالح يُتوفَّى للمرء المسلم ؛ فَيَحتسبهُ )) " رواه النسائي عن أبي سلمة وهو صحيح " .
ثواب كبير وأجر عظيم لا يعلمه إلا الذي يُثيبه وهو الله سبحانه لعباده الصابرين الذين احتسبوا أبناءهم الذين تُوَفوا فَرَضوْا بقضاء الله الذي لا رادَّ له إلا هو سبحانه ، موقنين بقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } (الطلاق:3) .



لهذا كان لهم هذا الأجر العظيم ، الذي قرنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع الأجر العظيم لمن هداه الله لتوحيده وتحميده وتسبيحه وتكبيره ، وحتى نَعلم على وجه التقريب كم هذا الأجر ، اسمع لهذا الحديث ، قال صلى الله عليه وسلم : (( وآمركما بـ " لا إلـه إلا الله " ؛ فإن السموات والأرضَ وما فيهما لو وضعت في كفة ، ووضعت " لا إلـه إلا الله " في الكفة الأخرى ؛ كانت أرجح منهما ، … الحديث )) " رواه الحاكم عن عبد الله وقال صحيح الإسناد " .
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من هاله الليل أن يكابده ، أو بخل بالمال أن ينفقه ، أو جبن العدو أن يقاتله ، فليكثر من " سبحان الله وبحمده " ؛ فإنها أحب الى الله من جبل ذهب ينفقه في سبيل الله عز وجل )) " رواه الطبراني عن أبي أمامة وقال الألباني صحيح لغيره "
وحسبك أن أحب الكلام إلى الله كما قال صلى الله عليه وسلم : (( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إلـه إلا الله ، والله أكبر ، لا يضرك بأيهنَّ بدأت )) " رواه مسلم . هذا أحب الكلام الى الله جلَّ وعلا ، وبما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن بهذا الكلام الذي هو أحب الكلام الى الله سبحانه ، مع الولد الصالح الذي يتوفى فيحتسبه أهله يعني ضمنياً أنَّ أحب الصبر الى الله وأثقله في الميزان من صَبر على فقدان ولده واحتسبه عند الله وكان لسان حاله يقول " اللَّهم أجرني في مصيبتي هذه واخلف لي خيراً منها ، إنا لله وإنا إليه راجعون " . وحسب هذا المصاب بفقد ولده وصبره على ذلك أن َيمُنْ الله عليه بالرضا وبمقعد صدقٍ عند مليكٍ مقدر في جنات عدن ،
ولهذا روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود حديثاً قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ما تعدون الرَّقوب فيكم قال : قلنا الذي لا يولد له قال ليس ذلك بالرقوب ولكنه الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئا … الحديث )) قال النووي رحمه الله في معنى هذا الحديث " أنكم تعتقدون أن الرقوب هو المصاب بموت أولاده ، وليس هو كذلك شرعاً ، بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه ، يُكتَب له ثواب مصيبته به ، وثواب صبره عليه ، ويكون له فرطاً أي سبقاً وسلفاً . وإليك بعض هذه الأحاديث في ثواب وأجر من قدم أحد من الولد فاحتسبه :
قال صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : (( ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه – أي ولده – من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة )) " رواه البخاري عن أبي هريرة " . وقال أيضاً : (( ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث – أي البلوغ – ؛ إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم )) " متفق عليه " وفي النسائي بنحوه من حديث أبي هريرة ،وزاد فيه (( يُقال لهم ادخلوا الجنة ، فيقولون : حتى تدخل آباؤنا . فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم )) وقال أيضاً : (( من احتسب – أي صبر وطلب الأجر من الله – ثلاثة من صلبه ؛ دخل الجنة )) فقامت امرأة فقالت : أو اثنان ؟ فقال صلى الله عليه وسلم (( أو اثنان )) " رواه النسائي من حديث أنس وهو صحيح لغيره " .
وقال أيضاً : (( ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ؛ إلا تَلَقَّوْهُ من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل )) " رواه ابن ماجه عن أبي سلمة وإسناده حسن " . وقال أيضاً : (( لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم )) " أي إلا مروره على الصراط وهو قوله تعالى : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً } (مريم:71) . والحديث متفق عليه
وقال أيضاً لنسوة من الأنصار : (( لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه ؛ إلا دخلت الجنة )) فقالت إمرأة منهن : أو اثنتان يا رسول الله ؟ قال : (( أو اثنان )) " رواه مسلم .
وجاء أيضاً عن أبي حسان قال : قلت لأبي هريرة : إنه قد مات لي ابنان فما أنت محدِّثي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثٍ تُطَيِّبُ به أنفسنا عن موتانا ؟ قال : نعم ، (( صغارهم دعاميص الجنة ، يتلقى أحدهم أباه ، أو قال أبويه ، فيأخذ بثوبه ، أو قال : بيده ، كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا ، فلا يتناهى أو قال ينتهي ، حتى يدخله الله وأباه الجنة )) . " رواه مسلم " ومعنى دعاميص هم للرجل الزوَّار للملوك ، الكثير الدخول عليهم والخروج ، لا يتوقف على إذن منهم ، ولا يخاف أين ذهب من ديارهم ، شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء ، لا يمنع من بيت فيها ولا موضع .
وجاء أيضاً عن زهير بن علقمة قال : جاءت امرأة من الأنصار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن لها مات … فقالت : يا رسول الله ! قد مات لي ابنان منذ دخلت في الإسلام سوى هذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (( والله لقد احتظرت من النار بحظار شديد )) " رواه الطبراني وهوصحيح لغيره " ومعناه : لقد احتميت وتحصنت من النار بحمى عظيم ، وحصن حصين .
وجاء أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه وسلم : (( ما من المسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث ؛ إلا جيء بهم يوم القيامة حتى يقفوا على باب الجنة ، فيقال لهم : ادخلوا الجنة . فيقولون : حتى تدخل آباؤنا . فيقال لهم : ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم )) " رواه الطبراني وهو صحيح " .
وجاء أيضاً عن قرة بن إيَّاس : أن رجلاً كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أتحبه " قال : نعم يا رسول الله ! أحبك الله كما أحبه . ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ما فعل فلان ابن فلان " قالوا : يا رسول الله ! مات . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه : " ألا تحب أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك ؟ " فقال رجل يا رسول الله ! أله خاصة ، أم لكلنا ؟ قال : " بل لكلكم " . رواه أحمد وابن حبان وهو صحيح . وفي رواية للنسائي قال صلى الله عليه وسلم للرجل والد الصبي " يا فلان ! ايما كان أحب إليك أن تتمتع به عمرك ، أو لا يأتي غداً الى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك أليه يفتحه لك ؟ " قال يا نبي الله ! بل يسبقني الى باب الجنة ، فيفتحها لي لهو أحب إليَّ . قال : " فذاك لك " .
وهذا الأجر والثواب العظيمين ليس فقط لمن مات له ولد لم يبلغ الحنث بل لكل من مات له ولد سواء كان بعد البلوغ أو حتى إذا كان سقطاً – وهو ما يُعرف بالجنين الذي يسقط من أُمه متوفيا – لعموم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم سابق الذكر " … ليس ذلك بالرقوب ولكن الرجل الذي لا يقدم من ولده شيئا " ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا مات وَلَدُ العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع – أي قال الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون – فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد )) " رواه الترمذي وهو حسن " وللحديث القدسي أيضاً سابق الذكر (( ما لعبدي المؤمن عندي جزاء … الحديث )) وغير ذلك من الأحاديث وبالنسبة للسقط فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده إن السِّقْطَ لَيَجر أُمَّه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته )) رواه أحمد والطبراني وهو صحيح لغيره " ومعنى السرر : هو ما تقطعه القابلة ، وما بقي بعد القطع فهو السرة .
وأخيراً عند انتهاء رسالتي أُذكر أنَّ هذا الثواب والأجر العظيمين قد يخسره الإنسان ، ذكراً كان أو أنثى ، بجزعهم وعدم صبرهم ولطم الخدود وشق الجيوب وبادعائهم بدعوة الجاهلية كقولهم " إيش المعنى أنا يارب " " أنا كاين عامل إيش بحياتي حتى يصير فيَّ هذا "
" بكفي يارب يلي اتحملته أنا ما بتحمَّلهُ مخلوق " إلى غير ذلك من الأقاويل والكلام الباطل والذي به يكون قد خسر ولده في الدنيا ويكون عليه السخط والوزر في الآخرة لأنه بكلامه هذا يكون قد سخط على قضاء الله وقدره ، فيجلب سخط الله عليه ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( النائحة إذا ماتت ولم تتب قبل موتها ، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قَطِران ودرع من جرب )) رواه مسلم " بهذا تكون قد خسرت الدنيا والآخرة وذلك الخسران المبين . إذاً ما السبيل لكسب الدنيا والآخرة بجلب الرحمة والمغفرة من الغفار والجنة والرضوان من الرحمـن ، يرشدنا إلى هذا حبيب الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في حديثه : (( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله : { إنَّا لله وإنَّا إلَيهِ راجعون } اللهم أَجرني في مصيبتي هذه واخلف لي خيراً منها ، إلا أَخلف الله له خيراً منها )) " رواه مسلم " ويُجَسدُ هذه المقولة الطيبة من الفم الطيب الطاهر ، هاتين القصتين والتي بهما أختم هذه الرسالة :
أولها وهي قصة صغيرة تذكرها أُم سلمة رضي الله عنها حيث قالت : " فلمَّا مات أبو سلمة قلت : أيُّ المسلمين خير من أبي سلمة ، أَول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ - حيث إنَّ من قصة أبي سلمة وزوجه أم سلمة من القصص العظيمة المثيرة التي تجسد معنى الصبر والثبات وكل التحمل في سبيل هذه العقيدة الإسلامية العظيمة وما نالوه من أهلهما وهم أقرب الناس لهم فضلاً عن غيرهم ولمعرفة المزيد يرجى مراجعة كتب السِيَر – قالت لما مات أبو سلمة قلتها – أي ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ، فأَخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو والله خير من أبي سلمة بل هو خير خلق الله على الإطلاق فأصبحت أُم للمؤمنين باقترانها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والقصة الثانية طويلة قليلا ولكن لابد من ذكرها لما فيها من العبر والعظة لمن يعتبر :

قال أنس رضي الله عنه : " [color="rgb(139, 0, 0)"]قال مالك أبو أنس لامرأته أُمِّ سُلَيْم – وهي أُم أنس – إنَّ هذا الرجل – يعني النبي صلى الله عليه وسلم – يُحَرمِّ الخمر – فانطلَقَ حتى أتى الشام فهلك هناك فجاء أبو طلحة فخطب أم سليم فكلمها في ذلك ؛ فقالت يا أبا طلحة ! ما مِثلكَ يُرَد ، ولكنك أُمرؤ كافر ، وأنا امرأة مسلمة لا يصلُحُ لي أن أتزوجك ! فقال : ما ذاك مهرك ! قالت وما مهري قال : الصفراء والبيضاء – أي أراد أن يطمِّعُها بالذهب والفضة – قالت : فإني لا أُريد صفراء ولا بيضاء ، أُريد منك الإسلام ، فإن تُسلم فذاك مهري ، ولا أسألك غيره ، قال : فمن لي بذلك ؟ قالت : لك بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ورسول الله جالس في أصحابه ، فلما رآه قال : جاءكم أبو طلحة غرة الإسلام بين عينيه ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قات أُم سُلَيْم ، فتزوَّجها على ذلك . قال ثابت " وهو البناني أحد رواة القصة عن أنس " : فما بلغنا أنَّ مهراً كان أعظم منه أنها رضيت الإسلام مهراً ، فتزوَّجها وكانت امرأة مليحة العينين ، فيها صِغَرٌ ، فكانت معه حتى وُلِدَ له بني ، وكان يحبُّه أبو طلحة حباً شديدا ومَرِض الصبي مرضاً شديدا ، وتضعضع أبو طلحة لمرض إبنه ، فانطلق أبو طلحة عشية الى النبي صلى الله عليه وسلم ومات الصبي فقالت أُم سُلَيم : لا ينعينَّ – أي لا يخبر – إلى أبي طلحة أَحدٌ ابنه حتى أَكون أنا الذي أنعاه له ، فَهَيَّأت الصبي فَسَجَّت عليه ، ووضعته في جانب البيت ، وجا أبو طلحة من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها ومعه ناس من أهل المسجد من أَصحابه فقال : كيف ابني ؟ فقالت يا أبا طلحة ما كان منذ اشتكى أَسكن منه الساعة وأَرجو أن يكون قد إستراح ! فأتته بعشائه فقرَّبه إليهم فَتَعشَّوا ، وخرج القوم ، قال : فقام إلى فراشه فوضع رأسه ، ثمَّ قامت فتطيَّيبت وتصنَّعَت له أحسنَ ما كانت قبل ذلك ، ثمَّ جاءت حتى دَخَلت معه الفراش ، فما هو إلا أن وجد ريحَ الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله ، فلمَّا كان آخر الليل قالت يا أبا طلحة أرأيت لو أنَّ قوماً أَعاروا قوماً عَريَّة لهم ، فسألوهم إيَّاها أكان لهم أن يمنعوهم ؟ فقال : لا ، قالت : فإنَّ الله عز وجل كان أَعارك ابنك عارية ، ثمَّ قَبَضه إليه ، فاحتسب واصبر ! فَغضب ثمَّ قال : تركتني حتى إذا وقعت به نعيت إليَّ ابني ! فاسترجع ، وحمد الله فلَّما أصبح اغتسل – أي عند الفجر – ثمَّ غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى معه – أي الصبح – فأَخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم باركَ الله لكما في غابر ليلتكما ، فَثقلت من ذلك الحمل وضربها المخاض فولدت غلاماً ، وقالت لإبنها أنس : يا أنس ! لا يُطعَم شيئاً حتى تغدوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعثت معه تمرات ، قال : فبات يبكي ، وبت مجنحاً – أي مائلاً – عليه ، اُكالئه حتى أَصبحت ، فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه بردة ، فلمَّا نظرَ إليه ، قال لأنس : أَوَلَدت بنت مِلحان ؟ قال نعم : قال فأَلقى ما في يده ، فتناول الصبي وقال : أَمعه شيء قالوا : نعم تمرات ، فأَخذَ النبي صلى الله عليه وسلم بعض التمر فَمَضغنَّ ، ثمَّ جمع بزاقه ، ثم فغر فاه ، وأوجره إياه فجعل يحنِّك الصبي ، وجعل الصبي يتلمَّظ يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : انظروا إلى حب الأنصار التمر ، قال : فمسح وجهه وسماه عبد الله ، فما كان في الأنصار شابٌّ أَفضل منه ، قال : فَخَرَجَ رَجِلٌ كثير – أي أنجب ذلك الولد عبد الله عدد كثير من الرجال ، واستشهد هو بفارس [/color])) الحديث رُوِيَ مختصراً في البخاري ومسلم والزيادة أخرجها الطيالسي والسياق له ورواه ابن حبان وأحمد .

إخوتي في الله ، هل يوجد أجراً وذخراً يكون للمؤمن عند الله ، من أن يفوِّض كل شؤون دنياه وآخرته الى الله ، وعند الله ؟! وبما أمره الله ،يتقي بذلك يوماً عبوساً قمطريرا ، فيسارع إلى مرضات الله ، بحسن التوكل على الله ، استجابة لأمر الله { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (المائدة:23) ولقوله تعالى { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } (الطلاق: 2 – 3) فيفوز بالرضى والمغفرة في الدنيا ، والرضوان وجنَّات النعيم في الآخرة . إخوتي في الله هناك صنف من الناس من يخسر بنيه وأهله في الدنيا ويخسرهم أيضاً في الآخرة ، وهذا شأن من سخط على قضاء الله وقدره ! و الصنف الآخر من الناس من يفقد بنيه وأهله في الدنيا ، ولكن يحتسبهم عند الله ، فيكون بذلك فقدان وقتي وسرعان ما يجتمع الشمل وليس في دار كالدنيا ولكن يكون إجتماعهم في دار لا يخطر نعيمها على قلب بشر . قال الحق جلَّ وعلا { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } (الطور:21) .
فهلاَّ بامرأة كأم سليم تصنع بمثل صنيعها فتجلب بذلك رضا مليكها .
هذا وعند تتمة الكلام ، نسأل الله لنا ولكم حسن الختام ، وأن يحشرنا مع النبي العدنان ، بجواره إنه سبحانه الكريم المنَّان .

أخوكم الفقير الى عفو الله ورضاه
أبو محمود ، أحمد رزوق
11-5-1424 هـ
كلمات نيرات بارك الله فيك و جزاك خير الجزاء
__________________


عن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(إِنَّما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى، فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ، ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيا يُصِيبُها أو امْرأةٍ يَنْكِحُها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) متفق عليه



عبد الحق بن حسين لكحل

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-08-2011, 05:02 PM
أبو أنس الخالدي أبو أنس الخالدي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
الدولة: فلسطين
المشاركات: 263
افتراضي

وفيك بارك أخي العزيز
وجزيت خيرا على المتابعة والرد
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-09-2011, 09:55 PM
almojahed almojahed غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: فلسطين
المشاركات: 34
افتراضي

جزاك الله خيرا يا ابو نس على هذا النقل المبارك
و حفظ الله الشيخ أحمد رزوق و بارك الله فيه
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.