أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
133464 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر اللغة العربية والشعر والأدب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-07-2009, 08:52 PM
عبيد المهيمن الهلالي عبيد المهيمن الهلالي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 112
افتراضي اختصار كتاب ابن حجة{2}

30/الاستثناء
عفت القدود فلم أستثن بعدهم***إلا معاطف أغصان بذي سلم
الاستثناء استثناءان لغوي وصناعي فاللغوي إخراج القليل من الكثير والصناعي هو الذي يفيد بعد إخراج القليل من الكثير معنى يزيد على معنى الاستثناء ويكسوه بهجة وطلاوة ويميزه بما يستحق به الإثبات في أبواب البديع كقوله تعالى فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس إن في هذا الكلام معنى زائدا على مقدار الاستثناء وذلك لعظم الكبيرة التي أتى بها إبليس من كونه خرق إجماع الملائكة وفارق جميع الملأ الأعلى بخروجه مما دخلوا فيه من السجود لآدم ومن الاستثناء نوع سماه ابن أبي الأصبع استثناء الحصر وهو غير الاستثناء الذي يخرج القليل من الكثير ونظم فيه قوله
إليك وإلا ما تحث الركائب وعنك وإلا فالمحدث كاذب
فإن خلاصة هذا البيت قول الناثر للممدوح لا تحث الركائب إلا إليك ولا يصدق المحدث إلا عنك
31/التشريع- التوأم -
طاب اللقا لذ تشريع الشعور لنا***على النقا فنعمنا في ظلالهم
وشرطه أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان القريض وقافيتين فإذا أسقط من أجزاء البيت جزأ أو جزأين صار ذلك البيت من وزن آخر غير الأول كقول الحريري
يا خاطب الدنيا الدنية إنها***شرك الردي وقرارة الأكدار
فتصير
يا خاطب الدنيا الدنية*** إنها شرك الردى
وبيتي
طاب اللقا***على النقا
وهو بيت بقافية أخرى من منهوك الرجز وصار باقي بيتي بدون الجزأين الأولين
لذ تشريع الشعور لنا*** فنعمنا في ظلالهم
اجتمع في البيت من أنواع البديع السهولة والانسجام والتورية في موضعين والتمكين في القافية والجناس المطلق بين تشريع وشعور والتذييل البديعي فإني أتيت بجملة بعد تمام الكلام الأول زادت معناه تحقيقا وتوكيدا وجرت مجرى المثل
32/لتتميم- التمام-
بكل بدر بليل الشعر يحسده***بدر السماء على التتميم في الظلم
التمام وإنما سماه الحاتمي التتميم وسماه ابن المعتز اعتراض كلام في كلام لم يتم معناه وهو عبارة عن الإتيان في النظم والنثر بكلمة إذا طرحت من الكلام نقص حسنه ومعناه وهو على ضربين ضرب في المعاني وضرب في الألفاظ فالذي في المعاني هو تتميم المعنى كقول طرفة:
فسقى ديارك غير مفسدها *** صوب الغمام وديمة تهمي
قوله تعالى من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة فقوله من ذكر أو أنثى تتميم وقوله وهو مؤمن تتميم ثان وأما التتميم الذي جاء في الألفاظ فهو الذي يؤتى به لإقامة الوزن بحيث أنه لو طرحت الكلمة استقل معنى البيت بدونها وهو على ضربين أيضا كلمة لا يفيد مجيئها إلا إقامة الوزن وأخرى تفيد مع إقامة الوزن ضربا من المحاسن فالأولى من العيوب والثانية من النعوت والمراد هنا الثانية لا الأولى ومثالها قول المتنبي
وخفوف قلب لو رأيت لهيبه يا جنتي لظننت فيه جهنما
فإنه جاء بقوله يا جنتي لإقامة الوزن فأفاد تتميم المطابقة وهو ضرب من المحاسن المشار إليها والفرق بين التكميل والتتميم أن التتميم يرد على الناقص فيتمه والتكميل يرد على المعنى التام فيكمله إذ الكمال أمر زائد على التتميم وأيضا أن التمام يكون متمما لمعاني النقص لا لأغراض الشعر ومقاصده والتكميل يكملها
33/تجاهل العارف
وافتر عجبا تجاهلنا بمعرفة***قلنا أبرق بدا أم ثغر مبتسم
وسماه السكاكي بسوق المعلوم مساق غيره لنكتة المبالغة في التشبيه وهو عبارة عن سؤال المتكلم عما يعلم سؤال من لا يعلم ليوهم أن شدة التشبيه الواقع بين المتناسبين أحدثت عنده التباس المشبه بالمشبه به وفائدته المبالغة في المعنى نحو قولك أوجهك هذا أم بدر فإن المتكلم يعلم أن الوجه غير البدر إلا أنه لما أراد المبالغة في وصف الوجه بالحسن استفهم أهذا وجه أم بدر ففهم من ذلك شدة الشبه بين الوجه والبدر و يأتي في الغزل قول الشاعر
أجفون كحيلة أم صفاح*** وقدود مهزوزة أم رماح
للمبالغة في الشوق وطول الليل
وشوق ما أقاسي أم حريق وليل ما أكابد أم زمان
وللمبالغة في النحول
وقفت وقد فقدت الصبر حتى تبين موقفي أني الفقيد
وشكك في عذالي فقالوا لرسم الدار أيكما العميد
وللمبالغة في الغزل
في الخيف من ظبيانه سمراء أقوامها أم صعدة سمراء
للمبالغة في تعظيم الممدوح قول ابن هانئ المغربي
أبني العوالي السمهرية والمواضي المشرفية والعديد الأكبر
من منكم الملك المطاع كأنه تحت السوابغ تبع في حمير
للمبالغة في الذم قول زهير
وما أدري وسوف أخال أدري أقوم آل حصن أم نساء
ومما جاء للتحقير قول
لما ادعى غصن الرياض بأنه في لينه مع قدها موصوف
قلنا له هل أنت تشبه قدها ما أنت هذا القد يا مقصوف
ومما جاء منه للتوبيخ قول ليلى بنت طريف الخارجية في أخيها الوليد
أيا شجر الخابور مالك مورقا كأنك لم تجزع على ابن طريف
ومما وقع للتقرير قول مهيار
سلا ظبية الوادي وما الظبي مثلها وإن كان مصقول الترائب أكحلا
أأنت أمرت الصبح أن يصدع الدجا وعلمت غصن البان أن يتميلا
قول العرجي للتدله في الحب
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلاي منكم أم ليلى من البشر
34/الاكتفاء
لما اكتفى خده القاني بحمرته***قال العواذل بغضا إنه لدمي
الاكتفاء هو أن يأتي الشاعر ببيت من الشعر وقافيته متعلقة بمحذوف فلم يفتقر إلى ذكر المحذوف لدلالة باقي لفظ البيت عليه ويكتفي بما هو معلوم في الذهن فيما يقتضي تمام المعنى وهو نوع ظريف ينقسم إلى قسمين قسم يكون بجميع الكلمة كقول ابن مطروح
لا أنتهي لا أنثني لا أرعوي ما دمت في قيد الحياة ولا إذا
فمن المعلوم أن باقي الكلام ولا إذا مت وقسم يكون ببعضها وهذان القسمان ذكرا في بيت شيخ عز الدين
وما اكتفى الحب كسف الشمس منه إذا *** حتى انثنى يخجل الأغصان حين تمي
فشاهد الكل قوله إذا المعروف أن بعده بدا لما تقدم من ذكر كسف الشمس وشاهد البعض قوله حين تمي فدل حرف الكلمة أنها تميل أو تميس وبيت بديعيتي شاهد على الاكتفاء بالبعض فدمي أي دميم
35/مراعاة النظير
ذكرت نظم اللآلي والحباب له***راعى النظير بثغر منه منتظم
يسمى التناسب والائتلاف والتوفيق والمواخاة وهو أن يجمع الناظم أو الناثر أمرا وما يناسبه مع إلغاء ذكر التضاد لتخرج المطابقة وسواء كانت المناسبة لفظا لمعنى أو لفظا للفظ أو معنى لمعنى إذ القصد جمع شيء إلى ما يناسبه من نوعه أو ما يلائمه من أحد الوجوه كقول البحتري في إبل أنحلها السير
كالقسي المعطفات بل الأسهم *** مبرية بل الأوتار
فإنه لما شبه الإبل بالقسي وأراد أن يكرر التشبيه كان يمكنه أن يشبهها بالعراجين أو بنون الخط لأن المعنى واحد في الانحناء والرقة ولكنه قصد المناسبة بين الأسهم والأوتار لما تقدم ذكر القسي كقول بعضهم في آل النبي
أنتم بنو طه ونون والضحى وبنو تبارك في الكتاب المحكم
وبنو الأباطح والمشاعر والصفا والركن والبيت العتيق وزمزم
36/التمثيل
وقلت ردفك موج كي أمثله *** بالموج قال قد استسمنت ذا ورم
هو أن يريد المتكلم معنى فلا يدل عليه بلفظه الموضوع له ولا بلفظ قريب من لفظه وإنما يأتي بلفظ هو أبعد من لفظ الإرداف يصلح أن يكون مثالا للفظ المعنى المذكور كقوله تعالى وقضي الأمر وهذا التمثيل العظيم في غاية الإيجاز والحقيقة أي هلك من قضي هلاكه ونجا من قدرت نجاته قول أبي تمام
أخرجتموه بكرة عن سجيته *** والنار قد تلتظي من ناضر السلم
أوطأتموه على جمر العقوق ولو*** لم يحرج الليث لم يخرج من الأجم
ففي عجز كل من البيتين تمثيل حسن و كقول امرئ القيس
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي بسهميك في أعشار قلب مقتل
فمثل عينيها بالسهمين ومثل قلبه بأعشار الجزور معناه ما بكيت إلا لتقدحي في قلبي كما يقدح القادح في الأعشار فتمت له جهات التمثيل والاستعارة
37/التوجيه
وأسود الخال في نعمان وجنته*** لي منذر منه بالتوجيه للعدم
وهو أن يحتمل الكلام وجهين من المعنى احتمالا مطلقا من غير تقييد بمدح أو غيره والتوجيه هو إبهام المتقدمين وأما التوجيه عند المتأخرين فقد قرروا أن يوجه المتكلم بعض كلامه أو جملته إلى أسماء متلائمة اصطلاحا من أسماء الأعلام أو قواعد علوم أو غير ذلك مما يتشعب له من الفنون وقد أدخل جماعة نوع التوجيه في التورية وليس منها والفرق بينهما من وجهين أحدهما أن التورية تكون باللفظة المشتركة والتوجيه باللفظ المصطلح عليه والثاني أن التورية تكون باللفظة الواحدة والتوجيه لا يصح إلا بعدة ألفاظ متلائمة كقول علاء الدين الوداعي
من أم بابك لم تبرح جوارحه تروي أحاديث ما أوليت من منن
فالعين عن قرة والكف عن صلة والقلب عن جابر والأذن عن حسن
أما قرة فهو قرة ابن خالد السدوسي وهو ثقة يروي عن الحسن وابن سيرين وليس بتابعي وأما صلة فهو صلة بن أشيم العدوي كان من كبار التابعين وهو زوج معاذة العدوية وهي تروي عن عائشة وأما جابر فهو جابر بن عبد الله صاحب رسول الله وليس بجابر الجعفي لأن جابر الجعفي ضعيف وهو تابعي وإنما ضعفوه لأنه كان يؤمن بالرجعة وأما الحسن فهو الحسن البصري كان تابعيا كبيرا رأى من أصحاب رسول الله نحوا من ثلاثمائة رجل وكقول ابن الساعاتي في الكتابة
لله يوم في دمشق قطعته حلف الزمان بمثله لا يغلط
الطير تقرأ والغدير صحيفة والريح تكتب والسحاب ينقط
38/عتاب المرء نفسه
يا نفس ذوقي عتابي قد دنا أجلي*** مني ولم تقطعي آمال وصلهم
وهو صفة لحال واقعةكقول شاعر الحماسة
أقول لنفسي في الخلاء ألومها لك الويل ما هذا التجلد والصبر
39/القسم
برئت من أدبي والعز من شيمي ***إن لم أبر بنأي عنهم قسمي
ا وهو أن يقصد الشاعر الحلف على شيء فيحلف بما يكون له مدحا وما يكسبه فخرا وما يكون هجاء لغيره كقوله تعالى فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون و لجميل بن معمر العذري في هذا الباب ما تحسن العبارة تفصح عن لفظه ووصفه وهو قوله على لسان محبوبته
قالت وعيش أبي وأكبر إخوتي لأنبهن الحي إن لم تخرج
فخرجت خيفة أهلها فتبسمت فعلمت أن يمينها لم تلجج
40/حسن التخلص
ومن غدا قسمه التشبيب في غزل*** حسن التخلص بالمختار من قسمي
حسن التخلص هو أن يستطرد الشاعر المتمكن من معنى إلى معنى آخر يتعلق بممدوحه بتخلص سهل يختلسه اختلاسا رشيقا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع في الثاني لشدة الممازجة والالتئام والانسجام بينهما حتى كأنهما أفرغا في قالب واحد ولكن الأحسن أن يتخلص الشاعر من الغزل إلى المدح قال زهير
إن البخيل ملوم حيث كان ولكن*** الكريم على علاته هرم
وإن إنتقل الشاعر من معنى إلى معنى آخر من غير تعلق بينهما كأنه استهل كلاما آخر سمي اقتضابا والفرق بين التخلص والاستطراد أن الاستطراد يشترط فيه الرجوع إلى الكلام الأول أو قطع الكلام فيكون المستطرد به آخر كلامه والأمران معدومان في التخلص فإنه لا يرجع إلى الأول ولا يقطع الكلام بل يستمر على ما يتخلص إليه
41/الاطراد
محمد بن الذبيحين الأمين أبو البتول ***خير نبي في اطرادهم
ان يذكر الشاعراسم الممدوح ولقبه وكنيته وصفته اللائقة به واسم من أمكن من أبيه وجده وقبيلته في بيت واحد على الترتيب ولا يخرج عن طرق السهولة ومتى تكلف أو تعسف في بناء بيته لم يعد اطرادا قال الشاعر
مؤيد الدين أبو جعفر محمد بن العلقمي الوزير

42/العكس
عين الكمال كمال العين رؤيته ***يا عكس طرف من الكفار عنه عمي
وهو تقديم لفظ من الكلام ثم تأخيره ويقع على وجوه كثيرة كقوله تعالى تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وما أبلغ قول الحسن بن سهل هنا وقد قيل له لا خير في السرف فقال لا سرف في الخير
وزاد الشيخ زكي الدين بن أبي الأصبع هذا النوع أعني عكس الألفاظ صنفا معنويا وهو أن يأتي الشاعر إلى معنى لنفسه أو لغيره فيعكسه فمثال ما عكس الشاعر من المعاني لغيره قال الأول
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
قال الثاني الذي عكس الأول
وربما فات بعض الناس أمرهم مع التأني وكان الحزم لو عجلوا
43/الترديد
أبدى البديع له الوصف البديع وفي***نظم البديع حلا ترديده بفمي
الترديد هو أن يعلق الشاعر لفظة في بيت واحد ثم يرددها فيه بعينها ويعلقها بمعنى آخر كقوله تعالى لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون واستشهدوا على هذا النوع من النظم بقول أبي نواس
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها لو مسها حجر مسته سراء
ذكر زكي الدين ابن أبي الأصبع فرقا بين التكرار و الترديد وهو أن اللفظة التي تكرر في البيت ولا تفيد معنى زائدا بل الثانية عين الأولى هي التكرار واللفظة التي يرددها الناظم في بيته تفيد معنى غير معنى الأولى هي الترديد
44/التكرار
كررت مدحي حلا في الزائد الكرم ابن***الزائد الكرم ابن الزائد الكرم
هو أن يكرر المتكلم اللفظة الواحدة باللفظ والمعنى والمراد بذلك تأكيد الوصف أو المدح أو الذم أو التهويل أو الوعيد أو الإنكار أو التوبيخ أو الاستبعاد كقول مهلهل بن ربيعة أخي كليب
يا لبكر أنشروا لي كليبا يا لبكر أين أين الفرار
45/ المذهب الكلامي
ومذهبي في كلامي أن بعثته*** لو لم تكن ما تميزنا على الأمم
وهو أن يأتي البليغ على صحة دعواه وإبطال دعوى خصمه بحجة قاطعة عقلية تصح نسبتها إلى علم الكلام إذ علم الكلام عبارة عن إثبات أصول الدين بالبراهين العقلية القاطعة و أوضح الأدلة في شواهد هذا النوع وأبلغها قوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا هذا دليل قاطع على وحدانيته جل جلاله وتمام الدليل أن تقول لكنهما لم تفسدا فليس فيهما آلهة غير الله ومثله قول مالك بن المرجل الأندلسي
لو يكون الحب وصلا كله لم تكن غايته إلا الملل
أو يكون الحب هجرا كله لم تكن غايته إلا الأجل
إنما الوصل كمثل الماء لا يستطاب الماء إلا بالعلل
فالبيتان الأولان قياس شرطي والثالث قياس فقهي فإنه قاس الوصل على الماء
46/المناسبة
فعلمه وافر والزهد ناسبه*** وحلمه ظاهر عن كل مجترم
المناسبة على ضربين مناسبة في المعاني ومناسبة في الألفاظ فالمعنوية هي أن يبتدئ المتكلم بمعنى ثم يتمم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ كقوله تعالى أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون فانظر إلى قوله سبحانه وتعالى في صدر الآية التي هي للموعظة أولم يهد لهم ولم يقل أولم يروا لأن الموعظة سمعية وقد قال بعدها أفلا يسمعون وانظر كيف قال ابن رشيق القيرواني
أصح وأقوى ما رويناه في الندا من الخبر المأثور منذ قديم
أحاديث ترويها السيول عن الحيا عن البحر عن جود الأمير تميم
وأما المناسبة اللفظية وهي دون رتبة المعنوية فهي الإتيان بكلمات متزنات وهي على ضربين تامة وغير تامة فالتامة أن تكون الكلمات مع الاتزان مقفاة والناقصة موزونة غير مقفاة فمن شواهد التامة قوله سبحانه وتعالى ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون ومن شواهده التامة في السنة الشريفة قول النبي مما كان يرقي به الحسنين عليهما السلام أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامه ومن كل عين لامه ولم يقل عليه السلام ملمة وهي القياس لمكان المناسبة اللفظية ومن أمثلة المناسبتين الناقصة والتامة قول أبي تمام حبيب بن أوس
مها الوحش إلا أن هاتا أوانس قنا الخط إلا أن تلك ذوابل
فناسب بين مها وقنا مناسبة تامة وبين الوحش والخط وأوانس وذوابل مناسبة غير تامة
47/التوشيع
ووشع العدل منه الأرض فاتشحت***بحلة الأمجدين العهد والذمم
وهو عبارة عن أن يتكلم المتكلم أو الشاعر باسم مثنى في حشو العجز يأتي بعده باسمين مفردين هما عين ذلك المثنى يكون الآخر منهما قافية بيته أو سجعة كلامه كأنهما تفسير له وقد جاء من ذلك في السنة الشريفة ما لا يلحق بلاغته وهو قوله يشيب المرء وتشب معه خصلتان الحرص وطول الأمل ومن أمثلة هذا الباب في النظم قول الشاعر
قد خدد الدمع خدي من تذكركم واعتادني المضنيان الوجد والكمد
48التكميل
آدابه تممت لا نقص يدخلها***والوجه تكميله في غاية العظم
التكميل هو أن يأتي المتكلم أو الشاعر بمعنى تام من مدح أو ذم أو وصف أو غيره من الأغراض الشعرية وفنونها ثم يرى الاقتصار على الوصف بذلك المعنى فقط غير كامل فيأتي بمعنى آخر يزيده تكميلا كمن أراد مدح إنسان بالشجاعة ثم رأى الاقتصار عليها دون مدحه بالكرم غير كامل فيكمله بذكر الكرم كقوله تعالى فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على المؤمنين ومثاله في الشعر قول كعب بن سعيد الغنوي
حليم إذا ما الحلم زين أهله مع الحلم في عين العدو مهيب
وفي البيت نوع الاحتراس ايضا فلو مدحه بالحلم مطلق كان مدخولا فانتبه وزاد في عين العدو مهيب
49/ التفريق
قالوا هو البدر والتفريق يظهر لي ***ي ذاك نقص وهذا كامل الشيم
وهو أن يأتي المتكلم أو الناظم إلى شيئين من نوع واحد فيوقع بينهما تباينا وتفريقا بفرق يفيد زيادة وترجيحا فيما هو بصدده من مدح أو ذم أو نسيب أو غيره من الأغراض الأدبية كقول الشاعر في المديح
ما نوال الغمام وقت ربيع كنوال الأمير يوم سخاء
فنوال الأمير بدرة مال ونوال الغمام قطرة ماء
50/التشطير
وانشق من أدب له بلا كذب***شطرين في قسم تشطير ملتزم
التشطير هو أن يقسم الشاعر بيته شطرين ثم يصرع كل شطر منهما لكنه يأتي بكل شطر من بيته مخالفا لقافية الآخر كل شطر عن أخيه فمن ذلك قول أبي تمام
تدبير معتصم بالله منتقم لله مرتعب في الله مرتقب
51/التشبيه
والبدر في التم كالعرجون صار له***فقل لهم يتركوا تشبيه بدرهم
كقول حسان
بزجاجة رقصت بما في قعرها رقص القلوص براكب مستعجل
ومن الشروط اللازمة في التشبيه أن يشبه البليغ الأدون بالأعلى إذا أراد المدح اللهم إلا إذا أراد الهجو فالبلاغة أن يشبه الأعلى بالأدون كقول ابن الرومي سامحه الله في هجو الورد
كأنه سرم بغل حين سكرجه عند البراز وباقي الروث في وسطه
وهو اقسام :تشبيه المحسوس بالمحسوس وتشبيه المعقول بالمعقول وتشبيه المعقول بالمحسوس وتشبيه المحسوس بالمعقول وهذا القسم الرابع عند أصحاب المعاني والبيان غير جائز
52/التشبيه بالتلميح
ورد شمس الضحى للقوم خاضعة***وما ليوشع تلميح بركبهم
وهوأن يشير ناظم هذا النوع في بيت أو قرينة سجع إلى قصة معلومة أو نكتة مشهورة أو بيت شعر حفظ لتواتره أو إلى مثل سائر يجريه في كلامه على جهة التمثيل كقول ابن المعتز
أترى الجيرة الذين تداعوا عند سير الحبيب وقت الزوال
علموا أنني مقيم وقلبي راحل فيهم أمام الجمال
مثل صاع العزيز في أرحل القوم ولا يعلمون ما في الرحال
هذا التلميح فيه إشارة إلى قصة يوسف عليه السلام حين جعل الصاع في رحل أخيه وإخوته لم يشعروا بذلك
53/تشبيه شيئين بشيئين
شيآن قد أشبها شيئين فيه لنا ***تبسم وعطا كالبرق في الديم
وهو في أن يقابل الشاعر بين الأربعة ويلتزم أن كل واحد من المشبه يسد مسد المشبه به قال مرئ القيس في وصف العقاب
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا لدى وكرها العناب والحشف البالي
54/الانسجام
له انسجام دموعي في مدائحه ***بالله شنف بها يا طيب النغم
المراد من الانسجام أن يأتي لخلوه من العقادة كانسجام الماء في انحداره ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقةالدمع كقول امرئ القيس في معلقته
أغرك مني أن حبك قاتلي وأنك مهما تأمري القلب يفعل
55/التفصيل
وإن ذكرت زمانا ضاع من عمري***في غير تفصيل مدح صحت يا ندمي
والتفصيل هو أن يأتي الشاعر بشطر بيت له متقدم صدرا كان أو عجزا ليفصل به كلامه بعد حسن التصريف في التوطئة الملايمة قال الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته
صلى عليه إله العرش ما طلعت شمس النهار ولاحت أنجم الظلم
والبيت الذي أتى بصدره منها وأثبته في بديعيته على حاله لأجل نوع التفصيل هو
صلى عليه إله العرش ما طلعت شمس النهار ولاحت أنجم الغسق
والبيت الذي اتيت بصدره في بديعتي هو :
وإن ذكرت زمانا ضاع من عمري ولم أهاجر إليه صحت يا أسفا
56/النوادر
نوادر المدح في أوصافه نشقت***منها الصبا فأتتنا وهي في شمم
سماه قوم الإغراب والطرفة وهو أن يعمد الشاعر إلى معنى مشهور ليس بغريب في بابه فيغرب فيه بزيادة لم تقع لغيره ليصير بها ذلك المعنى المشهور غريبا وينفرد به دون كل من نطق به أبي نواس
هبت لنا ريح شمالية متت إلى القلب بأسباب
أدت رسالات الهوى بيننا عرفتها من بين أصحابي
قوله عرفتها من بين أصحابي نادرة
57/المبالغة
بالغ وقل كم جلا بالنور ليل وغى ***والشهب قد رمدت من عثير الدهم
والمبالغة في الاصطلاح هي إفراط وصف الشيء بالممكن القريب وقوعه عادة كقول عمير بن كريم التغلبي
ونكرم جارنا ما دام فينا ونتبعه الكرامة حيث مالا
58/ الإغراق
لو شاء إغراق من ناواه مد له***في البر بحرا بموج فيه ملتطم
و وهوإفراط وصف الشيء بالممكن البعيد وقوعه عادة كقول زهير
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم***قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
59/الغلو.
بلا غلو إلى السبع الطباق سرى***وعاد والليل لم يجفل بصبحهم
وهوالإفراط في وصف الشيء بالمستحيل وقوعه عقلا وعادة وهو ينقسم إلى قسمين مقبول وغير مقبول فالمقبول لا بد أن يقربه الناظم إلى القبول بأداة التقريب كقول ابن حمديس الصقلي في وصف فرس
ويكاد يخرج سرعة من ظله*** لو كان يرغب في فراق رفيق
60/ائتلاف المعنى مع المعنى
سهل شديد له بالمعنيين بدا***تألف في العطا والدين للعظم
وهوضربان فالأول هو أن يشتمل الكلام على معنى معه أمران أحدهما ملائم والآخر بخلافه فيقرنه بالملائم والضرب الثاني هو أن يشتمل الكلام على معنى وملائمين له فيقرن بهما ما لاقترانه مزية
__________________
قال الإمام مالك {العلم نور لا يأنس إلا بقلب تقي خاشع}
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:08 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.