أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
3555 82974

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-30-2017, 02:32 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي *⁠⁠⁠حكم صيام السبت إن وافق يوم عرفة، أو عاشوراء. للشيخ أكرم زيادة

*⁠⁠⁠حكم صيام السبت إن وافق يوم عرفة، أو عاشوراء.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ووفده، وبعد:
فقد قرأت لشيخنا الإمام الألباني وسمعت منه وعنه كلاماً كثيراً حول المسألة المعنون لها، وبعد بحث وتدقيق وجدت أن صيام يوم عرفة أو عاشوراء ـ إن وافقا يوم السبت ـ لن يخرجا ـ إن شاء الله ـ عن دائرة الاستحباب.
وإن خرجا من دائرة الاستحباب ـ فليسا بخارجين ـ قطعاً ـ إن شاء الله ـ عن دائرة الإباحة والجواز.
وذلك أنه:
«تقرر في كتب الأصول:
«أن الاستثناء من حكم يدل على نقيضه فحسب، ولا دلالة له على زيادة حكم». إ.هـ.
«أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» ص: (332)
وبمعنىً آخر يوضحه كلام شيخنا بعد سطور:
«أن الاستثناء من النهي دليل الجواز والإباحة، وليس دليل الوجوب، ولا التحريم».
فمما استقرت عليه القواعد الشرعية، والأصول الفقهية، أن النهي يقتضي التحريم، والنهي عن صيام يوم السبت يقتضي تحريمه، واستثناء الفريضة يقتضي نقيضه وهو (الإباحة)، والفريضة ليست مرادة بالإباحة هنا فخرجت، وبقي المباح غيرها، وهو إباحة صيام السبت في غير الفريضة.
وهو الذي عليه الصحابي الجليل؛ عبد الله بن بسر راوي حديث النهي عن صيام السبت، والمفتي بإباحة صيام يوم بأصح إسناد من النهي ـ كما سيأتي لاحقاً ـ
ومن الأدلة على صحة القاعدة السابقة والتي ذكرها شيخنا للتدليل على صحة تلك القاعدة «أن الاستثناء من حكم يدل على نقيضه فحسب، ولا دلالة له على زيادة حكم».
قوله تعالى:
1- (لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَن تَقُولُوا قَوْلاً مَّعْرُوفًا)
فنهى الله عز وجل عن تصريح المواعدة في العِدَّة، واستثنى منه التعريض والكناية. فالتعريض والكناية بالاستثناء لم يبق حراماً؛ لا أنه صار فرضاً أو واجباً، ولا يبعد أن يكون قريباً من الكراهة.
[و] قال تعالى:
2- (وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ).
فهل هذا الإغماض والمسامحة واجب عند أحد؟! إنما هو إغضاء على القذى وسحب الذيل على الأذى. فثبت من هذا الاستثناء: أن الاستثناء بعد النهي لا يفيد الوجوب والركنية، وإنما يفيد الإباحة». إ.هـ
«المصدر السابق».
والذي يتدبر آيات القرآن العظيم، وأحاديث النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يجد أمثلة كثيرة على هذا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، قوله تعالى
3- (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح)
[البقرة 236-237]
فعفو المطلقة عن نصف المهر المستثنى هنا على الإباحة لا على الوجوب ولا على التحريم، وكذلك عفو المُطَلِّقِ عن كل المهر الذي دفعه على الإباحة لا على الوجوب ولا على التحريم أيضاً.
ونظيره قوله تعالى:
4- (وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا).
[البقرة 282]
فعدم الكتابة في حال التقابض في التجارة هنا على الإباحة لا على الوجوب ولا على التحريم.
ونظيره قوله تعالى:
5- (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً)
[آل عمران 28]
فالتَّقِيَّةُُ هنا من الكافرين على الإباحة لا على الوجوب ـ كما يقول الرافضة ـ ويحرفونها، ويجعلونها على المؤمنين بدل الكافرين، حتى قال قائلهم ناسباً ذلك إلى جعفر بن محمد الذي يلقبونه بالصادق:
«التقية ديني ودين آبائي». و
«من لا تقية له لا دين له». ـ
فالتَّقِيَّةُُ في دين الرافضة من عقائد المنافقين عند أهل السنةـ
وهي هنا على الإباحة لا على التحريم.
ونظيره قوله تعالى
6- (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ)
[النساء 19]
فعضل صاحبة الفاحشة هنا على الإباحة لا على التحريم، ولا هو على الوجوب
ونظيره قوله تعالى:
7- (لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ).
[النساء 29]
فأكل مال التجارة بالتراضي هنا على الإباحة لا على التحريم، ولا هو على الوجوب.
ونظيره قوله تعالى:
8- (لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ)
[النساء: 14
فالمظلوم هنا يجوز له أن يجهر بالسوء بالقول لمن ظلمه ولا يجب عليه ذلك، ولا يستحب له أيضاً.
ونظيره قوله تعالى:
9- (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ)
[الأحزاب: 53]
فدخول أبيات النبي هنا على الإباحة لا على التحريم، ولا هو على الوجوب.
ونظيره قوله تعالى:
10- (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ).
[الطلاق: 1]
وأما من سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فالأحاديث كثيرة ومنها ما ذكره شيخنا الإمام الألباني رحمه الله في
«أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» ص: (333-334)
في معرض كلامه عن قراءة سورة الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام:
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تفعلوا إلا بـ: {أم القرآن}»؛ حكم بالإباحة، ثم علل:
«فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها»، يعني: لما كان شأن {الفَاتِحَة} هكذا - وهو أنه لا صلاة إلا بها -؛ صح استثناؤها من النهي.
وأما ما استحضرته واستقرأته فمنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ
1- «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِن نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا قَالَ الْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اللهِ إِلاَّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ قَالَ : قَالَ إِلاَّ الإِذْخِرَ».
البخاري
فالقتال، والتقاط اللقطة، واختلاء الإذخر على الإباحة
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
2- «لاََ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ».
البخاري
فدخول ديار ثمود بالبكاء على الإباحة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن سأله عن الأكل في آنية أهل الكتاب:
3- «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ أَهْلِ كِتَابٍ فَلاَ تَأْكُلُوا فِي آنِيَتِهِمْ إِلاَّ أَنْ لاَ تَجِدُوا بُدًّا فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا بُدًّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا».
البخاري
فالأكل في آنية أهل الكتاب بعد غسلها على الإباحة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم للمُحْرمي
4- «لاَ تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلاَ الْعَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ الْبَرَانِسَ، وَلاَ الْخِفَافَ، إِلاَّ أَحَدٌ لاَ يَجِدُ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ».
البخاري
فلبس الخفاف مع القطع على الإباحة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
5- «لاَ يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلاَّ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ».
مسلم
فصيام ما قبل يوم الجمعة أو ما بعده على الإباحة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
6- «لاَ يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلاَ يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ».
مسلم
فخطبة الرجل أو بيعه بعد الإذن على الإباحة.
ونظيره حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا
7- «وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ «إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ».
مسلم
فمنازعة ولاة الأمور بعد الكفر البواح على الإباحة عند القدرة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
8- «لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ».
مسلم
فالجذعة من الضأن على الإباحة عند تعسر المسنة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
9- «أَلاَ لاَ يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ نَاكِحًا أَوْ ذَا مَحْرَمٍ».
مسلم
فمبيت الزوج أو المحرم عند الثيب على الإباحة.
ونظيره قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
10- «إِنَّ بَنِى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِى أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَلاَ آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِى وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا ابْنَتِى بَضْعَةٌ مِنِّى يَرِيبُنِى مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِى مَا آذَاهَا».
مسلم
فطلاق علي لفاطمة وزواجه من بنت أبي جهل ـ لو وقعا ـ على الإباحة
وأما الآثار فمنها قول عائشة عن صفته صلى الله عليه وآله وسلم:
1-«وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ بِهَا لِلَّهِ».
البخاري
فانتقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند انتهاك الحرمات ـ وهو هنا نفي خرج مخرج النهي ـ على الإباحة لا على التحريم
ونظيره قول ابن عمر رضي الله عنهما لأصحاب ابن الزبير في مكة وقد أصابتهم مجاعة فكانوا يأكلون التمر ويقرنون:
2- «لاَ تَقْرُنُوا فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ».
البخاري
فالقران بعد الاستئذان على الاباحة.
ونظيره قول عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى الضُّحَى قَالَتْ:
3- «لاَ إِلاَّ أَنْ يَجِىءَ مِنْ مَغِيبِهِ».
البخاري
فصلاة النبي صلى الله عليه وسلم الضحى على الإباحة.
ونظيره قول ابن عباس لنجدة الحروري:
4- «كَتَبْتَ تَسْأَلُنِى عَنِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا شَىْءٌ وَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يُحْذَيَا وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِى عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَقْتُلْهُمْ وَأَنْتَ فَلاَ تَقْتُلْهُمْ إِلاَّ أَنْ تَعْلَمَ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ صَاحِبُ مُوسَى مِنَ الْغُلاَمِ الَّذِى قَتَلَهُ>>
مسلم
فمنح المرأة والعبد إن حضرا القتال بعض الغنيمة على سبيل الهدية لا على سبيل الحق مباح، وكذلك قتل الولدان إن عُلمَ كفرهم كعلم صاحب موسى وهو الخضر ـ وهو محال ـ مباح.
وأما حديث المرأة التي سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيام يوم السبت فقال:
«لا لكِ؛ ولا عليك».
فهو ـ وإن كان شيخنا قد تراجع عن تصحيحه ومال إلى تضعيفه ـ موافق للمعنى الذي دلت عليه الأصول والقواعد المستنبطة من الأدلة السابقة، فمعناه صحيح ـ إن سلمنا بضعف إسناده تبعاً للشيخ رحمه الله
لأن شيخنا رحمه الله أعله بابن لهيعة في حديث المرأة عند أحمد (27119 و 27121).
وقد ثبت موقفاً عند [النسائي في «الكبرى» (2785)] عن عبد الله بن بسر، بمثل لفظ الحديث السابق، ونصه:

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى أَبُو مُطِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَرْطَاةُ، قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَوْبَانَ، مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ، قَالَ: سَلُوا عَبْدَ اللهِ بْنَ بُسرٍ، قَالَ: فَسُئِلَ، فَقَالَ:
«صِيَامُ يَوْمِ السَّبْتِ لاَ لَكَ وَلاَ عَلَيْكَ».
ولأن:
«راوي الحديث أدرى بمرويه من غيره»
ـ كما هو مقرر في الأصول ـ [«الصحيحة» (2/203) وغيرها كثير في كتب شيخنا]
فحكم عبد الله بن بسر راوي الحديثين المتعارضين في حكم صيام السبت مقدم على حكم غيره
وكذلك فإن هذا الموقوف يصلح شاهداً لتصحيح المرفوع من حديث المرأة المذكور، سيما وأن صحابيه هو نفسه راوي حديثه
«لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فَرِيضَةً ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهَا».
وإسناد هذا الموقوف، أنقى من إسناد حديث عبد الله بن بسر المرفوع ـ مع تسليمنا لشيخنا بتصحيحه لغيره ـ.
ومن لطائف إسناد هذا الموقوف أن رجاله بين ثقة وصدوق.
وأن فيه صحابيان، ثوبان، وعبد الله بن بسر.
وعليه فلا شك عندي في صحة الحديث المرفوع بالموقوف، فضلاً عن صحة معناه القطعية من راوي معارضه.
وأما حديثُ أَبِي قَتَادَةَ:
أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلاً يَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ؟ قَالَ:
«ذَاكَ صَوْمُ سَنَةٍ».
قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً يَصُومُ يَوْمَ عَرَفَةَ قَالَ:
«يُكَفِّرُ السَّنَةَ وَمَا قَبْلَهَا».
رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي
وفي رواية لمسلم (2803) عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ».
فهذا نص صريح في فضل هذين اليومين الفاضلين، والذي قد يرجح خروجهما من الإباحة، إلى الاستحباب، والله الموفق والهادي إلى الصواب
ومن الأمور التي ينبغي التنبيه عليها في هذه العجالة، أن حبي لشيخي الإمام الألباني، وحرصي على الاستفادة والإفادة منه هو الذي حتم عليَّ كتابة هذه الورقات، غير مقلدٍ له ـ كما تراه ـ وإنما الفضل بعد الله له ـ رحمه الله ـ أن نقل لنا مثل هذه القواعد، وقَعَّدَ لنا آلية البحث العلمي الدقيق، بعيداً عن التقليد الذي حرمه الله تعالى في كتابه بقوله:
(اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)
[الأعراف: 3]
والتي كثيرا ما كان يستدل بها على حرمة التقليد في مجالسة.
ورحم الله شيخنا مقبل بن هادي الوادعي الذي كثيرا ما سمعته يقول:
«نحن لا نقلد الشيخ الألباني، ولا الشيخ ابن باز، ولو كنا مقلدين أحداً لقلدنا من هم خير منهما؛ الإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد وغيرهم من أئمة الإسلام
وكثيراً ما كان يردد ـ في ذم التقليد والمقلدين ـ قول القائل:
لا فرق بين مقلد في دينه * راضٍ بقائده الجهول الحائر
وبهيمة عجماء قاد زمامَها * أعمى على عوج الطريق الجائر
ومما هو جدير بالذكر والتنبيه في هذه العجالة تنبيه إخواننا الذين يحرصون على تقليد شيخنا الإمام الألباني ـ رحمه الله ـ في كل شيء، وذم كل من يخالفه بدليل وبغير دليل أن هذا يؤذي الشيخ ودعوته أكثر مما يفيدهما، فليتق اللهَ رجالٌ تَعَبَّدَهم الله بالدليل لا بأقوال الرجال!!
ورحم الله القائل:
«اعرف الحق تعرف الرجال»
ورحم الله شيخنا الإمام الألباني فمنه تعلمنا خيراً كثيراً.
«وصاحب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل»
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:55 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.