أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
77845 | 82974 |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
قال الشيخ فيصل الجاسم في كتابه حقيقة الخوارج:
" يتبين من كلام أهل العلم هنا بأن الخوارج يجمعهم الخروج على الولاة ، ومنه اشتق اسم الخوارج ، وقيل سموا بذلك لخروجهم عن الدين بمخالفة السنة والتكفير بالمعصية ، والصواب في هذا أن يقال بأن الخوارج على نوعين : النوع الأول : هم الذين يخرجون على الأئمة بسبب اعتقاد فاسد كالتكفير بالمعصية ، وهم الخوارج المارقة من الدين كما في الحديث : ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ، أو يخرجون ببدعة أخرى مخالفة للسنة كحال عامة أهل الأهواء . وهؤلاء هم الذين ورد ذمهم في الأحاديث ، والترغيب في قتلهم ، ووصفهم بأنهم كلاب النار ، وأنهم شر الخلق والخليقة . والثاني : هم الذين يخرجون على الأئمة طلباً للملك من غير اعتقاد فاسد ، وهؤلاء هم البغاة وهم قسمان : الأول : من خرجوا غضباً للدين ، ورغبة في إزالة منكر والثاني : من خرجوا طلباً للملك فقط قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (لكن قد يخطئون من وجهين – أي من يخرجون على الأئمة بغرض إنكار المنكر -: أحدهما أن يكون ما رأوه ديناً ليس بدين ، كرأي الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء ، فإنهم يعتقدون رأياً هو خطأ وبدعة ويقاتلون الناس عليه ، بل يكفرون من خالفهم فيصيرون مخطئين في رأيهم وفي قتال من خالفهم أو تكفيرهم ولعنهم ، وهذه حال عامة أهل الأهواء كالجهمية ... –إلى قوله - والخوارج المارقون أئمة هؤلاء في تكفير أهل السنة والجماعة وفي قتالهم الوجه الثاني من يقاتل لا على اعتقاد رأي يدعو إليه مخالف للسنة والجماعة ، كأهل الجمل وصفين والحرة[1] والجماجم[2] وغيرهم ، لكن يظن أنه بالقتال تحصل المصلحة المطلوبة فلا يحصل بالقتال ذلك بل تعظم المفسدة أكثر مما كانت فيتبين لهم في آخر الأمر ما كان الشارع دل عليه من أول الأمر ، وفيهم من لم تبلغه نصوص الشارع أو لم تثبت عنده ، وفيهم من يظنها منسوخة كابن حزم ، وفيهم من يتأولها كما يجري لكثير من المجتهدين )[3] وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ( فإنهم – أي الخوارج - على قسمين : أحدهما : من تقدم ذكره – أي الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ومن أتى بعدهم كالأزارقة وغيرهم – والثاني : من خرج في طلب الملك ، لا للدعاء إلى معتقده وهم على قسمين أيضا : قسم خرجوا غضباً للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية ، فهؤلاء أهل حق[4] ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة ) الفتح 12/298 وهذا النوع من الخارجين يطلق عليهم الخوارج بجامع الخروج على الولاة ، وإن كانوا ليسوا في الذم كالنوع الأول ، إلا إنهم ممن خالف الأحاديث النبوية الكثيرة الآمرة بالصبر على جور الولاة ، وعدم نزع اليد من طاعتهم ما داموا مسلمين لم يظهر منهم الكفر البواح البين الذى لا تأويل فيه ولا إشكال ، وقد أطلق بعض السلف عليهم البدعة باستحلالهم الخروج بالمعصية وإن لم يُكَفِّروا بها. قال الإمام أحمد رحمه الله : ( ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس قد اجتمعوا عليه ، وأقروا له بالخلافة ، بأي وجه كان ، بالرضا أو بالغلبة ، فقد شق عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية . ولا يحل قتال السلطان ، ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق ) شرح أصول الإعتقاد للالكائي (اعتقاد أحمد بن حنبل 281) .. ولما كان فساد الاعتقاد مع الخروج مستلزماً للذم الشديد ، بخلاف الخروج على الولاة من غير اعتقاد فاسد ، اختلفت أحكامهم وعقوباتهم في الدنيا . فالخوارج المارقة قد اختلف العلماء في كفرهم ، وإن كان المعروف عن الصحابة عدم تكفيرهم ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في غير ما موضع من كتبه ، بخلاف البغاة . وكذلك اختلف الداعي لقتالهم ، فإن الخوارج المارقة يُقاتَلون لخروجهم عن الدين أولاً ، ولبغيهم على المسلمين ثانياً ، بخلاف البغاة الذين يُقاتلون لخروجهم عن طاعة إمام معين ، ولأجل ذلك اختلفت أحكام توابع القتال من الإجهاز على جريحهم ، واتباع مدبرهم ونحو ذلك مما هو مذكور في كتب أهل العلم ، في باب قتال أهل البغي قال ابن تيمية رحمه الله : ( ولا يجوز أن يكون أمر بقتلهم – أي الخوارج المارقة - لمجرد قتالهم الناس كما يُقاتل الصائل من قاطع الطريق ونحوه وكما يُقاتل البغاة ، لأن أولئك أنما يشرع قتالهم حتى تنكسر شوكتهم ويكفُّوا عن الفساد ويدخلوا في الطاعة ، ولا يُقتلون أينما لقوا ، ولا يُقتلون قتل عاد ، وليسوا شر قتلى تحت أديم السماء ، ولا يُؤمر بقتلهم ، وإنما يُؤمر في آخر الأمر بقتالهم ، فعُلِم أن هؤلاء أوجب قتلهم مروقهم من الدين ، لمَّا غَلَوْا فيه حتى مرقوا منه كما دل عليه قوله في حديث علي "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم" فرتب الأمر بالقتل على مروقهم ، فعُلم أنه الموجب له ..... فثبت أن قتلهم لخصوص صفتهم ، لا لعموم كونهم بغاة أو محاربين ، وهذا القدر موجود في الواحد منهم كوجوده في العدد منهم ، وإنما لم يقتلهم علي رضي الله عنه أول ما ظهروا لأنه لم يتبين له أنهم الطائفة المنعوتة ، حتى سفكوا دم ابن خباب وأغاروا على سرح الناس ، فظهر فيهم قوله "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان" فعلم أنهم المارقون ، ولأنه لو قتلهم قبل المحاربة له لربما غضبت لهم قبائلهم وتفرقوا على علي رضي الله عنه ..... ) الصارم المسلول 2/347 وقال أيضاً في حثه لقتال التتار : (وهؤلاء – أي التتار - عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام ، أو الخارجين عن طاعته ، كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه ، فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين ، أو خارجون عليه لإزالة ولايته ، وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام ، بمنزلة مانعي الزكاة ، وبمنزلة الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبى طالب رضي الله عنه ، ولهذا افترقت سيرة علي رضي الله عنه في قتاله لأهل البصرة والشام ، وفي قتاله لأهل النهروان ، فكانت سيرته مع أهل البصرة والشاميين سيرة الأخ مع أخيه ، ومع الخوارج بخلاف ذلك ، وثبتت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بما استقر عليه إجماع الصحابة من قتال الصديق ، وقتال الخوارج ، بخلاف الفتنة الواقعة مع أهل الشام والبصرة فإن النصوص دلت فيها بما دلت والصحابة والتابعون اختلفوا فيها ) مجموع الفتاوى 28/503" [1] وهم أهل المدينة الذين خرجوا على يزيد بن معاوية بعدما نقضوا بيعته وبايعوا لعبد الله بن حنظلة الغسيل سنة 63هـ [2] وهم أهل العراق الذين خرجوا في فتنة ابن الأشعث على الحجاج وعبد الملك بن مروان سنة81هـ ، والجماجم اسم للمكان الذي وقعت به المعركة الأخيرة التي هزم فيها الحجاج جيش ابن الأشعث ، وتعرف بمعركة دير الجماجم. [3]منهاج السنة 4/536 [4] ومراده بذلك أنهم يطلبون إزالة منكر وفعل معروف ، وهذا حق ، لا أن خروجهم لأجله حق ، بدليل أنه نقل إجماع العلماء على عدم جواز الخروج على الولاة بالظلم والمعاصي .
__________________
قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله-: " فإن الواجب أن يكون المرءُ معتنيا بأنواع التعاملات حتى يكون إذا تعامل مع الخلق يتعامل معهم على وفق الشرع، وأن لا يكون متعاملا على وفق هواه وعلى وفق ما يريد ، فالتعامل مع الناس بأصنافهم يحتاج إلى علم شرعي" |
|
|