أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
52060 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-04-2009, 12:23 PM
عبد الله بيباني العاصمي عبد الله بيباني العاصمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 318
افتراضي " فضل العلم و فوائده " بقلم فضيلة الشيخ عبد الغني عوسات الجزائري حفظه الله

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



فضل العلم و فوائده



بقلم فضيلة الشيخ :



عبد الغني عوسات الجزائري



- حفظه الله و رعاه -





إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله.

أما بعد :

فإن الله تعالى ما فضل شيئا على غيره إلا و كان ذلك الفاضل المفضل يتضمن من الفضائل الفاخرة ، و المسائل الفاضلة ، التي يتعدى نفعها و يتوسع خيرها أكثر من غيرها ، و إن العلم ينفع الناس أكثر من غيره ، و حاجتهم إليه أعظم من حاجتهم إلى الطعام و الشراب ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام و الشراب ، لأن الرجل يحتاج إلى الطعام مرة أو مرتين ، و حاجته إلى العلم بعدد أنفاسه " .

واشتغالهم به – العلم – من أفضل الطاعات و أعظم القربات ، إذ هو عبادة من العبادات ، قال بعض أهل العلم : " العلم صلاة السر و عبادة القلب " . و هو أفضل ما تشغل به الأوقات ، و تبذل في سبيل تحصيله الجهود و الطاقات ، فبه ينال العبد أسنى الدرجات و أسمى المقامات ، قال تعالى : { يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات }[ المجادلة : 11 ] ، و قال تعالى : { نرفع درجات من نشاء }[ يوسف : 76 ] ، و له من الله بذلك أفضل التشريفات ، و كان أهلا لأجمل الشهادات ، قال تعالى : { شهد الله أنه لا إله إلا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط }[ آل عمران : 18 ] ، و ناهيك بها شرفا و فضلا ، و كفى به عزة و فخرا ، كيف لا و قد ذكره الله ثالثا بعد ما بدأ بنفسه و ثنى بملائكته .

و هو سمة الخشية عند العلماء ، قال تعالى : { إنما يخشى الله من عباده العلماء }[ فاطر : 28 ] ، و العلم نور يهتدى به في ظلمات الشكوك و الجهالات ، و سكينة للقلوب و النفوس و حافظ من كل ما يشوبها و يشوهها من الشبهات و الشهوات ، و هو الأساس الأعظم لجميع المعاملات ، و هو الشرط الألزم لصحة الأعمال و الأقوال وعامة التصرفات ، و هو مفتاح باب كل ذلك من العبادات و الطاعات ، قال تعالى : { فاعلم أنه لا إله إلا الله }[ محمد : 19 ] ، فبدأ بالعلم و ما ذلك إلا لعظمته و شرطيته ، و على هذا بنى العلماء أحكاما ، و منه استخرجوا حكما ، منها ما بوب به الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه " باب العلم قبل القول و العمل " .

فهو الدافع الموجه إلى فعل الطاعات و كسب الحسنات ، و المانع الصارف من المعاصي و فعل السيئات ، و قوام العبد في هذه الحياة ، و سبيله الموصل إلى الجنات ، قال صلى الله عليه و سلم : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " . و إن ثوابه ينفع صاحبه في حال الحياة و بعد الممات ، قال صلى الله عليه و سلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ..." ، فمن أوتي العلم فقد أوتي خيرا كثيرا ، و نال به فضلا كبيرا ، و كان أهلا لخير الله و جديرا ، قال صلى الله عليه و سلم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " ، فبالعلم يعرف الله – أسماءه و صفاته و أفعاله و آلاءه – و يهتدي إلى صراطه ، و بالعلم يهتدي إلى التفريق بين حلاله و حرامه ، و بالعلم تعلم طاعة الله من معصيته ، و بالعلم يهتدي العبد إلى الفرق بين الأحكام الخمسة – التكليفية الشرعية – التابعة لجميع حركاته و سكناته ، فالعلم مفتاح صلاحه و باب سعادته ، فبالعلم يتوصل العبد إلى إحقاق ما ينفعه و اتقاء ما يضره .

ولما كانت فوائد العلم أكثر من أن تحصر و أشهر من أن تذكر ، فتعرف و لا تنكر ، و عليها العبد ربه يشكر ، و لكل من علمه الناس أهل السماء و الأرض و الحوت و النمل يستغفر ، و من أجل نيله و بلوغ قمته ، و تحصيل فضله و تحقيق خيره ، أمر الله العباد بالتعلم ، و بدونه عدم التعلم ، و كذا أمر أشرف الخلق صلى الله عليه و سلم بالاستزادة منه فقال تعالى : { و قل رب زدني علما }[ طه : 114 ] ، و لو كان هناك شيء أفضل من العلم لسأله رسول الله صلى الله عليه و سلم من ربه و طلب الزيادة منه ، فلما كان العلم فرضا و نفلا فإن الأنبياء كانوا له أهلا ، و استحقوا به فضلا ، فالرسول صلى الله عليه و سلم مضى في تحقيقه استزادة و طلبا ، و سيدنا موسى اتخذ في سبيل نيله و تحصيله طريقه في البحر عجبا ، فقال لمعلمه : { هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا }[ الكهف : 66 ] و كذلك تحمل السلف الصالح في سبيله ما اعترضهم من الشدائد و العقبات و تجاوزوها بحزم و حلم و تجلد ، و في تحمل ما فيها من آلام لما يجدون بعدها من آمال و حسن مآل ، و ذلك هو درب الأعلام ، و سيرتهم حافلة بهذا ، و مناقبهم فاضلة فيه و إجازاتهم فاخرة به ، فله شرف استحقاق لميراث الأنبياء و كانوا به علماء و له أمناء ، و لتحمله و بذله حلماء نزهاء ، فكان حقهم فيه ظاهرا و حظهم وافرا ، قال صلى الله عليه و سلم : " العلماء ورثة الأنبياء و إن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما ، و لكن ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر" ، فكانوا حقا عدولا في تحمله و بذله و علموه غيرهم كما تعلموه من غيرهم ، فبذلوا قواتهم و قضوا أوقاتهم و صرفوا هممهم إلى تصفيته من كل شائبة ، و نفوا عنه كل ما ليس له صلة ثابتة ، قال صلى الله عليه و سلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وتأويل الجاهلين ، و انتحال المبطلين ".

و بعد كل هذا الذي ذكرناه من فضل العلم و شرف ذويه حالا و مآلا ، دنيا و أخرى ، هل يستوي العلماء و غيرهم ممن ليسوا بعلماء ؟ فلا شك في كونهم لا يستوون في نظر الحكماء و الألباء ، لأن العالم يسير على نور من ربه ، بينما غير العالم كمن يمشي في الظلمات بعضها فوق بعض ليس بخارج منها إلا إذا استنار بنور العلم ، فالعلماء في أعلى الدرجات ، و الجهلاء في أسفل الدركات ، فلا يستوون إذا أبدا ، قال تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب }[ الزمر : 9 ].

فالعلم العلم عباد الله ، إذ العلم جماع المنافع و ترجمان الخير و الصلاح مراجع ، فاصدقوا في الطلب ، و أخلصوا لله في القصد ، فذانك مهمان نافعان ، و له من كل زلل أو خلل مانعان ، و من قواصم الطريق عاصمان ، و الله حسبك و عليه التكلان.

و سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك.

انتهى




منقول من مجلة " منابر الهدى " السنة الأولى - العدد الأول - رمضان 1421ه.


نقله عبد الله العاصمي غفر الله له.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:06 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.