![]() |
.
جاء بصحيفةِ المتلمس. يُقال إذا جاء بالداهية. وكان من خبر صحيفةِ المُتَلمِّسِ أَن المتلمسَ وطَرفةَ قدِما على عمرِو بنِ المنذرِ بنِ امرِىء القيس، فجعلهما في صحابةِ قابوسِ بنِ المنذر أَخيه، وأمرهما بلزومه، وكان قابوسُ شابا يعجبُه اللهوُ، فطال بقاؤهما عندَه، فهجا طَرفةُ عمرًا بأبيات فبلغته فاستدعاهما، فحَباهما بحِباءٍ، وكتب معهما إِلى أبي كربٍ عاملِه على هَجَر أَن يقتُلَهما، وقال: قد كتبتُ لكما بحِباءٍ ومعروفٍ، فلما صدرا من عندِه قال المتلمسُ لطَرفَةَ: هل لك في كتابينا؛ فإِنْ كان فيهما خيرٌ مضينا له، وإن كان شرًّا اتقيناه. فأَبى طرفةُ وقرأَ المتلمسُ كتابَه فإذا فيه السَّوءةُ، فألقاه في الماء وقال لطرفةَ: أَلْقِ كتابَك. فأبى ومضى بكتابِه. قال: ومضى المتلمسُ حتى لحق بملوك بني جَفنةَ بالشام، وسار طَرفةُ بكتابه، فلما انتهى إلى العامل قتله. قال الثعالبي: وممن ضرب المثلَ بصحيفةِ المتلمسِ مَن قال للفرزدقِ وقد أخذ كتابا من بعضِ الملوك إلى عاملِه بصلةٍ له: أَلقِ الصحيفةَ يا فرزدقُ لا تَكُن ... نَكداءَ مثل صحيفةِ المتلمس وكتب شُريحٌ إلى مؤدبِ ابنِه يشكوه ويذكرُ لِعبَه بالكلابِ ويأمرُه بتعزيره: ترك الصلاةَ لأَكْلُبٍ يَسعى بها ... نحوَ الهِراشِ مع الغواةِ الرجسِ فليأْتِيَنّك غاديا بصحيفةٍ ... نَكداءَ مثل صحيفةِ المتلمس فإذا أتاك فخُصَّه بملامةٍ ... وأَنِلْهُ موعظةَ اللبيبِ الأَكيسِ . |
.
. من لم يجد الجَميمَ رَعى الهشيمَ. يُضرب لمن استعاض بالأدنى عن الأَعلى اضطرارا. قال المتنبي: غيرَ اختيارٍ رضيتُ بِرَّكَ بي ... والجوعُ يُرضي الأُسودَ بالجيَفِ وقال آخر: وما فارقتُها لِقِلىً ولكنْ ... تأَوَّبَني بها الزَّمنُ الغَشُومُ ولم أطلُب بها عِوَضاً ولكنْ ... إذا عُدِم الكَلا رُعِي الهَشيِمُ وقال آخر: لَعَمْرُ أبيكَ ما نُسِبَ المُعَلى ... إلى كَرم وفي الدُّنيا كَريمُ ولكِنّ البلاد إذا أقْشَعَرتْ ... وَصَّوحَ نَبْتُهَا رُعِي الهَشيمُ الجَميمُ: النبت الذي طال بعضَ الطول ولم يتمّ. والهشيم من النبات: اليابس المتكسر. القِلَى: البُغض. |
.
لا تَنْقُشِ الشَّوكةَ بالشوكةِ؛ فإنَّ ضَلْعَها معَها. أي: لا تَسْتَعِنْ على عدوِّك بصديقِه. قال في "الصحاح": ضَلَعَ بالفتح، يَضْلَعُ ضَلْعاً بالتسكين، أي مال وجَنَفَ. والضالِعُ: الجائرُ. يقال: ضَلْعُكَ مع فلان، أي مَيْلُكَ معه وهواك. والشوكةُ إذا نَقَشْتَ بها شوكةً أُخرى لم تُخرجْها وانكسرت معها، فكما أَنّ الأُولى انكسرت لما وطِئْتَها فدخلتْ في لحمك، فالثانيةُ إذا حاولت استخراجَ الأُولى بها تنكسرُ وتلِجُ في لحمك. وأصل النَّقْشِ الاستقصاء، وقد نَقَشْتُ الشوكةَ إذا استخرجتُها. وذلك أَنَّ الشوكةَ يُستقصى عليها في الكشفِ عنها حتى تُستخرج. وفي الحديث: "مَن نُوقِشَ الحسابَ عُذِّب" أي مَن اسْتُقْصِيَ عليه فيه. |
.
. قبلَ البُكاءِ كان وجهُك عابسًا. يُضربُ لمن يكونُ العُبوسُ له خِلْقَةً، ويضربُ للبخيل يَعتلُّ بالإِعسارِ وقد كان في اليَسار مانعًا. ويقال: قبلَ البُكاءِ كُنتِ عابِسَةً، للمرأةِ تكون ذاتَ عُبوسٍ في خُلُقها، ثم تَعتَلُّ في وقتِ بُكائها بالبكاء، فيقال لها ذلك. . قال الصاحبُ بنُ عباد يَهجو قابوسا: قابُوسُ وَيحكَ ما أَخَسَّكَ ما أَخصَّكَ بالعيوب... وجهٌ قبيحٌ في التَّبَسُّمِ كيف يَحسُنُ في القُطوبِ. |
.
- قد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوانِ. يُضربُ فيمن يُحالُ بينه وبين مُرادِه. وأولُ من قَال ذلك صَخْر بن عمْرو أخو الخَنْسَاء قَال ثَعلبُ: غزا صَخرُ بنُ عمرو بني أَسدِ بنِ خُزَيمةَ، فاكتسحَ إِبِلَهم، فجاءهم الصَّرِيخُ، فركبوا فالتَقَوْا بذاتِ الأثل فَطعنَ أَبو ثَوْرٍ الأَسدي صَخْراً طعنةً في جَنْبِه، وأَفلتَ الخيلَ، فلم يُقْعَصْ مكانه وجَوِي منها فمرض حَوْلاً حتى ملَّه أهلُه، فسمع امرأةً تقول لامرأته سَلمى: كيف بَعْلُكِ؟ فقالت: لا حَيٌّ فُيرْجَى ولا مَيْتٌ فيُنْعى، لقد لقينا منه الأَمَّرَيْنِ. وكانت تُسألُ أُمُّه: كيف صَخرٌ؟ فتقول: أَرجو له العافيةَ إِن شاءَ اللّهُ. فقال: أَرى أُمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيادَتِي... وقيل: فمَرَّ بها رجلٌ وهي قائمةٌ وكانت ذاتَ خَلْقٍ وأَوراكٍ، فقال لها: أَيُباعُ الكَفَل؟ فقالت: نعم عمّا قليلٍ. وكان ذلك يَسْمَعُهُ صخرٌ، فقال: أَمَا واللهِ لَئِن قَدَرْتُ لأُقدِّمَنَّك قبلي. ثم قَال لها: ناوِلينِي السيفَ أَنْظُرْ إِليه هل تُقِلُّه يدي؟ فناولته فإذا هو لا يٌقْلُّه فَقَال: أَرى أُمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيادَتِي ... وملَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي فأَيُّ امْرئٍ ساوَى بأُمٍّ حَلَيلَةً ... فلا عاشَ إلاَّ فِي شَقًا وهَوانِ أَهُمُّ بأَمرِ الحزْمِ لو أَستطِيعُهُ ... وقد حِيلَ بين العَيْرِ والنَّزَوَانِ وما كنتُ أَخشى أَنْ أَكونَ جَنازةً ... عليكِ ومَن يَغْتَرُّ بِالحَدَثَانِ فَلَلْموتُ خيرٌ مِنْ حَيَاةٍ كأنَّها ... مَحَلّةُ يَعْسوبٍ برَأْسِ سِنانِ لَعمْرِي لقد نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمَاً ... وأسْمَعْتِ مَنْ كَانتْ له أذُنَانِ قَال أَبو عبيدةَ: فلما طالَ بهِ البلاءُ، وقد نَتَأَت قطعةٌ من جنبِه في موضع الطعنةِ، قيل له: لو قطعتها لَرجوْنا أَن تَبْرأَ، فَقَال: شأْنُكم! وأَشفقَ عليه قومٌ فَنَهَوْه فأَبى، فأَخذوا شَفْرَةً فقطعوا ذلك الموضعَ فيَئِس من نفسِه وقال: أَجارَتنا إنَّ الحُتوفَ تَنُوبُ ... على النَّاسِ كُلَّ المُخْطِئينَ تُصِيبُ أَجارَتنا إن تَسأَليني فإنَّني ... مُقِيمٌ لَعمْرِى ما أَقام عَسيبُ كأنِّي وقد أَدْنَوْا لِحَزٍّ شِفارَهُم ... مِن الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَينِ نَكِيبُ ثم مات فدُفن إِلى جَنب عَسِيبٍ، وهو جبلٌ يقربُ من المدينةِ. العَيْرُ: الحمار الوَحِشِيّ، ويُطلق على الأَهليّ أيضا. نَزَا يَنْزُو نَزْوًا وَنَزَوانا: وَثَب. قال في "الصحاح": يقال: ضربه فأقْعَصَهُ، أي قتله مكانه. والقَعْصُ: الموتُ الوَحِيُّ. يقال: مات فلانٌ قَعْصاً، إذا أصابته ضربةٌ أو رميةٌ فمات مكانه. والقُعاصُ: داءٌ يأخذ الغنم لا يُلْبِثُها أن تموت. وفي الحديث: " وموتانٌ يكون في الناس كقُعاصِ الغنمِ " . |
.
- قدْ نَجَّذَتْهُ الأمُورُ. يُضرب لمن أَحكَمَته التَّجَارِبُ. وأَصلُه من الناجذ، وهو أَقصى الأَسنانِ. ويقال للرجل إذا أَسَنَّ وجرَّب الأُمورَ: قد عَضَّ على ناجذِه. قال سُحَيمُ بن وَثيلِ الرِّياحيّ في قصيدته الشهيرة التي مطلعها: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا... قال: أَخو خَمسينَ مُجتمِعًا أَشُدِّي ... وَنَجَّذَني مُداوَرَةُ الشُّؤُونِ . |
.
- رأَى الكَوكبَ ظُهْراً. أَي أَظلَمَ عليه يومُه حتى أَبصرَ النجمَ نهاراً، كما قال طَرَفَة: إِنْ تُنَوِّلْهُ فقدْ تَمْنَعُهُ ... وتُرِيهِ النَّجْمَ يَجْرِي بالظُّهُرْ يُضرب عندَ اشتداد الأمر. . |
.
- قلَبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبْطْنٍ يُضرب في حُسنِ التدبير . قال الميداني: واللام في "لِبَطنٍ" بمعنى "على" ونصبَ "ظهراً" على البدل؛ أَي قلبَ ظهرَ الأَمرِ على بطنِه حتى علمَ ما فيه. . |
.
- على الخبيرِ سقَطْتَ. الخبير: العالم. والخُبْرُ: العلم. وسقطت: أي عثرت، عَبَّر عن العثور بالسقوط لأن عادةَ العاثر أن يسقطَ على ما يعثر عليه. يقال: إن المثل لمالك بن جُبَير العامري وكان من حكماء العرب. وتَمثّل به الفرزدقُ للحسين بن علي -رضي الله عنهما- حين أقبل يريد العراقَ، فلقيه وهو يريد الحجازَ، فقال له الحسين -رضي الله عنه-: ما وراءَك؟ قال: على الخبير سَقطت؛ قلوبُ الناس معك وسيوفُهم مع بني أُميةَ، والأمر ينزل من السماء. فقال الحسين رضي الله عنه: صدَقْتني. . |
.
- طارت بهم العَنْقاء. يُضربُ في هلاكِ القوم. قال الميداني: العنقاءُ: طائرٌ عظيمٌ معروفُ الاسمِ، مجهولُ الجسمِ. قال الخليلُ: سُميت عنقاءُ لأَنه كان في عُنُقها بياضٌ كالطَّوْقِ، ويقال: لطولٍ في عُنُقِها. ومن حكايات العربِ ما قال ابنُ الكَلبي: كان لأَهلِ الرَّسِّ نبيٌّ يُقال له حَنْظَلةُ بن صَفْوَان، وكان بأَرضِهم جبلٌ يُقال له: دَمْخٌ، مَصْعَدُه في السماء مِيلٌ، وكانت تَنْتَابُه طائرةٌ كأَعظمِ ما يكون، لها عُنقٌ طويلٌ من أحسن الطيرِ، فيها من كلِّ لونٍ. وكانت تَقَعُ منتصبةً، فكانت تكون على ذلك الجبل تنقَضُّ على الطير فتأكلُه، فجاعت ذاتَ يوم وأَعْوَزَتِ الطيرَ، فانقضَّتْ على صبيٍّ فذهبت به فسميت: "عَنْقَاءُ مُغْرِب" لأَنها تُغربُ كلَّ ما أَخذته. ثم إنها انقضَّتْ على جاريةٍ فضَمَّتها إلى جناحين لها صغيرين ثم طارت بها فشكَوْا ذلك إلى نبيِّهم فقال: اللهم خُذْها واقطَعْ نَسلَها، وسَلِّطْ عليها آفةً، فأصابتها صاعقةٌ فاحترقت. فضربتها العربُ مثلا في أَشعارِها. وأَنشد لعنترةَ بنِ الأخرس الطائيِّ في مرثيةِ خالد بن يزيد: قد حلَّقتْ بالجودِ فَتْخاءُ كاسِرُ ... كفَتْخاءِ دَمْخٍ حلَّقتْ بالحزَوَّرِ قال الأصمعي: أَصل الفَتَخِ اللِين، تقول: رجلٌ أفْتَخُ بيِّن الفَتَخِ، إذا كان عريض الكفِّ والقدم مع اللِين. وأَغربَ: أي صار غريباً. وإنما وُصِف هذا الطائر بالمُغْرِب لبعدِه عن الناس، ولم يؤنِّثُوا صفته لأَن العنقاءَ اسمٌ يقع على الذكر والأنثى، كالدابةِ والحية. ويقال: عنقاءُ مُغْرِبٌ على الصفة، ومُغْرِبِ على الإضافةِ، كما يقال مَسْجدُ الجامِعِ وكتابُ الكامِلِ. وقال العسكري: العنقاءُ اسمٌ لا مُسمى له. قال أبو نواس: وما خُبزُه إلا كعنقاءَ مُغربِ ... تُصَوّرُ في بَسْطِ الملوك وفي المَثل |
.
- زَلَّةُ الرَّأُيِ تُنْسيِ زَلَّةَ القَدَمِ. يُضرب في السَّقْطَةِ تَحصُل من العاقل الحازم. |
.
- قد كان ذلك مَرّةً؛ فاليومَ لا. قيل: أَولُ من قال ذلكَ فاطمةُ بنتُ مُرٍّ الخَثْعَميةُ، وكانت قد قرأَتِ الكتبَ. فأَقبل عبدُ المطلب ومعَه ابنُه عبدُ الله يريد أنْ يزوِّجَه آمنةَ بنتَ وَهَب بنِ عبدِ مناف بن زُهْرَة بن كلاب, فمرَّ على فاطمةَ وهي بمكةَ فَرأَتْ نُورَ النبوةِ في وجهِ عبدِ الله. فقالت له: مَن أنت يافتى؟ قال: أنا عبدُ الله بن عبد المطلب بن هاشم. فقالت: هل لك أن تَقعَ عليَّ وأُعطيَك مائةً من الإبل؟ فقال: أمَّا الحَرامُ فالمَماتُ دونَهُ ... والحِلُّ لا حِلَّ فأَستَبِينَهُ فكَيف بِالأمْرِ الَّذي تَنْوينَهُ ... يَحمي الكريمُ عِرْضَهُ ودِينَهُ ومضى مع أَبيه فزوَّجه آمنةَ فأَقامَ عندَها ثلاثا. ثم انصرفَ وقد دَعَتْه نفسُه إِلى الإِبلِ، فأَتاها فلم يَرَ منها حِرصاً، فَقَال لها: هل لك فيما قُلتِ لي؟ فقالت: قد كان ذلك مرّةً؛ فاليومَ لا. فأَرسلتها مَثَلاً. ثم قالت له: أَيَّ شيءٍ صَنعْتَ بعدي؟ قال: زوّجني أَبي آمنةَ بنتَ وَهَبٍ، فكنت عندها. فقالت: واللهِ ما أَنا بصاحبةِ ريبةٍ، ولكني رأيتُ في وجهِك نورَ النبوةِ فأَردتُ أَن يكونَ ذلك فيَّ، فأَبَى اللهُ –تعالى- إلا أَنْ يَضَعه حيث أحبَّ، وقالت: بَنِي هاشمٍ قَدْ غَادَرَتْ مِنْ أخِيكُمُ ... أمِينَةُ إِذ للباه يَعتَلِجَانِ كَمَا غَادَرَ المِصْبَاحُ بَعْدَ خُبُوِّهِ ... فَتَائِلَ قَدْ مِيثَتْ لَهُ بِدِهَان ومَا كُلُّ ما نالَ الفتَى مِنْ نَصِيبِهِ ... لِعَزْمٍ ولا مافاتَهُ لِتَوَاني فأجْمِلْ إذا طالَبْتَ أمْراً فَإنَّهُ ... سَيَكْفِيكَهُ جَدَّانِ يَصْطَرِعَانِ سَيَكْفَيكَهُ إِما يدٌ مُــقَــفْعَـلةٌ ... وإِمـــا يـــدٌ مبســـوطة بــبــنــانِ ولما قَضَت منه أَمينةُ ما قضت... نَبا بصري عنه وكَلَّ لِساني ماث الشيءَ مَوثا وموثانا: مَرَسه بيده حتى تَنْحَلَّ أَجزاؤُه، وماثَه في الماء خلطه وأذابه فيه. ويدٌ مُقَفعلة: أَي مقبوضة مُتَشنجة. يُضرب في الندمِ والإِنابة بعد الاجْترام. - هذه القصة ترويها كثير من كتبِ السيرةِ والدلائل، وأَسانيدها واهيةٌ وضعيفةٌ لا تصلحُ للاستشهاد فضلا عن الاحتجاجِ، كما ذكر موقع (الإسلام سؤال وجواب). |
.
- زمانُ أَربَّتْ بالكلابِ الثَّعالبُ. يعني إذا اشتد الزمانُ وهلك الناسُ سَمِنت الكلابُ من أَكلِ الجِيَفِ، فلم تتعرّض للثعالبِ. يُضرب في اشتداد الأمر، أو لِمن يُوَالي عَدُوَّه لسبب مّا. يقال: أَرَبَّ به إذا أَلِفَهُ ولَزِمه، ويقال: فلانٌ مَرَبٌّ، أي مَجْمَعٌ يَرُبُّ الناسَ، أي يَجمعُهم. ومنه " مَرَبُّ الإِبل " حيث لَزِمَته. وأَرَبَّتِ الإبل بمكانِ كذا وكذا، أي لَزمَتْهُ وأقامت به، فهي إبل مَرابُّ. وأَرَبَّتِ الناقةُ، أي لَزِمَتِ الفحلَ وأَحَبَّتْهُ. قال الشَّنْفَرَى: ولا جُبَّإٍ أَكْهى مُرِبٍّ بِعِرْسِهِ ... يُطالعُها في شأنهِ كيف يفعلُ جُبَّأٍ أَكْهى: جبانٌ ضعيف. مُرِبٍّ بِعِرْسِه: أَي مُقيمٌ على امرأتِه لا يفارقُها. . |
.
- قَتْلُ ما نَفْسٍ مُخَيَّرُها. قَال عطاءُ بنُ مصعب: كان بين رجلين مالٌ فاقتسما، فقال أَحدُهما لصاحبه: اخْتَرْ أَيَّ القِسمين شئتَ. فجعل ينظرُ إلى هذا القِسْمِ مرةً وإلى هذا أُخرى، فيرى كلَّ واحدٍ جيدا. فقال صاحبُه: قَتْلُ ما نفسٍ مُخيَّرُها؛ أَي قتلتُ نفسَك حين خيَّرتُك. يُضربُ في الشَّرَهِ والجشَع. ويروى: قَتَلَ نفسًا مُخَيِّرُها. أَي إِني قتلتُ نفسَك حين خيَّرْتُك. . |
.
- حَسبُك مِن إنضاجِهِ أَنْ تقتلَه. يُضرب لطالبِ الثأْرِ يقول: لأَقْتُلَنَّ فلانا وقومَه أَجمعين. فيقال: لا تَعْدُ؛ حسبُك أَن تدرِكَ ثأرَك وطِلبتَك. ويضربُ لمتجاوز الحد. |
.
- أَرْعَنُ من هواءِ البَصرةِ. وإنما وصفوا هواءَها بذلك لاضطرابٍ فيه وسرعةِ تغيرِه. والرُّعونةُ: الخِفَّةُ والطَيْش. قال الجوهري: "الرَعَنُ" : الاسترخاء. والرُعونَةُ: الحُمق والاسترخاء. ورجلٌ أَرْعَنُ، وامرأةٌ رَعْناءُ، بيِّنا الرُعونَةِ والرَعَنِ. وما أَرْعَنَهُ، وقد رَعُنَ –بالضم-. ورَعَنَتْهُ الشمسُ فهو مَرْعونٌ، أي مسترخٍ. أما قولهم: "البصرة الرعناء" كما قال الفرزدق: لولا ابنُ عُتْبةَ عَمرٌو وَالرَّجاءُ له ... ما كانتِ البصرةُ الرَّعناءُ لي وطنا فقال ابنُ دُريد: سُمِّيت رَعناء تشبيها بِرَعْنِ الجبل، وهو أَنفُه المتقدم الناتئُ. وقال الأَزهريّ: سُميت بذلك لكثرة مَدِّ البحر وعَكِيكِه بها. |
.
أَخْرَقُ مِن حَمامةٍ. الأخرق: الذي لا يحسن الصناعات. وقيل للحمامة ذلك لأنها لا تُحْكِم عُشَّها؛ وذلك أَنها ربما جاءت إلى الغصنِ من الشجرةِ فتَبني عليه عشَّها في الموضع الذي تذهب به الريح وتجيء، فَبَيْضُها أضْيَعُ شيءٍ، وما ينكسرُ منه أَكثرُ مما يَسلمُ، قال عَبِيد بن الأبرص: عَيُّوا بأمرهُم كما ... عَيَّتْ بيضتَها الْحَمَامَهْ جعلتْ لها عُودَيْنِ من ... نَشَمٍ وآخَرَ من ثُمَامَهْ الثُمامُ: نَبتٌ ضعيفٌ له خُوصٌ أو شبيهٌ بالخوص، وربَّما حُشيَ به وسُدَّ به خَصاص البيوت، الواحدة ثُمامَةٌ. النَشَمُ: شجرٌ تتَّخذ منه القِسِيّ. |
.
- أَحْذَرُ مِنْ ذِئْبٍ. قيل: إِنه يَبلُغُ من شِدَّة احترازِه أَنْ يُراوحَ بين عَيْنيه إذا نام، فيجعلُ إِحداهما مُطْبقةً نائمةً، والأُخرى مفتوحةً حارسةً، بخلافِ الأَرنبِ الذي ينامُ مفتوحَ العينين؛ لا من احترازٍ، ولكن خِلْقةً. قال حُمَيْد ابن ثَوْر في حَذَر الذئب: ينامُ بإِحدى مُقلَتيْهِ ويتّقي ... بأُخرى المَنايا فهو يَقظان هاجِعُ |
.
- عَيْنٌ بِذَاتِ الْحَبَقَاتِ تَدْمَعُ. المقصود بالعين عَيْنُ الماء. والحَبَق: بَقْلٌ من بقول السهل والحَزَن. وقوله: تدمع، كنايةٌ عن قِلَّةِ الماء فيها. يُضرب لمن له غِنىً وخَيرُه قليلٌ، ولا يَنتفعُ به إلا الأَخِسَّاءُ؛ لأنه قَال فيما بعد: ... وارِدُها الذئْبُ وكلبٌ أَبقعُ |
.
- الذِّئْبُ خالياً أَسدٌ. ويروى " أشَدُّ " أي إذا وجدك خاليا وحدَك كان أَجرأَ عليك. هذا قولٌ قاله بعضُهم. وأَجودُ من هذا أن يقال: الذئبُ إذا خلا من أَعوانٍ من جِنسِه كان أسداً؛ لأنه يتكل على ما في نفسِه وطبعِه من الصَّرامةِ والقوة فَيَثِبُ وَثْبةً لا بُقْيا معَها. وهذا أقربُ إلى الصواب؛ لأن "خالياً" حالٌ من الذئب لا من غيرِه، والتقدير: الذئبُ يُشبهُ الأَسدَ إذا كان خالياً، كما تقول: زيد ضاحكا قمرٌ، ومعنى التشبيه عاملٌ في الحال. قال أبو عبيد: يقول : إذا قدر عليك في هذه الحال فهو أَقوى عليك وأَجرأٌ بالظلم، أي في غير هذه الحال؛ أَراد: لا تَعْجِزْ عنه فلا مُعينَ له من جنسِه. وقال أيضاً: قد يضرب هذا المثل في الدِّينِ ومنه حديث معاذٍ رضى اللّه تعالى عنه: "عليكم بالجماعة؛ فإنّ الذئبَ إِنما يُصيبُ من الغنم الشاذَّةَ القاصِيةَ". قال أبو عبيد: فصار هذا المثلُ في أَمر الدين والدنيا، يُضرب لكل متوحِّدٍ برأْيه أو بِدِينه أو بسفره. |
.
- وَلِّ حارَّها مَن تَولّى قارَّها. يُضربُ في حُسنِ التدبير ووضعِ الشيءِ موضعَه الذي يستحقه. قال أبو عبيد: وهذا المثل يُروى عن عمر بن الخطاب أنه قاله لعتبة بن غزوان أو لأبي مسعود الأنصاري. قال شارح كتاب الأمثال: روى ابنُ وهب عن أَشهلَ بنِ حاتم عن ابنِ عون قال: قال عمرُ -رضي الله عنه- لأَبي مسعودٍ عقبةَ بنِ عمرو: أَلَم أُنَبّأ أَنك تُفتي الناس، ولِّ حارّها من تولى قارّها. وهذا المثل قد قاله الحسنُ بن علي لأبيه. وذلك أنّ الوليد بنَ عقبةَ لما شَهد عليه عند عثمان حمران ورجل آخرُ، بشربِ الخمر، وصلاته بالناس سكرانَ، وهو أميرُ الكوفة، عزَله واستحضره وأَمر علياً بِحدِّه، فقال عليٌّ للحسن ابنَه: تولَّ ذلك، فقال له ابنُه: ولِّ حارّها من تولى قارّها. فأمسك، فقال عليٌّ لعبد الله بن جعفر: أَقِمْ عليه الحدَّ، فأخذَ السوط وجلده، وعليٌّ يَعُدُّ، حتى بلغ أربعين، فقال: حسبُك، جلد النبيُّ عليه السلام أربعين، وجلد أَبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكلٌّ سُنةٌ. وقد روى هذه القصةَ مُسلمٌ في صحيحه. قال الخطابي: معنى ولِّ حارّها من تولى قارَّها: وَلِّ العقوبةَ والضربَ من تولى العملَ والنفعَ. قال العسكري: أَي وَلِّ مكروهَ الأَمرِ مَن تولّى محبوبَه، والحارُّ مذمومٌ عندَهم والباردُ محمودٌ. |
.
- شَمَّرَ ذيلاً وادَّرَعَ ليلاً. يقال: شَمَّر عن ساقه وشَمَّر في أَمره أَي خَفَّ. ورجل شَمَّرِيٌّ: خفيفٌ في أَمرِه جادٌّ قد تشمَّرَ له. والذيل: أسفل الثوب. وادَّرع فلانٌ الليلَ: دَخَلَ في ظُلْمَتِهِ يَسْرِي. وادَّرَعَ الرجلُ: لبس الدِرْعَ. قال الشاعر: إنْ تَلْقَ عَمْراً فقد لاقَيْتَ مُدَّرعاً ... وليس من هَمِّهِ إبْلٌ ولا شاءُ يضرب في الجِدِّ في طلبِ الحاجةِ وترك التفريطِ فيها. قال أبو عبيد: يُروى عن أَبجر بن جابر العجلي أنه قال فيما أوصى به ابنه: يا بنيٍ، إياك والسآمةَ في طلبِ الأُمور فتقذفك الرجالُ خلفَ أَعقابِها. . |
الساعة الآن 04:47 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd.