{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر اللغة العربية والشعر والأدب (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   من أمثال العرب ... (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=13894)

طارق ياسين 01-10-2014 10:05 PM

.

· مواعيدُه مواعيدُ عُرْقوبٍ.
ويقولون: أَخْلَفُ من عُرقوب. وأَكذبُ من عُرقوب.

يُضربُ فيمن يُخلفُ المواعيدَ.

قال أبو عبيد:

وقال ابنُ الكلبي: ومن أَمثالِهم في هذا قولُهم: مواعيدُ عُرقوبٍ.
قال: سمعت أبي يُخبر بحديثه أَنه كان رجل من العماليق يقال له: عُرقوبٌ، فأتاه أَخٌ له يَسأَلُه شيئاً، فقال له عُرقوب: إِذا أَطلعت هذه النخلةُ فلك طَلْعُها،
فلما أَطْلَعت أَتاه للعِدَةِ، فقال: دعْها حتى تصيرَ بَلَحاً.
فلما أَبْلَحت أتاه فقال له: دعها حتى تصيرَ زهواً.
فلما أزهت قال له: دعْها حتى تصيرَ تمراً.
فلما أَتْمرت عَمَد إليها عُرقوب من الليل فجَذَّها ولم يُعطِ منها شيئاً، فصار مثلا في الخُلْفِ، وفيه يقول الأشجعي:



وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منك سَجِيَّةً ... مواعيدَ عرقوبٍ أَخاه بِيَثْرِبَ



وبعضُهم يرويه " بِيَتْرَبِ " اسمُ موضعٍ. قال: أنشدني الأصمعي "بيثرب".اهـ.

قال كعب بن زهير في قصيدته الشهيرة "بانت سعاد":



كانت مواعيدُ عُرقوبٍ لها مثلا ... وما مواعيدُها إِلا الأَباطيلُ


.

طارق ياسين 01-27-2014 10:20 PM

.
· كَمُسْتَبْضِعِ التمرِ إِلى هَجَرَ.

قال الدكتور علاء حمزاوي:

يُضربُ مثلاً للرجلِ يعلِّمُ مَنْ هو أَعلمُ منه.
والمُسْتَبْضِعُ: الذي يحملُ بضاعتَه بنفسِه،
والمُبضِعُ: الذي يبعثُ بها مع غيرِه.


قال أبو عبيد:

هذا من الأمثال المُبتذلةِ ومن قديمِها؛ وذلك أنَّ هَجَرَ مَعدِنُ التمرِ، والمُستبضعُ إليه مخطئٌ. ويقال أيضا: كمستبضع التمرِ إِلى خيبرَ، قال النابغةُ الجَعْدِيُّ :


وإن امرؤٌ أهدى إليك قصيدةً ... كمستبضعٍ تمراً إلى أَرضِ خيبرا


وقال في "تاج العروس":

قال حسان -رضي الله عنه- وهو أول شعر قاله في الإسلام:


فإنا ومَنْ يُهدي القصائدَ نحونا ...كمُسْتَبْضِعٍ تَمراً إِلى أَهل خَيبرا


جاء في " آثار البلاد وأخبار العباد":

هَجَرُ: مدينةٌ كبيرةٌ، قاعدةُ بلادِ البحرين، ذاتُ خيراتٍ كثيرةٍ من النخل والرمان والتين والأُتْرُجِّ والقطن. وبقِلالِها شبَّهَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- نَبَقَ الجنةِ، وكذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا بلغ الماءُ قلتينِ لم يحملْ خبثاً). أراد بهما قِلالَ هَجرَ، سَعَتُها خمسمائةِ رطلٍ.
من عجائبها: مَنْ سكنَها عَظُم طِحالُه.

قال ابنُ بطوطةَ:

ثم سافرنا منها إلى مدينةِ هَجَرَ، وتُسمّى الآن بالحَسا -بفتح الحاءِ والسِّين وإهمالِهما- وهي التي يُضربُ المثلُ بها، فيُقالُ: كجالبِ التمرِ إلى هجرَ، وبها من النخيل ما ليس ببلد سواها، ومنه يَعلِفون دوابَّهم، وأَهلُها عربٌ، وأكثرُهم من قبيلةِ عبدِ القَيْسِ بنِ أَفصى.

قال ابن سلام:

وقال الأصمعي: ومثلُه قولهم: كَمُعلِّمةٍ أُمَّها البِضاعَ.
قال في "المصباح المنير": والبِضاعُ: الجماعُ، وَزْناً ومعنىً.


.

طارق ياسين 02-08-2014 11:39 PM

.
· شرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّةِ عُرقوبٍ.
قال الأزهري : ومنهم من يقول: "شَرٌّ ما أَلجَأَك..." والمَعنى واحدٌ.

ويقال أيضاً:

الشرُّ أَلجأَه إِلى مُخِّ العراقيبِ.

جاء في "الأمثال" لابن سلام:

بابُ الاضطرار إلى مسأَلةِ البخيل وانتظار ما عندَه

قال الأَصمعيُّ: من أَمثالِهم في هذا: شرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّةِ عُرقوبٍ.
قال: وذلك أنَّ العُرقوبَ لا مُخَّ فيه، فليس يَحتاج إليه إِلا مَنْ لا يقدرُ على شيءٍ.
قال أبو عبيد: قد يُضربُ هذا المثلُ لكلِّ مُضْطرٍ إلى ما لا خيرَ فيه، ولا يقعُ عنه موقعا؛ مثلِ بخيلٍ تسأَلُه، أو طعامِ سَوْءٍ تأْكُلُه، وما أَشْبهَ هذا المعنى.

جاء في "زهر الأكم":

والعراقيبُ جمعُ عُرقوبٍ، وهو العَصَبُ فوقَ عَقِبِ الإِنسانِ، وعُرقوبُ الدابةِ في رجلِها بمنزلة الركبةُ في يدِها، وكلُّ ذاتِ أَربعٍ فعُرْقُوباها في رِجلَيْها، ورُكبتاها في يديها.
والمعنى أنَّ الشرَّ هو الذي ألجأَك إلى سؤال ِاللئامِ، فيُضربُ عند الاضْطرارِ إِلى مسأَلةِ البخيلِ.
وإنّما خُصَّ العُرقوبُ؛ لأَنه شَرُّ المِخاخِ،كما أنّه شرُّ العِظام، كما قال الاخطلُ لكعبِ بنِ جُعَيل:


وسُمِّيتَ كَعباً بِشَرِّ العِظامِ ... وكان أَبوكَ يُسمَّى الجُعْلَ


.

طارق ياسين 02-22-2014 09:56 PM

.
· اختلطَ الحابلُ بالنَّابِلِ.
يضرب في اختلاط الأمر على القوم حتى لايعرفوا وجهه، أو في اختلاط الرأي.

قال البكري:
الحابلُ: الذي يصيدُ الوحشَ بالحِبالةِ.
والنابل: الذي يصيدُها بالنَّبْلِ.
والحِبالةُ: شِرْكُ الصائدِ، والجمعُ: الحَبائل. والصيدُ محبولٌ ومُحْتَبَلٌ إذا وقع في الحِبالة.

جاء في "المعجم الوسيط":
ويقال: ( اختلط الحابل بالنابل ) وقع الاضطرابُ فيما بينهم؛ فلا يُعرفُ الصائدُ بالنِّبالِ من الصائدِ بالحبال.

قال في"الصحاح":
النَّبْلُ: السِّهامُ العربيةُ، وهي مُؤنثةٌ لا واحدَ لها من لفظِها. وقد جَمعُوها على نِبالٍ وأَنْبالٍ.

والنَّبَّالُ (بالتشديد): صاحب النَّبْل.

.

طارق ياسين 03-10-2014 10:11 PM

.
· يركبُ الصَّعْبَ مَنْ لا ذَلُولَ له.

قال في"جمهرة الأمثال":
الصَّعبُ من الإِبل: الذي لم يُرَضْ(1).
والذَّلُولُ: السهلُ. والمصدرُ: الذِّلُّ، بكسرالذال، وأَما الذُّلُّ فالهَوانُ.

قال الميداني:
أَي يحملُ المَرءُ نفسَه على الشِّدةِ إِذا لم يَنَلْ طِلْبَتَهُ بالهُوَينا.
يُضربُ في القناعةِ بنَيْلِ بعضِ الحاجاتِ.

وفي "العِقْدِ الفريد":
الرجل يأخذ حقَّه قَسْراً: منه قولُهم: يَركبُ الصَّعبَ مَنْ لا ذَلُولَ له. وقولُهم: مُجَاهرةً إذا لم أَجِد مَخْتلا، يقولُ: آخذُ حقِّي قَسْراً وعلانيةً إذا لم أصِل إليه بالسَّتر والعافيةِ.
وفي "المعجم الوسيط": أُجاهرُ فيما أطَلبُ إِذا لم أَجِدْهُ خَتْلاً.
والخَتْلُ: الخَدْعُ.
_______________
(1) قال في "مختار الصحاح": رَاضَ المُهْرَ يَروضه رِياضاً ورِياضَةً فهو مَرُوضٌ، وناقةٌ مَرُوضةٌ.
ورَوَّضَهُ –أيضاً- مُشدّداً؛ للمبالغة. وناقةٌ رَيِّضٌ –بالتشديد- أَوَّلُ ما رِيضَتْ.

.

طارق ياسين 03-15-2014 11:01 PM

.

· حَسْبُكَ من شَرٍّ سَماعُه.

قال الميداني:

أَيِ اكْتَفِ منَ الشرِّ بسماعِه، ولا تُعايِنْهُ.
ويجوزُ أَنْ يريدَ: يَكفيك سماعُ الشرِّ وإِنْ لم تُقْدِمْ عليه ولم تُنْسَبْ إليه.

قال أبو عبيد :

أَخبرني هشامُ بنُ الكلبيِّ أَنَّ المثلَ لأُمِّ الرّبيعِ بنِ زيادِ العَبْسِيِّ؛ وذلك أَنَّ ابنَها الربيعَ كان أَخذ من قيسِ بنِ زُهيرٍ بنِ جَذِيمةَ دِرعاً، فعَرَض قيسٌ لأُمِّ الربيعِ وهي على راحلَتِها في مَسيرٍ لها، فأَراد أن يذهبَ بها ليَرْتَهِنَها بالدِّرعِ،
فقالت له: أَينَ عَزَبَ عنك عقلُكَ يا قيسُ؟ أَترى بَني زيادٍ مُصالحيك وقد ذهبتَ بِأُمِّهم يَميناً وشِمالاً، وقال الناسُ ماقالوا وشاؤوا؟ وإِنَّ حسبَكَ من شرٍّ سماعُه.
فذهبت كلمتُها مثلاً. تقولُ: كفى بالمقالةِ عاراً وإِن كان باطلاً.
يُضربُ عندَ العارِ والمَقالةِ السيِّئةِ وما يُخافُ منها.
وقال بعضُ النساءِ الشواعر :
سائِل بنا في قومِنا ... وَلْيَكْفِ مِن شَرٍّ سَماعُه
قيساً وما جمعوا لنا ... في مَجمعٍ باقٍ شناعُه


.....

طارق ياسين 03-19-2014 04:17 PM

.

· أَشْأَمُ مِن البَسُوسِ.

قال الميداني:

هي بَسُوسُ بنتُ مُنقذٍ التَّميميَّةُ، خالةُ جَسَّاسِ بنِ مُرَّةَ بنِ ذُهْلٍ الشيبانيِّ قاتلِ كُلَيْبٍ.
وكان من حديثِه أَنه كان للبَسوسِ جارٌ من جَرْمٍ(1)، يُقالُ له: سعدُ بنُ شمسٍ، وكانت له ناقةٌ يُقالُ لها: سَرابٌ، وكان كُلَيْبٌ قد حَمَى أَرضاً من أَرضِ العاليةِ في أُنُفِ الربيعِ(2) فلم يكن يرعاه أَحدٌ إِلا إِبلُ جسّاسٍ؛ لمُصاهرةٍ بينهما؛ وذلك أَنَّ جليلةَ بنتَ مُرةٍ أُختَ جَسّاسٍ كانت تحت كُليبٍ، فخرجت سرابٌ ناقةُ الجَرْمِيِّ في إِبلِ جساسٍ تَرعى في حِمى كُليبٍ، ونظر إِليها كُليبٌ فأَنكرها، فرماها بسهمٍ فاختلَّ ضِرْعُها، فَوَلَّت حتى برَكت بفِناءِ صاحبِها، وضِرْعُها يَشْخَبُ(3)دَماً ولَبناً، فلما نظر إِليها صرخ بالذُلِّ، فخرجت جاريةُ البَسُوسِ ونظرت إلى الناقةِ، فلما رأَت ما بها ضربت يدَها على رأْسِها ونادت: واذُلَّاهُ! ثم أنشأَتْ تقولُ:
لَعمرُكِ لو أَصبَحْتِ في دارِ مُنْقذٍ ... لَمَــــــــا ضِيمَ سعــدٌ وهو جارٌ لأَبياتــي
ولكنـــــني أَصبحتُ في دارِ غُـــربةٍ ... متى يَعْدُ فيها الذئبُ يَعْدُ على شاتي
فيا سعدُ لاتُغَرِّرْ بنفسِك وارتحلْ ... فإنــك في قــومٍ عــن الجـــــــار أَمـواتِ
ودونــــــــــك أَذوادي فــــــــإِني عــنهـم ... لَـــــــراحـــــلـــــةٌ لا يَــفــقِــــــدَنِّـــــي بُــــــنَيـّاتـــــي(4)

فلما سمع جسّاسٌ قولَها سكَّنها وقال: أَيَّتُها المرأَةُ لَيُقْتَلَنَّ غدا جملٌ هو أَعظمُ عَقراً من ناقةِ جارِك.
ولم يزل جساسٌ يتوقع غِرَّةَ كُليبٍ, حتى خرج كُليب ٌلا يخافُ شيئاً، وكان إذا خرج تَباعدَ عن الحيِّ، فبلغ جسّاساً خروجُه، فخرج على فرسِه وأَخذ رُمحَه، وتَبِعَه عمرُو بنُ الحارثِ، فلم يُدرِكْه حتى طعنَ كُليباً ودَقَّ صُلبَه.
ثم وقفَ عليه فقال: يا جسَّاس أَغِثْني بِشَرْبةِ ماءٍ.
فقال جساسٌ: تركتَ الماءَ وراءَك، وانصرفَ عنه ولحقه عمرٌو،
فقال: يا عمرُو! أَغِثْني بشَرْبةِ ماءٍ!
فنزل إِليه فأَجْهَزَ عليه؛ فضُرِبَ به المثلُ، فقيل:

المُسْتجيرُ بعَمْرٍو عندَ كُرْبَتِه ... كالمُسْتجيرِ من الرَّمْضاءِ بالنار

قال: وأَقبلَ جسَّاسٌ يركضُ حتى هجمَ على قومِه، فنظر إِليه أَبوه وركبتُه باديةٌ،
فقال لمن حولَه: لقد أَتاكم جساسٌ بداهيةٍ.
قالوا: ومن أَين تعرفُ ذلك؟
قال: لِظُهورِ رُكبتِه؛ فإِني لا أَعلم أَنها بَدتْ قبل يومِها.
ثم قال: ما وراءَك يا جسّاس؟
فقال: واللهِ لقد طَعَنْتُ طَعنةً لتَجْمَعَنَّ منها عجائزَ وائلَ رقصاً.
قال: وما هي ثَكِلَتْك أُمُّك؟
قال: قتلتُ كُلَيْباً،
قال أَبوه: بِئْسَ -لَعَمْرُاللهِ- ما جنيتَ على قومِك،
فقال جساس:
تَأَهَّبْ عنك أُهْبَةَ ذِي امتناعٍ ... فإِنَّ الأَمرَ جَلَّ عن التلاحي
فإِني قد جنيتُ عليك حرباً ... تَغَـــصُّ الشيخَ بالماءِ القَراحِ

فأجابه أبوه:

فإِنْ تكُ قد جنيتَ عليَّ حرباً ... فلا وانٍ ولا رَثُّ السلاحِ
سأَلْبِـسُ ثَوبَــــــهـــا وأَذُبُّ عــنـــي... بــها يومَ المَذَلَّةِ والفِـضاحِ

قال: ثم قَوَّضوا الأَبنيةَ، وجمعوا النَّعَمَ والخيولَ وأَزمعوا للرحيلِ، وكان همَّامُ بنُ مُرَّةَ -أَخو جسَّاسٍ-نديماً لمُهَلْهِلِ بنِ ربيعةَ أَخي كليبٍ، فبعثوا جاريةً لهم إِلى همامٍ لتُعْلِمَه الخبرَ، وأَمَروها أَنْ تُسِرَّهُ من مُهَلْهَلٍ، فأَتَتْهُما الجاريةُ وهما على شَرابِهما، فسارَّتْ هماماً بالذي كان من الأَمرِ، فلما رأَى ذلك مُهَلْهِلٌ سأَل همّاماً عما قالت الجاريةُ -وكان بينهما عهدٌ أَنْ لا يكتمَ أَحدُهما صاحبَه شيئا-،
فقال له: أَخبرتني أَنَّ أَخي قتلَ أَخاك.
قال مُهَلهِلٌ: أَخوكَ أَضْيَقُ إِسْتاً من ذلك(5)،
وسكتَ همامٌ وأَقبلا على شرابِهما، فجعل مُهلهِلٌ يشربُ شُربَ الآمنِ، وهمامٌ يشرب شُربَ الخائفِ، فلم تُلْبَثِ الخمرُ مُهَلهِلاً أَنْ صرعتْهُ، فانْسَلَّ همامٌ فرأى قومَه وقد تحَمَّلوا، فتَحمَّلَ معهم.
وظهر أَمرُ كُليبٍ، فقال مُهلهلٌ لِنسوتِه: ما دَهاكُنَّ؟
قلنَ: العظيمُ من الأَمرِ، قَتلَ جسَّاسٌ كُليْباً.
ونَشَبَ الشَّرُّ بين تَغْلِبَ وبكرٍ أَربعينَ سنةً، كلُّها تكون لِتَغْلبَ على بَكرٍ.
وكان الحارثُ بنُ عبّادٍ البَكريُّ قد اعتزلَ القومَ، فلما استَحَرَّ القتلُ في بكرٍ اجتمعوا إليه، وقالوا: قد فَنِيَ قومُك، فأَرسلَ إِلى مُهَلهِلٍ بُجَيْراً ابنَه،
وقال: قل له: أَبو بُجَيْرٍ يُقْرِئُكَ السلامَ ويقول لك: قد علمتَ أَني اعتزلتُ قومي لأَنَّهم ظلموكَ، وخَلَّيتُك وإِياهم، وقد أَدركتَ وطَرَكَ، فأُنْشِدُكَ اللهَ في قومِك.
فأَتى بُجَيْرٌ مُهلهِلاً وهو في قومِه، فأَبلغه الرسالةَ،
فقال: مَن أَنت ياغلامُ؟
قال: بُجيرُ بنُ الحارثِ بنِ عبَّادٍ، فقتله، ثم قال: بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَي كُلَيْبٍ(6).
فلما بلغ الحارثَ فِعلُه قال: نِعْمَ القتيلُ بُجيرٌ،إِنْ أَصلحَ بين هذين الغارَيْنِ(7) قتلُه، وسكنت الحربُ به.
وكان الحارثُ من أَحلمِ الناسِ في زمانه، فقيل له: إِنَّ مُهلهِلاً قال له حين قتلَه: بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُليبٍ، فلما سمع هذا خرج معَ بني بكرٍ مقاتلاً مُهَلهِلاً وبني تَغْلِبَ؛ ثائراً ببُجَيْرٍ(8)، وأَنْشأَ يقول:


قَــــرِّبا مَـــربطَ النَّعامــــةِ مـنـي ... إِنَّ بيــعَ الكـــريمِ بالشِّسْعِ غالي
قـــرِّبا مــربطَ النعامــــةِ مــنــي ... لَقِحَتْ حربُ وائلٍ عن حِيالِ(9)
لم أَكنْ من جُناتِها علم الله ... وإِنـــــي بشَـــرِّها اليــــــومَ صـالــي

ويُروى " بِحَرِّها "، والنعامةُ: فرسُ الحارثِ، وكان يُقالُ للحارثِ: فارسُ النعامةِ. ثم جمع قومَه والتقى وبنو تَغلِبَ على جبلٍ يُقالُ له قِضَّة، فهزمهم وقتلهم ولم يقوموا لبَكرٍ بعدَها.
_________
(1) قبيلة من قُضاعةَ.
(2) أُنُفُ كلِّ شيءٍ: أَوَّلُه.
(3) قال في "الصحاح": الشُخْبُ –بالضم-: ما امتَدَّ مِن اللبنِ حين يُحْلَبُ. والشَخْبُ، بالفتح: المصدر. تقول: شَخَبَ اللبن يَشْخَبُ ويَشْخُبُ.
(4) قال في "المستقصى":والعربُ تسمي هذه الأبياتِ أبيات الفنا.
(5) أراد أَنه يَعْجِزُ عن ذلك.
(6) قال في "اللسان": معناه كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه، وباءَ الرجلُ بصاحبِه، إِذا قُتِل به.
(7) قال في المعجم الوسيط": الغارُ: الجمع الكثيرُ من الناس، والجيشُ، يُقال: التقى الغاران: أي الجيشان.

(8) قال ابنُ سِيدَه: ثَأَرَ به وثَأَرَه: طلَبَ دمَه، وثَأَر به: قَتَل قاتلَه.
(9) لَقِحَتْ: حمَلتْ. والحِيال: من حالتِ النّاقةُ أي: لا تحمل.
.

ابو اميمة محمد74 03-19-2014 06:20 PM

بارك الله فيكم

طارق ياسين 03-19-2014 11:03 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو اميمة محمد74 (المشاركة 307142)
بارك الله فيكم

وفيكم بارك الله...

طارق ياسين 03-28-2014 10:16 PM

.
· أَوْغَلُ مِنْ طُفَيْلٍ.

قال الميداني:

زعم أَبو عبيدةَ أَنه كان رجلاً من أَهلِ الكوفةِ، يُقالُ له: طُفَيْلُ بنُ زَلَّالٍ من بني عبدِ اللهِ بن غَطَفانَ، وكان يأتي الوَلائِمَ من غيرِ أَنْ يُدعى إِليها، وكان يُقال له: " طُفيلُ الأَعراس " و " طُفَيْلُ العرائِسِ "، وكان أَوَّلَ رجلٍ لابَسَ هذا العملَ في الأَمصارِ، فصار مثلاً يُنسبُ إِليه كلُّ مَنْ يَقتدي به، فيُقالُ: طُفَيْلِيٌّ.
وأَمّا العربُ في الباديةِ فإِنَّها كانت تقولُ لِمن يذهب إِلى طعامٍ لم يُدْعَ إِليه: وارِشٌ، وتقولُ لمَنْ فعل ذلك على الشرابِ: واغِلٌ، وأَهلُ الأَمصارِ يُسَمّونَ مَنْ فعل ذلك على الطعامِ واغِلاً، قال شاعرُهم:

أوغـــلُ في التَّطْفـيلِ من ذُبـــابٍ ... على طعـــــامٍ وعلى شـــراب
لو أَبصرَ الرُّغفانَ في السحابِ ... لطار في الجوِّ بلا حِجاب

وقال آخر :
أَوْغَلُ في التَّطْفِيلِ من مَثْمُود ... أَلزَمُ للشِّواءِ من سَفُّود(1)
يعمل في الشِّواءِ والقَديد ... أَصابعا أَمضى من الحديد

وزعم الأَصمعيُّ أَنَّ الطُّفَيْلِيَّ هو الذي يدخلُ على القومِ من غيرِ أَن يُدعى، قال: وهو مُشْتَقٌ من الطَّفَلِ، وهو إِقبالُ الليلِ على النهارِ بِظُلمتِه. وقال أَبوعمرو: الطَّفَلُ: الظُّلمةُ بعَيْنِها. وقال ابنُ الأَعرابيِّ: يُقالُ للطُّفَيْليِّ: اللعْمَظِيُّ، والجمعُ: اللعامِظةُ، وأَنشدَ:


لَعامِظَةٌ بين العَصا ولِحائِها ... أَدِقَّاءُ أَكَّالونَ مِنْ سَقْطِ السُّفَرِ(2)

____________
(1) الثَمَدُ والثَمْدُ: الماء القليل الذي لا مادَّةَ له. واثْتمَدَ الرجلُ واثَّمَدَ -بالإدغام- أي ورد الثَمَدَ. وماءٌ مَثْمودٌ، إذا كثُر عليه الناس حتّى يُنفِدوه إلاّ أَقَّلَّه. ورجلٌ مَثْمود، إذا كَثُر عليه السُؤّالُ حتَّى يَنفدَ ما عنده. وكذلك إذا ثَمَدَتْهُ النساء فأكثر الجماعَ حتَّى انقطع ماؤه.
والسَّفُّود: الحديدةُ التي يُشوى بها اللحم.(الصحاح).
(2) اللَعْمَظَةُ: الشَرَهُ. ورجلٌ لَعْمَظٌ ولُعْموظٌ ولُعْموظَةٌ، وهو النَهِمُ الشَرِهُ، وقومٌ لَعامِظَةٌ ولَعاميظُ.
والسُّفَر: جمعُ سُفْرة، وهو طعامٌ يُتَّخَذُ للمسافر، ومنه سُمِّيَتْ السُفْرَةُ. (الصحاح).
.


الساعة الآن 11:48 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.