فائدة في بيان جواز الذّكر يوم الجمعة والإمام يخطب ، وأن تركه أولى .
فائدة في بيان جواز الذّكر يوم الجمعة والإمام يخطب ، و تركه أولى .
هذه فائدة علمية حديثية ، فيها جواز الذّكر و الدّعاء يوم الجمعة ، و بيان أنّه خلاف الأولى ، و حاله كحال صلاة المرأة في المسجد مع أنّ الأولى لها و الأفضل هو صلاتها في بيتها و حجرتها ... و كما أن حظور المرأة قد يجب عليها كصلاة العيد -على قول- و يستحبّ على قول آخر ، و أن فعله هنا أولى من البيت في هذه المناسبة-سواء كان واجبا أم مستحبا- ، و لذلك لحظور مجالس الذكر و شهادة الخير مع المسلمين وإن كانت حائضا و إن كانت لا تملك ما تلبسه فتستعير من غيرها لباسا -شرعيا- تخرج به إلى صلاة العيد ، حتى تشهد أيضا دعوات المسلمين . فهذا مستثنى من أصل عام و هو : الأولى عدم الخروج ، والإستثناء يقضي ب: الأولى الخروج ، سواء كان الأولى وجوبا أم استحبابا . و مثله فائدتنا هذه التي تقضي بالألويّة للإنصات يوم الجمعة و السّكوت وقت الخطبة ، و لكن قد يكون ما هو خلاف الأولى جائزا بالنّصّ الشّرعي كما سنبيّنه هنا : و ذلك عن عبد الله بن عمرو ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم قال : ( يَحْظُرُ الجُمُعَةَ ثلاثَةُ نفرٍ : رجلٌ حضَرَهَا يلغو و هو حَظُّهُ منها ، و رجل حظرها يدعو ، فهو رجلٌ دعا الله عزَّ وجلَّ ، إن شاء أعطاهُ ، وإن شاء مَنَعهُ ، و رجلٌ حضرها بإنصات و سُكونٍ ، و لمْ يتَخَطّ رقبةَ مُسْلمٍ ، و لم يؤْذِ أحداً ، فهي كفّارة إلى الجُمعة التي تليها و زيادة ثلاثة أيّام ، و ذلك بأنّ الله تعالى يقول :[ من جاء بالحسنة فله عشرُ أمثالها ] ). هذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه ، و حسّنه الشيخ الألباني -رحمه الله- برقم : 1113. و الشّاهدُ من الحديثِ هو : (و رجل حظرها يدعو ، فهو رجلٌ دعا الله عزَّ وجلَّ ، إن شاء أعطاهُ ، وإن شاء مَنَعهُ.). فيدخل في ذلك كلّ دعاء و مسألة . و يدخل في ذلك كلّ ذكر لله تعالى ، لأنه ليس من باب اللغو ، بل الذكر يدخل فيه الدّعاء المنصوص عليه . و يدخل فيه التّأمين على دعاء الإمام لأنّ التّأمين دعاء أيضا . و يدخل فيه ردُّ السلام على الدّاخل إلى المسجد ، فردّ السلام ذكر و دعاء أيضا . و يدخل فيه أيضا تشميت العاطس -و هو على الوجوب- كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم إذا ذكره الإمام ، فيبقى أصل الوجوب قائما ، بل هو الأولى في ذلك الموطن و الله أعلم ، لأنه واجب لا يسقط إلا بدليل ، و كذلك تشميت العاطس . كيف إذا وجدنا ما يُجيز أصل ذلك كلّه !؟. و عليه فما كان من قبيل الإيجاب فيكون حكمه ثابتا مؤكدا ، الأولى فيه القيام به لا تركه ، بدليل الأصل ، و دفع المنع و التحريم بدليل الجواز ، فبقي الحكم على أصله فيما كان واجبا ، يبقى على وجوبه . و فيما سوى ذلك من الأمور المستحبّة فالأولى الإنصات و عدم الكلام حتى في التّأمين داخل الخطبة تشمله أولويّة الإنصات ، إلا إن طلب الإمام ذلك لأنه هو من يُقتدى به ، و حتى لا تكون فوضى لفعل أيّ شيئ دون إذن الإمام و الله أعلم . و عليه فلا يُعدُّ شيئ من الذكر لغوا بدليل حصر اللغو في أول الحديث :( رجلٌ حضَرَهَا يلغو و هو حَظُّهُ منها ) ، و الأصل في الكلام التّأسيس لا التّأكيد ، فلا ينبغي حمل ما جاء بعد هذا الكلام على نفس المعنى ، تأكيدا -أي لا ينبغي حمله على اللغو أيضا-، و هو يغايره بل هنا بعد هذا الكلام يؤسّس حكما آخر غير الأوّل -و هو الدعاء الذي هو من الذكر-. و الله تعالى أعلم . و كتبه أخوكم في الله : أبو أويس محمد بن علي السّليماني -غفر الله له ولوالديه -. |
بوركت على الفائدة أخي الكريم.
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مسألة في حكم الدعاء أثناء الخطبة السؤال : كنا في صلاة الجمعة والإمام يخطب وقد لاحظت أن من بجانبي كان يكثر من الإشارة بسبابة يده اليمنى أثناء الخطبة فاستغربت ذلك، وبعد الصلاة سألته عن ذلك؟ فقال: أنه يدعو الله أثناء الخطبة وأنه يؤشر بسبابته عند الدعاء، حيث سبق أن سمع أن الدعاء أثناء الخطبة حري بالإجابة، فقلت له: ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالإنصات أثناء الخطبة، ولكنه لم يقتنع، فأرجو بيان الحق في ذلك؟[1]. جواب الشيخ ابن باز - رحمه الله - : الواجب الإنصات وعدم الكلام لا بالدعاء ولا بغيره وقت الخطبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت، يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت))[2] متفق على صحته. فسمى إنكار المنكر بالقول والإمام يخطب لغواً فكيف بغيره من الكلام، والأحاديث في الحث على الإنصات للخطيب وعدم الكلام وقت الخطبة كثيرة، أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجمعة ساعة لا يرد فيها سائل وهي ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة))[3] أخرجه مسلم. فالمراد به الدعاء في وقت الدعاء كالسجود والجلوس بين الخطبتين وفي آخر التحيات قبل أن يسلم، كل هذه الأوقات محل للدعاء وترجى فيها الإجابة، والله ولي التوفيق. -------------------------------- [1] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من المجلة العربية، وقد أجاب عنه سماحته بتاريخ 21/9/1419هـ. [2] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، برقم 934. [3] أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب في الساعة التي في يوم الجمعة برقم 853. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثلاثون المصدر : http://www.binbaz.org.sa/mat/4694 -------------------------------- حكم الإنصات والكلام يوم الجمعة أثناء الخطبة ذهبت لصلاة الجمعة , ولكن كلما دخل مصلٍّ للمسجد ألقى السلام فرد عليه المصلون , حتى من كان يقرأ القرآن أيضاً , وعندما بدأت الخطبة دخل بعض المصلين وألقى السلام , فرد عليه الإمام بصوت منخفض ، فهل يجوز ذلك ؟. الجواب : الحمد لله يجب على من حضر الجمعة أن ينصت للإمام وهو يخطب ، ولا يجوز له الكلام مع غيره ، حتى لو كان الكلام لإسكاته ، ومن فعل فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة له . عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت ) . رواه البخاري ( 892 ) ومسلم ( 851 ) . ويشمل المنع – كذلك – الإجابة عن سؤال شرعي ، فضلاً عن غيره مما يتعلق بأمور الدنيا . عن أبي الدرداء قال : جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وخطب الناس وتلا آية وإلى جنبي أُبيّ بن كعب فقلت له : يا أُبيّ متى أنزلت هذه الآية ؟ فأبى أن يكلمني ثم سألته فأبى أن يكلمني حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أبيٌّ : مالك من جمعتك إلا ما لغوت ، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم جئته فأخبرته فقال : ( صدق أُبيّ ، إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ ) . رواه أحمد (20780) وابن ماجه (1111). وصححه البوصيري والألباني في " تمام المنة " ( ص 338 ) . وهذا يدل على وجوب الإنصات وتحريم الكلام والإمام يخطب يوم الجمعة . قال ابن عبد البر : " لا خلاف بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات للخطبة على من سمعها . " " الاستذكار " ( 5 / 43 ) . وقد شذ بعضهم وخالف في الوجوب . وليس لهم دليل يؤيد ما ذهبوا إليه . قال ابن رشد – في حكم الإنصات في الخطبة - : "وأما من لم يوجبه : فلا أعلم لهم شبهة إلا أن يكونوا يرون أن هذا الأمر قد عارضه دليل الخطاب في قوله تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } أي : أن ما عدا القرآن فليس يجب له الإنصات ، وهذا فيه ضعف ، والله أعلم ، والأشبه أن يكون هــذا الحديث لم يصلهم" اهـ . " بداية المجتهد " ( 1 / 389 ) . ويستثنى من ذلك : الكلام مع الإمام ، وكلام الإمام مع المأمومين للحاجة أو المصلحة . عن أنس بن مالك قال : أصابت الناسَ سَنَةٌ (أي : قحط وجدب) على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة قام أعرابي فقال : يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه ... فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى وقام ذلك الأعرابي - أو قال غيره - فقال : يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا فرفع يديه ... رواه البخاري ( 891 ) ومسلم ( 897 ). وعن جابر بن عبد الله قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال أصليت يا فلان ؟ قال : لا ، قال : قم فاركع ركعتين . رواه البخاري ( 888 ) ومسلم ( 875 ) . ومن استدل بمثل هذه الأحاديث على جواز كلام المصلين بعضهم مع بعض ، وعدم وجوب الإنصات فما أصاب . قال ابن قدامة : "وما احتجوا به : فيحتمل أنه مختص بمن كلم الإمام , أو كلمه الإمام ; لأنه لا يشتغل بذلك عن سماع خطبته , ولذلك سأل النبي صلى الله عليه وسلم " هل صليت ؟ " فأجابه ، وسأل عمرُ عثمانَ حين دخل وهو يخطب , فأجابه , فتعين حمل أخبارهم على هذا , جمعا بين الأخبار , وتوفيقا بينها , ولا يصح قياس غيره عليه ; لأن كلام الإمام لا يكون في حال خطبته بخلاف غيره" اهـ . " المغني " ( 2 / 85 ) . وأما تشميت العاطس ورد السلام والإمام يخطب ، فقد اختلف أهل العلم في ذلك . قال الترمذي في " سننه " - عقب حديث أبي هريرة " إذا قلت لصاحبك ... " - : اختلفوا في رد السلام وتشميت العاطس ، فرخص بعض أهل العلم في رد السلام وتشميت العاطس والإمام يخطب ، وهو قول أحمد وإسحاق ، وكره بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم ذلك ، وهو قول الشافعي اهـ . وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (8/242) : "لا يجوز تشميت العاطس ولا رد السلام والإمام يخطب على الصحيح من أقوال العلماء لأن كلاًّ منهما كلام وهو ممنوع والإمام يخطب لعموم الحديث" اهـ . وجاء فيها أيضاً (8/243) : "لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد ، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب" اهـ . وجاء فيها أيضاً (8/244) : " لا يجوز الكلام أثناء أداء الخطيب لخطبة الجمعة إلا لمن يكلم الخطيب لأمر عارض" اهـ . وقال الشيخ ابن عثيمين : "السلام حال خطبة الجمعة حرام فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب الجمعة أن يسلم ورده حرام أيضاً" اهـ . فتاوى ابن عثيمين (16/100) . وقال الشيخ الألباني : " فإن قول القائل : " أنصت " ، لا يعد لغة من اللغو ، لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومع ذلك فقد سماه عليه الصلاة والسلام : لغواً لا يجوز ، وذلك من باب ترجيح الأهم ، وهو الإنصات لموعظة الخطيب ، على المهم ، وهو الأمر بالمعروف في أثناء الخطبة ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكل ما كان في مرتبة الأمر بالمعروف ، فحكمه حكم الأمر بالمعروف ، فكيف إذا كان دونه في الرتبة ، فلا شك أنه حينئذ بالمنع أولى وأحرى ، وهو من اللغو شرعاً . " الأجوبة النافعة " ( ص 45 ) . والخلاصة : أن الواجب على من حضر الجمعة أن ينصت للإمام ولا يجوز له أن يتكلم والإمام يخطب ، إلا ما استثناه الدليل من الكلام مع الخطيب ، أو الرد عليه ، أو ما دعت إليه الضرورة كإنقاذ أعمى من السقوط أو ما شابهه . والسلام على الإمام ورده السلام مما يدخل في هذا المنع ، لأنه لم يرخص في الكلام مع الإمام إلا للمصلحة أو الحاجة ، وليس من ذلك السلام ورده . قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (5/140) : "لا يجوز للإمام أن يتكلم كلاما بلا مصلحة ، فلا بد أن يكون لمصلحة تتعلق بالصلاة أو بغيرها مما يحسن الكلام فيه ، وأما لو تكلم الإمام لغير مصلحة فإنه لا يجوز . وإذا كان لحاجة يجوز من باب أولى ، فمن الحاجة أن يخفى على المستمع معنى جملة في الخطبة فيسأل ، ومن الحاجة أيضاً أن يخطئ الخطيب في آية خطأ يحيل المعنى ، مثل أن يسقط جملة من الآية أو ما أشبه ذلك . والمصلحة دون الحاجة فمن المصلحة مثلا إذا اختل صوت مكبر الصوت فللإمام أن يتكلم ويقول للمهندس : انظر إلى مكبر الصوت ما الذي أخله ؟" اهـ . والله تعالى أعلم . أما التأمين على دعاء الخطيب والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يدخلان في المحظور إذا كانا سرا ، قال الشيخ ابن العثيمين في "فتاوى إسلامية": " ليس هذا من البِدَع، التَّأمين على دعاء الخطيب في الخطبة إذا أخذ يدعو للمسلمين، فإنه يُستَحَبُّ التأمين على دعائه، لكن لا يكون بصوت جماعي وصوت مرتفع، وإنَّما كل واحد يؤمِّن بِمُفردِه، وبصوت منخفض، حيث لا يكون هناك تشويشٌ، أو أصوات مرتفعة، وإنَّما كلٌّ يؤمِّن على دعاء الخطيب سرًّا ومنفردًا عن الآخرين" انتهى ، وقال صاحب " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى":" (وَ) سُنَّ (دُنُوٌّ مِنْ إمَامٍ وَاسْتِمَاعُ) خُطْبَتِهِ لَعَلَّهُ يَتَّعِظُ بِهَا. (وَ) (صَلاةٌ سِرًّا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَمِعَهَا)، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. (كَدُعَاءٍ) اتِّفَاقًا (وَتَأْمِينٍ عَلَيْهِ)، أَيْ : عَلَى الدُّعَاءِ".الإسلام سؤال وجواب -------------------------- |
بارك الله فيك أخانا الفاضل أبا أويس على اهتمامك بنقل الفوائد الفقهية . وبارك الله في أخانا أبا محمد الجزائري على النقولات القيمة في هذه المسألة المهمة .
وأضيف إلى ذلك أن ما جاء في الحديث من جواز الذكر والدعاء أثناء خطبة الجمعة فإن هذا في ظني محمول على من كان بعيدا عن الإمام, ولا يصله صوت الإمام - كما هو الحال في الزمن الأول من عدم وجود مكبرات الصوت - فهذا - والحالة هذه - له أن يذكر ويدعو؛ فقد جاء في وصف الثالث : " ورجل حضرها بإنصات وسكوت " والإنصات لا يكون إلا لمن يسمع الكلام, أما البعيد الذي لا يصله الكلام واضحا, أو لا يصله أصلا, فكيف له أن ينصت؟ فحال البعيد ليس كحال القريب؛ فلا يكون التقسيم الذي جاء في الحديث يشملهما جميعا؛ فالقريب: إما أن ينصت أو يدعو أو يلغو. وأما البعيد الذي لا يصله صوت الخطيب: فإما أن يدعو, وإما أن يلغو, والإنصات لا يستطيعه, فلا يشمله قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من قال لصاحبه يومَ الجمعة - والإمام يخطب -: انصت فقد لغا ". وعلى هذا فمن كان بعيدا ولا يصله صوت الإمام, أو حصل خلل في مكبرات الصوت , فهذا إما أن يلغو, وهذا حظه منها, وإما أن يدعو ويذكر . والله أعلم . |
جزاكم الله خيرا ، و زادكم الله من فضله العظيم .
لازلت على القول بظاهر الحديث ، و قد ذكرت أن الأصل التأسيس لا التّاكيد ..( على قول جمهور الأصوليين ). و ليس هناك دليل يُقَيِّدُ الحديث أو يُخصصه ، و لا على ما يمنع من الذكر عموما غاية ما في الأمر هو : منع اللغو ...و ننزّه الذكر أن يكون من اللغو . و مع هذا فأنا أقول في غير الواجبات -من الذِّكْرِ- تركه أولى و فعله خلاف الأولى !. و لم أجد في الكلام المنقول من تعرض لهذا الحديث لا تأويلا ولا استدلالا !. و أعتقد أنّ هذا الحديث العظيم يقضي على الخلاف و الله تعالى أعلم . و لزايدة الفائدة -وليس هذا من باب الموافقة المطلقة!- أنقل هنا كلام شيخنا أبي عبد المُعزّ محمد على فركوس -حفظه الله- في ما يُشبه مسألتنا هذه ، مع أنّه حفظه الله تعالى مع كلّ ما ذكر من تفصيل لم يذكر هذا الحديث أيضا ! ، و ظني أنّ هذا الحديث يخدم مسألته غاية !. فمن كان قريبا منه فليوصل إليه الحديث ، وليبلغه منا السلام ، فأنا الآن بعيد عنه . السـؤال: إذا كان الإمام يخطب يوم الجمعة وذكر اسمَ الرسول صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو صلّى على رسول الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فهل يجوز للمستمعين إليه الصلاة عليه؟ وإذا كان الخطيب يدعو فهل يشرع التأمين على دعائه؟ الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد: فمَرَدُّ هذه المسألة إلى إحدى المشكلاتِ الأُصولية التي تباينت فيها أقوالُ العلماء واختلفت، وتُعرف ب : «تعارض عُمومَين من كلّ وجه»، إِذْ أنَّ الأمرَ بالصلاة والسلام على النّبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عامٌّ في الأوقاتِ خاصٌّ في الكلامِ، والنهيُ عن الكلام عامٌّ في كلِّ كلامٍ خاصٌّ في الوقتِ، أي: حالَ الخُطبة، وفي مثل هذه المسألة ينبغي سلوكُ المراتب التدريجية، وعند من قال بالترجيح يرى تعذّر التوفيق الصحيح والجمع المعقول بين عموم الأمر بالإنصات وعدمه من جهة، ومن جهة ثانية فخصوص كلّ العمومين من وجه معارض بخصوص الآخر؛ لأنّ لكلٍّ منهما جهة عموم تطرّقت إليه ظنّيّة الدلالة فلا ينتهض للتخصيص، وحالتئذ وجب المصير إلى الترجيح، وقد سلكه بعضُ أهل العلم من ناحية أنّ الشرع عَدَّ قول القائل: «أنصت» من اللغو مع أنّه داخل في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، علمًا أنّه لا يُسمّى لغةً لغوًا. وعليه، فقد غلَّب وجوبَ الإنصاتِ والنهيَ عن الكلام مطلقًا، عملاً بقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ»(1)؛ ذلك لأنّ عمومَه مقصودٌ ومستهدفٌ ابتغاء الإنصات لموعظة الخطيب، فيُرَجَّح من باب «تقديم الأهمّ على المهمّ» المتمثّل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويترتب على ذلك -دخول ضمن النهي عن الكلام- كلّ ما كان في مرتبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما كان دونهما، وهذا ما قرّره الشيخ الألباني في «الأجوبة النافعة»(2). وفي تقديري أنّ عموم النهي عن مكالمة الناس أثناء الخطبة لموعظة الخطيب وإن كان مهمًّا -على التوجيه السابق-، إلاَّ أنّ دلالة العموم تَضْعُفُ كلّما دخلها التخصيص، كما هو مقرّر في الأصول، وقد تطرّق التخصيص إلى عموم الأمر بالإنصات بتحيّة المسجد، ففي الحديث المتّفق عليه: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا»(3)، ولا يخفى ما ينتج من الكلام في صلاة التحيّة من قراءة وتسبيح وتشهّد ودعاء يُشغَل به المصلّي عن أمر الإنصات، كما يدخله التخصيص بإنذار الأعمى من وقوعه في البئر، وتحذير من قَصَدَتْه حيَّةٌ، أو عقربٌ يَدِبُّ إلى إنسان، أو خشي عليه حريقا ونحوه(4)، إذا لم يمكن الاستغناء عن الكلام ولا يحصل المقصود بالإشارة(5)، فقد رُويَ في ذلك إجماع؛ ذلك لأنّ مثل هذا جائز في الصلاة مع النهي عن الكلام الخارجي غير المأذون فيه، والعمل فيها ههنا أولى. كما يتطرّق التخصيص إلى من كلّم الإمام الخطيب أو كلّمه الإمام الخطيب فإنّه معدود من مخصّصات الأمر بالإنصات جمعًا بين الأخبار وتوفيقًا بينها، لحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: دخل رجلٌ يوم الجمعة المسجد والنّبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يخطبُ فقال له: «أَصَلَّيْتَ؟»، قال: لا، قال: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ»(6)، ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أنّ رجلاً دخل المسجدَ يومَ الجمعة ورسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قائمٌ يخطب، فاستقبل رسولَ الله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم قائمًا، ثمّ قال: يا رسول الله هلكتِ الأموال، وانقطعتِ السُّبُل، فادْعُ اللهَ أن يُغِيثَنَا، قال: فرفع النَّبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم يديه، ثمّ قال: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا...»(7). هذا ولو سُلّم أنّ وجوب الصلاة على النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم مخصّص بترك الصلاة عليه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حال انشغاله بصلاة الفرض أو النفل، فكان عمومه مخصّصًا، وليس أحد العمومين أولى من الآخر، فجوابه أنّ جملة إقامة صلاته وأدائها لا تخلو من الصلاة على النبيّ صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كما في شأن الصلوات الإبراهيمية فلا يلحقه ترك الأمر الوارد في الصلاة عليه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وعلى فرض إقرار التخصيص فيبقى عموم الصلاة عليه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أقوى من عموم الإنصات لقلّة مخصّصاته، وهو أقرب إلى العامِّ المحفوظ، إذ: «كُلُّ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ أَخَذَ حُكْمَهُ». وعليه، فإنّ كلّ ما سبق وغيره يُضْعِف دلالة عموم النهي عن المكالمة بالنظر إلى قابليته للتخصيص، لذلك تُقدَّم النصوص الواردة في الصلاة على النّبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عليه لقوّتها؛ لأنّ العموم المحفوظ الذي لا يدخله التخصيص أقوى وأولى بالتقديم من العموم الذي دخله التخصيص، هذا من جهة الترجيح. وأمّا من جهة التوفيق، فإنّ الذي يظهر لي -ممّا تقدّم- أنّ اللّغو من الكلام المنهي عنه يوم الجمعة والذي لا فائدة فيه ولا طائل تحته، إنّما هو الكلام الذي يحصل به التشويش ويصرف نظر الحاضرين عن الإمام وخطبته، و يكون ذلك في حالتين: 1 - إذا ارتبط كلامه بمكالمة الناس، سواء كان في مرتبة الواجب كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتشميت العاطس وردِّ السلام، أو ما كان دونه، إلاَّ إذا لحق ضرر بالمصلِّين -كما سبق بيانه-؛ لأنّ المراد بالإنصات هو السكوت عن مكالمة الناس مطلقًا إذ ظاهر الحديث يمنع هذا. 2 - إذا رفع المتكلّم صوته بحيث يَسمعه غيرُه، لكونه يصرف نظر الناس إليه ويشوّش على السامعين وتحدث الغفلة عن كلام الخطيب. أما المتكلّم سِرًّا، كالداعي سرًّا، فهو مُنْصِت، بل ساكت، وقد ورد وصفُه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عندما سكت الرسول صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم هُنَيْهة قبل القراءة وبعد التكبير، فسأله أبو هريرة بقوله: «يا رسول الله -بأبي أنت وأمي- أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، ماذا تقول؟ قال: «أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ...»(8)، فوصف قوله بالسكوت وسمّاه ساكتًا لكونه سرًّا. فالحاصل: أنّه تجوز متابعة الخطيب في الصلاة على النّبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو إذا أمر بالصلاة عليه، فضلاً عن الذكر والدعاء، وليس ذلك من قبيل اللغو إذا ما تكلّم سرًّا لعدم خروجه عن الإنصات المطلوب شرعًا، وبهذا يتحقّق التوفيق بين الأدلة المتعارضة، والجمع بينهما أولى من إهمال أحدهما والعمل بالآخر على ما قرّره أهل الأصول. والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. الجزائر في: 6 شعبان 1428ه الموافق ل: 19 أغسطس 2007م 1- متّفق عليه: أخرجه البخاري: (2/414) في «الجمعة» باب الإنصات والإمام يخطب، ومسلم: (6/137) في «الجمعة» باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 2- انظر: «الأجوبة النافعة» للألباني: (59 – 60)، «القول المبين» لمشهور: (345). 3- متّفق عليه من حديث جابر، وهذه رواية مسلم في «صحيحه»: (6/164) في «الجمعة» باب تحيّة المسجد والإمام يخطب، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. 4- كإنقاذ غريق أو واجب خشي فوته؛ ذلك لأنّ من حقّ المسلم على المسلم أن لا يُسْلِمَه، بأن يتركه يموت غريقًا أو حريقًا وهو مستمرّ في صلاته وأخوه يعاني غمرات الموت، قال الإمام أحمد: «وإذا رأى صَبِيَّـيْنِ يقتتلان يتخوّف أن يلقي أحدهما صاحبه في البئر، فإنّه يذهب إليهما فيخلّصهما ويعود إلى صلاته»، وقد ثبت من حديث جريج أنّه لَمَّا دعته أمّه وهو يصلّي فقال: اللّهمّ أمّي وصلاتي، وتردّد أيّهما، فأقدم فعوقب تلك العقوبة، والحال أنّ إجابته لأمّه وقضاء حاجتها لا تفوت باستمراره في الصلاة وإكمالها، فكيف يستمرّ في الصلاة ويؤثر بها مع ما يترتّب عليه به هلاك مسلم، وأمكنه تحصيل حياته، وقد قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا»، [مسلم: (2/35)]، وحقيق بالتنبيه أنّ حديث جريج وإن كان شرع من قبلنا لكنّ الني صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حكاه لنا، ولم يُذكر ما يخالفه في شرعنا فكان شرعًا لنا، على ما تقرّر في القواعد الأصولية [«المغني» لابن قدامة: (2/247-249)، «السيل الجرّار» للشوكاني: (1/242-244)]. 5- لأنّ الإشارة تجوز في الصلاة التي يبطلها الكلام ففي الخطبة أولى. 6- متّفق على صحّته: أخرجه البخاري: (2/412) في «الجمعة» باب من جاء والإمام يخطب صلّى ركعتين خفيفتين، ومسلم: (6/162) في «الجمعة»: باب التحيّة والإمام يخطب، والترمذي: (2/384) في «الصلاة» باب ما جاء في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب، وأحمد: (3/297، 316)، من حديث جابر رضي الله عنه. 7- متّفق على صحّته: أخرجه البخاري: (2/507) في «الاستسقاء»: باب الاستسقاء في خطبة الجمعة، ومسلم: (6/191) في «صلاة الاستسقاء»: باب الدعاء في الاستسقاء، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. 8- متّفق عليه: أخرجه البخاري: (2/227) في «صفة الصلاة»: باب ما يقول بعد التكبير، ومسلم: (5/96)، في «المساجد»: باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، وأبو داود: (1/493) في «الصلاة»: باب السكتة عند الافتتاح، والنسائي: 2/128 في «الافتتاح»: باب الدعاء بين التكبيرة والقراءة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. |
بارك الله فيك أبا سليمان, كلام الشيخ محمد فركوس كلام علمي متين , ولكن المسألة بحاجة إلى مزيد بحث , وأظن أننا نحتاج إلى نقول من عمل السلف في هذه المسألة - إن وجدت - لعلها تكون هي الفيصل.
|
جزاكم الله خيرا .
|
اقتباس:
وبارك الله في أخي أبي أويس.. |
شيخ أبو أويس كيف حالكم
ألذي خطر في بالي ان المراد الدعاء المستجاب يوم الجمعة الذي ورد في الأحاديث وليس مطلق الدعاء وأيضاً كيف يدخل الذكر فيه والحديث يقول ( إن شاء أعطاه وإن شاء منعه ) هذا في دعاء المسألة أليس كذلك لكن أشكل علي امر وهو لو كان المراد دعاء الدعوة المستجابة أو الدعاء في الصلاة يوم الجمعة فهذا يشترك فيه الأقسام الثلاثة في الحديث فالذي بلغو والذي يسكت يدعوان بذلك ايضاً كذاك الذي جاء يدعو فعاد الأمر الى ما قلتم وهو ان الذي يدعو فعل شيء آخر زائد عن اللاغي والساكت بماذا شرح العلماء هذا الجزء من الحديث ممن شرح سنن أبي داود وغيره |
ومن الملاحظ ان ثمة فرق بين الدعاء والذكر أثناء الخطبة وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكلام ليس من جنس الذكر كقول صه المنهي عنه لأنه من اللغو كما في الحديث وإن كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اهم من الذكر والدعاء الواجب والمستحب كما ورد في كلام من حكم بحرمة الذكر والدعاء أثناء الخطبة
|
الساعة الآن 01:19 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.