{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر الفقه وأصوله (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   العمليَّات الفِدائيَّةُ بقلم : فضيلة الشَّيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=42555)

أحمد سالم 10-20-2012 01:29 AM

العمليَّات الفِدائيَّةُ بقلم : فضيلة الشَّيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله
 
العمليَّات الفِدائيَّةُ
بقلم :
فضيلة الشَّيخ عبد المالك بن أحمد رمضاني حفظه الله
- المدينة النَّبوية –


[ مبحث مستل من رسالة ماتعة :
النَّاهِيَةُ عَنْ إزْهَاقِ النُّفوسِ الغَالِيَة العمليَّات الاستشهادية أو الانتحارية ]


بسم الله الرحمن الرحيم

ظهرَ اليومَ جَماعاتٌ دمَويَّة باسم الجهاد في سَبيل الله ، ولهم في حَملهِم السِّلاح دَوافعُ شتَّى ، فمِنهم مَن قامَ مِن أجل إقامة الخِلافة الإسلاميَّة ، ومنهم مَن قامَ لإِحياء شَعيرة الجِهاد بعدَ أن كادَت تَختفى من حَياة المسلمين في ظنِّهم ، ومنهم من قامَ في وَجه المستَدمر لدِيار المسلمين ، المستَثمِر لخَيراتِها بغَيرِ حقٍّ ، الـــمُستعمر لأرضِها بغَير إذنٍ ، ومِنهم مَن حَمَلَ السِّلاحَ دَفعًا للصَّائل ، ومِنهم مَن فعلَ ذلكَ انتِقامًا لأَصحابِه السُّجناءِ ، وغير ذلكَ مــمَّا يَتعلَّل به أمثالُ هؤلاءِ .
لكنَّ طرقَ قِتالهم تَنَوَّعت ، والَّذي يتَّصلُ بمَوضوع بَحثنا هو العلميَّات الفِدائيَّةُ أو الانتَحاريَّـــةُ ، ومن صوَرِها أنَّ بعضَ هؤلاء اتَّخذَ مِن الغَدرِ التَّفجير العَشوائيِّ سبيلاً لإرهاب عدوِّه ، فمِنهم مَن يُلغمُ جِسمَه بالـــمُتفجِّرات ليَلقَى حَتفَه في جَمع من النَّاس يَقصدُهم ويجرُّ معه آخرين إلى الموتِ ممَّن لم يَقصِدهم ، ومنهم مَن يَتعمَّد الهُجوم بطائرةٍ يُقلُّها أو سيَّارةٍ يُفخِّخها على مجمَّع تِجاريٍّ في بلدِ عدوِّه ، ومِنهم مَن يَتفِّق مع صاحبٍ له على أن يُفجِّره عن طرَيقِ هاتفٍ جوَّالٍ في يدِه إذَا هو اقتحمَ هدفًا له ....
وأَكثرُ المستَهدفين بهَذا الفِكر الدَّمويِّ سبابٌ طريٌّ على مُحيَّاه سِمة بَراءةٍ مَخلوطة بجَهلٍ بأَحكام الجِهادِ ، مع حَماسةٍ تَفيضُ من جَوانبهِ ، وسطَ بِيئاتٍ يَسودُ أَكثرَها ظلمٌ وفَسادٌ وإهانةٌ للدِّين وأهلِه ، قد قيل له : بَينك وبينَ الحُور العِين أن تحوِّل أيِّ مَركزٍ للشُّرطة إلى مَجزرةٍ ، ثمَّ أنت وإيَّاهم مِن الـــمَجزرة إلى الـــمَقبرة ، فأمَّا هُم فنُزلٌ مِن حميم وتَصليةُ جَحيمٍ ، وأمَّا أنت فرَوحٌ ورَيحانٌ وجنَّةُ نَعيم !! ، بل قرَأتُ لبَعضهم أنَّهم يَعمَلون لَمن يُقدِم على تَفجيرِ نَفسِه زفَّةً يُسمُّونها " زَفَّة الشَّهيدِ " كأنَّه قد زُفَّ إلى عَروسِه من الحور !! نَعوذُ بالله من الضَّلال .
وقد ذهب ضحيَّة هذِه الصَّنائع أَعدادٌ كَبيرةٌ مِن الأبرياءِ الَّذين لم يَكونُوا مَقصودِين بالقَتل في أَصل العمليَّات الدَّمويَّة ، فكَم مِن مارٍّ بها على غَفلةٍ تحوَّلَت حَواسُّه إلى عمَّى وبكَمٍ بعدَ تَفجير غيرِ مَسؤولٍ كما يُقالُ ، وكَم مِن صبيٍّ مَمسكٍ بيدِ أمِّه وأبيِه وجَد نفَسه في المستشفى مُمزَّقَ الجِسم قد دُفن أبَواه غيرَ الــــمُستهدَفين بعد عمليَّةٍ انتِحاريَّةٍ وسَلِم هو ليُسلَّك إلى عالم مَجهولٍ ، وكَم مِن شابٍّ قويٍّ تحوَّل إلى كرسيِّ الشَّلل ، وكَم مِن امرأةٍ حاملٍ تحوَّل جسدُها إلى أشلاء ودِماء ....
والعَجيب أنَّ الفُقهاءَ حينَ جوَّزوا بعضَ العمليَّات الفِدائيَّةِ جوَّزوها ضدَّ الكفَّار بضَوابطَ مُعيَّنة لاَ في بِلاد المسلمين ، لكنَّ أكثرَ هَذه العلميَّات اليَومَ استَهدفَت بلادَ المسلمِين وكانَ الـــمُسلِمون أكثرَ ضَحايَاها ، كما حصَل في أَفغانِستان – وهو أوَّلُ بلدٍ صدَّر هَذه الفِتنةَ العَظيمةَ مع الأسف – بعدَ التَّخلُّص مِن الرُّوس الطُّغاة ، ثمَّ قلَّدهم فيها بشَكلٍ فَظيع دمَويُّو الجَزائر في بلادِهم ، ثمَّ لم يكَدْ يَسْلم منها بلدٌ مِن بُلدان الـــمُسلمين ، حتَّى بلاد الحَرمَين لم يَخافُوا اللهَ في مُسلمِيها ، ولاَ عظَّموا شَعائرَها ! فَليُذكَر هَذا حتَّى يُعلَم مدَى مِصداقيَّة الجِهادِ المدَّعَى .


الساعة الآن 11:47 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.