{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر اللغة العربية والشعر والأدب (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   من أمثال العرب ... (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=13894)

طارق ياسين 01-17-2010 11:54 PM

من أمثال العرب ...
 
قال أبو هلال العسكري صاحبُ كتاب " جمهرة الامثال " :

" ثم إني ما رأيت حاجة الشريفِ إلى شيءٍ من أدبِ اللسان بعدَ سلامتِه من اللحْن , كحاجتِه إلى الشاهدِ والمثل , والشذرةِ والكلمة السائرةِ ؛ فإن ذلك يزيد المنطقَ تفخيمًا , ويُكسبُه قبولاً ، ويجعل له قدْراً في النفوس , وحلاوةً في الصدور ، ويدعو القلوبَ إلى وعيه ، ويبعثها على حفظِه ، ويأخذها باستعداده لأوقاتِ المذاكرةِ , والاستظهار به أوانَ المجاولةِ في ميادين المجادلة ، والمصاولة في حلباتِ المقاولة .
وإنما هو في الكلام كالتفصيل في العِقد ، والتنوير في الروض ، والتسهيم في البُرُد ؛ فينبغي أن يُستكثرَ من أنواعِه ؛ لأن الإقلال منها كاسمِه إقلالٌ , والتقصيرُ في التماسِه قصورٌ , وما كان منه مثلا سائراً فمعرفته ألزمُ ؛ لان منفعته أعمُّ , والجهل به أقبح .
ولما عرفتِ العربُ أنَّ الأمثالَ تتصرف في أكثر وجوه الكلام , وتدخل في جُلِّ أساليب القول , أخرجوها في أقواها من الألفاظ ؛ ليخف استعمالها , ويسهُلُ تداولها ؛ فهي من أجلِّ الكلام وأنبله , وأشرفه وأفضله ؛ لقلةِ ألفاظها , وكثرةِ معانيها , ويَسير مَئونتها على المتكلم , مع كبير عنايتها , وجسيم عائدتها .
ومن عجائبها أنها مع إيجازها تعمل عملَ الإطناب , ولها روعةٌ إذا برزت في أثناء الخطاب ؛ والحفظُ مُوكلٌ بما راعَ من اللفظ، وندر من المعنى " انتهى .
لم أجد أحسن من هذا الكلام للتعبير عن روعة الأمثال , وأهميتها في الأدب العربي .
وسأحاول أن أعرض ما تيسر لي من أمثال العرب وشيءٍ من معناها ؛ لما فيها من الفوائد البديعة ,
والمعاني البليغة التي تطرب أسماع محبي لغة الأعراب . وهذه دعوة للأخوة للمشاركة .

- إنَّ الرثيئة تفثأ الغَضَبَ .
الرثيئة : اللبنُ الحامض يُخْلَطُ بالحلو .
الفَثْء : التسكينُ .
زعموا أنّ رجلا نزل بقوم وكان ساخِطاً عليهم , وكان مع سُخطه جائعا فسَقَوْهُ الرثيئة فسكن غضبُه.
يُضربُ في الهَدِيَّة تُورِثُ الوِفَاقَ وإن قلَّت .

- إنَّ وَرَاءَ الأكَمَةِ مَا وَرَاءَهَا .
الأكَمَة : التل .
أصله أن أَمَةً واعدت صديقها أن تأتيَه وراءَ الأكمَة إذا فرغَت من مِهنةِ أهلها ليلا , فشغلوها عن الإنجاز بما يأمرونها من العمل فقالت حين غلبها الشوقُ : حَبَسْتموني , وإن وراءَ الأكَمَة ما وراءها .
يُضربُ لمن يُفشي على نفسِه أَمْرا مستورا .

طارق ياسين 01-19-2010 01:54 AM

- " لا عطرَ بعد عَرُوسٍ " .
جاء في " مجمع الأمثال " لأبي الفضل النيسابوري :
قَال المفضل : أولُ من قَال ذلك امرَأةٌ من عُذْرَةَ , يُقَال لها : أسماءُ بنت عبد الله ، وكان لها زوج من بنى عمها يُقَال له : عروس فمات عنها , فتزوجها رجلٌ من غيرِ قومِها يُقَال له : نَوْفَل . وكان أعْسَرَ (فقيرا ) أَبخَرَ (لفمِه رائحةُ كريهة ) بخيلا دميمًا ( قبيحَ المنظر ) . فلما أراد أن يَظْعَنَ بها قَالت له : لو أذِنْتَ لي فرثَيْتُ ابنَ عمّي وبكيتُ عند رَمْسِه ( قبره ) . فَقَال : افعلى .
فَقَالت : أبكيك يا عروسَ الأعراس , يا ثعلبًا في أهله وأسَداً عند البَاس ( في نسخة " وأسدا عند الناس " ) مع أشياء ليس يعلمها الناس .
قَال : وما تلك الأشياء ؟
قَالت : كان عن الهمّةِ غيرَ نَعَّاس , ويُعْمِل السيفَ صبيحاتِ الْبَاس
.ثم قَالت : يا عروسَ الأغرَّ الأزهرَ الطيبَ الخِيمِ الكريمَ المَخْبَر ( في نسخة " الكريم المحضر " ) مع أشياءَ له لا تُذكرُ .
قَال : وما تلك الأشياء ؟
قَالت : كان عَيْوفاً للخَنَا والمنكر , طيّبَ النَّكْهة غيرَ أبخرَ , أيسرَ غير أعسرَ . فعرف الزوجُ أنها تُعَرِّض به , فلما رَحَل بها قَال : ضُمِّي إليك عِطْرَك , وقد نظر إلى قَشْوَةِ ( قشوة العطر : وعاؤه ) عِطرها مطروحةً , فَقَالت : لا عطرَ بعد عَرُوس . فذهبت مَثَلاً .
ويُضرب هذا المثل في الاستغناءِ عن ادِّخار الشىءِ ؛ لعدم من يُدَّخرُ له.

ويروى أيضاً : لا مَخْبأ لعطرٍ بعدَ عروسٍ . قيل : أصلُه أنّ رجلاً هُديت إليه امرأة فوجدها تفلةً ، فقال لها : أين الطيب ؟ فقالت: خبّأتُه . فقال ذلك .
وعلى هذا يُضرب في ذمّ ادخار الشيءِ وقت الحاجةِ إليه .

طارق ياسين 01-21-2010 11:54 PM

* قطعتْ جهيزةُ قولَ كلِّ خطيبٍ .
أصله أنّ قومًا اجتمعوا يخطبون في صُلحٍ بين حيَّيْن قتَلَ أحدُهُما من الآخَر قتيلاً , ويسألون أنْ يرَضوْا بالدِّية , فبينا هم في ذلك إذ جاءت أمَةٌ يُقَال لها : "جَهِيزة " فَقَالت : إنَّ القاتلَ قد ظَفِرَ به بعضُ أولياءِ المقتولِ فقتله , فَقَالوا عند ذلك : " قَطَعَتْ جهِيزةُ قولَ كلِّ خطيب " أي : قد استُغنِيَ عن الخُطَبِ .
- يُضربُ لمن يقطعُ على الناس ما هم فيه بَحَمَاقةٍ يأتي بها .

* أنا كَلِفٌ، وأنت صَلِفٌ، فكيف نأتلِف؟
الكَلَف : العِشقُ والولوعُ بالشيء . يقال: كلِف الرجلُ بكذا يَكْلَف به , فهو كلِفٌ .
والصَّلَف : عدمُ الحُظوةِ . ويقال: صَلِفَتِ المرأةُ , إذا لم تكن لها مكانةٌ عند زوجِها ، فهي صَلِفةٌ , وهن صلائِف .
- هذا المثل يُضربُ للمتباينين في الأخلاق .

طارق ياسين 01-23-2010 01:15 AM

* شبَّ عمرٌو عن الطَّوْقِ .
يُضْرَبُ هذا المثل لمُلابِسِ ما هو دون قَدْرِه .
* لا تطعم العبد الكُراعَ فيطمعُ في الذراعِ .
*هما كنَدْمانَيِّ جذيمة .
هذه ثلاثةُ أمثالٍ جاءت في قصةٍ واحدةٍ .َ
وعمرو هو عَمْرُو بنُ عَدِيٍّ ، وكان خالُه جَذِيْمَةُ ( جذيمة الأبرش , ملك الحيرة ) قد جَمَعَ غِلْمَاناً من أبْناء المُلوكِ يَخْدِمونَهُ ، منهم عَدِيٌّ ، وكان جميلاً ، فَعَشِقَتْه رَقاشِ أخْتُ جَذِيمَةَ ، فقالت : له إذا سَقَيْتَ المَلِكَ فَسَكِرَ فاخْطُبْنِي إليه . فَسَقَى عَدِيٌّ جَذِيمَةَ ، وألْطَفَ له ، فلما سَكِرَ قال له : سَلْني ما أحْبَبْتَ . فقالَ : زَوِّجْنِي رَقاشِ أخْتَكَ , قال قد فَعَلْتُ .
فَعَلِمَتْ رَقاشِ أنه سَيُنْكِرُ إذا أفاقَ , فقالت للغُلامِ : ادْخُلْ على أهْلِكَ . فَفَعَلَ ، وأصْبَحَ في ثيابٍ جُددٍ وطيبٍ ، فلما رَآهُ جَذِيْمَةُ ، قال : ما هذا ؟ قال : أنْكَحْتَنِي أخْتَكَ البارِحَةَ . فقال ما فَعَلْتُ . وجَعَلَ يَضْرِبُ وَجْهَهُ ورأسَه ، وأقْبَلَ على رَقاشِ، وقال :
حَدِّثِيني وأنتِ غيرُ كَذُوبٍ ... أبِحُرٍّ زَنَيْتِ أمْ بِهَجينِ
أمْ بعَبْدٍ وأنتِ أهْلٌ لعَبْدٍ ... أمْ بدونٍ وأنتِ أهْلٌ لدُونِ
قالتْ : بل زَوَّجتَني كُفُؤاً كريماً من أبناءِ المُلوكِ . فأطْرَقَ جَذيمةُ .
فلما أُخْبِرَ عَدِيٌّ بذلك خافَ ، فَهَرَبَ ولَحِقَ بِقَوْمِهِ ، وماتَ هُنالِكَ . وعَلِقَتْ منهُ رَقاشِ ، فأتَتْ بابْنٍ سَمَّاهُ جَذيمَةُ عَمْراً وتَبَنَّاهُ ، وأحَبَّهُ حُبّاً شَديداً ، وكانَ لا يولَدُ له ، فلمَّا تَرَعْرَعَ كانَ يَخْرُجُ مع الخَدَمِ يَجْتَنونَ للمَلِكِ الكَمْأَةَ ، فَكانوا إذا وَجَدوا كَمْأَةً خِياراً أكَلوها ، وأتَوا بالباقي إلى المَلِكِ ، وكانَ عَمْرٌو لا يأكُلُ منه ، ويَأتِي به كما هو ، ويقولُ :
هذا جَنايَ وخِيارُهُ فيهِ ... إذْ كُلُّ جانٍ يَدُهُ إلى فِيهِ
فذهبت مثلا .
ثم إِنَّهُ خَرَجَ يَوْماً وعليه حَلْيٌ وثِيابٌ ، فاسْتُطيرَ ، فَفُقِدَ زَماناً ، فَضُرِبَ في الآفاقِ فلم يوجَدْ .
ثم وجَدَهُ مالِكٌ وعَقيلٌ ابنا فارِجٍ - رَجُلانِ من بَلْقَيْنِ كانا مُتَوَجِّهَيْنِ إلى جَذيمَةَ بِهَدايا - فبينما هُما بوادٍ في السَّماوَةِ ، انْتهَى إليهما عَمرُو بنُ عَدِيٍّ ، فَسألاهُ مَنْ أنْتَ ؟ فقالَ: ابنُ التَّنوخِيَّة ، فقالا لجارِيَةٍ مَعَهُما: أطْعِمينا، فأطْعَمَتْهُما، فأشارَ عَمْرٌو إليها : أنْ أطْعِميني ، فأطْعَمَتْهُ ثم سَقَتْهُما ، فقال عَمْرٌو : اسْقيني ، فقالت الجارِيَةُ : " لا تُطْعِمِ العَبْدَ الكُراعَ فَيطَمَعَ في الذراعِ " فذهبت مثلا .
ثُمَّ إِنَّهما حَمَلاهُ إلى جَذيمَةَ ، فَعَرَفَهُ وضَمَّهُ وقَبَّلَهُ ، وقالَ لَهُما : حُكْمَكُما ! فَسألاهُ مُنادَمَتَهُ ، فَلَمْ يَزالا نَديمَيْهِ ، وبَعَثَ عَمْراً إلى أُمِّهِ ، فأدْخَلَتْهُ الحَمَّامَ ، وألْبَسَتْهُ وطَوَّقَتْهُ طَوْقاً كانَ له مِنْ ذَهبٍ ، فَلَمَّا رآه جَذيمَة ، قالَ: " شبَّ عَمْرٌو عَنِ الطَّوْقِ " .
وفي مالك وعقيل يقول مُتَمِّمُ بن نُويرة يرثي أخاه مالك بن نُوَيرة :
وكُنَّا كَنَدْمانَيّ جَذِيمة حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهرِ حتَّى قِيل لَنْ نَتَصَدَّعا
وعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحَيَاةِ وَقَبْلَنَا ... أصَابَ المنايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعا
فَلَّمَا تَفَرَّقْنَا كَأنِّي وَمَالِك ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبَتْ لَيْلَةً معاً
وقَال أبو أَخراش الهُذَليُّ يذكرهما : ألم تَعْلَمي أنْ قَدْ تَفَرَّقَ قَبْلَنَا خليلاَ صفاءٍ مالكٌ وعقِيلُ .
قَال ابن الكلبي : يُضرب المثلُ بهما للمُتُوَاخِيَين فيقَال : " هما كنَدْمَانَيِّ جَذِيمةَ " .

طارق ياسين 01-25-2010 07:44 PM

• استنوق الجمل .

- يُضْربُ مثلاً للرجل الواهنِ الرأيِ ، المُخلِّطِ في كلامِه .
والمثلُ لطَرَفةَ بنِ العبدِ , وكان بِحضْرةِ بعضِ الملوكِ , والمُسَيَّبُ ينْشُدُ شِعْراً، فقال فيه :
وقد أتناسى الهمَّ عند احْتِضارِه ... بناجٍ عليه الصَّيْعَريَّةُ مُِكْدَمِ
بناجٍ , يعني : جملاً .
مُِكْدَم : من الكَدْمَةِ , وهي الوَسْمُ والأثرُ .
والصَّيْعريَّةُ: سِمةٌ [ من الوَسْمِ ] في عُنُقِ الناقةِ خاصةٌ , لم يكن يُوسَمُ بِها إلا النُّوقُ .
فقال طَرَفةُ : اسْتَنْوقَ الجملُ ، أي : صار الجملُ ناقةً ، فغضب المُسَيَّبُ وقال : لَيَقتُلَنَّه لِسانُه ! فكان هلاكُه بلسانه ؛ هجا عمرَو بنَ هندٍ فقتله .

طارق ياسين 01-26-2010 03:14 PM

• كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا .
الفَرأ , وقد تُسَهّلُ الهمزةُ : الحمارُ الوَحْشِيُّ , جَمْعُها : فِراء .

يُضْرَبُ هذا المثلُ لمن يُفضَّلُ على أقرانِه .

رُويَ أنَّ أبا سفيانٍ - رضي اللهُ عنه - استأذن على رسول اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - فتأخَّر إذْنُه , فلما دخل عليه قال : ما كِدْتَ تأذنُ لي حتى أذِنْتَ لحجارةِ الجَلْهَمَتيْنِ (1) ، فقال له رسولُ الله عليه السلام هذه المقالةَ اسْتئلافا له . والمعنى : أنك في الرجال كالفَرأ في الصيدِ .

وأصلُ المثلِ كما قال ابنُ السِّكيتِ : أنَّ ثلاثةَ نفرٍ خرجوا مُتَصَيِّدين , فاصطادَ أحدُهم أرنباً ، والآخرُ ظبْياً ، والثالثُ حماراً وحشيًا ، فاسْتَبْشرَ صاحبُ الأرنبِ وصاحبُ الظبْيِ بما نالاه وتطاولا عليه ، فقال الثالثُ : كلُّ الصيدِ في جوف الفَرا . أي هذا الذي رُزِقْتُ وظفَرْتُ به يشتملُ على ما عندكما .

_______________________

(1) الجَلْهَمَةُ : حافة الوادي .

طارق ياسين 01-28-2010 08:02 PM

مثلٌ وقصةٌ طريفةٌ ....
• وافق شَنٌّ طَبَقةَ .

جاء في " مجمع الأمثال " للميداني :

قال الشرقيُّ بنُ القطاميُّ: كان رجلٌ من دُهاةِ العربِ وعُقلائِهم ، يُقال له : " شَنٌّ " فقال : واللهِ لأطوفنَّ حتى أجِدَ امرأةً مثلي أتزوجُها .

فبينما هو في بعضِ مَسيرٍ , إذْ وافقه رجلٌ في الطريق فسأله شنٌّ : أين تريدُ ؟ فقال : موضعُ كذا , يريدُ القريةَ التي يقصدُها شنُّ ، فوافقهُ حتى أخذا في مَسيرِهِما .

فقال له شنٌّ : أتَحْمِلني أم أحْمِلك ؟ فقال له الرجلُ : يا جاهلُ أنا راكبٌ وأنت راكبٌ ، فكيف أحْمِلُك أو تَحْمِلني؟ فسكت عنه شنٌّ .

وسارا حتى إذا قرُبا من القريةِ إذا بزرعٍ قد اسْتَحَْصدَ ، فقال شن : أترى هذا الزرع أُكِلَ أم لا ؟ فقال له الرجل : يا جاهل ترى نَبْتاً مُسْتَحْصداً فتقولُ : أكِلَ أم لا ؟ فسكت عنه شنُّ .

حتى إذا دخلا القريةَ لقيتْهُما جنازةٌ فقال شنُّ : أترى صاحبُ هذا النَّعشِ حيّاً أو ميتاً ؟ فقال له الرجلُ : ما رأيتُ أجهلَ منك ! ترى جنازةً تسألُ عنها أمَيِّتٌ صاحِبُها أم حيٌّ ؟ فسكتَ عنه شنٌّ . فأرادمفارقتَه ، فأبى الرجلُ أن يترَكه حتى يصيرَ به إلى منزله .

فمضى معه فكان للرجلِ بنتٌ يقالُ لها : طبقة .

فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفِه فأخبرَها بِمرافقتِه إياه ، وشكا إليها جهلَه وحدَّثها بِحديثِه .

فقالت : يا أبَتِ ما هذا بِجاهلٍ . أما قولُه : " أتحمِلُني أم أحمِْلُك " فأراد : أتُحدِّثني أم أُحَدِّثُك حتى نقطعَ طريقنا .

وأما قوله : " أترى هذا الزرعَ أُكِلَ أم لا " فأراد : هل باعَهُ أهلُه فأكلوا ثمنَه أم لا .

وأما قولُه في الجنازة فأراد : هل ترك عَقِباً يَحيا بهم ذِكْرُه أم لا ؟

فخرج الرجلُ فقعد معَ شنٍّ , فحادثه ساعةً ثم قال : أتُحِبُّ أنْ أفسِّرَ لك ما سألتني عنه ؟ قال: نعم فسِرْهُ . ففسَّرَه .
قال شنٌّ: ما هذا من كلامِك ، فأخبرني عن صاحبِه.

قال: ابنةٌ لي . فخطبها إليه فزوَّجَه إيّاها , وحملها إلى أهلِه ، فلما رأَوْها قالوا : " وافق شنٌّ طبقةَ " . فذهبت مثلاً .
يُضْربُ لِلمُتوافِقيْنِ.

- وقال الأصْمَعِيُّ : هُمْ قومٌ كان لهم وِعاءٌ من أَدَمٍ فتَشنَّنَ [ أي : صار خلِقًا ] فجعلوا له طبقًا فوافقه , فقيل : وافقَ شنٌّ طبقه .

طارق ياسين 01-31-2010 01:20 AM

• إنَّ البُغاثَ بأرْضِنا يَسْتَنْسِرُ.

• لا حرَّ بوادي عَوْفٍ .

البُغاثُ : الطيرُ التي تُصاد واحدتُها : بُغاثة . ويقالُ : بُغاثٌ : واحدٌ , وجَمعُه بغاثان .

وقال الزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ: البُغاثُ : ذكرُ الرَّخَم .

والرَّخَمُ : طائرٌ غزيرُ الرِّيشِ , أبيضُ اللونِ , مُبَقّعٌ بِسوادٍ , له مِنقارٌ طويلٌ , قليلُ التَّقوُّسِ , وله جناحٌ طويلٌ مُدَبَّبٌ يبلغُ طولُه نحوَ نصفِ متر , والذنبُ طويلٌ به أربعَ عشْرةَ ريشةٍ .

و قوله : يَسْتَنْسِرُ , أيْ : يصيرُ نَسْراً , فلا يُقدرُ على صيدِه ، أيْ : فكذلك نحنُ في عِزِّنا ، فمن جاءَنا صارَ بنا عزيزاً .

قال أبو عُبَيدٍ : فإنْ أرادوا أنَّ مَنْ ناوَأَنا ذلَّ , قالو : لا حُرَّ بوادي عَوْفٍ .
يقول : كلُّ من صار في ناحيتِه خضعَ له وذلَّ .

وكان المُفَضِّلُ يُخبرُ أنَّ المثلَ للمُنْذرِ بنِ ماءِ السماءِ ، قاله في عَوْفِ بنِ مُلحِمِ الشَّيْبانِيِّ ،
وذلك أنَّ المنذرَ كان يطلبُ زهيرَ بنَ أميَّةَ الشَّيْبانِيَّ بِذحْلَ , فمنعه عوفُ بنُ مُلحم الشّيبانِيُّ ، وأبى أنَّ يُسَلمه ،
فعندها قال المنذرُ : لا حرَّ بوادي عوفٍ ، أيْ : إنّه يقهرُ كلَّ مَنْ حلَّ بواديه .

طارق ياسين 02-01-2010 11:44 PM

• أنا جُذيْلُها المُحَكَّكِ , وعُذيْقُها المُرَجَّبُ .

الجُذيْلُ : تصغيرُ الجِذْلُ , وهو أصلُ الشجرةِ , والعودُ الذي يُنْصَبُ للإبِلِ
الجَرْبَى لِتَحْتَكَّ به .

المُحَكَّك : الذي تَتَحَكَّكُ به الإبِلُ الجَرْبى .

العُذيْق : تصغيرُ العَذقِ - بفتح العين - وهو النخلة . ( أما العِذقُ , بكسر العَيْنِ , فهو قِنْوُ النخلة ) .

المُرَجَّبُ : الذي جُعِلَ له رُجْبَةٌ . وهي دِعامَةٌ تُبْنَى مِنْ حولِها الحجارةُ ؛ وذلك إذا كانت النَّخلةُ كريِمةً وطالت ، تَخَوَّفوا عليها أنْ تَنْقعِرَ من الرياحِ العواصفِ.

وهذا تصغيرٌ يُرادُ به التكبيرُ , نَحوَ قولِ لَبيدٍ :

وكُلُّ أُناسٍ سوفَ تَدْخُلُ بينهم ... دُوَيْهِيِّةٌ تَصْفَرُّ منها الأناملُ .
دُوَيْهْيّة : تصغيرُ داهيةٍ , يعني الموت .

قال أبو عُبَيْدٍ : هذا قولُ الحُبابِ بنِ المُنْذِرِ بنِ الجَموحِ الأنْصاريِّ , قاله يومَ السَّقِيفةِ عندَ بَيْعةِ أبي بكرٍ .

يُريد أنَّه رجلٌ يُسْتَشْفى برأيه وعقلِه.

طارق ياسين 02-05-2010 11:57 PM

• وعندَ جُهَيْنةُ الخبرُ اليقينُ .
يُضْرَبُ مثلاً لِمَعرفةِ الخبرِ والسؤالِ عنه .

قال أبو الفرج الأصبهاني في " الأغاني " :

أخبرني ابنُ دُرَيْدٍ , قال : أخبرنا أبو حاتمٍ عن أبي عُبيدةَ ، قال :كان ناسٌ من بطنٍ من قُضاعَةَ يُقالُ لهم : بنو سلامانِ بنِ سعدٍ بنِ زيدِ بنِ الْحافِ بنِ قُضاعَةَ . وبنو سلامان بنِ سعدٍ إخوةُ عذرةَ بنِ سعدٍ , وكانوا حُلفاءَ لبني صِرْمَةَ بنِ مُرّةَ , ونزولا فيهم .

وكان الْحُرَقَةُ - وهم بنو خَميسِ بنِ عامرِ بنِ جُهَيْنةَ - حلفاءَ لبني سَهْمِ بنِ مُرَّةَ. وكانوا قوماً يرمون بالنَبْلِ رَمْياً سديداً , فسُمُّوا الْحُرَقَةَ ؛ لِشِدَّةِ قتالِهم . وكانوا نُزولاً في حُلفائِهم بني سَهْمِ بنِ مُرّةَ .

وكان في بني صِرْمَةَ يهوديٌّ من أهلِ تَيْماءَ , يُقالُ له جُهَيْنةَ بنِ أبِي حَمَلٍ .وكان في بني سَهْمٍ يهوديٌّ من أهلِ وادي القُرى يُقالُ له غُصَيْنُ بنُ حيٍّ , وكانا تاجرين في الخمر .

وكان بنو جَوْشَنٍ - أهلُ بيتٍ من عبدِ اللهِ بنِ غَطْفانَ - جيراناً لبني صِرمَةَ , وكان يُتَشائَمُ بِهم , ففقدوا منهم رجلاً يُقالُ له : خُصَيْلةَ ,كان يقطعُ الطريقَ وحدَه . وكانت أختُه وإخوتُه يسألون الناسَ عنه , وينشُدونَه في كلِّ مجلسٍ وموسمٍ .

فجلس ذاتَ يومٍ أخٌ لذلك المفقودِ الْجَوْشَنيِّ في بيتِ غُصَيْنِ بن حيٍّ جارِ بني سَهْمٍ يَبْتاعُ خَمْراً , فبينما هو يشتري إذ مرَّتْ أختُ المفقودِ تَسْألُ عن أخيها خُصَيْلةَ , فقال غُصَيْنٌ :

تُسائِلُ عن أخيها كلَّ رَكْبٍ .... وعند جُهَيْنةَ الخبرُ اليقينُ

فأرسلها مثلاً - يعني بِجُهينةَ نفسَهُ - فحِفظَ الْجَوْشنيُّ هذا البيتَ ثم أتاه من الغدِ فقال له : نَشُدْتكَ اللهَ ودينَك هل تعلمُ لأخي عِلما ؟ فقال له : لا وديني لا أعلمُ . فلما مضى أخو المفقودِ تَمَثّلَ :

لَعَمْرُك ما ضَلَّتْ ضلالَ ابنَ جَوْشنِ ... حَصاةٌ بليلٍ أُلْقِيَتْ وَسْطَ جَنْدَلِ

[ الْجَنْدَل : مكانٌ في مَجْرى النهر فيه حجارةٌ يَشْتَدُّ عندها جريانُ النهرِ ./ المعجم الوسيط ] .
أرادَ أنّ تلك الحصاةَ يَجوزُ أنْ توجدَ , وأنّ هذا لا يوجدُ أبداً . فلما سَمِعَ الْجَوْشَنيُّ ذلك تركه , حتى إذا أمسى أتاه فقتله , وقال الْجَوْشنيُّ :

طَعَنْتُ وقد كادَ الظلامُ يُجِنُّني .... غُصَيْنَ بنَ حَيٍّ في جِوارِ بني سَهْمِ .

طارق ياسين 02-07-2010 09:44 PM

• مَا هكَذَا يا سَعْدُ تُورَدُ الإبِل .

يُضْرَبُ مثلاً لِمَنْ قَصَّرَ ولَم يَسْتَقصِ في طلبِ الأمْرِ .

قال في " مَجْمَعِ الأمثالِ " :

هو سَعْدُ بنُ زيدِ مَنَاةَ , أخو مالكِ بنِ زيدِ مَنَاةَ , الذي يُقَال له : آبَلُ (1) من مالكٍ .

ومالكٌ هذا هو سِبْطُ (2) تَميمِ بنِ مُرَّةّ , وكان يُحَمَّقُ (3) , إلاَ أنه كان آبَلَ زمانِه .

ثم إنّه تزوجَ وَبَنَى بامْرأتِه , فأوْرَدَ الإبِلَ أخوه سَعْدٌ , ولَم يُحْسِنْ القيامَ عليها والرِّفْقَ بِها , فَقَالَ مالكٌ :

أوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ (4) .... مَا هكَذَا يا سَعْدُ تُورَدُ الإبِلْ .

فأجابَه سَعدٌ وقالَ :

تَظَلُّ يَوْمَ وِرْدِها مُزَعْفَرا (5) ... وَهْيَ خَنَاطِيلُ (6) تَجُوسُ (7) الْخُضَرا .

______________________

(1)يُقال : أبَِلَ أبَالةً وأبَلاً , فهو آبِلٌ وأبِلٌ : حَذِقَ مَصْلحةَ الإبِلِ والشاةِ .
(2)السِّبْطُ : وَلدُ الولدِ .
(3)أي : يُنْْسَبُ إلى الحماقةِ , وهي قِلَّةُ العقلِ .
(4)اشْتَملَ بثوبِه : أدَارَه على جَسدِه كلِّه حتى لا تَخْرجَ منه يدُه .
(5)مُتَطيِّبٌ بالزَّعْفَران .
(6)إبِلٌ خَناطيلُ : مُتَفرِّقة .
(7)الْجَوْس : طلبُ الشيءِ بالاسْتِقصاءِ , وجاسَ الشيءََ : وطِئه وداسَه .

طارق ياسين 02-11-2010 01:09 AM

• بلغ السيلُ الزُّبَى .

يُضْربُ لِما جاوزَ الحدَّ , وهو أنْ يَبْلغَ الأمرُ مُنْتهاهُ .

جاء في " مُختصر تاريخ دمشق " لابن مَنْظور , و " الكامل " للمُبَرِّدِ :

قال مُحمد بنُ الحسنِ :

لَمّا كَثُرَ الطعْنُ على عُثمانَ , تنَحَّى عَلِيٌّ إلى مالِه بِيَنْبُعَ ، فكتبَ إليه

عثمانُ : " أمّا بعدُ ، فإنه قدْ جاوزَ الماءُ الزُّبَى , وبلغَ الحِزامُ الطُّبْيَيْن، وبلغَ

الأمرُ فوقَ قدْرِهِ ، وطمِعَ في الأمرِ مَنْ لا يَدْفعُ عن نفسِه :

فإن كنتُ مأكولاً فكُنْ خيرَ آكلٍ . . . وإلا فأدْركْنِي ولَمّا أُمَزَّقُ(1) .

قال الْمُبَرِّدُ : قوله : جاوزَ الماءُ الزُّبَى ,فالزُّبْيَةُ : مَصْيَدةُ الأسدِ(2) , ولا تُتَّخذُ إلا في قُلَّةٍ , أو رابِيَةٍ , أو

هَضَبةٍ(3) . فإذا بلغها السيلُ كان مُجْحِفا(4) .

قوله : وبلغ الحِزامُ الطُّبْيَيْن ؛ فإن السِّباعَ والْخيلَ يُقالُ لِموضعِ

الأخلافِ(5) منها : أطباءٌ , واحِدُها : طُبْيٌ.

فإذا بلغ الحزامُ الطُّبْيَيْن فقد انتهى في المكروه(6) .

___________________________
(1) هذا البيتُ لشاعرٍ مِن عبدِ القَيْسِ جاهليٍّ , يقالُ له : الْمُمَزَّقُ ، وإنَّما سُمِّيَ مُمُزّقاً لِهذا البيتِ .
(2) الزُّبيةُ تُحْفرُ للأسدِ فيُصادُ فيها ، وهي رَكِيَّةٌ بعيدةُ القَعْرِ ، إذا وقع فيها لَم يستطِعِ الْخروجَ منها ؛ لبُعدِ قعْرِها ، يَحفرونَها ، ثم يُوضعُ عليها لحمٌ وقد غَمُّوها بِما لا يِحمُله ، فإذا أتى اللحمَ انْهدمَ غطاءُ الزبيةِ .
(3) القُلَّةُ : أعلى الْجبلِ , وجَمْعُها : قُلَلٌ وقِلالٌ . والرّابِيةُ : ما ارتفع من الأرض , إلا أنّها أقلُّ ارتفاعاً من الزُّبْية . والْهَضَبةُ : جبلٌ مُنْبسِطٌ على الأرض .
(4) جارفاً .
(5)الأخلافُ : حَلَمَاتُ الضِّرعِ التي فيها اللبنُ , من ذواتِ الْخُفِّ والظِّلْفِ والسِّباع .
(6)يعني أنّه قدِ اضْطَربَ مِنْ شِدّةِ السَّيْر حتى خَلَفَ الطُّبْيَيْن مِنْ اضْطِرابِه . يُضْربُ مثلاً للأمر الفظيع الفادِح.

طارق ياسين 02-13-2010 10:17 PM

• إن الشقيَّ وافدُ البراجِمِ .

- يُضْربُ مَثلاً لِمَن يُوقعُ نفسَه في هَلَكَةٍ طمَعاً .

البَرَاجِمُ : قومٌ من بنِي تَميمٍ .

قال الثعالبي في " ثمار القلوب " :

. . . وذلك أنّ أسْعدَ بنَ الْمُنذِرِ أخا عَمرِو بنِ هندٍ ، انصرفَ ذاتَ ليلةٍ مِن مُتَصَيَّدِه

وهو ثَمِلٌُ , فرمى رجلاً من بني دارِمٍ بسهمٍ فقتله ، فوثبَ عليه بنو دارِم فقتلوه,

فغزاهم عمرُو بنُ هندٍ وقتل منهم مَقتلةً عظيمةً ، ثم أقسمَ ليُحَرِقّنَ منهم مئةً ،

فبذلك سُمّيَ مُحَرِّقاً ، وأخذَ تسعةً وتسعين رجلاً منهم فقذفهم في النارِ ، وأرادَ

أنْ يَبَرَّ قسَمَهُ بِمَنْ تَكْمُلُ به العِدَّةُ ، فمَرَّ رجلٌ يُقال له : عمارٌ ، من بني مالكِ

بنِ حنظلةَ ، فَتَشمَّمَ رائحةَ اللحمِ ، فظنّ أنّ الملكَ قد اتّخذَ طعاماً للأضيافِ ،

فعرَّجَ إليه ، فأُتِيَ به ، فقال له : مَنْ أنتَ ؟ قال : أنا وافدُ البراجمِ ، فقال

عمرٌو : إنّ الشقِيَّ وافدُ البراجمِ ؛ فصارَ مثلاً للشقيِّ يَسْعى بقدمِه إلى مَراقِ

دمِهِ ، ثم أُمِرَ به فقُذِفَ في النارِ تَحِلّةً لقسَمِهِ .

طارق ياسين 02-15-2010 11:41 PM

• سَبَق السيفُ العذلَ .

وهو مثلٌ لِمَن يلومُ على فِعْل شيءٍ بعدَ وقوعِه وفواتِ أمرِهِ .

• الحديثُ ذو شجونٍ .

أي : ذو طرُقٍ , الواحدُ : شَجْنٌ ، بسكون الجيم .
والشواجِنُ : أوديةٌ كثيرةُ الشجَرِ ، الواحدةُ : شاجِنة .
وأصلُ هذه الكلمةِ الاتصالُ والالتفافُ . ومنه الشَُِّجنة . والشجنة : الشجرة الملتفةُ الأغصانِ .
وقد نظَمَ الشيخُ أبو بكرٍ عليٍّ بنِ الحسينِ القهِسْتانِي هذا المثلَ ومثلاً آخرَ في بيتٍ واحدٍ ، وأحسن ما شاء وهو :

تَذَكَّرَ نَجْداً والحديثُ شجونٌ ... فجُنَّ اشتياقاً والجنونُ فنونُ

يُضربُ هذا المثلُ في الحديثِ يُتذكرُ به غيرُه .

• أسعدٌ أمْ سعيدٌ .

يُضربُ في النجاح والخيبة .

قال في " مجمع الأمثال " :

- أوّلُ مَن سارَ عنه هذه الأمثالُ الثلاثةُ ضَبَّةُ بنُ أدِّ بنِ طابِخةَ بن ِإلياسَ بنِ مُضَرَ ، وكان له ابنانِ , يُقالُ لأحدِهِما : سَعدُ ، وللأخر سعيدٌ ، فنَفرَتْ إبلٌ لضَبّةَ تَحت الليلِ فوجّهَ ابنيهِ في طلبِها , فتفرّقا فوجدَها سعدٌ فردَّها ، ومضى سعيدٌ في طلبِها , فلقيَه الحارثُ بنُ كعبٍ ، وكان على الغلامِ بُرْدانِ ، فسأله الحارثُ إيّاهُما , فأبَى عليه ، فقتله وأخذ بُرْدَيْه ، فكان ضَبّةُ إذا أمسى فرأى تَحت الليلِ سواداً قال : أسعدٌ أم سعيد ؟ فذهب قولُه مثلاً .
فمكث ضبَّةُ بذلك ما شاء الله أنْ يَمكثَ . ثم أنه حجَّ فوافى عُكاظَ , فلقيَ بِها الحارثَ بنَ كعبٍ ، ورأى عليه بُرْدَيِ ابْنِه سعيدٍ ، فعرفهما، فقال له : هل أنت مُخبري ما هذان البُرْدانِ اللذان عليك ؟ قال : بلى ، لقيتُ غلاماً وهُما عليه فسألتُه إيَاهُما فأبَى عليَّ فقتلتُه ، وأخذتُ بُرْدَيهِ هذين .
فقال ضَبّةُ : بسيفِك هذا ؟ قال : نعم .
فقال : فأعطنِيهُ انظرْ إليه فإنّي أظنه صارماً .
فأعطاهُ الحارثُ سيفَهُ ، فلمّا أخذه من يدِه هزَّه وقال :
الحديثُ ذو شجونٍ .
ثمّ ضربه به حتى قتله فقيل له : يا ضَبّةُ أفي الشهرِ الحرامِ ؟
فقال : سبقَ السيفُ العذلَ .
فهو أوّلُ مَنْ سارَ عنه هذه الأمثالُ الثلاثةُ .
قال الفرَزْدَقُ :
لا تأمَنَنَّ الحربَ ؛ إنَّ اسْتعارَهَا ... كَضَبَّةَ إذ قال : الحديثُ شجونٌ

طارق ياسين 02-17-2010 10:04 PM

• رماهُ اللهُ بثالثةِ الأثافيِّ .

قال الفَيْرُوزأباديُّ : الأُِثْفِيَّةُ : الحجرُ تُوضعُ عليه القِدْرُ . الجمعُ : أثافيُّ , وأثافٍ

ورماهُ اللهٌُ بثالثةِ الأثافيِّ : أي بالجبلِ , والمرادُ : بداهيةٍ ؛ وذلك أنّهم إذا لَم

يَجدوا ثالثةَ الأثافيِّ , أسْندوا القِدْرَ إلى الجبلِ .

قال الميدانِيُّ : يُضربُ لِمن رُمِيَ بداهيةٍ عظيمةٍ . ويُضربُ لِمن لا يُبْقي من الشرِّ

شيئاً ؛ لأن الأُثفيَّةَ ثلاثةُ أحجارٍ , كلُّ حجرٍ مثلُ رأسِ الإنسانِ ، فإذا رماهُ

بالثالثةِ فقد بلغ النهاية . كذا قاله الأزهريُّ .

قال البديعُ الْهَمَذانِيُّ :

ولِي جسمٌ كواحدةِ الْمَثانِي ... له كَبِدٌ كثالثةِ الأثافيِّ

يريدُ : القطعةَ من الجبلِ .

طارق ياسين 02-22-2010 01:23 AM

•حالَ الْجريضُ دونَ القريضِ .

- يُضربُ للأمر يُقدرُ عليه أخيراً حين لا ينفعُ . أو : يُضْربُ لأمرٍ يَعُوقُ دونَه عائقٌ .

الْجَريضُ : الغُصَّةُ ، من الْجَرَضِ , وهو الريقُ يُغَصُّ به .

يُقالُ : جَرِضَ بريقِه يَجْرَضُ . وهو أنْ يَبْتلِعَ ريقَهُ على همٍّ وحَزَنٍ .

يُقالُ : مات فلانٌُ جَريضاً ، أيْ : مَغمُوماً .

والقَريضُ : الشِّعْرُ ، وأصله جِرَّةُ البعِيِرِ , وهو ما يَرُدُّهُ البعيِرُ عندما يَجْترُّ .

وأصلُ الْمَثلِ : أنّ رجلاً كان له ابنٌ نَبَغَ في الشعر , فنهاهُ أبوه عن ذلك ,

فجاشَ به صدرُه ومرضَ حتى أشرفَ على الهلاكِ ، فأذِن له أبوه في قولِ الشعرِ

فقال هذا القولَ .

طارق ياسين 02-24-2010 11:16 PM

• ذكّرْتَنِي الطعنَ وكُنتُ ناسياً .

- يُضربُ في تذكُّر الشيءِ بغيرهِ .

قال الْمَيْدانِيُّ :

قيل : إنّ أصْلَه أنّ رجلاً حَمَلَ على رجلٍ ليقتله ، وكان في يدِ الْمَحمولِ عليه

رُمحٌ ، فأنساهُ الدَّهَشُ (1) والْجَزعُ ما في يدِه , فقال له الْحاملُ : ألقِ الرُّمْحَ .

فقال الآخرُ : إنّ مَعِي رُمْحاً لا أشعر به ؟! ذكّرْتَنِي الطعنَ... المثلَ .

وحَملَ على صاحبِه فطعنه حتى قتله أو هزمه .

يُقالُ : إنّ الحاملَ صخرُ بنُ مُعاويةَ السُّلَمِيُّ ، والْمَحمولَ عليه يزيدُ بنُ الصَّعِقِ .

وقال الْمُفضَّلُ : أوّلُ من قاله رُهَيْمُ بنُ حَزَنِ الْهِلالِيُّ ، وكان انتقل بأهلِه ومالِه

من بلدِه يريدُ بلداً آخرَ ، فاعْترضهُ قومٌ من بني تَغْلِبَ فعرفوه وهو لا يعرفهم .

فقالوا له : خَلِّ ما معك وانجُ .


قال لهم : دونكمُ الْمالُ ولا تَعْرضوا للحرم (2) .

فقال له بعضُهم : إنْ أردتَ أنْ نفعلَ ذلك فألقِ رُمْحَك .

فقال : وإنَّ معي لَرُمْحاً ؟! فشدَّ عليهم فجعلَ يقتلهم واحداً بعدَ واحدٍ , وهو

يَرْتَجٍزُ ويقولُ :

رُدُّوا على أقرَبِها الأقاصيا ... إنّ لَها بالْمَشْرَفِيِّ (3) حاديا

وذكّرَتنِي الطعنَ وكنتُ ناسياً .
________________________

(1) الذهول والحيرة .
(2) حرم الرجل : ما يقاتل عنه ويحميه . [ المعجم الوسيط ] وأراد هنا أهله .
(3) قال في " العُباب " : السيوفُ الْمَشْرَفِيّةُ : منسوبةٌ إلى مَشارِفِ الشام . قال أبو عُبَيدةَ : هي قُرىً من أرضِ العربِ , تدنو من الريفِ ، يُقالُ : سيفٌ مَشْرَفِيٌّ , ولا يُقال : مَشارِفِيُّ .

طارق ياسين 02-25-2010 10:55 PM

- مثل يحكي قصة العرب .

• ذهبوا أيدي سبأ , وتفرَّقوا أيدي سبأ , وأيادي سبأ .

- يُضربُ في التفرق .

- قال في القاموس : ضُرِبَ المثلُ بِهم ؛ لأنهُ لَمّا غَرِقَ مكانُهم ، وذهبت جنّاتُهم ، تبدَّدُوا في البِلادِ .

- قال الْمَيْدانِيُّ : أي تفرّقوا تفرُّقاً لا اجتماعَ معه . اخبرنا الشيخُ الإمام أبو الحسن عليُّ ابنُ أحْمدَ الواحديُّ ، أخبرنا الحاكمُ أبو بكر مُحمدُ بنُ إبراهيمَ الفارسيُّ ، أخبرنا أبو عمرو بنِ مطر ، حدثنا أبو خليفةَ ، حدثنا أبو هَمّامٍ ، حدثنا إبراهيمُ بنُ طهْمَانَ عن أبي جناب ، عن يَحيى بنِ هانىءٍ ، عن فروةَ بنِ مُسَيْكٍ قال : أتيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم – فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أخبرنِي عن سبإٍ أرجلٌُ هو أمِ امرأةٌ ؟ فقال :

(( هو رجلٌ من العربِ ولدَ عَشَرةٌ تَيامَنَ منهم سِتةً وتشاءَمَ منهم أربعةً [1] ، فأما الذين تيامنوا : فالأزدُ ، وكِنْدَةُ ، ومِذْحَجٌ ، والأشْعَرونَ ، وحِمْيَرُ , وأنْمارٌ ، ومنهم بَجِيلةُ .
وأمّا الذين تشاءَموا : فعَامِلةُ ، وغسانُ ، ولَخْمٌ ، وجُذامٌ )) [2] . وهم الذين أُرْسِلَ عليهم سيلُ العَرِمِ ؛ وذلك أنَّ الْمَاءَ كان يأتِي أرضَ سبإٍ من الشَّحْرِ[3] وأوْدِيةِ اليمنِ ، فرَدَموا رَدْماً بيْن جبلين وحَبَسوا الْماءَ ، وجعلوا في ذلك الرَّدْمِ ثلاثةَ أبوابٍ بعضُها فوق بعضٍ ، فكانوا يسقون من البابِ الأعلى ثم من الثانِي , ثم من الثالثِ , فأخْصَبوا وكثُرتْ أموالُُهم ، فلمّا كذّبوا رسولَهم بعث اللهُ جُرَذاً نقَبَتْ ذلك الرَّدْمَ حتى انتقضَ , فدخل الْماءُ جنّتّيْهم فغرَّقهُما , ودفنَ السيلُ بيوتَهم . فذلك قوله تعالَى : { فأَرْسَلنا عَليهِمْ سَيْلَ العَرِمِ } [ سبأ : 16 ] .

والعَرِمُ : جَمعُ عَرِمَة ، وهي السِّكْرُ [4] الذي يَحْبِسُ الْماءَ .
وقال ابنُ الأعرابِيِّ : العَرِمُ : السيلُ الذي لا يُطاقُ .
وقال قتادةُ ومُقاتلٌ : العَرِمُ : اسمُ وادي سبأ .

- وأخبرنا الإمامُ عليُّ بنُ أحْمدَ الْخُزَاعِيُّ ، أخبرنا أبو الوليدِ الأزرقيُّ ، حدثنا جَدّي ، حدثنا سعيدُ بن سالِم القدّاح عن عثمانَ ابنِ ساج، عن الكلبي، عن أبي صالح قال: ألقت طريفةُ الكاهِنةُ إلى عَمرِو بنِ عامرٍ - الذي يُقالُ له : مُزَيْقِيَا بنُ ماءِ السماءِ , وهو عمرُو بنُ عامرِ بنِ حارثةَ بنِ ثعلبةَ بنِ امْرِىءِ القيس بنِ مازنِ بنِ الأزدِ بنِ الغوثِ بنِ نبتِ بنِ مالكِ بنِ زيدِ ابنِ كهلانَ بنِ سبأ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قحطانَ - وكانت قد رأتْ في كِهَانَتِها أنّ سدَّ مأرِبٍ سَيَخْرَبُ ، وأنه سيأتِي سيلُ العَرِمِ فيُخَرِّبُ الْجَنَّتيْن ، فباع عمرُو بنُ عامرٍ أموالَه , وسار هو وقومُه حتى انتهَوْا إلى مكةَ , فأقاموا بِمكةَ وما حولَها , فأصابتهمُ الْحُمّى ، وكانوا ببلدٍ لا يَدْرُون فيه ما الْحُمّى ، فدَعَوْا طريفةَ فشَكَوْا إليها الذي أصابَهم , فقالت لهم : قد أصابنِي الذي تشكون وهو مفرقٌ بيننا .
قالوا : فماذا تأمرين ؟
قالت : مَنْ كان منكم ذا همٍّ بعيدٍ ، وجَملٍ شديدٍ ، ومزادٍ[5] جديد ، فلْيَلحقْ بقصْرِ عُمانَ الْمَشِيدِ . فكانت أزدُ عُمَانَ .
ثم قالت : من كان منكم ذا جَلدٍ وقَسْرٍ , وصبر على أزماتِ الدّهْرِ , فعليه بالأراكِ من بطن مَرٍّ . فكانت خُزاعةُ .
ثم قالت : من كان منكم يُريدُ الراسياتِ في الوَحْل ، الْمُطعِماتِ في الْمَحْلِ[6] ، فليلحق بيثربَ ذاتِ النخل . فكانت الأوس والخزرج .
ثم قالت : من كان منكم يريدُ الْخَمْرَ والْخَمِيرَ ، والْمُلْكَ والتأمِيرَ ، ويَلْبَسَ الدِّيباجَ والحريرَ ، فليلحقْ ببُصْرى وغُوَيْرٍ ، وهُما من أرض الشأم . فكان الذين سكنوها آلُ جَفْنَةَ من غسّانَ .
ثم قالت: من كان منكم يريدُ الثيابَ الرِّقاقَ ، والْخيلَ العِتاقَ ، وكنوزَ الأرزاقِ ، والدّمَ الْمِهْراقَ ، فليلحقْ بأرضِ العراق . فكان الذين سكنوها آلُ جَذِيْمَةَ الأبْرَش ، ومن كان بالْحِيرَةِ ، وآلُ مُحَرِّقٍ .

______________________

(1) تشاءَمْتُ : أخذتُ نَحْوَ الشأمِ , يُقالُ : تشاءَمَ الرجلُ ، إذا أخذ نَحوَ الشأم ، وأشأم ، إذا أتى الشأم .
ويامَنَ القومُ وأيْمَنُوا ، إذا أتَوْا اليَمَنَ .
(2) رواه الطبرانِيُّ في " الكبير " .
(3) ساحلُ البَحْرِ بين عُمانَ وعَدَنَ .
(4) ما يُسَدُّ به النهرُ ونَحوُه . [ المعجم الوسيط ] .
(5) جَمْعُ مَزَادَة , وهو وِعاءٌ يُحْملُ فيه الماءُ في السفر , كالقِرْبةِ و نَحوِها .
(6) الجَدْبُ .

--- --- --- --- ---

طارق ياسين 03-02-2010 01:23 AM

• إنّه نسيج ٌوحدَه .

- قال في " الْمُسْتقصى " : يُضْرَبُ فى مَدْحِ الرجلِ الْمُنقطِعِ القرِينِ .

- قال الْمَيْدانِيُّ : وذلك أنّ الثوبَ النفيسَ لا يُنْسَجُ على مِنْوالِه عِدّةُ أثوابٍ .

- قال ابنُ الأعْرابِيُّ : مَعنى " نسيجٌ وحدَه " : أنه واحدٌ في معناه , ليس له فيه ثانٍ

كأنّه ثوبٌ نُسِجَ على حِدَتِه , لَمْ يُنْسَجْ معه غيرُه ، وكما يُقالُ : نسيجٌ وحدَه ، يُقالُ : رجلٌ وحدَه .

- ويُقالُ : نسيجُ وحدِه .
- قال في " جمهرة الأمثال " : قالت عائشةُ في عمرَ - رضى اللهُ عنهما - : " كان واللهِ أحْوَذِيّاً ، نسيجَ وَحْدِهِ ، قد أعَدَّ للأمور أقرانَها " .

والأحْوَذِيُّ : الْمُشَمِّرُ الْجادُّ العالي على أمرِه ، مِن قولِهم : حاذَ الإبلَ , يَحوذها، إذا جَمَعها وساقها وغلبها ، ومنه يُقالُ : اسْتحْوَذَ عليه الشيطانُ ، إذا علاه وغلبه .

- قال في " أدب الكاتب " : قال الراجز :

- جاءت به معتجراً بِبُرْدِه ... سَفْواءُ تَرْدَى بنسيجِ وحدِه
- مُسْتقبِلاً ريحَ الصَّبا بِخدِّه ... تقدَحُ قيسٌ كلُّها بزنْدِهِ
- من تلْقَهُ من بطلٍ يرُدُّه ... وكلًُّهم أنْ تلْقَهُ يَفْدِهِ .

- قال الجواليقي في " شرح أدب الكاتب " :

الْمُعْتجِرُ : الذي يَلُفُّ العَمَامةَ على رأسِه من غير أنْ يُديرَها تَحت الحنكِ .
وتَرْدَى : تَعْدُ .
وقوله بنسيجِ وَحْدِهِ , معناهُ : بالرجل الذي لا نظيرَ له . و " وحْدِهِ " هنا جُرَّ بالإضافةِ , ولا يُضافُ "وحده " في شيءٍ من الكلام إلا في ثلاثةِ مواضع :
- موضعٌ في المدحِ , وهو هذا .
- وموضعان في الذمِّ , وهُما : جُحَيْشُ وحدِه , وعُيَيْرُ وحدِه , وهو فيما عدا هذه المواضعِ منصوبٌ أبدا على معنى الْمَصْدرِ .
وقوله : " مُستقبلاٍ ريحَ الصَّبا بِخدِّه " معناه : أنّ العربَ كانت تُطعمُ عندَ هُبوبِ الصَّبا كما قالت:
إذا هَبّتْ رياحُ أبِي عقيل ... دعَوْنا عندَ هبّتِها الوليدا
ورياحُ أبِي عقيل هي الصّبا , وأبو عقيل كُنْيةُ لبيد بن ربيعة , يقول : يستقبلُ هبوبَها بشروجِه .
وقوله : تقدحُ قيسٌ كلُّها بزندِه أي :كلهم يسعَوْنَ بِجدِّه , وينتفعون برفْدِهِ . والبطلُ : الشجاعُ ؛ لأنه تبطلُ عندَه دماءُ الأقرانِ .
وقوله : " يَفَْدِهِ " تقولُ : فَدَتْكَ نفسي , أي : كانت فداءَك من السوءِ.
وحكى أبو عُبَيْدٍ عن الأصْمَعِيِّ قال : السَّفْواءُ من البغال : السريعة , ومن الخيل الخفيفة الناصبة .

--- --- --- --- --- ---

طارق ياسين 03-03-2010 03:11 PM

- مثلٌ يَحكي حالَ الناس في الْمُعاملاتِ :
* الأكلُ سَلَجانٌ , والقضاءُ لَِيّان .
- يُضربُ لِمَنْ يأخذُ مالَ الناس فيَسْهُلُ عليه , فإذا طُولِبَ بالقضاءِ دافعَ وصَعُبَ عليه .
السَّلْجُ : البَلْعُ . يُقالُ : سَلِجَ اللقمةَ سَلْجاً وسَلَجَاناً ؛ أي : بلَعَهَا .
الليّانُ : المدافعةُ . وكذلك الليُّ , ومنه الحديثُ : " لَيُّ الواجدِ ظُلمٌ " .

طارق ياسين 03-08-2010 01:25 AM

* التَّجَرُّد لغير النكاح مُثْلَةٌ(1) .


- قال المَيْدانيُّ : إنّ المُفَضلَ يَحكي أنّ المثلَ لرَقَاش بنتِ عَمرو بنِ تَغْلب بن وائل . وكان تزوّجَها كعبُ بنُ مالكِ بن تَيْمِ اللهِ بنِ ثعلبة , فقال لها : اخلعي دِرْعَكِ .
فقالت : خلعُ الدِّرع(2) بيدِ الزوج .
فقال : اخْلعيهِ لأنظرَ إليكِ .
فقالت : التَّّجَرُّدُ لغير النكاح مُُثْلةٌ .
فذهبت كلمتاها مَثلين . يُضْرَبان في وضْعِِ الشيءِ غير موضِعِه .
__________

(1) قال في " النهاية " : يُقالُ : مَثَلْتُ بالحيوان أمْثُل به مَثْلاً إذا قَطَعْتُ أطرافَه وشَوّهْتُ به . ومَثَلْت بالقَتيل إذا جَدَعْت أنفَه أو أذُنَه أو مَذاكِيرَه أو شيئاً من أطرافِه . والاسمُ : المُثْلة . اهـ
- وكأنها أرادتْ أنّ تَجَرُّدَ المرءِِ لغير حاجةٍ فيه تشويهٌ لكمال هيئته ومظهره , فصار كالمُثلة .
(2) الدِّرْعُ : قميصُ المَرْأةِ .

طارق ياسين 03-10-2010 12:36 AM

__ __ __ __

* خلا لكِ الجوُّ , فبيضي واصْفِري .

- يُضْربُ في الحاجةِ يتمكنُ منها صاحبُها .

- قال الميدانيّ :

أولُ من قال ذلك طَرَفَةُ بنُ العبدِ الشاعرُ ، وذلك أنه كان معَ قومِه في سفر ، وهو صَبِيٌّ ، فنزلوا على

ماءٍ ، فذهب طَرَفةُ بفُخَيْخٍ له فنَصَبَهُ للقنابر ، وبقيَ عامّةَ يومِه , فلم يَصِدْ شيئا ً،

ثم حملَ فخّهُ ورجع إلى عمِّهِ ، وتحمّلوا من ذلك المكان ، فرأى القنابرَ يلقطن ما نثرَ لهنّ من الحَبِّ

فقال :

يا لكِ من قُبَّرةٍ(1) بمَعْمَرِ(2) ... خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصْفِري(3)

ونقّري(4) ما شِئت أنْ تنقري ... قد رحلَ الصيادُ عنك فأبشري

ورفعَ الفخّ فماذا تحذري ... لا بدّ من صيدِك يوماً فاصبري .

وحذف النونَ من قوله : ( تحذري ) لوفاق القافيةِ ، أو لالتقاءِ الساكنين .

قال أبو عُبيدٍ : يُروى عن ابنِ عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنه قال لابن الزبير ، حين خرج

الحسين - رضي الله عنه - إلى العراق :

خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفِري .

_____________________

(1) القبّرة : واحد القُبّر , ضربٌ من الطير . والعامة تقول : القنبرة , وجاء ذلك في الرجز . [ الصحاح ] .
(2) قال في معجم البلدان : معمَرٌ : بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الميم, قِيلَ : موضعٌ بعينِه في قولِ طرفة :
يا لك من قبرة بمعمر ... خَلاَ لك الجوُ فطيري واصفِرِي .
(3) صَفَرَ الطائر , يصفِرُ - بالكسر - صفيراً .
(4) نَقَرَ الطائرُ الحبَّة يَنْقُرُها نَقْراً: التقطها . [ الصحاح ] .

--- --- --- --- --- ---

[Posted by 86.108.36.94 via http://algart.net/ww This is added while posting a message to avoid misuse.
Try: http://webwarper.net/webwarper.exe Example of viewing: http://webwarper.net/ww/www.kulsalaf...t=13894&page=3 ]

طارق ياسين 03-10-2010 08:00 AM

* تنويه :

جاء في المثل السابق في بيت الشعر : ( ونقري ) وهذا من الرباعي , نقّرَ - بتشديد القاف - الطائرُ

في الموضع : سَهّلَه ليبيضَ فيه . والذي ذكرته في الهامش , رقم (4) نَقرَ , من الثلاثي . لذا اقتضى

التنويه .

--- --- --- --- --- ---



[Posted by 86.108.36.94 via http://webwarper.net This is added while posting a message to avoid misuse.
Try: http://webwarper.net/webwarper.exe Example of viewing: http://webwarper.net/ww/www.kulsalaf...t=13894&page=3 ]

طارق ياسين 03-12-2010 10:27 PM

جاء في " الأمثال " لابن سلام :

* سكت ألْفاً , ونطقَ خَلْفاً .

قال أبو عُبَيْدٍ : والخَلْفُ من القََولِ , هو السَّقْطُ الرديءُ ، كالخلْفِ من الناس ، وهذا المثلُ كقول الشاعر :
وكائنٍ ترى من صامتٍ لك مُعجبٍ ... زيادتُه أو نقصُه في التكلمِ
وهذا البيت يُروى عن الأحنفِ بن قيس ، وذلك أنّه كان يُجالسُ رجلاً يُطيلُ الصّمْتَ , حتى أعْجِبَ به الأحنفَ , ثم إنّه تكلم فقال للأحنف : يا أبا بحر , أتقدرُ أن تمشيَ على شَرَفِ المسجدِ ؟ فعندها تمَثّلَ الأحنفُ بهذا البيتِ .


- قال الميداني : ونَصَبَ " ألفاً " على المصدر ، أيْ : سكتَ ألفَ سكتةٍ , ثم تكلم بخطأٍ .


--- --- --- --- ---

طارق ياسين 03-15-2010 01:45 AM

* تقول العربُ : الحربُ سِجَالٌ .

- قال في " المُسْتَقْصَى " : ساجَلَ فلانٌ فلاناً , وهو أنْ يَسْتَسْقِيَ ساقيان , فيُخْرجُ كلُّ واحدٍ منهما في سَجْلِهِ ما يُخْرجُهُ الآخرُ , فأيّهُما نَكَلَ(1) فقدْ غُلِبَ . فضُرِبَ مثلاً في المُساماةِ والمُفاخرةِ .

- قال الميداني : المُساجلًة : أنْ تصنعَ مثلَ صنيعِ صاحبِِكَ ؛ من جَرْيٍ أو سَقْي , وأصلُهُ من السَّجْل ، وهو الدَّلْوُ فيها ماءٌ - قلّ أو كَثُرَ - ولا يُقالُ لها وهي فارغة : سَجْلٌ .

قال الفضلُ بنُ العباس بن عُتْبَةَ بنِ أبي لهبٍ :

منْ يُساجِلُني يُساجِلُ ماجداً .... يملأ الدلوَ إلى عَقْدِ الكَرَِبِ .
وهو الحبلُ الذي يُشَدُّ في وسْطِ العَرَاقِيِّ(2) , ثم يُثْنى ثم يُثَََلّثُ ليكونَ هو الذي يلي الماءَ فلا يَعْفََنُ الحبلُ الكبيرُ .
- يُضْربُ لمَنْ يُبالغُ فيما يلي الأمرَ .


- وقال أبو سفيان يومَ أحُدٍ بعدَ ما وقعت الهزيمةُ على المسلمين : أعْلُ هُبَلُ ، أعلُ هبل .
فقال عمرُ : يا رسولَ الله ، ألا أجيبُه ؟
قال : بلى يا عمرُ .
قال عمرُ : اللهُ أعلى وأجلُّ .
فقال أبو سفيانَ : يومٌ بيوم بدر ، وإنّ الأيّامَ دولٌ ، وإنّ الحربَ سجالٌ .
فقال عمرُ : ولا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار .
فقال أبو سفيان : إنّكم لتزعمون ذلك ؛ لقد خِبٍْنا إذنْ وخسرنا .

__________

(1) نَكَلَ عن الأمْر : جَبُنَ ونَكَصَ .
(2) جمعُ عَرْقُوَة , بوزن : تَرْقُوَة . والعَرْقُوَتَانِ : خَشَبَتَانِ تعْتَرضان على فُوّهَةِ الدّلو كالصليب .
--- --- --- --- ---

طارق ياسين 03-16-2010 03:33 PM

* تقول العرب : ليس هذا بعُشِّكِ فادْرُجي .


- قال الميداني : أيْ ليس هذا من الأمر الذي لك فيه حقٌّ فَدَعِيه . يُقَالُ : دَرَجَ ؛ أيْ مَشَى ومضى . يُضربُ لمن يَرْفَعُ نفسَه فوق قدره .

- وقال في " المستقصى " : يُضْربُ لمن يدّعي أمراً ليس من شأنِه , أي : ليس بمَباتِك فاخرُجْ منه .

- وقال في " جمهرة الأمثال " : أي ليس مِمّا ينبغى لك فزُلْ عنه .
- والعشُّ : ما يكون في الشجرة ، والجمعُ : عِشَشَة(1) ، وقد عَشّشَ الطائرُ .
- والدَرَجَانُ والدًُّروجُ : المُضِيُّ في تقارُبِ خَطْوٍ وضَعْفِ مَشْيٍ .
- والوَكْرُ : ما كان في حائطٍ أو جبل .
- والأدْحى للنعام .
- والاُفحُوصُ : للقطاة ، وكلاهما على وجه الأرض .
- والعِرْزالُ : للحية .
- والوَِجَارُ - بالكسر والفتح - : للضّبُع(2) والثعلب .
- والمَكْو(3) : للضّبِّ .
- والعَرين والعِرِّيسَةُ : للأسد .


__________

(1) ويُجمع أيضا على : أعْشاش وعُشُوش وعِشَاش .
(2)وتقال بتسكين الباءِ أيضاً .
(3) قال في القاموس : المَكَا : جُحْرُ الثعلبِ والأرنبِِ ونحوِهِما .

--- --- --- --- ---

طارق ياسين 03-18-2010 11:52 PM

* جاورينا واخْبُرِِينا(1) .

- يُضْربُ في القبيح المَنْظرِ , الجميلِ المَخْبَرِ .


- قال في " مَجْمَع الأمثال " :

قال يونس : كان رجلان يَتَعَشَّقان امرأةً , وكان أحدُهما جميلاً وَسيماً , وكان الآخرُ دَميماً(2) تقتَحِمُهُ(3) العينُ , فكان الجميلُ منهما يقولُ : عاشرينا وانْظُري إلينا .
وكان الدميمُ يقولُ : جاورينا واخْبُرِينا , فكانت تُدْنِي الجميلَ , فقالت : لأخْتَبِِرَنَّهُما ؛ فقالت لكُلِّ واحدٍ منهما أنْ يَنْحَرَ جَزُوراً , فأتتْهُما مُتَنَكِّرة , فبدأتْ بالجميل , فوجَدَتْه عندَ القِدْرِ يَلْحَسُ الدّسَمَ , ويأكلُ الشحمَ ويقولُ : احتفظوا كلَّ بيضاءَ لِيَهْ ؛ يعني الشّحْمَ , فاسْتَطْعَمَتْهُ , فأمر لها بِثََِيْلِ(4) الجَزور فوُضِعَ في قََصْعَتِها .
ثم أتت الدَّمِيمَ , فإذا هو يَقْسِمُ لحمَ الجزور ويُعْطي كلَّ مَنْ سأله , فسألتُه فأمر لها بأطايِبِ الجزور , فوُضِعَ في قَصْعَتِها , فرفعت الذي أعطاها كلُّ واحدٍ منهما على حِدَةٍ , فلما أصبحا غَدَوَا إليها , فوضَعَت بين يََدَيْ كلِّ واحدٍ منهما ما أعطاها , وأقصتْ الجميلَ وقرّبَتِ الدميمَ . ويقالُ : إنها تزوجتْهُ .

______________

(1) خَبَرَ الشّيْءَ خُِبْراً وخَِبْرة ومَخْبَرَةً : بلاه وامْتَحَنه , وخَبَرَ الشيءَ : عرفَ خَبَرَه على حقيتِه . [ المعجم الوسيط ] .
(2)دَمَّ دَمامَةًًً : قََبُحَ منظرُهُ , وصَغُرَ جسمُه , وحَقُرَ , فهو دَمِيمٌ . [ المرجع السابق ] .
(3)اقتحمه : احتقره . [ القاموس ] .
(4)الثَِّيلُ , بالفتح والكسر : وعاءُ قضيبِ البعير , وغيرِه , أو هو القضيبُ نفسه . [ المرجع السابق ] .

طارق ياسين 03-21-2010 11:05 PM

* جَدَعَ الحلالُ أنفَ الغَيْرَةِ .

- قال المَيْدانيُّ : قاله - صلى الله عليه وسلم - ليلة زُفّتْ فاطمةُ إلى عليٍّ - رضي الله تعالى عنهما - . وهذا حديثٌ يُروى عن الحجّاج بنِ مِنْهال يرفَعُه(1) .

- قال في " صُبْح الأعْشَى " :

ومن النادر الغريبِ ما ذكره الشيخُ شِهابُ الدِّين محمودٌ الحلبيُّ في حُسن التوسل في الكتابة إلى شخص في تزويجِ أمِّه وهو هذه المُكاتبةُ :

- إلى ( فُلانٍ ) جعله اللهُ مِمّن يُؤثرُ دينَه على الهوى , وينوي بأفعالِه الوقوفَ مع أحكام اللهِ - تعالى - فإنّما لكلِّ امْرىءٍ ما نوى , ويعلمُ أنّ الخيرَ والخِيرةَ فيما يَسّرَهُ اللهُ من سُنّةِ نبيِّهِ , وأنّ الشرَّ والمكروهَ فيما طوى , نعرضُ له بأمر لا حرجَ عليه في الإجابةِ إليهِ , ولا خللَ يلحَقُهُ به في المُروءَةِ ؛ وهل أخلَّ بالمُروءَةِ مَنْ فعلَ ما حضَّ الشرعُ المُطَهّرُ عليه .

وأظهرُ الناس مُروءَةً مَنْ أبلغَ النفسَ في مَصالِح حَرَمِه عُذْرَها , وَوَفى مِن حقوقِ , أخَصِّهِنّ بِبِرِّهِ , كلَّ ما علمَ أنّ فيهِ بِرَّها .


وإذا كانت المرأةُ عورةً ؛ فإنّ كمالَ صَوْنِها فيما جعلَ اللهُ فيهِ سَتْرَها , وصلاحَ حالِها فيما أصلحََ اللهُ به في الحياةِ أمرَها , وإذا كانت النساءُ شقائقُ الرجال في باطن أمر البشريةِ وظاهرهِ , وكان الأولى تعجيلُ أسبابِ العِصْمةِ , فلا فرق بين أول وقتِ الاحْتياجِِ إلى ذلك وآخره , وما جدعَ الحلالُ أنفَ الغَيْرَةِ إلا لِيزولَ شَمَمُ الحَمِيَّةِ ، وتنزلَ على حُكْم اللهِ فيما شرعَ لعبادِه النفوسُ الأبيَّةُُ , ويُعلمَ أنّ الفضلَ في الانْقيادِ لأمرِ اللهِ , لا في اتّباعِ الهوى بعضْلِ الوَلِيَّةِ .

وإذا كان بِرُّ الوالدةِ أتمَّ , وحقها أعَمَّ , والنظرُ في صلاح حالِها أهمَّ , تعيّنَتِ الإجابةُ إلى ما يَصْلُحُ به حالُها , ويَسْكُنُ إليه بالُها , ويتوفّرُ به مالُها , ويَعْمُرُ به فِناؤُها , ويَحصُلُ به عن تقلُّد المِنَنِ استغناؤُها , وتحملُ به كُلفةَ خَدَمِها عنها , وتدفعُ به ضروراتٍ لا بُدّ لذواتِ الحِجابِ والحِجالِ منها , ويصفو به سَتْرُ الإحْصانِ والحَصَانةِ عليها , ويظهرُ به سِرُّ ما أوجبهُ اللهُ لها من تَتَبُّعِ مواقعِ الإحْسانِ إليها .


وقد تقدّمَ من ساداتِ السّلفِ مَنْ تولّى ذلك لوالدتِه بنفسِهِ , واعْتَدّهُ من أسبابِ بِرِّ يومِه , الذي قابلَ به ما أسْلَفَتْهُ إليه في أمْسِهِ ؛ علماً منهم أنّ استكمالَ البرِّ مِمّا يُعْلي قَدْرَ المَرْءِ ويُغلي .


وقد أجاب زيدُ بنُ زَيْنِ العابدينَ هشاماً لمّا سأله لِمَ زَوّجْتَ أمّكَ بعدَ أبيكَ ؟ فقال : لتُبَشّرَ بآخرَ مثلي .

لا سِيّما والراغبُ إلى المَولى في ذلك مِمّن يُرغبُ في قُرْبِه , ويُغبطُ على ما لديه من نِعَمِ ربِّه , ويُعَظّمُ لاجتماع دُنياهُ ودِيِنِه , ويُكَرُّمُ لِيُمْنِ نَقِيبَتِهِ(2) , وجودِ يمينِه , ويُعلمُ أنّ العقيلةَ(3) تَحُلُّ منه في أمْنَعِ حَرَمٍ , وتَسْتَظِلُّ من ذَرَاهُ(4) بأضْفى سُتورِ الكرم , معَ ارتفاع حَسَبِهِ , واشتهار نسَبِِهِ , وعُلّو قَدْرِهِ في مَنْصِبِهِ وحالِه وسَبَبِهِ , وأنّه مِمّن يُحسنُ أنْ يَحُلَّ من المَولى مَحَلَّ والِدِه , وأنْ يَتَجَمّلَ مِن ذُرِّيّتِهِ بمَنْ يكونُ في المُلِمّاتِ(5) بَناناً ليدِه , وعَضُداً لساعِدِه ؛ فإن المَرْءَ كثيرٌ بأخيه , وإذا أطْلِقَ عليهِ بحُكم المجاز لفظُ العُمومةِ ؛ فإنّ عمَّ الرجل صِنْوُ(6) أبيه , وأنا أتوقع من المَولى الجوابَ بما يَجْمعُ شملَ التُّقى , ويُعلمُ به أنّه تَخّيّر من البرِّ أفضلَ ما يُنْتقى , ويُتحَقّقُ بفِعلِه أنّ مثلَه لا يُهمِلُ واجباً .

ولأمر ما قال الأحنفُ - وقد وُصِفَ بالأناةِ - : لكنّي أتَعَجّلُ أنْ لا أرُدَّ كُفْؤا خاطِباً .

______________

(1) تَنْسِبُ كُتبُ الأدبِ هذا الكلامَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولم أعثرْ عليه في كُتبِ الحديثِ , فيما استطعته من بحث .
(2)النقيبة : سَجِيَّةُ الرجل وطبعُه . [ المعجم الوسيط ] .

(3)العقيلة : الزوجة الكريمة , والسيدة المُخدّرَة . المصدر السابق .

(4)الذرا - بفتح المُعْجَمَةِ - : ما اسْتُتِرَ به . يقال : أنا في ذرا فلان : في كَنَفِهِ . المصدر السابق .

(5)المُلِمّات : جمع مُلِِمّة , وهي النازلة الشديدة من شدائدِ الدّهر . المصدر السابق .
(6)الصِّنْوُ : النظيرُ والمِثلُ . المصدر السابق .




-------------------------


طارق ياسين 03-25-2010 01:34 AM

* صارتِ الفِتْيانُ حُمَماً(1) .

- يُضربُ لِمن يَجلبُ حَيْناً(2) على نفسِه لسَعْيِهِ . أو يُضربُ في التحزُّن للمُتَورِّطِ .

قال الميدانِيّ :

هذا مِن قولِ الْحَمْراءِ بِنتِ ضَمْرَةَ بنِ جابرٍ ؛ وذلك أنّ بني تَميمٍ قتلوا سعدَ ابنَ

هِندٍ أخا عَمْرِو بنِ هندٍ الملكِ ، فنذرَ عمرٌو ليَقتلنَّ بأخيه مائةً من بني تَميمٍ ،

فجمع أهلَ مَمْلكتِه ، فسار إليهم , فبلغهم الخبرُ ، فتفرّقوا في نواحي بلادِهم ،

فأتى دارَهم فلم يَجدْ إلا عجوزاً كبيرةً , وهي الْحمراءُ بنتُ ضَمْرَةَ ، فلمّا نظر

إليها وإلى حُمْرتِها قال لها : إنِي لأحسِبُك أعجميةً .

فقالت : لا، والذي أسأله أنْ يَخفِضَ جناحَك ، ويَهُدَّ عِمادَك ، ويَضَعَ وِسادَك ،

ويَسْلُبَك بلادَك ، ما أنا بأعجميةٍ .

قال : فمن أنتِ ؟

قالت : أنا بِنتُ ضَمْرَةَ بنِ جابرٍ ، سادَ مَعَدَّاً كابراً عن كابرٍ ، وأنا أخْتُ ضمرةَ

بن ضمرة .

قال : فمَنْ زوجُكِ ؟

قالت : هَوْذَةُ بنُ جَرْوَلٍ .

قال : وأين هو الآن , أمَا تعرفين مكانَه ؟

قالت : هذه كلمةُ أحْمقٍ ، لو كنتُ أعلمُ مكانَه حالَ بينك وبينِي .

قال : وأيُّ رجلٍ هو ؟

قالت : هذه أحْمقُ مِنَ الأولى ، أعَنْ هَوْذةَ يُسْألُ ؟. هو واللهِ طيِّبُ العِرْقِ ،

سَمينُ العَرْق ، لا ينامُ ليلةَ يَخافُ ، ولا يشبعُ ليلةُ يُضافُ ، يأكلُ ما وجدَ ، ولا
يسألُ عمّا فقدَ .

فقال عمرٌو : أمَا واللهِ لولا أنّي أخافُ أنْ تلدي مثلَ أبيكِ وأخيكِ وزجكِ

لاسْتَبْقيتكِ .

فقالت : وأنتَ واللهِ لا تقتلُ إلا نساءً أعالِيها ثدُِيٌّ وأسفلها دُمِيٌّ(3) ، وواللهِ ما

أدركتَ ثأراً , ولا مَحَوْتَ عاراً , وما مَنْ فعلتَ هذه به بغافلٍ عنكَ , ومعَ اليومِ

غدٌ .

فأمرَ بإحْراقِها .فلمّا نظرت إلى النارِ قالت : هَيْهاتَ ؛ صارتِ الفِتيانُ حُمَماً.

فذهبت مثلاً .

- وفي مثل حال هذه المرأة يُقال :

" لا تكن كالعَنْز تبحثُ عن الْمُدْيَةِ "


____________

(1) الْحُمَمُ : الرّمادُ والفَحْمُ , وكلُّ ما احترق من النار . الواحدة : حُمَمَة .
(2) الْحَيْنُ الهلاكُ , والْمِحْنة .
(3) دمٌ تُجمعُ على دُمِيّ , ودِماء .



--------------------------

طارق ياسين 03-29-2010 01:08 AM

* مثل واقعي ...!!

- قيلَ للشَّقِيِّ : هَلُمَّ إلى السَّعَادةِ .

فقال : حَسْبي مَا أنا فيهِ .


- قال في " مجمع الأمثال " : يُضربُ لمن قنعَ بالشرِّ , وترك الخيرَ وقَبُولَ النُّصْحِِ .

- وقال في " المُسْتقصى " : يُضْرَبُ لِمُخْتارِِ الهَوَانِ على الكَرامَةِ .

---- ---- ---- ----

طارق ياسين 03-29-2010 11:32 PM

· قد أَنصَفَ القَارَةَ مَنْ رَاماها .

- قال ابنُ سلّام : يُضربُ مثلاً لِمُساواةِ الرجل صاحِبَهُ فيما يدعوه إليه .

قال الْمَيْدانِيُّ : القَارةُ : قبيلةٌ , وهم عُضَلُ والدِّيشُ ابنا الْهُونِ بنِ خُزَيْمةَ . وإنّما سُمُّوا قارَةٌ ؛ لاجتماعِهم والتفافِهم لَمّا أراد الشَّدَّاخُ أنْ يُفَرِّقَهم في بني كِنانة , فَقَال شاعرُهم :

دَعُونَا قارَةً لا تُنْفِرُونَا ... فَنُجْفِلَ مِثْلَ إجْفالِ الظَّلِيمِ (1)

وهم رُماةُ الْحَدَقِ(2) في الجاهلية , وهم اليومَ في اليمن .

ويزعمون أنّ رجلين التقيا , أحدُهُما قاريٌّ , فَقَال القاريُّ : إنْ شِئتَ صارَعْتُكَ , وإن شِئتَ سابقتُك , وإن شئتَ راميتُك . فَقَال الآخَرُ : قد اخترتُ الْمُراماةَ .
فَقَال القاريُّ : قد أنْصَفتنِي , وأنشأ يقولُ :
قد أنْصَفَ القارَةَ مَنْ راماها ... إنَّا إذا ما فِئَةٌ نلقاها
نَرُدُّ أولاها على أخْراها
ثم انتزع له بسهمٍ فَشَكَّ به فؤاده (3) .

قَال أبو عبيد : أصلُ القَارَةِ : الأَكَمَةُ(4) وجَمعُها قُورٌ . قَال ابنُ واقد : وإنّما قيل : " أنصفَ القارَةَ من راماها " في حَرْبٍ كانت بين قريشٍ وبين بَكْر بنِ عبدِ مَنَافِ بنِ كِنانَةَ ؛ قَال : وكانت القارةُ معَ قُريشٍ , وهم قومٌ رُماةٌ , فلما التقى الفريقان راماهم الآخَرونَ , فقيل : قد أنصَفَهُم هؤلاء ؛ إذ ساووهم في العمل الذي هو شأنُهُم وصِناعتُهم .
وفي بعض الآثار : ألا أخبركم بأعدلِ الناس ؟ قيل : بلى قَال : مَنْ أنْصَفَ مِنْ نفسِه . وفي بعضِها أيضاً : أسَدُّ الأعمالِ ثلاثةٌ : إنصافُ الناسِ من نفسِك والْمُواساة بالْمالِ وذكرُ اللَه تعالى على كل حال(5) .
______________________________

(1) قال في " أساس البلاغة " : جَفَلَ القومُ ، وأجْفَلُوا ، وانْجَفلوا ، وتَجَفّلُوا : أسرعوا في الْهزيِمةِ والْهَربِ ، وأتَوْهم فجَفَّلوهم عن مراكِزِهِم ، وجَفَّلَ القنّاصُ الوحشَ عن مراعيها . ووقعت في الناس جَفْلةٌ , إذا خافوا فانْجفلوا .
الظَّلِيمُ : ذكرُ النَّعام .
(2) قال في " المعجم الوسيط " : ( الْحَدَقَةُ ) السّوادُ الْمُستديرُ وسَطَ * العين ( ج ) حَدَقٌ وحِداقٌ ( جج ) أحْداقٌ , ويُقال : هو من رُماةِ الْحَدَقِ : حاذقٌ ماهرٌ في النّضالِ .
(3) قال في " الْمُستقصى " : ويزعمون أنّ أربعينَ منهم رَمَوْا في الليّلةِ الْمُظلمةِ شيئاً أحسّوا به , فأصبحوا فرأَوْا الأربعينَ سَهْماً في هِرّةٍ .
(4) الأكَمَةُ : التّلُّ .
(5) ذكرَهُ السّيُوطيُّ في " جامع الأحاديث " وقال عَقِبَه : ( الرافعيُّ بسندٍ جليلٍ , عن الْمُزَنِيِّ عن الشافعيِّ عن مالكٍ عن ابنِ عُمرَ ) .

--------------
* فائدة : قال في " مختار الصحاح " : تقولُ : جلست في وَسْطِ القوم ( بالتسكين ) ؛ لأنه ظرفٌ , وجلست في وَسَطِ الدّارِ ( بالتحريك ) لأنه اسمٌ . وكلُّ موضعٍ يصلُحُ فيه ( بين ) فهو : وَسْطٌ , وإن لم يصلُحْ فيه ( بين ) فهو وَسَط بالتحريك .

********************

طارق ياسين 04-11-2010 06:04 AM

· دمِّثْ لنفْسِك قبلَ النّومِ مَضْطجعاً .
ويُروى : " لِجَنْبِك " أي : اسْتعدَّ للنوائبِ قبلَ حُلولِها .
والتّدْميثُ : التَّلْيينُ , والدَّمَاثةُ والدَّمَثُ : اللّينُ .
ويُروى أنّ عائشةَ - رضي اللهُ تعالى عنها - ذكرتْ عُمرَ - رضي الله تعالى عنه - فقالت : كان واللهِ أحْوَذيّاً نَسيجَ وحدِهِ , قد أعدَّ للأمورِ أقْرانَها .

طارق ياسين 04-12-2010 03:57 PM

· رَمَتْنِي بِدائِها وانْسَلَّت .

- يُضربُ لِمَن يُعَيِِّرُ بعَيْبِهِ غَيْرَهُ .

قال في " الْمُسْتقصى " : كانت امرأةُ سَعْدِ بنِ زيدِ مَناةِ يقول لها ضرائِرُها في السِّبابِ : يا عَفْلاءُ *! فشكت ذلك إلى أمِّها , فقالت : إذا سابَبْنَكِ فابْدَئِيهنّ بذلك ، ففعلت , فقالت لها إحداهُنّ ذلك . وبنو مالكِ بنِ سعدٍ يقالُ لهم بنو العُفَيْلَى ؛ لهذا السبب .
----------------

* قال في " المعجم الوسيط " : ( عَفَلَت ) المرأةُ والناقةُُ عَفَلاًًَ : خرج مِن رحِمِها , أو حيائِها شيءٌ مُدَوّرٌ يُشْبِهُ أُدْرَةَ الرّجُلِ , ولا يكونُ العَفَلُ في الأبْكارِ , وإنّما يُصيبُ المرأةَ بعد الولادةِ .
( الأُدْرَةُ ) : انتفاخٌ الخِصْيةِ لتَسرُّبِ سائلٍ فيها .

طارق ياسين 04-13-2010 03:32 PM

· قبلَ الرِّماءِ تُملأُ الكنائِنُ .
الكنائِنُ : جمعُ كِنانَة , وهي وِعاءُ السّهمِ .

· قبلَ الرِّمَاءِ يُمْلأ الْجَفيرُ .
قال في " الصحاح " : الْجَفيرُ كالكِنانةِ ، أوسعُ منها.
وقال في " القاموس " : الْجَفيرُ : جَعْبَةٌ من جُلودٍ لا خَشبَ فيها ، أو من خشبٍ لا جلودَ فيها .

· قبلَ الرَّميِ يُراشُ السَّهْمُ .
قال في " مختار الصحاح " : راشَ السّهمَ : ألزقَ عليه الرِّيشَ , فهو مَرِيشٌ بوزنِ مَبِيع , وبابه باع .
قال ابنُ دُرَيْدٍ : راشَ السَّهمَ يَرِيشُهُ رَيْشاً.

- تُضْربُ في الاسْتعدادِ للأمرِ قبلَ حُلولِهِ , وفي تَهْيئةِ الآلةِ قبلَ الحاجةِ إليها .

طارق ياسين 04-15-2010 08:01 AM

· دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتَادِ .
الْخَرْطُ : قَشْرُكَ الوَرَقَ عن الشجرةِ اجْتِذاباً بكَفِّك .
القَتَادُ : شجرٌ له شَوْكٌ أمثالُ الإِبَرِ .الواحدة : قَتادَة .
يُضْرَبُ للأمْرِ دونَه مانعٌ .

طارق ياسين 04-16-2010 09:46 PM

· دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتَادِ .
الْخَرْطُ : قَشْرُكَ الوَرَقَ عن الشجرةِ اجْتِذاباً بكَفِّك .
القَتَادُ : شجرٌ له شَوْكٌ أمثالُ الإِبَرِ .الواحدة : قَتادَة .
يُضْرَبُ للأمْرِ دونَه مانعٌ .

طارق ياسين 04-16-2010 10:21 PM

* ضِغْثٌ عَلَى إبَّالَةٍ .

قال في " جمهرة اللغة " : الإبَّالةُ : الْحُزْمَةُ من الحطبِ .

قال في " الصحاح " : الضِّغْثُ : قَبْضَةٌ من حَشيشٍ مُختلِطةُ الرَّطْبِِ باليابِسِ .

وقال أبو عبيد في " الغريب " : هو كلُّ شئٍ جمعتَهُ وحَزَمْتَهُ مِن عيدانٍ أو قَصَبٍ أو غيرٍ ذلك .
قال الميداني : ويُروى : إيبالَة , وبعضُهم يقولُ : إبَالَة , مُخَفّفاً وأنشدَ :

لِي كُلَّ يومٍ مِنْ ذُؤَالة ... ضِغْثٌ يزيدُ على إبَالَة

قال الخليلُ : ذُؤالةُ اسمُ مَعْرفةٍ للذِّئبِ لا ينصَرفُ .

قال في " الصحاح " : الذّأَلانُ: الْمَشْيُ الخفيفُ . ذأَلَتِ الناقةُ تَذْأَلُ ذأْلاً وذَأَلانا ً. قال أبو عُبيد : ومنه سُمِّيَ الذئبُ ذُؤَالَةَ .
- ومعنى المثل : بَلِيَّةٌ على أخرى .

جاء في " المعجم الوسيط : ( ضِغْثٌ على إبّالة ) عِبْءٌ على عِِِبْءٍ أتَمّ فَدْحَهُ .

طارق ياسين 04-22-2010 12:35 AM

* لِكُلِّ سَاقِطَةٍ لاقِطَةٌ .
قال المَيْدانِيُّ : قَال الأَصمَعيُّ وغيرُه : الساقطةُ : الكلمةُ يَسقُطُ بِها الإنسانُ . أي لكُلِّ كلمةٍ يُخطئُ فيها الإنسانُ مَنْ يتَحفَّظها , فيَحمِلُها عنه .
وأدخلَ الهاءَ في " لاقِطة " إرادةَ المبالغةِ . وقيل : أُدْخِلتْ ؛ لازدواجِ الكلامِ .
- يُضربُ في التّحَفُّظِ عندَ النُّطْقِ .
وقال ثَعْلبٌ : يعني لِكُلِّ قَذَرٍ فَدِرٌ ( الفَدِرُ - بفتحِ الفاءِ وكَسْرِ الدّالِ الْمُهملةِ , بِزِنَةِ كَتِف - : الأحمقُ . )
وقيل : أراد لكُلِّ كلمةٍ ساقطةٍ أذنٌ لاقِطةٌ ؛ لأنّ أداةَ لَقْطِ الكلامِ الأذُنُ .

طارق ياسين 04-25-2010 07:33 AM

· عِنْدَ الصَّبَاح يَحْمَدُ القَوْمُ السُّرَى(1) .
- قال صاحبُ كتابِ " فَصلُ المقالِ في شرحِ كتابِ الأمثالِ " : ذكر أبو عُبيد أنَّ هذا المثلَ للأغْلَبِ العِجْليِّ ، وقال محمدُ بنُ حبيبٍ وغيرُه مِنَ علماءِ البصريين : إنَّ أوّلَ من قال ذلك خالدُ بنُ الوليدِ - رضي الله عنه - , لما بعث إليه أبو بكرٍ - رضي الله عنه - وهو باليمامةِ أنْ سِرْ إلى العراقِ , فأراد سلوكَ الْمَفازةِ ، فقال له رافعُ بنُ عُمَيْرٍ الطائيُّ : قد سلكتُها في الجاهليةِ ، وهي خِمْسٌ(2) للإبلِ الواردةِ ، وما أظنُّك تقدرُ عليها ، إلا أنْ تَحملَ من الماءِ ، فاشْترى مائةَ شارفٍ (3) فعَطَّشَها , ثم سقاها الماءَ حتى رَوِيَت , ثم كَعَمَ(4) أفواهَهَا ؛ لئلاّ تَرعى ، ثم سلك المفازةَ ، حتى إذا مضى يومانِ وخاف العطشَ على الناسِ والخيلِ نَحَرها وسقى الإبلَ والخيلَ فُظُوظَهَا(5) .
فلمَّا كان في الليلة الرابعةِ قال رافعٌ : انظروا هل تَرَوْن سِدْراً عِظاماً ؛ فإنْ رأيتموها , وإلا فهو الهلاكُ ، فنظر الناسُ فرأَوْا السِّدْرَ ، فكَبَّر وكَبَّر الناسُ معه ، ثم تَجَمَّعوا على الماءِ ، فقال خالدٌ :
للهِ دَرُّ رافعٍ أنّى اهتدى ... فَوَّزَ(6) مِنْ قُرَاقِرٍ إلى سُوَى(7)
خِمْساً إذا سار بِها الجيشُ بكى ... ما سارها من قبلِه إنسٌ يُرى
عندَ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرَى... وتَنجلي عنهم غَياباتُ الكَرَى(8)

- يُضربُ في احتمالِ المشقّةِ , والحثِّ على الصبرِ ؛ حتى تُحمدَ العاقبةُ .
______________
(1) السُّرَى : سَيْرُ عامَّةِ الليلِ .
(2) الخِمسُ من الفَلَوَاتِ : ما بَعُد ماؤُها ؛ حتى يكونَ وُرودُ الإِبلِ في اليومِ الخامسِ .
(3) الشارِفُ : الْمُسِنُّ من الإبِلِ .
(4) كَعَمَ البعيرَ : شَدَّ فاهُ ؛ لئلا يَعَضَّ أو يأكلَ , فهو كَعِيمٌ ومَكْعومٌ .
(5) الفَظُّ : ماءٌُ الكِرْشِ يُشْرَبُ عندَ عَوْزِ الماءِ في المفاوزِ , جمعُه فُظُوظٌ .
وافْتَظَّ البعيرَ : شقَّ كِرْشَه , واعتصر ماءَه ؛ ليَشْرَبه . وكان المسافرُ في الصحراء يَسقي الإبلَ , ثم يَسُدُّ أفواهَها ؛ لئلا تَجْتَرَّ , فإذا عطش افْتَظَّها .
(6) يُقالُ : فَوَّزَ الرجلُ بإِبلِه , إذا ركب بِها المفَازةَ .
(7) قُراقِرٌ وسُوَى : موضعين فيهما ماء .
(8) الكَرَى : النُّعاسُ . والكُرَى : القبور .
[ المعجم الوسيط ] .

طارق ياسين 04-28-2010 09:53 PM

· عَبْدٌ صَرِيِخُهُ أََمَةٌ .
- يُضْربُ في اسْتعانةِ الذليلِ بآخَرَ مثلِهِ , أو لِمَنْ ناصِرُهُ أذَلُّ منه .
قال العسكري : الصّريخُ : الْمُغيثُ والْمُسْتَغيثُ جَميعاً .
والْمُسْتَصْرِخُ : الْمُسْتَغيثُ .
والْمُصْرِخُ : الْمُغِيثُ , يُقالُ له : صَرِيخٌ , أي : مُغيث . وفي القرآنِ : { فلا صَرِيخَ لَهُمْ } أي : لا مُغيثَ لهم .
وإنّما سُمِّيَ كلُّ واحدٍ منهما ؛ المُغيثُ والمُستغيثُ : صَريِخاً ؛ لأنّ كلَّ واحدٍ منهما يَصْرُخُ بصاحبِه , هذا بالدُّعاءِ , وذلك بالإجابةِ .


الساعة الآن 11:02 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.