{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   استراحة المنتدى (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=71)
-   -   نعم أنا أتغيّر ! (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=71098)

ابوعبد المليك 02-18-2017 05:03 PM

نعم أنا أتغيّر !
 
نعم أنا أتغيّر !

هذه آثار اللحى ما تزال على وجوههم بادية، إنّ بقاياها قارّة على أذقانهم، لعلّ الوقت لم يسعفهم بعدُ لإزالتها وإلغائها بالكلية، أو أنّ لزوم الصّنعة، وفقه المرحلة اليوم، يستوجب إبقاءها والتحلّي بها.

ما علينا، فإنّ منهم من كان قبل برهة من الزمن يكفّر المجتمعات ويتبرّأ من الحكومات، ويتّهم الحاكم والمحكوم على حدّ سواء بالردة عن الدين والامتناع عن تحكيم الشّريعة.

ومنهم من لم يكن كذلك، بل كان ضررهٌ على نفسه، وحرابُه مسدّدةٌ إلى نحره، فيتخيّر الأنكى من الأقوال، والأعنت من الأختيارات تشهّيا ليتديّن بها، ويدعو إليها من تأثّر به والتفّ حوله، فيما يستبطن اتهام العلماء السلفيين الراسخين وطلبة العلم المتّبعين بتضييع الدين والتّهوين من شأنه.

ومن هؤلاء من كان قبل هذا، قد نصب من نفسه قيّما على أهل البدع والمقالات المخالفة، فكان يظنّ أنّ في قلبه الإيمان الحقّ، واليقين الراسخ، وفي يديه الآلة العلمية والعدّة الشّرعية الكافية لهتك بدع المبتدعين وإظهار عوار المضلّين.

فإذا بالأيام تمشي مشيها، وتسير سيرها، وسنّةُ الله في أمثال هؤلاء لا تتحوّل ولا تتبدّل، فأصبحت حماستهم للدين أثرا بعد عين، وقومتهم لنُصرته جثّة هامدة لا حياة فيها، وهذا عرَض لمرض، ونتيجة - والله- لسبب.

فإن الله تعالى لا يظلم عباده ولا يجازيهم إلا بما صنعته أيديهم ولا يؤاخذهم إلا بما تعمّدته قلوبهم.
تلك القلوب التي ألفت الاعتداد بالنّفس والاستقلال بالرأي والشّذوذ في الرأي والمخالفة والرفض القاطع لأقوال العلماء الراسخين وفتاواهم، بل إنّ دين هؤلاء كان قائما في كثير من جوانبه على الطّعن واللمز والتشويه والتحقير لعلماء الأمة ونجومها الهادية.

وعادةُ الله في كل من هتك أستار العلماء وتجرّأ على مقاماتهم، ونال منهم بغير حقّ معلومة، وعواقب أفاعيلهم السيّئة حاضرة مشهودة.

فآل بهم الحال إلى أن تشرّبت قلوبهم الفتن ورتعت فيها، حين تركها أصحابها تتقلّب بين الأهواء الهوجاء كالورقة تُقلّبها الريح ظهرا لبطن.

فلما أنكروا قلوبهم، وتبدّلت عليهم أحوالهم وتكدّرت مشاربهم، لم يبادر كثير منهم بالرجوع إلى الله، ولم يجأروا بسؤاله التثبيت على الحقّ والخلاص مما علق بقلوبهم من الأهواء، بل سدروا في غيّهم، وتمادوا في سعيهم الذي زُين لهم، وحُبّب إلى نفوسهم، فكرعوا من الأهواء، وتضلّعوا من مشاربها الآسنة حتى نبتت لحومهم من سُحت البدع، ونشز عظمهم من تلك الشّبهات التي ارتضعوها واستمرأوا الإقامة في معاطنها والمخادنة لدعاتها.

فكان عاقبتهم أن دمّر الله عليهم بنيان الريبة في قلوبهم، فخرّ على رؤوسهم سقف الضّلالات من فوقهم، فأعطب قُواهم وأوهن عزائمهم، فلم يتمكّنوا من الفكاك من أسره ولا التحيّل لاستنقاذ أنفسهم من أغلاله.

فهاهم اليوم بين قتيل للأهواء، وشريد هائم على وجهه لا يدري قِبلته، فلا يثبُت على وُجهةٍ، ولا يستقرُّ على رأي ومبدأ، كلّما سمع هيعةَ فتنةٍ طار إليها، فصار من دعاتها ومقدّميها وأصحاب السّبق والشّأن فيها.

فإذا تبيّن له بعد حينٍ عوارها وتكشّف له خزيها وبوارها، قال: أنا أتغير !
فما كنت أقوله بالأمس غير ما صرت إليه اليوم، فقد كان ديني حينئذ تجربة استحسنتُها، ومرحلة تجاوزتها !!

كتبه محمد بن علي الجوني
ضحى عيد الأضحى ١٤٣٤

عبدالعزيـز 03-04-2018 06:37 PM

بارك الله فيك أخي الكريم


الساعة الآن 04:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.