{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   خطب نصية (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=65)
-   -   (سلسلة مقال الخطيب) : (1) شعبان بين الغافلين والمتعبدين . (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=50133)

أبو زيد العتيبي 06-10-2013 02:08 PM

(سلسلة مقال الخطيب) : (1) شعبان بين الغافلين والمتعبدين .
 

شعبان
بين الغافلين والمتعبدين


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :

فإن الله – تعالى – قد خلق العباد لغاية جليلة ، وحكمة نبيلة . فيها سعادتهم وصلاحهم ، وبها نجاتهم وفلاحهم . فقال – سبحانه - : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56] .

ووظائف هذه العبودية موزعة على سنوات أعمارهم ، مبثوثة بين ليلهم ونهارهم ، حتى تأتي على أسبوعهم ، فشهرهم ، فعامهم ، حتى تنقضي تلك الأعمار ، وينتقلوا من هذه الدار إلى الملك العزيز الغفار .

فيُقلِّب الله للناس الزمان ، ويعاقب بين الليل والنهار حتى تتجدد عبوديتهم لله – تعالى - ، وتنشط نفوسهم لطاعته ، كما قال – سبحانه -: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان : 62] .

قال السعدي – رحمه الله – في قوله - : " { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً } أي: يذهب أحدهما فيخلفه الآخر، هكذا أبدا لا يجتمعان ولا يرتفعان، { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا } أي: لمن أراد أن يتذكر بهما ويعتبر ويستدل بهما على كثير من المطالب الإلهية ويشكر الله على ذلك، ولمن أراد أن يذكر الله ويشكره وله ورد من الليل أو النهار، فمن فاته
ورده من أحدهما أدركه في الآخر، - وأيضاً - فإن القلوب تتقلب وتنتقل في ساعات الليل والنهار فيحدث لها : (النشاط والكسل) (والذكر والغفلة) (والقبض والبسط) (والإقبال والإعراض)، فجعل الله الليل والنهار يتواليان على العباد ويتكرران ليحدث لهم : ( الذكر، والنشاط، والشكر لله) في وقت آخر؛ ولأن أوراد العبادات تتكرر بتكرر الليل والنهار، فكلما تكررت الأوقات أحدث للعبد همة غير همته التي كسلت في الوقت المتقدم فزاد في تذكرها وشكرها، فوظائف الطاعات بمنزلة سقي الإيمان الذي يمده فلولا ذلك لذوى غرس الإيمان ويبس. فلله أتم حمد وأكمله على ذلك
" (التفسير) .

ومن رحمة الله بعباده أن جعل لهم من بين تلك الأزمنة مواسم فاضلة فيها نفحات من رحمته يُدركون بها ما فاتهم من الفضائل بسبب الغفلة ، ويستدركون ما فرط منهم من المعاصي بسبب الهوى والشهوة .
قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم " (السلسلة الصحيحة :1890) .

ومن بين تلك المواسم الفاضلة والمناسبات المباركة شهر شعبان المبارك ، فقد كان له عند السلف مكانة رفيعة ومنزلة عالية فهو (شهر القرآن)، (وشهر الصيام) .

فمن فضائله أنه شهر يغفر فيه لكل المؤمنين إلا لمشاحن أو مشرك ، كما روى أبو ثعلبة الخشني – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين و يملي للكافرين و يدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه " ( صحيح الجامع، رقم : 771) .

ولما رواه أبو موسى – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " إن الله - تعالى - ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " (صحيح الجامع، رقم : 1819) .

ومن فضائله أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله – تعالى – كما روى أسامة – رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " شعبان بين رجب و شهر رمضان تغفل الناس عنه ترفع فيه أعمال العباد فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم "( صحيح الجامع، رقم : 3711) .

ولأجل فضيلته هذه كان نبينا – صلى الله عليه وسلم - يكثر من صيامه ، كما روت عائشة – رضي الله عنها – قالت : " كان أحب الشهور إليه أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان " (صحيح الجامع، رقم : 4628).

وكان السلف يعدون صيامه كالراتبة القبلية لشهر رمضان المبارك ، كما قال ابن رجب : " صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة و كلفة بل قد تمرن على الصيام واعتاده و وجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة و نشاط و لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام و قراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان و ترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن " (لطائف المعارف:258) .

ومن أعمال السلف في هذا الشهر المبارك كثرة قراءة القرآن والانقطاع عن كل الأعمال إلا كتاب الله – تعالى - فقال سلمة بن كهيل : كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال : هذا شهر القراء، و كان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته و تفرغ لقراءة القرآن " (لطائف المعارف:258) .

وقد قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ )) متفقٌ عَلَيْهِ .

فعلينا أن نتعرض لنفحات رحمة الله – تعالى – ونقبل على طاعته وعبادته والإنابة إليه .

قد هيئوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك ان ترعى مع الهمل

فعلينا أن نغتنم أوقات العمر ، والأنفاس واللحظات في طاعة رب الأرض والسموات .

مضى رجب و ما أحسنت فيه *** و هذا شهر شعبان المبارك
فيا من ضيع الأوقات جهلا *** بحرمتها أفق و احذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قسراً *** ويخلي الموت كرها منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا *** بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم *** فخير ذوي الجرائم من تدارك




محمد المولى 06-10-2013 05:02 PM

جزاك الله خيرا شيخنا

أبو زيد العتيبي 06-10-2013 10:31 PM


وجزاك الله مثله أخي الحبيب
محمد المولى
وزادك ربي توفيقاً



حامد بن حسين بدر 06-11-2013 12:47 PM

جزاك الله خيراً ونفع بك ..
تبتكر وتحسن....

أبو زيد العتيبي 06-13-2013 02:31 PM



وجزاك الله مثله أخي الحبيب
حامد بن حسين بدر
وزادك ربي رفعة في الدارين

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا رابط المقال :

http://www.islamdeeny.com/books-119.htm


أبو زيد العتيبي 06-01-2014 01:25 PM

.

رفع ...

أبو زيد العتيبي 05-06-2016 07:59 PM


السؤال: هل من المستحب الإكثار من صيام شعبان،
وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصومه؟


الجواب: نعم،
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام في شعبان،
إلا أنه لا يصومه كاملاً، فقد كان يترك منه شيئاً،
والسنّة أن الإنسان يكثر الصيام في شعبان،
يصوم أكثره ولا يستكمله.



موقع الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -
عضو هيئة كبار العلماء ،
وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء


***



الساعة الآن 07:13 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.