{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر اللغة العربية والشعر والأدب (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   من أمثال العرب ... (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=13894)

طارق ياسين 04-08-2016 11:15 PM

.

· بَرْدُ غَدَاةٍ غَـرَّ عَبداً من ظَمأٍ.

قال الميداني:

قيل هذا في عبدٍ سَرَّحَ الماشيةَ في غَداةٍ باردةٍ، ولم يَتزوَّدْ فيها الماءَ، فهلك عَطَشاً.
و (مِن) في قوله: (من ظمأٍ) صِلَةُ (غَرَّ)، يُقالُ: مَنْ غرَّك مِنْ فلانٍ؟ أي: مَنْ أَوْطَأَك عَشْوةً(1) من جِهَتِه؟ يعني أَنَّ البردَ غرَّه من إِهلاكِ الظمأِ إِيَّاهُ فَاغْتَرَّ.
ويجوز أَنْ يكونَ التقديرُ: غَرَّ عبداً مِنْ فَقْدِ ظَمأٍ، أَي قَدَّر في نفسِه أَنَّه يَفقِدُ الظمأَ فلا يَظْمأُ.

يُضربُ في الأَخذِ بالحزمِ، والاحتياط للأمور.

ويُقال في مثلِه أَيضاً: ليس بِأَوَّلِ مَنْ غَرَّهُ السَّرابُ.


__________

(1) جاء في "أساس البلاغة" للزمخشري: والعشوة: الظلمة.
وأَوطأَهُ عشوةً: حمله على أَمرٍ غيرِ رشيدٍ.
وفي "الصحاح": تقول: أوطَأتَني عُشْوَةً وعَشْوَةً، أي أَمراً مُلْتَبِساً؛ وذلك إِذا أَخبرتَه بما أَوقعتَه به، في حَيْرةٍ أو بليَّةٍ.

طارق ياسين 04-14-2016 02:43 PM

.

· تُعَلِّمُني بِضَبٍّ أَنا حَرَشْتُهُ؟!

قال الميداني:

(تُعَلِّمُنِي) بمعنى (تُعْلِمُنِي) أَي: تُخْبِرُني؛ ولذلك أَدخلَ الباءَ كقولِه –تعالى-: { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ } (الحجرات: 16).
وحَرْشُ الضَّبِّ: صَيْدُه.
يُضربُ لِمن يُخبرُك بشيءٍ أَنت به منه أَعلمُ.

قال في "جمهرة الأمثال":

وأَصلُ الحَرْشِ الأَثَرُ بالشيءِ، وهو هاهنا بمعنى الإِثارةِ، وهو أَنْ تُـثيرَ الضَّبَّ من جُحْرِه فتَستخرِجَه.
والمثلُ المعروفُ: ( هو أَجلُّ مِنَ الحَرْشِ )
وأَصلُه في رُموزِهم أَنَّ الضَّبَّ كان يَنْعَتُ الحَرْشَ لِحُسُولِه، وهي أَولادُه، الواحدُ حِسْلٌ، ويقولُ لهن: إِذا أَحْسَسْتُنَّ بالحرْشِ فاصْبِرْنَ ولا تَخْرُجْنَ من جُحْرَتِكُنَّ، فَصِيدَ الضَّبُّ ذات يومٍ فوُضِعَ رأْسُه على حَجَرٍ وشُدِخَ بحجرٍ آخرَ، فقُلْنَ له: أَهذا الحَرْشُ، فقال: هذا أَجَلُّ من الحَرْشِ، هذا الموتُ.

قال في "اللسان":

الحَرْش والتَحْرِيش: إِغراؤُك الإِنسانَ والأَسدَ ليقعَ بقِرْنِه(1). وحَرَّش بينهم أَفْسدَ وأَغْرى بعضَهم ببَعضٍ. قال الجوهري: التحريشُ الإِغراءُ بين القومِ، وكذلك بين الكلاب. وفي الحديث أَنه (نهى عن التحْريش بين البهائمِ) هو الإِغراءُ وتَهييجُ بعضِها على بعض. وقيل: حَرْشُ الضبِّ صَيْدُه، وهو أَن يُحَكَّ الجُحْرُ الذي هو فيه؛ يُتَحرَّشُ به؛ فإِذا أَحسَّه الضَّبُّ حَسِبَه ثُعْباناً فأَخْرَج إِليه ذنبَه فيُصادُ حينئذٍ.
__________
(1) القِرْنُ -بكسر القاف-: الكُفْؤُ في الشجاعةِ أَوِ القتالِ أَو العلم وغيرِ ذلك. والقَرَنُ -بالفتح-: الحبل يُقْرَنُ به البعيران، والبعير المقرون بآخر.

طارق ياسين 04-21-2016 10:49 PM

.

· لا تَحْمَدَنَّ أَمَةً عامَ شِرائِها، ولا حُرَّةً عامَ بِنائِها.

قال أَبو عبيد:
معناه أَنها تَتَصنَّعُ لِأَهلِها لِجِدَّةِ الأَمرِ، وإِنْ لم يكن ذلك شأْنَها. وهذا مثلٌ لكلِّ مَن حَمَدَ قبل أَنْ يَخْتبِرَ، ومنه البيتُ السائرُ في الناس:


لا تَحْمَدَنَّ امْرَءاً حتى تُجرِّبَه ... ولا تَذُمَّنَّهُ مِن غير تجريبِ


ومِن هذا المعنى قولُهم: لا تَهْرِفْ قبلَ أَنْ تَعْرِفْ.
والهَرْفُ: الإِطنابُ في الحَمدِ والثناء(1). وفي بعض الحديث: لا تَعْجَلوا بحَمْدِ الناسِ ولا بِذمِّهم؛ فإِنَّ أَحدَكُم لا يدري ما يُختمُ له به(2).

قال العسكري:
يُضربُ في النهيِ عن مدحِ الشيءِ قبلَ اختبارِه.
_________

(1) والهَرْفُ -أَيضا-: التخليطُ في الكلام، يُقال: هرَفَ الرجلُ: هذَى وخَلَط في كلامِه.
(2) هذا الأثر مَروي عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- بلفظ: لا تَعْجَلوا بحَمْدِ الناسِ ولا بِذَمِّهم؛ فإِنَّ الرجلَ يُعجبُك اليومَ ويَسوءُك غدا، ويَسوءُك اليومَ ويعجبُك غدا، وإِنَّ العبادَ يُغَـيَّرونَ –وفي لفظ: يَعْثَرون- وإنَّ الله يغفرُ الذنوبَ يومَ القيامة، والله أَرحمُ بعبدِه يومَ يأْتيه من أُمِّ واحدٍ فرشتْ له في أَرضٍ قِيٍّ، ثم قامت تلتمسُ فِراشَه بيدِها، فإِن كانت لدغةٌ كانت بها قبلَه, وإِن كانت شوكةٌ كانت بها قبلَه.
رواه عنه ابن َأبي شيبةَ والبيهقي والطبراني وابن المبارك.
القِيُّ: الأَرضُ المُستويةُ الملساء. (المعجم الوسيط).

طارق ياسين 04-27-2016 10:58 PM

.

· أَنْفُكَ مِنكَ وإِنْ كان أَجْدَعَ.

جاء في "الصحاح":

الجَدْعُ: قَطْعُ الأَنفِ، وقطعُ الأذنِ أيضاً، وقطعُ اليَدِ والشَّفَةِ. تقول منه: جَدَعْتُهُ، فهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاءُ.

يُضْربُ لِمنْ يَلْزمُك خيرُه وشرُّه، أَو في غيرِ المَرْضِيِّ عنه من الناسِ يَسْتَبْقِيه المَرْءُ ولا يَجْفُوه؛ لِقرابَتِه منه، أَو صِلَتِه به.(مجمع اللغة)

قالوا:

أَولُّ مَن قال ذلك قُنفُذُ بنُ جَعْوَنَةَ المازنيُّ للربيعِ بنِ كعبٍ المازنيِّ؛ وذلك أَنَّ الربيعَ دفعَ فرساً، كان قد أَبَرَّ(1) على الخيلِ كَرَماً وجَوْدةً، إِلى أَخيه كَميشٍ ليأَتِيَ به أَهلَه، وكان كَميشٌ أنْوَكَ، مشهوراً بالحُمْقِ، وقد كان رجلٌ من بني مالكٍ يُقَال له: قُرَادُ بنُ جَرْمٍ قَدِمَ على أَصحابِ الفرسِ ليُصيبَ منهم غِرَّةً فيأخذَها، وكان داهيةً، فمكث فيهم مُقيماً لا يعرفون نَسبَهُ ولاَ يُظهِرُ من أَمرِه، فلما نظر إلى كميشٍ راكباً الفرسَ ركبَ ناقَتَه ثم عارضه،
فقال: ياكَميشُ! هل لك في عانةٍ(2) أَرَ مثلَها سِمَناُ ولا عِظَماُ، ومعها عَيْرٌ(3) من ذهبٍ؟ فأما الأُتُنُ(4) فَتَرُوحُ بها إلى أَهلِكَ فتملأُ قدورَهم، وتُفْرحُ صدورَهم، وأَما العَيْرُ فلاَ افتقارَ بعدَه.
قال له كَميش: وكيف لنا به؟
قال: أَنا لك به، وليس يُدرَكُ إِلا على فرسِك هذا، ولا يُرى إِلا بلَيْلٍ، ولا يراه غيري.
قال كَميشٌ: فَدُونَكَهُ.
قال: نعم، وأَمْسِكْ أَنت راحِلَتي.
فركب قُرَادٌ الفرسَ وقال: انتظِرْني في هذا المكانِ إِلى هذه الساعةِ من غدٍ.
قال: نعم.
ومضى قُرَادٌ، فلما توارى أنشأ يقول :


ضَيَّعْتَ في العَيْرِ ضلاَلاً مُهرَكا ... لِــــتُطْعِمَ الــــحيَّ جميعاً عَيْرَكا


فسوف تأْتـــي بالـهوانِ أَهْـلَكـــــا ... وقبلَ هذا ما خَدَعْتُ الأَنْوَكا


فلم يزل كميشٌ ينتظرُه حتى أَمسى مِن غَدِه وجاع، فلما لمْ يَرَ له أَثراً انصرف إِلى أَهلِه وقال في نفسِه: إِن سأَلَني أَخي عن الفرسِ قلتُ: تحوَّلَ ناقةً. فلما رآه أَخوه الربيعُ عَرف أَنه خُدِعَ عن الفرسِ،
فقال له: أَين الفرسُ؟
قال: تَحوَّل ناقةً،
قال: فما فعل السَّرْجُ؟
قال: لم أَذْكُرِ السَّرْجَ فاطُلُبَ له عِلَّةً!
فصَرَعَه الربيعُ لِيَقتُلَه،
فَقَالَ قُنفذُ بن جَعْوَنةَ: الْهُ عما فاتَك؛ فإِنَّ أَنْفَكَ منك وإِنْ كان أَجْدَعَ، فذهبت مثلاً.

____________
(1) أَبَرَّ عليه: غلبه وفاقَهُ. (المعجم الوسيط).
(2) العَانَةُ: القطيع من حُمُرِ الوحشِ. (الصحاح).
(3) العَيْرُ: الحمارُ الوحشيُّ والأَهليُّ أيضاً، والأُنثى عَيْرَةٌ، والجمع أعْيارٌ ومَعْيوراءُ وعُيورَةٌ.
(4) جمع أَتانٍ، وهي أُنثى الحمار.

طارق ياسين 05-08-2016 05:57 PM

.

· أَلا مَنْ يَشْتري سَهَراً بِنَوْمٍ؟

يُضربُ لمن غَمَطَ النِّعمةَ وكره العافيةَ.

قال الميداني:

قالوا: إِنَّ أَولَّ مَنْ قال ذلك ذو رُعَيْنٍ الْحِمْيَريُّ(1)؛ وذلك أَنَّ حِمْيَرَ تفرقت على ملِكِها حسانَ، وخالفت أَمرَه لِسوءِ سِيرتِه فيهم، ومالوا إلى أَخيه عَمْرٍو، وحمَلوه على قتلِ أَخيه حَسَّانَ، وأَشاروا عليه بذلك، ورغَّبوه في المُلْكِ ووَعدوه حُسنَ الطاعةِ والمؤازرةِ، فنَهاه ذو رُعَيْنٍ من بين حِمْيرَ عن قتلِ أَخيه، وعَلمَ أَنه إِن قتل أَخاه ندِمَ ونَفَر عنه النومُ، وانتقضَت عليه أُمورُه، وأنه سيعاقِبُ الذي أَشارَ عليه بذلك، ويَعرفُ غُشَّهم له، فلما رأَى ذو رُعَيْنٍ أَنه لا يَقبلُ ذلك منه، وخشيَ العواقبَ قال هذينِ البَيْتَينِ وكتبهما في صحيفةٍ وختم عليها بخاتَمِ عَمرٍو وقال: هذه وديعةٌ لي عندك إِلى أَن أَطلُبَها منك، فأخذها عمرٌو فدَفَعها إِلى خازنِه وأمَرَه برفعِها إلى الخِزانةِ والاحتفاظِ بها إِلى أَن يَسْألَ عنها، فلما قَتَلَ أخاه وجلسَ مكانَه في المُلكِ مُنِعَ منه النومُ، وسُلِّط عليه السهرُ، فلما اشتدَّ ذلك عليه لم يَدَعْ باليمنِ طبيباً ولا كاهناً ولا مُنجِّماً ولا عرّافاً ولا عائِفاً(2) إِلا جمعهم ثم أَخبرهم بقصتِه، وشكا إليهم ما بِه، فقالوا له: ما قَتَلَ رجلٌ أَخاه أَو ذا رَحِمٍ منه على نحوٍ ما قتلتَ أَخاك إِلا أَصابَه السهرُ، ومُنع منه النومُ، فلما قالوا له ذلك أَقبل على مَنْ كان أَشارَ عليه بقتلِ أَخيه وساعدَه عليه من أَقْيَالِ(3) حِمْيرَ فقتلهم حتى أَفناهُم،
فلما وصل إِلى ذي رُعَينٍ قال له: أَيها الملك إِنَّ لي عندك بَرَاءةً مما تريد أَنْ تصنعَ بي،
قال: وما براءَتُك وأَمانُك؟
قال: مُرْ خازِنَك أَنْ يُخرجَ الصحيفةَ التي استَوْدَعْتُكَها يومَ كذا وكذا،
فأمر خازِنَهُ فأَخرجَها فنظر إلى خاتَمِه عليها ثم فَضَّها فإذا فيها:


أَلاَ مَنْ يَشْتَري سَـهَراً بِنَــــوْمٍ ... سَعِيدٌ مَنْ يبيتُ قَرِيرَ عَيْنٍ
فإمَّا حِمْيَرُ غَدَرَتْ وخانت ... فَمَعْــــذِرَةُ الإِلهِ لِذِي رُعَيْنٍ

ثم قال له: أَيها الملكُ قد نَهيتُكَ عن قتلِ أَخيك، وعلمتُ أَنك إِنْ فعلتَ ذلك أَصابَك الذي قد أَصابَك، فكتبتُ هذين البَيْتَينِ بَرَاءةً لي عندَك مما علِمْتُ أَنَّك تَصنعُ بمن أَشار عليك بقتلِ أَخيك، فقبل ذلك منه وعفا عنه وأحسن جائزتَه.
_______________
(1) أَحدُ مُلوكِ اليمن.
(2) العائف: من اتخذ العِيافةَ مهنةً، وهي: زَجْرُ الطير والتفاؤلُ بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها.
(3) جمع قَيْلٍ، وهو لقبُ ملك اليمن.

طارق ياسين 05-28-2016 12:33 AM

.

· أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَةٍ.

الحَشَفُ: أَرْدَأُ التمرِ.

قال العسكري:

انْتِصابُه بإِضمارِ الفعلِ؛ أَي: أَتْجمعُ التَّمرَ الرديءَ والكَيْلَ المُطَفَّفَ؟

جاء في "زهر الأكم":

كِيلَة -بكسر الكافِ-: الهَيْئَةُ من الكيلِ، يُقالُ: كالَ له الطعامَ، وكَالَهُ إِيَّاهُ كَيْلاُ، وكالَ كَيْلَةً واحدةً –بالفتح- وكِيلَةً حسنةً أَو قبيحةً –بالكسر-.
ومعنى المثل: أَتجمعُ عليَّ أَنْ تُعْطِيَني حَشَفاً، وتَكيلَ لي كِيلةً سيئةً؟ ويُضربُ للأَمْرِ يُكرهُ من جهتين.
وكان أَصلُه أَنَّ رجلاً اشترى تمراً من عندِ آخرَ فأَتاه بتمرٍ رديءٍ، ثم أَساءَ له الكَيْلَ معَ ذلك، فقال له ذلك.

طارق ياسين 07-16-2016 06:11 PM

.
· مَأْرُبَةٌ لاَ حَفَاوَةٌ.
يُضرب مثلا للرجل الذي يَتَمَلَّقُك، أو لا يزورك إلا لحاجةٍ.
قال الميداني:
أَي إِنَّما يُكْرمُكَ لِأَرَبٍ له فيك، لا لِمحبةٍ لك.
يُقال: مَأْرُبَةٌ ومَأْرَبَةٌ، وهما الحاجةُ،

وحَفِيَ بِهِ حَفَاوَةً إذا اهتمَّ بشأْنِه وبالغ في السؤَالِ عن حالِه. ورفع (مَأْرُبَةٌ) على تقدير: هذه مَأْرُبةٌ،
ومن نَصبَ أَراد: (فعلْتُ هذا مأْرُبَةً) أَي: للمَأْرُبةِ لا للحَفَاوةِ.

طارق ياسين 08-04-2016 10:07 PM

.
· شَفَيْتُ نَفْسِي وَجَدَعْتُ أَنْفِي.
يُضربُ لمن يَضرُّ نفسَه من وجهٍ ويَشتفي من وجهٍ.

قال قيسُ بنُ زهيرٍ:

شفيتُ النفسَ من حَمَلِ بنِ بدرٍ... وسَيْفي من حذيفةَ قد شفاني

فــإِنْ أَكُ قد برَّدتُ بهــم غَليلى... فلــــــــم أَقــطـــــعْ بهــــم إلا بَنــانــي

وقال آخر:

ونَبكي حين نَقْتُلُكم عليكُم ... ونقتُلُكم كأَنَّا لا نُبالي

طارق ياسين 08-11-2016 02:49 PM

.
· مَنْ يَشْتَرِي سَيْفِي وَهَذَا أَثَرُهُ ؟

يُضربُ في المحاذرةِ من شيءٍ قد ابْتُليَ مرةً.

جاء في "مجمع الأمثال": قَالَ المُفَضَّلُ:

أَوّلُ مَن قال ذلك الحارثُ بنُ ظالمٍ المُرِّيُّ؛ وذلك أَنَّ خالدَ بنَ جعفرِ بنِ كِلابٍ لمّا قتلَ زُهيرَ بنَ جَذيمةَ العَبْسيُّ ضاقت به الأَرضُ، وعلم أن غَطَفَانَ غيرُ تاركِيه، فخرج حتى أَتى النعمانَ فاستجارَ به فأَجارَه ومعه أَخوه عُتْبةُ بنُ جعفرٍ، ونهضَ قَيْسُ بنُ زهيرٍ فاستعدَّ لِمُحاربةِ بني عامرٍ، وهجم الشتاءُ، فقال الحارثُ بنُ ظالمٍ: يا قيسُ أَنتم أَعلمُ وحربُكُم، وأَنا راحلٌ إِلى خالدٍ حتى أَقتُلَه،
قَال قيسٌ: قد أَجارَه النعمانُ!
قال الحارثُ: لأًقْتُلَنَّهُ ولو كان في حِجْرِهِ.
وكان النعمانُ قد ضرب على خالدٍ وأَخيه قُبَّةً وأَمرَهُما بحضورِ طعامِه ومُدَامِه(1)، فأَقبلَ الحارثُ ومعه تابعٌ له من بني مُحاربٍ، فأَتى بابَ النعمانِ فاستأْذنَ فأَذِنَ له النعمانُ، وفرِح به فدخلَ الحارثُ وكان من أَحسنِ الناسِ وَجهاً وحديثاً، وأَعلمِ الناسِ بأَيامِ العربِ، فأقبلَ النعمانُ عليه بوجهِهِ وحديثِه وبين أَيديهم تمرٌ يأكلونَه، فلما رأَى خالدٌ إِقبالَ النعمانِ على الحارثِ غَاظَهُ فقال: يا أَبا ليلى أَلا تَشْكُرُني؟
قال: فبماذا؟
قال: قتلتُ زُهيراً فصِرتَ بعدَه سيِّدَ غَطَفانَ...
وفي يدِ الحارثِ تَمَراتٌ، فاضطَرَبَتْ يدُه وجعل يُرْعَدُ ويقولُ: أَنتَ قتَلْتَه؟! والتَّمر يسقطُ من يدِه..
ونظرَ النعمانُ إِلى ما به من الزَّمَعِ(2)، فَنَخَس(3) خالداً بِقَضيبِه وقال: هذا يقتُلُك.
وافترق القومُ وبقيَ الحارثُ عندَ النعمانِ، وأَشرجَ(4) خالدٌ قُبَّتَهُ عليه وعلى أخيه وناما، وانصرفَ الحارثُ إلى رَحْلِه، فلما هدأَتِ العيونُ خرج الحارثُ بسيفه شاهرَه حتى أَتى قُبَّةَ خالدٍ فهتكَ شَرْجَها بسيفه، ودخل فرأَى خالداً نائماً وأَخوه إلى جنبِه، فأَيْقظَ خالداً فاستوى قائماً،
فقال له الحارثُ: يا خالدُ أَظَنَنْتَ أَنّ دمَ زُهيرٍ كان سائغاً لك؟ وعَلاَه بسيفِه حتى قتله،
وانْتَبَهَ عتبةُ فقال له الحارثُ: لَئِن نَبَسْتَ(5) لأُلْحِقَنَّكَ به. وانصرف الحارثُ ورَكِبَ فرسَه ومضى على وجهِه، وخرج عتبة صارخاً حتى أتى بابَ النعمانِ فنادى: يا سوءَ جِوَارَاه!
فأُجيبَ: لا رَوْعَ عليكَ
فقال: دخل الحارثُ على خالدٍ فقتَله وأَخْفَرَ(6) الملكَ.. فوَجَّهَ النعمانُ فوارسَ في طلبِه، فلحِقوه سَحَراً، فعطَفَ عليهم فقتل منهم جماعةً، وكَثُروا عليه فجعل لاَ يقصدُ لجماعةٍ إلا فَرَّقها، ولا لفارسٍ إلا قتله، وهو يرتجزُ ويقولُ:


أَنا أَبو ليلى وسيفيَ المَعْلُوبْ ... مَنْ يَشتري سَيْفي وهذا أَثَرُهْ


وارتدَعَ القومُ عنه وانصرفوا إلى النعمان.
___________
(1) المُدامُ والمُدامةُ: الخمر.
(2) الزَّمَعُ: شِبهُ الرِّعْدَةِ تأْخذُ الإنسانَ إذا هَمَّ بأمرٍ، كما في "اللِّسان"، وقال الزَّمَخْشَرِيّ: من خوفٍ أو نشاطٍ. والزَّمَع: الدَّهَشْ ،كما في "الصحاح". زاد غيرُه: والخَوف (تاج العروس).
(3) نَخَسَ الدابةَ: غَرَزَ مُؤَخَّرَها أَو جَنبها بعُودٍ ونحوِهِ.
(4) أدخل بعضَ عُراهاَ في بعضٍ وشدَّها.
(5) قال في (العُباب): النَّبْسُ: التَّكَلُّمُ، يقال: نَبَسَ يَنْبِسُ - بالكسر - ، وأكثرُ ما يُسْتَعْمَلُ في النَّفْيِ، وأَنشدَ ابنُ دُريدٍ:

وإذا تُشَدُّ بِرَحْلِها لا تَنْبِسُ

(6) أَخْفَرَه: نَقَضَ عهدَه.

طارق ياسين 08-25-2016 10:37 PM

.
· كَدَمْتَ غَيْرَ مَكْدَمٍ.


قال العسكري:

يُضربُ مثلاً للحاجةِ تُطلبُ في غيرِ مَوضعِها، أَو من غيرِ أَهلِها. والكَدْمُ: العَضُّ، والعامَّةُ تقولُ: ضربَ في حديدٍ باردٍ.
قال الأَغلب:


قد نفَخُوا لو يَنْفُخون في فحم ...


وقال رجلٌ لرجلٍ نزل بِبَخيلٍ: نزلتَ بوادٍ غيرِ مَمطورٍ، ورجلٍ غيرِ مسرورٍ، فَأَقِمْ بندمٍ أَوِ ارتحلْ بِعَدمٍ.

وقال شارح كتاب "الأمثال":

الكَدْمُ: العَضُّ بالفَمِ كُلِّهِ؛ يقول: عَضَضْتَ في غيرِ موضعِ عضٍّ. وقد يكون العاضُّ يؤْلمُ نفسَه بما عَضَّ عليه، ولا يَأْلَمُ المعضوضُ كما قال الأعشى:


كناطِحِ صخرة يوماً لِيَفْلَهَا ... فلم يَضِرْها وأَوْهى قَرْنَهُ الوَعِلُ



ومن هذا قولُهم: ( هو يَعَضُّ عليه الأُرَّمَ ) في تفسير من قال: الأُرَّمُ: الحصى.


الساعة الآن 01:36 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.