عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-20-2011, 12:09 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

* فضل الحجِّ والعُمرة:
قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «مَن حَجَّ للهِ فَلَمْ يَرْفُثْ ولم يَفسُق؛ رَجَعَ كَيَومِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ».
وعن أمِّ المؤمنين عائشةَ -رضيَ الله عنها- أنها قالَت: يا رسول الله! نَرى الجهادَ أفضلَ العَمَلِ؛ أفلا نُجاهِد؟ قال -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «لا؛ ولكنَّ أفضلَ الجهادِ الحجُّ المَبرورُ».
وعن أبي هُريرةَ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قال: «العُمرةُ إلى العُمرة كفَّارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرورُ ليس لهُ جزاءٌ إلا الجنَّة».
* وُجوبُ الحجِّ والعُمرة:
أما الحجُّ: فإنَّ اللهَ -سُبحانهُ وتعالَى- أوجبه على عبادِه في كتابِه، وجعله أحدَ أركانِ الإسلام ومبانيه العِظام؛ قال اللهُ -تَعالى-: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
وقال رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «بُنِي الإسلامُ على خمسٍ» وعَدَّ منها الحجَّ.
وثبتَ عن عمرَ بنِ الخطَّاب -رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّه قال: «لقد هَممتُ أن أبعثَ رجالًا إلى هذه الأمصارِ، فينظروا كلَّ مَن كان لهُ جِدَةٌ ولم يَحجَّ؛ فيضربوا عليهم الجِزيةَ؛ ما هُم بِمُسلمين، ما هُم بِمُسلِمين».
وأجمع المسلمونَ على أنَّه أحدُ أركانِ الإسلام.
وأداءُ الحجِّ واجبٌ على الفَور في حقِّ المستطيعِ، فلا يجوزُ تأخيرُه؛ لقولهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «تعجَّلُوا إلى الحجِّ» يعني: الفريضةَ «فإنَّ أحدَكُم لا يدري ما يَعرِضُ لَه».
وأمَّا العمرةُ: فقد دلَّ على وُجوبِها أحاديثُ منها: قوله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- لجبرائيلَ -عليهِ السَّلامُ- لما سألهُ عن الإسلام: «الإسلامُ: أن تشهَدَ أنْ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتحجَّ، وتعتَمِر» الحديث.
وقال -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في النِّساءِ: «عليهِنَّ جهادٌ لا قِتالَ فيه: الحجُّ والعُمرة»، وإذا وجبت على النِّساء؛ فالرِّجالُ أَولى.
ولا يجبُ الحجُّ والعُمرةُ في العُمُرِ إلا مرَّةً واحدةً؛ لقوله -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «الحجُّ مرَّةً فمَن زادَ فهُوَ تطوُّعٌ».
ومَن حجَّ مِن مالٍ حرامٍ؛ صحَّ حجُّهُ، وسقط عنه الفرضُ؛ لأنَّ أعمال الحجِّ -كلَّها- بَدنيَّة؛ لكنَّ حجَّه ناقصٌ، وعليه التَّوبةُ مِن الكسبِ الحرام.
* شُروطُ وُجوبِ الحجِّ والعمرةِ، وهي خمسةٌ:
الشَّرطُ الأوَّل: الإسلام.
الشَّرطُ الثَّاني: العقل؛ فلا يجبُ على المجنون.
الشَّرطُ الثَّالثُ: البلوغُ؛ فلا يجبُ على مَن دون البُلوغ؛ لكنْ يصحُّ حجُّه، والأجرُ له؛ لحديثِ جابرٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ امرأةً رفعتْ صَبيًّا إلى رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فقالت: ألهذا حَجٌّ؟ قال: «نعم، ولكِ أجرٌ».
ولا يُجزئُه عن حَجَّة الإسلام؛ لقولِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «أيُّما صبيٍّ حجَّ ثم بلغَ؛ فعليه حجَّةٌ أُخرى، وأيُّما عبدٍ حجَّ ثم [أُعتقَ]؛ فعليهِ حجَّةٌ أُخرَى».
ويُجنَّب الصَّبيُّ محظوراتِ الإحرام؛ إلا أنَّ عَمدَه خطأ، فإذا فعلَ شيئًا مِن المحظوراتِ؛ فلا فِديةَ عليه، ولا على وليِّه.
الشَّرطُ الرَّابعُ: الحريَّة؛ فلا يجبُ على مملوكٍ؛ لعدم استِطاعته.
الشَّرطُ الخامس: الاستطاعةُ بالمالِ والبدن، لقوله -سُبحانه وتعالَى-: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، ولحديثِ أنسٍ -رضيَ اللهُ عنه-: قيل: يا رسولَ الله! ما السَّبيلُ؟ قال: «الزَّادُ والرَّاحلةُ»، على أن يكونَ ذلك زائدًا عن نفقاتِ مَن تلزمُه نفقتُه حتى يرجعَ مِن حَجِّه، ولو حجَّ غيرُ مستطيعِه؛ أجزأهُ.
ومما ورد في فضلِ النَّفقةِ في الحجِّ والعُمرةِ: قولُه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- لعائشةَ -رضيَ اللهُ عنها-: «إنَّما أجرُك في عمرتِك على قَدرِ نفقَتِكِ».
ويجبُ الحجُّ على مَن كان عليهِ دَينٌ ويستطيعُ الحجَّ وقضاءَ الدَّين، ولا يكون مُستطيعًا ببذلِ غيرِه له، وقضاءُ الدَّين مقدَّم على الحجِّ إن كان مالُه لا يكفي لهما؛ إلا إذا كان حَجُّه لا يحتاجُ لمالٍ -كرَجُلٍ بمكَّة يحجُّ على قدمَيه دون بذلِ مالٍ-؛ فيجبُ عليه الحجُّ.
وكذلك: مَن تهيَّأ له أن يَحجَّ مجَّانًا -كمَن تبرَّع له رفيقُه بالنَّفقةِ-؛ فلا بأس -إذا كان الدَّينُ لا يتضرَّر-، ولو أذِن له ربُّ الدَّين بالخروج؛ لم يجبْ عليه الحجُّ؛ لأنَّ إبراء الذِّمة مُقدَّم.
ومَن مات ولم يحجَّ، وهو مستطيعٌ الحجَّ؛ وجبَ الحجُّ عنه مِن التَّركة -أوصى، أو لم يوصِ-؛ لحديث ابن عبَّاس -رضيَ اللهُ عنهُما-: أنَّ امرأةً من جُهينةَ جاءت إلى النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- فقالت: إنَّ أمي نذرتْ أن تحجَّ فلم تحجَّ حتى ماتت؛ أفأحجُّ عنها؟ قال -عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ-: «نعم؛ حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمِّك دَين أكُنتِ قاضيتَه؟ اقضُوا اللهَ، فاللهُ أحقُّ بالوفاء».
ومَن عليه دَين مؤجَّل لصندوق التَّنمية العقاريِّ، أو غيرِه، وكان يعلمُ مِن نفسِه الوفاءَ إذا حلَّ الأجلُ؛ فيجبُ عليه الحجُّ، ولا يمنعه هذا الدَّين؛ إلا إذا كان عليه أقساطٌ حالَّة لم يؤدِّها؛ فليبدأ بها.
ولا يجبُ على الزَّوجِ بذلُ نفقةِ حجِّ زوجتِه؛ وإنَّما ذلك عليها إن استطاعت، وإن تبرَّع بذلك؛ فهو مأجورٌ، والواجبُ عليه -مِن ذلك- نفقةُ الحضَر؛ إلا إذا كان مَشروطًا عليه -في عقدِ النِّكاح-؛ فيجبُ عليه الوفاء.
ومِن الاستطاعةِ أن يكونَ للمرأةِ مَحرَم بالغٌ عاقِل؛ فلا يجبُ الحجُّ على مَن لا مَحرمَ لها؛ لامتناعِ السَّفر عليها -شرعًا-؛ فقد ثبت عن رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- أنه قال: «لا يَخلوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا معها ذو محرَم، ولا تُسافرُ المرأةُ إلا مع ذِي مَحرَمٍ»، فقام رجلٌ، فقال: يا رسول الله! إنَّ امرأتي خرجتْ حاجَّةً، وإني اكتُتبتُ في غزوةِ كذا وكذا؛ فقال -عليهِ الصلاةُ والسلامُ-: «انطلقْ فحُجَّ مع امرأتِك».
والمحرَم: هو زوجُ المرأة، وكلُّ مَن تحرُم عليه تحريمًا مُؤبَّدًا -لقرابةٍ، أو رضاعٍ، أو مُصاهرة-، ولو حَجَّتْ بلا محرمٍ ؛ صحَّ حجُّها -مع الإثم-؛ لأنَّها لا يجوزُ لها السفرُ بلا مَحرَمٍ.
وإن كانت مُحِدَّة لوفاةِ زوجها؛ فإنَّها تبقى في البيتِ ولا تحجُّ -ولو وجدت مَحرمًا-؛ لأنَّها غيرُ مستطيعةٍ -شرعًا-.
ولا يُشترط إذنُ الوالِدَين لحجِّ الفَرضِ، ولو منعاهُ مِن أدائه؛ لم يُطِعهُما؛ لأنَّه لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالِق.
والزَّوجُ إذا منعَ زوجتَه الحجَّ الذي تمت شُروطُه؛ أَثِم، وتحجُّ ولو لم يأذن؛ إلا أن تخافَ أن يُطلِّقها؛ فتكون -حينئذٍ- معذورةً؛ لأنَّ طلاقَها ضررٌ عليها.


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس