عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 09-21-2013, 04:22 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ما الحكم الشرعي فيمن واقع زوجته وهو محرم جهلاً منه

ما الحكم الشرعي فيمن واقع زوجته وهو محرم جهلاً منه.

السؤال:
هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج من الرياض يقول فيها: رجل واقع زوجته وهو محرم جهلاً منه؛ ما الحكم الشرعي في نظركم يا شيخ محمد؟.

جواب فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى -: محرم بحج أو بعمرة ؟.

السؤال: محرم بالحج ؟.

الشيخ : نعم من المعلوم أن الجماع من محظروات الإحرام بل هو أعظم محظورات الإحرام. قال الله - تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.

والرفث هو الجماع ومقدماته، فالجماع أعظم محظورات الحج محظورات الإحرام، وإذا جامع الإنسان وهو محرم بالحج، فإما أن يكون قبل التحلل الأول، أو بعد التحلل الأول، فإن كان قبل التحلل الأول، ترتب على جماعه أمور :

أولاً : فساد النسك بحيث لا يجزئه عن نافلة ولا عن فريضة.

ثانياً : وجوب المضي فيه أي أنه مع فساده يستمر ويكمله و يبقى هذا النسك الفاسد كالنسك الصحيح في جميع أحكامه.

ثالثاً : القضاء من العام القادم، يجب عليه القضاء من العام القادم، سواء كان ذلك الحج فريضة أم نافلة.
أما إذا كان فريضة، فوجوب القضاء ظاهر، لأن الحج الذي جامع فيه لم تبرأ به ذمته، وأما إذا كان نافلة، فلأن نافلة الحج يجب المضي فيها لقوله - تعالى - : {وأتموا الحج والعمرة لله}.
وقد سمى الله - تعالى - الحج نذرًا فقال : {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم}.
بل قال الله - تعالى - (فمن فرض فيهنّ الحج فلا رفث ولا فساق ولا جدال في الحج} فسمى الله - تعالى - التلبس بالحج فرضاً، فلهذا قلنا إنه يجب عليه قضاءَ هذا الحج الفاسد، سواء كان فرضاً أو نفلاً.

الأمر الرابع : مما يترتب عليه أنه يذبح بدنة كفارة عن فعله يوزعها على الفقراء، وإن ذبح عنها سبع من الغنم فلا بأس، هذا حكم الجماع قبل التحلل الأول.

أما إذا كان بعد التحلل الأول فإنه يترتب عليه فساد الإحرام فقط، وعليه شاة يذبحها ويوزعها على الفقراء أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من البر أو غيره، أو يصوم ثلاثة أيام.

يُخيّر بين هذه الثلاثة، إما شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو صيام ثلاثة أيام.

ويجدد الإحرام فيذهب إلى أدنى الحل ويحرم منه، ليطوف طواف الإفاضة محرماً، فإن قلت متى التحلل الأول، التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد والحلق أو التقصير.

فإذا رمى الإنسان جمرة العقبة يوم العيد وحلق وقصر فقد تحلل التحلل الأول، وأحل من كل المحظورات ألا من النساء، قالت عائشة - رضي الله عنها - كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت.

وهذا الحديث دليل على أن الإحلال يليه الطواف بالبيت، وهو يقتضي أن يكون الحلق سابقاً على الإحلال كما قررناه قبل قليل، بأن التحلل الأول يكون برمي جمرة العقبة يوم العيد مع الحلق أو التقصير.

فالجماع الذي قبل ذلك يترتب عليه الأمور الأربعة التي ذكرناها أنفاً والذي بعد ذلك يترتب عليه ما ذكرناه من فساد الإحرام دون النسك، ووجوب فدية، أو إطعام، أو صيام.

ولكن إذا كان هذا الإنسان جاهلاً بمعنى أنه لا يدري أن هذا الشيء حرام فإنه لا شيء عليه سواء كان ذلك قبل التحلل الأول أو بعده لأن الله - عز وجل - يقول : {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} فقال الله قد فعلت.

ويقول : {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} ولكن لو قال قائل : إنه إذا كان هذا الرجل عالمٌ بأن الجماع حرام في حال الإحرام، لكن لم يظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور، ولو ظن أنه يترتب عليه كل هذه الأمور ما فعله، فهل هذا عذر ؟.

فالجواب لا ليس هذا بعذر، العذر أن يكون الإنسان جاهلاً بالحكم لا يدري أن هذا الشيء حرام.

وأما الجهل بما يترتب على الفعل فليس بعذر، ولذلك لو أن رجلاً محصناً يعلم أن الزنا حرام، وهو بالغ عاقل قد تمت شروط الإحصان في حقه، لوجب عليه الرجم.

لكن لو قال لنا : أنا لم أعلم أن الحدّ هو الرجم، ولو علمت أن الحد هو الرجم ما فعلت، قلنا له : هذا ليس بعذر، فعليك الرجم وإن كنت لا تدري ما عقوبة الزنا.

ولهذا لما جاء الرجل الذي جامع في نهار رمضان يستفتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا يجب عليه ألزمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة مع أنه كان حين جماعة جاهلاً بما يجب عليه، فدل ذلك على أن الإنسان إذا تجرأ على المعصية وانتهك حرمات الله - عز وجل - ترتب عليه أثار تلك المعصية، وإن كان لا يعلم بآثارها حين فعلها، نعم.

مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الحج والجهاد.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس