( 2 )
الرد على تعليقات عبد الوهاب الجزائري
الحمد لله الذي عفاني ..
بداية :
كنت أحجمت عن الرد على عبد الوهاب احتراما لخصوصية الحوار بينه والأخ المشرف باسم خلف ، فلما رأيت سطوره - شطوره ! - قلت : لا يخرج الرجل عن حالتين :
الحالة الأولى : طالب علم محقق ، ورثه إعجاب وإكبار لذاته وما في جعبته .
الحالة الثانية : أو رجل لا يعقل ما يخرج ولا ما يدخل ؛ فمثله أشد حالا من الأول شرعا وعرفا ، فالشرع عظم الذنب فيمن لا دافع له إليه ، كالعائل المستكبر والملك الكذاب والشيخ الزاني ، فإن هؤلاء لا دوافع لهم لهذه الذنوب فتكون في ذاتهم أعظم من غيرهم ، وأما عرفا فإن أمثال هؤلاء كالتاجر الذي يقدم بضاعته مع تبجيل وإعظام وما هي إلا كاسدة ، ولا تحوي غير الفاسد ، فيرميه الناس بجنون الطبع واختلاط المزاج !
وفي بيان الحقيقة أقول : ينفعك كتاب العلامة بكر أبو زيد : التعالم !
وإلى التعليق :
أولا : لا تخاف - رعاك الله - فلست مثلكم أقدس الأشياخ ، وأحمل الخرق عنهم في البيعات ، فلست مدخليا ولا حلبيا ولا ألبانيا ولا تيميا ولا من هو أكبر منهم ، فهذاذيك يا سالك الطريقة المدخلية !
ثاينا : قولك : (ما تقول يا أنصاري عن كلام الشيخ .. ) ، فيه :
1 - قد كفاك الصفع ضرغام منتدياتنا ، أفما رأيت كنيته ؟! يكنى بأبي الأشبال ، ولم يجرها عليك بعد ، فلا زال راقدا ، وهي نائمة في عرينها .
( تنبيه : مع أني لا أحب هذا الأسلوب في التعامل لكني دفعني له تعالمه )
2 - الشيخ الإلباني اعتبر اعتقاد بعضهم بأن الإخوان المسلمين أشد خطر على الإسلام - هكذا مطلقا كما فعل ربيع معنا في مقارنته للماسونية - من الغلو والحزبية وفيها خطورة متناهية جدا .
فقد فهم الشيخ الألباني - لدقته وحنكته - قولهم ( أن الإخوان المسلمين أشد خطرا على الإسلام من اليهود والنصارى ) السعي في التكفير !
وهذا حق ؛ فكيف يكون حالنا كما قال ربيع : ( لا أجد فرقا بينكم وبين الماسون المحاربين للإسلام باسم الإسلام بل لقد فقتموهم بالتأصيل الهدام ) ؟!
ولذا نبهت في مقالتي هذه أنه من الذي لا فرق بينه وبين الماسونية ويحارب الإسلام ويأصل لهدم قواعد ومن ثم يبقى في حظيرة المسلمين ؟!
أأنتم من المرجئة ؟! أو الخوارج ؟!
وصرح الألباني بهذا الفهم ، فقال : (أخشى أن يكون وراء المبالغة ما وراءها من التكفير والإخراج عن دائرة الإسلام ) .
بينما العبارة الثانية ( الإخوان أعظم ضررا من اليهود والنصارى ) تختلف عن الأولى : ( إن الإخوان المسلمين أشد خطرا على الإسلام من اليهود والنصارى ) .
ففرق بينهما ؛ فموقف الألباني من العبارة الأولى الرفض المطلق لأنها تسعى إلى التكفير ، بينما العبارة الثانية فقد رضيها نوعا ما بــ ( قد ) المحتملة ، وباعتبار مخصوص .
فقال : (بهذا الاعتبار .. قد يكون ضررهم أكثر , .. قد يكون ضررهم أكثر .. ) .
بخلاف عبارة ربيع فينا : (لا أجد فرقا بينكم وبين الماسون المحاربين للإسلام باسم الإسلام بل لقد فقتموهم بالتأصيل الهدام ) التي :
أ - تلغي الفوارق بيننا وبين الماسونية ، حتى من جهة المحاربة (!) وقد تقدم في مقالتي أن أهل البدع لا يتفق لأحدهم من المقاصد ما يتوحد للماسونية من إرادة هدم الإسلام حقيقة بخلاف أهل البدع الذين منهم من لا يقصد إلا الحق والخير وإن ضل في الطريق كما وضحته مرارا !
ب - فيها أننا أشد وأعظم خطرا من الماسونية التي اتفق مقصدها على هدم الإسلام ومحاربته حقيقة ، وهذه المفاضلة حجتها أننا نقعد القواعد لهدم الإسلام ، مع أننا لن نكون كالرازي ولا مقلدة الجهمية ولا الغزالي ولا المتكلمين الذين شهد لهم ابن تيمية بشهادات فيها ( لا يقصد الباطل ) و ( ومن أعظم الناس قصدا للحق ) وغيرها !
ثالثا : طلبت مني الإجابة - دون تلعثم و . و . - ، وقد فعلت حامدا لله تعالى ؛ فجاء الدور على التالي :
أولا : أين ردودك العلمية على مقالتي وما فيها ؟!
ثانيا : أوردت علي كلام الألباني - وقد قلبته عليك - ؛ فهل أنت توافق على كل ما فيه من مسائل ؟
أي مسائل ؟!
على سبيل المثال :
1 - استعمال الألباني الموازنة في حال التقويم والنقد .
فوصف الجماعات الإسلامية بقوله : (كل الجماعات الإسلامية فيها خير وفيها شر ) وقال : (إذا كل الجماعات فيهم خير وفيهم دخن ) .
ووصف آحادهم بقوله : ( ما ينبغي أن ننكر الصلاح الذي يصدر منه ) .
ووصف : الإخوان المسلمين / وحزب التحرير / وجماعة التبليغ / بقوله : ( الإخوان المسلمون ،وحزب التحرير وجماعة التبليغ فيهم خير لكن فيهم بعد عن الإسلام إمّا جهلا وإمّا تجاهلا )
ومن اللطيف : أن الأخ عبد الباسط المشهداني - على ضيق نظره - يعتبر وصف بعد الجماعات بالجهل و . و . و في بعدهم عن الجادة من أساليب أهل البدع في اعتذارهم لبعضهم ! تجدون كلامه في رده على الرحيلي - وسيأتي في يوم نقدي له - !
فهل الألباني - على مذهب المشهداني - يعتذر لأهل البدع من حزب التحرير وجماعة الإخوان والتبليغ ؟!
2 - الدفاع عن الجماعات الإسلامية كحزب التحرير والإخوان والتبليغ من جهة مقيدة ، وهي : ( في عدم الغلو في إطلاق الأوصاف عليهم ) ، مع أنه - رحمه الله - يحذر منهم بقوة وأفرد العديد من المجالس في نقد أفكارهم !
فهل يقال : الألباني يدافع عن أهل البدع فلا يرضى بإطلاق العبارات المذكورة عليهم ، ويذكر بأنهم فيهم جانبا حسنا من الخير مقابل الجانب المظلم من الشرور ؟!
3 - اتهام المتكلمين في الشيخ عدنان عرعور بأنهم أحق بهذا الوصف : ( أكثر ضررا من اليهود والنصارى ) !
فقال : (في الحقيقة كلام الإمام أحمد ينطبق على هؤلاء الذين يحذرون الناس من أخينا عدنان ) أي أنهم أكثر ضررا من اليهود والنصارى في المسلمين !
ومن الذي كان يحذر الناس من عدنان عرعور ؟!
أليس ربيع بن هادي المدخلي وأصحابه ؟!
فقد صدق ؛ فإن ضرر الشيخ ربيع على المسلمين أعظم من منفعته ، ولولا التقى لقلت في عين ربيع كما قال الألباني : (في الحقيقة كلام الإمام أحمد ينطبق على هؤلاء الذين يحذرون الناس من أخينا عدنان ) .
__________________
قال ابن الجوزي _ رحمه الله _ في " صيد الخاطر " ( 43 ) : " ورأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم " .
وقال _ أيضا _ في " صيد الخاطر " ( 55 _ 56 ) : " إن للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة، كم من مؤمن بالله عز وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي حذراً من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالاً له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عوداً هندياً على مجمر فيفوح طيبه فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو،وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود ، فترى عيون الخلق تعظم هذا الشخص وألسنتهم تمدحه ولا يعرفون لم ،ولا يقدرون على وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته ،وقد تمتد هذه الأرابيح بعد الموت على قدرها، فمنهم من يذكر بالخير مدة مديدة ثم ينسى ،ومنهم من يذكر مائة سنة ثم يخفي ذكره وقبره ،ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبداً ، وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق ،فإنه على قدر مبارزته بالذنوب وعلى مقادير تلك الذنوب، يفوح منه ريح الكراهة فتمقته القلوب ، فإن قل مقدار ما جنى قل ذكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه ،وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه " .
|