عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 05-12-2014, 01:25 PM
علي بن حسن الحلبي علي بن حسن الحلبي غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,679
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حامد بن حسين بدر مشاهدة المشاركة

العدل مطلوب
، جزاك الله خيراً شيخنا .

قال العلامة صالح آل الشيخ –حفظه الله- في شرحه على رسالة (فضل الإسلام)- :


"
فإنّ اليُسر والسهولة في الأمور العلمية الاعتقادية ظاهرٌ؛ لأن الإسلام دينُ الفطرة.

والإسلامُ ليس فيه تعقيدات كلامية ، ولا مباحث فلسفية لا يفهمها إلا خواصُّ الناس.

بل كلُّ أحد يفهم الإسلام بعبارات سهلة ؛
إذا شُرِحَ له معنى التوحيد ، وبُيِّنَت له بعضُ الأحكام : فإنه يفهم الإسلام.

وأمّا ما أُحدِث في هذه الأمة مِن الأقوال المتفرّقة، والتفصيلات -ممّا يسمّونه: جليلَ الكلام! ودقيقَ الكلام!- أو ما يسمّونه بالفلسفة الإسلامية! أو التعقيدات التي
لا تصلُح لجمهور الأمة: فإن هذا -بلا شكّ- مما يُجزم أنه ليس مما يحبّه الله -جل وعلا- ؛ لأن أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.

وهذه المسائلُ المعقّدةُ التي لا يفهمها إلا الخواصُّ بمقدماتٍ كثيرةٍ متنوعةٍ : هذه ليست ممّا يدخل في السماحة ، ولا في اليُسر.


ولذلك صار لا يَعتقد تلك الاعتقاداتِ -على تفاصيلها التي يقول بها المتكلّمةُ وأرباب البدع- إلا خواصُّ العلماء.


ولكنْ؛ إذا سألتَ عامّةَ الناس: هل تعتقدُ كذا ؟ لم يَدْرِ ما يقول! أو أجابك بما في النصّ!!

لهذا ؛ يخُطىء بعضُهم أنه يزعم أن أكثر الأمة -اليومَ- وما قبل اليوم- أنهم أشاعرةُ -مثلاً- في الاعتقاد! أو ماتريدية!! أو أكثر الأمة على نحو كذا!!

هذا غلطٌ؛ لأن هذه المذاهبَ إنما هي -عند العلماء- على تفاصيلها، والعامةُ أكثرُ ما تجد عندهم : الفطرةُ، وأكثر ما تجد عندهم ما دلَّ عليه الدليل إذا عُلِّموه.

وأمّا تفاصيلُ المسائل العَقَدية الأشعرية ، أو الماتريدية- وتفاصيل المسائل الكلامية - أو المذهبية على أيّ مذهب-: هذه تحتاج إلى تعليم:

-فإذا عُلِّمها: لُقِّنَها وحفظها.

-وإذا لم يُعَلَّمْها: فإنه يَصير إلى ما سيسمعه في الكتاب أو في السنة ، وإلى ما يتلوه في القرآن.

وهذا مجرّبٌ ظاهرٌ.

لهذا نقول:

إنّ الذي يُناسب الناسَ : هو الحنيفية السمحة.

الذي يٌناسب الناسَ في الدعوة وفي البيان : إنما هو فِطرة الإسلام والتوحيد ؛ الذي لا يلتبسُ بالأقوال والتفريعات الكلامية! والفلسفية! والخرافية!! التي لا يفهمُها الناسُ إلا بتعليم.

وصدق رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: «كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه ، أو يمجّسانه ، أو ينصّرانه...» -إلى آخر الحديث-.

وهذا مهمٌّ في المنهج-منهج الدعوة ومنهج العمل-: في أنه يفرّق في الدعوة ما بين:

- العامة.

- وما بين خصوص المنحرفين مِن علماء الفِرق ، والذين درسوا على مذهب معين.

فإنّ العامة قد لا تجد عندهم تلك الأقوال، وإن وَجدتَ عندهم قولاً لا تجد عندهم تفاصيلَ المذهب:

إذا سألتَ أحداً -مثلاً- من عامة الناس -في أي بلدٍ ما- إذا كان فيه مذهب أشعرية، أو مذهب ماتريدية ، أو مذهب قدَرية ، أو معتزلة -...أو إلى آخره-: إذا سألتَه في مسائل القدَر؟

فإنه يجيبك بما تقتضيه الفطرة: بأن الإنسان مخيَّر ، وأنه غير مجبور ، ولذلك يعمل؛ لأنه لم يعلم غيرَ ذلك ، والفطرة تقتضي هذا، وإحساسُه في داخله يقتضي ذلك.

كذلك إذا أتيتَ بمسائل الإيمان ، وسألتَ أحداً من عامة الناس -ممّن لم يعلم تفاصيلَ مذاهب المرجئة في الإيمان-:

هل العملُ من الإيمان؟

يجيبك الجميعُ -كما جُرِّب- : نعم؛ العمل من الإيمان.

وكذلك إذا أتيتَ بمسائل الصفات: الله -جل وعلا- هل استوى على العرش؟

فإنه يقول: نعم؛ الله -جل وعلا- يقول : ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾.

... إلا إذا عُلِّم التأويل! إلا إذا لُقِّن وحُرِف؛ فإنه -حينئذٍ- ينتقل عن فطرته إلى شيء آخر!!

ولهذا ؛
مِن المهمّ في منهج الدعوة أن يُقَرَّرَ للناس ما يستقيم مع فطرتهم، وما يسهّل عليهم في الاعتقاد ، وفي العمل.

فالحنيفية ُالسمحةُ سِمَةُ الإسلام -عقيدةً وشريعةً-.

وينبغي أن تكون
سِمَةُ الدعاة إلى الإسلام : عقيدةً وشريعةً...".انتهى قوله -حفظه الله-.

أما الذين في ساحة المجاهدة والدفع عن الدين فيما يخص أهل البدع المتفلسفين، فجهدُهُم مشكور ونسألُ الله لهم القَبول..

ولا ننتقص من قدرهم وجُهدهم ، ولكلٍ درجات ممّا عملوا.

والله الموفق.


شكراً-يا أباعبدالله-.
وكلام معالي الشيخ صالح-حفظه الله-هو عين ما قررتُه-ولله الحمد-.
بوركتم على هذا النقل الجليل الجميل..
وسأضمه إلى مقالي-إن شاء الله-.
رد مع اقتباس