انتبه من الغلو في التجريح والتكفير و التقليد والطاعة
فإن الغلو في الحب أو البغض من أمراض النفوس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
" فَالنَّفْسُ إذَا أَحَبَّتْ شَيْئًا سَعَتْ فِي حُصُولِهِ بِمَا يُمْكِنُ
حَتَّى تَسْعَى فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ
تَكُونُ كُلُّهَا مَقَامَاتٍ لِتِلْكَ الْغَايَةِ
فَمَنْ أَحَبَّ مَحَبَّةً مَذْمُومَةً أَوْ أَبْغَضَ بُغْضًا مَذْمُومًا
وَفَعَلَ ذَلِكَ
كَانَ آثِمًا
مِثْلَ أَنْ يُبْغِضَ شَخْصًا لِحَسَدِهِ لَهُ
فَيُؤْذِي مَنْ لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ
إمَّا بِمَنْعِ حُقُوقِهِمْ ؛ أَوْ بِعُدْوَانِ عَلَيْهِمْ .
أَوْ لِمَحَبَّةِ لَهُ لِهَوَاهُ مَعَهُ
فَيَفْعَلُ لِأَجْلِهِ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ
أَوْ مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ لِلَّهِ
فَيَفْعَلُهُ لِأَجْلِ هَوَاهُ لَا لِلَّهِ
وَهَذِهِ أَمْرَاضٌ كَثِيرَةٌ فِي النُّفُوسِ
وَالْإِنْسَانُ قَدْ يُبْغِضُ شَيْئًا فَيُبْغِضُ لِأَجْلِهِ أُمُورًا كَثِيرَةً بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ وَالْخَيَالِ .
وَكَذَلِكَ يُحِبُّ شَيْئًا فَيُحِبُّ لِأَجْلِهِ أُمُورًا كَثِيرَةً ؛ لِأَجْلِ الْوَهْمِ وَالْخَيَالِ كَمَا قَالَ شَاعِرُهُمْ :
أُحِبُّ لِحُبِّهَا السُّودَانَ حَتَّى * * * أُحِبُّ لِحُبِّهَا سُودَ الْكِلَابِ
فَقَدْ أَحَبَّ سَوْدَاءَ ؛ فَأَحَبَّ جِنْسَ السَّوَادِ حَتَّى فِي الْكِلَابِ
وَهَذَا كُلُّهُ مَرَضٌ فِي الْقَلْبِ فِي تَصَوُّرِهِ وَإِرَادَتِهِ .
فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَافِيَ قُلُوبَنَا مِنْ كُلِّ دَاءٍ ؛
وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَهْوَاءِ وَالْأَدْوَاءِ .
وَالْقَلْبُ إنَّمَا خُلِقَ لِأَجْلِ " حُبّ اللَّهِ تَعَالَى "
وَهَذِهِ الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا عِبَادَهُ " .
( مجموع الفتاوى : 10/ 133 - 134 ) .
***