طغيان العلم
اعلم - هداك الله - أن العلم له طغيان ، وهو مجاوزة حدِّه - عتواً وفساداً أو انحلالاً وانسلاخاً .
ومنشأ ذلك في الانحرافين - إفراطاً أو تفريطاً - هو الاستغناء عن ربه ، وذلك برؤية غنى نفسه بما حصَّلته من المعارف والعلوم والاعتداد بذلك .
فإن العبد يخرج عن حد الاعتدال والاستقامة في كل شؤونه إذا بدأت بذرة الكبر ( تنمي ) في قلبه ، ومما يمدها بمادة نمائها أمران :
الأول / كفر النعمة .
الثاني / نسيان الذنب .
والأول سببه نقص في التوحيد ( أصل العلم ) .
والثاني سببه طول الأمل ( التمني المحرم ) .
فالعلم إن لم يكن مركبه التوحيد وحاديه الرجاء وسائقه الخوف : عاد على صاحبه بالإفساد - غلوا أو تفريطاً - .
فالاعتراف بالنعمة والنقص هما أساس التواضع والإخبات وهما حقيقة التوبة المنافية للكبر ولهذا اشتمل عليهما ( سيد الاستغفار ) : " أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي " .
***