وهذا شيء من تلونه وتلاعبه من كتاب الفتح الرباني للشيخ عبد الله البخاري
أقولُ تجليةً للحقَائِقِ وليَعْلمَ الجميع أنَّ هؤلاء المشايخ -أي الشيخ عبيد الجابري والشيخ صالح السحيمي والشيخ محمد بن هادي المدخلي- كانوا يسْعَون إلى الإصلاحِ وجمعِ الكلمةِ ورأبِ الصَّدع، وإزالةِ الخلافِ أو تقليله ما أمكنَ، وذلك بسلوكِ الطُّرق الموصلةِ لهذه النَّتيجة النَّبيلة.
وفعلاً طبَّقوا ما حرصوا عليه؛ فجرى مِنَ الشيخ صالح السُّحيمي اتصال هاتفي بالمأربي، رغِبَ منْه المجيء للنَّظرِ في الموضوع وحلِّه مع بذلِ النَّصيحةِ، وأنَّ الشيخَ رسولٌ عنْ جمعٍ من المشايخ. وكذا حصلَ اتصالٌ منِّي بهِ، للغرضِ نفسه،وسببُ اتِّصالي به هو مبنيٌ على طلب بعض الإخوة مني ذلك ففعلتُ، وطلبتُ منه المجيء لأجل مصلحة الدعوة، والجلوس مع المشايخ، ووعدني بأنْ يفعلَ. وفعلاًحضر المأربي إلى المدينة وجلسنا معه عدَّة جلسات نوصحَ فيها وخاصَّة فيما يتعلق بالأشرطة السَّبعة المسماة بـ(القول الأمين..) وغيرها من الملحوظات، وقد كان المشايخ في غاية من اللطف والمعاملة الحسنة وكرم الضيافة وحسن الاستقبال، وما ذلك منهم إلاَّ إعمالاً للأحاديث الحاثَّة على إكرامِ الضَّيفِ، ولمس منهم كلَّ احترامٍ وتقديرٍ ومرعاةٍ للشُّعورِ، حتى لا يَظُنَّ ظنَّ السُّوء.
فعقدَ المجلسُ الأول في منزل الشيخ صالح السحيمي، وكان قد استمع فيه إلى ملحوظات المشايخ فقط وقبل الخروج ذكَّرْتُ المشايخ بأنَّ المجالسَ بالأمانةِ( ) وأقرَّ بذلك الجميع على أنَّه يلزم الصمت، حتى تنتهي المجالس، ثم عقدَ المجلس الثَّاني في بيتي وكان قد تخلَّفَ عن الحضورِ الشيخ عبيد الجابري، بسبب سفرٍ حصل له،وحضر بقية المشايخ، ولمَّا جلسنا رغبنا في أنْ نسمع ما عنده حول ما تقدمت ملاحظته عليه؛ فتكلَّم بكلامٍ رغبَ منه أن يصوِّر لنا حالَ بعض مَنْ نقدوه كالحجوري والبكري، وذكر أمثلةً مِنْ كلامهم، فطلبنا منْه إثباته عليهم؟ فقال سأرسلُ لكم ما يثْبِتُ ذلكَ، ثم بدأنا معه في النِّقاشِ-وهو محكٌّ له في الحقيقة- حول بعض الأشخاص ممن أثنى عليهم ودافعَ عنْهم، وهم مِنَ الحزبيين أو مِنْ غير السَّلفيين، وتنازلَ عن مدحه المفرط في المغراوي،وبُيِّنَتْ له حقائق عن الرَّجل في ذلك المجلس وفي المجلسِ الأخير في بيت أخينا الفاضل الشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي، والتي ما كان يعرفها من قبلُ، حتى قال بنفسه:" هذه أشياء ما أعرفها من قبلُ" فصدَّقناه، لكن ما هو موقفه منها بعدما عرفها؟ هل قال بها؟ الجواب: لا، كعادته في ردِّ الأخبار؛ لأنها لا توافق هواه، ومن هذه الحقائق ما يُسْقط عدالة المغراوي، لكنه دافع وأصرَّ واستكبر استكباراً ؟؟ ونوقش أيضاً في أناسٍ نافحَ ودافعَ عنْهم أو ادَّعى عدم معرفته به!! بعد ما جَلَسْتُ معه مجلساً حوله ، وكذا جلسَ معه الشيخ محمد بن هادي مرةً، وجلستُ معه أنا والشيخ محمد بن هادي سوياً مجلساً ثالثاً وذكرنا له الأدلة والبراهين وسمعها وما اعترض على شيءٍ منْها، بل قال: أنتم أدرى به منَّا،وبلدي الرجل أعرف به!! ومع هذا لما رجع إلى اليمن قال: إنَّه لا يعرفه ؟؟ ثم لما جاءنا ناقشناه فيها، بل وأُسْمِعَ في المجلسِ الأخير صوت الرجل وهو يقول :" إنَّ النَّبي كان إذا أوحي إليه خرج عن طور البشرية ، بدليل تفصده عرقاً" ؟!؟ وكذا سمعَ مِنَ الشيخ صالح ومن الشيخ إبراهيم نقداتٍ عليه ، لكنْ ما كانَ مِنَ المأربي إلاَّ المماطلة والتَّخريج السمج( )!! ومما قاله له شيخنا على بن ناصر الفقيهي في المجلس الأخير في منزل الشيخ إبراهيم، بعد ما رأى منه دفاعه عن هؤلاء الحزبيين، قال له: ( يا ولدي أتركك من هؤلاء، والله هؤلاء يضروك ولا ينفعوك)! فليتَ المأربي استجابَ لهذه النَّصيحة الأبويَّة!! لكنه أعْرضَ ونأى بجانبه!.
وكان المجلس الأخير في منزل أخينا الشيخ إبراهيم، قد تناولَ هذه المسائل أيضاً-أي ما يتعلَّق بهؤلاء الحزبيين ودفاعه عنهم- وما يتعلَّق بمسألةِ سبِّ الصَّحابة في كتابه(السراج الوهاج) وقال:إنَّه عدَّل ذلك في طبعة جديدة، لكن طلب منه الشيخ محمد بن هادي، أنْ يبادرَ الآن ولاينتظر حتى صدور طبعة جديدة، دفعاً للقيل والقال، على أن يُكتبَ له سؤال،ويجيب عليه بكلامِ شيخ الإسلام في المسألة من (الصَّارم المسلول)!. والحقيقة التي لا بدَّ أنْ تُتَصور أنَّ هذا المجلس كان هو المجلسُ الأخير في لقاءاته بالمشايخ، وكان حتى نهايته سيئاً؛ لأنَّنا ما وجدْنَا منه الحرص على الاجتماعِ والائتلافِ، بل المكابرة والمعاندة بالباطل، وياليتها كانت مجادلة عن علمٍ ومعرفةٍ، ولكن لا بدَّ وأنْ نُخرجَ للناسِ شيئاً، يتضمن خلاصة تلك المجالس، وكان مما طلبناه منْه أنْ يلخِّصَ الأشرطة السَّبعة ويبين موقفه مما أُخذ عليه مِنْ مسائلَ يدَّعي أنَّه بين موقفه منْها في تلكم الأشرطة، ولكن لكثرةِ ما فيها مِنْ لغطٍ وألفاظ لا تليق إلى آخر ما قيل له، طُلبَ منه أنْ يلخصها!!.
وسأذكر للقرَّاء الكرام النتائج التي توصَّلَ إليها المشايخ في اجتماعهم الأخير في منزل أخينا الفاضل الشيخ إبراهيم الرحيلي، لينظر العقلاء كيف حال هذا البيان لو خرجَ للنَّاسِ، هل أسهم في حلِّ المشكلةِ أمْ زادها استشكالاً؟؟ مع العلم بأنَّ هذه النتائج قرأتُها عليهم بعد تسويدي لها في نفسِ المجلسِ وكان معنا المأربي، وممن حضر ذلكم اللقاء: شيخنا على الفقيهي والشيخ صالح السحيمي والشيخ إبراهيم الرحيلي والشيخ محمد بن هادي وكاتبُ هذا الرد عبدالله بن عبدالرحيم البخاري، وهاكموها على النحو التالي:
"1/ المبدأ العام أنَّ أي أمرٍ يخدش المنهج السَّلفي،ولو كان حقَّاً فإنَّه يتركه.
2/ يُرْسل ما يثبت عمَّن قال فيهم أنهم حدَّادية، ويغيِّرُ هذه اللفظة إلى غيرها بما تقتضيه مصلحة الدعوة.
3/ معالجة الأمور؛ بترك العبارات التي تثير أو تزيد الفرقة.
4/ ترك العبارات الموهمة.
5/ تلخيص الأشرطة السَّبعة،بإزالة ما قد يوجد فيها من لبسٍ، في مذكرة ،وتشتمل هذه المذكرة على إجلال المشايخ: مقبل وربيع، وأنه أسعد بهما منهم( ).
6/ التوقف عن الكلام والكتابة.
7/ يُطلب من المشايخ أنَّ من اتصل بهم يسألهم عن القضية، يُوَجَّهُونَ إلى طلب العلم، والأمور جارية إلى خير والمشايخ يسعون في ذلك( ).
هذه هي مسَّودة النتائج التي تمَّ التوصل إليها مع المأربي-وهي عندي موجودة بخطِّي لم أبدِّل فيها ولم أنقص منها حرفاً واحداً، ومن أرادها فليأتني أطلعه عليها!!- على أنْ تُضاغ هذه النتائج وتسبك عبارتها ثم تخرج للناس. فهل يا تُرى لو خرجَ هذا البيان بأيِّ صيغةٍ كان لكن فحواه هي هذه النقاط، أيخدمُ الموضوع، أم يزداد الناس استشكالاً، وتساؤلاً: لماذا المشايخ لم يبتوا في الموضوع بما ظهر لهم؟ لماذا هذا التأخير؟ وإلى متى يسعون في الأمر؟ إلى آخر الأسئلة التي هي مظنَّة الورود.
والسَّببُ أيها القرَّاء في أنَّ هذه النتائج في الحقيقةِ أنها ليست بنتائج، هو أنَّنا لم نجدْ من المأربي الحرص الذي كنَّا نتصوره أو رغبنا منه أنْ يشاركنا فيه مِنْ جمعِ الكلمة ورأبِ الصَّدع،وردم الخلاف، أقولها بكل صراحةٍ ووضوحٍ: إنَّ المأربي كانَ يسعى للتَّفْرقة لا للاجتماعِ!! وأمَّا عن حضوره فهو لأجلِ معرفة ما عنْد القوم-حسب تعبيره- لا غير! كما حدثني بهذا تلميذه أحمد بن سعيد، وهذا الأمر لا يحتاج إلى تحديثٍ؛ إذْ الرجل واضحٌ عليه ذلك في كلماته ولقاءاته،وزاد: تصريحاته بذلك لبعضِ النَّاسِ ممن يعرفهم ونعرفهم. ولكن من حرْصنا على جمعِ الكلمةِ وتقريب وجهاتِ النَّظرِ ورأب الصَّدع، قامَ الشيخ محمد بن هادي بمحاولةٍ أخيرة لعل الله عزوجل أنْ يكتبَ لها النَّجاح، فطلبَ منه زيارة الشيخ عبيد في منزله، خاصَّةً وأنَّ الشيخ لم يجلس معنا إلا مجلساً واحداً وهو الأول، فاستجاب المأربي،وحضر ومعه الأخ علي التَّام، وحضر الشيخ محمد بن هادي وكنت معهم، وتكلَّم شيخنا مع أبي الحسن بكل لطفٍ ومودَّةٍ وبيَّنَ له أنَّه وقعَ منْه خطأ في كتابةِ تحكيمٍ بين إخوةٍ سلفيين في بريطانيا، وأنَّ هذا التحكيم فيه دعوة إلى الحزبية،خاصَّة وأنَّه ربطهم بشيخين من إخواننا، وعدم الخروج عن قولهما إلى آخر ما في حكمه ذلك، فأجاب: إنَّه لا يريد التَّحزب ولكن لأن الشيخين هما مِنْ أدرى النَّاس بتلك البلدة وبأحوال أهلها وغير ذلك،ولم يقصد أنَّ سؤال غيرهما لا يصحُّ؛ بل لا يرى حجر الفتوى عليهما، فطلبَ منه الشيخ عبيد أنْ يكتبَ له بهذا الكلام على صورة التحكيم التي كتبها المأربي، فكَتَبَ عليها،ووقَّعَ، ثم ذكر الشيخُ له أنَّ بعض إخوته قد أخذوا عليه جملة ملحوظات مفرغة من أشرطته، في مذكرة عند الشيخِ،وأنَّ الشيخ نظرَ فيها ونظرَ في مذكرة الوصابي والشيخ ربيع فزاد منهما على تلك المذكرة مما ليس فيها، بالإضافة إلى سماع الأشرطة المنتقَدة عليه!! وللعلم فإنَّ الشيخ عبيداً قد رقَّم تلك الملحوظات التي عنده من مجموع المذكرات الثلاث، فبلغت (19) ملحوظة، فكَّلمه الشيخ فيها ملحوظة ملحوظة، وبدأ بكلمة (الغثائية) في حقِّ الصحابة يوم حنين،فقال: أنا ما أقصد وهذا خطأٌ مني، أتوب إلى الله منه، فطلب منه الشيخ أنْ يكتب له بذلك على نفس المذكرة،فكتب المأربي ( بسم الله الرحمن الرحيم، قولي في الصحابة: الغثائية، خطأٌ لا يجوز أتوب إلى الله عز وجل منه،ومن كل ما يمس أصحاب النَّبي ) وهكذا استمرَّ الشيخ في عرض الملحوظات ومناقشتها معه مناقشة هادئة ومعه الشيخ محمد بن هادي وأنا، وأكملنا البقية في اليوم التالي،وكان جلوسه الأول مع الشيخ يوم 6/3/1423هـ، والثاني 7/3/1423هـ، والمجالس الأولى عقدت في يوم 3/3/1423هـ ويوم 4/3/1423هـ،ويوم 5/3/1423هـ، ولم تُسْفر إلاَّ عما تقدم نقله، لكن مجالس الشيخ عبيد كانت بعدها، وقبل صدور مكتوبٍ يتعلَّق بتلك المجالس الأولى،ثم لما انتهينا من المجالس الأخيرة وعَرَضَ الشيخُ عليه الملاحظات، ورأيْنَا منه المطاوعة في الكتابة، فانخدعنا به؛لأننا تعاملنا معه بهدي النَّبيِّ في قوله (المؤمنُ غِرٌّ كريم، والفاجر خب لئيم) أخرجه أبوداود والترمذي،من حديثِ أبي هريرة، ولعله أدرك أنَّه بمغادرتهِ المدينة بالنَّتيجةِ السَّابقةِ لنْ يكون ذلك في صالحه، فأظهرَ اللين والمجاوبة، وعلى تلكم المجالس-أعني مجالس الشيخ عبيد- صيغَ البيان الذي وقَّع عليه المشايخ،وكم سُرُّوا به، ولم نُعِرْ النقاط السَّابقة للمجالس الأولى بالاً، واكتفينا بهذا الأخير إحساناً للظَّنِّ بالرَّجلِ!!. هذه هي قصَّةُ المأربي مع المشايخ بالمدينةِ، وقصَّة البيان، أظهرتُها ليطَّلعَ عليها العقلاء وطلاب العلم ويعلموا كم حرص المشايخ على الاجتماع والائتلاف-على السُّنَّة- وكم حرص المأربي على الضِّدِّ من ذلك حسيبه الله، وصدَقَ فيه المثل السَّائر:" قيل للشَّقيِّ: هلُمَّ إلى السَّعادةِ، فقال: حسْبي ما أنا فيهِ".
ثانياً: خيانةُ أبي الحسنِ للعهدِ.
قد أمرنا ربنا تبارك وتعالى بحفظِ العهدِ، ونهانَا عنْ نقضهِ، وكذا جاءنا الأمرُ مِنْ رسولنا، بل وجعل من صفات المنافق أنه إذا عاهد غدرَ، وإذا ائتمن خانَ.
قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} و قال{وبعهد الله أوفوا} {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً} و قال { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا} في آيات كثيرة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله :" آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائْتُمِنَ خان" رواه مسلم( )، وعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله :" أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً، وإنْ كانت فيه خصلة منهنَّ كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها: إذا وعدَ أخلف، وإذا حدَّث كذبَ، وإذا خاصمَ فجرَ، وإذا عاهد غَدَرَ" متفق عليه( )، وأخرج ابن أبي شيبة في (المصنف)( ) بسندٍ صحيحٍ عن عبدالله بن مسعود قال:" اعتبروا المنافق بثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعدَ أخلف، وإذا عاهد غدر، ثم قرأ { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقنَّ ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم القيامة بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}". في أحاديثَ وآثارٍ كثيرة جدَّاً محذِّرة من خُلْفِ الوعدِ والعهد، نعوذ بالله من الغواية.
أقول: لمَّا جاءنا المأربي إلى المدينة وعقدنا معه أول المجالس وكان عند الشيخ صالح السحيمي، في نهاية المجلس ذكَّرتُ المشايخ بأنَّ الناس ستسألنا، فبماذا نجيب؟ الكلُّ اتَّفقَ على أنَّ مَنْ سُئل منَّا عن المجلس يقول: المجلس صار إلى خير، ولم ننتهي بعدُ، ثم زدت فقلتُ: المجالس بالأمانة، فقال الجميع :نعم، فقال أحد المشايخ: نرجوا أن لا يخرج من المجلس شيء، على هذا انتهينا مِنْ مجلسنا الأول.
لكنْ هل حفظَ العهدَ المأربي فسكتَ عن نشرِ ما تدوَلْنَاه معهُ في المجلسِ؟ أمْ ذهبَ يُخْبِرُ بهِ زيداً وعمراً، وكلَّ مَنْ يسأله أو يتَّصلُ به هاتفياً من داخل المملكة أو خارجها؟؟؟ الجواب:لا، فلم يحفظِ العَهدَ المقطوع بيننا، بل راحَ يخبر يمنةً ويسرةً كل مَنْ سأله، وقد أخبرني بذلك جمعٌ يستحيل تواطؤهم على الكذب، ممن يعرفهم المأربي: كخالد زجل أبي زرعة وأحمد بن سعيد وفواز السحيمي وأسامة العمري وعبدالرحمن العميسان وغيرهم، بل الأمر عندي ثابتٌ ثبوت الشمس في وضح الظهيرة، وبيانه:
لمَّا كان المجلس الثاني بمنزلي ذهبتُ لأتي به، وكان الشيخ محمد بن هادي سيأتي بالشيخ صالح السحيمي وإبراهيم بن عامر، فلمَّا ذهبتُ إليه هتفتُ إليه على رقم هاتفه المحمول، وكان مشغولاً، وانتظرتُ مدَّة وهو كذلك، فصعدتُ إليه في سكنه، ولما أقبلتُ على طرقِ البابِ-ووالله الذي لا إله غيره لا أدري ما خلف هذا الباب مِنْ غرفٍ ونحوها؛إذْ لم أدخله قبل تلك المرة- وكنتُ أبحثُ عن مكانِ الجرسِ واستغرق بحثي ثانية أو ثانيتين، فإذا بي أسمع صوتَ أبي الحسن يخرجُ مِنْ خلفِ الباب بارتفاعٍ، ويقول (هؤلاء مسوين من المغراوي قصة، المغراوي المغراوي)!! فمباشرةً قطعتُ على إبليس الطريق، وطرقتُ الباب بيدي، ففتح لي ابنه الحسن، وإذا بي أُفاجأُ بأَّنَّ المأربي جالسٌ في صالةِ السَّكنِ وحوله: ابنه الحسن و عبدالله باوزير وعلى التام، وهل يوجد غيرهم أم لا؟ لا أذكر الآن، وهذا المأربي حولهم ويتكلَّم بالجوال، فلما دخلتُ شعُرْتُ أنَّ الرجل غير وفيٍ في العهدِ المقطوعِ، ولكنْ قلتُ في نفسي: نحن نُريدُ الصُّلح، ونريدُ الإصلاح ولابدَّ من أنْ نغض الطرف عن بعض الأشياء التي تَعْرِضُ لنا في سيرنا للصُّلحِ، فيا تُرى هل استحى المأربي من متابعة كلامه بالجوال أم استمرَّ؟ الجواب لم يستح، بل استمرَّ، فلما دخلتُ قام ودخل غرفته وأغلق الباب!!!! واستمرَّ في الكلام بالجوال مع منْ كلَّمه، فطلبت من علي التام، أنْ يقوم فيخبره: أنَّ المشايخ سيأتون، وهذه المكالمة تؤخرنا عنهم، فاستمرَّ في المكالمة من غير مبالاة نحواً من (15) دقيقة، فكلمتهم و لزمتُ عليه، فقامَ وهو ممتعضٌ، ويقول لي :" اسبقني وأنا سآتيك" قلت له: لا، المهم نزلنا فقطع الاتصال، ثم لما ركبنا السَّيارة، عاودوا الاتصال به، وأكمل معهم الكلام حتى وصلنا إلى بيتي ونزلنا واستمر في الكلام وابتعد بأقدامه عن المنزل، ونحن في سيرنا بالسيارة كان كلامه عاماً، والمهم من الكلام وما دار في المجلس الأول كان قد قاله وأفرغه في آذان من اتصل به؛إذ عشرون أو ثلاثون دقيقة كافية في أنْ يدلي فيها بما يشاء!! فسألته: منْ هؤلاء الذين تتكلم معهم؟ قال: الشيخ فلان وفلان.. مجتمعين، ويسألونني: ماذا حصل في اجتماعكم أمس؟ قلت له: وماذا قلتَ لهم؟ قال: قلت الحمد لله المجلس خير والمشايخ متفهمين الوضع، فنبهته على أننا اتفقنا على السكوت وأنَّ من سألنا قلنا له: المجالس إلى خير- إلى آخر ما تقدم نقله عن المشايخ-، قال: نعم، كلامي معهم على المجلس عموماً،و أنه كان جيداً، والحمد لله. وأنا أردت من سؤالي له هذا السؤال أنْ يتق الله وأنْ يصمت ولا يثرثر ويتكلم، ولكنه حاد وكذب عليَّ وأخبرني بخلاف الحقيقة، ولم يخبرني بأنَّه تكلمَ معهم بما دار في المجلس تفصيلاً بدليل سماعي لكلامه-ووالله ما كنتُ أقصدتُ التجسسَ وأيم الله، لكنْ الله أرادَ أنْ يفضح كذبه- وهو يقول(هؤلاء مسوين من المغراوي قصة، المغراوي المغراوي)، فهل يجوزُ أيها المؤمنون أنْ يفعلَ هذا الفعل وينكث العهد والميثاق؟ وكلُّ الإخوةِ يعلمون كمْ أُحْرِجَ المشايخ مِنْ أسئلةِ الكثير مِنَ النَّاسِ مِنْ هنا وهناك، والكلُّ يجيبُ بما تم الاتفاق عليه: أنَّ المجلس كان على خير والأمور ماضية. هذه هي أجوبتهم واسئلوا المشايخ يخبرونكم بهذا، فنحنُ نَدْفعُ ونقرِّبُ ونَسْعى في الجَمْعِ،وهو مِنَ الخَلْفِ في الفندق وغيره يمكثُ السَّاعات الطِّوال يخبرُ زيداً وعمراً، هذا الذي سمعتُه أنَا وهو طرفٌ ممِّا قاله، وإلاَّ فالإخوة الذين قدَّمتُ ذكْرَهم يشهدونَ بأنَّه كان يخبرُهم بكلَّ ما دَاَرَ، بل ويكْذِبُ أيضاً، كقوله (حاججتهم، فلم يستطيعوا أنْ يتكلموا) إلى آخر كذباته، وهو يعلم مَنْ الَّذي لم يستطع أنْ يتكلَّم بل تعرَّى عن الحجَّة والبرهان أمام جيوش براهين أهلِ السُّنَّة، ووالله ما صدق-وأنَّى له أنْ يُصدَّق- في ترهاته.
|