عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 04-22-2010, 08:15 PM
عبد الرحمن عقيب الجزائري عبد الرحمن عقيب الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 759
افتراضي

قال أخونا أبوسارية .....وقد سئل شيخنا أبو عبد المعزّ -حفظه الله- في إحدى حلقاته بعد صلاة الصّبح عن النّموذج الدمّاجيّ الحاليّ الذي يُرَادُ فرضُه كمسلكٍ تربويٍّ للمنهج السّلفيّ مع اغترار النّاشئة عندنا في الجزائر بهم من جهة أنهم يحفظون القرآن والمتون والأشعار، ويدرسون عدة كتب ورسائلَ في ظرف قصير كالأسبوع ونصف الشهر.

فأجاب –حفظه الله-: «إن أسباب سعادة الأمّة ونموِّها واستقرارِ دولتها وبقاءِ حكمها تكمن في الأخلاق التي شرعها الله لعباده ونوّه بها، ودعا إلى تربية الخُلُق الحَسَنِ وتنميته في نفوس المسلمين، وقد بعث الله تعالى نبيّه لإتمام مكارم الأخلاق التي يستقيمون بها، وعليها تقوم دولتهم كما قال الشّاعر:


وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا



ومِن جماع حُسن الخُلُق مع الناس: بذلُ المعروف قولاً وفعلاً وكفُّ الأذى قولاً وفعلاً، وقد جاء في الحديث: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»(٣٥- أخرجه البخاري (1/9) في الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ومسلم في «الإيمان» (1/39) رقم (40)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.)، وقال صلّى الله عليه وآله وسلم: « مَا شَيْءٌ أَثْقَلَُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ»(٣٦- أخرجه الترمذي في «البر والصلة» باب ما جاء في حسن الخلق (2002)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/535).)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم -أيضًا-: «إِنَّ المُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ»(٣٧- أخرجه أحمد في «مسنده» (6/187)، وأبو داود في «الأدب» باب في كراهية الرفعة في الأمور (4798)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/421).).

وإذا كان الإسلام يدعو إلى أسباب سعادة الأمّة وقيام دولتها وحكمها بالأخلاقِ، وجَعَلَ البرّ يُطْلَقُ على مجامعِ حُسْنِ الخُلُقِ كما في الحديث: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ»(٣٨- أخرجه مسلم في «البرّ والصلة» (2/1190) رقم (2553)، من حديث النوّاس بن سمعان رضي الله عنه.)، فكيف يكون مَنْ فقد القيم الأخلاقيّة والمعايير الأدبيّة مثلاً تربويًّا يحتذى به وتعكس قدوتُه صفاءَ المنهج السلفيِّ القويم؟!

أمّا تزويد النّفس بحلقات مكثَّفةٍ فمتوقّفٌ على نوعيّة الشّيخ المربّي وكيفيّة بلورة هذه العلوم وصقلها في أذهان الطّلبة، وإذا كان اللازم باطلاً فالملزومُ مثله، والمعلوم أنّ من أتى العلم بالكليّة في ظرفٍ قصيرٍ من غير لقاح له فَهَشٌّ، سرعانَ ما يتخلّى عن صاحبه، وقد قيل: «مَنْ رَامَ العِلْمَ جُمْلَةً ذَهَبَ عَنْهُ جُمْلَةً»، وعن ابنِ المُنْكَدِرِ: «العِلْمُ يَهْتِفُ بِالعَمَلِ، فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلاّ ارْتَحَلَ»(٣٩- «اقتضاء العلم العمل» للخطيب البغدادي: (36).).

وأمّا إشباع النفس بحفظ العلوم الشرعيّة والأدبيّة مع خلوّها من الاسترشاد بالعمل بالمعاني التي حثّ عليها الإسلام ونوّه بها ودعا إليها –كما تقدّم- فإنّ هذه العلوم –حينئذٍ- حجّةٌ عليك لا لك، فهو حفظُ علمٍ لا رُوحَ له معه، بل هو بمنزلة الجسد الخراب.

قال الشّاعر:


وَلَيْسَ بِعَامِرٍ بُنْيَانُ قَوْمٍ إِذَا أَخْلاَقُهُمْ كَانَتْ خَرَابَا». انتهى كلام شيخنا
وإتاما للفائدة أنقل كلاما جيدا لشيخ الإسلام قال رحمه الله وتتبع المعاني أشرف من تتبع الألفاظ وهي معها كالأرواح مع الأجساد فاللفظ بلا معنى جسم بلا روح ومن لم يعلم من الكلام إلا لفظه فهو مثل من لم يعلم من الرسول إلا جسمه ومن لم يعلم من الصلاة إلا حركة البدن...
رد مع اقتباس