عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 02-03-2011, 05:11 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

موقف شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من الخروج على الولاة (*)

وبعد أن ساق قصة الإمام أحمد – رحمه الله – وبيّن موقفه، قال فضيلة الشيخ عبدالرزاق بن عبد المحسن العبــّــاد البدر – حفظه الله تعالى - :

ومثالٌ آخر :

فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – قد عاش في زمنٍ كانت السلطة فيه لديها قُصورٌ وتَقصيرٌ بَيّن، بل إنه – رحمه الله – أوذيَ مِن قِبَلِ السلطة بسبب تقريره ونشره لعقيدة أهل السنة والجماعة، وردّهِ على الفرَقِ الضــّــالة كالصّوفيــّـة والأشعريــّــة، وَسُجِنَ بسبب ذلك مِراراً حتى إنه – رحمه الله – ماتَ مَحبوساً بقلعـَــةِ دمَشق. (1)

ومعَ ذلك كان شديدَ التّحذيرِ مِنَ الخُروجِ على الولاة، ونزعِ اليدِ مِنَ الطاعـَـــة، وَيُبَيّن أن هذا المسلك يترتّب عليه مِنَ الفساد ما هو أعظَمُ مما يقعُ مِنَ الوُلاةِ مِن فسقٍ أو ظُلمٍ أو جور.

قال - رحمه الله - :
[ولهذا كان منَ المشهورِ مِن مَذْهَبِ أهلِ السّنّة أنّهم لا يَرَوْنَ الخروجَ على الأئمـــّـــة وقِتالِهِم بالسيْف وإن كانَ فيهِم ظلم.

كما دَلّت على ذلكَ الأحاديث الصحيحة المُستفيضة عن النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، لأن الفسادَ في القِتالِ والفتنةِ أعظمُ مِنَ الفساد الحاصلِ بظلمِهم بِدونِ قِتالٍ ولا فِتنــَــة، فلا يُدْفَعُ أعظَمُ الفساديْنِ بالتِزامِ أدناهُما.

ولعلّه لا يَكادُ يُعرَفُ طائِفَةٌ خرجتْ على ذي سلطانِ إلا وكانَ في خروجها مِن الفسادِ ما هو أعظمُ مِنَ الفسادِ الذي أزالَتــــهُ ...]. انظر : [ منهاج السنّة (3/ 391)].

وقد بيّنَ شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – منهَجَ أهلِ السنة والجماعة مع وُلاةِ أمورهِم في رسالة أورد على ذلك الدلائلَ الكثيرة، والحُجَجَ الوَفيرَة مِن كتابِ الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وهي رغم صغر حجمها إلا أنها كافيــــة وافيـــــة.

وقد ضمّنها فصلاً مُستقِلاّ ردّ فيه على مَن يُفتي الناسَ بالخروجِ على ولاةِ الأمور ونزعِ اليدِ مِن طاعتهم، قال فيه : [ ... ومَن أفتى مِثلَ هؤلاء بمُخالفةِ ما حلفوا عليه – أي : لزوم الطاعــــة والنّصيحة للولاة – والحنث في أيمانهم فهوَ مُفتَرٍ على الله الكذب، مفتٍ بِغَير دينِ الإسلام .... ]. (انتهى كلامه – حفظه الله تعالى -).

___________________

(*) من مقدمة قاعدة مختصرة في وجوب طاعة الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم وولاة الأمور
لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية 661 – 728 هـ.
تحقيق : فضيلة الشيخ عبدالرزاق بن عبد المحسن العباد البدر – حفظه الله تعالى - (ص 18 - 20).

(1) وقال قبلَ موتهِ ما مَعناه: [إني قد أحللتُ السلطانَ الملكَ الناصرَ مِن حبسِهِ إيايَ لِكَوْنِهِ فعلَ ذلكَ مُقَلّداً غيرَهُ مَعذوراً، ولم يفعلهِ لحَظّ نفسِه، بلْ لِمــا بلغـــهُ ممّا ظنّه حقاً مِن مُبَلّغِه، واللهُ يَعلَمُ إنهُ بِخِلافِه].
انظر : [الأعلامِ العلِيـــة في مناقِبِ ابنِ تيميـــة للبزار(ص82)].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس