عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 04-17-2021, 03:43 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء السَّابع والعشرون
(5 رمضان 1441 هـ)




[ كلمة افتتاحيَّة ]
...لا نزال نأتلفُ ونجتمع على مائدة العلم، هذه المائدة التي لا انتهاءَ لها ولا نفادَ لها إلا في آخِرِ الْعُمُر -وقد انتهى زمانُك-أيها الإنسان-؛ كما كان يقولُ الإمام أحمد -رحمهُ الله- إذا سُئل: إلى متى تطلُب العلم؟ قال: «مِن الْمِحْبَرَةِ إلى الْمَقْبُرَة» -رحمهُ اللهُ-تعالى-.
سائلين الله -تعالى- الإخلاصَ لوجهه الكريم، والمتابعةَ لنبيِّه -صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه-أجمعين-.


1. السُّؤال:
هل مِن الممكن الكلام على النيَّة، وعلى السَّحور، وهل هو واجب؟
الجواب:
نحن ذكرنا -غير مرَّة-: أن النِّيَّة واجبة، وأن تَبييت النِّيَّة واجب؛ لكن: هذا الواجب كيف يكون؟ كيف تَحقيقه؟
ما دُمت غير عازمٍ على الْفِطر؛ فأنتَ عازم على الصِّيام، ويزيد على ذلك: مَن قام على السَّحور؛ فهو مُتهيِّئ للصِّيام، والقيام على السَّحور أقوى دليلٍ على الْفِطر [لعلها: النِّيَّة]، والنِّيَّة -نكرِّر ونكرِّر ونكرِّر- النِّيَّة: عزم القلب على فِعل الشَّيء.

2. السُّؤال:
هل يُقال للحامِل والمرضع: أنتِ بالخيار بين القضاء أو الفدية أم الفدية -فقط-؟
الجواب:
المسألة خلافيَّة، والْحُكم يعود على الرَّاجح، والرَّاجح بحسب مُرجِّحِه، هذا الذي ينبغي أن يُقال.
وبالتَّالي: الذي ينشرح له صدري -في مثل هذه المسألة- هو ما نُقل عن الصَّحابة -رضي الله عنهم-ابن عباس وغيره- أن الحاملَ والمرضع تَفدِيان ولا تقضِيانِ.

3. السُّؤال:
انصحونا شيخنا بكتاب أو كُتيب في موضوع الصِّيام أو غيره نقرأه مع الأهل خلال هذا الشهر.
الجواب:
أنا أنصح عامَّة المسلمين الذين يريدون أن يستغلوا أوقاتهم بشهر رمضان بالقراءة وتعليم الأسرة: أن يكونَ ذلك من كتاب «رياض الصَّالحين»؛ لأنَّه كتاب مُبارك، كلُّه أحاديث وآيات، وهو سهل على العوامّ، وقريب على قلوبهم وعقولهم، فهذا كتاب حسنٌ -إن شاء اللهُ-.

4. السُّؤال:
هل هناك حرج من صلاة التَّراويح مع أهل الحارَة الذين عُرف أنهم سَلِيمون من المرض؟
الجواب:
الحقيقة؛ لا أنصحُ بذلك.
إذا لم تذكر الجهات المختصة أنَّنا تجاوزنا مرحلةَ الوباء ومرحلةَ الخطر وأنّ (الفايروس) قد قُضي عليه: لا أنصح بأيِّ اجتماعٍ -غير اجتماع الأسرة المحجورة في بيتها-.
هذه نقطة مهمَّة.
ونَصبر، و-إن شاء الله- لم يبق إلا القليل، أنا أتكلَّم عن بلدنا -وأرجو ذلك في سائر بلاد المسلمين-.
نحن -الآن -والحمدُ لله رب العالمين- في اللَّحظات الأخيرة في القضاء على (الفايروس) والقضاء على الوباء، والأمور بدأت تَنفرج -ولله الحمد-؛ فهذه نعمة مِن نِعَم رب العالمين، ونسأل الله -سُبحانه وتعالى- التَّيسير لجميع بُلدان المسلمين؛ بل لجميع بلدانِ العالم أن يُنجِّيَهم الله مِن هذا الوباء.

5. السُّؤال:
مَن زال عنه عُذر الإفطار في نهار رمضان: هل يمضي في إفطارِه أم يُمسك إلى الغروب تعظيمًا لِحُرمة رمضان؟
الجواب:
هذا التَّعظيم يَذكُره بعضُ الفقهاء، وفي الحقيقة: أنَّ هذا لا دليل عليه.
تَعظيم حُرمة رمضان؛ بموافقة الشَّرع.
ما دام أن الله -سبحانه وتعالى- قد أَذِن لك بالفطر -وأنت معذور-؛ فهذا التَّعظيم غير وارد بالنِّسبة لك.
عظِّم رمضان بما هو مُعظَّم عندك من القيام بأمر الله -عزَّ وجلَّ- وتعظيم هذا الشَّهر -وما أشبه ذاك-.
أما موضوع أن تَمتنع عن الطَّعام والشَّراب وأنت -أصلًا- قد أفطرت فِطرًا شرعيًّا معذورًا به؛ فلا؛ هذا كلام غير صحيح.

6. السُّؤال:
متى يجوز صوم يوم الشَّك؟
الجواب:
وذكرنا أن يوم الشَّك هو اليوم المشكوك فيه -في آخر أيام شعبان-: هل هو يوم من رمضان -أي: يوم صيام أو يوم غير صيام-؟
ونحن نقول؛ كما قال سيِّدنا عمَّار بن ياسر -رضي الله -تعالى- عنه-: «من صام يوم الشكِّ؛ فقد عصى أبا القاسم ﷺ»؛ لا يجوز.
وللحافظ ابن رجب الحنبلي رسالة كاملة في تحريم صيام يوم الشَّكِّ.

7. السُّؤال:
ما حكم استعمال السِّواك المعطَّر بالنَّكَهات؟ [في نهار رمضان].
الجواب:
يجوز؛ لا مانع؛ لكنْ: من غير مبالغة -حتى لو كان ذا نكهات، حتى وأنت مُفطر-.
يا مَن تستعمل السِّواك ذا النَّكهة؛ لا تبتلعْ هذه النَّكهة، أنت تتسوَّك ثم تَلفِظ ما تتسوَّكه من بقايا أثر السِّواك، هذا وأنتَ مُفطر، فكيف وأنت صائم.
ونقول: لا تُبالِغ؛ لأن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: «وبالِغْ في الاستِنشاقِ؛ إلَّا أن تكونَ صائمًا»، وكذلك الحال: بالِغْ في المضمضمة، وكذلك بالِغ في التَّسوك.. وكل هذا وذاك ممَّا قد يكون مظنَّة الفِطر.
ولا فرق بين ما هو ذو نكهة وما ليس له نكهة -أوَّلًا-، وكذلك لا فرق بين ما كان بعد الزَّوال أو قبل الزَّوال -هذا قول بعض الفقهاء، ولا دليل عليه-.

8. السُّؤال:
ما هو وقت الامتِناع عن السُّحور؟
الجواب:
نص القرآن: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾، وأيضًا: النَّبي ﷺ يقول: «إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» -رضي الله-تعالى-عنهما-جميعًا-.
وعليه: فَلَكَ سَعة -أيها المسلم- أن تظلَّ تأكل وتَشرب -بحسب ما ييسره الله لك- إلَى أن يؤذِّن الفجر.
قديمًا كانوا يقولون: (أذان الإمساك) -عن الأذان الأول-، والحمد لله؛ الآن -في كثير من البلدان- تركوا هذه الكلمة، وقالوا: (الأذان الأوَّل) للفجر، هذا كلام مقبول وصحيح وموافق للسُّنَّة.
أمَّا أن تقول بأنَّه (أذان إمساك)؛ فلا.
قد يقصدون بذلك أن تُهيِّئ نفسَك للإمساك؛ لكن: هذا غير مُناسب.
أكثر النَّاس كانت تفهم أن الإمساك يكون على الأذان الأوَّل، وليس الأمر كذلك.
نحن نتكلَّم عمَّا يجب من الإمساك.
أمَّا: لو أنَّ إنسانًا انتهى من طعامِه قبل الأذان بِنصف ساعة -أو ساعة، أو انتهى عن شرابه- هل -نحن- نُحرِّج عليه؟ لا نُحرِّج عليه؛ لكن: كلما أُخِّر السحور؛ كان ذلك أولَى وأفضل؛ لأنَّ تأخير السحور سُنَّة عن النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-.

9. السُّؤال:
هل فِدية الصَّائم إذا أفطر على الفور أم على التَّراخي، أو متى تُخرج؟
الجواب:
لا يوجد دليلٌ على أن تكونَ فوريَّة أو تُؤخَّر؛ المهم: أن تكون في شهر رمضان.
لكن نُؤكّد: أنّ المبادرة بالطَّاعات أفضل من تأخيرها.
فيا مَن عليك مثلُ هذه الفدية -وأنت مفطِر؛ يعني: أنت لا تَنتظر أن تُفطر وأنت صائم-: فعجِّل بالخير في إخراجك الفدية أو الكفّارة التي أنت مُتلبِّس بها، والله يغفر لنا ولكم -جميعًا-.

10. السُّؤال:
هل تكون ليلة القدر ليلةَ سبع وعشرين؟
الجواب:
ليس هنالك دليل جازِم على ذلك، وإن كان نُقل عن بعض الصَّحابة -رضي الله عنهم- أنه حَلَف أنَّها ليلة السَّابع والعشرين، وهذا صحيحٌ باعتباره هو -الذي أدرك ليلة القدر ليلة السَّابع والعشرين-.
أمَّا: هل ليلة القدر هي ليلة السَّابع والعشرين في كل سَنة -خلال هذه الألف وأربعمئة سنة وأربعين سنة-؟
لو كان ذلك كذلك؛ ما اختلف العلماء!
ولو كان ذلك كذلك؛ ما وقع الخلاف بين أهل العلم!
والخلاف في المسألة -قد تستغربون- خلاف كبيرٌ! هنالك عشرات الأقوال في المسألة بين أهلِ العلم.
لكن الذي ينشرح له صدري -وأعوذ بالله من شرِّ نفسي، وسيِّئات عملي-: أنَّ ليلة القدر هي ليلة مُتنقِّلة بين ليالي العشر الأواخر -كلِّها-، وليست -فقط- في أوتار العشر الأواخر؛ لأنَّ هذا قد يختلف باختلاف نقصان الشَّهر أو تمامه؛ وبالتَّالي: قد تكون ليلة فرديَّة أو ليلة زوجية باعتبار النُّقصان.
لذلك في بعض الأحاديث: انتظروها لسبعٍ بَقينَ.. لِثلاثٍ بَقين..؛ فجاءت الْحِسبة بالانتظار مِن آخر الشهر، وليست -فقط- مِن أوَّله، وهذا ترجيح شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله-تعالى-، وهو ترجيح حسن -جِدًّا-.

11. السُّؤال:
هل يجوز أن نُصلِّي صلاة القيام بالقراءة من الهاتف الجوَّال؟
الجواب:
في مثل الظَّرف الحالي الذي نعيشه -في زمن (الكورونا)-: يجوز؛ لا مانع من ذلك -إن شاء الله-، وإن كان الأفضل والأولى؛ ماذا؟ أن تقرأ مِن حِفظك، وأن تَجِدَّ وتجتهد في الحفظ.
لكن: نحن مع الجواز لمن لم يستطع، أو لمن عنده رغبة؛ سواء من الهاتف الجوَّال، أو من المصحف يَحمله بيده -بِطريقة لا يكون فيها حركة كثيرة-، أو أن يَضعه على حمَّالة المصحف -أمامه-طالما أن الأمر في البيوت-.
أمَّا في المسجد -لو كان الظَّرف غير هذا الظَّرف-؛ فنحن نقول: بأن إمام المسجد لا يجوز له هذا الفعل، وذكرنا -غير مرَّة- الأسباب التي تجعلنا نُفرِّق؛ الإمام ينبغي أن يكون أقرأ القوم، الإمام مُفرَّغ لهذه الوظيفة، الإمام هو الموكول إليه إمامة المسلمين وجوبًا -وليس استحبابًا-؛ وبالتَّالي: لو فَتَحنا هذا الباب لِلأئمَّة؛ قد يكون ذلك -في الحقيقة- فيه من الخلل ما لا يعلمه إلا الله بالنِّسبة للأئمَّة وعدم تشجيعهم على الحفظ.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

12. السُّؤال:
هل قَطرةُ العينِ تَصِل إلى الْحَلْق؟
الجواب:
أنا أتقطَّر -يوميًّا- في نهار رمضان -وقبل ذلك-، لا تَصِلُ القطرةُ إلى حَلْقِي، ولو وصلتْ؛ الْحَلْقُ شيء والجوفُ شيء، والطَّعام والشَّراب شيء، فَسَواء وصل أثرُها -لأن الذي يصل أثرُها-، القطرةُ -في الغالب- نُقطة صغيرة -جدًّا-، فإذا وصلت العين ومرَّت بالتَّجاويف إلى الْحَلْق؛ لا يَكاد يبقى منها إلا أثرٌ وطعمٌ يسير -جدًّا-لا هو طعام، ولا هو شراب-، فليست من المفطِّرات.

13. السُّؤال:
يسأل عن حديث: «رَمضان أوَّلُه رحمة، وأوسَطُه مغفرة، وآخِره عتقٌ من النَّار» هل هو حديث صحيح؟
الجواب:
هذا حديثٌ ليس بِصحيح، وقد رواه الإمامُ ابنُ خُزيمة في «صحيحِه» وقال: (إن صحَّ الخبرُ؛ فإن في النَّفس من عليِّ بنِ زيدِ بن جدعانَ شيئًا)، فعليُّ بن زيد بن جدعان الرَّاجح أنَّه ضعيف.
لكن من اللَّطيف -والظَّريف!-: أن هذه الكلمة (إِنْ صحَّ الخبرُ) أداة الشَّرط (إِنْ) سَقطت من الإمام المنذري في كتابه «التَّرغيب والتَّرهيب» -قبل أن يُطبع كتاب «صحيح ابنِ خُزيمة»-، فصارت ماذا؟ صارت: (صحَّ الخبرُ)! فتناقله النَّاس على أنه صحيح، وليس هو بصحيح.
وأنا لي كتاب بعنوان «تنقيح الأنظار» -وهو في نحو مئتي صَفحة- في تضعيفِ هذا الحديث والرَّدِّ على بعض أفاضلِ أهل العلم في تحسينِه، وقد اعترف -بنفسِه- أنَّه غريبٌ عن أهل الحديث في تصحيح هذا الحديثِ -أو في تحسينِه-، فأنا قُلت في كتابي: يكفي هذا الاعتراف ردًّا لهذه الكلمة.
وهذا الحديث -على ضعفِه- يُخالِف حديثًا آخر؛ وهو قول النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «إنَّ لله عُتَقاءَ مِنَ النَّارِ في كُلِّ لَيْلةٍ مِنَ رَمَضانَ»، وهذا الحديث الضَّعيف ماذا يقول؟ «وآخِرُه عِتقٌ مِن النَّار».
اللَّهمَّ! أجِرْنا من النَّار، اللَّهمَّ! إنا نسألك الجنَّة، ونعوذُ بك من النَّار.





انتهى اللِّقاء السَّابع والعشرون
رد مع اقتباس