عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-23-2010, 01:15 AM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,070
افتراضي

* شبَّ عمرٌو عن الطَّوْقِ .
يُضْرَبُ هذا المثل لمُلابِسِ ما هو دون قَدْرِه .
* لا تطعم العبد الكُراعَ فيطمعُ في الذراعِ .
*هما كنَدْمانَيِّ جذيمة .
هذه ثلاثةُ أمثالٍ جاءت في قصةٍ واحدةٍ .َ
وعمرو هو عَمْرُو بنُ عَدِيٍّ ، وكان خالُه جَذِيْمَةُ ( جذيمة الأبرش , ملك الحيرة ) قد جَمَعَ غِلْمَاناً من أبْناء المُلوكِ يَخْدِمونَهُ ، منهم عَدِيٌّ ، وكان جميلاً ، فَعَشِقَتْه رَقاشِ أخْتُ جَذِيمَةَ ، فقالت : له إذا سَقَيْتَ المَلِكَ فَسَكِرَ فاخْطُبْنِي إليه . فَسَقَى عَدِيٌّ جَذِيمَةَ ، وألْطَفَ له ، فلما سَكِرَ قال له : سَلْني ما أحْبَبْتَ . فقالَ : زَوِّجْنِي رَقاشِ أخْتَكَ , قال قد فَعَلْتُ .
فَعَلِمَتْ رَقاشِ أنه سَيُنْكِرُ إذا أفاقَ , فقالت للغُلامِ : ادْخُلْ على أهْلِكَ . فَفَعَلَ ، وأصْبَحَ في ثيابٍ جُددٍ وطيبٍ ، فلما رَآهُ جَذِيْمَةُ ، قال : ما هذا ؟ قال : أنْكَحْتَنِي أخْتَكَ البارِحَةَ . فقال ما فَعَلْتُ . وجَعَلَ يَضْرِبُ وَجْهَهُ ورأسَه ، وأقْبَلَ على رَقاشِ، وقال :
حَدِّثِيني وأنتِ غيرُ كَذُوبٍ ... أبِحُرٍّ زَنَيْتِ أمْ بِهَجينِ
أمْ بعَبْدٍ وأنتِ أهْلٌ لعَبْدٍ ... أمْ بدونٍ وأنتِ أهْلٌ لدُونِ
قالتْ : بل زَوَّجتَني كُفُؤاً كريماً من أبناءِ المُلوكِ . فأطْرَقَ جَذيمةُ .
فلما أُخْبِرَ عَدِيٌّ بذلك خافَ ، فَهَرَبَ ولَحِقَ بِقَوْمِهِ ، وماتَ هُنالِكَ . وعَلِقَتْ منهُ رَقاشِ ، فأتَتْ بابْنٍ سَمَّاهُ جَذيمَةُ عَمْراً وتَبَنَّاهُ ، وأحَبَّهُ حُبّاً شَديداً ، وكانَ لا يولَدُ له ، فلمَّا تَرَعْرَعَ كانَ يَخْرُجُ مع الخَدَمِ يَجْتَنونَ للمَلِكِ الكَمْأَةَ ، فَكانوا إذا وَجَدوا كَمْأَةً خِياراً أكَلوها ، وأتَوا بالباقي إلى المَلِكِ ، وكانَ عَمْرٌو لا يأكُلُ منه ، ويَأتِي به كما هو ، ويقولُ :
هذا جَنايَ وخِيارُهُ فيهِ ... إذْ كُلُّ جانٍ يَدُهُ إلى فِيهِ
فذهبت مثلا .
ثم إِنَّهُ خَرَجَ يَوْماً وعليه حَلْيٌ وثِيابٌ ، فاسْتُطيرَ ، فَفُقِدَ زَماناً ، فَضُرِبَ في الآفاقِ فلم يوجَدْ .
ثم وجَدَهُ مالِكٌ وعَقيلٌ ابنا فارِجٍ - رَجُلانِ من بَلْقَيْنِ كانا مُتَوَجِّهَيْنِ إلى جَذيمَةَ بِهَدايا - فبينما هُما بوادٍ في السَّماوَةِ ، انْتهَى إليهما عَمرُو بنُ عَدِيٍّ ، فَسألاهُ مَنْ أنْتَ ؟ فقالَ: ابنُ التَّنوخِيَّة ، فقالا لجارِيَةٍ مَعَهُما: أطْعِمينا، فأطْعَمَتْهُما، فأشارَ عَمْرٌو إليها : أنْ أطْعِميني ، فأطْعَمَتْهُ ثم سَقَتْهُما ، فقال عَمْرٌو : اسْقيني ، فقالت الجارِيَةُ : " لا تُطْعِمِ العَبْدَ الكُراعَ فَيطَمَعَ في الذراعِ " فذهبت مثلا .
ثُمَّ إِنَّهما حَمَلاهُ إلى جَذيمَةَ ، فَعَرَفَهُ وضَمَّهُ وقَبَّلَهُ ، وقالَ لَهُما : حُكْمَكُما ! فَسألاهُ مُنادَمَتَهُ ، فَلَمْ يَزالا نَديمَيْهِ ، وبَعَثَ عَمْراً إلى أُمِّهِ ، فأدْخَلَتْهُ الحَمَّامَ ، وألْبَسَتْهُ وطَوَّقَتْهُ طَوْقاً كانَ له مِنْ ذَهبٍ ، فَلَمَّا رآه جَذيمَة ، قالَ: " شبَّ عَمْرٌو عَنِ الطَّوْقِ " .
وفي مالك وعقيل يقول مُتَمِّمُ بن نُويرة يرثي أخاه مالك بن نُوَيرة :
وكُنَّا كَنَدْمانَيّ جَذِيمة حِقْبَةً ... مِنَ الدَّهرِ حتَّى قِيل لَنْ نَتَصَدَّعا
وعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحَيَاةِ وَقَبْلَنَا ... أصَابَ المنايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعا
فَلَّمَا تَفَرَّقْنَا كَأنِّي وَمَالِك ... لِطُولِ اجْتِمَاعٍ لَمْ نَبَتْ لَيْلَةً معاً
وقَال أبو أَخراش الهُذَليُّ يذكرهما : ألم تَعْلَمي أنْ قَدْ تَفَرَّقَ قَبْلَنَا خليلاَ صفاءٍ مالكٌ وعقِيلُ .
قَال ابن الكلبي : يُضرب المثلُ بهما للمُتُوَاخِيَين فيقَال : " هما كنَدْمَانَيِّ جَذِيمةَ " .
رد مع اقتباس