عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-05-2021, 06:44 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,071
افتراضي

.
- الذبحُ لغير الله على وجه القُربةِ والتعظيم، أَو الذبحُ لدفع الحسدِ، كمن يفعلُه مَن بنى بيتا أو اشترى سيارةً فيذبحُ عليها ويُلطخُها بالدم؛ لدفعِ الضّرِّ عنها. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكُي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} والنُسُك عند كثير من المفسرين هو الذبح. وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} أي: وانْحَرْ لربِّك. وقال اللهُ لما عدَّدَ المحرماتِ من الأطعمةِ: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} وهو ما ذُبحَ على غيرِ اسمِ الله. وقال: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبُ} وهي حجارةٌ كانت تُنصبُ في الجاهلية تُذبحُ عندَها الذبائحُ وتُلَطخ بدمائها؛ تعظيما لها. وفي الحديث عند مسلم: (لَعَن اللهُ مَن ذبحَ لغيرِ الله) وعند أحمد: (ملعونٌ مَن ذبحَ لغير الله).
جاء في "تيسير العزيز" للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب:
(قال النووي: وذكر الشيخُ إِبراهيمُ المُروَذي من أَصحابنا أَن ما ذُبِح عند استقبالِ السلطان تقرُّبا إِليه؛ أَفتى أَهلُ بُخارى بتحريمِه؛ لأَنه مما أُهِلَّ به لغير الله. قال الرافعيُّ: هذا إنما يذبحونه استبشارًا بقدومِه، فهو كذبحِ العقيقةِ لولادة المولود. قلت: إِن كانوا يذبحونَ استبشارا كما ذكر الرافعيُّ فلا يدخلُ في ذلك، وإِن كانوا يذبحونَه تقربًا إليه فهو داخل في الحديث).


- النذر لغير الله تعالى، والنذرُ عبادةٌ، قال تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي} وقال: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا}، وقد مَدح اللهُ الموفون بالنذر فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}.
فإذا ثبت كونُه عبادةً وقربةً فَصرفُه لغير الله شِركٌ صريح.

وقد استشكل البعضُ كونَ النذرِ لغير الله شركٌ أكبرُ مع عدم التصريح بذلك، وقد فصل الشيخُ سليمانُ آلُ الشيخ ذلك فقال في "التوضيح":
فلا خلافَ بين من يُعتَدُّ به من علماء المسلمين أَنه من الشرك الاعتقادي؛ لأَنَّ الناذرَ لم يَنْذِرْ هذا النذرَ الذي لغير الله إِلا لاعتقادِه في المنذور له أَنه يضرُّ وينفع، ويُعطي ويمنع، إِما بطبعه، وإما بقوة السببية فيه، ويجلب الخيرَ والبركةَ، ويدفع الشرَّ والعسرةَ ... ومَن تأَمّل القرآنَ، وسنّةَ المبعوثِ به، ونظر أحوالَ السلف الصالح، علم أَن هذا النذرَ نظيرُ ما جعلتُه المشركون لآلهتهم في قولهِ تعالى: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} وقوله: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ} حَذْوَ القذّةِ بالقُذّة، واعتقاد هؤلاء في المنذورِ له أَعظمُ من اعتقادِ أُولئك في المجعول له، لأَنَّهم يعتقدونَ فيهم الضُّرَّ والنفعَ والعطاءَ والمنعَ لا بهم؛ إِذ الأَولُ شِركُ غالبِ الآخِرِينَ، والثاني هو شِرك الأولين.اهـ.
وهذا كلامٌ سديدٌ منه رحمه الله؛ إِذ ما الدافعُ في أَن يَشُقَّ المرءُ على نفسِه ويُوجبَ عليها تكليفاً، هو في حِلٍّ منه، لأَجلِ مخلوقٍ ميتٍ لولا أَنه يعتقدُ فيه ما لا يليق إلا بالله تعالى.

- التأَلّي على الله. قال صلى الله عليه وسلم: (قال رجلٌ: والله لا يغفرُ اللهُ لفلانٍ، وإن اللهَ تعالى قال: مَن ذا الذى يتأَلّى عليَّ أَن لا أَغفرَ لفلانٍ؟ فإِني قد غفرتُ لفلانٍ وأحبطتُ عملَك). رواه مسلم وابن حبان.
قال الشيخُ صالح آل الشيخ: والتألي هو الإقسام، والإقسام على الله يكون على جهتين: جهةٍ يكون فيه التكبُّرُ والتجبر والتحَكُّمُ، وهذا منافٍ لكمال التوحيد، وقد ينافي أصلَه، فهو يتأَلّى على الله -جل وعلا- أَن يحكمَ بما اختارَه هو من الحكم، فيقول: والله لا يحصل لفلانٍ كذا؛ تكبراً واحتقارا للآخرين فهو نوع تحكم في أمر الله.
وجهةٍ أَن يقسمَ على الله - جل جلاله - لا على التألّي والتكبر، ولكن على جهةِ أنّ الذي ظنَّهُ صحيحٌ، أو يقسمُ في أَمرٍ يواجهُه، فهذا يُقسم على الله أن يكون كذا في المستقبل على جهة التذلل والخضوع والافتقار إلى الله، محسنا ظنه بالله، لا تكبرا ولا تجبرا، وهذا هو الذي جاء فيه الحديث: (إنّ من عبادِ الله مَن لو أَقسمَ على الله لأَبَّره) متفق عليه. فهذا جائز؛ لأنه قام في قلبه من العبودية لله والذل والخضوع ما جعل الله تعالى يجيبُه في سؤاله.

يتبع..
__________________
.
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ)
رد مع اقتباس