عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 01-07-2012, 09:41 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

قال أبو المتيَّم الرَّقي: قلتُ لابن المولَّه: مَن أُخلصُ إليه، وأشتملُ بِسرِّي وعلانيتي عليه؟
قال: مَن إذا لم يكنْ لنفسك كان لكَ، وإذا كنتَ لنفسك؛ كان معك، يجلو صدأ جهلِك بعِلمِه، ويحسمُ مادَّة غيِّكَ برُشده، ويَنفي عنك غِشَّ صدركَ بنُصحِه، اصحَبْ مَن إن قلتَ صدقك، وإن سكتَّ عذرك، وإن بذلتَ شكرك، وإن منعتَ سلم لك.
قلتُ: يا سيدي! مَن لي بِمَن هذا نعتُه؟
قال: كُن أنتَ ذاك؛ تجدك على ذاك، ويجدكَ مثلك على ذاك، كأنَّك إنما تحب أن يكون غيرُك لك، ولا تحبُّ أن تكون أنت لغيرك.

وقيل لبُرهان الصُّوفي: مَن الصَّديق؟
قال: يا هذا؛ مَن بِضعُ نصفِه معدومٌ عليكَ؛ فاطلبْ مَن يسعك بخُلُقه، ويؤنسكَ بنفسه، ويُواسيكَ مِن قليله، إن رضيَ عنكَ لم يُغلظكَ، وإن سخطَ عليكَ لم يمقتكَ، يُبدي لك خيرَه لتقتديَ به، ويُواري عنكَ شرَّه لئلا تستوحشَ منه، فأمَّا مَن تكونُ مثالَ نفسِه في كل حالٍ تلوَّن به الدَّهر، وهمَّ صدره في كلِّ أمر، يُقلِّب به الليل والنَّهار، يقدِّم حظَّك على حظِّه، ولا يسارق النَّظر بلحظه، ولا يُغلظ القولَ بلفظِه، ولا يتغيَّر لكَ في غَيبِه، ولا يَحولُ عمَّا عهدتَه في شهادتِه، يُعانقُ مصلحتَك بالاهتِمام، ويُثبت قدمَك عند الإقدام والإحجام، فذاك شيءٌ قد سدَّ النَّاسُ دونه كلَّ بابٍ، وقصَّر الطمعُ فيه عن كلِّ قاب، فليس له شبحٌ إلا الوهم، ولا خيال إلا التمنِّي! والسلام.

الصداقة والصديق (232-233).
رد مع اقتباس